رواية خادمة في قصر الفهد الفصل العاشر 10 ج1 الجزء الثاني بقلم صفاء حسني

الفصل العاشر 10 ج1 الجزء الثاني
بقلم صفاء حسني
تنهدت هدير وقالت: "أنا عارفة احساسك، وفهمها كويس أوي، لكن صدّقيني مادام مع شخص بتحبيه هتقدر تتخطي أي غربة. المهم مش بتتوصل مع الحرابية!"
ضحكت هبة على كلمتها: "عندك حق والله، هي حرابية طلعت أسخم من أمي، لكن اللي يجنن مين الشخص اللي كان السبب في موت ملك وعمي ومراته؟ وطبعًا مادام ماتت ملك، كل حاجة ماتت معها. اشتقت ليها، كنت نفسي تكون عايشة."
سألتها هدير وقالت: "لو كانت عايشة، كنتِ تقدري تحميها من الشخص اللي بيسعى لِـ موتها."
نظرت لها هبة بِـ كسرة وقالت: "مش عارفة بجد، ومش عارفة كان يكون حالها إيه لو شافت ابن عم جوزي وهو متجوز."
خافت هدير تنطق اسمه، هبة قالت: "سيبك من الماضي."
اقترب فارس وهو يتحدث مع هبة: "مش يلا هتتأخر على التدريب؟" وابتسم لِـ ما شاف هدير، سلم وقال: "أزيك يا حضرة المديرة الكبيرة؟ اخبارك إيه؟"
ضحكت هدير وقالت: "أنا على قدّي."
ابتسم فارس: "بلاش تواضع، أنتِ عاملة شغل حلو في شركة الأدوية وكمان المستشفى، الله أكبر عليكي. لولو وقفتك معانا."
هزّت رأسها بِـ امتنان هدير وقالت: "الفضل لِـ الباشا هو اللي وقف معانا وثق فينا إن احنا اتغيرنا. زمان كنت بِـ سمع عنه إنه بينقذ البنات، لكن مصدقتش إلا لما جربت."
تنهد فارس بوجع وقال: "للأسف مكنتش مصدّق، المهم معلش هقطع حديثكم، القمر عندها كرسي فرنساوي ولازم تروحيه عشان تعرفي تقدمي في الجامعة."
هزّت رأسها هدير: "أكيد، منتظر فيديو تاني. سلام."
ودّعه وقفل الحديث.
❈-❈-❈
اقتربت منها ملك وقالت: "ده بنت عمي، ده طيبة أوي وجميلة جدًا، وواضح جوزها طيب."
سألتها هدير: "طيب أنتِ قرّرتي إيه علشان نعمل ورق التعليم؟"
تنهدت ملك، طلبت منها: "ممكن أروح أقعد على نهر النيل شوية أفكر، وهرد عليكي."
هزّت رأسها هدير وقالت: "مفيش مشكلة، تحبي أجي معاكي؟"
هزّت رأسها ملك بالنفي: "لا، سيبيّني لوحدي. نفسي أتعود أروح وأجي لوحدي، مش هكمل تعليمي وأعيش حياتي."
ابتسمت هدير وقالت: "أكيد، أنا فرحانة إن قلت لِـ كِ كل حاجة، ونفسي فعلاً تخرجي من الحالة اللي كنتِ فيها. تعالي هظبطّك، لازم تخرجي على سنجة عشر الأول."
ابتسمت ملك وقالت: "ماشي."
بالفعل بدأت تظبط شعرها، وصبغته ليها بِـ اللون بني فاتح وعملت لِـ ه أوسي على عيونها، ولبست طقم حلو وخرجت وراحت على المكان.
❈-❈-❈
جلست ملك وهي شاردة، ثم قامت ووقفت قدام نهر النيل واستمرت في البكاء. كان يجلس فهد ويراقبها كعادته، مكنش عارف ليه، لكن لِـ ما شافها بتعيط اقترب منها.
فهد قال: "ليه بس بتعيطي؟ أنا كنت فرحان إنك مهتمة بِـ نفسك وجاية مختلفة عن كل مرة."
نظرت له ملك بخجل ومسحت دموعها وقالت: "بعيط عشان عرفت أنا مين النهاردة، وكمان عشان أحبابي اللي مش فاكرهم، لكن ماتوا. لكن على الأقل فهمت كل حاجة. كنت الأول تاهية وحزينة، كنت فاكرة أهلي اتخلوا عني."
سألها فهد وقال: "طيب ده حلو مش وحش. اسمك إيه؟ وأنا أبحث عن جزورك كلها."
ابتسمت ملك، لكن تذكرت لِـ ما قالت لِـ ه، وكانت هتقوله، لكن خافت وظنت إن ممكن هو الشخص اللي عايز يوذّيها، مادام مركز معها، فِـ انسحبت بخوف وجي تمشي.
وقف قدامها فهد وهو مستغرب خوفها وقال: "أنتِ خايفة مني صح؟ طيب ليه؟ عملت حاجة تخوفك؟ والا فاكرني شاب طايش عايز يلعب بِـ كِ لا، متخفيش، أنا مجرد حسيت إنك عايزة مساعدة وعرفت إنك مريضة من أصدقائك."
ابتسمت ملك بخوف وسخرية وقالت: "هما مش أصدقائي لِـ يا، هما مجرد مسؤولين دار المأوى اللي مقيمة فيها."
انصدم فهد وسألها: "دار مأوى؟ ليه؟ أنتِ مش عندك بيت؟ أنا ممكن أساعدك وأجيب لك بيت."
نظرت له ملك بحيرة وخوف: "بِـ مناسبة إيه؟ أو إيه المقابل؟"
انتهد فهد وقال: "عشان كده خايفة مني؟ متخفيش، أنا يا ستي متجوزة وبحب مراتي وابني. كل الموضوع حسيت إنك بتناديني أساعدك أو أقف جانبك."
نظرت له بغيظ وقالت: "ربنا يخليهم لِـ كِ حضرتك، لكن أنا مش ناديت على حد."
كان فرحان إنه بيشكلها وقالها بجد، والنظرات المتبادلة من أول يوم شفوتك فيها كانت إيه؟
تنهدت ملك بضيق وغضب: "حضرتك، أنا كنت مريضة، فاهم يعني؟ مش كنت أصلاً شايفك قدامي والا حاسة بِـ"
حاول يحرّك صوابع إيده قدام عيونها، ثم قال: "طيب كده شايفني والا لسه؟"
مدّت إيديها ونزلت إيده، وسألته: "حضرتك عايز إيه مني؟"
ابتسم فهد وقال: "الله ينور عليكي، هو ده السؤال المفيد. عايز إيه منك؟"
نظرت له ملك وقالت: "أه، قول."
ضحك فهد وقال: "ما هي دي المشكلة، مش عارف! عايز إيه؟ كل اللي عايزه تعتبرني أخ أو صديق، يكون ملجأ لِـ كِ إيه رأيك؟ اسمك إيه بقى؟"
ابتسمت ملك بسخرية: "أنت بتسأل بجد؟ بقولك فقدت الذاكرة، وهما قالوا لي اسمين وطالبوا مني اختار، وجي تسألني اسمك إيه؟"
استغرب فهد كلامها وقال: "اختيار إيه؟ وأسماء إيه يا بنتي؟ أنتِ مالِك بالماضي؟ ما تبدأي من جديد، حياة جديدة مختلفة."
ابتسمت ملك وقالت: "الله ينور عليك، هو ده اسمي، حياة."
ضحك فهد وقال: "يا محاسن الصدفة! شفوت ازاي؟ اسم جديد وحياة جديدة، وأنتِ الأميرة بتاعتها. شبكي لِـ بِـ كِ عايز إيه؟"
ابتسمت ملك: "أكمل تعليمي وأعمل ذاد لِـ يا وأكتب سطور جديدة لِـ حياتي."
صفّق فهد وقال: "هو ده الكلام، ومتنسيش وقت ما تحتاجين هتلاقيني هنا."
ندهشت من حديثه: "يعني أنت مقيم هنا؟"
ابتسم فهد: "مش بالظبط، عندي كبينة على نهر النيل، وده الحديقة بتاعتها."
انصدمت ملك، ووضعت إيديها على بؤها وسألت: "هو أنت بتتكلم بجد؟ يعني الحديقة دي مش مكان عام؟"
ابتسم فهد وقال: "أكيد مكان عام، لكن مش لِـ شخص أنتِ لِـ ما جيتي أول يوم ودخلتي شافك الحارس وسألك رايحة فين، وأنتِ وقتها طلبتي منه ممكن أدخل أقعد شوية."
هزّت رأسها ملك وهي تتذكر وقالت: "فعلاً حصل، فلاش باك."
كان عم إبراهيم طلب من فهد إنه يسيب البيت ويجي يحرس الحديقة بالكبينة، وقال: "ممكن يا فهد بيه، تعذّري من الخدمة في بيتك."
استغرب فهد وسألها: "أكيد طبعًا، أنت دلوقتي بقيت حماية ولازم تكون معزّز مكرم."
تنهد إبراهيم وقال: "لا، أنا عايز أشتغل، لكن مش هنا، مش عايز أكون قدام زوجتي القديمة، لو سمحت."
ابتسم فهد وقال: "بتشتاق وبتحن للماضي، ومش قادرة تنسها."
انتهز الفرصة إبراهيم وقال: "أحيانًا النسيان بيكون نعمة على الإنسان، وأحيانًا تكون نقمة. المهم تسمح أخدم الكبينة الخاص لِـ كِ ، ووقت ما تكون عايز تهرب من زحمة الحياة ومشاكلها تيجي على هناك تلاقي مكان نضيف ولقمة."
ضحك فهد وقال: "يا رجل يا خلبوس! عايز آخد اجازة من بنتك، هي فكرة بردو عشان يحصل تجديد في مشاعرنا، لكن يكون سر ما بينا، ومحدش يعرف، أقولهم إنك راجع البلد."
ابتسم إبراهيم وقال: "الله ينور عليك، أنا هعمل كده."
وبالفعل راح واقعد، وفي يوم لِـ ما طلبت ملك تدخل تقابلها، إبراهيم مكنش مصدّق نفسه، وابتسم في وشها وهي بتقول: "ممكن بعد إذنك أدخل الحديقة ده وأقعد قدام النيل؟ هي عامة والا خاصة؟"
ابتسم إبراهيم وقال: "اتفضلي يا ست البنات، في أي وقت المكان تحت أمرك."
دخّلها وهو في حالة زهول، دي ملك والا غيرها؟ دي نسخة منها! اليوم ده خرج فهد من شغله وعادي على عم إبراهيم، وفوجي إنه دخل حد على المكان. استغرب فهد وسأله: "مين اللي جوايا ده؟"
ابتسم إبراهيم، وما بين نفسه: "ممكن ربنا يرد كده عشان يفتكر، لأن الكل مانع إنه يتذكر." وقال: "بنت غلبانة طلبت مني تدخل تقعد قدام النيل، وسألتني عام أو خاص، سمحت لِـ ه تدخل."
شهق فهد وقال: "هو أي حد تدخله يا رجل؟ أنت أوعى مشغل الكبين من وراء يا رجل!"
ضحك عم إبراهيم وقال: "متقلقش يا فهد بيه، لو عندك اعتراض حد يدخل يكون آخر مرة، ممكن تروح تقولها."
بالفعل اتجه فهد نحوها وهي تجلس وشاردة، لِـ ما استطاع إن يتحدث في حاجة، جذبته إن يتاملها من بعيد فقط، لِـ حد ما جاءت مسؤلية المأوى، وكانت كل يوم أول ما تيجي يفتح لِـ ه إبراهيم الباب، وبعد كده وقف هدير وقال: "أنتِ المسؤلية عن حماية ملك صح؟ اللي كان بِـ يكلمك فهد بيه؟"
شهقت هدير وقالت: "أنت تعرفني؟ وإيه اللي أنت بتقوله ده؟"
ابتسم إبراهيم وقال: "متخافيش، أنا عارف ملك، أنا الجنينى بتاع فيله فهد بيه."
انصدمت هدير وبخوف وقالت: "أبويا أسماء!" وجريت تاخد ملك، وقفها إبراهيم وقال: "أنا مش مع أسماء، أنا ضدها، وعشان كده سيبت بيت فهد بيه وجيت اشتغلت في كبينة الخاص بِـ ه، وعلى فكرة فهد وملك جم هنا قبل كده واقعدوا ٤ أيام، كان من أحلى أيام، وعشان كده جواهم حاجة بعثتهم للمكان ده، وده حاجة كويسه خليهم يفكروا بعض، وهي هنا في أمان محدش يقرب منها."
تنهدت هدير وهي تشعر بالخوف وقالت: "هي ممكن تكون فكرة حلوة لمساعدتهم يفتكروا بعض، لكن خايفة لِـ حد يعرف بِـ وجودها وإنها عايشة."
ابتسم إبراهيم وقال: "غير شكلها! هو أنتم يا بنات تغلبوا شوية، ميكب، شعر مصبوغ، نمض، ملابس مختلفة، هتغير ملامحها وهي في نظر الكل ميتة. نعمل اللي محدش عرف يعمله، هما لِـ قوا بعض رغم كل اللي عملته أسماء والناس اللي معها، لكن المرة دي احنا نحميهم."
شعرت هدير بِـ ارتياح وقالت: "عندك حق، أنا كده كده متفقة مع شاب بيتابع ملك، وعينه عليها عشان لو حصل حاجة مش طبيعي، ونسيبهم ونجرب."
وبالفعل شعرت بالأمان هدير على ملك، باك ابتسمت حياة وسألته: "أه، افتكرت؟ هو رجل طيب، ومش أشكركم ازاي؟ وكده أنا مش خايفة، لكن محتارة أعمل إيه عشان أكمل تعليمي، وكمان أنا نسيت أسألك اسمك إيه؟"
ابتسم فهد وكان محتار، هو مش عايز يشوف خوفها، وفي ناس بتخاف من الظابط، فرد وقال: "أبو بدر عز الدين."
ابتسمت حياة وقالت: "تشرفت يا أبو بدر، المهم عشان متأخرش، أنا اختارت اسم حياة عشان أبدأ حياة جديدة في حياتي."
هزّ راسه فهد بسعادة وقال: "صح كده، والكبينة وصاحب الكبينة تحت أمرك."
هزّت رأسها بِـ ابتسامة وخرجت، وبدأت تجهز لِـ ه هدير كل أوراق الدراسة، وبدأت في مذكرات ثانوي عام تاني، ووفرت لِـ ه كل حاجة، مدرسين، وكانت بتاخد الدرس في الكبينة الخاص بفهد، بعد ما استذنت منه ملك ووافق ورحّب، وأصبح الكبينة هي المأوى لِـ ملك، وكان يتاملها فهد وهي بتذاكر، وبتابع مع المدرسين، وامتحنت بتفوق.
ويوم النتيجة كانت على أعصابها، وجاءت قعدت تنتظر الوقت قدام النيل، قدر يعرف فهد النتيجة بتاعتها من الكنترول، وكانت جايبة ٩٨٪، كان فرحان، لكن حب يلعبها وراح وهو مكشر وقال بخسارة: "يا حياة، ليه المجموعه دي؟"
شهقت حياة، والدموع نزلت منها، وسألته: "هو المجموعه وحش أوي؟ وبعد كده نظرت له النتيجة، أصلاً فاضل يومين عليها، متوترنيش بالله عليك يا أبو بدر."
ابتسم فهد وقال: "طيب يا ستي، عشان تصدّقي مش ده النتيجة بتاعتك."
هزّت رأسها ملك بِـ فرحة، وصرخت: "مش معقول، أنا نجحت؟ أنا مش مصدّقة نفسي!" واترمت في حضن فهد تلقائي، ووقتها فهد ضمّها بِـ حب ممزوج بِـ نقدين وكأنه عمره ما حضن بنت قبل كده، مكنش عايز تخرج من حضنه، وشعر بِـ ضعف.
خرجت ملك من حضنه، واتكلمت بِـ فرحة: "كده هدخل طب."
ابتسم فهد عشان يسيطر على المشاعر اللي لخبطته، وقال: "أشمعنا طب؟ ليه مش اقتصاد وعلوم سياسية؟"
ابتسمت حياة وقالت: "مش عارفة نفسي أكون دكتورة."
ابتسم فهد وقال: "بإذن الله، يلا أقولك سلام."
انسحب فهد وهو يشعر بالندم لِـ درجة قال: "طيب ليه حسيت كده؟ مش ممكن علشان بعد عن أسماء واكتشف إنه فعلاً باله فترة بِـ يهرب من حضن أسماء، ومش فاهم ليه رجع البيت مكنتش موجوده زي عادتها، اتلخمت في النوادي والجمعيات. وصل شخص على الباب وسأل عليه، وبالفعل أول ما دخل لِـ ما يصدق نفسه، فهد! مش معقول! أنت؟"
نظر فهد إلى مصدر الصوت، ولم يصدق نفسه وقال: "مش معقول؟ مين؟ وليد باشا؟ أخبارك إيه يا ابني؟ إيه الغيبة ده؟ بطّلت تسأل."
اتنهدت وليد وقال: "أنت اخبارك إيه؟ وحشتني يا فهد."...
تعليقات
إرسال تعليق