رواية لخبطيطا
الفصل الرابع عشر 14 الجزء الثاني
بقلم عبد الرحمن الرداد
- سيبك من عرفت ده كله منين والشغل الفكسان ده، قولى بقى اسماء محمد رفعت تعرفها منين، أظن انت قولتلى الصبح انت مالك ومال اسماء محمد رفعت، بكدا افهم انك بتراقبنى يا يوسف، صح ولا انا فهمت غلط؟
صمت يوسف لبضع لحظات ليستجمع ما كان يود قوله سابقاً ثم ابتسم قبل ان ينظر إلى كرم قائلا:
- مش مراقبة، أنا كنت قلقان عليك فقررت أعرف بتعمل ايه بما إنك متهور، كنت خايف تعمل مصيبة لغاية اما لقيتك مع اللى اسمها اسماء دى بقالك يومين! أنت بتحبها ولا ايه؟
وضع كرم يده على وجهه قبل أن يضحك بصوت مسموع، لم يتوقف عن الضحك مما جعل يوسف يشعر بالغضب لكن سرعان ما هدأ كرم واختفت ابتسامته الواسعة ليقول بهدوء:
- أنت عارف بالظبط أنا بحب مين، مش اختك تبقى خطيبتى بردو ولا ايه؟
هز رأسه بالرفض ليقول بغضب واضح:
- لا فيه فرق بين انك تكون خاطب ومش مدى لخطيبتك وش ولا حتى بتسأل عنها وإنك تكون مع واحدة فى كل مشاويرها بقالك يومين ولا أنت رأيك ايه؟
ابتسم كرم قبل ان يقوم ليتحرك بضع خطوات معطى ظهره ليوسف ثم نطق وهو على تلك الحالة:
- اتطمن، اسماء مجرد طريق انا باخده علشان أوصل لحاجة أنا عايزها، تقدر تعتبرها مهمة بس محدش كلفنى بيها، انا اللى مكلف نفسى بيها
وقف يوسف ليلحق به وعلى وجهه علامات استفهام كثيرة، اقترب منه وهو يقول:
- أنا عارف إنك كنت بتحكى لكريم الله يرحمه كل حاجة، أنا ابن خالتك وبعتبرك اخويا، لا لا أنت فعلا أخويا يا كرم، عايزك تفهمنى أنت بتفكر فى ايه وايه هى المهمة اللى مكلف نفسك بيها دى! احكيلى يمكن اساعدك وأوعدك انى مش هعترض على اللى أنت هتعمله مهما كان
نظر له كرم ثم نظر الى ساعته ليجد انه قد تأخر على أسماء فهو قد وعدها بالعشاء الليلة لكن أثر كلام يوسف فيه فقرر البقاء وسرد خطته على ابن خالته لعله يزيح حمل قد ثقل كثيرا عليه، اتجه إلى مكتبه ليجلس على مقعده فتبعه يوسف ليجلس امامه منتظرا منه البدء فى سرد قصته الغامضة، تنهد كرم ثم بدأ الحديث بعد أن وضع كفيه على رأسه:
- كريم منتحرش، كريم اتقتل
ضم يوسف حاجبيه بصدمة ليقول:
- ايه! اتقتل ازاى؟
***
بعد مرور دقيقة وصلوا أخيرا إلى العام "2047"
توقفوا عن الركض ونظر ثلاثتهم «فادي، حور، عبدو» إلى الأرض من حولهم ليجدوا ما لم يتوقعوه على الإطلاق فعلى الرغم من وجود التكنولوجيا الحديثة إلا أن الكوكب تعرض للدمار الشديد والكثير من الحرائق في كل مكان، كما انتشرت جرائم القتل بشكل كبير وعم الخراب. تراجع «فادي» بخوف شديد بعد أن رأى ما يحدث وردد بنبرة تحمل الخوف:
- مكنتش اتخيل إن ده اللي هيحصل في المستقبل، وقت رماد مكانش فيه كل الخراب ده، ايه اللي بيحصل!
نظر «طيف» إليه وردد بأسف:
- منظمة الرداء الأحمر هي السبب في كل ده وطبعا لما يخلوا الأرض وأوجاست يتحدوا في كوكب واحد هيبقى من السهل السيطرة على الكوكب ويتحكموا فيه لكن طول ما هم كوكبين مختلفين هينشروا الدمار لكن مش هيقدروا يسيطروا على الاتنين في وقت واحد
انهمرت دموع «حور» وهي تنظر حولها بحزن شديد وقالت بأسى:
- ايه اللي بيحصل في أوجاست ده؟ مش متخيلة إن ارضي يبقى فيها كل ده
شعر «عبدو» بالأسف ووضع يده على كتفها ليقول بهدوء:
- هنغير كل ده، إن شاء الله مش هيحصل ده، المهم نجيب المعلومات اللي لقاها عبدو المستقبلي عن المنظمة دي علشان نقدر نرجع ونوقفهم
هزت رأسها بالإيجاب قبل أن يتحدث «طيف» قائلًا:
- لازم نتحرك قبل ما اجهزة الدرون تصورنا وتكشفلهم إن فيه وجوه جديدة في أوجاست، ساعتها هيدمرونا من قبل حتى ما ندور على حاجة
وافق الجميع على ما قاله وانطلقوا على الفور إلى المنزل الخاص بـ «طيف».
***
وصلوا جميعهم إلى المنزل وما إن فتح «طيف» الباب حتى وجد خاله الذي نهض على الفور ونظر إليهم جميعًا بصدمة وهو يقول:
- أنتوا هنا بجد!
دلف «فادي» من الماضي ونظر إلى شخصيته من المستقبل وهو يقول بصدمة:
- مش معقولة
ابتسم نسخته من المستقبل وقال:
- ده فعلا وضع محدش يصدقه خالص
هز الأول رأسه بمعنى "لا" وقال بسعادة:
- لا مش بتكلم على إني شايف نفسي، بتكلم ان عندك دقن! وأنا زعلان إني أملس؟ أخيرا هيبقى عندي دقن
نظر «فادي» النسخة المستقبلية إلى «عبدو» وقال بتعجب:
- هو أنا كنت عبيط كدا وأنا في سنه؟
رفع «عبدو» كتفيه وقال مازحًا:
- للأسف أيوة، مش عارف بقى هل لسة اهبل دلوقتي ولا ايه نظامك
رفع يديه أمام وجهه وردد بجدية:
- لا لا أنا عاقل دلوقتي، بجد عاش من شافكم يا شباب
اتجه إلى شقيقته وحضنها بقوة وهو يقول:
- وحشتيني اوي يا حور، المستقبل من غيرك وحش أوي
ابتسمت وربتت على ظهره وهي تقول:
- نسختي من المستقبل غايبة لكن نسختي من الماضي موجودة ومعاك
ابتسم ثم ابتعد عنها واتجه إلى «عبدو» وحضنه وهو يقول:
- وحشني رخامتك
رفع أحد حاجبيه وقال بعدم رضا:
- رخامتي! تصدق إنك لسة اهبل ومش جدع، وربنا احكيلهم على موقف المقطم لما كنت بتضحك على قلشات الشباب اللي كانوا عايزين ...
أسرع وكتم فمه قبل أن يُكمل وردد بترجي وهو يهمس:
- بالله عليك اسكت ومتكملش مش عايز طيف يعرف ماضي خاله المهبب
هنا تدخل «طيف» وقال بتساؤل:
- كمل يا بابا خالو ضحك على الشباب ليه! مش فاهم
هنا نظر إلى «فادي» المستقبلي وقال بابتسامة:
- خلاص هستر عليك
ثم نظر إلى «طيف» وقال:
- لا مفيش، ده موقف وراح لحاله
ثم نظر إلى نسخة «فادي» من الماضي وتابع:
- طبعا أنت فاهم الزتونة
رفع أحد حاجبيه وقال باعتراض:
- أنت مش جدع على فكرة، وبعدين ده ماضي وانتهى
ثم نظر إلى نسخته المستقبلية وردد:
- سلمت عليهم كلهم وجاي عليا تقف ليه يعني مش من بقية أهلك أنا؟
وضع يديه في جيب بنطاله وهتف بنبرة مستفزة:
- بشوف وشي كل يوم في المراية بالتالي أنت مش واحشني علشان كدا مسلمتش عليك
ضغط نسخة الماضي على أسنانه بغضب قبل أن يقول:
- تصدق إنك رخم ومستفز! أنا عارف إني بشتم نفسي بس أنت مستفز ورخم
ابتسم نسخة المستقبل ورفع حاجبيه وهو يقول:
- عارف يا أنا
هنا أوقفتهم «حور» التي قالت باعتراض:
- حبوا نفسكم شوية مش كدا، ناقص شوية وهتشدوا في شعر نفسكم
ضحك البقية على حديثها وقال «طيف» لخاله من المستقبل:
- الصراحة يا خالو أول مرة أشوف النسخة التافهة منك، خالو القديم رجعك لشبابك شكله كدا
***
ظلت أسماء على حالها فى غرفتها تنتظر اتصال كرم لكن لا يحدث شئ ظلت تنظر لهاتفها وتتابعه فى قلق وتوتر زائد، ظلت الأفكار تراودها وتشعرها بالرعب، لا تعلم هل أقحمت نفسها فى شئ قد يجعلها نادمة بقية عمرها أم أنها لن تعيش حتى لتندم!
أمسكت بهاتفها بيدين مرتجفتين وشفتين باردتين ترتجف من الخوف، فتحت "الماسنجر" وجلبت حسابه لتفتحه وتكتب بصعوبة:
ً"انت فين"
انتظرت دقيقة ثم تبعتها برسالة أخرى:
"أنا مستنياك من بدرى، مش هتيجى ولا ايه؟"
ألقت بهاتفها بعد أن علمت بأنه لن يرى رسالتها بسبب تأخره فى الرد لكن سرعان ما سمعت صوت إشعار من الماسنجر فأسرعت إلى هاتفها وفتحته لتجد رسالة منه:
"ساعة بالظبط وهكون عندك، خليكي جاهزة"
***
ترك كرم هاتفه ليتابع حديثه قائلاً:
- أيوة كريم اتقتل، احنا دخلنا عليه الشقة لقيناه مقتول وماسك مسدس فى أيده ولما عملنا كل التحريات وشوفنا كل الأدلة اتثبت إنه انتحار مش قتل
"عودة لما حدث"
صرخ كرم قائلا بحزن وعينان مليئتان بالدموع:
- كريم عمره ما يقتل نفسه، ده كان علطول بيضحك وبيحب الحياه، ازاى ينتحر؟! لا أنا مش مصدق إنه انتحر وهفضل ورا الموضوع لغاية أما أعرف الحقيقة
حاول والده «خالد» تهدئته ليقول:
- انا عارف ان كرم ابن عمك وصاحبك وكنت بتعتبره أخوك بس خرج الموضوع ده من دماغك يا كرم، كريم ابن اخويا وزعلان عليه زى ما أنت زعلان عليه وأكتر بس مينفعش اللى انت بتعمله ده
تحرك كرم إلى الخارج وعلى وجهه علامات الغضب والتوعد فسارعت أخته الكبرى هى ووالدته ليحضروه لكنه اسرع وركب سيارته ليرحل دون أن ينتظر كلمة أخرى منهم.
"عودة إلى الوقت الحالى"
شعر «مراد» بالملل الشديد فنهض من سريره وظل يتحرك فى الفيلا حتى لاحظ غرفة كرم المفتوحة، تعجب قليلاً فكرم دائما ما يغلق غرفته قبل رحيله ولا يستطيع أحد الدخول إليها سوى والدته فقط!
تحرك بتلقائية تجاه الغرفة وكاد أن يصل إليها إلا أن صوت مرتفع صدر من خلفه فالتفت بسرعة ليجدها شقيقته «هاجر» وعلى وجهها علامات الغضب وتقول بشكل مفزع لم يعتاد عليه:
- أنت رايح فين؟
كانت هيئتها مفزعة جدا مما جعله يتراجع بخوف فهو لم يرى شقيقته بهذه الهيئة من قبل، لم يجد شئ إلا أنه تحدث بخفوت واضح:
- هاجر أنتي مالك؟
لم ينتظر إجابتها ووضع يده بجيب بنطاله لضغط على الهاتف ويرفعه بحذر ومن ثم يتصل بأخيه الأكبر «كرم»، وضع الهاتف مرة أخرى فى جيبه ورفع نظره ليجدها تمسك بمسدس كرم الذى يضعه دائما فى دولاب غرفته وتتجه خارجا!
صاح هو فى شقيقته خوفاً مما قد تفعله لذلك صرخ قائلًا:
- انتى رايحة فين!
التفتت هاجر بسرعة شديدة ورفعت السلاح بإتجاه شقيقها الأصغر وأطلقت رصاصة دون رحمة لتستقر بقلبه!
فاق «مراد» من نومه وهو يلهث ويتنفس بصعوبة ففتحت أخته باب غرفته فى تلك اللحظة لتتفاجئ بشكله المفزع حيث كان وجهه مغطى بالعرق ويتنفس يصعوبة و بصوت مسموع فأسرعت إليه وقالت بقلق شديد:
- مالك يا مراد؟
نظر إليها بخوف وردد قائلًا:
- هتقتلينى!
رفعت هاجر حاجبيها بتعجب لتقول:
- اقتلك! أنت عبيط ياض؟ شكلك كدا نمت وأنت بتلعب وحلمت بكابوس
حرك رأسه ليقول على الفور:
- حلمت انك مسكتى مسدس كرم اللى فى اوضته وضربتينى بالرصاص
ابتسمت هاجر وسرعان ما ضحكت بصوت عالٍ لتقول:
- واضح ان ببجى أثرت عليك وهبلتك
حك رأسه ثم عاد بظهره للخلف قائلا:
- باين كدا فعلا، أنا بقيت لما بسمع خطوات رجل حد بفتكر حد داخل يقتلنا بسبب أن اللعبة دى
تابعت هاجر ضحكها لتقع على الأرض من شدة الضحك فرفع حاجبيه بتعجب وخبط بكفه على كفه الآخر قبل أن يقول:
- وربنا أنا عندى أخت هبلة، روحى شوفى كنتى بتعملى ايه مش ناقصك
وقفت هاجر لتخرج وهى تضحك، بينما نهض هو من سريره ليتجه خارجاً وتحرك بضع خطوات ليتفاجئ بباب غرفة كرم المفتوح!
أسرع فى الهرب وهو يقول:
- وربنا لو الأوضة بتولع ما رايح، البيت بقى فيه عفاريت ولا ايه!
***
ضم كفيه قبل أن ينظر إلى كرم الذى انتهى لتوه من قص ما يخطط له، التقط أنفاسه بصوت مسموع وأردف بصوت هادئ:
- بص يا كرم، زى ما وعدتك أنا مش هعترض على اللى أنت هتعمله بس هنصحك نصيحتين، الأولى هى إنك متظلمش حد، اوعى تظلمها والتانية هى بلاش تهور وكمل بعقل
ابتسم «كرم» قبل أن ينهض من مكانه ويلتقط هاتفه ومفتاحه ليقول:
- متقلقش يا يوسف، انا مش عيل صغير ومش هظلم حد، يلا سلام بقى علشان المفروض اقابلها دلوقتى
انطلق فى طريقه إلى منزل «اسماء» وبعد عشر دقائق كان فى سيارته أمام المنزل، أمسك بهاتفه واتصل بها وما إن ردت عليه حتى نطق دون أن ينتظرها قائلا:
- أنا مستنيكى تحت
قطع الإتصال دون أن ينتظر ردها، وبعد مرور ثوانٍ قليلة فتحت باب سيارته ودلفت إلى داخلها فنظر إليها متعجبا ليقول:
- ايه السرعة دى؟
ابتسمت اسماء لتقول وهى تنظر أمامها:
- هتعرف لما نوصل المكان اللى هنتعشى فيه
رفع حاجبيه ونطق مازحا:
- اممم شوق ولا تدوق، اوك نستنى لغاية ما نوصل المطعم
مضت دقائق حتى وصلا إلى المطعم وقام كرم بطلب الطعام دون أن يعرف ماذا تريد ثم اتجه إلى الطاولة مرة أخرى بعد طلبه للطعام وضم كفيه ليقول:
- ها يلا حكايتك الاول
حركت رأسها بالرفض قبل أن تقول:
- لا مش هنطق بكلمة غير لما تحكيلى أنت