
رواية ميما
الفصل الخامس عشر 15 والسادس عشر 16
بقلم اسماء الاباصيري
احبك
صباح جديد وحياة جديدة ربما سعيدة للبعض و مخيفة للبعض الاخر
تتملل فى فراشها تفتح عيناها ببطئ لتواجه ضوء الشمس المنتشر بأرجاء الغرفة وتشرد قليلاً فى حديثها مع صديقتها بالامس لتجد انه خلا تماماً من تذمرها المعتاد من تصرفات ابن عمها آسر بل انها شرعت فى مدحه والثناء عليه
و من ثم تتذكر قرارها بإرتداء الحجاب ، هى تدرك بداخلها انها تفعل ذلك رغبة فى رضا ربها حقاً .. لكن ... لكن لا يمنع هذا انها ترغب بإرضاؤه هو الاخر فبالتأكيد لا عيب بهذا ............ أليس كذلك ؟؟؟؟؟؟؟
اغمضت عيناها للحظات لترتسم ابتسامة واسعة على وجهها عند تذكرها لبعض مواقفها القصيرة معه اثناء الرحلة لكن قطع استمتاعها هذا رنين منبه هاتفها ينبئها ان ميعاد استيقاظه قد حان لذا فلتفاجئه قبل ذهابه للعمل
اما هو فلم يذق طعماً للنوم .... عمل عمل عمل .... يغرق نفسه بأعمال لا تنتهى علّه يعود لوعيه و يستعيد نفسه .... يؤنب عقله لتفكيره فى هذه الطفلة بتلك الطريقة .... هل جن ؟ ...... هى تصغره بخمسة عشر عاماً ...... اصغر سناً من اخته الصغرى حتى .... فليستيقظ ... هى تلك الفتاة التى كان يبغضها سابقاً ... يبغض صمتها ، هدوءها ، تجاهلها له ، عنادها ،ضعفها ، رقتها ، ملامحها الصغيرة الانثوية ، شعرها الحريري المموج هذا ، رائحتها المُسكرة و يا الله من عيناها والتى يغرق فى عسلهما
انتبه فوراً الي ما آل اليه حاله لقد فقد عقله حقاً ... هل كان يتغزل بها للتو هل شرد بتفكيره فيها كإمرأة ..... حتما فقد عقله على الاخير
لينطق ينهر نفسه فى غضب
آسر بهمس : تباً تباً تباً أفق لنفسك آسر لست بهذا الضعف... لن تخضع لطفلة وإن كانت اجمل نساء الدنيا ...... ليصمت قليلاً قبل ان يردف بجنون ...... تباً لى وهل اراها الان جميلة الجميلات
اخذ يحرك رأسه بشدة يميناً ويساراً محاولاً محو تلك الافكار من رأسه بهذه الطريقة ليستيقظ من حاله تلك على قهقهة خافتة فيرفع رأسه قليلاً ويرى ابن عمه الاصغر يراقبه بابتسامة بلهاء على ثغره
فارس بمرح : واااااااو فليسجل التاريخ تلك اللحظة السيد آسر البنداري يحدث نفسه بجنون بل ويعيش احلام يقظة ..... فلتخبرنى يا اخى من هى ؟
عقد ما بين حاحبيه بإستهجان لحديث فارس ذاك
آسر : من تقصد ؟
فارس بخبث وهو يلاعب حاجبيه بشقاوة : تلك الساحرة التى تسرق النوم من جفناك وتجعلك هائماً فى حبها بل و تشرد بفكرك كالعاشقين
ارتباك حل به حاول اخفاؤه ونجح بذلك قبل ان يجيب بجدية
آسر : كفاك مزاحاً ليس آسر البنداري من يُلقب بالعاشق .... ثم ذفر بعمق قبل ان يردف ..... و الآن ألا ترى انه قد حان الوقت لبدء العمل ام ماذا ؟
فارس بغيظ : بلى يا قاتل المرح وهادم اللذات لقد قررت اليوم الذهاب معك للشركة لأرى المكان المناسب لي بها
لينهض آسر من مكانه يتبعه فارس
آسر : جيد ... هيا لتناول الافطار ومن ثم سنغادر بعدها
اتجه كلاهما لخارج غرفة المكتب قاصدين مائدة الافطار ويستقر كلاً منهم بمكانه ليستمعا بعدها لصوت يشوبه الخجل
مريم بخجل : صباح الخير
فارس بمرح اثناء رفع رأسه اتجاهها : صباح الفل والياسم......
لينظر لها بصدمة وينعقد لسانه عن الحديث انتبه آسر على صمته ذاك ليطالعه بدهشة فيراه يحدق بإبنة عمه بإنبهار .... شتم بسره قبل ان ينقل بصره اليها ويجهز بعضاً من كلمات التوبيخ مهيئاً نفسه لرؤية لباس ترتديه و لن يسره على الاطلاق
لكن ما رآه اوقف عقله عن العمل و اوقف قبله تلك الدقات التى تنبض بجزئه الايسر ..... هى تلتف بتنورة سوداء واسعة من الشيفون تعلوها بلوزة باللون العنابي والاروع من كل هذا تلك القماشة التى تخفى ذلك الحرير الذي اصبح معذبه وسبب أرقه منذ فترة تأملها بصمت و ابتسامة لكنها سرعان ما مُحيت تماماً ليفكر للحظات .... هى خبأت جمالها الفتّان عن جميع الاعين المتطفلة والتى صارت مؤخراً كل نظرة منها كسوُط يجلد جسده اذاً لما هو يراها اجمل الآن بل أروع ..... اصبحت فاتنة ..... اصبحت فتنة ...... فكر بحالمية .... بل اصبحت كالملاك .... ولم يستطع كبح تلك الكلمة حتى نطق بها بصوت مسموع ... ملاك
تخجل ..... هى خجلت من كلمته تلك ..... اسعدتها لكن اخجلتها ايضاً .. هي بقدر سعادتها برضى ربها وسكينتها الداخلية والتى شعرت بها فور رؤية نفسها فى المرآة بالحجاب فهى تكاد تطير فرحاً بتلك النظرة فى عيناه ..... يبدو .... يبدو فخوراً بها و يال سعادتها عند هذه الفكرة ، حسناً لقد اصابت بقرارها هذا وستسعى دائما للمزيد .... اخرجهم من شرودهم هذا صوت بغيض كادت مريم ان تقتل صاحبته لولا وجود شهود عليها
رولا بحقد : هل سننتظر للابد حتى نتناول الافطار ام ماذا ؟ يكفينا انتظار مريم هانم حتى هذا الوقت
فارس بمكر : يمكننى انتظارها لآخر العمر لا مشكلة معى بذلك فخطوتها اليوم بإرتداء الحجاب تجعلها ملكة يتوجب علينا انتظارها للابد
مريم بمرح : وانا لا اقوى على جعلك تنتظر كل هذا يا أميري فلآتى الآن قبل ان تأكلنا الحرباء بدلاً من الافطار
فارس بخبث: بل ستأكلنا الحية فالحرباء وحمداً لله لم تأتى بعد
( الحية هى رولا والحرباء هى صافي هانم ) حيث ان منذ تلك الاجازة التى ذهبت اليها الاثنتان لم تعد منها سوا رولا اما صافى هانم ففضلت القدوم فيما بعد
انفجرت مريم ضاحكة على حديث فارس وشاركها هو الضحك لكن توقفا فوراً عند تذكرهم وجود آسر ونظرا له فى وجل ليجدوه يبتسم على حديثهم فى صمت لتتسع عيناهما فى دهشة وينظران لبعضهما وكأنهما اكتشفا ثامن عجائب الدنيا السبعة وشرعا فوراً فى تناول الطعام
مرت الايام تليها اخرى وبدء فارس العمل بالشركة واصبح وقت فراغه اقل لذا ابتعد عن مريم لفترة عادت هى فيها لمرافقة فرح صديقتها واصبحت ما بين مآسيها مع صافى ورولا هانم و بين استمتاعها مع صديقتها معظم الوقت ومواقفها الغريبة والتى تكررت كثيراً مع ابن عمها آسر لتستعيد بعد المواقف معه
فلاش باك
كانت تجلس بهدوء بغرفتها تفتقد وجود فارس والذي بدء عمله بالشركة منذ اسبوعان واصبح الوقت الذي يقضيه معها اقل تنهدت فى سأم قبل ان تستمع لبضع طرقات ظنت صاحبتها هى الدادة فسمحت لها بالدخول ليفتح الباب ويظهر هو خلفه ينظر ارضاً بصمت
آسر : لست الدادة ومع هذا أيمكننى الدخول ؟
اعتدلت هى فوراً بجلستها تطالعه بدهشة قبل ان تدرك الموقف وتسحب حجابها فى الحال تضعه فوق رأسها وتسمح له بالدخول
مريم بتلعثم : ن نعم بالتاكيد تفضل
دلف للداخل وسحب كرسي ليجلس امامها مباشرة
آسر : مم كيف حالك مؤخراً ؟
نظرت له بدهشة واجابت
مريم : نعم بخير الحمد لله
صمت قليلا قبل ان يردف
آسر : ممم اخبريني هل اعتدتى على الحجاب ام تواجهين صعوبة بإرتدائه ؟
مريم بإبتسامة وحماس : انا بخير بل بأفضل حال فأنا استمتع بإرتدائه كثيراً بل اجد راحة نفسية به وحقا اندم على كل لحظة عارضتك فيها بخصوصه
ابتسم بإتساع لسماعه هذا الحديث منها قبل ان يقدم لها علبة تبدو من تغليفها انها هدية
مريم : ما هذا ؟
آسر : افتحيها لتري ما بداخلها
همت بفتحها لتشهق فور رؤيتها لما بداخلها لتجد فستاناً رقيقاً بلونها المفضل الازرق ذو اكمام طويلة خصره محاط بقطع رقيقة من الالماس ملحق به حجاب بنفس اللون و يوجد ايضاً بعض الاكسسوارات الخاصة به
مريم بإنبهار : رائع ..... ياللهى ما اجمله ... اهذا لي ؟
آسر بإبتسامة : بالطبع لكِ .... كل عام وانتى بخير .... غدا عيد ميلادك فلترتديه غداً بالحفل
مريم بإبتسامة بلهاء : عيد ميلادي ؟ ...... حفل ؟
آسر : نعم بالطبع وسيكون مميزاً هذه السنة بسبب نضجك و ارتدائك للحجاب لذا فسيكون احتفالين .... والان سأتركك لتجربي الفستان وتري ان كنتى بحاجة الي شيئا ما ...... رغم علمي بأنه المقاس المطلوب
قال جملته الاخيرة وهو يرمقها بنظرة احتارت فى تفسيرها ثم تنحنح بقوة وخرج سريعاً من غرفتها
نهاية الفلاش باك
لتبتسم فوراً عند تذكرها لهذه الذكرى و كيف كانت سعادتها بهذا الحفل فلقد قام آسر وقتها بدعوة السيد سامح وزوجته هدى واللذان اعتنيا بها بعد وفاة والديها بهذا الحادث الاليم فلقد كانت دوماً على اتصال بهما
واخذت تتذكر ايضاً احدى مواقفها معه والذي ادهشها فيها حتى كادت لا تصدق ان الذي امامها هو آسر نفسه الذي تعرفه
فلاش باك
تَذكُر تأففها الدائم بسبب غياب فارس عنها ورفض آسر السابق لخروجها وحدها من المنزل ... مر شهر على وحدتها تلك وقد سأمت من المنزل واجوائه فلا بديل لها سوى دعوة فرح للمكوث معها بالمنزل لكن الآن ومع عودة والداها من السفر اصبح خروجها ليس سهلاً كالسابق
استيقظت صباحاً وقد نوت على مواجهته وطلب الخروج منه وها هى تقف على عتبه مكتبه تطلب منه الدلوف للداخل فيسمح لها ... يناظرها بدهشة فهو غير معتاد على وجودها بتلك الغرفة
آسر بإهتمام : ميما ... ماذا حدث ؟ هل حدث شجار آخر بينك وبين رولا ؟
تباً تباً تباً يا الله رحمتك يا الله ها هو يعديها للمرة ال ...... لا بأس فلقد توقفت عن احصاء عدد المرات التى يفعلها بها ... ميما ..... يفعلها مرة اخرى ويناديها بهذه الطريقة ... همست بذلك فى نفسها ... ألم يكن يتقزز من هذا الاسم ؟ ماذا اصابه هل جن ام انه ينوي على اصابتي انا بالجنون ....... ابتلعت ريقها بصعوبة قبل ان تدرك انها اطالت السكوت
مريم بقلق : لا لم يحدث شيء بيني وبينها فقط انا ........
ترددت بالحديث ليحثها هو على الاكمال
آسر : انتى ماذا ؟
مريم بإندفاع : انا مللت من البقاء بالمنزل فارس اصبح مشغول معظم الوقت وفرح لم يعد بإستطاعتها المجئ كالسابق و رولا لا تدع اى فرصة تمر دون ان تتشاجر معى وبالطبع صافى هانم تقف بصفها وانت ايضاً لست بالمنزل معظم الوقت ..... لقد مللت من كل هذا .... مللت حقاً
قالت جملتها الاخيرة وهى تغالب دموعها وتمنعها من الهطول ليتقدم هو فوراً نحوها ليأخذ يديها بين كفيه و يتوجه بها لاحدى المقاعد و يجلسها عليها ليهبط هو على ركبتيه امامها ينظر لها فى قلق قبل ان يردف
آسر : حسناً حسناً فلتهدأي قليلاً وسأنفذ لك ما تريدين .... لما لم تخبريني بما تشعرين فوراً دون الانتظار لشهر كامل بهذه الحالة
لتنظر له فى دهشة...... احقاً ما يقول ... اخبره....... حقاً ؟
فهم هو سبب صمتها ونظرتها تلك ليكمل هو فى هدوء
آسر : حسنا لنرى ما يمكن فعله ...... انتى تريدين تغيير بعض الاجواء اذاً ما رأيك بالذهاب لصديقتك او الخروج معها قليلاً
مريم بتعجب : أيمكنني ذلك ؟ حقاً ؟
آسر : بالتأكيد لكن ......
مريم بتهكم : بالطبع يوجد لكن
آسر بجدية : طبعاً يوجد لكن ... فأنا لا استطيع تركك تذهبين بمفردك لذا سيذهب معك السائق وستجيبين على هاتفك فور اتصالى بك ولأى عدد من المرات لا تتأففى او تتجاهلينه اتفقنا ؟
مريم على مضض : حسنا اتفقنا
و قد تم الامر
نهاية الفلاش باك
حقاً مختلف .. إما قد اصابه مس .... او هى من جنت لتراه لطيفاً هكذا و وسيماً بهذا الشكل بل و تراه فى بعض الاحيان فارسها المغوار وبالحديث عن فارس فلقد لاحظ هو ايضاً هذا التغيير واصبح يلقي بتعليقاته تلك والتى تُشعل آسر غيظاً لكن ما كان يُخمد غيظه هو رؤيته لابن عمهما هذا وهو يكاد ينفجر غضباً من صديقتها فرح والتى اصبح مقتنع تماماً بكونها مختلة بل وحذر مريم من الاختلاط بها كثيراً
الان تعدت الساعة منتصف الليل وهو لم يصل بعد .... ترى ماذا حدث ليتأخر كل هذا الوقت ... نادراً ما يحدث هذا وكل مرة يكون السبب جلل ... اصابها القلق خصيصاً وقد عاد فارس قبله بفترة والآن الجميع يغرقون بنومهم ماعدا هى تطالع الطريق من شرفتها تتمنى ظهور سيارته بأي لحظة ليطمئن قلبها
وكأن الله استجاب لدعائها ذاك لترى سيارته تدخل بهدوء من بوابة الفيلا الرئيسية لتتحرك هى سريعاً الى الاسفل فتراه يهبط من سيارته عند وصولها اليه
مريم : آسر ماذا حدث لما انت متأخر لهذه الساعة ؟
آسر بدهشة : مريم ؟؟؟ امازلتى مستيقظة للآن ؟ ماذا تفعلين بالخارج ؟
مريم : لم استطع النوم حتى تعود ... اخبرنى هل حدث امر ما بالعمل؟
ابتسم بإنهاك لقلقها هذا وتقدم نحوها ليحيط وجهها بكفيه ويجيب بهدوء
آسر : لا داعى لكل هذا القلق فقط بضعة مشاكل بالعمل وقد قمت بحلها لهذا تأخرت
اومأت هى فى شرود تطالع تلك الابتسامة التى صارت تعشقها قبل ان تجيب دون وعي
مريم بهيام : تباً يا ألهي ...... انا حقا افعل
آسر : ماذا ؟ تفعلين ماذا ؟
مريم دون وعي : احبك ....... انا حقاً احبك .
...........................
يتبع .............
16. رهان
مريم بإندفاع : انا احبك
تسمر بمكانه لحظات لتتجمد يديه المحيطة بوجهها وينظر لها بعيون تحمل الصدمة والاندهاش معاً لما سمعه للتو ....... "احبك" ....... هل اعترفت للتو بحبها له هكذا وبكل بساطة ........ فكر بماذا يجيبها .... هو يعلم ان بداخله شيء ما نحوها .... تغير ... نعم تغير بسبب هذا الشيء وربما هذا التغيير هو ما دفعها لقول هذه الكلمة بكل بساطة ظناً منها انه يبادلها نفس الشعور لكن .... هل يفعل حقاً ؟؟؟؟؟
اما هي فمن المتوقع منها ان تُصدم بما نطقته فور استيقاظها من شرودها ووعيها لما تفوهت به لكن ..... لا .... هى كانت بكامل وعيها حين قالتها ... نعم تعترف له وبكل بساطة بمشاعرها البريئة والمراهقة ..... هى بالفعل تحبه اذاً لما تخاف و تخجل فالحب ليس عيباً او جريمة لكن كيف سيكون رد فعله ؟؟؟؟
شعرت به يسحب يداه بعنف من على وجنتيها ليتراجع عدة خطوات للخلف يحدق بها بنظرة احتارت في تفسيرها قبل ان يردف ببرود
آسر بسخرية: اذاً كبرت الطفلة و خفق قلبها اخيراااً .... لكن وبكل اسف اُخبرك ان اختيارك خاطئ ..... اسأتى الفهم وظننتى معاملتى اللطيفة لكي حباً وقمتى ببناء خيالات بعقلك الصغير هذا ..... دعيني اخبرك يا صغيرة انكِ فقط تتوهمين الحب وان لا اساس له من الصحة
مريم بإصرار : لم اعد طفلة ولم اخطئ بتفسير ما اشعر به نحوك فأنا احبك بالفعل .. ربما انت محق بشأن اختياري الخاطئ لكن ....... همت برفع كتفاها بقلة حيلة لتكمل ..... هذا الامر ليس بيدي فهذا من اختارك
مشيرة الى قلبها ... ليزيده حديثها هذا غضباً و سخطاً
آسر : حسناً حتى وان كان حبك حقيقة فنصيحة من شخص اكبر منك تخلصي من هذا الشعور حتى لا تتأذي فأنا لن اقع فى حب طفلة ساذجة تظن نفسها اصبحت امرأة ناضجة و تقف امامي دون حياء تخبرنى بحبها لى
ألقى بكلماته المسمومة تلك لتقف باقى كلماتها بحلقها وتتكون طبقة زجاجية شفافة من الدموع بمقلتيها قبل ان تتركه بمكانه و تتحرك سريعاً من امامه لتحتمي بجدران غرفتها العزيزة وتسمح لدموعها بالتحرر من قيدها
عاد الوضع على ما كان عليه من قبل .. تجاهل .... جفاف .... عناد .. لكن من جهته هو ... فى حين اصرت هى على صدق مشاعرها وانها حقاً تحبه وحاولت بشتى الطرق تأكيد ذلك له لكن لا فائدة من محاولاتها تلك ...
بدأت بشائر نتائج الثانوية العامة وقربها من الظهور وبدأ معها القلق والتوتر لنجدها تجلس بغرفتها تقرأ بضعة ايات من القرآن وتدعو ان يوفقها الله فيقطع استرسالها هذا طرق على الباب لتنهى قراءتها وتسمح للطارق بالدخول فتجد كلاً من فارس وفرح صديقتها يدلفان وعلى وجههم إمارات الحزن لينقبض قلبها فوراً وتدرك فقدانها لحلمها
مريم بخوف : ظهرت أليس كذلك ؟
اومأت فرح لها فى ضعف ونظرت لها بخوف
مريم : اذاً ؟؟ لم اُوفق بها أليس كذلك ؟ لم آتى بتقدير جيد ؟؟؟؟؟؟
فارس بهدوء : مريم فلتهدأي قليلاً واستمعى الي جيداً انتى تعلمين ان الله دائما ما يبتلي العبد المؤمن لذا
قال جملته تلك وسقط قلبها هلعاً وخوفاً من القادم
فرح : لكن الله ايضاً لا يضيع اجر من احسن عملاً لذا
فارس : ربما تحزنين قليلاً لكن الله يعوضنا دائماً بالافضل
فرح : ولقد حزنا كثيراً وتعبنا طوال السنتين الماضيتين واجتهدنا و .....
مريم بصراخ : كفاكما حديثاً واخبرانى بالنتيجة فوراً
تبادل كلاً من فرح وفارس النظرات قبل ان تردف فرح
فرح بحزن : حسنا لقد جئتي ب 97 %
مريم دون وعى : علمت اننى لن احصل على ما اريد و .... مااااااااذاااااااااا ؟؟؟؟؟
فرح بصراخ : عااااااااااااااااا نعم نعم انتى 97% وانا 96,5% لقد نجحنا وبتقدير ممتاز
مريم بصراخ مماثل : عااااااااااااا مهندستاااااان شكراً شكراً ياالله ... ياللهى كم احبك يا فتاة
واحتضنتا بعضها البعض فى سعادة ومازال صراخهما مستمراً
فارس بسعادة : مبارك يا فتيات ... اه لحظة أيجب علي دعوتكما الآن بالباش مهندسات؟
تقدمت منه مريم بسرعة ودون وعي قامت بإحتضانه بسعادة
مريم بسعادة : قل ما يحلو لك و لك منى حلاوة هذا الخبر الرائع فقط اطلب ما تشاء
تفاجئ من عناقها له لكن ابتسم ابتسامة اخوية وعانقها بالمقابل ... لم تمر ثوانى و سمع شهقة صدرت من فرح شعر بعدها بمن يسحب مريم بعنف من بين يديه ليرتد هو خطوة للخلف فيرى ابن عمه آسر يقبض بشدة على رسغها وينظر له بنظرات كادت تقتله بمكانه
ثم ما لبث ان حول نظره اليها وقام بجرها خلفه الى خارج الغرفة تاركاً كلاً من فرح وفارس يطالعان مكانهم الفارغ بدهشة فاق منها فارس سريعاً ونظر لفرح بخبث وهو يفتح يديه على وسعها واردف
فارس بمرح : هيا هيا لا تخجلى ... يمكننى منحك عناقاً انتى الاخرى فلا احد هنا افضل من الاخر
قالها على سبيل المزاح لكن هي فاجأته حقاً بأنها تقدمت عدة خطوات نحوه حتى صارت امامه مباشرة تنظر له بإبتسامة غريبة لترد هامسة
فرح بسخرية وغرور : استمر بأحلامك تلك
ثم نظرت له بإحتقار وغادرت الغرفة سريعاً
ليطالعها هو بدهشة
فارس بذهول : مجنونة .... اتظننى اموت شوقاً لعناقها تلك المختلة
هل جننتى ؟ ادرك افتقادكِ للحياء والخجل لكن ليس لهذه الدرجة لتعانقين رجلاً اجنبياً عنكِ بحميمية هكذا .... اخبرينى هل قمتِ ايضاً بالاعتراف له بحبك هو الآخر ؟
كان هذا صراخ آسر على مريم عند انفراده بها فى غرفته
مريم بصراخ : افقدت عقلك ام ماذا ؟ لكن مهلاً لما السؤال فمن الواضح انك فقدته حقاً .... من تلك التى تدعوها بفقدان الحياء والخجل ؟ ..... فلتلزم حدودك فى الحديث لا اسمح لك بإتهامي بتلك الاتهامات الباطلة فقط غلبتني سعادتى بنجاحي وبدون وعى قمت بإحتضانه اخطأت نعم لكن هذا لا يعطي لك الحق فى اتهامي بهذا الشكل
تقدم نحوها بسرعة وعلامات الغضب على محياه .. امسك بمرفقها حتى غرست اصابعه فيه وتحدث بفحيح
آسر : اياكِ ثم اياكِ ان يعلو صوتك فوق صوتى افهمتى ؟ هذا اولاٌ .... ثانياً لن تعلمنى طفلة مثلك ما اقول وما لا اقول .... ثالثاً واخيراً ..... انتي تحت وصايتي انا ... افعل بك ما اشاء واقول لك ماشاء اتهمك بما اراه بعيني لا افتري عليك وحتى و ان فعلت فلا قول لك بعد قولى افهمتى ؟ ..... ثم اقترب منها اكثر حتى امسك بمرفقها الآخر و اصبحت تشعر بأنفاسه الساخنة على بشرتها الرقيقة لتسمعه يهمس بخشونة ونبرة تملكية جديدة على مسامعها ..... انتى ملكي انا
ثم تركها لافظاً اياها من بين يديه لتندفع للخلف خطوتان محاولة استرجاع توازنها لتهمس له فى ضعف وارتجاف مقاومة هطول الدموع المتحجرة بعيناها
مريم بطفولية : حبي لك لا يعطيك الحق بذلك ما لم تبادلنى نفس شعوري .... لذا انا لست ملكاً لاحد اياً كان ...و ارجو ان لا تستمر بجبروتك وعجرفتك تلك والا سينقلب هذا الحب الى كره وبغض
آسر بسخرية : تهديد هذا ام ماذا؟
مريم بنفس النبرة : سميه كما تشاء لكن ارجو ان تتوقف عن عنادك وبرودك هذا والا حقاً ستفقد حبي لك وهذا ما لا اريده انه يحدث
آسر : ولما على الامتثال لكلامك بل لما على ان اخشى فقدان حبك المزعوم هذا
مريم بثقة : لانك تحبنى ... بل تعشقني
انتابته نوبة ضحك استمرت للحظات قبل ان يردف بسخريته المعهودة
آسر : واثقة انتى مما تقولين؟
مريم بتحدي : مائة بالمائة
آسر بتحدي مماثل : مممم مثير .....
اذاً ما رأيك برهان صغير ؟
لينعقد ما بين حاجباها فى تساؤل
مريم : رهان ؟
آسر : نعم .. رهان صغير ... لنرى ان كنت احبك فعلاً بل لنرى ان كنت سأقع فى حبك يوماً ما ..... و إن حدث وربحتى الرهان فأنا سأكون بين يديك انفذ ما تشائين اما إن ربحت انا ..
مريم بإصرار : لن يحدث
تجاهل ردها وأردف
آسر : إن ربحت انا فستصبحين رهن اشارتي فيما اطلبه منك مهما كان .... والآن ما رأيك رهان عادل تماماً أليس كذلك؟
توتر اصابها من نتيجة احتمال ربحه هو بهذا الرهان السخيف لكن لا وألف لا لن تسمح له بإستشعار قلقها هذا .. هى تدرك ان بداخله شيئاً ما لها ربما ليس حباً او عشقاً لكن هناك بذرة لشيء ما وهى ستبذل كل ما فى وسعها لمعرفة حقيقة مشاعره نحوها
مريم بتحدي: اتفقنا
آسر بإبتسامة : اتفقنا
استدارت لتغادر الغرفة ليوقفها نداءه لها بلقبها الذي صارت تعشقه خصيصاً بصوته الرجولى المميز
آسر : ميما
مريم بشرود وهيام : ماذا ؟
طالعها عدة لحظات بنظرات غامضة قبل ان يردف بإبتسامة أسرت قلبها
آسر بإبتسامة : مبارك نجاحك...