رواية قلبي بنارها مغرم الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم روز أمين

رواية قلبي بنارها مغرم

الفصل الواحد والثلاثون 31

بقلم روز أمين


في صباح ذلك اليوم الموعود 

وصل يزن إلي المشفي منذُ الصباح الباكر كي يُتابع أعمالة الخاصة بالمّشفي والتي باتت من أهم أولوياتة في الفترة الأخيرة حيث كان يشعر برغبة مُلحة بداخلة تحثهُ وتقودةُ علي الذهاب إلي مكتب أمل وخلق الفُرص لمقابلتها وإطالة الاحاديث التي بدأت تُشعرةُ براحة عجيبة لم تنتابةُ من قبل  ،والأغرب هي حالة الإنسجام التي بدأت تبدوا علي كلاهُما أثناء وجودهُ  مع الأخر 


كان يتحرك برواق المّشفي ثم توقفْ فجأةً عندما لمح صفا وأمل وياسر مُقبلين علية، قاصدين الخارج،  نظرت أمل إلية وجدتة يتنفس براحة تبدوا علي ملامح وجهة وهو ينظر إليها ويتمعن في ملامح وجهها كعادتة مؤخراً 


تفرقت نظراتة علي ثلاثتهم بعدما لمح خجلها وتهرب عيناها من نظراتة المُتفحصة، وسألهم بوجةٍ بشوش  :

_ علي فين العزم إكدة أومال يا دكاترة  ؟ 


نظر له ياسر بملامح وجةٍ يائس حزين،  فهذا أصبح حالةُ مُنذُ إبتعاد مريم عن عيناة،  فُمنذ تلك الليلة المشؤمة وهو يحاول الخروج من دائرة عِشقها البائس ،المُدمر لأحلامة الوردية التي راودتة في عِشقِها، ولكن دون جدوي،  فكل يومٍ يمر علية ما يزيدةُ إلا تمسُكً بعشقها الملعون 


وأجابةُ مُذكراً إياة بنبرة هادئة : 

_أنا يا إبني مش قايل لك من إسبوع إن عندنا مؤتمر في القاهرة وهنحضرة إحنا التلاتة. 


أجابهُ يزن ساخراً من حالة وذاكرتة التي خانتة :

_  معلش يا دَكتور، الزهايمر شكلة إكدة مستعچل علي جِلة أصلة وياي. 


ضحكت كِلتاهما علي حالة الإنسجام الدائمة بين هذا الثُنائي المرح، نظر إلي صفا وسألها مُستفسراً : 

_ وإنتِ كمان غيرتي رأيك ومسافرة وياهم إياك ؟ 


اجابتة بإبتسامة هادئة:

_ سفري ده سر ميعرفوش غير چدي وأبوي وأمي وإنتَ ، ومش لازمن حد يعرفة يا يزن 

ضيق عيناة وسألها مُستغربً: 

_والمتر معارفش بسفرك إياك ؟ 

حركت رأسها يمينً ويساراً بنفي مصاحبة لنظرات ذات معني  

أمال لها رأسهُ بتفهم وعلِمْ من مغزي حديثها أنها ستذهب لمقابلة قاسم ومفاجأتة بتواجدها بالقاهرة 


نظر من جديد إلي أمل وتحدث بنظرات تتفحص ملامحها التي أصبح يراها جميلة بعد أن كان يبغضها كُل البغض، فسبحان الذي يُغير ولا يتغَير  :

_ متتأخريش علينا يا دَكتورة،  إنتِ عارفة،  مبجناش نجدروا نستغني عنيكي في المستشفي 


ثم فاق علي حالة وخشيّ من ملاحظة الجميع لمشاعرة الوليدة وتحدث مُفسراً: 

_ إنتِ خابرة إن مفيش غيرك إهنية تخصص نسا وتوليد 


إبتسمت بخفة وأجابتة بنبرة هادئة فهي إلي الآن لم تعي علي حالتها وتفسر شعور الراحة الذي ينتابها في حضرتة علي أنه صداقة بريئة  : 

_ أكيد مش هنتأخر، إحنا حاجزين تذاكر الرجوع إنهاردة بالليل يا باشمهندس،  يعني إطمن مش هنوقف لك المستشفي 


إبتسم لها بخفة وتمني لهم السلامة والتوفيق في المؤتمر 

، تحركوا جميعاً قاصدين محطة القطار واستقلوة متجهين إلي القاهرة، بعد مدة كانوا داخل القاعة الخاصة بعقد المؤتمر، وبعد حوالي ثلاث ساعات متواصلة قضوها داخل المؤتمر خرج الجميع 


تحدث ياسر إلي أمل :

_ أنا هروح أشوف أهلي وأطمن عليهم ونتقابل الساعة 5 المغرب زي ما أتفقنا  

ووجة حديثةُ إلي صفا بجدية : 

_ وإنتِ يا دكتورة، حاولي متتأخريش هنا لو سمحتي،  ياريت تكوني في المستشفي بعد بكرة علشان تتابعي حالاتك 


أجابتة بنبرة حماسية: 

_ إن شاء الله مش هتأخر،  أني هبات الليلة وهرجع في القطر بكرة بعد أذان العصر. 


تفرق الثلاث كُلٍ علي وجهتة، وذهبت أمل مع صديقتها دكتورة مي التي كانت معها بالمؤتمر  ، وتحركت بصُحبتها لقضاء ما تبقي لها من وقت، مع والدة مي التي كانت تنتظر أمل علي أحر من الجمر وذلك بعدما علمت بحضورها المُسبق من مي، وجهزت لها كُل ما لذ وطاب من الأكلات التي تعشقها أمل لتُسعد قلبها وتحاول تعويضها فقدانها للأم والشقيقة اللتان إلتهيتا عن إبنتهما بزواج ريماس من رامي وإنغماسهما داخل دائرة الترف وتذوق حياة الأغنياء 


_______________


حضر قاسم جلستان بالمحكمة وتحرك بعدها إلي أحد المطاعم الشهيرة، تناول بهِ غدائة سريعً كي يُتابع باقي أعمالة ، فقد كان يومةُ مُزدحمً للغاية، وكان لابد أن يبدأ بمراجعة ملف القضية التي تم تحويلة إلي مكتبة من خلال أمجد التُهامي بأقصي سرعة لإقتراب موعد المرافعة  


هاتف إيناس وأخبرها أن يتقابلا داخل المكتب كي يدرسا معاً الملف،  لكنها نبهتة إلي أن وقت إنتهاء العمل داخل المكتب قد قَرب علي مشارف الإنتهاء، وأبلغتة أنةُ ليس من المعقول أن يتواجدا في غياب الموظفين داخل مكتبهما وخصوصاً أن الجميع يعلم بأمر زواجهما،  فكيف سيفسرا حراس الأمن تصرفهما ذاك، وطلبت منة الحضور إلي مسكنهما المشترك فرفض بشدة قاطعة،

فأقترحت علية الذهاب إلي سكنة السابق فقابل إقتراحها أيضاً بالرفض التام، فأعلنت إستسلامها وتركت لهُ الخيار وبعد تفكير وحيرة وتشتت لم يجد أمامة سوي أقتراحها الأول ليُنهيا به دراسة تلك القضية التي أجبرتة علي العودة مرةً آخري إلي الجلوس معها علي طاولة عمل مشتركة، 

ولكنة أقسم لحالة ووعدها أنها ستكون المّرة الأخيرة التي يرضخ بها لأمرٍ مجبر علي فِعلة، ومهما كلفةُ الآمر من خسائر فادحة بالعمل سيُنفذ ما آنتواة ،فقد قرر أن تنتهي تلك القضية وسيُنهي لإيناس وعدنان عقدي عملهما معه وكنوعً من التعويض عن ما بذلاة داخل مكتبةُ من وقتٍ وجُهد  سيدفع لهما مبلغً مناسبً من المال ليبدأ به ويعملا علي إفتتاح مكتبً خاص بهما وبعدها سيضع تلك الصفحة جانبً حتي يمُر العام ويحل حالة من ذلك الوعد الأسود الذي قطعة علي حالة وبعدها سيُغلق تلك الصفحة السوداء ويطويها إلي الأبد 

هكذا مّنيّ قاسم حالةِ ونسي أن" ليس كُل ما يتمناهُ المّرء يُدركهُ" 


بالفعل توجة إلي الشقة، وبالصدفة البحتة وكأن القدر يُريد فضح مخطتة بشكلٍ مُرتب ، وصلا معاً بنفس ذات اللحظة ورأهما حارس البناية ورحب بهما ثم أشار إلي عامل الجراچ ليأخذ سيارتيهما ليصفهما لهما بداخل جراچ البناية كي لا تُحدث فوضي بالمكان  


بنفس التوقيت 

ذهبت صفا إلي مكتب المُحاماه الخاص به دون أن تهاتفهُ كي تقوم  بمفاجأتهُ كما قررت وإتفقت مع والدتها ،  تحركت لداخل المكتب التي أتت بعنوانه من موقع جوجل،  سألت أحد رجال الحِراسه الواقف ببداية ممر المكتب، أشار لها علي مكتب السِكرتارية. 


دلفت إلي المكتب وتحدثت بوجهها البشوش: 

_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 


نظرت لها السكرتيرة وأجابتها بنبرة جادة : 

_ وعليكم السلام ،  تحت أمر حضرتك  . 


أجابتها صفا بنبرة هادئة: 

_ عاوزة أجابل دكتور قاسم النُعماني. 

تُنادية دكتور بعد حصُولهِ مُؤخراً علي الدكتوراة في القانون التي ناقشها قبل زفافة من صفا بعدة أسابيع فقط، ليُعزز من مكانتة بين نظرائة من عمالقة القانون 


إبتسمت السكرتيرة وأردفت بدُعابة : 

_دكتور قاسم مرة واحدة كده،  

وأكملت وهي تُشير لها بيدها في دعوه منها للجلوس :

_ طب إتفضلي حضرتك إقعدي وقولي لي نبذة مختصرة عن قضيتك، وأنا هقول لحضرتك مين من الأساتذة التلاته اللي هيفيدك أكتر. 


إبتسمت لها وتحدثت مُفسرة:

_ إنتِ فهمتيني غلط، أني مش جاية بخصوص جضية، أني جاية أجابل الأستاذ قاسم بنفسه 


أجابتها السكرتيرة:

_ للأسف يا أفندم مش هينفع، لأن دكتور قاسم عندة جلسات في المحكمة إنهاردة وهيخرج من المحكمة علي بيته علي طول، وأصلاً الوقت إتأخر وزمانه خلص ورجع علي بيته. 


حزنت من حالها عندما تذكرت أنها وإلي الأن لم تعلم عِنوان منزل زوجها، فطلبت من السكرتيرة برجاء: 

_ طب ممكن تديني العِنوان إذا سمحتي. 


أجابتها برفضٍ قاطع  : 

_للأسف ممنوع يا أفندم،  معنديش أومر أدي عناوين الأساتذة لأي حد 


دلفت إحدي المحاميات المعينة في المكتب وتوقفت حين إستمعت إلي صفا وهي تتحدث: 

_ من فضلك تديني العنوان، لأني محتاچة المتر في حاچة ضروري. 

وأكملت بمراوغة كي لا تتعرف السكرتيرة علي شخصيتها وتخبر قاسم لتسعدهُ ويضيع عُنصر المفاجأة علي صفا: 

_أني جريبته من سوهاچ وكان عِندي شغل إهني ومحتچاة في خدمة ضرورية، وللأسف معييش رقم تليفونة لان تلفوني الجديم ضاع بكُل أرقامة اللي كانت علية 

تحدثت السكرتيرة بذكاء : 

_بسيطة،  خدي رقم التليفون وكلمية وخدي منه العِنوان بنفسك. 


قاطعتها المحامية قائلة: 

_ دكتور قاسم قافل تليفونه من قبل ما يدخل القاعة، وتقريباً كدة نسي يفتحه،  لان أنا لسه مكلماه حالاً كنت محتجاه في إستشارة ضرورية ولقيت فونه مقفول 

وأكملت:

_ وبعدين يا سُها الأستاذة بتقول لك إنها قريبته،  فيها إية يعني لما تديها العنوان،  

وأكملت بتهاون: 

_ثم إنتِ لية محسساني إنها أسرار حربية . 


أجابتها سُها السكرتيرة :

_ يا أستاذة عبير مينفعش، دي من أبجديات شُغلي ، ممنوع منعاً باتً إني أدي لأي حد عنوان الموظفين هنا 


خلاص خلاص،  متشكرة لحضرتك،  كانت تلك كلمات صفا التي تحدثت بها إليهما وانسحبت للخارج بملامح وجة يائسة،  وقررت مهاتفتة بعدما فشلت محاولتها في إيجاد حل لتقوم بمفاجأتة 


كادت أن تخرج من باب الشركة لولا صوت المُحامية التي استوقفتها قائلة وهي تعطيها ورقة بها عنوان قاسم الجديد، والتي ذهبت إلية بصحبة العاملين في المكتب يوم عزيمة إيناس لهم كي يقدموا التهنئة بمناسبة زواج قاسم وإيناس :

_  يا استاذة،  إتفضلي العنوان أهو

نظرت لها صفا بعيون مُتسعة غير مستوعبة أن القدر يقف بجانبها والحظ يُحالفها والأمور تسيرُ وفق تخطيتها ،ثم استرسلت المحامية حديثها قائلة:

_ معرفش ليه حسيت إنك محتاچة تشوفي الأستاذ ضروري وخصوصاً إنك جاية من سفر 

وأكملت برجاء  :

_بس ياريت ماتقوليش للأستاذ إن أنا اللي إديتك العنوان، علشان ما تتسببليش في مشكلة. 


كانت تنظر لها بسعادة هائلة وألتقطت من بين أصابعها الورقة كما الغريق الذي تعلق بقشة وهتفت بسعادة بالغة: 

_  أني مش عارفه أشكر حضرتك إزاي،  ومتجلجيش، أكيد مهجولش لقاسم أيتوها حاچة 


إبتسمت لها عبير وتحدثت بإستحسان وانبهار ظهر بعيناها : 

_ علي فكرة،  إنتِ جميلة أوي،  مش بس شكلك، لا،  روحك وحتي لكنتك الصعيدية زيداكي جمال وحلا 


شكرتها صفا بإمتنان وتحركت في طريقها بالسيارة التي كانت قد إستدعتها عبر تطبيق داخل هاتفها الذكي لتوصيلها إلي حبيبها التي تتشوق رؤياة، أعطت للكابتن العنوان وانطلقا إليه 


كانت تشعر وكأن روحها ترفرف بسعادة في السماء، كم كانت تتشوق إلي رؤية وجهة وهي تُخبرةُ بحملها لقطعة منة داخل رحمها الطاهر ، تخيلت سعادتة التي ستبدوا علي وجهة وهو يتلقي ذاك الخبر السعيد،

خجلت وأبتسمت بسعادة عندما  تخيلت ليلتها التي ستُقضيها داخل أحضانة، كم إشتاقت لضمتة، رائحة عطرة المُثيرة لإنوثتها، قُبلاتة التي ينثرها بسخاء علي جسدها بالكامل  ، نظرات عيناة التي تنطقُ عِشقً وهو يتأملُها ، تخيلتة وهو يقضم الشيكولا المُفضلة لديها كعادتة ويُطعمها إياها بفمة لتتناولها منه بإثارة وجنون لكلاهُما ، إكتست وجنتيها بحمرة الخجل حينما وصل تخيُلها وهو يُزيدها من عشقة الذي تتلقاه داخل عالمهما الخاص بهما  

____________


عِند قاسم وإيناس 

خرجا من المصعد سوياً وهاتفت هي متجر البقالة وأخبرتهم بقائمة ببعض المواد الغذائيّة التي يحتاجها مطبخها، وطالبتهم بإحضارها علي وجة السُرعة  

    

أما قاسم فدلف لداخل المسكن بساقين ثقيلتين مُجبرين علي الدخول،  تحرك سريعً إلي غُرفة المكتب وخلع عنة چاكيت حِلتة ثم وضعةُ فوق مقعداً جانبياً بعناية فائقة كي لا يُفسد مظهرة، 

وضع مفاتيحةُ وجلس فوق مقعدة، إلتقط نظارتة الطبية من حقيبتة وأرتداها ، ثم مد يدهُ من جديد وأخرج ملف القضية وقام بفتحة وبدأ بقرائتة بعناية وتركيز 


أتت تلك التي دلفت لداخل غُرفتها لتخلع عنها ثيابها العملية وتُبدِلها بآخري مريحة ولم يخلو الآمر من تعمدها الدائم لإثارتة  حيثُ إرتدت مُتعمدة كِنزة بدون أكمام مفتوحة من الامام وتُظهر مقدمة نهديها وإستدارته، وشورتً قصيراً يُظهر سيقانها العارية ونثرت عِطرها الإنثوي،  تحركت وجلست بجانب ذلك الذي لم يعِر لدخولها ولا لما ترتدية أية إهتمام،  كظمت غيظها من تعمدة لعدم النظر إليها وإهانتاتة المتعمدة دائماً لإنوثتها التي تراها هي هائلة 


بدأ يُحدثها وهو ينظر لتلك الأوراق ويُحرك قلمةِ فوق الكلمات المراد ذِكرها، وأخبرها عن إكتشافة لوجود ثغرات قانونية داخل المحضر الخاص بإثبات الواقعة، إندمجت معة وبدأ يتناقشان ويدرسان الملف بكل دقة واهتمام،  فجأة شعرت بصداع وتحدثت إلية وهي تُمسك بمقدمة رأسها بإرهاق : 

_ أنا هقوم أعمل لنا فنجانين قهوة علشان نعرف نركز 


هتف بنبرة حادة أرعبتها وجعلتها تنظر إلية بحدة وأستغراب :

_ مش هشرب حاجه،  إعملي لنفسك وياريت بسرعة علشان منضيعش وقت علي الفاضي  

تنفست بغضب وتحركت إلي المطبخ لصُنع القهوة وهي تحاول تهدئة حالها من حالة الغضب التي أصابتها من إسلوبةِ الحِاد   

__________

عند صفا 

تنهدت بإرتياب عِندما توقف السائق وأخبرها أنها وأخيراً وصلت لمقصَدها وتأكدت منه أنها وصلت للعنوان الصحيح المتواجد داخل الورقة، 

ترجلت من السيارة بعدما أعتطة ثمن رحلتها وشكرتة ، وصلت لمدخل البناية وأردفت متسائلة حارسها :

_  الأستاذ قاسم النُعماني موچود فوج في شجتة لو سمحت  ؟


أجابها بنبرة تأكيدية: 

_إيوة يا ست هانم، لساتة طالع من شوية هو ومّرتة 


إبتسمت ضاحكة وهتفت من جديد إلي الحارس التي فسرت حديثهُ علي أنة تشابهت علية الأسماء ليس إلا 


هزت رأسها يمينً ويساراً وتحدثت:

_ أني جصدي علي الأستاذ قاسم المحامي اللي ساكن في الدور الرابع. 


أجابها بنبرة تأكيدية بها بعض التملُل :

_  ما أني لساتني جايل لك إنة موچود يا ست،  لساتة طالع من ياچي نص ساعة هو ومّرتة الأستاذة إيناس اللي عتشتغل وياة محامية في المكتب بتاعة  .

   

قشعريرة باردة أصابت جسدها وكأنها تلقت موجة صقيع مُفاجاة أصابتها برعشة مُفاجأة،  وبرغم إرتباكها ونفضت جسدها إلا أنها كذبت هذا الرجُل وقررت عدم الجدال أمام ذلك الأبلة وتحركت إلي المصعد وأستقلتة وضغطت زر الصعود للأعلي، وهيأت حالها لرؤية حبيبها 


خرجت من المصعد وباتت تُعدل من وضع ثيابها وهيأتها،  أخذت نفسً عميقً وهي تحاول طرد حديث ذلك الأبلة التي تكادُ تُجزم من أنهُ غائب عن الوعي بسبب تعاطية لمادة مُخدرة أفقدتة توازنةُ وبات غير مُدركٍ لما يخرج من فاهه 


إبتسمت وإنتعش قلبها بسعادة ممزوجة بخجل وتوتر لرؤية وجة حبيبها، ضغطت زر الجرس وانتظرت، إنقباضة داهمت قلبها وهزتة بصدمة شديدة حين إستمعت لصوتٍ أنثوي يأتي من الداخل قائلاً  : 

_ إفتح الباب من فضلك يا قاسم. 


لكنها تراجعت سريعً عن توترها ومَنت حالها أن هذا هو العنوان الخطئ وهذا هو التفسير الوحيد للعبث الذي يحدُث معها الآن 


تراجعت للخلف عندما إستمعت لصوت إدارة مقود الباب، لتعطي لهُ مساحة وتعتذر منه علي الخطأ الغير مقصود وتُغادر علي الفور، ثم تُهاتف حبيبها ليرحمها من تلك التيهة التي أصابتها عن طريق الخطأ 


وبلحظة تسمرت مكانها وشعرت بدوارٍ شديد غزي رأسها وبأن عالمها ينهار تحت قدميها عندما رأت مُتيم روحها ومالكُ زمامِ أمرها وهو يقف امامها بكامل هيأتة ، مُرتدياً بنطالة وقميصةُ الذي يُشمرة إلي منتصف معصمة، وما أكمل عليها وذبح روحها هو نُطق تلك التي تقبع داخل مسكن زوجها وتُنادية بحبيبي  !!!!!


إنتهي الفلاش باااااك 

عودة للحاضر  


__________________

وصلت صفا إلي الفندق وأستقلت الباص الذي تحرك بجميع الأطباء الذين أتوا من محافظة سوهاج لحضور المؤتمر،  


جلست بجانب أمل التي سألتها بإرتياب عندما رأت تغير وجهها برغم إرتدائها لنظارتها الشمسية العريضة التي خبأت نصف وجهها: 

_  إنتِ كويسة يا صفا ؟ 


نظرت لها من خلف نظارتها وهزت رأسها نافية، وأنسابت دموعها كشلالات تچري فوق وجنتيها وكأن شُحنة قوة تحملها قد نفذت وحان وقت الإنهيار ،  سحبتها أمل لداخل أحضانها بعدما شعرت بوقوفها علي حافة الإنهيار، رمت حالها بإستسلام وبكت بشدة وانهيار 


أسرع قاسم إلي المطار وسأل عن موعد إقلاع الطائرة المُتجهة إلي سوهاج،  علم أنها ستتحرك في غضون الساعة،  ولحُسن حظةِ أنهُ وجد أماكن خالية بالطائرة، 

علي الفور قام بحجز تذكرة عودة بها وجلس داخل صالة الإنتظار حتي يراها،  جاء موعد الإقلاع وبدأ الجميع الصعود علي مّتن الطائرة دون ظهورها مما أصابهُ بالرُعب عليها ، أخرج هاتفهُ سريعً وهاتف ورد لتيقنهُ بعلمها بخط سير إبنتها  


تحدث بنبرة مُرتبكة خشيةً من أن تكون صفا قد قصت لها عن ما حدث: 

_ أني واجف في المطار والطيارة خلاص جربت تطلع وصفا مجاتش لحد دلوك 

وأكمل كطِفلٍ تائة ينظر بعيون زائغة تتلفت هُنا وهُناك باحثً عن مصدر أمانة:

_ معتردش علي تلفوناتي ومعارفش أوصل لها  


أجابتة بإستغراب : 

_ صفا ركبت الجطر من ياچي ساعة وأكتر 

واكملت بتساؤل مُرتبك:

_ هو إية اللي حُصل بيناتكم يا قاسم،  طمن جلبي علي بِتي يا ولدي الله يرضي عليك 


أجابها وهو يُهرول إلي سلم الطائرة ويصعدة بسرعة فائقة  بلحظاتة الأخيرة قبل رفعة عن الطائرة إستعداداً لإقلاعها في الهواء : 

_ متجلجيش يا مرت عمي،  أني وصفا بخير،


واكمل بنبرة صوت مُختنقة أصابت قلب ورد بالخوف الشديد مما هو قادم: 

_هي بس بتچلع علي چوزها لجل متِعرف غلاوتها عِندية ، بس هي متعرفش إنها أغلي الغوالي، والله العظيم أغلي الغوالي ومجامها عالي جوي چوة جلبي  

أنهت ورد مكالمتها معه ورمت حالها فوق المقعد بإهمال ونظرت أمامها بشرود تنتظر حضور زيدان من الخارج ليجاورها وهما ينتظرا الكارثة الكُبري التي دائماً ما كانت تشعر بقدومها بقلب الأم 


*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين 


وصل قاسم مطار سوهاج وبسرعة الرياح تحرك للجراچ المجاور للمطار والذي يضع داخلة سيارتة الخاصة وذلك ليستقلها إذا عاد يومً  مُتاخراً ولم يرد إزعاج من بالمنزل، إستقلها وذهب سريعً متجةً إلي محطة القطار 


ووقف ينتظر وينتظر بقلبٍ يأنُ ويصرخ ألمً علي حبيبة قلبةِ التي لم يدق قلبهُ بيومٍ لسواها  


داخل القطار، كانت تقبع فوق مقعدها المُريح التي هيأتة لها أمل واراحتة للخلف كي يكون مريحً لها ولا تشعر بمتاعب السفر لاجل جنينها الذي يسكن أحشائها ولا يعرف مصيرةُ مما يحدث 


تحرك ياسر إلي كافتيريا القطار وجلب لهما بعض الشطائر والمشروبات الغازية وتحدث بهدوء وهو يترقب ملامح وجة صفا الصامتة التي لا تُنذر بالخير أبدا : 

_جبت لكم سندوتشات معايا لما لقيتكم مش حابين تاكلوا في الكافيتريا 


بسط ذراعهُ إلي تلك الشاردة التي تنظر أمامها في اللاشئ وكأنها فقدت النُطق والحدس : 

_ خدي السندوتش يا صفا،  إنتِ مرتضيش تاكلي معانا وإحنا في الفندق وقولتي هتتغدي مع جوزك،  وأكيد مأكلتيش لأنك متأخرتيش عندة 


لم يتحرك لها سّاكن وكأنها لم تستمع إلية من الأساس 

تناولت أمل منه الشطيرة وأمسكت كتفها وتحدثت إليها بهدوء كي تحثها علي تناول الطعام :

_ لازم تاكلي أي حاجة يا صفا،  كدة خطر علي حياة الجنين 


إنتبهت علي كلماتها الأخيرة وكأنها تناست أمر صغيرها وسط زحمة مشاعرها التي إنتابتها جراء مصَابها الجَلل،  نظرت لأسفل بطنها ثم وضعت كف يدها فوق أحشائها ومازال الجمود يُسيطر علي ملامح وجهها،  وبرغم قلقها علي صغيرها إلا أنها رفضت تناول الطعام رفضً قاطعً مما جعل امل وياسر يستسلما لرغبتها 

  

قرب ياسر فمهُ بجانب آذن أمل وسألها بهمسٍ لم يصل إلي مسامع تلك الشاردة، عن ما جري لها وجعلها تبدوا هكذا كالأموات، أخبرتة أن لا علم لديها وأنها احترمت صمت صفا وعدم رغبتها في الإفصاح عن ما حدث معها أثناء زيارتها المفاجأة لزوجها 


مما جعل ياسر علي يقين بأنها ظبطتة مُتلبسً بوضعٍ مُخل مع إحداهُن، وهذا هو التفسير الوحيد لحالتها تلك  


فاقت علي إرتفاع صوت رنين هاتفها، إضطُرت للنظر بشاشتة لتيقُنها أنها والدتها التي تموتُ رُعبً عليها ولذلك تُهاتفها كل نصف ساعة تقريباً،  ابلغتها ورد ان قاسم قد وصل إلي محطة القطار وهو الآن بإنتظارها،  لم تُعلق علي حديث والدتها إلا بكلمات بسيطة جداً خشيةً هلع والدتها عليها وهي بعيدة عن محيط أنظارها 


بعد مرور بعض الوقت 

أخرجت هاتفها حينما تيقنت من إقتراب وصول القطار عند المحطة، طلبت رقم يزن الذي كان يجلس بالمحجر بصحبة العُمال وهم يتبادلون بينهم الاحاديث المُثمرة والضاحكة للتسلية  ،إبتعد عن العمال ورد عليها مُستغربً إتصالها بذلك الوقت المُتأخر من الليل:

_ كيفك يا صفا 


أجابتة بصوتٍ مهزوز ضعيف يإنُ ألمً  :

_ تعالّ خدني من المحطة يا يزن، إوعاك تتأخر عليا 


إرتعب داخلة وهتف سريعً بلهفة: 

_ خبر إية يا صفا،  مالك،  إية اللي حُصل؟ 


أجابتة بصوتٍ واهن وكأنها تحتضر  : 

_ تعالّ بسرعة يا يزن،  عاوزة أنزل المحطة ألاجيك مستنيني يا أخوي. 


أجابها مُطمأنً إياها وهو يستقل سيارتة الچب وينطلق بها بسرعة فائقة: 

_ مسافة السكة وهكون عنديكي ،  متخافيش. 


_____________


أما زيدان الذي دلف بسيارتة من البوابة الحديدية، وجد ورد تقف بالفيراندا الخاصة بمنزلهما وكأنها تنتظرة ويبدوا علي وجهها القلق وهي تفرك كفيها بتوتر شديد ، مما جعل الرُعب يدبُ بداخل أوصالة 


تحرك سريعً إليها بعدما صف سيارتة بعشوائية ،  قصت له ما حدث فتحدث هو بنبرة مُطمأنة لها برغم القلق الذي تملك منه : 

_ وإية اللي مخليكي جلجانة جوي إكدة،  مش قاسم جال لك إنها عتدچلع علية،  يعني بسيطة إن شآء الله 


أجابتة بإرتياب:

_ عتضحك علي حالك ولا عليا يا زيدان،  أني وإنتَ خابرين زين إن صفا مش من البنات اللي عتدچلع علي رچالتها إكدة ،  وحتي لو إتچلعت،  عتفوتة في مصر وتركب الجطر لحالها من غير متجولة إكدة  ؟  


وأكملت وهي تُشير بكف يدها بريبة:

_ لاااااا، أني جلبي عيجولي إن فيه حاچة كَبيرة جوي حُصلت لبِتي في مصر  


إرتعب زيدان من تلك التي تشعر دائماً بحال إبنتها ولا يخيبُ حَدسِها أبدا 


أخرج هاتفة وحدث صغيرته وأبلغها أنه سيذهب لإنتظارها وإصطحابها، رفصت وأخبرتة بصوتها الضعيف الذي أشعل نار زيدان، أنها قاربت علي وصولها إلي المحطة وأن لا داعي لذهابة إليها في وجود يزن 


______________


وصل يزن إلي محطة القطار وترجل من سيارتة وما أنّ رأهُ قاسم حتي إهتز داخلة وإشتعل ناراً،  تحرك يزن إلية وتسائل بإستغراب: 

_ قاسم؟

عتعمل إية إهنية، ووصلت ميتا من مصر؟ 


بادلهُ السؤال بأخر قائلاً: 

_ إية اللي چابك يا يزن؟ 


أجابهُ : 

_ صفا إتصلت بيا من شوي وجالت لي إنها علي وصول، وطلبت مني أستناها لجل ما أوصلها للسرايا 


هتف بإقتضاب : 

_ مفيش داعي لوچودك إهنية،  روح إنتَ وأني هچيبها وأچي 


أردف يزن برفض إستفز به قاسم :

_ معجدرش أروح إلا لما تاچي صفا وأطمن إنها بخير، وبعدها همشي طوالي وأفوتكم لحالكم 

ثم نظر لهُ بتمعُن وأردف بنبرة تشكيكية: 

_ هي إية اللحكاية بالظبط يا قاسم،  صفا تسافر لك الصبح وتجول إنها هتبات عنديك،  وبعدها تتصل بيا وتجولي إستناني في المحطة ،  وأچي ألاجيك واجف إهني مستنيها، مش غريب إشوي الموضوع دي ؟ 


صاح بضيق وغضب، فأخر شخصً كان يتمني رؤيتة بهذا التوقيت هو يزن : 

_ مليكش صالح إنتَ بالموضوع دي وروح يا يزن،  

واكمل بنبرة حادة: 

_واحد ومّرتة، عتحشر حالك بيناتنا لية  ؟ 


لم يكملا نقاشهما الحاد وتوقف كلاهما عندما توقف القطار وبدأ الرُكاب بالنزول منه،  جري عليها قاسم حين وجدها تترجل بضعف وتساندها أمل بكلتا يداها  ، تنفس براحة حين وجدها أمام عيناة سالمة، هرول إليها وكاد أن يقترب من وقوفها ليضمها لداخل أحضانة ويطمئن عليها بعد رُعبهِ الهائل الذي أصاب قلبهُ قلقً عليها، بعيداً عن خوفةِ من إفتضاح أمرة، حتي شاهدتة هي وتراجعت للخلف سريعً ووضعت كلتا يداها كسدٍ منيع وهتفت بنبرة تهديدية حادة  : 

_ إوعاك تجرب مني ولا تحاول تحُط يدك عليا  


رفع كلتا يداه لأعلي في حركة إستسلامية وتحدث مُهدءً إياها: 

_ خلاص إهدي،  مهجربش منيكي،  بس تعالي إركبي معاي العربية لجل ما أوصلك البيت ونطلع علي شُجتنا ونتكلموا 


صاحت به وهي ترمقةُ بنظرات كارهة مُشمئزة مما جعل يزن يقف مُزبهلاً مذهولاً مما يري: 

_ لساتك عم تجول شجتنا،  إحنا خلاص يا متر ،  معادش فية حاجة هتجمعني بيك تاني من إنهاردة 


إقترب منها يزن فأسرعت هي إلية وأمسكت ذراعة لتحتمي خلف ظهرة وتحدثت بعيون مُستعطفة ونبرة ضعيفة قطعت بها انياط قلوب المحيطين حزنً عليها : 

_ خدني من إهنية ووديني عِند أبوي يا يزن. 


جحظت عيناة حينما رأها تستنجد بغيرة لتحتمي منة، أشتعلت نار صدرة وجري عليها وجذبها بقوة وأمسك كف يدها بعناية وكأنة يخشي هروبها منه، وبدأ بسحبها خلفة إلي مكان السيارة تحت نظرات المحيطين بهم الذين يُشاهدون ما يحدث من حولهم بترقب وكأنهم يُتابعون فيلمً سينمائيّ  ،  جري يزن علية حين إستمع لصوت صفا وهي تستنجد به وتحاول فكاك يدها من قبضتة القوية بكل ما أوتيت من قوة، ولكن دون جدوي 


جذبها يزن من يدة بقوة وتحدث إلي أمل التي تشاهد ما يجري أمامها بقلبٍ مُرتجف وجسدٍ ينتفض : 

_ دخليها عرببتي بسرعة يا دَكتورة 


أسرعت عليها أمل وساعدتها في الصعود إلي السيارة وأحكمت غلقها عليها تحت دموع تلك التي تنظر علي قاسم ويزن وهما يقتتلان بعنف ويحاوطهما بعضً من البشر وياسر الذي تدخل لفض تشابكهما الذي وصل لضرب كلاهما للأخر بطريقة عنيفة


أفلت يزن حالةِ من بين يداة وجري علي سيارتة وأستقلها سريعً تحت صياح قاسم الذي يُكبل جسدة من قبل المتداخلين لفض الإشتباك،  صاح بهما بغضب وخلص جسدةِ المُكبل بغضب، وجري علي سيارتة وأستقلها وتحرك خلف يزن بجنون 


نظر ياسر إلي أمل وتحدث بإرتياب: 

_العيلة دي كل رجالتها مجانين رسمي 


تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة حزينة: 

_ من فضلك يا دكتور توقف لي عربية علشان توصلني السكن،  وياريت لو كلمت يزن وطمنك علي دكتورة صفا تبقي تتصل بيا وتطمني 


أماء لها بموافقة وتحركا سويا  


نظر يزن إلي صفا وسألها مُستغربً: 

_ إية اللي حُصل يا صفا ووصل قاسم لحالة الچنان اللي هو فيها دي؟ 


أجابتة بنبرة واهنة ودموع غزيرة شقت بها صدر يزن: 

_ وِلد عمك دبحني يا يزن،  المحامي اللكبير طلع مستغفلني ومتچوز عليا وجاعد ويا عروستة يجضي شهر العسل في مصر 


قور يدة ودق بها مقود السيارة بعنف وتحدث من بين اسنانة وهو يسبةُ بغضب: 

_عِملتها يا قاسم ال....،  خُنت ثجت چدك وعمك فيك برغم إني حذرتك  


توقفت عن البكاء ودققت النظر للجالس بجانبها وسألتة: 

_ معناتة إية الكلام اللي عتجولة دي يا يزن؟ 

كُنت عارف بموضوع چوازة إياك؟ 


زفر بضيق وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتابع القيادة بسرعة وحذر ليتفادي ذلك المجنون الذي يقود سيارتة بطريقة جنونية ويتتبعةُ: 

_ اللحكاية ليها أصل يا صفا،  موضوع عشجة لزميلتة دي من زمان جوي،  من ياچي تمن سنين وأكتر 


كانت تستمع إلية بذهول،ذُبحت كلماتهِ القاسية قلبها العاشق، شعرت بتداخل أصوات عالية وغريبة وأحداث كثيرة تداخلت وتراكمت فوق بعضها وأحدثت فوضي بعقلها ، باتت الذكريات والمواقف تغزو عقلها وبدأت بتذكر ليلة تخرجها وما قالهُ لها من حديثٍ مميت لكرامتها وآنوثتها، 


تيهه وذهول وكأنها داخل دوامة تسحبها داخلها وتمنعها من التركيز،  باتت تُفرق نظراتها علي من يجلس بجوارها وهو يقص عليها كل ما يعرف عن قصة غرام قاسم بصديقة دراستة وعملة والمكالمات الهاتفية التي كان يستمع إليها بالصدفة،


حتي مكالمتة ليلة الحِنة ذكرها لها، حولت بصرها للذي يُنادي علي إسمها بصراخ وهيأة جنونية وهو يحث يزن علي التوقف الفوري ويترجاها بعيناة الصارخة ،، شعرت بصداع شديد من شدة تداخل الأحداث ببعضها ومن عدم قدرت عقلها علي إستيعاب كل تلك المعلومات التي أصابتة بالجنون، ضمت رأسها وأحتوتها بكفيها وهي تضغط بهما فوقها وتهز رأسها يمينً ويساراً بعدم تصديق لكل ما يجري من حولِها 


ما شعرت بحالها إلا عندما توقفت السيارة عن الحركة فجأة وهي تُحدث صوتً عالياً نتيجة إحتكاك إطارات السيارة بالأسفلت ، نظرت حولها بتيهة وجدت والداها ينتظراها بترقب والقلق يظهر فوق ملامحهما،  وما أن إنتوت النزول حتي وجدت سيارة قاسم هو الاخر قد توقفت بنفس تلك الطريقة وكأنة مشهداً مُكرر أمام عيناها 


نزل يزن من سيارته وأيضاً قاسم الذي جري علي صفا وتحدث برجاء،: 

_ بلاش تضيعي كل اللي بيناتنا في لحظة غضب يا حبيبتي،  تعالي نطلع فوج في شُجتنا وأني عجولك علي كل حاچة


بكت بدموعها الغزيرة وتحدثت وهي تُميل راسها بضعف:

_ مبجاش لية لزوم حديتك  


وأكملت وهي تهز رأسها بضياع ومرارة:

_ معرفت كُل حاچة خلاص، عرفت إني أكبر مغفلة لما صدجت واحد الخيانة بتچري في دمة كيفك يا حضرة المحامي، عِرفت إني كنت مچرد تسلية عتتسلي بيها في وجت فراغك وإنت جاعد بعيد عن حبيبتك 


أمسكها من يدها فنفضت يده وصاحت بصراخ خرج علي أثرة جميع من بالمنزل بأكملة: 

_بعد يدك عني يا خاين ناسك 


جري عليها زيدان وتحدث بنبرة غاضبة: 

_ عتجولي إية يا صفا؟ 


نظر لها قاسم يهز رأسه بتوسل ويترجاها بنظراتة أن لا تفصح عن ما حدث كي لا تخلق فجوة كبيرة بينةُ وبين عمة 


ضربت بتوسلاتة عرض الحائط وحولت بصرها وهتفت بألم شرخ صدر زيدان لنصفين وتحدثت: 

_ عجول اللي عرفتة وشفتة بعنيا يا أبوي،  إبن أخوك المحترم طلع متچوز عليا بجالة شهر 


إتسعت عيناي زيدان بذهول حين دبت ورد علي صدرها بصرخة مؤلمة دوت بأرجاء المكان  ،  أما فايقة التي كانت تنظر من شرفتها بالطابق العلوي بعدما خرجت سريعً علي صياح صفا واستمعت بإعترافِها، فنزل الخبر عليها كالصاعقة الكهربائية وأرتعب جسدها لعدة أسباب،  أهمهما هو غضب عتمان علي ولدها وطرده وحرمانة من جنة النُعماني وأموال العائلة، ويليهِ طلاق قاسم لإيناس الذي أصبح مؤكداً وهو لم يلمسها إلي الآن، وبالتالي لم تستطع تحقيق إنتقامها الأسود بالشكل الذي يليق بإهانة زيدان لها  


وليلي التي تقف أيضاً بشرفتها وهي تُربع ساعديها وتضعهما فوق صدرها وتنظر إلي إنهيار صفا التي ترتمي داخل أحضان زيدان بجسدٍ هزيل ينتفض من شدة بكائها المتواصل،إبتسمت بشماتة وهي تهز ساقيها بسعادة وروحها تُحلق حول السماء، وكأنها تتراقص علي صوت شهقات صفا التي تصل لأذنها كسيمفونية رائعة قام بعزفها أعظم الموسيقيين 


ومريم التي خرجت أيضاً بشرفتها وقلبها ينزف دمً علي إبنة عمها الخلوق التي لم تستحق ما فعلةُ بها مَن عشقتة حتي أتي العشق مُنتهاة، يجاورها ذلك المُتألم لأجل إبنة عمة وشقيقة الواقف كالمدبوح 


وقدري الذي لا يعلم كيف نزل الدرج وأصبح بجوار نجلة كي يُساندة في مصيبتة تلك 


توقف الجميع عن الحديث عندما إستمعوا لصوت الجد الغاضب الذي صاح من نافذة حُجرتة وتحدث بنبرة صارمة: 

_ معايزش أسمع لحد فيكم صوت، 


وهتف بحدة:

_ زيدان، هات بتك وتعالي علي المندرة. 


ورمق قاسم بخيبة أمل وتحدت بحدة وغضب: 

_ وإنتَ كمان تعالي يا وِلد قدري 


تنفس بيأس عندما ناداهُ جده بإبن قدري، فهذا اللقب ينادية به عندما يخيب أملة به 


*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين 


داخل حُجرة الإجتماعات الخاصة بالعائلة

كان جميع من يهمهُم الآمر يقفون متأهبون لمناقشة تلك المصيبة الكبري التي حلت علي رؤوس الجميع بلا إستثناء، 

عِثمان، رسمية، زيدان، ورد، قاسم، صفا، قدري، فايقة، وفقط لا غير، حيث أخرج الجد باقي الحضور لتكون الجلسة لمن يمسهُ الأمر وفقط 


كانت تجاور والدها الوقوف وهو يحتويها بذراعية ويلفهما حولها برعاية ليُطمأن روحها المهترئة 


أما هو فكان يقف بمنتصف الغرفة كالمتهم الذي ينتظر النُطق بإصدار الحُكم علية، مّصوبً عيناه أمامةُ في نقطة مُعينة بالجدار وذلك لعدم قدرتة النظر بكّم العيون المصوبة إلية وكّمٍ هائل من الأسئلة تدورُ بأذهانهم وتظهر بأعيُن الجميع ، وأهمها لما ؟

كّم كان يشعُر بخزيٍ وعار لموقفةِ الذي وضع به أسفً 


دقق عِتمان النظر إليه وتحدث قائلاً بنبرة بائسة، نادمة، لائمة  :

_ تِعرف إية هي غلطتي الوحيدة وياك ؟

غلطتي إني إديتك الأمان ومتوجعتش إن الطعنة هتاچيني منيك، أمِنت لك وأمّنتَك علي چوهرتي وچوهرة أبوها الغالية، بس نسيت إنك وِلد قدري،


واسترسل بفحيح وإهانة:

_ نسيت إن الغدر والخيانة عَيچروا چوات دمك كيف الماية مبتچري جوات المِچريّ 


وأكمل بإهانة:

_ طلعت وِلد أبوك صُح يا قاسم 

وأكمل وهو ينظر إلي قدري بإشمئزاز :

_  وراثة أصلها 


ثم دقق النظر إلي قدري وبحديث ذات معني ومغزي تفوهَ قائلاً :

_  بس أبوك غدر باللي يستاهل 


إبتلع قدري لُعابهُ رُعبً ونظرت فايقة إلي زوجها مُضيقة العينان غير مُستوعبة ما يقصدهُ عِثمان، نفضت رأسها من تلك الأفكار التي طرأت علي مُخيلتها جراء نظرات وحديث عِثمان، فهي الآن ليست بحاجة إلي ما يُزيذ من تشوش عقلها أكثر   


أعاد عِتمان ببصرهِ من جديد إلي قاسم الواقف مُتخشبً بصمود وملامح وجهِ مُبهمة واسترسل حديثهُ  :

_  لكن إنتَ تخون بِت أبوها الزينة ليه  ؟ 

وصاح بأعلي صوتة، غاضبً وهو يدق بعصاه الأرض بحده أرعبت الجميع  :

_  تخوني وتخون ثجت عمك فيك ليه  ،،  ليه يا ولد قدري ليه؟ 


وهُنا قرر الخروج عن صمتهِ بعدما أستفزةُ عِثمان بنبرتةِ المُرتفعة وحديثهُ المُهين، وسألةُ بصوتٍ جهوري غاضب وكأنة كان ينتظر لحظة الإنفجار وها هي قد حانت  :

  _ صُح معارفش أني ليه عِملت إكدة يا چدي  ؟ 


وأكمل بنبرة غاضبة كي يكشف له حقيقتة المُرة ويُرية حقيقتةُ العارية أمام عيناة، وكيف فعل بأحفادة عندما قام بإجبارهم، تحدث مُتناسيً تلك التي تقف بكيانٍ مُدمر :

_ عِملت إكدة لجل ما أكون أخدت جرار واحد لحالي، حبيت أعيش شعور إني راچل وليا رأي وكِلمة  ،  حبيت أحس إني إنسان وليا كياني ومن حجي الإختيار  ، حبيت أخرچ مرة واحده من تحت عبايتك وچلبيتك اللي مغمي بيها عنينا طول الوجت وساحبنا وراك كيف المواشي  ،  كان نفسي أچرب شعور الإختيار وإن مش كل حاچة بالإجبار


وإنتَ عشت عُمرك كِلياته مِتساج ومليكش كلمة ولا رأي وكنت راضي، ويوم ماتجرر تُبجا راچل وليك رأي وجيمة  ،  يكون أول جرار ليك هو دبحي وخيانتك وغدرك بيا   ؟  جملة تفوهت بها صفا بنبرة ساخطة


تحرك إليها قدري ووقف قبالتها وتحدث بحدة: 

_المّرة اللي عتكلم چوزها وتهينة إكدة جِدام الرچالة، تُبجا مّرة ناجصة رباية ومحتاچة اللي يعيد تربيتها من چديد يا عادمة الأدب والرباية  


و قام برفع كف يده لأعلي ليقوم بصفعها،  سبقهُ قاسم الذي جذبها وادخلها بداخل أحضانه ولف أحد ذراعية حول ظهرها والأخر حَمي به رأسها التي دفنها داخل صدرهِ بعناية وخوفٍ شديد  

وألتف بجسدهِ ليقابل هو والده مخبئً صفا بين أحضانه وتحدث قاسم إلي والده بعيون تشع غضبً: 

_ أبوووي، بعد يدك وبلاش تحط حالك جِدام طوفان غضبي ،   لأني مهسمحش لمخلوج يمس شعرة واحدة من مّرتي طول ما أني عايش علي وش الأرض. 


جري عليه زيدان الذي جذب تلك التائهة المُتخبطة من بين أحضانة وأدخلها بصدره محتوياً إياها هاتفً بصياح: 

_ مّرتك مين يا واد اللي عتتكلم عليها دي،  إنتِ فِكرك إني عخليك حتي تشم ريحتها بعد اللي عِملتة فيها يا بايع ناسك 


شعر بجملة عَمة وهي تشطر صدرهُ لنصفين  ،،  أحال بصرهِ سريعً علي تلك الباكية، وجَدها تنظر إلية بذهول والمرارة والألم يُسيطران علي قلبِها النازف، حينها شعر بكّم الآذي النفسي الذي تلقتة حبيبتة علي يدة عِندما تحدث بوضوح كي يُظهر لعتمان حقيقتة البشعة، ونسي تلك الواقفة التي إستمعت لإعترافاتةُ المُميتة لشخصها ولقلبها العاشق   


حين تحدث الجد إلي قدري بصياح وصدرٍ يعلو ويهبط بغضبٍ عارم: 

_ كَنك إتچنيت يا عديم المروئة  ، بجا عاوز تمد يدك علي بِت أخوك في وجودي ووچود أبوها يا عويل 


وأكمل بإهانة لرجولتة: 

_طب ولما أنتَ راچل إكدة وبتعرف تربي، مش كان من الأوليّ إنك تربي مّرتك وبتك، علي الاجَل مكنوش كسروا رجبتك وخلوك مّسخرة جدام الكِل يا دلدول المّرة  

  

أنزل قدري بصرةِ للأسفل خجلاً من نظرات الجميع المُشمإزة منه 


حين نظر زيدان إلي قاسم بعيون لائمة لنجلهِ الذي لم يُنجبة مثلما دائماً يُلقبةُ : 

_ جِبلت بالكَسرة كِيف علي بِتي يا وِلد أخوي؟

  هي دي أمانتي اللي وصيتك عليها وهو دي وعدك ليا؟ 

وأكمل بعيون شبة باكية هزت كيان قاسم بالكامل:

_ مش جولت لي إنك معتكسرهاش ولا عتزعِلها في يوم  ؟ 


وأكمل وهو ينظر داخل عيناة ويسألة بحدة:

_  ده أنتَ وعدتني يا واد، خونت عهدك ودوست علي كلامي وكرامة بِتي بچزمتك لية  ؟ 

وأكمل وهو يُشير إلية بكف يده:

_ طب كِيف جِبلتها علي حالك تطلع عيل إصغير ومنتاش جد كِلمتك اللي إدتها لي ؟ 


كان يستمع لكلمات عمة وكأنها سِياطٍ حَاد تنزل علي جسدهِ بقوة وبدون رحمة وتجلدةُ حتي النزف وتُمزق كل إنشٍ به، كمّ شعر بضألتة وخستة بتلك اللحظة، حتي أنةُ تمني في تلك اللحظة أن تنشق الأرض لنصفين وتبتلعةُ ويُصبحَ نسياً منسيا 


إبتلع سائل لُعابةِ وأجاب عمة مُبرراً بصوتٍ ضعيف مُنكسر ونظرة عين خَجلة: 

_علي عيني كسر وعدي ليك والله يا عمي،  كُل اللي حُصل كان غصب عني واتغصبت علية 


وكَاد ان يُكمل لولا صوت تلك الغاضبة التي رمقتة بإشمئزاز وصاحت بقوة وصراخ: 

_ كذااااب،  كذاب ومليكش كِلمة ولا عهد يا قاسم 


حول بصرة إليها سريعً ونظر لها بعينان مُتسعتان فأكملت هي بنبرة عالية وعيون غاضبة كارهة : 

_كذاب والكذب بيچري چوة دمك كيفة كيف الخيانة، مّرتك اللي إتچوزتها دي كانت زَمِيلتك في الچامعة، وبعدها خدتها وشغِلتها ويّاك في المكتب لجل متكون جَريبة منيِك 


إتسعت عيناه بذهول ودب الرُعب بأوصالة، ودار سؤالاً ببالهِ، من أين لها بكُل هذة المعلومات ! 


طرحت علية سؤالاً وهي ترمقةُ بعيون مُتسعة من شدة غضبها: 

_  تنكر إنها حُب عُمرك وبجالك تمن سنين بتكلمها في التَلفون وتحب فيها  ؟ 


نظر لها بإستعطاف وأمال برأسهِ لليمن يترجاها بأن ترحم قلبةُ من نظراتها القاتلة لروحة،  وبأن تصمُت لحين صعودها معهُ لمسكنهما الخاص،وحينها سيأخذها بداخل أحضانة ويُطيب جراحها أولاً، ثم يشرح لها كُل ما حدث معه مُنذُ البداية وحتي اليوم ، 

مسكين أيها القاسم، فيبدوا أنكَ وإلي الآن لم تتعرف جيداً علي الوجة الحقيقي لإبنة أبيها العزيزةً 


كانت تُبادلةُ نظراتها بكارهة وبلحظة تحولت إلي مُنكسرة، خانتها دموع الحَسرة والألم وأردفت قائلة بنبرة نادمة جالدة لذاتِها : 

_ بس إنتَ مش غلطان، أني اللي رخصت حالي لما جِبلت أتچوزك بعد ما چيت لي جبل فرحنا بأسبوعين وطلبت مني أروح لچدي وأجولة إني معيزاش الچوازة دي 


وأكملت: 

_كان لازم أعرف إن فية في حياتك واحدة تانية لما دبحتني وجولت لي إن مش إنتَ الراچل اللي هتجبل إن غيرك يختار لك المّرة اللي عتنام في حُضنك 


إتسعت عيناي ورد ووضعت كف يدها تكتم بهِ شهقتها من ذهولها الذي أصابها من ما أستمعت إلية 


أما زيدان الذي إستشاط غضبً وأشتعل داخلة من كّم الإهانات التي تعرضت إليها صغيرتة وخبأتة بداخلها وتحملتها لحالها كي لا تُحزن أبويها 


صاح بنبرة غاضبة وهو يسألها بنبرة حادة: 

_ كيف سكَتي ورضيتي بالمزلة دي يا صفا،  ميتا ربيتك علي علي الرضوخ والمزلة أني  ؟ 


حولت بصرها إلي جدها ووجهت إلية نظرات لائمة لتحميلةُ ذنب كل ما حدث لها وتحدثت بدموع وضعف : 

_ إسأل چدي مين اللي خلاني أرضخ وأحط كرامتي وجِيمتي تحت رچلين حفيدة اللكبير،  وكُل دي لجل ما يضمن وچودة چارة، 


وأكملت بدموع مؤلمة ونبرة مُنكسرة شقت بها قلب عِثمان وأدمتة:

_ مش أني وجتها إترچيتك وجولت لك بلاش ترخصني جوي إكدة يا چدي؟  

ورفعت يداها وكتفيها بإستسلام وأكملت بدموعها: 

_ شفت وصلتني لفين،  سلمتني بيدك للي دبحني وداس علي جلبي وكرامتي بأوسخ چزمة عِندية 


شهقة عالية خرجت من رسمية نتيجة دموعها الأبية نادرة الهبوط والتي زرفتها حُزن علي صغيرة ولدها الغالي الذي يقف بقلبٍ بأنُ ألمً لأجل صغيرته


أما عِثمان فأنزل ببصرةِ لأسفل قدمية خزيً وألمً علي ما أوصل به تلك الأبية 


نظر زيدان وهتف بأعلي صوتةِ إلي قاسم أمراً غير مبالياً بالجميع : 

_ طلجها يا واد،  إرمي عليها اليمين. 


إنتفض قلبهُ رُعبً ونظر لها بعيون مُرتعبه وتحدث بقوة وإستماتة: 

_ مفيش جوة علي وجة الأرض تجبرني إني أطلج مّرتي،


ونظر لداخل عيناها الباكية وتحدث بقوة: 

_ صفا مرتي ومهيبعدنيش عنيها غير الموت 


صاح زيدان بكل صوتهِ قائلاً بنبرة غاضبة وكأنةُ تحول إلي غول  : 

_يُبجا عطلجها ورچلك فوج رجبتك، 

وأكمل مُهدداً: 

_يا أما موتك هيُبجا علي يدي لجل ما أخلص بِتي منيك يا خاين العهد 


إنتفض قدري رُعبً من هيأة زيدان الجديدة علي الجميع، وفايقة التي كانت تقف كالفرخ المبلول من شدة غضب عتمان وزيدان أيضاً 


وهُنا تحدثت ورد التي صاحت بدموع رافضة حديث زيدان قائلة بنبرة مُتألمة : 

_ معادش ينفع يا زيدان،  بتك معينفعش تطلج 


حول بصرهِ إليها سريعً وتسائل بذهول قائلاً  : 

_ إنتِ اللي عتجولي إكدة يا ورد؟ 


نظرت إلية وهتفت بدموع مريرة : 

_ بِتك حِبلة يا زيدان  . 


إتسعت عيناه من شدة ذهولة، وتسارعت دقات قلبة بوتيرة عالية،  كاد قلبهُ أن يقفز من بين أضلعه ويُسرع إليها ليحتضنها ويُطبطب علي قلبها الجريح، ويضع يدهُ علي أحشائها ليُطمئن صغيرة من حالة الهلع التي أصابتة بالتأكيد 


جحظت عيناي فايقة التي قامت بأطلاق الزغاريد وكأنها وجدت كَنزاً سمينً ، 

نهرتها رسمية التي هتفت بقوة أخرستها وجعلتها تنكمش علي حالها :

_ إكتمي نفسك يا مّرة يا سَو لأكتمهولك أني 


فرقت نظراتها إلي الجميع بتيهة، وفجأة شعرت بغيمة سوداء تُقدم عليها وتبتلعها داخلها، فأستسلمت لها وماشعرت بحالها إلا وجسدها يتهاوي وكاد أن يسقط أرضً معلناً عن إستسلامة وعدم قدرتة علي التحمل بَعد، جري عليها سريعً وتلقي جسدها بين ساعدية قبل إرتطامة بالأرض  


حين صرخت ورد بإسم إبنتها التي حملها قاسم بين يدية كجثة هامدة  


         الفصل الثاني والثلاثون من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات