رواية وبالحب اهتديت الفصل الثاني 2 بقلم سلمى خالد


 رواية وبالحب اهتديت
الفصل الثاني 2
بقلم سلمى خالد


»هُدايا وهُداكِ وبينهما العشق»

(حَشِيشْ )

نقع ضحايا لأُناسٍ يتلذذون بصُنع جروحٍ داخلك ثم يتركونا نسير بدرب الحياة حاملين تلك الجروح، وعندما نقابل الأسوياء نطعنهم بما طُعِنا به انتقامٍ لجرحنا غير مدركين ما فعلناه، فلا الظالم يرى أنه ظالمًا ويرى القاسي أنه ضحية، فننظر للأمور بشكلٍ كُلي والحيرة تقع بداخلنا..

من هو الظالم ومن هم الضحايا!

تقدم بخطواتٍ رعبتها، تنطلق من حدقتيه شرارات غضبًا جامح، ولكن لم تتحكم هي برعبها لتصرخ برعبٍ وهي تركض فوق الفراش بحذائها، صرخ جبران تتسع حدقتيه بصدمةٍ ما أن تلوث فراشه وطبع شكل حذاؤها على الفراش:

_بت اقفي.. أقفـــــــــــي.

كادت يقين أن تصعد فوق الأريكة لتقف فوقها ولكنها تعثرت على الأرض بقوةٍ ما أن ارتفع صوته أكثر، زفر جبران براحةٍ ما أن حُفظت الأريكة من تلوثها، ولكن نهضت يقين مجددًا تأن بألمٍ وهي تضع يدها على جبينها بعدما جُرح جرحًا بسيط تهتف بألمٍ:

_ آآآه تور بيجري ورايا.

اتسعت عين جبران مجددًا بصدمةٍ، وردد وهو يتقدم نحوها بغيظٍ:

_ أنا تور يا..

رأها ستصعد فوق الأريكة مجددًا، ليسرع متراجعًا بخطواته متمتمًا:

_ أنا رجعت اهوه متطلعيش على الكنبة.

نظرت يقين خلفها لتجده تراجع بالفعل، بينما دلفت شقيقتها وعامر إلى الغرفة، ليتمتم عامر بلهجة صعيدية:

_ يا داهية دوجي (دوقي).. مين اللي دخل هنا!

نظر جبران إلى شقيقه بحدةٍ جعلته يتراجع إلى الخلف، ليتمتم بصوتٍ جهوري وقد فقد أخر ذرة من الصبر:

_ خدها واطلعوا بـــــــــــرة مش عايز اشوف خلقت حد فيكم تاني.

ركضت يقين تعبر فوق الفراش مجددًا، لتتحول عينيه إلى جمرتين من نار، يصرخ بأعلى صوته حتى وصل لمسمع جده:

_ اطلعــــــــــــوا بــــــــــــرة.

ركضت فاطمة برعبٍ إلى خارج الغرفة وتابعتها يقين التي ارتجف جسدها من صوته العالي، في حين أغلق عامر الباب سريعًا قبل ان يتحول إلى وحشًا أو الرجل الأخضر كما يراه.

**********

ركضت ناهد من غرفتها بعدما تأكدت من وضع السماعات بأذن ملك، ثم ذهبت إلى غرفة التي صدر منها الصوت فما كان سوى جبران الذي جلس على الأريكة، ينظر للغرفة بعصبيةٍ واضحة، لتهتف ناهد بحيرة:

_ مالك يا جبران بتزعق ليه؟!

اجابها بعصبيةٍ ظاهرة:

_ بنتك جت ودخلت اوضتي بهدلتها بالمنظر دا.. دا أول ليلة ليها وعملت القرف دا!

شعرت ناهد بالحرج من جبران، ايقنت أن من فعلت ذلك ستكون يقين فمن سواها عشوائي، هي عكس فاطمة تمامًا، رددت باعتذار:

_ حقك عليا يا بني مقصدش اللي هي عملته وآخر مرة هتقف قصادك.

غادرت ناهد الغرفة ولكن تلونت ملامحها بضيقٍ، ثم كادت أن تتحرك ولكن اوقفها والدها متمتمًا بتعجبٍ:

_ هو جبران زعق ليه؟!

نظرت له ناهد بعصبيةٍ تحاول السيطرة عليها، تردد بنبرة جادة:

_ بابا تعرف فين اوضة يقين؟!

حرك رأسه وتعجب من طريقة ناهد ولكنه تأكد أن للقتيات يد بهذا الموضوع، واتجه نحو الغرفة ليجدها فارغة، لتسأله مجددًا عن مكان غرفة فاطمة فأشار لها بأن يذهب معها.

*********

( أنتِ اللي عملتي كده في اوضة جبران؟!)

قالها عامر بفضولٍ شديد، لتومأ يقين برأسها تحاول كبح دموعها من السقوط، تردد بصوتٍ مبحوح:

_ مكنتش أعرف أن دي اوضته وعشان كده اتعاملت بتلقائية.

صفق عامر بيده، يطلع صفيرًا من فمه، يهتف بإعجاب:

_ اتصدقي وتؤمني بالله أنت أرجل من عم شوقي البواب.

ألقت الوسادة الخاصة بالفراش فاطمة على وجهه، تتمتم بغيظٍ:

_ احترم نفسك ياض أنت.. ثم أنت اسمك ايه اساسًا!

نهض عامر يركض سريعًا قبل أن تلامسه الوسادة، ثم استدار لها يجيبها بفخرٍ:

_ أنا اسمى عامر خليل جبران.

علّت سخرية على وجهها تردد بنزق:

_ ايوة يعني صفتك ايه في المجتمع!

تضايق عامر من طريقتها، ولكنه أجاب بفخرٍ وكأنه يمثل رئيس الجمهورية:

_ أنا لسه طالب في المدرسة بس بإذن الله هدخل طب وابقى أشهر دكتور في مصر.

ابعدت يقين نظرها عنه بسخطٍ ليظهر الضيق على ملامح عامر يشعر بالاختناق من طريقتها، بينما نظرت لشقيقتها فاطمة التي تعاتبها بعينيها، ولكنها لم تفهم لتبدأ فاطمة بالحديث بعد صمتٍ:

_ أنا آسفة يا عامر بالنيابة عن أختي.. هي متقصدش بس موقف اخوك خلاها بترد بطريقة وقحة كده.

اتسعت عين يقين وشعرت بحرجٍ، في حين ردد عامر ببسمةٍ يعتريها المرح:

_ وقحة بس مشوفتيش أنتِ غفران بقى.. قريب هيبقى صاحب أكبر بيدج في الرد وهيكون اسمه الجحوش في مصر.

ضحكت فاطمة على طريقتها ولكن أدمعت عينيها بألمٍ اخفته سريعًا قبل أن يراه أحدهما، في حين ضحكت يقين بحرجٍ وهي تتذكر طريقتها الفظة مع عامر لتردد وهي تحك رأسها:

_ أنا مقصدش طريقتي دي.. هو أنا دبش حبتين بس مقصدكش خالص.

نظر لها عامر قليلًا ثم ضيق حدقتيه يردد بجدية غريبة:

_عايزني أقبل الاعتذار هنعمل حاجة سوا.

نظرت له بتعجبٍ تتسأل بحيرة:

_ هو بعيدًا عن اقبل ومقبلش دي يا شبر ونص بس قول نروح فين!

اتسعت ابتسامته يحاول رسم الخبث بوجهه، يفرك كفيه بحماسٍ قائلًا:

_ خلينا بكرة بليل.

تعجبت كلًا من فاطمة ويقين من طريقته، ولكنها عادت تردد بتذكر:

_ هو صحيح اخوك اسمه جبران خليل جبران؟

اومأ عامر بتأكيد لتضحك يقين بقوةٍ تتمتم من بين ضحكها:

_بقى التور الهايج دا اسمه على اسم العظمة جبران خليل جبران.

ضحك عامر على حديثها ليضيف بعفوية:

_ما هو معقد من الاسم دا عشان كده بيقولوا جبران الوحش بس مكدبش عليكي اسمه لوحده بيخوف العنتيل اللي في القرية وبيكون وحش فعلا لو حد قرب من حاجته أو دخل اوضته وقتها بنقول عليه يا رحمان يا رحيم.

اتسعت عين يقين بخوفٍ، تتذكر ما فعلته بغرفته، لتفهم لِمَ اخبرها عامر أنها بمائة رجل، نهض عامر يتحرك بتجاه الباب مرددًا:

_ هروح بقى اجهز العِدة.

نست يقين خوفها وتعجبت من حديث عامر عن أي عِدة يتحدث، في حين ضحكت فاطمة بخفوتٍ له، فتح عامر الباب، ولكنه فزع بقوةٍ وهو يرى ناهد وجده جبران أمام الباب، سقط على الأرض يتراجع بذعرٍ وهو يرى ملامح ناهد الغاضبة، في حين تقدم جبران إلى داخل الغرفة يتسأل وهو متطلع للفتاتان:

_ حصل إيه؟ وجبران زعق ليه؟

نهض عامر من الأرض بعدما رمقه جده بنظرةٍ ساخرة، يخفي حرجه، في حين حكت فاطمة ما حدث بتفاصيل، لتنفعل ناهد قائلة:

_ هو أنتِ مفيش منك نفع ابدًا.. لسه غبية زي ما أنتِ.. ايه محتاجة حد ياخدك من ايدك عشان الهانم تعرف تتحرك..

تألمت يقين من حديث والدتها، لتنهض من الفراش قائلة بعصبية لتخفي دموعها:

_ أنا مش غبية ولا عايزة حد ياخدني من ايدي عشان اتحرك.. بس مفهاش حاجة لما يقولي تاني.. وبطلي كل شوية تقوليلي غبية.

صفعتها ناهد على وجنتيها بقوةٍ، لتضع يقين يدها على وجنتها من أثر صفعتها التي أثارت الصمت بين الجميع، هل صفعتها والدتها حقًا! ولِمَ كل هذا! لأجل من؟ قاطع الصمت صوت عامر يهتف بصدمة ينكمش بعيدًا عنهم:

_ يا داهية دوقي.

زاد انكمش عامر أكثر عندما رمقته ناهد بنظرةٍ شرسة، ثم عادت تتحدث وهي تحدق بعيني ابنتها المصدومتان، تتمتم بانفعالٍ:

_ طلعتي غبية ومش متربية كمان.. ياخيبتك في عيالك يا ناهد.

تركتهم وغادرت الغرفة، في حين اغرورقت الدموع بعين يقين لا تزال الصدمة عالقة بحدقتيها، ليعاتبها جبران بحزنٍ:

_ مكنش ينفع تعلي صوتك على امك يا يقين.

سقطت تلك الدمعة ولكنها كانت تحرق وجنتيها بالسير، تنظر نحو جدها متمتمة بنبرةٍ منكسرة:

_ ولا هي ينفع تضربني قدامكم.

حرك جبران رأسه برفضٍ لِمَا حدث، ثم غادر الغرفة، في حين جلست يقين على الفراش تبكي بقوةٍ تحتضنها فاطمة باحتواء، تهتف بشهقاتٍ تعلو:

_ هي ليه بتعمل كده علطول.. ليه!

تماسكت فاطمة قليلًا، بالرغم من حزنها إلا أن لديها قدرة قوية على التماسك أمامهم، لا تعلم سر تلك الطاقة فهي دائمًا الأسرع في البكاء، ما الذي تغير؟، ازدادت شهقات يقين وانتفاضتها، لتزيد فاطمة من احتوائها تاركة تفكيرها الذي انجرفت خلفه، في حين ادمعت عين عامر بقوةٍ يهمس بحزنٍ:

_ قطعتم قلبي.

**********

أخذ عامر يقين لغرفتها حتى تنام بها، ترفض النزول للأسفل وأن تظهر لوالدتها بعد فعلتها، في حين جلس عامر بالغرفة يشعر بحزنٍ على يقين وبرهبةٍ من ناهد فكان يرغب بالاعتذار منها على ما حدث ولكن بعد صفعها لابنتها أصبح يخشى الاقتراب منها، قام جبران بتبديل كل شيء بالغرفة وتعقيمها ولكن لم يرميها ككل مرة بل وضع أغراضه بكيسٍ واخفاها بخزانته بعيدًا، في حين اختفى غفران تلك الليلة ولم يظهر.

وقفت فاطمة بالشرفة، تضم ساعديها لصدرها تهبط دموعها بغزارة، تتذكر ما فعله غفران بعد حديثها له..

***

شهقة قوية خرجت من فمها بعدما رفع عكازه ووضعه على صدرها ليختنق مجرى انفاسها، يزيد من دفع العكاز لها، لتسعل فاطمة بقوةٍ ترفع يدها تزيح ذلك العكاز ولكنه كان يثبته بقوةٍ، هتف غفران بأعينٍ مظلمة.. مخيفة:

_ لو عايزة تشوفي هقدر اعمل ايه! اقفي في وشي تاني واتجرأي عليا ووقتها هعتبرها رسالة صريحة أنك انسانة سادية وبتحبي الاهانة والعذاب.

هبطت دمعة من عين فاطمة وهي تتألم ولكن لم يكن ألم جسدي فقط بل ومعه معنوي، مزق جزءًا بداخلها وجرح كرامتها، فأصبحت البغضاء داخلها قوية، أزاح غفران عكازه عنها لتبقى فاطمة ساكنة على الأرض، تحاول استعادت أنفاسها، ابتسم غفران بسخطٍ يردد وهو يتحرك لغرفته:

_ دا ميجيش نقطة في بحر من اللي هعمله فيكي!

***

عادت من شرودها على نسمة هواء تلامس وجهها بنعومةٍ، رفعت يدها تزيح تلك الدموع من عينيها ثم قررت أن تغفو ونسيان ما يحدث، تحدث ذاتها أنها لن تتقابل معه أبدًا.

***********

صباحًا..

اجتمع الجميع على طاولة الافطار يتناولون بهدوءٍ، وذلك بعدما امر جبران بهبوط الجميع بما فيهم غفران، كانت يقين تتحاشى النظر للجميع لا ترغب بنظر لهم، في حين لم ترفع فاطمة بصرها عن طبقها تنتظر أن يغادر غفران كي لا تراه مجددًا يكفي ما فعله بها.

لاحظ جبران طريقتهم وشعر بالاختناق منهم، ليهتف بجدية محاولًا نسيان ما يراه:

_ أنا هروح مع ناهد وملك وخليل عشان نتابع مع دكتور، اتمنى ميحصلش حاجة.

نظر له عامر يتمتم بحماسٍ:

_ وأنا يا جدي عشان خاطري.

رمقه جبران بنظر حادة متمتمًا:

_ اترزع في البيت ومسمعش صوتك.

عبست ملامح عامر، ليضع قطعة الخبر بفمه في غضب، بينما نهض الجد جبران ليغادر المنزل وهو يشعر بعد رضا، تحركت ناهد ومعها ملك وخلفهما خليل يغادران إلى وجهتهم، لينهض كلًا من غفران وجبران إلى غرافهم، في حين بقت السفرة فارغة إلا من ثلاث فاطمة.. ويقين.. وعامر.

نهضت فاطمة من مكانها تتحرك نحو الأعلى قائلة بتعبٍ مزيف:

_ أنا هطلع أنام عشان تعبانة.

انطلقت سريعًا تفر هاربة منه أمامهم، تعود لحالتها مجددًا للبكاء، في حين حمل عامر طبقًا ممتلئ بالطعام وصعد إلى غرفته، نظرت يقين للفراغ الموجود حولها بضيقٍ، ثم نهضت وما كادت أن تصعد حتى شعرت برغبتها في اشتمام رائحة البخور، سارت على أطراف اصابع قدمها، تدلف للمطبخ بهدوءٍ كي لا يراها أحد، تمسك بالطبق الخاص بالبخور، ثم ذهبت لإحدى الخزنات الموجودة تبحث بداخلها عن البخور وبالفعل فتحت بابٍ اخير بخفة، ولكنها التفت يمينًا ويسارًا كأنها لص سيسرق، ابتسمت بسعادة وهي ترى كبس البخور فأسرعت وأمسكت بكيس ولكن وجدت جواره قطعة صغيرة غريبة الشكل، أمسكت بها تنظر لها بتعجبٍ، ثم تذكرت هذا النوع من البخور الذي وجدته عند صديقتها فكان قريب الشكل مثل تلك القطعة، اتسعت ابتسامتها بسعادةٍ تردد ببهجة:

_ اوعى بقى يا جدو وأنت مدلعنا وجايب بخور من بلاد برة.

بدأت تشتمها فلم تجد رائحة البخور، ولكن اشمأزت تعبير وجهها، لتتمتم باشمئزاز:

_ ايه الريحة النتنة دي! يمكن لما احطها في النار ريحتها تتغير.

أغلقت باب الخزانة ولم تعلم أنها كانت تمسك بقطعة حشيش ممزوجة بنوع من المخدرات تذهب العقل، وانطلقت تشعل قطعة فحم صغيرة، ثم وضعتها بالطبق على تلك القطعة الغريبة والقليل من البخور وبدأ الدخان يتكاثف حتى ملأ المطبخ خرجت هي من المطبخ تستنشق منه دون قصد، ثم وضعت الطبق بردهة تخفيه وأغلقت الستائر والأبواب جيدًا كي يتكثف البخور، ولكن شعرت بدغدغة في قلبها وهي تستنشق رائحة البخور، تضحك بطريقة مُسكرة، لا تعلم ما بها، قررت أن تنطلق نحو غرفة الوحش كما تراه تردد بضحك:

_ يا وحش يا شاعر أنت..

طرقت على الباب بطريقة مستفزة، ليخرج منها « جبران» يتطلع لها بتعجبٍ، فكان يظن أنها لن تقترب لغرفته، وسرعان ما سارت الدهشة بوجهه وهو يرى كم الدخان الكثيف، خرج إلى الردهة ليجد الدخان غطى الردهة ولا يرى شيء ولكن شعر بأن رأسه يميل يمينًا ويسارًا وسعادة غريبة تجتاح صدره، حتى بدأ يضحك دون سبب، يترنح بمشيه، ثم رفع صوت قائلًا:

_ أنا لا مسطول ولا بطوح.

علت ضحكتها تردد بسُكر:

_ كــــــداب.. بتكدب أنت مسطول وبتطوح.

ثم ارتفع ضحكها ولكن ليست ضحكه عادية بل ضحكة رقيعة مثل الراقصات، صفق جبران بيده وهو يتمتم دون وعي:

_ ألعب في ملعب يا ست البنات.

خرج الباقية من غرفهم، ولاحظوا الحالة التي بها الأثنان ولكن العجيب انهما لا يطيقان بعضهما ربما لو اجتمع النار بجوار البنزين فلن يصبح اشتعاله كاشتعال هذان الأثنان، فماذا حدث؟!

دقائق كان الباقية يحاولان معرفة مصدر هذا الدخان ولكن أثناء بحثهم داعبهم شعور ذاته وبدأ الجميع يترنح بقوة، ويضحكون بهستيرية، كلًا منهم يمزح مع ابنة عمته اللواتي يكرههن، فمن يراهم يشعر أنهم منسجمين ولا توجد خلفات بينهما.

ارتفع صوت غفران بالغناء:

_ يا بت هاتي بوسة وأنا اديكِ..

صمت قليلًا ثم نظر إلى فاطمة يقول بحيرة لا يستطيع فتح اهدابه بشكل كامل وكأنه على وشك النوم:

_ هي الأغنية بتقول إيه!

ترنحت فاطمة تسقط على المقعد الموجود جوارها، تتمتم بطريقة غريبة:

_ تقريبًا بتقول يا بت هاتي بوسة واديكِ المروحة..

ثم نظرت لغفران ببراءة تردد:

_ ما تجيب المروحة.

غمز لها غفران يردد بسعادة غريبة:

_ مش لما تجيبي البوسة.

نظرت له فاطمة بتفكير تحرك رأسها للأعلى والأسفل، ثم نهضت من مكانها متمتمة:

_ معاك حق هديك بوسة وتديني مروحة.

اومأ غفران بتأكيد، وبالفعل وصلت له فاطمة تقف أمامه ولكن قبل أن يحدث شيء كان صوت كالرعد يصدع بالمكان يردد:

_ ايه اللي بيحصل هنا!

تقدم عامر منه يردد بضحك هستيري:

_ كلنا هنبوس بعض يا جدو.. هات بوسة.

اتسعت عين جبران الأكبر بصدمةٍ مما تفوه به، ينظر لهذا الدخان الذي يخرج من باب الردهة فيحسن الرؤية له، يستمع لتلك الأغاني الشعبية التي تحمل كلماتًا بذيئة، ولكن توقفت حدقتيه عند مشهد مخيف بنسبة له، أزاح عامر من طريقه يجذب فاطمة ويقين سريعًا يبعدهما عن الشباب، قبل أن يحدث شيء يندم عليه الجميع، ويحمد ربه أنه اوصل ناهد وغادر مجددًا ليحضر بعض الأوراق الخاصة بحالة ملك نسيتها ناهد ويعود لها مجددًا، اعطى أمرًا للحرس بأن يحضروا احدى النساء بالقرية كي يساعدهم في افاقة البنات.

وبالفعل بعد وقت فاق الجميع من تلك السطلة التي دلفوا بها، ولكن كانوا يقفون أمام جدهم مذنبين، ناكسين رؤوسهم للأسفل، نظر لهم الجد جبران وردد بصوتٍ صارم:

_ اللي حصل النهاردة دا مش هسمح أنه يحصل تاني.. خيبتوا ظني فيكم.. وثقتي راحت.. أرجع ألقي البيت كبارية وكلكم مساطيل.. لا و الأنيل كنت هتهببوا حاجات تندموا عليها.

اشتعل وجه الفتيات بخجل، في حين ملأ الغضب عيني الشباب، ليسترسل الجد جبران بحدة غير قابلة للنقاش:

_ آخر الاسبوع فرح غفران وفاطمة وجبران ويقين.

اتسعت أعينهم جميعًا بصدمةٍ، جميعهم يحرك رأسه بنفيٍ فهم لا يستطيعون العيش سويًا كيف لهم أن يصبحوا زوجان!




تعليقات