رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس والعشرون 26 والسابع والعشرون 27 بقلم روز أمين

رواية قلبي بنارها مغرم

الفصل السادس والعشرون 26

والسابع والعشرون 27

بقلم روز أمين 

داخل سرايا النُعماني وبالتحديد داخل مسكن فارس ومريم وبعد وصولهم من المركز مباشرةً 

كانت تحمل صغيرتها التي تهتم بها نجاة طيلة فترة غياب مريم بالمشفي،  وضع فارس جميع الأكياس داخل المطبخ وعاد إليها من جديد، 

أخرج من جيب جِلبابة العُلبة القطيفة وأخرج منها طوق صغيرته وأبتسم وتحدث بمرح وهو يُلبسها إياة: 

_شوفتي أبوكي چاب لك إية يا سِت جلبي 


ضحكت الصغيرة وباتت ترفرف بكفيها بسعادة وضحكات أضفت الفرحة علي قلبي فارس ومريم،  إقترب فارس عليها مُستغلاً الوضع وحاوط ظهر مريم ومال بجذعةِ علي صغيرته القريبة من وجه والدتها ووضع قُبلة حنون ونظر بعيناي مريم وتحدث بحديث ذات مغزي  : 

_ مش هناكل الكباب ولا أية يا أم چميلة  ؟! 


  

إبتلعت لُعابها خجلاً وتحدثت إلية بنبرة هادئة كعادتِها: 

_ خد چميلة لجل ما أخد دُش بسرعة وأغير هدومي وبعدها أحضر الوكل


حمل عنها صغيرته وتحركت هي بإتجاة غُرفة صغيرتها كي تُحضر ثيابها التي قامت بنقل مُعظمها بخزانة صغيرتها لتخرج بعدها إلي المرحاض الخارجي كي تستحِمّ به كعادتها مُنذُ ليلة زفاف صفا وقاسم وما حدث بها


فأمسك كفها ليُجبرها علي الوقوف وتحدث إليها بعيون مُتوسلة: 

_بكفياكِ هجران بجا يا مريم،  عشان خاطر ربنا ترچعي لأوضتك لجل ما تنوريها من تاني 

وأكمل بعيون متشوقة بها نظرات حنون تدِل علي مشاعر صادقة بدأت تُولد بداخلة لكنه لم يُصرح عنها إلي الأن ولن يتعرف عليها من الأساس : 

_ إشتاجت لنومتك چاري ولونس روحك  


قوست فمها وأبتسمت وأردفت ساخرة: 

_ونس؟  هي دي كُل جيمتي عنديك يا فارس،  الونس  ؟ 


وكادت أن تتحرك مُكملة بطريقها، أمسك كف يدها من جديد وتحدث بحيرة : 

_ مبعرفش أذوج الكلام أني، 

وأكمل بعيون متوسلة :

_  إتحميليني يا مريم علي ما أتعود وأكون لك فارس اللي إنتِ ريداه، أني محتاچك چنبي ، متفوتنيش لحالي إكدة 


لان قلبها لكلماتهِ الصادقة ونظراته المتوسلة، شعرت بغُربة روحة ووحدتهُ التي يشعر بها هذا المسكين المتمزق والمُشتت ما بين الماضي والحاضر،  فقررت إحتوائة كي لا يشرد أكثر عن دربهِ


بعد مُدة كان يجاورها الجلوس بالأريكة يحمل صغيرتة فوق ساقية ويُطعمها من الحلوي بداخل فمِها تحت سعادة الصغيرة،  أمسك قطعة من الحلوي وقربها من فَم مريم تحت إتساع عيناها بذهول من تصرفة الذي ولأول مرة يفعل هكذا تصرف 


فتحت فَمها بخجل، وضع لها قطعة الحلوي داخله وهو يبتلع سائل لُعابة من شدة إحتياجة لها ولضمة حُضنِها وتحدث بنبرة حنون: 

_ بألف هنا علي جلبك يا مريم 

وسألها بإهتمام: 

_ عچبتك البسبوسة  ؟ 


هزت رأسها وهي تمضغ ما في فمها،  وبات ينظران لبعضيهما بحنان ورغبة من كليهما وأحتياج للأخر ،  شعر برأس طفلته يميل فوق كتفة، أسندها سريعً ونظر بإبتسامة إلي مريم مُتحدثً  : 

_ چميلة نامت،  هجوم أنيمها في سريرها علي ما تلمي إنتِ الحاچات دي 


وضع صغيرتهُ ودثرها بغطائها جيداً وقام بوضع قُبلة فوق وجنتها برفق وحنين، ثم تحرك للخارج وجدها في المطبخ تصنع له مشروب الشاي بعدما جَلت الصحون وأعادت ترتيب مطبخها وأصبح نظيفً 

تحرك إليها حتي وقف بجانبها وتحدث متحمحمً بنبرة حنون : 

_ خلصتي اللي عتعملية؟ 


أجابته بنبرة خجلة وهي تنظر لجهاز فوران المياه : 

_خلصت وبعمل لك شاي 


إقترب عليها وأمسك كفاي يداها وأحتضنهما برعاية وتحدث وهو ينظر لداخل عيناها بهيام : 

_ معايزش شاى أني،  أني عاوز مّرتي اللي وحَشتني 

إرتبكت بوقفتِها، فسحبها هو من يدها مُتجةً بها داخل غرفتهما وأغلق بابها عليهما ليسترقا معاً من الزمن لحظات سعادة لينعما بها 


بعد مُدة كانت تقبع داخل أحضانة، قبل جبهتها وتحدث مُتسائلاً إياها : 

_ أني لحد دلوك معارفش إنتِ إية اللي زعلك وخلاكي تسيبي أوضتك،  بس أني معايزكيش تسيبيني تاني 


ورفع وجهها إلية وتحدث بنبرة صادقة: 

_ السرير بارد جوي من غيرك والأوضة كنها جَبري ( قبري )  يا مريم 


تنهدت بأسي لكنها قررت عدم البوح بما يذبح روحها، حتي لا تُقلل من شأنها كأنثي لا يراها زوجها بل ومازال يدفن حالهُ داخل إسطورة الماضي العتيق 


تحدثت وهي تضع كف يدها علي ظهرة وتمسحةُ بحنان إقشعر لهُ بدنه واستكانت به روحهْ: 

_ إنسي كُل اللي فات يا فارس وأطمن،أني مهسيبكش تبات لوحدك تاني، 

وأكملت بنبرة توسلية: 

_بس إنتَ ياريت تراعيني شوية ، بلاش تحسسني إني مفرجش في حياتك جوي إكدة  


أجابها مُتعجبً: 

_مين جال بس إنك مفرجاش وياي يا مريم ،  مفرجاش كيف وإنتِ بت عمي وأم بِتي ومّرتي، أني عاوزك تكَبري عجلك إشوي عن إكدة. 


تنهدت بأسي وسحبت حالها من داخل أحضانة وتحدثت وهي تلتقط مأزرها وترتدية قائلة بنبرة يائسة:

_ هروح أعمل لك الشاي 


سحب حالةُ لأعلي وجلس مُستنداً علي ظهر التخت وتحدث بإنتشاء:

_ هات لي وياكِ حتة بسبوسة مع الشاي لجل ما أحلي يا مَريم  


تحركت للخارج بقلبٍ مكسور من معاملة هذا الرجل التي تأكدت بأنها لم ولن تتغير حتي بعد كل ما حدث خلال اليوم ومحاولاتهِ إسعادها بشتي الطُرق، لكنهُ ختمها بجملتهِ المُميتة لإنوثتها حيث وصفها بأنها إمرأته وإبنة عمه وأم طفلته الغالية وفقط،


كم كانت تتمني نطقة لكلمة حبيبتي،خليلتي، رفيقة دربي وأحلامي، كم تمنت أن تستمع منه لكلمات الغزل التي باتت تحلم بالإستماع لها منه بعد أن تعلق قلبها به رويداً رويدا وأصبح هو فارس أحلامها ورجلها التي تتمناه ، لكن خجلها وحيائها يمنعاها بالإعتراف له بمشاعرها المكنونة 


*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين 


داخل مدينة شرم الشيخ 

كانت تجلس بحياء ووقار بجانب ذلك المُتمدد فوق الشيزلونج  أمام حوض السباحة المتواجد داخل الفندق،، مغرومةً هي بعيناه حيثُ أصبحت لا تُشيح بناظريها عنها طيلة وقتها، أما ذاك العاشق فكان مُمسكً بكف يدها بتشبُث وكأنهُ يخشي إضاعتِها 

شعوراً رائع كان ينتابها من مسكة يده وأهتمامهُ الزائد ودلالهُ الذي يغمرها به مُنذ ان عادَ إليها من القاهرة 


نظر لداخل عيناها وتحدث بنبرة حنون  :  

_مبسوطة يا صفا  ؟ 


أجابتهُ بعيون عاشقة  : 

_ مبسوطة فوج ما خيالك يصور لك يا قاسم، مبسوطة لدرچة إني حاسة حالي هطير من كُتر سعادتي 


شعر بإرتياح وسعادة وتحدث إليها من جديد  :

_  ربنا يجدرني وأخليكي أسعد إنسانه في الدنيي كلها يا حبيبتي. 


تحدثت إليه بنبرة حنون ونظرات عاشقة :

_  وچودك جنبي وحواليا كفيل إنه يخليني أسعد واحده في الدِنيي يا حبيبي 


كان هُناك من يجلس مُقابلإ لهما علي الجانب الآخر لحوض السباحة  ،،  وكعادتهِ مُمسكً بيدة أوراقة وقلمةِ الرُصاص اللذان يُلازماه طيلة الوقت ، يخطُ به ملامح وجهها الصافية التي جذبت إنتباههْ مُنذُ الوهلة الأولي التي رأها فيها مُنذُ أكثر من سبع سنوات ، وها هو يُكرر ما فعل من ذي قبل ويزيد من الشعر بيت بإضافة ذلك المُخادع من وجهة نظرة 

"نعم " ،  إنه المجهول ذاته الذي رسم صورتها النقية فوق تلك المحرمة داخل اليخت 


إستغرب حين وجدها مازالت مع ذاك الحاد الطباع  ،، 


كانت تُمشط المكان بعيناها وبلحظة توقفت مقلتيها وذُهلت عندما رأته يجلس مقابلاً لها ،  دققت النظر بوجههِ وبمقلتيه اللتان كانتا تنظر لها بتمعن  ،  لم تشعر بحالها من شدة السعادة التي إنتابتها عندما تذكرته علي الفور  ،  نعم تذكرت ملامحهُ الهادئة رُغم مرور كل تلك السنوات، لكن تظل ملامحهُ التي تتسم بالطيبة والهدوء والسلام النفسي كما هي، وحينها فسرت ذاك الوجة المألوف التي رأته وسط زحام المارة مُنذُ يومان 


نظر لها قاسم وتحدثَ مُستغربً وهو ينظر بإتجاه ذاك الرجُل  : 

_ بتبصي علي إية يا صفا؟ 


إلتفتت إلية سريعً وتحدثت بنبرة يملؤها الحماس  :

_تخيل يا قاسم مين موچود معانا إهني ؟


نظر لها منتظراً باقي حديثها فأكملت بنفس نبرة الحماس:

_ فاكر الراچل اللي رسم لي رسمة زمان فوج المنديل  


ضيق عيناه بعدم إستيعاب فتحدثت هي بنبرة حماسية لتذكيرهُ  : 

_ الرسام يا قاسم، أني متوكدة إنه بيرسمني دالوك 


نظر إلية سربعً ليتأكد من حديثها وبالفعل تأكد حينما رأي وجههُ أعاد ببصرهِ إليها وتحدث بنبرة حادة غائرة  :  

_والهانم إية اللي مِفرحها جوي إكده إن شاء الله  ؟! 


نظرت إلية وبلحظة إنكمشت ملامحها وأنطفأت إبتسامتها وتحول وجهها المنير إلي حزين، تحدثت بنبرة يائسة  :

_  ولا فرحانة ولا حاچة يا قاسم  ،،  إنسي كل كلامي 


شعر بغصة مُرة وقفت بحلقة عندما لمح حزنها الذي سكن عيناها،  وما شعر بحالهِ إلا وهو يهب واقفً وسحبها إليه لتقابلهُ الوقوف وتحدث إليها بنبرة حماسية: 

_ تعالي نروح نسلم عليه 


إتسعت عيناها بذهول وتحدثت بعدم تصديق: 

_ بتتكلم چد يا قاسم؟ 


تحدث وهو يحتضن كفها الرقيق ويسحبها بجانبه: 

_ إمشي معايا بدل ما أرچع في قراري 


ضحكت وهي تنظر إلية بعيون تكاد من الهيام تنطقُ صارخة،  وصلا لموضع جلوسهُ وما أن شعر الرجل بأنهما يقصداه حتي أغلق أوراقةُ سريعً مخبئً إياها من أبصارهما، ثم وقف إحترامً وتقديسً لمجيأهم إلية 


تحدث قاسم إلية بنبرة صوت رخيمة: 

_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 


نظر عليهما الرجُل الذي تخطي عامهِ الثاني والأربعون ولكن يبدوا علي وجههِ البشوش أنهُ وبالكاد لم يتخطي الخامسة والثلاثون وذلك لنقاء روحهِ الذي يظهر علي وجهه 


وتحدث بنبرة هادئة مريحة لسامعيها: 

_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 


نظرت هي إلية وتحدثت بحنين وكأنهُ يذكرها بطفولتها الماضية: 

_ حضرتك مش فاكرني يا أستاذ؟ 


إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة: 

_ وأنساكي إزاي بس يا صافية،  إنتِ من الأرواح الشفافة اللي الواحد يقابلها مرة واحدة في حياتة وتتحفر ملامحها النقية جوة عقلة 


إستشاط ذلك الواقف الذي بدأ يصُك علي أسنانة من شدة غيظة وغيرتة لكنة تمالك من حالة لأجل ألا يُحزِنها ،شعرت هي به عندما ضغط علي كفها بشدة هائلة غير واعي علي حالة 


قتحدثت سريعً وهي تُشير إلي قاسم:

_ ده قاسم چوزي، أكيد فاكرة هو كمان 


ضحك الرجل بخفة وأجاب وهو ينظر إلي قاسم الرافع قامته وهو يرمقهُ بكبرياءٍ وضيق :

_ ولا الأستاذ قاسم هو كمان يتنسي 


هز له قاسم رأسهُ بإستحسان فتحدث الرجُل قاصدها:

_ شايف إنك أزلتي خيوط العنكبوت اللي كانت بتقيد حركتك ومنعاكي من تحقيق أحلامك 


ضحكت وتحدثت بنبرة حماسية:

_ هو أنتَ لسة فاكر،أني الحمدلله شيلت كل الحواجز اللي كانت في طريقي وحججت كُل احلامي  


ونظرت إلي قاسم بهيام وتحدثت بنبرة أنثي تهيمُ عِشقً: 

_وأهم وأعظم أنچازاتي هو چوازي من قاسم والسعادة اللي بعيشها في جُربُه 


إبتسم الرجل بخفة وتحدث: 

_مبروك يا صافية،  بس إوعي تخلي الفرحة تغمي عيونك وتخليكي تلغي شخصيتك القوية اللي بتميزك عن غيرك، وتصبحي تابع لحد 


نظر لهُ قاسم قاطبً مُستغربً حديثهُ الغير مباشر، حين إبتسمت صفا وتحدثت بنبرة هادئة:

_ متجلجش عليا، مش ناوي توري لي الصورة اللي رسمتها لي المرة دي  ؟ 


إبتسم بخفة وتحدث نافيً: 

_ للأسف، المرة دي أنا مرسمتكيش  


خاب أملها وهتفت بنبرة حزينة: 

_يا خسارة، لما لجيتك بتبص علينا وبترسم بجلمك، إفتكرتك بترسمني أني وقاسم،  جيت لك بسرعة وأني متوكدة إني هشوف رسمة عظمة،  

وأكملت بخيبة أمل:

_ بس يظهر إني مليش نصيب 


حزن لأجلها وتحدث قاسم وهو يحتضن كفها:

_ يلا بينا علشان نسيب الأستاذ براحتة يا صفا 


أومأت لهُ بإيجاب وأستأذنت من المجهول، وتحركت بجانبة مستسلمة حزينة، إستدارت سريعً حين إستمعت بمن يُناديها بصافية. 


فنظرت إلية بتمعن فتحدث المجهول ناصحً لها :

_زي ما شيلتي خيوط العنكبوت اللي كانت معششة حواليكي ومكتفاكي ومعجزاكي عن تحقيق حلمك،ياريت تشيلي كمان الغمامة اللي علي عيونك، بصي حواليكي ودققي كويس  ، متخليش الفرحة تمنعك من إكتشاف الأسرار 


وأكمل مُبتسمً مشجعً إياها: 

_ ومهما كانت الحقايق مُرّة وصعبة ، لازم دايما تكوني متأكدة إنك أقوي منها وهتقدري عليها، وهتتخطي كل الصعاب 


إنتفض قاسم رُعبً من  إستماعة لتلك الكلمات التي نزلت علي مسامعه كصاعقة كهربائيّة زُلزِلّ جسدهِ بفضلِها،  إبتلع لُعابة حين نظر لهُ الرجُل داخل عيناه وكأنهُ يكشف ويستشف ما بأعماقةِ من أسرار لا تُحكي ولا يُفهم مغزاها إلا لمن وُضع وجُبر عليها 


نظرت له صفا بإستغراب وتحدثت ببراءة : 

_ المرتين اللي جابلت حضرتك فيهم وكلامك ليا كيف الالغاز،  مبفهمش منية حاچة أني . 


أجابها بهدوء: 

_ هتفهميه بعد ما يتحقق يا صافية،  علي العموم متقلقيش،  علشان إنتِ صافية أكيد ربنا هيشيل الغمامة اللي حوالين عيونك،  بس كل شئ بأوان 


لم يعُد يتحمل أكثر سخافة ذلك المجهول ،  أسرع إلية ووقف قُبالته وتحدث بنبرة حادة وهو يتمعن داخل مِقلتية بنظرات غاضبة: 

_إنتَ مين؟! 

وتقصد إية بألغازك دي  ؟ 


إبتسم الرجُل وتحدث إلية قائلاً: 

_أنا مجرد واحد عادي جداً، ربنا مانن عليا بمَلكة بيسمح لي بيها إني أقري جوة عيون البشر اللي مخبياة قلوبهم،


وأكمل نبرة مريحة:

_  رسايل،  مجرد رسايل بتعدي قدام عيوني وبقدر أفهم من خلالها اللي مسموح لي إني أفهمة ! 


كان ينظر له بعيون مذهولة مما يستمع مما جعل تلك الصافية تنظر لكلاهما مُتعجبة حديثهما ونظرات كلاهُما للأخر وكأنهما يتحدثان بنظرات الأعيُن 

إقتربت من وقفتهُما التي تُشير بوجود حرب ستنشئ في القريب، أمسكت كف يدهُ بإحتواء وتحدثت إلية: 

_ يلا بينا يا قاسم


إنتبة حينذاك علي وجودها والتف إليها سريعً، أومأ لها وتحرك بها للأمام بعد أن ألقي نظرة تحذيرية علي ذلك المجهول الذي إبتسم بخفة وجلس من جديد وأخرج تلك الرسمة التي خبأها عندما تأكد أنهما يقصُداه 


نظر إلي الرسمة والتي كانت عبارة عن صفا وقاسم يسحبها من معصمِها مُنقادة خلفةِ بإستسلام وهي معصومة العينان بشريطٍ أسود يُحجب عنها الرؤية تمامً، مُبتسمة بشدة بينت صفي أسنانها ناصعة البياض، من يراها يتأكد أنها تعيش أجمل لحظاتها، لكنها تعيش وهمٍ كاذب ستفيق منه علي كارثة ستُقضي علي جميع أحلامها الوردية 


*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين


ليلاً داخل غرفة يزن التي كان يقطن بها قبل زواجهُ وإنتقاله إلي مسكنه الخاص بصحبة زوجتة ،  كان يتمدد فوق تختهِ تائهً شارد بذقنٍ نابت ،  يُمسك بين صباعية سيجارةُ يُنفثها بشراهة وذلك بعدما إلتجأ إليها كي ينفث بها عن غضبة وقهر الرجال الذي أصابهُ بعدما علم بشأن عجزة عن الإنجاب


طرقات خافتة فوق باب حُجرته جعلته يخرج من شروده، لكنهُ لم يعر الطارق أية إهتمام وبرغم ذلك وجد من تقتحم الحُجرة،إنها ليلي لا غيرها التي دلفت وتحركت إلية بهيئة جنونية وذلك بعدما هجرها يزن وعاد إلي غرفتة يمكُث بها بعيداً عن وجة تلك التي أصبح يمقت رؤياها البغيضة 


هرولت إلية وركعت فوق ركبتيها أسفل تختهِ ومالت علي قدمة تُقبلها وتحدثت متوسلة بدموعها الصادقة : 

_ أبوس رچلك يا يزن تسامحني وترچع لشُجتك من تاني 


سحب ساقه سريعً يبتعد عن لمستها وإحتضانها لساقه التي تُشبة إحتضان الأفعي بجلدها الناعم وهي تحتضن وتلتف حول ضحيتها بكُل نعومة لتُشعرةُ بالطمأنينة،وهي في الأصل تُريد تكسير عظامه وسحب وتجفيف جسدهِ من أخر نقطة بدمة 


هتف بحدة وهو يرمُقها بنظرات مُشمئِزة: 

_ إنتِ إية اللي چابك إهني،  أني مش جولت لك الصبح معايزش اشوف خلجتك جدامي  ؟ 


أجابته بلهفة وعيون عاشقة: 

_مجدراش أني علي البُعد دي يا حبيبي 


هتف بحدة: 

_الله الوكيل لو ما خفيتي من وشي الساعة دي لكون فايت لك السرايا كلياتها وواخد هدومي وأروح أجعد في الإستراحة بتاعت الچنينة تحت 


أجابتة بنبرة صادقة وهي تقترب حيثُ جلسته :

_ يُبجي أنتَ إكدة ناوي علي موتي يا حبة جلبي 


وقف سريعً ونفض يدها التي لامسته بها بشمئزاز وتحدث بنبرة حادة: 

_ مصدجة حالك إنتِ إياك؟ 

ميتا كانت جلوب الخونة عتعرف تعشج وتحس ؟ 


جحظت عيناها وهتفت بنبرة مذهولة  :

_  بجيت خاينة خلاص في نظرك يا يزن  ؟


أجابها بنظرات كارهة:

_أومال عتسمي كدبك ولفك من ورا ضهري وإنتِ دايرة علي الدچالين الكَفرة بإية 

ثم إقترب عليها وأمسكها من ساعدها ولفةُ خلف ظهرها في حركة جعلتها تتألم وتحدث إليها بفحيح:

_ كُتي عتنامي في حُضني كيف ومنين كانت بتاچيكي الجرأة تبصي چوة عيوني وإنت مستغفلاني ومضحكة الخلج عليا 


أجابته بدموع عيناها الصادقة : 

_أني عِملت كُل ده علشان بحبك يا يزن،  كان نفسي أچيب لك حتة عيل لجل ما أفرحك و أربطك بيا أكتر 


ترك مِعصمها وتحرك ليُعطيها ظهره كي لا تري تألم روحة وصرخات عيناه وأجابها بحسرة ملئت صوته  : 

_ وأديني أني اللي طلعت معيوب ومهعرفش أكون راچل وأچيب حتة عيل من صلبي يحمل إسمي ويشيلني في شِيبتي وضعفي 


نزلت كلماتةِ ونبراتهِ الضعيفة المُتألمة علي قلبها شطرته لنصفين،  وبرغم حُزنها علية إلا أنها لم يطرق حتي بمخيلتِها أن تعترف له بالحقيقة التي تعلمها عِلم اليقين بعدما قصت عليها والدتها كل ما فعلاه هي وأبيها مع طبيب الفحوصات، بل وسعدت لما حدث بتوهمها أنها وبذلك التصرف الخالي من الضمير تحافظ علية وتضمن بقائة مُجبراً داخل أحضانها وللأبد 


أخذت نفسً عميقً إستعداداً لإستمرار كذبها علية وأردفت قائلة بنبرة ناعمة كنعومة الأفعي : 

_وأني جبلاك علي إكدة يا حبة جلبي ومعيزاش من الدنيي دي كلياتها غيرك إنتَ وبس،  معيزاش لا عيال ولا مال ولا حتي ناس في حياتي 


وأقتربت علية وتلمست ظهرة بلمسة حنون قائلة:

_معايزاش من الدِنيي كلاتها إلاك يا جلب ليلي 


إنتفض بوقفته كمن لسعةُ عقرب وأستدار لها وتحدث والشرر يتطاير من عيناه قائلاً: 

_ وأني معايزكيش ولا طايج أشوف خِلجتك جِدامي،  إنتِ واحدة كدابة وخاينة للأمانة 

  

وأكمل مُهدداً إياها بنبرة غاضبة :

_ وعليا اليمين لو مخفيتي دالوك من خِلجتي لأكون رامي عليكِ يمين الطلاج ومعاملش إعتبارات لأي حاچة واصل


إستمعت لذلك التهديد وأرتعب داخلها وأنتفض جَسدِها بالكامل رُعبً،  وبسرعة البرق كانت مُنسحبة للخلف وتحدثت وهي تقترب من الباب إستعداداً للمغادر: 

_ إهدي يا يزن،  متخليش الغضب يعميك عن اللي عشجتك وسلمتك روحها وجلبها عن طيب خاطر، 


وأكملت مُنسحبة: 

_ أني هسيبك دالوك وهعذرك لجل غضبك اللي عاميك وعيخليك تجول حديت مش محسوب 


رمقها بنظرة إشمئزاز حين خرجت هي سريعً خَشيةً فقدانةُ السيطرة علي حاله ووصولةُ لقمة غضبة وتنفيذةُ لتهديدة 


خرجت وزفر هو بضيق وأخذ نفسً عميقً كمن كان يقبع داخل قُبة لا هواء بها ولا شئ يصلح للحياة 


تحرك لتختةِ وأرتمي بجسدهِ علية بإهمال وعاد لأحزانة وقهرة قلبهِ،  ثم مد يدهُ جانبً وسحب سيجارة من العُلبة وقام بإشعالها والتنفيث بها بشدة وكأنهُ يصب بها غضبة المكظوم الذي لو خرج لأشعل المنزل بجميع من يسكنه


*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين


كانت تقبع داخل أحضان ذلك العاشق الذي يجلس فوق الشيزلونج المتواجد داخل ال  Suite, يُطعمها الشيكولا بيده ويُدللُها، مسح بإبهامه علي حافة شفتها وأمتص ما بها من بقايا شيكولاته جراء قُبلتهُ لها 

وضعت رأسها علي صدرهِ بحنان وتحدثت بدلال إنثوي: 

_قاسم،  عوزاك تفضل تچلعني وتحبني إكدة علي طول 


تنهد براحه وشدد علي ضمتها بذراع والأخر أمسك بكفهِ رأسها وضمها أكثر لصدره وتحدث بنبرة حنون: 

_ إنتِ فاكرة إني بچلعك إنتِ إكدة؟ 

واكمل بحنان: 

_ ده أني بچلع روحي وبهنيها بجربي منك يا بِت أبوكِ يا عالية 


إبتسمت ودثرت بحالها أكثر داخل أحضانة وتحدثت: 

_ هو إحنا هنرچع سوهاچ بكرة خلاص يا حبيبي؟ 

وأكملت بنبرة مُتألمة: 

_يعني كُلها يومين وتسافر القاهرة ومهشوفاكش غير كُل إسبوع يوم ؟ 


تنهد وأمسك وجهها محاوطً إياة بكفيها وأردف إليها بنبرة حنون قائلاً : 

_ معايزش أشوف الحُزن ساكن عيونك تاني يا جلبي،  وصدجيني أني مبجتش أجدر أبعد عنك ولو حتي ثواني،  إن شاءالله هحاول ما أجعدش في القاهرة غير الأيام اللي فيها جلسات في المحكمة وبس  


إعتلت الفرحة ملامح وجهها وتساءلت مُتلهفة: 

_ صُح هتعمل إكدة يا قاسم؟ 

مسح علي شعرها وأرجع خصله منه خلف آذنها وتحدث بإبتسامة: 

_ صُح يا جلب قاسم 


نظرات عاشقة سكنت مقلتيهما وطالت وحركت مشاعر الرغبة بداخلهما،  مال علي شفتها وبات يُذيقها من قُبلاتهِ التي تُذيب كلاهما وتنقلهما لعالم موازي، وحملها برقة واتجه بها نحو تختهما ليحيا معاً حياة العاشقين 


بعد مدة كانت تقطن داخل أحضانة تنتفض من شدة سعادتها وشعورها بلذة الحياة،تحدث إليها بنبرة مبحوحة أثارتها:

_ بحبك يا صفا، بجيت مچنون عشجك خلاص 


إبتسمت خجلاً وهي تُداري حالها وتندثر داخل صدرة،قهقه هو علي تصرفها وكاد أن يتحدث لولا إستمع إلي رنين هاتفة يصدح من فوق الكومود،  تناولهُ ونظر به وأرتبك حين وجد نقش حروف إسم عدنان  


مما جعلهُ يسحب جسدهِ ويتخلي عن ضمتهِ لها وهو يرتدي ثيابهُ ويتحدث إليها بإعتذار: 

_ معلش يا حبيبتي، هرد علي التلفون في الرسيبشن برة علشان مش عاوز أدوشك بتفاصيل شغلي 


أومأت له بإبتسامة وأنسحب هو خارج غرفة النوم،  وكاد أن يضغط للإتصال الذي إنقطع لكنهُ تجدد بالرنين من جديد فضغط زر الإجابة وتحدث بنبرة رسمية جادة:

_ أفندم يا أستاذ عدنان 


أجابهُ عدنان بنبرة مستائة وهو يجاور شقيقته الجلوس بشقتها  :

_ أستااااذ عدنان، للدرجة دي إحنا بقينا بُعاد أوي كدة عن بعض يا قاسم   ؟ 

مكنش العشم يا صاحبي تكلمني بالطريقة الرسمية دي

تنفس قاسم عالياً وتحدث بنبرة جادة : 

_ إنتَ اللي وصلت علاقتنا للمرحلة دي بإيدك يا عدنان، فياريت متجيش تلومني علي الإسلوب اللي أنا إختارتة لشكل علاقتنا كرد فعل علي موقفك معايا وعلي اللي أجبرتوني ووصلتوني لية إنتَ وعيلتك.


زفر عدنان وتحدث بنبرة لائمة: 

_ وبالنسبة للي إنتَ عملته مع أختي بدون ما تراعي العشرة والصداقة اللي بينا تسمية إية يا قاسم  ؟ 


أشارت له إيناس بإكمال ما أتفقا عليه منذُ القليل وهي تنظر له بإستحسان، وأكمل ذلك المُلقن قائلاً بنبرة صوت حزينة كي يستدعي تعاطفة:

_ يرضي مين إنك تسيب إيناس تاني يوم فرحها وتسافر وتفوتها لوحدها منهارة بالشكل ده، البنت هتموت يا قاسم، أنا جيت لقيتها مغمي عليها من كتر حُزنها وقلة أكلها من يوم ما أنتَ مشيت 


كان يستشف كذبة من نبرة صوتهِ، وعَلم بجلوس تلك الحية وتيقن من أنها من تلقنهُ كُل ما يتفوة بهِ كالبغبغاء بدون تفكير،  فتحدث بنبرة حادة غاضبة: 

_ عدنان،  لو عندك حاجه مهمة بخصوص الشغل تستدعي نقاشنا ياريت تقول،  غير كده أنا مُضطر أقفل السكة لأني مش فاضي للمهاترات اللي بتقولها دي. 


إبتلع ذلك البهلوان لُعابهُ رُعبً من نبرة قاسم الشديدة وتحدث سريعً بنبرة يبدوا عليها الإرتباك مما أكد لقاسم شكوكهُ: 

_  لا يا قاسم، الشغل كله تمام وماشي كأنك إنتَ وإيناس موجودين بالظبط . 


تحدث إليه بنبرة حادة وهو يغلق الخط : 

_ تمام،  مع السلامه. 


وأغلق دون أن يستمع حتي لردةِ مما جعل إيناس التي كانت تستمع إلي المكالمة عن طريق مُكبر الصوت تستشيط غضبً وتحدثت بنبرة غاضبة:

_ قليل الذوق، ماشي يا قاسم، إن ما خليتك تدفع تمن كل جَليتك وقلة ذوقك معايا ده غالي، ما أبقاش أنا إيناس رفعت 


أردف إليها عدنان قائلاً بنبرة تعقلية: 

_إعقلي يا إيناس وبلاش تلعبي مع قاسم النُعماني لأن وقتها هتخسري كل حاجة،  وياريت متنسيش إنه صعيدي،  يعني قرصتة ليكي وإنتقامة هيكون بدون رحمة وأكبر مما خيالك يصور لك. 


أجابته بحدة:

_ يعني عاوزني أقف أتفرج وهو بيقلل مني وبيحتقرني بأفعاله المستفزة دي يا عدنان؟ 


اجابها بدهاء: 

_ أكيد ما أقصدش كدة يا حبيبتي،  أنا كل اللي عاوز أوصلهُ لك إنك تفكري وتخطتي وتحاولي ترجعي قاسم ليكي من جديد بدل ما تخسرية للأبد. 


نظرت له بإستحسان وشعرت بصحة حديثةُ وتعقله 

___________________


في الصباح 

داخل فيراندا سرايا عِثمان،  كان يجلس هو وزيدان ومُنتصر يتناولون مشروب الشاي بالحليب التي أعدته ورد وقدمتهُ للجميع بنفسها ،  ودلفت من جديد لداخل المطبخ لتستعد لتجهيز وجبة الفطور لأهل المنزل ولرسمية التي مازالت تُلازم الفراش لشدة مرضها 


خرج يزن وألقي عليهم السلام بنبرة حادة وعيون تتلاشي النظر لأيً كان،  فهذا للاسف أصبح حالهُ مُنذُ تلك الليلة المشؤمة 

وكاد أن يتحرك للخارج فاوقفهُ زيدان قائلاً بنبرة حنون  : 

_ تعالي يا ولدي إشرب لك كُباية شاي بحليب علي ما الفطور يچهز. 


تحدث إلية متلاشي النظر بعيناه تحت نظرات مُنتصر المُتألمة لأجل إنكسار ولده : 

_ هبجا أفطر في المحچر ويّاَ الرچالة يا عمي عشان فية شُغل مستعچل لازم يتسلم كمان شوي.


قاطع حديثهُ عِثمان قائلاً بنبرة صارمة: 

_ وبعدهالك يا يزن،  عتفضل علي حالك المايل ده كتير،  أني مش جولت لك فضي حالك يوم لجل ما تدلي ويا عمك علي مصر وتعمل تحاليل چديدة ؟ 


إشتعل داخلهُ وشعر بدونيتة ونقص رجولتة الذي بدأ يُلازمهُ عندما يُذكر أحدهم هذا الأمر أمامه وتحدث بنبرة حادة  :

_ وأني جولت مرايحش يا چدي وبكفياك چبر فيا لحد إكدة 


وأكمل بنبرة رجُل مهزوم:

_ مهروحش أني كل شوية للحُكما لچل ما يشفجوا علي حالي ويتفرچوا علي خيبتي وعجزي، أني عرفت نصيبي من الدنيي ورضيت بيه خلاص 


في تلك الأثناء كانت فايقة تقف خلف الحائط الداخلي وتتسمع عليهم بعدما كانت في طريقها إليهم تحمل بيدها صَحنً كبيراً من المخبوزات لتقديمةُ إليهم كي تُكحل عيناها برؤيا زيدان التي مازالت تعشق تفاصيلة إلي الآن برغم السواد الذي يملئ قلبها، وأيضاً كي تنال رضي عِثمان عليها بعدما أصبح يبغضُ رؤياها بشدة  


إبتسامة سعيدة إعتلت ملامحها حين إستمعت إلي حديث يزن المُثلج لصدرِها وأستشفت وتأكدت من إستسلامه وإعلانه الرايا البيضاء لما أخبرته بهِ هي وقدري 


تحدث إلية مُنتصر بنبرة غاضبة:

_حديت إية الماسخ اللي عتجولة ده يا يزن، كَنك إتخبط في نفوخك ، تايه إنتَ إياك عن لعب المحروجة اللي إسميها فايقة  ؟ 


أجاب والدهُ بنبرة صارمة لا تقبل النقاش:

_ أنا جولت كُل اللي عِندي ولو ليا غلاوة في جلبك يا أبوي تنسي الموضوع ده ومحدش فيكم يفاتحني فيه تاني، وإلا قسماً بالله لكون مِطلج ليلي وأروح أبني لي أوضة في چنينة المانچة ومهتشوفوا وشي إهنية تاني 


قال كلماته التهديدية وهرول مُسرعً خارج البوابة الحديدية حتي إختفي عن الأنظار، وضع مُنتصر كف يدهُ سانداً به رأسة وتحدث بنبرة مُنكسرة: 

_ يا ميلة بختي في ولدي الكَبير 


تحدث زيدان إلي شقيقةُ المهموم:

_ متعملش في حالك إكدة يا أخوي ليچري لك حاچة،  وأصبر يومين تلاتة إكدة لحد ما يهدي اعصابة وأني بنفسي هاخدة وأعيد له التحاليل تاني 


أما في الداخل تحركت فايقة عائدة بما في يدها إلي المطبخ من جديد بعد ذهاب يزن مباشرةً، وتحدثت إلي العاملة بإنتشاء وسعادة ظهرت فوق ثغرها: 

_ خدي يا حُسن خرچي الصَحن دي للحاچ برة 


رمقتها نجاة بنظرة نارية وتحدثت بتهكم: 

_ ملجتيش مواصلات إياك يا فايقة ولا زي عادتك، عِملتي الجراجيش حِجتك و وجفتي وأتسمعتي علي الرچالة وعاودتي  


إبتسمت بجانب فمها وأجابتها ساخرة وهي تنظر إلي ورد قاصدة إياها بحديثها  : 

_أصلي لجيت إن مايصحش إن أسياد البيت يهينوا حالهم ويجوموا هما بشُغل الخَدم. 


إبتسمت ورد لتيقُنها أنها تقصدها بذاك الحديث لتقديمها قبل قليل مشروب الحليب الممزوج بالشاي، فتحدثت ورد بنبرة متسامحة: 

_عُمر خدمة الست منينا لچوزها وناسه ما كانت إهانة،  الإهانة اللي بچد إن الإنسان يكون عارف ومتوكد إنه ماشي في طريج الشيطان، ومع ذلك مكمل في أذيته لخلج الله 

إبتسمت ساخرة ورمقتها بنظرة إشمئزاز وتحركت للخارج 

________________

أما في الأعلي 

كان يغفو وهو يحاوط جسدِها بذراعية من الخلف، تمللت من بين ضمته عندما إستمعت إلي رنين المنبة، مدت يدها بتكاسُل وضغطت علي زر التوقف،  وكادت أن تتحرك لولا يداهُ التي كبلتها من جديد وتحدث بصوتٍ مُتحشرج ناعس: 

_ خليكي نايمة چاري 


إبتسمت بسعادة وأستغربت تحولهُ، وتحدثت إلية: 

_ مهينفعش يا فارس، لازمن أروح المستشفي، صفا مش إهنية ولازمن أباشر المستشفي مكانها 


شدد من ضمتة لها وتحدث وهو مُغمض العينان بتكاسُل : 

_ بلاش المستشفي إنهاردة وخليكي چاري، أني كسلان ومش عاوز أجوم بدري وعاوزك في حُضني 


ما كان منها إلا أن أطاعته وأستسلمت لضمته بل ونعمت داخل أحضانة وغاصت من جديد في نومتها الهنيئة داخل أحضان زوجها الدافئة الحنون التي ولأول مرة تشعُر بها 


أما عن ياسر الذي قضي يومهُ العملي مُكتئبً لعدم رؤيتةُ لوجة فاتنتة الجميلة التي سحرته وأصبح يومهُ لا يكتمل إلا برؤياها الساحرة التي تُربت علي قلبه وتمنحهُ السلام النفسي 

💘💘💘💘

في المساء

وصل العاشقان إلي مطار سوهاج بسلام، وجدوا فارس بإنتظارهم ليقلهم بسيارتة إلي المنزل،  وبالفعل إستقلوا السيارة وجلس إثنتيهم بالمقعد الخلفي 


نظر فارس لإنعكاس كليهما بالمرأة وتحدث ساخراً:

_ سواج اللي جابوكم أني لجل ما تلطعوني جدام لحالي وتجعدوا تحبوا في بعض إكدة 


ضحك كلاهُما وتحدث قاسم الذي يُكبل كتف محبوبتة كمن يخشي هروبها: 

_ يا تسوج وإنتَ ساكت يا تنزل وتركب لك أي تاكسي وأسوج أني 


أجابهُ ساخراً: 

_لا وعلي إية،  أسوج وأني مكتوم لجل ما ترتاح حضرتك إنتَ والدكتورة 


وصل الثنائي إلي السرايا ولقيا إستقبالٍ حار من الجميع ما عدا يزن وذلك لعدم تواجدة حيثُ أنهُ أصبح يعود في وقتٍ مُتأخر من الليل وذلك حين يتأكد من أن الجميع قد غفي في ثبات عميق كي لا يراة أحدً من سُكان المنزل 


وأيضاً ليلي التي أصبحت حبيسة حُجرتِها بعدما تركها يزن وبات لا يطيقُ حتي النظر لرؤية وجهها البغيضُ بالنسبة له،  أما فايقة التي كانت تنظر بحقدٍ إلي صغيرها والسعادة التي تنطلقُ من عيناه، 


كم بغضت رؤية الراحة والسلام اللذان إرتسما علي ملامحهُ وأستوطنا، بلحظة شعرت بالخطر وبأن عرش إنتقامها الأعمي بات مُهدداً بالإنهيار،  وأكثر ما أرق روحِها وأتعبها هو العشق الظاهر وأنسجام روحي هذا الثُنائي ونظراتهما العاشقة المتبادلة والتي تؤكد وتُظهر عِشق كلاهما للأخر


تحرك قاسم وقبل مقدمة رأس عتمان وتحدث بنبرة صوت هادئ وملامح وجة مُبتسمة أكدت لعتمان أن حفيدهُ قد سامحهُ وتأكد من حُسن إختيارة له: 

_كيفك يا چدي وكيف صحتك. 


ربت عِثمان فوق ظهر حفيدةُ وتحدث بنبرة إستحسانية: 

_ بخير طول ما أنتَ بخير يا سَبعي 

إبتسم لهُ قاسم بإرتياح كقبل 


ثم تحرك إلي والدته بعدما إطمئن علي جدته وأحتضنها وتحدث إليها بنبرة هادئة:

_ كيفك يا أمّا، إتوحشتك 


مالت علي إحدي أذناه وهمست بنبرة حادة عاتبة : 

_ وعشان إكدة كُنت عامل حظر لرقمي وكل ما أتصل بيك يجول لي مجفول؟ 


أجابها بمراوغة، فهو حقاً كان مُفعل تلك الخاصية لرقمها وإيناس وكوثر وذلك لعدم إزعاجة هو وحبيبته، وهذا ما أشعل روح فايقة وجن جنونها حين حاولت الوصول إلية بشتي الطُرق لتخبرهُ ما جري لشقيقته كي تُجبرهُ علي قطع إجازتة وعدم إعطائه هو وصفا الفرصة للتقرب أكثر والإستمتاع معاً كي لا تتقارب روحيهما أكثر  : 

_ الشبكة هناك مكناتش زينة يا أمّا، حجك عليا 


تحدثت إلية من جديد: 

_ عاوزاك تاجي معاي نطلع فوج لأختك لچل ما أحكي لك علي اللي حُصل لها من إبن المركوب اللي إسمية يزن 


إهتز داخلهُ لأجل شقيقته وتسائل مُتلهفً : 

_ إيه اللي حُصل يا أمّا،  إوعا يكون مّد يده عليها؟ 


مد يده بس،  ده بهدلها جِدام العيلة كِلياتها، ومحدش منيهم نطج ولا حتي جال كلمة نصف بيها خيتك: كانت تلك جُملة خبيثة نطقت بها فايقة لتُشعل داخل صغيرها تجاة يزن وتجاة جميع العائلة


إستأذن من الجميع وصعد إلي مسكن شقيقتة هو وفارس الذي فهم مغزي همس والدتهُ إلي شقيقهُ وأصّر علي الصعود معهُ كي يمنع والدته من ملئ رأس قاسم بأحاديث مغلوطة وغير صحيحة بالمرة، وشحنهِ بالكراهية ضد يزن الذي هو بالفعل يبغضة لعلمهِ أنهُ يكنُ داخل صدرهِ عِشقً إلي صفا 


صعد إلي شقيقته وأخذها داخل أحضانة،  وما كان من ليلي سوي الإنفجار بالبكاء الحاد وكأنها كانت تنتظر ضمتها إلي صدر أحدهم كي تشعر بالأمان داخلهُ وتُخرج كُل ما تكنهُ داخل صدرها وتُخفيه، وتُعلن عن إنهيارها،  ربت قاسم علي ظهرها بحنان وتحدث بنبرة حنون  : 

_ إهدي يا ليلي،  إهدي يا حبيبتي وفهميني إية اللي حُصل،  

وأكمل بنبرة متوعدة :

_ وصدجيني، هچيب لك حجك من كُل اللي چُم عليكِ وظلموكِ 


جلست فايقة وقصت علية ماحدث من وجهة نظرها الكاذبة الحقود 


إشتعل داخل قاسم وكاد أن يتحرك إلي يزن ليُلقنةُ درسً ويتقاتل معه، أوقفةُ فارس الذي أكمل لهُ الحديث التي تعمدت والدتهُ عدم ذِكرة، تحت غضب فايقة وسخطها علي فارس 


جحظت عيناي قاسم وتحدث مُلامً إلي والدتهُ قائلاً:

_ معجولة اللي بسمعة من فارس دي يا أمّا، كيف طاوعك جلبك تودي ليلي بيدك للناس الكَفرة اللي ميِعرفوش ربنا دول  ؟ 


ثم نظر إلي شقيقتة وأردف مُعاتبً إياها : 

_وإنتِ يا ليلي يا متعلمة يا اللي تعرفي حدود ربنا والصح من الغلط، كان فين عجلك وإنتِ ماشية تابع ورا أمك كيف العامية وبتغضبي ربنا وبتخدعي چوزك ؟


أجابتهُ من بين شهقاتها الحادة ودموع الألم :

_ كُنت عاوزني أعمل إيه يا قاسم،  أني كُنت كيف الغرجان اللي متعلج بجشاية، كُنت مستعدة أعمل أي حاچة لجل ما أچيب حتة عيل أفرح بية جلب يزن وأربطة بيا أكتر 


سحبها لداخل أحضانة وتحدث وهو يُربت علي ظهرها بحنان: 

_ أني هاخدك وياي علي مصر وهوديكي لأكبر دكاترة، ومهسيبكيش غير لما ربنا يراضيكي ويديكي العيل اللي نفسك فيه. 


إرتبكت ليلي في حين هتفت فايقة بنبرة قاطعة: 

_ مبجاش لية لزوم المرواح والمجي يا قاسم،  كل الدكاترة والتحاليل اللي عِملناها جالت إن أختك صاغ سليم والعيب من يزن، هو اللي معيوب ومعيخلفش واصل 


تنهد قاسم بأسي علي حال إبن عمهِ وما وصل إلية،  فمهما كان يكِن لهُ بعض العداوة لأجل صفا إلا أنهُ يضل إبن عمه الذي يربطهما نفس الإسم والدم وبينهما الكثير والكثير من الذكريات الجميلة التي لم ولن تُمحي بمرور الزمن 


أردف فارس قائلاً بإعتراض: 

_متجوليش إكدة يا أمّا،  يزن راچل من ضهر راچل،  وأني متوكد إن فية حاچة غلط في التحاليل دي. 


حول قاسم بصرهُ إلية وتحدث بنبرة هادئة: 

_ طب ما تاخدة لمعمل كبير في مصر وتخلية يعيد له التحاليل من تاني ويتأكد 


إرتعب داخل فايقة من إنكشاف أمر خِطتها وتحدثت بنبرة قوية مصطنعة: 

_  الدكتور بعتنا لأكبر معمل في مصر كلياتها 


أكدت تلك التي ورثت خُبث وكذب والدتها كي تحمي حالها وعرشِها: 

_ هي المعامل الكبيرة دي عتغلط بردك يا قاسم؟ 


تنهد قاسم وأجاب شقيقتة في محاولة منه لبث روح الأمل داخلها:

_كل شئ جايز يا ليلي، ممكن جداً تكون عينات الفحص إتبدلت وحصل لغبطة من دكتور التحاليل وهو بيكتب التقارير 


تحدثت فايقة كي تُغلق ذلك الباب بوجة نجليها:

_مليكش صالح باللحكاية دي يا قاسم لا أنتَ ولا أخوك، عمك مُنتصر ومرته مفكرينا عنكدبوا عليهم، وأي حد فيكم عيدخل معيصدجهوشي ولا هيأمنوا له، يُبجا أسلم حل نبعد خالص ومندخلش. 


هتفت ليلي بنبرة تأكيدية:

_ أمي عنديها حَج يا قاسم   

إستمع قاسم حديث الأم وإبنتها وحزن كثيراً لأجل إبن عمه وما أصابة 


____________


بالأسفل كان زيدان يحتضن صغيرته برعاية تحت نظرات الجميع المُحبة،  خرجت صفا من أحضان أبيها وتحدثت إلي عمها مُنتصر: 

_ أومال فين يزن يا عمي،  مشيفهوش هو وليلي يعني  ؟ 


تحدث الجَد كي يرفع الحرج والحزن عن كاهل ولدهُ وزوجتة ذات القلب المُتألم لأجل نجلها الحبيب: 

_ يزن عِندية شغل في المحچر وزمناتة چاي يا دكتورة 


أومأت مُبتسمة لجدها الحبيب،  ثم أردفت متسائلة جدتها بعدما علمت بمرضها حين سألتها عن تغيُر لون وجهها وعيناها الذي يظهر المرض بداخلهما : 

_ والدكتور ياسر كتب لك علي حُجن الأنسولين من أول ما عمل لك التحليل وأكتشف إن عِندك السكر يا جده ؟ 


أجابتها الجَدة بصوتٍ واهن ضعيف: 

_أداني برشام أول يومين مرتاحتش علية، بعدها حلل لي وجال لي إني لازمن أخد إبر لجل ما تجيب معاي مفعول زين. 


تحركت صفا وجلست بجانبها ثم رفعت كف يدها وقبلته بحنان وتحدثت :

_ ولا يهمك يا حبيبتي، أني هضبط لك الأكل وإن شاء الله مستوي السكر هينزل ومهتحتاجيش للأنسولين تاني 


تدلي قاسم بجوار شقيقهُ من فوق الدرج بوجهٍ مهموم لأجل شقيقتة وإبن عمة،  تحرك إلي جدته وقبل جبهتها وسألها عن حالها وصحتها وبعدها تحرك الجميع إلي حُجرة الطعام وتناولوا عشائهم بدون شهية 

إنسحب للأعلي هو وصفا دلفا لداخل المرحاض وأخذ كلاهما حمامً دافئً كي يُزيلا تعب السفر وجلسا سوياً داخل غُرفتهما


وقص لها ما حدث مع يزن وليلي مما جعل صفا تتسائل بإستغراب:

_ كيف يعني العيب من يزن وأمّك بذات نفسيها أخدت مني عنوان الدكتور بعد ما جالت لي إن ليها سنتين ونص بتلف علي الدكاترة في المركز إهني، وكلهم بيجولوا لها إنها مسألة وجت؟


سألها مُستغربً: 

_جصدك إية بكلامك ده يا صفا  ؟ 


أجابتة بنبرة تشكيكية: 

_جصدي إن لو فعلاً الكلام دي صُح،  كان علي الاقل دكتور منيهم طلب من ليلي إنها تخلي چوزها ياچي معاها ويعمل تحاليل، لجل ما يتأكد إن المريضة بتاعتة معِنديهاش مشاكل  


قطب جبينة وكاد أن يرد عليها لولا إستمعا كلاهُما إلي طرقات عالية متتالية فوق الباب، مما أفزعهما وأسرع هو بإتجاة الباب ليري من الطارق، أما هي فأسرعت لترتدي ثيابً ساترة لجسدها 


وجد فارس أمامة وتحدث بنبرة لاهثة تدل علي وجود كارثة حدثت: 

_ چِدك عاوزك تحت حالاً يا قاسم 


سأل شقيقةُ بنبرة مُرتعبة:

_ إية اللي حصل يا فارس، إنطج وجول فية إية؟


أجابة فارس:

_  يزن تحت،  وعيجول إن فية ناس تبع الشرطة هجموا علي المحجر وخرجوة هو ورچالتنا منية بالعافية  


خرجت لهما صفا وتساءلت بنبرة مُرتعبة: 

_ فية إية فارس  ؟ 


أمسك قاسم مقدمة رأسها وقبلها بعدما قص عليها ما حدث، وتحدث إليها بنبرة مُطمأنة:

_ أدخلي نامي وإرتاحي يا حبيبتي، وأنا هنزل أشوف الموضوع وهطلع لك علي طول  


نزل بالفعل وجد جميع رجال المنزل و يزن بجاور جده فتحدث إلية بنبرة هادئة جديدة علية : 

_ إزيك يا يزن 


أجابه يزن بإقتضاب : 

_ الحمدلله. 


تحدث إلية قاسم بمهنبة : 

_ إحكي اللي حصل كله وشكلهم إية الناس دول،  والراچل اللي قال لك إنة تبع الشرطة وراك الكارنية بتاعة  ؟ 


أجابة يزن بنبرة حادة: 

_ أني مش صُغير علشان ينضحك عليا يا قاسم،  ولا كُنت هسيب مكاني واتحرك برچالتي من غير ما أتوكد إنهم فعلاً شرطة وأشوف الكارنيهات بتاعتهم 


عذر قاسم حدتة بالحديث،  واردف قائلاً بهدوء: 

_ وأني مبجولش إنك صغير يا يزن،  أني بس بتأكد إنك شوفت كارنيهاتهم . 


تحدث جدة إلية:

_ أني كلِمت مأمور المركز بس جال لي إن شكلهم جاصدين المحاچر بتاعتنا مخصوص وإنة معينفعش يتدخل لأنه بكدية هيُبجا بيتحداهم وهيعملوا مشاكل هو في غنة عنيها، 

وأكمل مُفسراً : 

_أني كان ممكن أجمع رچالة النجع كلياتها بالسلاح ونمشوهم بالجوة، لكن معايزش الموضوع يخلص بالعُنف وندخل الحكومة بيناتنا 


هز قاسم رأسهُ وتحدث: 

_ شكلهم إكدة الظباط الفسدة اللي تبع كمال أبو الحسن وبيشتغلوا لصالحة في موضوع تهريب الاثار 


هتف قدري بنبرة حقودة وكأنة وجد مادة خصبة للحديث: 

_ أني جولت من اللول إن اللحكاية دي مهيجيش من وراها غير الخراب ووچع الجلب،  وأهو كلامي طلع صُح والمحاچر اللي هناكُل من وراها الشهد ضاعت منينا 


وأكمل وهو ينظر إلي زيدان قائلاً بنبرة أمرة وكأنهُ أصبح الأمر الناهي  : 

_ من بكرة تروح تسحب ورج الترشيح بتاعك يا زيدان، منجصينش مشاكل ووچع دماغ إحنا مع الحكومة 


نظر لهُ قاسم مُستغربً رد فعلةِ وتحدث بنبرة غاضبة: 

_ كلام إية اللي عتجولة حضرتك دي يا أبوي،  عاوز ولاد النُعمانية علي أخر الزمن يطاطوا راسهم لواحد حرامي كيف كمال أبو الحسن  ؟ 


صاح زيدان بنبرة حادة وهو ينظر لداخل عيناي قدري بثقة: 

_ أني منكرش إني مكُنتش رايد موضوع الترشيح دي من اللول،  بس بعد اللي حُصل من كمال دي،  مسألة الترشيح بالنسبة لي بجت مسألة حياة أو موت يا قدري 


بعد الشر عنيك يا جلب أمك،  إوعاك تچيب سيرة الموت ديت علي لسانك تاني:  كانت تلك جُملة رسمية التي أصّرت علي الجلوس معهم رُغم مرضِها 


أردف مُنتصر بنبرة قوية: 

_وأني وولادي التنين واچفين في ضهرك يا زيدان 


وافقاه يزن وحسن وأيضاً فارس الذي خجل من كلمات أبية الشامتة 

في حين هتف عِثمان الذي كان ينتظر ليري رد فعل الجميع، نظر إليهم جميعاً متلاشيً النظر إلي قدري وتحدث قائلاً: 

_ هي دي رچالتي وعزوتي علي حَج، رچالتي اللي دائماً جلبهم علي جلب بعض ويدهم واحده جُصاد أي عدو ياجي علينا 


إنكمش قدري بجلسته خشيةً غضب أبية، حين تحدث قاسم إلي جدة بنبرة مُطمأنة: 

_ مش عاوزك تجلج وإعتبر الموضوع إنتهي يا چدي


وأمسك هاتفة وتحدث إلي رجُل ذو هيبة وموقع حساس بجهاز أمن الدولة،  كان قد تعرف علية من خلال قضية مهمة لأحد أقرباءة وانتصر قاسم بها ، ابلغةُ قاسم أن هذة المحاجر مِلكً للدولة، وجدة يدفع المال التي حددته الدولة له سنوياً 

قال له الرجل أن يذهب علي الفور إلي هؤلاء الرجال ويهاتفهُ أمامهم ويُفعل خاصية مُكبر الصوت، وبخلال تلك الفترة القصيرة سيُجري إتصالاتة ويتعرف علي هويتهم بطُرقةِ الخاصة والتي لا تصعب علية بكونةِ أحد الرجال الهامة في جهاز أمن الدولة،  وقد ساعدة قاسم ومّدهُ ببعض المعلومات التي يعرفها عن كمال أبو الحَسن،  وأيضاً أملاهُ يزن بأسماء بعض الرجال الذي رأي إثبات شخصيتهم 


بعد حوالي نصف ساعه كان قاسم وزيدان ومنتصر وقدري الذي ذهب بصحبتهم كي يستدعي رضا والده علية ، وايضاً يزن وفارس وحسن ومُعظم رجال العائلة الذي إستدعاهم زيدان وعلي الفور لبي جميعهم النداء، يقفون أمام الضابط الفاسد ورجالة 


وقف الضابط الفاسد وتحدث إليهم بنبرة قوية مُهدداً إياهم : 

_ جاي عاوز إية يا شاطر منك لية 


تحدث قاسم إلية بنبرة ساخرة: 

_ شاطر دي تقولها للي بيقدم لك الشاي في مكتبك،  إنما لما تيجي تُقف قدام رجالة النُعمانية أسياد النجع وأسياد المركز بحالة، تبقا تقف كويس وتتكلم بأسلوب يليق بأولاد وأحفاد عِتمان النُعماني 


هتف الضابط بنبرة حادة مُهينة لشخص قاسم: 

_وإنتَ بقا يا حيلة أمك اللي جاي تعلمني الإسلوب اللي هتكلم بيه مع امثالكم ؟ 


أجابةُ قاسم بنبرة باردة وهو يضغط علي زر الإتصال برجُل الدولة المهم: 

_ هو أحنا فينا من قلة الأدب وطولة اللسان ولا إية   


جن جنون الضابط وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتحرك بإتجاة قاسم كي يتهجم علية ويلكمةُ:

_ ولسة كمان هتدوق طولة الإيد يا روح أمك 


تسمر مكانه حين أوقفتة يد يزن الذي إحتجزة كي لا يقترب من إبن عمه، وجحظت عيناه حين إستمع إلي صوت قاسم وهو يتحدث إلي رجُل الدولة : 

_ إيوة يا باشا، الظابط اللي كلمت جنابك عنه واقف قدامي وسامعك 


تحدث الرجُل موجةً حديثةُ إلي الضابط الفاسد مهدداً إياه  : 

_ إسمع يا عُمر يا منشاوي 


جحظت عين الضابط فأكمل الرجُل حديثةُ: 

_ متستغربش إني عرفت إسمك،  أنا أعرف عنك كل بلاويك والمخالفات اللي عملتها في شغلك المشبوة مع النائب الفاسد اللي إسمة كمال أبو الحَسن ،


وأكمل بنبرة تهديدية:

_ إسمعني كويس يا عُمر،  أنا هدي لك فرصة عمرك وده بس علشان ما أدمرش مستقبلك وإنتَ لسة في بدايتك ، قدامك خمس دقايق بالظبط وتكون لامم البلطجية اللي حواليك دول وماشي من نجع النُعمانية ومن سوهاج كُلها،  ولو في يوم شيطانك وزك وحاولت تأذي أي حد من عيلة النُعمانية،  ساعتها بس متلومش غير نفسك 

وأكمل بنبرة حادة: 

_ مش سامع صوتك لية يا عُمر؟ 


إرتجف جسد عُمر وأجابةُ بنبرة مُرتبكة: 

_ تحت أمرك يا باشا،  حالاً هتحرك أنا ورجالتي 


تحدث الرجل إلي قاسم: 

_ لو فيه أي جديد حصل يا متر يا ريت تتصل بيا علي طول وأنا هتصرف 


أجابهُ قاسم بنبرة شاكرة:

_ إن شاءالله يا أفندم، وشاكر جداً لأفضال جنابك 


أغلق الخط ونظر إلي الضابط الذي وبالفعل بدأ بجمع رجالة البلطجية وتحدث إلية بنبرة ساخرة: 

_ يلا يا شاطر، جمع البلطجية بتوعك دول ومشوفش خلقتك في سوهاج كُلها وإلا إنتَ سمعت بنفسك الباشا قال إية 


سحب نظرة بعيداً عن مرمي نظر قاسم المُتشفي به وتحرك سريعً مُنسحبً هو ورجالة 


حين هتف قدري بنبرة تفاخرية بنجلة: 

_ براوة عليك يا قاسم ،  سبع يا ولدي الله يحميك 


ربت زيدان علي كتف قاسم وتحدث بنبرة استحسانية: 

_ ربنا يحميك لشبابك يا ولدي 


إبتسم لعمه وأمسك كف يدة وضغط عليها دلالة علي تضامنة 

وتحرك الجميع عائدون إلي السرايا بعدما هاتف يزن رجالة وعادوا من جديد إلي المحجر لحمايتة 


أما الضابط فهاتف كمال وقص علية تفاصيل ما حدث وأبلغهُ إنسحابهِ من القصة،  غضب كمال وتوعد بالرد القاسي علي عِتمان وزيدان 

__________________

في منزل زيدان النُعماني 

كانت تجاورهُ الجلوس فوق فراش نومتهما وتحدثت إلية بنبرة حزينة: 

_ بلاش منية موضوع الترشيح ديه يا زيدان،  أني جلبي ممطمنش للي إسمية كمال دي 

وأكملت وهي تنظر لداخل عيناه والخوف يُسيطر علي نظرتها له:

_ أني خايفة عليك يا حبيبي 


سحبها لداخل أحضانة وربت علي ظهرها كي يُشعرها بالأمان والطمانينة: 

_ معادش ينفع الإنسحاب يا ورد،  الموضوع كِبر وبجا مسألة كرامة،  وأني مهتنازلش عن كرامتي وكرامة عيلتي واصل جدام اللي إسمية كمال دي 

وأكمل:

_ مش عايزك تخافي طول ما أنتِ چوة حُضني يا زينة الصبايا  


تنهدت بثقل وخبأت حالها داخل صدرة لتتناسي بضمتة أحزانها التي أصابتها جراء ما حدث 


*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين


في صباح اليوم التالي 

فاق قاسم من غفوتة ثم أستعد وسافر إلي القاهرة تحت تألم روحة ودموع صفا وصرخات قلبها الذي ما عادَ يحتمل البُعاد عن وليفةُ ولو لساعاتٍ قِلة. 


ذهبت صفا إلي المشفي في محاولة منها لمتابعة سير العمل لسببين،  الأول أن تتناسي ألم قلبها الناتج عن إبتعاد الحبيب،  والثاني أن تعود لعملها التي تعشق مزاولتة. 


أوصل فارس مريم إلي عملِها بسيارته وترجلت منها داخل المَشفي وتحرك هو إلي أعمالة التي يكلفهُ بها جده،  دلفت وجدت بوجهها دكتور ياسر،  نظر لها مُتلهفً لرؤياها فقد إشتاقها وأشتاق رؤية عيناها حد الجنون، 


تسمر بمكانهِ لينتظر مرورها بجانبة، إبتسم لها برقة وتحدث بنبرة هادئة تدل علي عشق روحهِ لتلك الجميلة : 

_ حمدالله على السلامة يا أستاذة مريم 

وأكمل بإبتسامة مُداعبً إياها:

_  إحنا هنبتديها تقصير كدة من أولها ولا إية؟ 


أجابتهُ بنبرة جادة: 

_ أني أسفة يا دكتور، وإن شاء الله هتكون أخر مرة ومهتتكررش تاني 


إبتسم لها وتحدث بنبرة متسامحة: 

_ ولا يهمك يا مريم،  المهم طمنيني،  إنتِ كويسة؟ 


أجابتة بنبرة صارمة وهي تنسحب للأمام في طريقها إلي مكتبها: 

_ الحمدلله،  بعد إذنك  


وهرولت سريعً حتي أختفت داخل مكتبها،  تنهد وتحدث بصوتٍ يكادُ مسموع لأذنه : 

_ لحد أمتي هتفضلي تهربي بعيونك مني يا مريم، لحد أمتي هتهربي من مشاعري وتعملي نفسك مش فاهمة ومش واخدة بالك من حُبي ليكِ 

تنهد ثم تحدث بنبرة متفائلة:

_ علي العموم هانت يا حبيبتي، أنا خلاص قررت أكلم يزن وأطلب إيدك منه، علشان خلاص، مابقتش قادر أصبر علي معاملتك الجافة والرسمية دي أكتر من كدة     

_________________


ظهراّ داخل سرايا النُعماني 

ذهب عِثمان النُعماني إلي حديقة الفواكة ليطمئن علي المحاصيل بنفسة وليجلس مع يزن ويتحدث معه بخصوص إعادة الفحص مرةً أُخري، أما رسمية فبعد أن أخذت جُرعة الدواء وإبرة الأنسولين دلفت لداخل حُجرتها لتأخذ قيلولتها


أما ورد فكانت تجلس في البهو بجانب نجاة وتحمل إبنة مريم وتُدللها وتداعبها، 

نظرت ورد إلي نجاة المهمومة وأردفت بنبرة مُلامة:

_ وبعدهالك يا نچاة، عتفضلي لميتا جاعدة حزينة ومستسلمة لحالتك دي؟ 


تنهدت نجاة وتحدثت بنبرة محملة بثقل من الهموم:

_ وأني إية اللي في يدي لجل ما أعملة يا خيتي ومعملتوش 


هتفت ورد بنبرة حادة:

_ في يدك كتير إنتَ ومُنتصر يا نچاة، إجعدوا وياة وحايلوة وخدوة لمصر من چديد لجل ما يعيد التحاليل، 

وأكملت بنبرة تأكيدية:

_ كلياتنا وإنتِ أولنا خابرين زين إن فايقة ممكن تعمل أيتوها حاچة لجل ما تبعد الشك وتأكد للچميع إن عيب الخِلفة عند بِتها  

لم تكملا حديثهما حين إستمعتا صوت فايقة الهادر الذي يأتي من فوق الدرج وهي تُنادي علي العاملة إحسان بنبرة غاضبة، وهذا بعدما شاهدت ورد تحمل جميلة حفيدتها التي لم تحملها هي مُنذُ ولادتِها إلا مرات تُعد علي أصبع اليد الواحدة 


وهتفت عالياً: 

_ إحسان،  إنتِ يا اللي إسمك إحسان 


خرجت العاملة مُهرولة وتحدثت بنبرة مُرتبكة لحدة وغضب صوت تلك الفايقة  : 

_ نعمين يا ست فايقة. 


أكملت فايقة حديثها بنبرة أمرة: 

_ هاتي لي چميلة وطلعيهالي علي شُجتي

وأنسحبت سريعً إلي مسكنها فتحدثت نجاة بنبرة غاضبة: 

_ من ميتا وهي عتهتم بچميلة ولا حتي عتعتبرها حفيدتها، 

ونظرت إلي العاملة التي تنتظر لتأخذ الصغيرة لجدتها وتحدثت إليها :

_ روحي علي المطبخ يا إحسان،  چميلة أمانة أمها ليا ومعسلمهاش لحد غير لأمها أو أبوها 


وقبل أن تتحرك العاملة أوقفتها ورد التي تحدثت إلي نجاة وأقنعتها بحديث العقل وأن تبعث بالفتاة إلي جدتها، وبالفعل أخذت العاملة الصغيرة إلي فايقة التي وضعتها فوق التخت لحالها وخرجت إلي بهو الشقة تتحدث مع إيناس لتخبرها بسفر قاسم إلي القاهرة وأن عليها الإستعداد التام لإستقبالة بشكلٍ لائق ومُلفت للنظر 


أما بالداخل فتمللت الصغيرة بالجلوس لحالها وأرادت الذهاب إلي جدتها نجاة التي تداعبها وتغمُرها بالدلال طيلة الوقت،باتت الصغيرة تصرخ بالنداء علي جدتها ولكن لم تُعيرها ذات القلب المُتيبس أية إهتمام، بل تابعت ما تفعلةُ من تخطيط للإيقاع بفلذة كبدها داخل براثن إيناس ووالدتها، وذلك لتثأر من زيدان وإبنتة 


تحركت الصغيرة في محاولة منها للنزول، ولكن للأسف وقعت من فوق التخت المرتفع علي مفصل ذراعها مما أدي إلي كسرةِ في الحال، صرخت الصغيرة صرخة مُدوية إستمع إليها جميع من بالمنزل وتحركوا علي أثرهِ إلي الأعلى ، إنتاب فايقة شعور سئ، أغلقت الهاتف بوجة إيناس وجرت سريعً إلي الصغيرة وجدت ذراعها ملتوي ومنتفخ بشكلٍ يستدعي الذُعر والقلق 


وقفت متسمرة بمكانها لا تدري ما عليها فعله، إستمعت إلي خبطات سريعة متتالية فوق الباب، جرت سريعً إلي الباب وفتحتة، وجدت نجاة وورد وليلي وجميع العاملات 


تحركن جميعاً وذُهلن من وضع الصغيرة التي ما زالت مُلقاة علي الارض ، كادت نجاة أن تحمل الصغيرة فصرخت بها ورد وحذرتها من خطورة الوضع وتحدثت إلي حُسن:

_ هاتي أي خشبة عريضة نحطها تحت يد چميلة لجل ما تتأذي أكتر 


وبالفعل وضعت ورد ذراع الصغيرة وثبتته فوقة ببعض الأقمشة،  في تلك الاثناء حضر فارس بعدما هاتفتة ليلي وأخبرته بما جري 


ذهب فارس والجميع إلي المشفي مما تسبب في ذعرٍ للجميع،  هرولت صفا إلي فارس وتحدثت بنبرة هلعة بعدما رأت وضع الصغيرة: 

_ إية اللي حُصل يا فارس؟ 


أجابها ذلك الذي يتقطع لأجل صراخ صغيرتة: 

_ چميلة وجعت من فوج السرير يا صفا 


أتي ياسر بعدما أخبرته الممرضة بوجود حالة كسر مضاعف لطفله بالكاد تتخطي عامها الأول، فتحدث إلي فارس الذي يحتضن صغيرتة ممسكً بها ومشدداً: 

_ حط البنت علي الترولي من فضلك يا أستاذ فارس. 


نظر لهُ بتيهه فطمأنهُ ياسر، فوضعها تحت صرخات الصغيرة وتشبثها بيد أبيها الذي تحرك معها لداخل غرفة الأشعة،  تحركت صفا إلي مكتب مريم وأخبرتها بهدوء،  صرخت مريم وأسرعت إلي إبنتها، وجدتها مازالت داخل غرفة الأشعة وممنوع الدخول بأمر من ياسر وطبيب الأشعة

  

سحبتها نجاة وأحتضنتها وربتت علي ظهرها بحنان

تحدثت إلي والدتها بإستفسار: 

_ إية اللي حُصل لچميلة وخلي دراعها ينكسر يا أمّا ؟ 


نظرت نجاة إلي فايقة وتحدثت: 

_ حماتك هي اللي عتجول لنا إية اللي حُصل، لأن بتك كانت معاها وجت ما دراعها إنكسر يا مريم 


صاحت فايقة وأردفت بنبرة عالية: 

_ نصيبها يا حبيبتي، ربنا كاتب لها تنكسر وهي معاي،  إيه،  عتعترضي علي أمر ربنا وحكمتة إياك؟ 


سألتها مريم بنبرة حادة: 

_وإنتِ كُنتِ فين يا مرت عمي وجت ما بنتي إنكسرت؟ 


أجابتها بتبجح: 

_ كنت في الحمام يا ست مريم،  هتحكميني إنتِ كمان إياك  


سحبتها ورد إلي المرحاض كي تغسل وجهها وتُزيل عنها تلك الدموع كي لا تراها الطفلة هكذا وتنهار أكثر


خرجت من المرحاض وجدت إبنتها قد خرجت ودلفت لحجرة الكشف ،  دلفت إليهم،  وجدت ياسر وفارس وصفا مُلتفون حول الصغيرة وفارس يستعد كي يُجبر للصغيرة ذراعها ،  


جرت علي صغيرتها وتحدثت بدموعها : 

_ چميلة،  بنتي مالها يا فارس؟ 


نظر لها ياسر بذهول بعدما نزلت علية كلماتها فزلزلت كيانهُ، سألها بنظرات حائرة ونبرة مُرتبكة: 

_ بنتك؟ 

بنتك إزاي يا مريم؟ 


إتسعت عيناي فارس حين رأي نظرات ياسر وتعبيرات وجهةِ المصدومة،  وهُنا عاد بذاكرته وتذكر نظراته إلي مريم ووقوفهِ قبالتها وطمأنتهُ لها حين مرضت جدته رسمية، 


إشتعل داخلة وأرتجف جسدة من شدة الغضب والغيرة وتحدث بنبرة غاضبة عالية:

_ بِتها مني يا دكتور، ولا هو سيادتك متِعرفش إن مريم تُبجا مرتي وأم بِتي چميلة 


إتسعت عيناي ياسر ولم يستطع السيطرة علي حالة وهتف بنبرة بائسة وعيون تصرخُ ألماً جراء أماله وأحلامهُ التي تحطمت بلحظة:

_ مراتك إزاي، وأمتي ده حصل؟ 

ونظر سريعً لأصبع مريم وصُدم واتسعت عيناه عندما رأي خاتم زواجها بيدها، 

حدث حالهُ صارخً: يا إلهي، سأجن، كيف ومتي حدث ذلك؟ 


إرتبكت مريم وارتجف جسدها رُعبً من نظرات فارس التي لا تنذر بخير أبداً 

حين تحدثت صفا بإستغراب:

_هو فيه ايه يا چماعة 


نظر فارس إلي صفا وتحدث بنبرة حادة:

_ شوفي لي دكتور تاني يچبس لبتي دراعها


ثم حول بصرهِ إلي مريم وتحدث وصدرةُ يعلو ويهبط من شدة الغضب والغيرة:

_ تِطلعي من إهني علي البيت طوالي، وأني هچبس چميلة وهچيبها لك 


هزت رأسها برفض وتحدثت من بين دموعها مُمسكة بكف صغيرتها التي تصرخ باكية:

_ أني مهسيبش بِتي يا فارس، ومهروحش غير ورِچلي علي رِچلها  


صاح بنبرة غاضبة وعيون تُطلق شزراً: 

_ تروحي على البيت حالاً ومعايزش كُتر حديت يا مريم،  ورچلك مهتخطيش المستشفي دي تاني،  فهماني يا مريم 


نظرت له تترجاة بدموعها فبادلها إياها بتحذيرية، لأول مرة تراهُ بهذا الغضب،  إرتبكت فأخرجتها صفا بعد أن رأت غضب فارس العارم، وعادت إلي السرايا بصحبة ورد بعدما أبلغتهم صفا أن مريم لم تعد تتحمل رؤية إبنتها بهذا الوضع،  وهذا بعدما فهمت صفا مغزي الحديث 


أما بالداخل، وقف ينظر بغضب إلي ياسر الذي مازالت الصدمة تُلجم لسانة وتُسمر قدماة، وتحدث إلية بنبرة غاضبة: 

_ واجف عنديك بتعمل ايه،  جولت لك تتفضل تطلع برة 


بالفعل تحرك للخارج يجر ساقية بخيبة أمل كبيرة،  تحت إشتعال روح فارس وغيرتة التي تُشعل جسدة ،  جاء طبيب العظام وجبر للصغيرة ذراعها 


بالخارج،  تحركت نجاة مُنسحبة بهدوء كي لا تراها فايقة، ووصلت إلي غرفة طبيبة النساء والتوليد وتحدثت إلي أمل:

_ هو أني لو چبت لحضرتك تحاليل معمولة في معمل في مصر،وشاكة إنها متزورة وملعوب فيها هتِعرفيها؟


أجابتها أمل بنبرة صوت هادئة إرتاحت لها نجاة:

_ علي حسب، يعني ممكن تكون متزورة بطريقة مش مهنية فدي بسيطة وبسهولة نقدر نعرف إذا كانت ملعوب في نتايجها ولا لا، وممكن يكون اللي كاتبها حد مهني ومتخصص وساعتها هيكون صعب جداً إكتشافها 


تحدثت إليها نجاة بنبرة بائسة: 

_طب والعمل يا دكتورة  ؟ 


أجابتها أمل: 

_ الحل الوحيد والمضمون علشان تقطعي الشك باليقين، هو إن المريض يعيد التحاليل من جديد،  وساعتها هنقدر نعرف النتيجة الصح 


تنفست عالياً واجابتها بإستسلام وملامح وجه حزينة: 

_ مش راضي يعيد التحاليل،  مستكترها علي حالة يا نضري 


حزنت أمل لأجل تلك المكلومة، مع العلم أنها تجهل أن شخصية يزن هي المقصودة بالحديث، وتحدثت إليها : 

_طب هاتي لي التحاليل دي وأنا هتصرف 


هزت نجاة رأسها بإيجاب وتحركت من جديد إلي الخارج تنتظر خروج الصغيرة من الداخل 

  

*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين 


داخل بهو سرايا النُعماني 

كانت تتوسط جدها وجدتها اللذان يحتضناها ويحاولا تهدأتها 

تحدثت رسمية بنبرة حنون: 

_ إهدي يا بِتي،  دالوك هياچو بيها بالسلامة وهتُبجا زينة 


لم يكملا حديثهما حتي وجدوا فارس يحمل صغيرته وهي تغفوا بسلام بعدما حقنها الطبيب بإبرة منومة كي لا تشعر بألم ذراعها 


جرت عليه وباتت تُقبل كف يد ووجنة صغيرتها، تحرك بها ثم وضع الصغيرة فوق ساقي نجاة التي جلست بإسترخاء 


تحدثت جدته إلية: 

_ حمدالله علي سلامة بِتك يا فارس 


أجابها بإقتضاب: 

_الله يسلمك يا چدة 


وتحرك إلي الدرج وتحدث بنبرة صارمة: 

_ مريم،  عاوزك فوج 


إبتلعت سائل لُعابها وأرتبكت تحت إستغراب الجميع لحالة فارس وملامح وجهةِ شديدة الغضب  


*** ☆***☆ *** ☆***☆***

روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين


داخل المشفي 

تحركت صفا إلي مكتب ياسر الذي ظل حبيسهُ إلي الآن وتحدثت إلية بنبرة هادئة: 

_ ممكن تفسر لي إية اللي حصل جدامي ده؟ 


نظر لها وهز رأسهُ بيأس وتحدث بنبرة حزينة مُتألمة: 

_ والله ما كُنت أعرف إنها متجوزة يا صفا 

وأكمل بعيون شبة دامعة:

_ أول مرة شفتها كان يوم فرحك، إتخبط فيها بالغلط وفونها وقع علي الأرض وميلت جبتهولها، أول ما بصيت لعيونها سحرتني، علي طول بصيت في إديها علشان اتأكد إذا كان من حقي أتمادي في مشاعري دي ولا لاء، 


وهز رأسهُ بأسي وتحدث:

_ مكانتش لابسه دبلة، والله يا صفا ما كانت لابسة، أنا أستغربت لما لقيت في صباعها دبلة جواز إنهاردة، والله ما كانت لابسة طول الفترة اللي فاتت 


حزن داخلها لأجل ذلك الخلوق لانها بالفعل تعلم مدي إحترامة وأدميتة  ،  إنسحبت للخارج تحت تألم روحها وروح ذلك المذبوح الروح وتركتة يتألم بصمت 

_____________


بعد حوالي ساعة،  جلست بداخل مكتبها 

أمسكت هاتفها وضغطت زر الإتصال وتحدثت بنبرة جادة: 

_ مساء الخير يا دكتور محمد،  أنا دكتورة صفا زيدان اللي كلمت حضرتك من مُدة بخصوص حالة إبن عمي الباشمهندس يزن مُنتصر عتمان، ومراتة ليلي قدري عتمان 


أجابها الطبيب حين تذكرها وتحدث: 

_ إفتكرتك يا دكتور،  بس هو إبن عمك لية مجاش معاد الإستشارة وجاب التحاليل علشان أطلع عليها  ؟ 


نزلت كلماته علي مسامعها زلزلتها وهذا بعدما تحدثت مُنذ الصباح إلي زوجة عمها فايقة لتسألها عن ما أخبرها به الطبيب،  وأكدت لها فايقة أن الطبيب هو من أخبرها بما أخبرت به الجميع 


سألته صفا: 

_ مرات عمي هي اللي جابت لحضرتك التحاليل يوم الجمعة اللي فات  يا دكتور 


أجابها مؤكداً ان التحاليل لم تأتي من الأساس وتحدث إليها: 

_ أنا متأكد إن التحاليل دي بالذات أنا ما أطلعتش عليها،لأن دكتور حسن اللي موصيني علي حضرتك قالي أكلمة وأبلغة بنتيجة التحاليل أول ما تظهر، علشان هو هيبلغك بيها بنفسة ، 


وأكمل مُستغربً: 

_ثم أنا مبشتغلش يوم الجمعة من الأساس يا دكتور  .


أغلقت معه الهاتف وألف سؤال وسؤال يُراودها، لما كذبت زوجة عمها وأخبرتها أنها قابلت الطبيب وهو بشخصةِ من أبلغها بنتيجة التحاليل؟ 

ومن أخبرها بتلك النتيجة إذا لم يفعل الطبيب؟  

  وهل ستُخبر يزن بما علمته، أم ماذا عليها أن تفعل ؟


        الفصل الثامن والعشرون من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات