رواية الماسة المكسورة الفصل الثالث والخمسون 53 ج2 بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الثالث والخمسون 53 ج2 

بقلم ليله عادل


فجأة، فتح الباب واقتحمت الغرفة لورجينا وهي تركض صوب سليم، عانقته بشدة.


لورجينا وهي تعانق سليم قالت بشوق وعينيها تذرفان دموع الفرحة:

حمد لله على السلامة يا حبيبي، حمد لله على سلامتك، أول ما عرفت إنك فوقت جيتلك على طول، كنت ها أموت عليك يا سليم." (ضمته)


أثناء ذلك، كانت ماسة تقف تنظر باندهاش وصدمة مما تفعله لورجينا مع سليم، بينما اتسعت عينا سليم بصدمة كبيرة كادت أن تخرج من مكانها مما تفعله لورجينا. هو يجز على أسنانه بضيق، وجه نظراته نحو ماسة التى كانت نيران الغيرة تفتك بها. حاول سليم إبعاد لورجينا عنه بضجر.


سليم بنبرة غليظة:

لورجينا، إيه اللي بتعمليه ده؟ ما يصحش كده.


ابتعدت لورجينا وهي تضع كفها على خده، ففرحتها جعلتها تنسى كل العالم من حولها. نظرت إلى المقعد الذي يجلس عليه وقالت بصدمة:

إيه ده؟ إيه اللي حصل؟ ليه قاعد عليه؟


سليم وهو يبعدها عنه قائلاً بجفاء:

أنا كويس، لو سمحتي ما ينفعش كده.


رفع عينه مرة أخرى نحو ماسة بترقب لكي يعرف مدى تأثير ما فعلته لورجينا عليها. كانت ما زالت متوقفة مكانها تنظر بذهول وضيق. لم تعد ماسة قادرة على التحمل أكثر من ذلك. ارتسمت على وجهها ابتسامة ضيق، وعلى آخر كلمات لورجينا نظرت له وقالت بغيرة.


ماسة بغيرة ممزوجة بحدة:

ولما إنتِ هتموتي عليه، أنا بقى المفروض أعمل إيه؟


وفور نطقها تلك الكلمات، رفع سليم عينه نحوها وهو يزفر فقد تأكد أن الموضوع لن يمر بخير. توقفت لورجينا واستدارت لها، فيبدو أنها أخيرًا عادت لصوابها.


لورجينا بنبرة مهتزة بخجل:

أنا آسفة يا ماسة. (نظرت لسليم) أنا آسفة يا سليم، بس بجد قلبي كان جواه ألم كبير طول ما إنت كنت في الغيبوبة، ولما شفتك بخير، فرحتي ما بقتش سايعاني، ما قدرتش أمسك نفسي. أنا حقيقي آسفة.


حاول سليم إمساك ماسة من كفها لكنها أبعدت يديه عنها.


ماسة بنبرة حادة:

ماشي.


حاول سليم مسك يدها مرة أخرى لكنها أبعدتها ووضعتها خلف ظهرها وشبكت يديها خلف ظهرها لكي لا يستطيع سليم مسكها.


ماسة بجمود:

أنا هأخرج برة هكلم أختي.


أخذت في التحرك لكن أوقفها سليم قائلاً بنبرة رجولية:

ماسة استني.


رفعت ماسة حاجبيها وقالت بشدة:

با أقولك هكلم أختي، بعدين خليك على راحتك مع حبك القديم.


فهمت، هعدل النص على أساس إن سليم زعلان علشان ماسة اتضايقت من تصرفه مع لورجينا. ده النص المعدل:


سليم بنبرة رجولية عالية: "ماسة! مــاسة!"


كان قلبه يعتصر وهو يحاول اللحاق بها، لكن قدميه كانت تعيق حركته، والمقعد المتحرك الذي أصبح جزءًا من حياته كان يشكل حاجزًا أمامه، مما يزيد من شعوره بالعجز. كانت تلك اللحظات مؤلمة، كما لو كان يفقد شيئًا ثمينًا في كل ثانية تمر. لم يكن يشعر بالغضب من ماسة، بل بالحزن العميق، كما لو كان يشعر بأنها تبتعد عنه بسبب تصرفاته الأخيرة.


لكنها لم تهتم لنداءه، تركته وراءها وخرجت من الغرفة، وأغلقت الباب خلفها بشدة. الصوت الذي أحدثه الباب وهو يغلق كاد أن ينخلع من مكانه، كان صوتًا يردد في أذنه، وكأنما يصرخ في وجهه. كان ذلك الصوت كالسكاكين في قلبه، يؤلمه بشكل لا يوصف. فور خروجها، ضرب على يد الكرسي بيده بقوة، حاملاً في قلبه غيظًا وحزنًا عميقًا على ما تسبب فيه لها. أما ماسة، عند خروجها، ضربت بكفها وجبينها بحائط، غاضبة ومجروحة من تصرفه مع لورجينا، كأنها تحاول قمع مشاعرها التي كانت تتأرجح بين الحزن والغضب.


على اتجاه اخر.


رفع سليم عينيه نحو لورجينا وجزّ على أسنانه قائلاً بتَهكّم: 

عجبك اللي عملتيه ده؟


لورجينا، مع اهتزاز في نبرة صوتها ودموع في عينيها، قالت بتوضيح: 

بعتذر يا سليم، أنا مكنتش أقصد، أنا...


قاطعها سليم بحدة: 

يعني إيه مكنتيش تقصدي انت عملتي لي مشكله مع مراتي؟!


لورجينا، بدموع وحزن شديد، قالت بتوضيح: 

يا سليم، والله ما كنتش أقصد اللي حصل. أنا أول ما عرفت إنك بخير، جيت زي المجنونة. وأول ما فتحت الباب وشوفتك قاعد ومفتح عينك، ما قدرتش أتمالك أعصابي. نسيت كل حاجة، وكل اللي استوعبته عقلي إنك فوقت من الغيبوبة وصحيت وإنك بخير. ما كانش قصدي أسبب لك أي مشكلة مع ماسة، قلبي كان فرحان بيك، ومشاعر جوّايا ما قدرتش أوقفها أو أسيطر عليها. مشاعر صادقة، ما فيهاش أي كيد أو مؤامرة أو حاجة وحشة. فرحت بيك يا سليم، هي دي كل الحكاية.


زفر سليم باختناق. هو يتفهم ما تشعر به، لكن هذا لا يرضيه. فحاول أن يكون هادئًا معها، ليتمالك غضبه ويجنبها كلمات جارحة. فهو ما يزال يشعر بتأنيب الضمير تجاهها، فمسح وجهه، ورفع عينيه نحوها وقال بهدوء، لكن بجفاء شديد، كمحاولة منه أن يجعلها تنسى أي أمل في العودة بينهما.


سليم، بجفاء محاولًا الحفاظ على تهذّبه، أشار بيده وقال، وهو يحاول أن يخفي التوتر في صوته: لورجينا، لو سمحتي، كفاية. هي خلصت. أنا مش عايز أتعامل معاكِ بأسلوب إنتِ عارفة كويس، لو سمحتي، يا لورجينا اللي إنتِ بتعمليه ده ماينفعش، إحنا خلاص من زمان، من عشر سنين،  أنا دلوقتي راجل متجوز وبأعشق مراتي، ومش هسمح بأي حاجة ممكن تضايقها حتى لو كانت حاجات صغيرة،

اللي بتعمليه ده ماينفعش، حتى مشاعر الخوف والوجع اللي بانوا على ملامحك وفي نبرة صوتك ما ينفعوش،  ادّيهم لأي راجل تاني يستاهلهم ويقدرهم، لكن أنا لأ... لأ ..


تنهدت وأكمل بنبرة هادئه بها بشعور بذنب:

لورجينا. أنا لسه بحاول أحافظ على آخر خيط بينا، علشان خاطر العشرة والصداقة، ولأني أذيتك كتير. بحاول أكفر عن ذنوبي، بس صدقيني، لو حسيت إن الخيط ده ممكن يضايق ماسة أو يأثر على علاقتي بيها...

فجأة تحولت نظراته ونبرة صوته لبحة رجولية، وباتساع عينيه بشراسة، قال بحسم: 

.. هقطعه، بس هقطعه بشكل مش هيعجبك،  بلاش تطلعي شخصية سليم القديمة، لو سمحتي يا لورجينا. ماتخلينيش أبقى قليل الذوق والأدب معاكي. 


شعرت لورجينا بوجع شديد من حديثه، وكأن قلبها تمزق إلى آلاف القطع الصغيرة، كل كلمة خرجت من فمه كانت كالسكاكين تخترق أعماق روحها. لم تكن تقصد شيئًا مما حدث، ولكن الكلمات التي قالها كانت أقسى مما يمكن أن تتحمله. هي تعلم جيدًا أن كل شيء بينهما انتهى للأبد، وأنه لا يوجد أمل في العودة، ولكن قلبها الذي ما زال متعلّقًا به كأنما كان يرفض أن يصدق الواقع. كل شيء فيه كان يشدها مرة أخرى، حتى وهي تدرك أن هذا الحب أصبح مستحيلًا، أن هذا الطريق مغلق نهائيًا. ومع ذلك، كانت مشاعرها تزداد شدة، وكأنها معركة بين عقلها الذي يعلم أن الوقت قد حان للمضي قدمًا، وقلبها الذي لا يزال يُصر على البقاء في الماضي، يرفض أن يتركه


لورجينا بدموع وتهكم في نبرة عالية: 

هو إنت فاكر إني فرحانة بنفسي يعني إني لسة بحبك؟ بعد كل اللي إنت عملته فيا؟ ولا فرحانة بلهفتي عليك بالشكل المهين ده؟ أول ما شوفتك فوقت من الغيبوبة بخير...


بغيظ وضيق، تتحدث من بين أسنانها بدموع وبوجع عصف بقلبها:

بس أعمل إيه في قلبي الضعيف اللي لسة متعلّق بيك وبيتألم لما يحصل لك حاجة؟ أنا عارفة ومتأكدة إنه مفيش 1% أمل إننا نرجع... وأنا أصلاً مش طمعانة في ده ولا عايزاه حتى، أنا ما شفتش منك غير الوجع والأذى بس يا سليم، أنا محدش أذاني قد ما إنت أذتني.، إنت خليتني أفقد الثقة في الناس، أي واحد هايجي يقدم لي حبه هابقى خايفة ومش هاصدقه، ولا هقدر أدي فرصة لأي حد، لأني هخاف يعمل زي اللي إنت عملته فيا، ويحط لي السم في العسل زي ما إنت عملت بالضبط، أنا هافضل طول عمري وحيدة بسببك، أنا أديتك كل حاجة ممكن ست تقدمها لراجل، وماخدتش منك غير وجع القلب والقهر وذكريات كلها ألم، يمكن ماسة شافت حاجات كتير حلوة منك، بس أنا عمري ما شفت منك إلا قليل، 

لكن ماسة،  شافت سليم الجديد، أعتقد لو عاشرت سليم القديم ماكنتش هتتحملك...


بضعف وحزن اضافت:

أنا مش عارفة ليه لسة لحد اللحظة دي مش قادرة أتخطاك، واقفة على أيامنا مع بعض، أنا ماكنتش عايزة حاجة، ولا كنت عايزة أعملك مشكلة مع مراتك. لو كنت عايزة أعمل مشكلة، ماكنتش هستنى اكتر من 5سنين، بعد رجوعك من سنه العسل بتاعت، كل الحكاية زي ما إنت قولت، العشرة والصداقة، وإن اللي كان بينا زمان مكانش عادي، فخلاني أعمل كده.


بضعف، ونبرة مليئة بالقهر:

هو أنا لو كنت مكانك، ماكنتش هاتزعل عليا؟ ولا كنت هاتيجي تطمّن وتفرح إني رجعت للدنيا تاني؟


كان سليم يستمع لها، ورأسه منخفضة بعذاب ضمير ينخر قلبه بسبب ما تقوله. رفع رأسه لها بنظرة مليئة بالندم وقال بتأكيد وإيجابية: 

كنت هازعل طبعًا، وكنت هاجي أشوفك وأطمن عليكي، وكنت هافرح إنك قومتي بالسلامة، ومش هقولك تاني يا لورجينا، أنا مديونلك بحاجات كتير، وماكنش ليه لازمة تقولي الكلام ده، لإنّي عارف أنا أذيتك قد إيه!


تنهد بصوت عميق ثم تابع:

وهو ده اللي مخليني بتعامل معاكِ كده. اطلبِي أي حاجة تخليني أكفر عن ذنوبي، بس مش على حساب علاقتي بماسة. لإنّي مستحيل أخلي أي حاجة، مهما كانت، تبوّظ حياتي الجديدة، حتى لو كانت لورجينا... يعني عندي استعداد أقتل ضميري ولا أخسر ماسة.


مسحت لورجينا عينيها بدموع بوجع وجلست على قدميها، ركزت نظرها داخل عينيه وقالت بقوة: 

والله يابختها، بس حقي أنا هاخده. ماسة هاتعرف تاخد حقي وحق كل إللي كسرتهم يا سليم، عشان دلوقتي إنت وقعت في العشق في الضعف. دايمًا كنت بتقول العشق ضعف، وإنت مش بس عاشق، إنت ميت فيها، كفاية بس علشان خرجت برة شوية متضايقة اتوجعت إزاي وهاتتجنن وتصالحها وقاعد تبخ سمك فيا بالكلام...

(تنهدت) أنا أسفة، ماتقلقش، أنا مش هاجي تاني. مش ها أضايقك بوجودي وبمشاعري. أنا أصلاً بقالي اكتر من اربع سنين مش موجودة في حياتك، أكيد مش هاجي بعد كل السنين دي عشان أدمرلك عش الزوجية السعيد. حمد لله على السلامة بعد إذنك.


كادت لورجينا أن تخرج من الباب، لكنها توقفت عندما استمعت لحديث سليم.


سليم بضعف: 

أنا آسف يا لورجينا، ومش ها أبطل أقولها لحد ماتسامحيني. وياريت تحاولي تعيشي حياتك وتنسي سليم، سليم انتهى من حياتك للأبد. إنتي تستاهلي حياة حلوة زي إللي بتتمنيها طول عمرك، صدقيني.


هزت لورجينا رأسها بنعم، ممزوجة بوجع هز قلبها: مبروك لرجوعك بالسلامة.


خرجت من الباب والدموع تملأ عينيها بوجعٍ شديد. كانت ماسة تقف على الحائط المقابل للباب، تسند ظهرها عليه. نظرت لها لورجينا بوجعٍ شديد، وكأنها تريد أن تقول: 

"لماذا أحبك كل هذا الحب؟ لماذا لم يمنحني حتى نصفه؟ ماذا بكِ ليس بي؟ لكي يعشقك كل هذا العشق الذي جعله يتخلى عن العالم بأسره لأجلك؟ وأنا التي أعطيته كل شيء لم أخذ منه غير ألم قلبي.


نظرت لها ماسة، وهي تعقد حاجبيها بإستغراب على تلك الدموع التي تنهمر من وجهها الشاحب. تبادلتا النظرات لثوانٍ، ثم تحركت لورجينا حتى آخر الممر.


كان سليم يشعر بضيق شديد مما حدث، فهو لم يكن يتمنى أن يصل الأمر إلى هذه المرحلة، خاصة في هذا التوقيت العصيب مسح وجهه محاولًا استعادة هدوءه، لكنه بدأ في تحريك المقعد نحو الباب بصعوبة بسبب هزة يده، محاولة للبحث عن ماسة والصلح معها. وفور أن اقترب من الباب، شاهدته ماسة اعدلت من وقفتها بتعجب، فتقدمت نحوه مهرولة حتى توقفت أمامه.


ماسة بتعجب: 

رايح فين؟


رفع سليم عينيه إليها وقال:

كنت عايز أشوفك فين.


ماسة بجفاف: 

أنا هنا أهو.


سليم: 

طب تعالي.


ماسة: حاضر.


دخلت وأغلقت الباب، ثم التفتت خلفه وبدأت في تحريك المقعد، وعند وصولها إلى الفراش توقفت.


ماسة بجفاء: 

هتقعد على السرير ولا الكنبة؟


أمسك سليم يدها وجعلها تقف أمامه.


سليم باستغراب: 

إيه إللي إنتي عملتيه ده؟


رفعت ماسة أحد حاجبيها وقالت: 

عملت إيه؟


سليم باعتذار: 

أولًا أنا آسف على إللي حصل، ثانيًا ينفع اللي عملتيه؟ إنتي مش شايفة إنك أديتي الموضوع أكبر من حجمه؟ وبنادي عليكي، ماترديش عليا؟ أنا كنت هاعرف أوقفها عند حدها، أنا حاولت أمسك إيدك علشان أرد عليها، وإيدك في إيدي، لكن إنتي مادتنيش فرصة أمسكها. كمان خرجتي برة، وأنا منادي عليكي، ماترديش منك عارفه ان انا مش هعرف اجي وراكي... ده ينفع؟


نظرت له ماسة بضيق شديد، وكانت تجز على أسنانها بسبب ما قاله. كيف يقول لها إنها أضخم الموضوع ويتهمها بأنها أخطأت في ردة فعلها؟ أخذت تتحرك في الغرفة يمينًا ويسارًا بغضب شديد ممزوج بتعجب، وأخذت تمسح جبهتها بأطراف أصابع يدها. كانت عينا سليم تتحرك معها بحيرة، يحاول تفسير ما بها.


توقفت، ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة غاضبة وقالت بعصبية وهى تنظر له بنبرة عالية: أديت الموضوع أكبر من حجمه! لا ياحبيبي أنا مادتش الموضوع أكبر من حجمه ! أنا مادتلوش حجم من الأساس، علشان أنا لو كنت اديته حجمه، 


واصلت بغيظ وهى تحرك يدها تتحدث من بين أسنانها:

كنت جبتها من شعرها ومسحت بيها بلاط المستشفى وخلتها فرجة، كان زمان المستشفى بتتفرج علينا دلوقتي، بس أنا طلعت برة عشان لو كنت وقفت شوية كمان ماكنتش ها أقدر أسيطر على غضبي 


متعجبه مررت عينيها عليه:

عايزني أعمل إيه وأنا شايفها نازلة أحضان و بوس فيك، ومش فارق معاها إللي واقفة جنبك! مطلوب كنت أعمل إيه ها؟ أقف أشجعكم!! إيه هو أنا مابحسش وبغير، وحضرتك قال إيه!!


واصلت بنبرة ساخرة وهى تغير نبرة صوتها: 

بس يا لورجينا ماينفعش كدة.


زغرت له بعينها واصلت بنبرة ساخرة:

ياحلاوتك ياجمالك، خايف على مشاعر الأستاذة، بطبطب عليها وإنت بتقولها عيب مراتي واقفة،( بغضب)  بدل ماتزقها وتقلب وشك وتكلمها بنبرة صوتك الجامدة، ده إنت لما تقولي ماسة، أقسم بالله بتنفضني لما بتقولها وإنت متضايق والا متعصب، راحت فين ها ؟ أكلتها القطة ! ولا دي ماينفعش تطلع للأستاذة لورجينا علشان احساسها ومشاعرها ماينجرحوش؟


بتأثر وغيره ببحه:

طب ماسة فين من كل ده !! أنا كمان بحس وعندي مشاعر وبغير زيك،  

(بنرفزة أكبر ) ياشيخ ده انت قلبت وشك لما الدكتور المحترم إللى في سن أبوك كان هايعلمني حاجة علشان يعالجك بيها مجرد ماسمعت إنه هايمسك إيدى قلبت وشك وعينك وصوتك، ولو كنت طولت تجيبه من زمارة رقبته كنت عملتها، وطبعاً لو مكناش هنا أقسم بالله يا سليم ماكنت هاتعدي موضوع إني وافقت إنه يمسك ايدي عادي كنت هاتزعقلي، وتمسكني من دراعي وتقربني منك وتبص جوة عنيه وتقولي (قلدته ) ماسة ملك سليم وبس مينفعش حد يلمسك أنا بموت من الغيرة (صاحت بيه) مش كدة !!! 

بعين أغرورقت بدموع أكملت بنرفزه:

لكن ماسة تاخد رد فعل بسيط تبقى كبرت، الموضوع! عايزني أسكت وأنا شايفة واحدة عمالة تحب وتعشق في جوزي وقال إيه أنا كنت ها أموت عليك، ونازلة عياط  وبتعبرلك عن مشاعر الحزن والوجع، وأنا واقفة شايفة ده بعيني وإنت عمال تحسس عليها، والمفروض أنا أسكت وما أعملش حاجة؟

بعدين إيه ها أموت عليك دي!!  طب لما هي تموت من زعلها أنا أعمل إيه !! أجبلكم اتنين جاتوه من لابوار علشان يروق عليكم مش فاهمة!!!

( بشدة ) بتقول إني كبرت الموضوع  !!! آه أنا كبرت الموضوع ولسة ها أكبره عندك مشكلة؟ مادام مابتحترمش مشاعري خلاص، لو لورجينا ولا غيرها حد فيهم عمل كدة تأني! والا سلم عليك بطريقة ماتعجبنيش، أقسم بالله لوريهم ماسة القديمة بنت سعدية هاتعمل فيهم إيه؟وابقى أتكلم وقتها يا سليم، علشان بجد إللي حصل ده مينفعش، وأنا سكت وإنت جاي تتهمني إنى كبرت الموضوع.


وضعت يدها على وجهها وعينيها، حاولت تهدئة نفسها وهي تأخذ أنفاسها وتحاول السيطرة على غضبها.


كل ذلك وسليم جالس وعينيه مسلطتان عليها، لا يرمش بهدوء كأنه يريدها أن تفرغ كل ما في داخلها من غضب وضيق، فهو أيضًا يشعر بالغضب من أجلها. وما قاله ليس كما فهمت، فكل ما كان يقصده هو أن تقف وتشاهده وهو يوقف لورجينا عند حدها.


ابتلع سليم ريقه ونظر إليها بأسف وضعف، قائلاً بنبرة هادئة حنونة: 

خلصتي؟!


رفعت كفها عن وجهها الذي كان يحجب رؤيتها، ونظرت له بعينين تذرفان الدموع. تبسم لها بحب، ثم بدأ بتحريك المقعد حتى توقف أمامها مباشرة وأمسك يديها بحب واعتذار، وقال: 

أنا أسف، حقك عليا.


وضع قبلة على كفها ونظر لها:

والله العظيم، مستحيل أكون قاصد أعمل حاجة تضايقك. أنا لما قلت إنك كبرتي الموضوع، كنت أقصد لما خرجتي، وإنك كان لازم تقفي وتشوفي هاعمل إيه.


ماسة بشدة: 

شوفت


هز سليم رأسه بلا وقال بعقلانية ولطف برفض:

لا، إنتي ما شفتيش ولا أديتيني الفرصة. أنا فعلاً اتعاملت مع لورجينا بهدوء مش بطريقتي، بس ده علشان أنا مش عارف أكون معاها سليم العصبي قليل الذوق إللي مش فارق معاه أي حاجة. ماكنتش قادر أكون جارح معاها أكتر من كده.


ماسة سحبت يده بضيق وهي تجز على أسنانها: "وده ليه إن شاء الله؟ علشان خايف على مشاعري حبك القديم؟ انت بتستفزني.


هز سليم رأسه بنفي وبنبرة حنونة لطيفة كلها عشق: لا، مش علشان خايف على إحساس حبي القديم، وبعدين هي ماكنتش حبي القديم. أنا ماحبتش غيرك. قولتلك وهافضل أقولك، أنا محبتش غيرك ولا هأحب غيرك، ولاعرفت معنى الحب غير معاكي. كل الحكاية إن لورجينا ماخدتش مني غير الأذى وبس، أنا أذيتها كتير، فبحاول إني ماظلمهاش وما أذيهاش أكتر من كده، عذاب الضمير من ناحيتها واجعني أوي يا ماسة، علشان كده تصرفت معها بالطريقة اللي مش عاجباكي دي، وإنتي شايفاها فيها طبطبة، بس هي في الحقيقة شفقة، تعويض يمكن ضميري يرتاح شوية.


جلست ماسة على الفراش ونظرت له باستهجان: 

يا سلام، هو كل راجل كان ليه علاقة بواحدة قبل ما يتجوز وسابها هايعمل زيك كده؟


سليم بحزن: 

لا، مش علشان أنا سبتها. إنتي عارفة إن لورجينا كانت حامل مني!

هزت ماسة رأسها بإيجاب، فأكمل: 

لما عملت العملية حصل لها نزيف فاضطروا يشيلولها الرحم.


اتسعت عينا ماسة باستغراب بنبرة مهتزة: 

شالت الرحم يعني مش هاتبقى أم؟


هز سليم رأسه بإيجاب ممزوج بألم وأسف:

أمم، وأنا السبب. أنا ماكنتش عارف عن الموضوع ده غير لما رجعت، بس من وقت ما عرفت وأنا حاسس بعذاب من ناحيتها، علشان كده بحاول لما تعمل تصرف ما يكونش مناسب أو لطيف، إني ماكنش عنيف معاها وأجرحها، وفي نفس الوقت، مستحيل أسمح يا ماسة إن أي حاجة تجرحك حتى لو لورجينا، لان ساعتها طز في ضميري، عادي، أنا ها أعرف أدوس عليه...


مسك يدها ونظر داخل عينيها بعشق، أكمل: 

إنتي بس إللي تهميني، العلاقة الوحيدة إللي يستحيل أسمح إن أي حاجة ممكن تخدشها، حتى لو المقابل إني أقتل حد أو أأذي، مش مهم، المهم إنك تفضلي معايا وماتزعليش. أنا عشان دمعة منك ممكن أنسف الدنيا بحالها، أنا كل إللي عايزك تفهميه وتصدقيه إني ماكنتش أقصد أوصلك لكل الحزن والزعل ده. إنتي ماتعرفيش أنا قولتلها إيه! كان نفسي تقفي وتشوفي بعينك وأنا باخد حقك.


رفع يده وأمسك خصلات شعرها بعشق جامح... ممكن بقى تسامحيني؟


نظرت له ماسة بعينين اغرورقت بالدموع والحزن، قالت ببراءة: 

على فكرة أنا زعلت أوي علشانها، عارف يعني إيه مش هاتبقى أم؟ يعني تعيش لوحدها طول عمرها، ومش هاتسمع كلمة ماما. خلاص، أنا مش زعلانة، بس يعني برده ماتتمداش يعني. أنا ها أسمح إنك تبقى جنتل مان معاها بس بحدود، جو الأحضان والبوس ده ماينفعش.


تبسم سليم على براءتها ونقاء قلبها معلقًا بمزاح محبب: 

أمال فين الشراسة إللي أنا كنت شايفها من شوية؟ وشخصية السفاحة بتاعتك؟ إنتي كل ما بتكبري بتخوفي، بتبقي متمردة.


نظرت له ماسة بتذمر طفولي يليق بها قائلة ببرئتها: على فكرة أنا قلبي طيب وأبيض مش أسود، وبزعل أوي من جوه قلبي لو حد حصله حاجة. والله العظيم صعبت عليا من قلبي. وبعدين، إنت شكلك هزأتها. تصدق أنا افتكرت كانت طالعة معيطة وعينيها حمرا! عملت فيها إيه؟ حرام عليك، ماعندكش قلب.


رفع سليم حاجبيه بابتسامة جميلة متعجبًا على ما قالته، قبلها من يديها وقال: 

أنا عارف إن قلبك أبيض وبرئ أوي، علشان كده بأخاف عليكي من البشر. ماينفعش تعيشي وسطهم، هتتأذي أوي.


نظرت له ماسة وهي تدقق النظر داخل عينيه بعشق، وتشبثت بيده، قالت: 

بس طول ما إنت معايا مستحيل حد يئذيني. أنا بثق فيك وماعرفتش معنى الأمان إلا معاك.


فتح سليم ذراعيه وهو يقول بحب: تعالي هنا.


تبسمت ماسة ابتسامة واسعة بحب وقامت بمعانقته بشدة، وهو أيضًا يضع قبلات متقاطعة على جانب جبينها بحب، وهو يقول:

وأنا بحبك


ماسة: 

وأنا كمان بموت فيك.

❤️_____♥️بقلمي_ليلة عادل♥️_____❤️


فيلا عائلة ماسة الثالثة مساء 


 الهول الكبير.


كانت سعدية تجلس وسط أبنائها، تقشر البرتقال وتوزعه عليهم، بينما مجاهد يراقبهم بابتسامة هادئة. الجو مريح لكنه يحمل بعض القلق على سليم.


مجاهد بصوت قلق وهو بيشرب الشاي: 

طب انتِ إيه اللي جابك؟ ما كنتِ خليتكِ مع البت، أحسن تعوز حاجة.


سعدية بتنهيدة وهي ترمي قشر البرتقال في الطبق:

 هي اللي قالت لي "امشي يا ماما،  عشان سليم مش عايز حد يشوفه وهو كده.. متعصب ومش مستحمل حد حواليه.


عمار بفضول وقلق: 

يعني إحنا مش هينفع نروح نشوفه؟


سعدية بتوضيح: 

لا يا حبيبي، ما حدش يروح دلوقتي، هو يومين وهيخرج من المستشفى. بس كلموها في التليفون، اسألوا عليها وعليه.


تمسك سعدية الهاتف وتتصل بماسة، بعد لحظات يأتيها صوتها من الطرف الآخر.


 ماسة بصوت مرهق لكنه ثابت: 

ألو.. إيه يا ماما، عاملة إيه؟


سعدية بحنية وابتسامة خفيفة:

 الحمد لله يا بنتي. بقول لك إيه، سليم جنبك؟ ابوكي عايز يسلم عليه هو وأخواتك.


نظرت ماسة إلى سليم، الذي كان مستلقيًا على السرير في المستشفى، مغمض العينين، لكنه كان يستمع إلى حديثها. فاقتربت منه وأمسكت يده بحنان.


ماسة بهدوء: 

حبيبي، تقدر تكلّم بابا وأخواتي؟


سليم يفتح عينيه، يرمقها بنظرة تعب لكنه بيهز راسه بموافقة. تاخد منه الهاتف وهو بياخده ببطء.


سليم بصوت مبحوح لكنه هادي:

 ألو؟


سعدية بمزاح خفيف لكي تخفف التوتر:

 ما شاء الله، لا.. ده إنت النهارده عسل أهو!


سليم ابتسامة خفيفة: 

الحمد لله، إنتِ أخبارك إيه؟


سعدية: 

أنا الحمد لله يا حبيبي، خد، كلّم عمك مجاهد.


تيناول الهاتف لمجاهد، فيأخذه بسرعة.


مجاهد بحب واهتمام:

 عامل إيه،  يا سليم حبيبي، أخبارك إيه دلوقتي؟ انت كويس؟


سليم: 

الحمد لله.. بخير، شكرًا على سؤالك.


مجاهد بصوت دافئ:

 ما تقولش كده، انت زي ابني بالظبط، والله كنت عايز أجيلك، بس عرفت إنك مش حابب تشوف حد دلوقتي.. إن شاء الله أول ما تخرج من المستشفى وتبقى أحسن، هاجي لك أنا والعيال. مش هطول عليك، عمار ويوسف بيسلموا عليك.


سليم بلطف: 

الله يسلمكم، شكرًا ليكم.


أغلق مجاهد الخط وهو يطالع سعدية بابتسامة، بينما أعاد سليم الهاتف إلى ماسة، التي أخذته ووضعته بجانبها. ثم أمسكت يده بحنان دون أن تقول شيئًا، لكنه شعر بها، فأغمض عينيه مستسلمًا للراحة.


اتجاه اخر 


مجاهد باطمئنان: 

صوته احسن الحمدلله.


سعدية:

 الحمد لله. 


مجاهد:

 فين سلوى.


سعدية: 

قالتلى هتجيب حاجات لماسة من القصر مكي  جه ياخدها.


مجاهد:

 طيب


وأثناء حديث مجاهد وسعدية، دخلت سلوى من الباب، وكان يبدو عليها الحزن العميق، وعينها تتجنب النظر إلى أي شخص.


رفعت سعدية عينيها نحو سلوى بقلق وقالت:

جبت الحاجه لاختك؟ عايزاها؟


سلوى، وهي تحاول إخفاء مشاعرها:

اه، وديتها لها، أقصد بعتها مع مكي… مش قادرة أروح لها دلوقتي، عايزة أنام.


سعدية، بنبرة حانية:

طيب… مش هتاكلي حاجة؟


سلوى، وهي تهز رأسها بإحباط:

هنام… هنام.


ثم صعدت سلوى إلى غرفتها، وكان واضحًا من ملامح وجهها الحزن العميق الذي يكتنف قلبها. جلست على الفراش، وأخذت تبكي بحرقة، كما لو أن دموعها هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع من خلالها التعبير عن الألم الذي يعتصر قلبها.


المشفى الرابعة مساءً 


فى غرفة سليم 


طرقٌ خفيف على الباب، وصوت ماسة الهادئ ينادي:

اتفضل يا مكي.


لكن الباب فُتح لتدخل فريدة وياسين بدلًا منه.


رفعت ماسة عينيها نحوهم، بينما كان سليم مستلقيًا على الفراش، يستريح بعد جلسة العلاج الطبيعي. ما إن رأته فريدة، حتى ركضت إليه بسرعة، ولحق بها ياسين.


فريدة، وهي تضمه بقوة:

حبيبي، حمد لله على سلامتك! وحشتني قوي!


وضعت قبلة على خده، بينما ياسين ابتسم ثم قال ممازحًا:

أوعي بقى يا فريدة! حمد لله على سلامتك يا ملك… وحشتنا قوي يا حبيبي.


سليم، وهو يحاول أن يعتدل مستندًا على يد ياسين قال بجفاء:

الله يسلمكم… بس إيه اللي جابكم؟


ياسين، وهو يعقد ذراعيه مستنكرًا:

يعني إيه اللي جابنا؟ فاكر إننا ممكن نعرف إنك فوقت وما نيجيش؟ حتى لو مش عايز تشوف حد، مش هنهتم لا ما هو مش انت بس اللى مجنون إحنا كلنا مختلين عقلياً بس كل واحد بطريقه انت اكثر رعبا فينا بس ههههت.


سليم، بتنهيدة مرهقة:

بس بجد، مش عايز أشوف حد دلوقتي…


فريدة، وهي ترفع حاجبها بحدة:

مفيش الكلام ده! بطل طريقتك دي، إحنا أخواتك، ما تعصبنيش عليك! ها عامل إيه دلوقتي؟ ورجلك عاملة إيه؟


سليم، وهو يحاول إخفاء ألمه:

الحمد لله.


وقعت عينا ياسين على يد سليم المرتعشة قليلًا، شعر بوخزة في قلبه لكنه لم يُظهر ذلك، ثم نظر إلى ماسة، محاولًا تغيير الجو:

إزيك يا ماسة؟ عاملة إيه؟


ماسة، بابتسامة خفيفة:

الحمد لله، تمام.


ياسين وهو ينظر لها باهتمام:

حكيتي لسليم عن موضوع المجموعة؟


ماسة، وهي تهز رأسها بإبتسامة:

لسه، بس هحكيله.


فريدة، وهي تلتفت لسليم:

إبراهيم كان عايز يدخل، بس عارف إنك مش حابب تشوف حد دلوقتي، فوصّلنا هنا ومشي.


سليم، بإصرار هادئ:

أنا كلها كام يوم وهخرج.


ياسين، بثقة:

إن شاء الله تخرج بالسلامة وهترجع اقوى ما كنت.


فريدة، وهي تلتفت إلى ماسة بقلق:

الدكتور قال إيه يا ماسة؟


ماسة، بنبرة مطمئنة:

مفروض يقعد ثلاث أيام تحت الملاحظة، وبعدها يخرج إن شاء الله، وبعدها هنبدأ العلاج الطبيعي بإذن الله.

احنا النهارده عملنا شويه تمارين والحمد لله سليم كان متفاعل فيها.


ياسين، وهو يربت على كتف سليم بحنان:

إن شاء الله… كله هيبقى كويس.


ساد الصمت للحظة، قبل أن يتبادلوا نظرات مليئة بالمشاعر المختلطة بين القلق والأمل، بينما كان سليم يحاول إخفاء ضعفه، لكن أثر الألم كان واضحًا في عينيه.


قصر الراوي


الحديقة، السادسة مساءً


تجلس هبة في الحديقة، تحتسي فنجانًا من القهوة، مستمتعة بنسمات الهواء العليلة التي تحيط بها. الجو هادئ، والأضواء الخافتة تزيد المكان سحرًا. تغمض عينيها للحظة، مستمتعة بهذا السلام المؤقت.


بعد قليل، يظهر ياسين وهو يحمل علبة مغلقة مربعة بملفوفه بشريط احمر، وجهه مشرق بابتسامة واسعة، كأنه ينير المكان. رغم الفرحة العارمة التي يشعر بها، لأن سليم قد عاد بعد غيبوبة طويلة، إلا أن قلبه يعتصر ألمًا لحال شقيقه، بسبب رعشة يده، العجز الذي أصابه… كلها أمور تؤرقه.


ياسين، بحب وهو يقترب قال:

حبيبتي…


تلتفت إليه هبة بابتسامة دافئة، فيقترب منها، يضع قبلة طويلة على وجنتها، ثم يجلس بجانبها، ممسكًا بيدها ليقبلها بحنان، ثم يلمس بطنها المنتفخة برفق.


ياسين:

عاملة إيه دلوقتي؟ لسه تعبانه؟


هبة، وهي تهز رأسها مطمئنة:

لا، الحمد لله. طمني… سليم عامل إيه؟ وماسة؟


تنهد ياسين بتعب، ثم نظر أمامه بشرود:

تعبان… إيده بترتعش جامد، ورجله بتوجعه جدًا، حالته النفسية صعبة اوي.


هبة، بقلق:

طب ليه الرعشة اللي في إيده؟ أنا متفهمة حالته النفسية، بس إيده بتترعش ليه؟


ياسين، وهو يمرر يده في شعره بإرهاق:

بسبب الرصاصة اتشالت من ضهرة…

 والرصاصة اللي لسه موجودة ضاغطة على العصب، وهي اللي مسببة كل الأعراض دي، الدكتور طمني إنها هتاخد وقت وهتتحسن، بس رجله… للأسف الشديد، الرصاصه، ضغط على الأعصاب، وده مأثر عليه، يعني مش هيقدر يجري أو يلعب رياضة زي الأول، هيحس بألم فيها دايمًا مع أي مجهود.


هبة، وهي تعقد حاجبيها بضيق:

لازم يعني يلعب كورة أو رياضة؟ المهم إنه يكون كويس ويقدر يقف على رجله! طب حركته هتبقى طبيعية ولا هيبقى فيها عرجة؟


ياسين، مطمئنًا:

لا، هتبقى طبيعية، بس لو عمل مجهود كبير، ساعتها هيحس بالألم.


هبة، وهي تتأوه بضيق:

زعلتني… نفسي أشوفه، بس والله مش قادرة خالص، بنتك مبهدلاني!


ياسين، وهو يبتسم بحنان، يضع قبلة على بطنها:

سلمتك يا قلبي،  ها لسه ما اخترتيش اسم!


هبة، بتنهيدة حائرة:

بجد محتارة… بين "فرح" و"أقسمت" و"حنين" و"إيلين"، مش عارفة أختار.


ياسين، ممازحًا:

يعني دلوقتي هنادي لها بإيه؟ ولا هي هتفضل من غير اسم؟


هبة، وهي تضحك:

نادِ لها بالاسم اللي يريحك، لحد ما أقرر.


ياسين، بابتسامة دافئة:

هقول لها "فرح"… لأنها فرحة قلبي وحياتي.


ثم طبع قبلة صغيرة على شفتيها، وفتح العلبة التي كان يحملها، ليكشف عن شوكولاتة فاخرة.


ياسين، وهو يقدمها لها:

اتفضلي… الشوكولاتة اللي بتحبيها.


هبة، بفرحة:

ميرسي يا حبيبي.


ياسين، بنبرة اعتذار وهو يضمم كفها:

أنا آسف يا هبة… عارف إني مقصر معاكي الفترة اللي فاتت، بس إنتِ شايفة اللي كان فيه سليم، والشغل كله كان على دماغي… بابا شكله بيحضرني علشان أكون نائب لسليم الراوي، ودي حاجة كبيرة وصعبة، وفي نفس الوقت هتعمل مشاكل مع إخواتي.


هبة، بثقة:

بصراحة، أنا شايفة إن اللي يستحق المنصب هو الشاطر والذكي، واللي يقدر يتحمل المسؤولية، بس إخواتك… ما أعرفش هما بيحسبوها إزاي، المفروض يشتغلوا على نفسهم بدل ما يضيعوا وقتهم في الصراعات.


ياسين، وهو يهز رأسه موافقًا:

عندك حق… على فكرة، كلمي ماسة وطمني عليها.


هبة، بقلق:

هي تعبانة؟ فيها حاجة؟


ياسين بتوضيح:

لا، بس محتاجة دعم… سليم حالته صعبة، وأنا عارفه كويس، لما بيوصل للمرحلة دي، بيبقى عامل إزاي.


هبة:

هكلمها… أنا أصلًا كلمتها امبارح وباركت لها، بس كانت تعبانة ومش قادرة تتكلم خالص… خلاص، أنا كمان شوية هكلمها. طب إنتَ أكلت؟


ياسين، ممازحًا:

أقدر آكل من غيرك؟


هبة، وهي تضحك:

طب أنا هخليهم يحضروا العشاء هنا في الحديقة، ونولع شمعتين حلوين، إيه رأيك؟


ياسين، بحماس:

موافق جدًا جدًا!  وضع قبله على خدها توقف مش هتاخر عليكي.


وبالفعل، صعد ياسين ليبدل ملابسه، بينما بدأت الخادمات في تحضير الطعام في الحديقة. وبعد قليل، عاد ياسين وجلس مع هبة، يتناولان العشاء وسط أجواء شاعرية دافئة، رغم بساطتها. كانت لحظة هادئة وسط العاصفة التي يعيشونها، لحظة يحتاجانها بشدة.


_مجموعة الراوي  السابعة مساءً 


_مكتب عزت.


نشاهد عزت الراوي يجلس على مقعد مكتبه، وكان يجلس على المقاعد الأمامية للمكتب إسماعيل ومكي.


هز إسماعيل رأسه بموافقة: 

تمام ياباشا، بس إحنا فعلاً عملنا كده، سألنا حوالين المكان بس ما حدش شاف حاجة.


أكمل مكي: 

مظبوط، خصوصًا إن المكان لسه جديد ومش كل الشقق فيها سكان.


عزت بجدية: 

ما نفذتوش بنفس التفاصيل إللي عايزها. عايزك تخبطوا على كل شقة وتسألوا. أي معلومة صغيرة أو كبيرة، حتى لو تافهة بالنسبة ليا، مهمة وتتأخذ على محمل الجد.


وأثناء حديثهم طرق الباب ودخل رشدي وهو ينظر باستغراب وقال وهو يقترب نحو المكتب:

لما عرفت إن حضرتك لسه موجود استغربت، ولما عرفت إنك مجتمع مع مكي وإسماعيل استغربت أكتر.


جلس أمام إسماعيل وبجوار مكي وقال وهو ينظر لعزت: 

خير، شغل جديد؟ مش حضرتك قلت إننا نأجل كل الشغل لحد ما سليم يقوم بالسلامة؟ ولا إنت اعتبرته كده رجع والسلام؟


عزت بتوضيح: 

الحمد لله يا رشدي سليم فعلاً قام بالسلامة، أنا مش باعتبره كده. وإذا كان على تعب رجله أو مشكلة إيده أو حتى الرصاصة اللي لسه موجودة في ظهره، عادي، سليم قوي وهايعرف يواجه كل ده وهايرجع أحسن ما كان، إحنا بس متجمعين علشان فتحنا الموضوع تاني،  يعني بنحاول نوصل لأي حاجة توصلنا للي عمل كده في سليم، لو عندك أفكار  شاركنا، أنا قلت لهم إنهم يدوروا تاني في نفس المكان، يعني يسألوا كل الناس اللي ساكنين في المكان. لو وصلت إني هما يدخلوا كل شقة ويخبطوا عليها ويسألوا كل ساكن فيها، ما عنديش مشكلة.


فور استماع رشدي لتلك الكلمات، شعر بالتوتر لكنه حاول التماسك بأقصى قوة عنده لكي لا يفتضح أمره. هو يشعر بالخوف والتوتر بسبب عودتهم لفتح الحديث في تلك الحادثة، فهو ما صدق أن توقف الباشا عن البحث. فإذا توصلوا لأي شيء فقد ضاع رشدي وضاعت معه باقي العائلة.


رشدي وهو يحاول تمالك نفسه: 

اللي عمل كده عامل زي الزئبق. عمل عملته واختفى.


عزت بحدة: 

مافيش حاجة اسمها اختفى. أكيد فيه حاجة ممكن توصلنا ليه. خلينا ندور.


رشدي تبسم بخبث: 

تمام يا باشا، ندور وإن شاء الله نوصل لحاجة. نهضت، أنا في مكتبي. هو سليم لسه مش عايز يشوفنا؟


عزت: 

هو كده كده خارج كمان يومين، خلينا نسيبه على راحته.


هز رشدي رأسه: 

تمام يا باشا. إسماعيل، مكي، دوروا كويس، لو احتجتوا حاجة أنا موجود.


خرج رشدي مرتعب بشدة، وهو يفك الكرافتة وزفر كأنه لا يستطيع أن يأخذ نفسه. أخرج هاتفه من جيب جاكيت البدلة وهو يتحرك في الممر وضعه على أذنه بشدة: 

ألو ، إنت فين؟ إحنا في مصيبة... أنا جاي، سلام.


صلي على النبي 10 مرات وما تنساش تضغط على اللايك توصل الحلقه 350 لايك والفين كومنت عشان توصل للكل وتساعدوا الروايه تنشهر وتوصل لاكبر عدد ممكن لو يهمكم مستنيه رايكم في الحلقه تفتكروا رشدي هيعمل ايه وبيكلم مين؟!


         الفصل الرابع والخمسون من هنا 

تعليقات