رواية الماسة المكسورة الفصل الثاني والخمسون 52 ج2 بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الثاني والخمسون 52 ج2 

بقلم ليله عادل


هز الجميع رؤوسهم بالموافقة وبدأوا بالخروج، لكن ظلت ماسة جالسة أمامه، تمسك بيده، كأنها لا تستطيع تركه، وكأن يده هي آخر ما تبقى لها من أمل.


رفع سليم عينيه نحوها، وقال بنبرة مكتومة، موجوعة: وإنتي كمان يا ماسة، أخرجي.


رفعت ماسة رأسها ببطء، ونظرت له بضعف ووجع، عيونها مليئة بالدموع، وكأنها لا تصدق ما سمعته. أشارت على نفسها بعدم تصديق: حتى أنا يا سليم?!


هز سليم رأسه بإيجاب، وهو لا ينظر إليها، كأن نظرته ستضعفه أكثر: حتى إنتي يا ماسة.


نظرت له ماسة بوجع، وكأن الكلمات تخترق قلبها، مسحت دموعها وقالت بصوت منخفض: حاضر...


نهضت ببطء، ونظرت له، وكأنها تقاوم بحرقة أن تتركه وحده في هذا الوقت الصعب: 

ها أعملك إللي إنت عايزه، المهم راحتك..


ثم قبلته من أعلى رأسه، وهمست: 

أنا برة علشان لو احتجت لحاجة... حمد لله على سلامتك يا روح قلبي، شكراً إنك اخترتني.


توجهت إلى الباب بخطوات بطيئة، وأفكارها مضطربة، تتأرجح بين قبول تركه يهدأ وبين رفض فكرة تركه بمفرده، فهو الآن في أشد الأوقات ضعفًا. لابد أن تكون بجانبه، حتى إذا طلب منها تركه، كما أنها تشتاق له حد الجنون. شوقها له كان يذيب قلبها وروحها، وعندما عاد إليها، عاد معها الأمل، واختفى ذلك الضجيج الذي كان يعصف بقلبها. هي أخيرًا وجدت ملجأها ومسكنها وأمانها.


فهي تحتاج إليه، تحتاج لضمته وحنانه، تريد أن يشفيا معًا من كل الوجع والقهر والجروح التي تنهش داخلهما.


تقدمت بخطوات بطيئة نحو الباب، وضعت يدها على المقبض، وعينيها لا تفارق سليم، ففتحته.


كانت عينا سليم عليها، مليئة بالحزن والألم، وبهمس شديد، قال: طول عمري باختارك يا ماسة.


ثم مسح دموعه بأصابعه، بحزن عميق يفتك به، وكأن كل دمعة هي علامة على الألم الذي يعصف به.


ولكن فجأة، أغلقت ماسة الباب بسرعة واستدارت بدموع ووجع يفتك بها، وهزت رأسها برفض، كأنها لا تستطيع أن تقبل تلك الفكرة.


ماسة برفض: مش هقدر، مش هعرف أسيبك كده! مش هاينفع أسيبك لوحدك وإنت كده، لازم أكون جنبك، حتى لو هاتصرخ فيا وتضربني وتثور عليا، مش مهم. أعمل اللي إنت عايزه، فرغ طاقة الوجع والغضب اللي جواك فيا، وأنا هاتحمل، ومش ها أفتح بوقي والله. بس ما تطلبش مني أسيبك لوحدك. إزاي بتطلب مني أسيب روحي وقلبي وراحتي وأماني وأخرج؟ والله ما هاينفع يا سليم! أطلب أي حاجة إلا دي. أنا ما صدقت إنك فتحت عينك ورجعت لي، ورجعت لي روحي، وقدرت أخد نفسي. والوجع اللي كان ساكن في قلبي أخيرًا خف بمجرد ما فوقت وشفتك. سليم، أنا كنت ميتة بقالي أربع شهور، روحي ما رجعتش إلا لما رجعت لي... أخيرًا عرفت أخد نفسي لما فتحت عينك وشوفتك بتتكلم قدامي. مش هقدر يا سليم أخرج وأسيبك. نفسي هايروح تاني، والنار هترجع تحرق قلبي واتوجع، خليني قاعدة معاك ومش هتكلم والله، بس أفضل شيفاك وأملي عيني من شوفتك قصادي، صاحي وقاعد. أرجوك، اطلب أي حاجة تانية إلا إني أسيبك. سليم، إنت وحشتني أوي أوي... هو أنا ما وحشتكش، يا سليم؟ قطعة السكر ما وحشتكش؟ مش عايز تشوفها؟"


نظر لها سليم بوجع يعصف قلبه، وعينيه مليئة بالدموع، وإشتياقها يلامس كيانه: وحشتيني يا ماسة، وحشتيني أوي. أنا كمان جوايا نار قايدة بتحرق فيا... بس أنا محتاج أبقى لوحدي. مش عايز أزعلك مني. اللي أنا سمعته صعب، محتاج استوعبه... أستوعب إن بنتي ماتت، وإني بقيت عاجز، والوجع اللي سببتهولك في بعدي. أنا مش قادر ولا عايز أتكلم، سبيني لوحدي يا ماسة، أرجوكي، مش إنتي عايزة راحتي؟ سبيني.


اقتربت ماسة منه وجلست على قدميها أمامه، وأمسكت بيده، تحدثت بعشق ممزوج بوجع يعصف بقلبها ودموع تتساقط بغزارة:

ما أنا راحتك يا سليم، راحتك في وجودي جنبك، مش وإنت لوحدك. بتقول محتاج تكون لوحدك؟ طب ما أنت فعلاً لوحدك!! هو مش إحنا الأتنين واحد؟ وأنا نفسك؟ ومرايتك؟ مش كنت بتقول لي لما بتبص في المرايا بتشوف ملامحي أنا مش أنت؟ علشان سليم وماسة حاجة واحدة، مش اتنين!!! قلب واحد، وروح واحدة! عايز تبعد عن روحك وقلبك! عن نفسك!!! إزاي عايز تتوجع لوحدك من غيري؟! أنا مستحيل أسمح أو أوافق إنك تقسمنا ونبقى اتنين مش واحد! فاكر ده؟


رفعت معصمها وأطلعته على الوشم المرسوم على معصمها بنصف قلب، أكملت بعشق: 

القلب بقيته أهو.


عدلت معصمه ووضعته بجانب معصمها لكي يكملا القلب، ثم قالت بعشق بإبتسامة بأنين خنق صوتها: شايف أهو قلب واحد، نبض واحد، طول ما القلب ده هنا هنفضل واحد زي ما وعدنا بعض، وما فيش حاجة هاتفرقنا، هانفضل مربوطين ببعض لحد آخر نفس، أنا حتى لو خرجت برة هافضل هنا..


وضعت يدها على قلبه، قالت: لإني هنا عايشة وساكنة، ماسة جزء من سليم وسليم جزء من ماسة.


مسحت دموعها وتنهدت بألم، أكملت بعقلانية:

سليم، أنا عارفة إن كل اللي مريت بيه وسمعته صعب، فوق التحمل، ومحتاج تستوعبه. بس إحنا لازم نكون مع بعض، ونشارك بعض لأنه نفس الوجع، والقهر، وجعنا واحد يا سليم على فراق حور، وعلى اللي حصلك وإللي حصلي. زي ما بنشارك بعض كل حاجة حلوة، لازم نشارك بعض كل حاجة مرة. شاركني وجعك، قاسمني وجعك وهمك، ماتتوجعش لوحدك، ولو هاتبعد عن العالم كله وعايز تتوه، تعالى نتوه مع بعض، ونبعد مع بعض. أنا محتاجة ليك، أنا ما صدقت إنك صحيت، صدقني أنا موجوعة قد وجعك، بس الفرق اللي بينا إني كنت با اتمنى تفوق علشان نشارك بعض الوجع ده ونطبطب على بعض، مش نبعد عن بعض! علشان إحنا اللي هانداوي جروح بعض. لو كل واحد بقى لوحده، وجعنا مش هيتداوى يا سليم، وهايفضل عايش يقتل فينا كل ثانية. يمكن الوجع محفور جوة قلوبنا، وهاياخد وقت، بس مادام أنا وإنت مع بعض هانقوى عليه وهنهزمه يا سليم، وهانعديه.


رفع سليم عينه لها بإنكسار وقهر ممزوج بإستغراب، قاطعها: هانعديه؟!


هزت ماسة رأسها بيقين بإبتسامة أمل: أيوة هانعديه يا سليم، طول ما إحنا سوا هانعدي كل حاجة، إحنا أقوياء ببعض، وطول ما إحنا ماسكين بايد بعض هانعدي أي حاجة مهما كانت.


سليم بإستغراب ووجع يفتك به: هانعدي إيه بالظبط! موت بنتنا؟ ولا الرصاصة؟ ولا عجزي ولا الخلفة؟ ولا إن اللي عمل فينا كده ولسه عايش؟ ماسة، أرجوكي كفاية تكذبي على نفسك.


ماسة بإبتسامة مشرقة بالتفاؤل: أنا مش باكذب على نفسي، أنا واثقة إن كل ده هانعديه يا سليم. بس إنت ثق فيا، وثق في الله، بعدين اللي أنا قولته كله حاجات بسيطة، يعني مش زي ما فهمت خالص، أنا بس كنت با استفزك علشان تسمع الكلام وتهدى. بس إنت مافيكش حاجة والله، إنت زي الفل، والدكتور هايقولك بنفسه. حرام اللي عامله في نفسك ده ياحبيبي. فين سليم القوي اللي كنت باخد شجاعتي وقوتي منه؟


سليم بوجع ودموع بضعف: أنا مابحبش أشوف نفسي مريض وعاجز، ومحتاج لحد.


ماسة بعقلانية: وأنا قولتهالك كتير، ماحدش بيحب يشوف نفسه مريض، بس أنا جنبك ومعاك، وهنعدي كل ده سوا. أنا مش حد، أنا مراتك حبيبتك ماسة يا سليم.


سليم بإتساع عينه بوجع ودموع: ماسة، المرة دي مش برد ولا معدتي تعباني، ولا واقع من على حصان وجعلي ظهري، إنتي قولتيلي حاجات بأحاول أستوعبها، موضوع الكرسي المتحرك ده بالأخص، وإيدي اللي بتترعش، مموتاني، لاني عارف بعد الكرسي ده همسك عكاز دي حاجه انا مستحيل اتقبلها، حتى طريقة كلامي اللي يمكن اتحسنت شوية عن ما فقت، بس برضو، أنا مارجعتش سليم. المرض ده وحش وحش أوي، بيخلى الإنسان ضعيف وبيذل، أنا مابحبش أبقى ضعيف، خلينا نمشي، لو عايزة تفضلي معايا وأسيبك جنبي، خلينا نمشي يا ماسة، علشان خاطري، خلينا نكمل العلاج في بيتنا سوا، مش هنا.


ماسة بعقلانية تمسح على خده بحب: أنا فهماك، بس المرض ده حاجة طبيعية بتحصل لكل البشر، عدوك ده نفسه بيمرض. وقولتلك إللي عندك هيخف، محتاج وقت، إنت بس أجمد وخد العلاج بانتظام عشان تخف بأسرع وقت، بعدين هاتخرج والله هاتخرج. مستعجل ليه؟ يومين كمان بس اتحمل علشاني. لازم تفضل تحت ملاحظة الدكتور. دول أربع شهور ٢٢ يوم غيبوبة يا حبيب قلبي.


تنفخ سليم بأختناق وأشاح بوجهه عنها، فهي لم تفهمه.


فـاهمة ليس ما حدث له فقط! بل لأنه لا يريد أن يرى أحد ضعفه غيرها، وبتواجده في تلك المشفى، سيجعل الجميع يرى سليم ضعيفاً عاجزاً جلسا على مقعد متحرك وبيد ترتعش، وأيضاً يشاهدون ذلك الحزن والانكسار الذي يخيم على وجهه وعينيه بشدة. فلأول مرة يخفق سليم في إخفاء مشاعره وحزنه، حتى برغم إظهاره العصبية والغضب لكي يخفي كل هذا! لكنه مكشوف بشدة. ومن أجل هذا كان يريد أن يهرب بعيداً ويخرج من المشفى.


ابتلعت ماسة ريقها ومدت يدها وضعتها على وجهه لكي ينظر لها، وقالت برجاء ممزوج بوجع: أنا عارفة إني با اتقل عليك وبخنقك، وبا أطلب حاجات تعملها فوق استطاعك، بس وحياتي عندك، بلاش وحياتي وحياة أغلى حاجة عندك تصبر ٣ أيام بس.


نظر لها سليم بعينيه بحب وضعف: أنا ماعنديش أغلى منك يا ماسة. أنا لو سكت ووافقت، فده علشانك إنتي وبس...

ابتلع تلك الغصة التي تشكلت في حلقه بوجع واستسلام، وبعينين اغرورقت بالدموع قال وهو يهز رأسه بإيجاب:

حاضر يا ماسة، هاقعد ٣ أيام، ٣ أيام وبس، وأرجوكي ماتعمليش فيا كده تاني، ماتوجعنيش بحبي ليكي وضعفي ناحيتك،ما تستغليش اني بحبك ومش هقدر ارفض لك طلب، ما توجعنيش بحبي ليكي.


هزت ماسة رأسها بإيجاب بدموع وقهر: والله ٣ أيام وبس.


بكت بوجع يفتك روحها ورمت نفسها بين أحضانه التي تشتاق لها، تريد أن تدفن نفسها بداخله لعل ألمها يزول، أحاط سليم بذراعه حول ظهرها بأكف مرتعشة بإشتياق وبأنفاس متسارعة بشدة، أخذ يشد بأصابعه على ظهرها فهو كان يحتاج لتلك الضمة منذ استيقاظه واستماعه لكل تلك الأخبار السيئة، لعله ينجو من أنين قلبه الذي فتك به.


حضنا بعضهما بقوة وشوق وبأنفاس متسارعة وبجسدين يهتزان من فرط الاشتياق والوجع. أخذوا يبكيان بحرقة، يريد كلا منهما إطفاء تلك النيران التي تشتعل بداخلهما وظلا لدقائق على هذا الوضع. فتحت ماسة عينيها، يبدو أنها روت ظمأها قليلاً. أخذت تمسح على ظهره بحنان لتربت على قلبه المتعب، وضعت قبلة رقيقة على حنايا رقبته، ابتعدت قليلاً ونظرت لوجهه المبلل من كثرة الدموع وعينيه المحمرة. لم تكن هي بحال أفضل منه. كانا يشعران بنفس الوجع والألم والقهر.


ماسة بنبرة مكتومة وهي تمسح دموعها بأحد كفيها، والكف الآخر كانت تمسح على كتف سليم بإهتمام: إيه رأيك ترتاح دلوقتي وتريح ضهرك شوية؟


سليم بعشق: طول ما كنتي في حضني كنت مرتاح، أنا بارتحش وبأنسى ألمي ووجعي غير جوة حضنك يا ماسة.


ماسة بعشق بنبرة متعبة بعينين اغرورقت بالدموع: وأنا كمان يا سليم، أنا مش قادرة أقول لك أنا كنت محتاجة الحضن ده إزاي!! من أول ما فتحت عينيا وأنا كنت با أنادي عليك، عايزة أجري على حضنك وأستخبى جواك وتقول لي كل حاجة هاتبقى كويسة، كل حاجة هاتعدي، إحنا مع بعض...

أرتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة تنهدت، وقامت بمسح دموعها التي هبطت على وجنتيها وهي تقول: حبيبي إنت لازم ترتاح دلوقتي، إنت تعبت نفسك أوي النهاردة. على الأقل افرد ظهرك كده علشان ماتتعبش.


هز سليم رأسه بإيجاب، نهضت ماسة وقامت بمساعدته لكي يتسطح بعد ان مسحت دموعه، 

بعد الانتهاء استدارت ماسة وهي تبحث بعينيها على مقعد. وقبل أن تتحرك، أمسكها سليم من كف يديها.


سليم بنبرة عاشقة: رايحة فين؟


ماسة بتوضيح: مش هاروح في حتة، هاجيب بس كرسي أقعد عليه.


أزاح سليم جسده قليلاً وهو يقول بشوق: تعالي نامي جنبي...

نظرت له بعينيها بمعنى إزاي؟ رد سليم على تلك النظرة قائلاً بشوق: 

محتاج أنام جوة حضنك، ومحتاج كمان أخدك جوايا. وحشتيني.


تبسمت ماسة وهزت رأسها بإيجاب، خلعت حذائها وقامت بالاستلقاء بجانبه. وضعت رأسها على صدره، وقام سليم بإحاطة ذراعيه عليها. كان أحد ذراعيه أسفل رقبتها والآخر على أعلى صدرها، وهي أيضا أحاطت خصره بذراعها. وضع سليم قبلة رقيقة على جبينها بحب، ووضعت هي قبلة على خده.


ماسة وهي تمرر أصابع يديها على صدره قالت: مش تعبان؟


سليم: أنا ها أتعب لو إنتي بعدتي عني.


ماسة بحنان وعشق: مستحيل أبعد، أنا ماصدقت إنك رجعت ليا.


سليم بنبرة متعبة وعين تترقرق بالدموع تساءل: ماسة، هو إنتي بجد ماشوفتيش حور؟


هزت ماسة رأسها بإيجاب بنبرة مقهورة: تؤ، دفنوها قبل ما أشوفها، يعني خافوا يحصلي حاجة لو شفتها كده. بس لما عرفت إنها ماتت ومالحقتش أشوفها، جالي انهيار عصبي. فضلوا ثلاث أيام بينيموني، ولما صحيت عرفت إللي حصلك. عرفت إني لازم أكون قوية علشان أبقى جنبك...

رفعت عينيها له بحب، وأضافت: سليم بلاش نتكلم في أي حاجة ممكن تزعلنا أو توجعنا.


سليم بإعتذار ممزوج بحب: أنا آسف يا ماسة، عارف إني زودتها بس كان غصب عني، ماعرفتش أسيطر على غضبي.


ماسة بإستغراب: أنا أصلاً مش عارفة إنت إيه إللي حصلك! إنت ماديتناش فرصة نتكلم معاك ونفهمك، كنت متعصب أوي... أمال فين بقى سليم الجامد إللي مابيديش مبرر ولا بيتكلم كتير، ونظرة عينه مرعبة؟


تبسم سليم وهو يقول بمزاح لطيف: إنتي نسيتي إني ازدواجي الشخصية ده إنتي إللي مطلعة عليا الإشاعة دي.


نظرت له ماسة مازحة وهي تضحك وقالت معلقة: ازدواجي الشخصية بس؟ قول خماسي الشخصية، عشاري الشخصية ههههه... أنا كل مدي باكتشف فيك شخصية جديدة. بس الشخصية إللي ماسكة الشفت المرة دي بصراحة مستفزة ومحتاجة قلمين. يلا مضطرة اتحملك علشان مريض وبحبك وجوزي برضو... روح قلبي يا كراملتي.


قرصها سليم من أنفها بمداعبة وهو يقول بمزاح بابتسامة جذابة ترتسم على شفتيه بعشق: وحشتيني، ووحشني هزارك وكلامك ولماضتك يا قطعة السكر. وكلك على بعضك وحشتيني أوي يا ماستي الحلوة.


شد على كتفها بذراعه أكثر، وضع قبلة طويلة على جانب جبينها، وظلا هكذا ينظران في أعين بعضهما بعشق وشوق دون حديث، فلا داعي للكلمات. فالعين قالت كل شيء يشعران به من عشق وشوق وأنين، كأنهما يشتكيان لبعضهما عن كم العذاب الذي يشعران به... فالعين من أعمق الأشياء التي تشرح كل شيء بصدق.


بعد وقت، ذهبا في سبات عميق. ماسة كانت تتوق بشدة لتنام نوماً عميقاً بدون تفكير أو تعب وهي مرتاحة، وذلك الضجيج الذي كان بداخلها يتلاشى، فهي لا تجد راحتها إلا بين أضلعه. وهو كذلك كان يريد أن يرتمي بأحضانها كي تخف ألامه.


بعد وقت، شعر من بالخارج بغيابهما، فدخلت فايزة لكي تطمئن عليهما. فوجدت ماسة وسليم نائمين في أحضان بعض، ومقيدين بعض بشدة، كأنهما خائفان أن يترك أحدهما الآخر. فمنظرهما هذا يؤكد على مدى عشقهما وتعلقهما ببعض، وأن كلا منهما لا يستطيع أن يعيش بدون الآخر. فهما لبعض كالماء والهواء، فهما شريان الحياة لبعضهما.


جزت فايزة على أسنانها بضيق حين شاهدتهما هكذا. فماسة الوحيدة التي استطاعت أن تهزم ثورته وجنونه...


توجهت للخارج بغيظ.


في الاستراحة:


عزت متعجباً: خير يا فايزة؟


فايزة بضيق: نايمين. نايم في حضنها زي البيبي الصغير اللي نايم على صدر مامته. لو قامت من جنبه يصرخ... منظر يتعب النفس.


عزت: طب كويس. ربنا يهديه.


ثم نظر لمكي وأضاف: نبه على عشري، ماحدش يدخل عليهم حتى الدكاترة والممرضين إلا بعد ما يخبطوا ويأذن لهم بالدخول.


مكي: أكيد يا باشا، كنت هاعمل كده، بس أنا موجود مش ها أمشي.


عزت: لا. أنا عايزك تجمعلي كل حاجة كنا وصلنا ليها. كل المعلومات حتى لو تافهة. خلينا نركز تاني يمكن نلاقي أي ثغرة نقدر نمشي وراها. وكلم برضو اسماعيل. هز مكي رأسه بإيجاب.


أكمل عزت حديثه لسعدية: سعدية، روحي إنتي وبنتك وتعالي بكرة. إحنا كمان هنمشي، مالهاش لازمة وجودنا هنا. هو دلوقتي مش محتاج غير ماسة، هي الوحيدة اللي هاتقدر تسيطر عليه.


سعدية بنفي: لا، أنا هاقعد مع البت.


سلوى: وأنا كمان.


سعدية: لا، روحي إنتي علشان تقولي لأبوكي وإخواتك. ولو هاتيجي، جيبي غيار أو حاجة لسليم.


سلوى: ماشي.


مكي: تعالي أوصلك في طريقي.


سلوى: ماشي.


سيارة مكي - 7 م


نشاهد مكي يقود السيارة وكان بجانبه سلوى، وعلى وجهيهما ترتسم السعادة.


سلوى بابتسامة جميلة: وشك رجع نور تاني، أول مرة أشوفك مبسوط كده من وقت الحادثة.


تبسم مكي بجاذبية: وإنتي كمان وشك نور.


سلوى: مبسوطة علشان سليم فاق. كان صعبان عليا أوي. كمان أنا بحب سليم جدًا من أيام البلد، وعلشان ماسة حبيبتي ترتاح. والله كنت بسمع وجعها عليه، الحمد لله إنه فاق."( أكملت بتعجب): "بس صاحبك ده طلع مجنون على الآخر! إيه ده؟ الصراحة رد فعله فاجئني، مش سليم اللي أعرفه.


مكي باستغراب وهو يعقد حاجبيه: إنتي أول مرة تشوفي سليم متعصب؟ ده تقريبا بقاله اكتر من ٦ سنين متجوز ماسة.


سلوى بتوضيح: أمممم، أصلك مش فاهم. سليم لما كان بيجي عندنا ماكنش بيقعد كتير. هما ٦ سنين آه، بس في ال ٦ سنين دول لما كان بيقعد معانا يبقى لطيف اوي،  حتى في الفترة اللي أنا كنت ببات فيها عند ماسة بالاخص لما كانت حامل قعدت عندها حوالي ثلاث شهور، كان رقيق جدًا وعاقل. تحسه شخصية هو أصلاً كارزمتك من زمان. فتحس إنه ما يطلعش منه إللي حصل. مش مسألة عصبية لإن طبيعي كلنا بنتعصب، بس عارف، صعب عليا أوي ما قدرتش أتضايق من طريقته. كان نفسي أطبطب عليه وأقوله معلش. لدرجة أنا كنت عايزة أقول لماسة أحضنيه يمكن يهدى. الصراحة اللي حصل له صعب أوي.


مكي بتوضيح: بصي، سليم مش شخصية انفعالية بطبعه. بالعكس، عنده ثبات انفعالي. هو هادي بس لو اتعصب بيبقى فتاك، قطر يدوس على أي حاجة تيجي قدامه. وإللي عمله النهاردة ده رد فعل كان متوقع منه، بس إللي فاجئني ضعفه! سليم ما بيحبش يسيب حقه. بيبقى عاقل وهو بياخد قرار الانتقام. يعني سليم إللي أعرفه لو صحي من الغيبوبة وعارف إللي عرفه، هايتعصب لإننا ما جِبناش حقه بسرعة، تمام. بس مش هايكون بنفس الانفعال ده. هيبقى أهدى وأعقل. مش هايتكلم كتير ولا هايعمل كده. إللي أنا شفته ده مش شخص متعصب! شخص حزين، قلبه مكسور، وبيحاول يخبي ده بعصبيته وانفعاله.


سلوى بتأييد: أنا برده حسيت كده. ربنا يهون عليه الأيام الجاية، وعلى ماسة، هتبقى صعبة عليها تخرجه من إللي هو فيه. مع إنها هي كمان محتاجة حد يطبطب على وجعها ويخرجها من إللي هي فيه.


مكي: وإحنا لازمتنا إيه في حياتهم؟ إحنا لازم نكون جنبهم. هم محتاجيننا أوي دلوقتي.


سلوى بتأييد: ده أكيد


مكي نظر لها متسائلاً:وإنتي عندك حاجة بكرة؟


سلوى بتعجب: إشمعنا؟


مكي بحب وندم: محتاج أتكلم معاكي. اتأخرت كتير بس جه الوقت إللي لازم نتكلم فيه وفرحتنا تبقى اتنين.


سلوى عقد بين حاجبيها متعجبة: مش فاهمة تقصد إيه؟


مكي: بكرة هتفهمي.

كادت أن تنطق بالرفض، لكنه سبقها وقال بعقلانية: ماتقوليش كلام كل مرة عن حد يشوفنا وقراري القديم وغلط،  سلوى أرجوكي، خلينا نتكلم. لو يا ستي ضايقتك أو ما عجبكيش كلامي، أمشي. ممكن...


نظرت له سلوى بإرتباك، وعينيها تتنقل بين نظراته التي تترجاها أن تقبل... لثوانٍي، ثم هزت رأسها بالإيجاب.


قصر الراوي الثامنة مساءً 


الهول


نشاهد جميع عائلة الراوي يجلسون في الهول مستعدون لتناول وجبة العشاء ما عدا فريدة. بعد دقائق، اقتربت فريدة وهي تمسك بين يديها هاتفها وتغلقه، يبدو أنها كانت تتحدث به وكانت السعادة ترتسم على وجهها بشدة.


فريدة بنبرة سعيدة جدًا وفرحة تخرج من قلبها: سليم فاق.


نظر لها الجميع بأعينهم بإستغراب، إلا ياسين وهبة وإبراهيم الذين ارتسمت على شفتيهما ابتسامة سعيدة.


ياسين بسعادة: بتتكلمي جد؟


فريدة وهي تهز رأسها بنعم: أيوة، بابي لسة قافل معايا حالًا،   (قلبت وجهها بحزن) بس مش هاينفع نروح نشوفه.


إبراهيم بإستغراب: ليه يا فريدة؟


فريدة بحزن: متعصب اوي بعد ما عرف إللي حصل له.


رشدي متعجباً: هو كمان عرف باللي حصل!


فريدة: أيوة، عرف كل حاجة.


رشدي بإبتسامة قال بصوت داخلي: أيوة كده أحلوت. وبكده اللعب هايبقى عالمي.

(نظر لهم وهو يقول) "إحنا كده لازم نعمل حفلة كبيرة اوي. الأمير الصغير وريث عرش الإمبراطورية رجع، ولا إيه يا صافي؟


تبسمت صافيناز بخبث، فهي تفهم ما يقوله جيدًا، وقالت: هي هاتبقى حفلة بعقل؟ دي هاتبقى أحلى حفلة، كل الناس لازم يتحاكو بيها.


تبادلت النظرات الخبيثة بين منى وعماد ورشدي وصافيناز، فهم يفهمون جيدًا على ماذا يتحدثون.

يا ريت محدش ينسى يضغط لايك وتساعده الروايه تنشهر وتوصل للكل اللايك اللي انت بتنساه او بتستخسره بياذيني جدا وشكرا لكل واحد بيحط لايك وبيكتب لي كلمه حلوه ورايه في الحلقه مش مجرد ملصق وخلاص اتمنى تكون عجبتكم تكتبوا لي ارائكم فيها وتفتكروا ايه اللي ممكن يحصل في اللي جاي


        الفصل الثالث والخمسون ج1 من هنا 

تعليقات