رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن والخمسون 58 ج1بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الثامن والخمسون 58 ج1

بقلم ليله عادل


{~تركتك هناك، بين ماضٍ لن يعود، وسرتُ نحو قدرٍ لم أختره.. الكل يصفّق، وأنا وحدي أشيّع حلمي معك.

كل شيء يبدو كما يجب، إلا قلبي.. يقف عندك، يرفض أن يكمل الطريق... رحلتِ! وتركتِ خلفك قلبًا لا يعرف كيف ينسى، ابتسمتِ لغيري اليوم؛ فخذلني العالم كله💔~}

                     [بعنوان: خيبة قلب ]

وسط زغاريد الجميع، ارتدت سلوى الشبكة، بينما كان مكي يقترب بوجه ثابت لا يُقرأ.


اتسعت عينا ماسة حين رأته، فالتفتت بسرعة إلى سليم قائلة بقلق، سليم، إلحق مكي


نظر سليم نحو المكان الذي أشارت إليه ماسة، ثم زفر بضيق وهو يزم شفتيه.


على الجانب الآخر، تقدم مكي حتى وقف أمام سلوى، التي رفعت عينيها نحوه، فاتسعت في ارتباك. نظرت سريعًا إلى صالح، ثم إلى جميع الحاضرين، وأخيرًا إليه بتوتر... فتذكرت


((فلاش باااك))


في أحد المحلات، كانت سلوى تشتري حذاء الخطوبة، وبرفقتها إحدى صديقاتها. لم تكن تعلم أن مكي كان يراقبها عن كثب..لاحقًا، صعدت إلى سيارتها بعد ان ودعت صديقتها، لكن قبل أن تتحرك، فوجئت بمكي يفتح الباب ويجلس بجوارها من الجهة الأخرى. شهقت في صدمة وهي تحدق به


سلوى: في إيه...؟! إنت!


تجاهل دهشتها، ونظر للأمام بجمود: عم أشرف، انزل.


سلوى برفض: لا متنزلش.


مكي كـرر بحزم: يلا يا أشرف.


تردد السائق للحظة، لكنه أطاع أوامر مكي وهبط من السيارة. حاولت سلوى فتح الباب، لكن مكي ضغط على زر الإغلاق، فاحتجزها معه داخل السيارة


سلوى بغضب: إنت اتجننت رسمي.


مكي بهدوء قاتل نظر لها: الفيلم البايخ اللي إنتِ عاملاه ده لازم ينتهي، خطوبتك بعد بُكرة مش هتتم


سلوى بعناد وإصرار: هتتم والله العظيم هتتم.


مكي بضجر: هو عند وخلاص؟


سلوى بثبات: لا، ده ما اسموش عند اسمه إني عايزة أكمل مع الراجل اللي اخترته، ولو سمحت انزل، ملكش دعوة بيا تاني.


زفر مكي ومسح وجهه بكفه، ثم قال بنبرة مشحونة: يا سلوى، إنتِ ماشية في سكة غلط، ومش هينوبك غير الندم. لازم توقفي اللي بتعمليه ده.


سلوى بحدة: غلط؟ صح؟ أنا حرة أعمل اللي أنا عايزاه، وأنا اللي هدفع الثمن. لو طلع اختياري غلط لصالح، مش مشكلة هاتعلم وهتفادى الأخطاء دي المرة الجاية، ولو طلع صح، يبقى كسبت إنسان حبني بجد.


جز مكي على أسنانه بحدة: يعني مفيش فايدة؟


سلوى بحسم: مفيش ولو حاولت تاني، أنا هقول لسليم.


تصلبت ملامح مكي للحظة، ثم اقترب منها هامسًا بتحذير: طيب خليكي عارفة، لو الخطوبة دي تمت، أنا مش هعديها كده عادي.


سلوى تحدق به بثبات: اللي عندك اعمله، ده لو تعرف.


ضغط مكي على أسنانه بشدة، ثم صفع الزر وهبط من السيارة بعنف، مغلقًا الباب خلفه بقوة. انتفضت سلوى في مكانها، وعيناها تمتلئان بالدموع، لا تدري إن كانت تعاند نفسها أم تعانده، لكنها كانت تشعر أنها بهذه الأفعال تأخذ حقها.


عاد أشرف إلى السيارة، وقبل أن يحركها، همست سلوى بصوت مرتجف: عم أشرف، بعد كده تسمع كلامي أنا... فاهم؟


نظر إليها الرجل بأسف قائلا: ما تزعليش مني، يا بنتي، بس ده مكي... مقدرش.


تنهدت سلوى بضيق: طيب.، اطلع من فضلك.


((بااااك))


عاد الواقع ليصطدم بها من جديد. وقفت أمام مكي، تحاول أن تبقى متماسكة رغم العاصفة التي تعصف بقلبها


أما مكي، فكان وجهه عابسًا، عينيه تضجان بالغضب والانكسار، لكن صوته جاء ثابتًا: مبروك يا سلوى هانم


نظرت إليه سلوى بجمود ممزوج بتحد، تشعر أنها أخيرًا حققت انتقامها، وأذاقته نفس الوجع


تبسمت بانتصار، قائلة بنبرة ساخرة: الله يبارك فيك... عقبالك.


نظر إليها مكي طويلًا، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة تحمل في طياتها معاني كثيرة، قبل أن يرد بصوت هادئ واثق: إن شاء الله قريب جدًا... والعروسة؟ إنتِ عارفاها كويس.


ثم حول بصره إلى صالح، ومد يده قائلا: مبروك يا عريس.


صافحه صالح: الله يبارك فيك.


هز مكي رأسه وهو يمد وجهه قليلًا، ثم رمقها بنظرة سريعة قبل أن يلتفت. فور التفاته، وجد سليم يقف خلفه مباشرة بوجه متجمد، عابسًا مما فعله. نظر إليه مكي لثانية بتوتر، فبادله سليم النظرة بضيق، قبل أن يشير له بأصابعه بإشارة واضحة تعني: تعالى ورايا


تحرك سليم للخارج، وخلفه مكي، بينما راقبت ماسة وسلوى تحركاتهما بقلق


_في الحديقة


توقف سليم ومكي أمام بعضهما، وكان الغضب واضحًا على ملامح سليم


سليم بعتاب ممزوج بحدة: إيه اللي إنت عملته ده؟


مكي رفع حاجبيه متعجبًا: عملت إيه؟


نظر له سليم بضيق، شعر أن مكي يراوغه، وهذا أكثر شيء يثير غضبه: مكي، ما تستخدمش الأسلوب ده معايا


مكي، وما زال محافظًا على هدوئه، تساءل: أنهي أسلوب؟ أنا مش فاهم بتتكلم عن إيه؟ تقصد علشان سلمت على سلوى؟! إيه المشكلة لما أسلم عليها وأبارك لها؟


سليم نفخ بضيق: إنت مش ناوي تعقل، القصة انتهت يا مكي و...


قبل أن يكمل، نظر له مكي بتعب، لا يريد الاستماع لأي نصائح الآن أو حتى الحديث، أشار بيده قائلا:

لو سمحت، بلاش نتكلم في الموضوع ده، أنا عملت اللي حسيته وبس. سليم، أنا عايز آخد إجازة يومين تلاتة، أسافر، محتاج أهدى


نظر له سليم باستغراب: للدرجة؟


أجابه مكي سريعًا: آه، ماعشتش التفاصيل، عارف، وفات سنين، بس أتمنى تحترموا مشاعري


زفر بضيق، ثم أضاف: أنا هامشي عشري معاك


أنهى كلماته واندفع خارج الحديقة كأن الشياطين تطارده، تاركًا سليم ينظر خلفه متعجبًا، لا يعرف ماذا يفعل من أجله


عاد سليم وجلس بجانب ماسة، لكنه لم يكن راضيًا عن تصرف مكي. أكملوا الحفل، وبعد انتهائه، توجه سليم وماسة إلى فيلتهما. لكن سليم لاحظ أن ماسة لم تتفوه بكلمة معه طوال الطريق، كان وجهها عابسًا نوعًا ما


♥️ــــــــــــ بقلمي_ليلةعادل ـــــــــــــــ ♥️ 


فيلا سليم وماسة الثانية عشر صباحاً


غرفة النوم 


دخلت ماسة إلى الغرفة وسليم خلفها، كانت خطواتها بطيئة وملامحها جامدة، جلست على مقعد التسريحة وبدأت بخلع إكسسواراتها ومسح أحمر الشفاه. على الفراش، جلس سليم يراقبها بصمت، تعلو وجهه علامات الاستفهام. كان يشعر أنها ليست بخير، لكن صمتها يثقل الجو من حولهما.


سليم بلطف، محاولًا كسر الجليد: قطعة السكر مالها؟


رفعت ماسة عينيها إليه، ثم عقدت حاجبيها بتعجب، وقالت بصوت هادئ لكن بارد: مالي؟


سليم: مكشرة ليه؟


هزت رأسها نافية، وعادت لما تفعله: خالص.


تأملها سليم بعمق، لم يصدق كلامها، ثم قال: الحفلة كانت جميلة.


نهضت ماسة وفتحت خزانة الملابس، أخرجت منها ملابس النوم، كانت عينا سليم معلقتين بها، لكنها لم تلتفت إليه، فقط تمتمت بجمود: أممم... كانت حلوة.


راقبها وهو يراها تستبدل ثيابها، لكن عقله لم يكن في تلك اللحظة، بل كان يقرأ تصرفاتها. وقف مستندًا على عكازه، ثم تحرك نحوها حتى وقف أمامها مباشرة، مد يده ووضعها أسفل ذقنها، رفع وجهها برفق لتلتقي عيناها بعينيه.


سليم بصوت دافئ، لكنه يحمل القلق: مالك يا عشقي؟ فيه حاجة حصلت وزعلتك؟


حاولت ماسة الهروب بعينيها، تمتمت: لا طبعًا... ها أزعل ليه؟ حد يزعل يوم خطوبة أخته الوحيدة؟ يمكن إرهاق.


سليم وهو يتفحصها بشك: متأكدة؟


ساد صمت للحظة قبل أن تتنهد ماسة ببطء، قالت بصوت بدا وكأنه يحمل مرارة دفينة: أممم... كانت حلوة الخطوبة، مش كده؟


سليم بإيماءة بسيطة: امممم.


رفعت ماسة عينيها إليه ببطء، كان هناك شيء ما في نظرتها، لوم، عتاب، وخيبة أمل، نظرت إليه بنوع من الضيق وهي تقول بصوت يملؤه العتاب:

تخيل... دي أول مرة أشوف فيها فستانها، وشبكتها، وكل حاجة... حتى العريس!


ثم قلبت وجهها بضجر، امتزج الحزن بالتعجب في ملامحها، وعيناها لمعتا بالدموع، أضافت بصوت مختنق:

مستحيل كنت أتخيل ييجي يوم زي ده ومشاركش أختي الوحيدة اللحظات دي.


تنهدت بعمق قبل أن تختم حديثها بصوت خافت، كأن الكلمات تخرج من قلبها المثقل: أنا هاروح أنام.


حاولت التحرك، لكن يد سليم أمسكت بذراعها، سحبها نحوه قائلاً بضيق:

بلاش التلميحات السخيفة دي، ده لا طبعك ولا أسلوبك، وأظن إننا اتكلمنا في الموضوع ده بما فيه الكفاية، لدرجة إنك روحتي ونمتي في أوضة تانية وقفلتي الباب عليكي.


سحبت ماسة يدها من قبضته، نظرت إليه بحزم وعيناها تشعان بالألم:

صح، بس أنا مش مقتنعة، ولا هاقتنع، إللي عملته كان عشان حبي ليك وبس، لكن بصراحة، أنا مش قادرة أسامحك، لإنك حرمتني أعيش وأشارك أختي الوحيدة أسعد لحظات حياتها. وخلتها تحس إنها وحيدة، ما لاقتش حد يبقى جنبها.


سليم ببرود يخفي خلفه انزعاجه: لو بتحبك، هتتفهم الوضع.


تنهدت ماسة بإمتعاض، وقلبت وجهها بعدم اقتناع، وكأنها ملت من قناعاته التي لا تتغير، ثم قالت: طيب... هنام. تصبح على خير.


زفر سليم بضيق: هو إحنا هنفضل في النكد ده كتير؟


نظرت إليه ماسة بحزن: هو مش من حقي أعبر عن حزني؟


سليم بحدّة: عبّري زي ما تحبي، بس بلاش تحسسيني بالذنب أو تأنبيني بالكلام، إحنا سبق واتكلمنا، وشرحت لك السبب. ولولا الوضع ده، كان مستحيل أمنعك.


تنهّدت ماسة بتعب، استسلمت لنبرته الجامدة وقالت بهدوء: حاضر.. ممكن أنام بقى؟


نظر إليها سليم بضيق دون أن يرد، ثم خرج من الغرفة بغضب، أغلق الباب خلفه بعنف خفيف، وكأنه يحاول السيطرة على غضبه.


فور خروجه، تمددت ماسة على الفراش، أغمضت عينيها محاولة تهدئة أنفاسها المتلاحقة، لكن شيئًا ثقيلًا كان جاثمًا على قلبها. جلست ببطء، وضعت كفها على فمها وهي تشهق بصمت، دموعها انسابت دون صوت، وكأنها تبكي وحدتها... وحزنها... وحبها الذي صار قيدًا على قلبها.


على جانب آخر...


كان سليم يجلس على الأرجوحة في الحديقة، يدخن سيجارة ببطء، بينما تتأرجح الأرجوحة تحت ثقل جسده بحركة خفيفة، متناغمة مع أنفاسه العميقة والغاضبة. الهواء الليلي البارد لم يكن كافيًا لإخماد نيران التوتر التي تتأجج داخله، فكل ما دار بينه وبين ماسة لا يزال يرن في رأسه.


زفر بضيق، أخرج هاتفه من جيبه، ثم ضغط على رقم محفوظ لديه، وما إن جاءه الرد من الطرف الآخر حتى تحدث بالإيطالية بصوت منخفض لكنه حاد:

ألو... ماركو، كيف حالك؟


جاءه الرد من الطرف الآخر بصوت هادئ: بخير، وأنت؟


سليم تنهدت باقضتاب: بخير... تقريبًا.


صمت للحظة، ثم اكمل بحزم: أحتاج مساعدتك. أريدك أن تساعدني في الوصول إلى مدبّر الحادثة اريدك أن تبحث خلف اريك وتيمو.


ماركو بتردد: سليم... مرّت سنوات على هذا الأمر، لقد جلسنا على الطاولة وتعهدوا أنهم لم يقوموا بالانتقام.


سليم بإصرار، وصوته يصبح أكثر حدة: "أعلم ذلك، لكني أريد إعادة البحث. ربما كانوا هم من فعلوها، وربما لم أبحث في المكان الصحيح.


ساد الصمت للحظات على الطرف الآخر، قبل أن يجيب ماركو باستسلام: حسنًا، سأبدأ بجمع المعلومات.


أنهى المكالمة دون أن ينتظر رد ماركو، ثم أنزل الهاتف ببطء وهو يتأمل الدخان المتصاعد من سيجارته. عيناه كانتا تلمعان بتصميم قاتم، لم يكن يريد سوى شيء واحد... أن يصل إلى من دبّر الحادثة. أن ينهي هذا الأمر العالق، ويغلق هذا الفصل القاتم من حياته.


كل ما يريده... هو أن يستعيد هدوءه، أن يعود إلى ماسة بلا أشباح تطاردهما في كل زاوية. لكن السؤال الذي يطارده دائمًا... هل سيصل للحقيقة حقًا؟ أم أن هذه اللعبة لم تنتهِ بعد؟


في فيلا عائلة ماسة الثانية عشر صباحاً.


توقفت سلوى أمام المرآة، تمسح بقايا مكياجها بحركات بطيئة، وكأنها تمحو أثر يوم طويل. بدّلت ملابسها لشيء أكثر راحة، ثم تقدمت نحو النافذة، سحبت الستائر قليلًا قبل أن تخطو إلى الشرفة. استنشقت الهواء العليل، تبحث عن لحظة صفاء وسط ضجيج أفكارها.


لكن أنفاسها تعلقت في حلقها وتجمدت عينيها، عندما وقع بصرها علي مكي واقفًا على التلة، تمامًا كما كان يفعل دائمًا... المكان الذي شهد أول دقات لقلبيهما. عيناه متسمرة عليها، ثابتة، لا تخشى المواجهة نظراته كانت مزيجًا من التحدي والحب، بينما نظرتها المرتبكة فضحت صراعًا داخليًا بين الحنين والهروب.


دام الصمت بينهما للحظات طويلة، كأن الزمن قرر التوقف احترامًا لما كان. ثم دون كلمة، تحرك مكي، استدار نحو سيارته، صعد إليها، وانطلق مبتعدًا، تاركًا خلفه صمتًا أثقل من الكلام.


لم تفارق سلوى مكانها ظلت في مكانها، تراقب أضواء السيارة وهي تختفي في الظلام. في عينيها حزن خافت، لكن لم تستسلم له. أغمضت عينيها لوهلة، وتذكرت شيئاً 


-الليفينج روم 


-كانت تجلس سلوى تشاهد التلفاز بمفردها بعد قليل دخل سليم عليها الغرفة. 


سليم بابتسامة: مساء الخير. 


رفعت سلوى عينيها نحوه: مساء النور.


جلس سليم على مقعد بجوارها تساءل وهو ينظر من حوله: فين الناس؟.


سلوى: عمار ويوسف خرجوا وماما وبابا نامو، وماسة بتعملنا شاي.


سليم: تمام ..عامل ايه كويسة؟


سلوى: تمام.


سليم بتهذب: هو انا ممكن اقتحم خصوصيتك وأسألك إنتي ليه مش عايزه تدي فرصة لمكي؟


سلوى بترقب: إنت عرفت؟ 


سليم: عارف من زمان.


سلوى بفضول: وانت ايه رأيك.


سليم: المهم رأيك.


سلوى عدلت جلستها تسألت: لا، محتاجة أسمع رأيك من راجل حب واتحدى العالم كلة عشان يفوز بحبه ده، بس خليك منصف مش عشان صاحبك. 


تبسم سليم قال بعقلانية وأخوة: بصي يا سلوى أنا كنت معارض مكي لما أخد القرار ده، ومازلت شايف إنه غلطان، وإنه كان لازم على الأقل يفهمك، بس خلاص غلطة ولازم نعديها، ليه ماتخديش الجانب الإيجابي إنه فاكرك وعايزك فكري فيها من الجانب ده، صدقيني مكي إنسان كويس، ولو كنت شاكك في حبه وصدقه كنت بعدته عنك.


نظرت له سلوي لوهلة بصمت موجع قالت بعقلانية وتوضيح: بص يا سليم أنا فضلت شهور موجوعة وكاتمة جوايا حتى عن أختي، لأني متأكدة لو كنت قولتلها كانت حكتلك ووقتها هتحصل مشكلة بسببي لأن ماسة مابتتحملش عليا النسمة، ففضلت السكوت، انا فضلت سنين بفكر في سؤال واحد هو أنا للدرجة دى ماستحقش أتحب! أمال هو كان ايه؟ طب قرب مني ليه؟ ومشي ليه؟ 

بدأت الدموع تتغلغل بعيونها بوجع وضعف اكملت: 

حسيت نفسي قليلة أوي يا سليم كأني لعبة واحد لعب بيها شوية ولما زهق رماها ومشي، كل الأحلام و الخيال اللي عشته اتهد وبقى سراب هو أخد قرار وهو مقتنع بيه خلاص بقى عايز مني إيه؟؟


سليم بعقلانية: بصي يا سلوى انتي غاليةعندي بس إنتي كمان غلطتي، هتسمعي كلامي كأخ وبصراحة والا أزوق.


سلوى: لا بصراحة.


سليم بعقلانية: انتي غلطتي لما عشمتي نفسك وحلمتي بحاجة مش موجودة، عشان بس واحد قالك كلمة حلوة ولا جابلك هدية؟ إنتي ماينفعش تحلمي وتتعشمي وتبني آمال مع واحد معملش عشانك أي خطوة جدية ولا صرح باي حاجة، صدقيني الغلط من عندك لأنه مقالش، حتى لو قالك بحبك وحلف على القرآن إنه بيحبك مينفعش تتعشمي، مابالك بقى إنه أصلاً ماقلش، إنتي بقى تروحي تحلمي وتتمني! ده غلط، لازم تتعلمي وتتعودي إن الكلام ده مش بس مقتصر على علاقة الارتباط، لا،وكل حاجة، بس نصيحة مني، العلاقة الوحيدة اللي تدي فيها ربع اللى بتاخديه هي علاقتك براجل، طول مافيش حاجة رسمي،لأن الرجل لما بيحب بجد أول حاجة بيفكر فيها إن العلاقة تكون جدية وقصاد كل النااس.


سلوى: معنى كدة صاحبك كان بيلعب بيا


سليم بنفي: لا طبعاً هو كان في البداية معجب مش مكنتش هو عايز ايه، ولما عرف وتأكد من حقيقة مشاعره، حب إنك تختاري بنضج زي ما قالك، 


أثناء حديثهما دخلت ماسة وهي تحمل صينية عليها أكواب من الشاي 


ماسة بمزاح: ايه بتنمو على مين وضعت الصينية وجلست بجانب سلوى 


سليم: بحاول أقنعها تدي فرصة للراجل الغلبان. 


ماسة: بضجر: الصراحة انتي مأفورة أوي. في ايه يا سلوى لكل ده!!هو ولا عشمك ولا قالك حاجة أصلاً مكنتش عروسة وكام كوبايه عصير قصب ومانجة. 


سليم بلطف؛ بالراحة يا ماسة  سلوى واضح إنها انسانة حساسه أوي ومرهفة المشاعر.


ماسة بضجر؛ مشاعر ايه يابني والله حوارهم مكملش ٣ شهور.


سلوى بدافع: يا سلام طب لو كان سليم عملها معاكي كنتي هتعملي ايه هتسامحيه.


ماسة بعقلانية: أنا عمري ماعشمت نفسي بسليم، برغم اني عشت معاه حاجات أكتر ألف مرة من اللي عشتيها مع مكي، كان أقصى طموحي إنه ياخدني معاه مصر أشتغل عنده او لو اتجوز، غلط أعشم نفسي بحاجة هو مقالهاش عشان بس عمل كام حاجة حلوة. 


سليم: لسه كنت بقولها كدة.


ماسة: مكي عنده حق انتي زمان كنتي فرحانة بشوية الإهتمام ونفسك تتجوزي عن حب 

انتي معرفتيش مكي لسه ولا حبيته لشخصه انتي حبيتي بس اللي كان بيدلهولك بس لو دورتي جواكي هتلاقي نفسك متعرفهوش.


سليم: دى حقيقة اعرفيه الأول كويس يمكن أصلاً موضوعكم ميكملش.


ماسة بعقلانية: انتي كل هدفك تتتجوزي زيي عن حب وبس، وانا للأسف كنت صغيرة  معرفتش أنصحك وأوعيكي أنا غلطت في حقك، بس الحمدلله هو طلع راجل وبعد قبل اى حاجة على الأقل مخلكيش تحبيه وكسرلك قلبك، انتي مشكلتك إنك مفهمتيش قرب وبعد عنك ليه، وأديكي أهو فهمتي وأنا معاه مش ضده هو صح، اختاري بنضح مش بمراهقة ... وصدقيني و وقتها كنتي هتختاري مراهقة هو صح، سلوي والله انتي بجد مأفورة الموضوع، تصدقي أنا هقول لمكي اصرف نظر عنها هي لسه هبلة مافيش نضوج عندها.


سلوى بضجر وتعجب: دي كرامة، ايه المفروض اول ما يرجع أقوله أهلاً وسهلا وحشتني وأفتح دراعي، ايه مصدقت مافيش غيره.


سليم يمازحها: أنا كنت بقول سلوى أذكى من ماسة وشرانية طلعتي بيضا خالص عصفورة  دي ماسة شرانية عنك.


سلوى؛ دي حقيقة ماسة تبان طيبة وغلبانة بس قلبتها وحشة.


سليم بمزاح: عارف دي بتنيمني على الأرض في الشتا. 


ضحكوا جميعا.


سليم بجدية: سلوى انتي مقتنعة بصالح والا لا. 


نظرت لهل لوهله قالت سلوى بتأكيد كاذب: ايوه ما هو الوحيد اللي وافقت عليه لأنه محترم وأهله ناس كويسة وطموح وخلاص انا دلوقت حاسة اني كبرت سبوني أجرب.


ماسة: قرار نهائي. 


سلوى نظرت أمامها بهروب: اها لو سمحت يا سليم خلى مكي يبعد عني. 


سليم: حاضر.


تبادل سليم وماسة النظرات بيأس


(باااااك)


عادت سلوى من ذكرياتها، مسحت على وجهها وأخرجت نفسًا عميقًا، وكأنها تتحدى قلبها ألا يضعف مرة أخرى. فتحت عينيها وقالت بحزم وكأنها تواجههم جميعًا: انتوا غلط، وأنا اللي صح.. واللي بعمله ده مش تهور.

💞________________بقلمي_ليلةعادل 


فيلا سليم وماسة الثانية صباحًا 


ظل سليم جالسًا في الحديقة لساعات، يحاول تهدئة نفسه واستيعاب كل ما يحدث. لم يكن الغضب موجّهًا نحو ماسة، بل كان على كل شيء يمرّون به. يعلم أنها تتحمل كثيرًا من أجله، وأنه مهما حاول، يظل سببًا فيما يحدث.


بعد أن هدأ قليلًا، نهض متجهًا إلى غرفته. ما إن فتح الباب حتى وجد ماسة نائمة، ملامحها الهادئة تحمل أثار التعب والضيق. اقترب منها، تأملها بنظرة عتاب ممزوجة بحب خالص. لم يكن حزينا منها، بل حزينا عليها. تنهد بهدوء، سحب الغطاء ليغطيها جيدًا، ثم طبع قبلة دافئة على خدها. حاول النهوض، لكن يدها امتدت إليه، أمسكت بيده وكأنها تستشعر وجوده حتى في نومها.


فتحت عينيها ببطء، نظرت إليه بنظرة حملت كل شيء... الحب، الحزن، والعتاب الصامت. لم يحتمل سليم تلك النظرة، فابتسم قليلًا وهو يمسح على يدها بحنان. نهضت ماسة ببطء، ولم تفكر، فقط اندفعت إلى حضنه. كانت تحتاجه، وتعلم أنه يحتاجها، مهما حدث. دفنت رأسها في كتفه، وشعرت به يضمها بقوة، وكأنه يحاول أن يمحي بين ذراعيه كل لحظة زعل بينهما. لحظات طويلة قضياها في هذا الاحتضان، بلا كلمات، فقط نبضاتهما التي تتحدث بدلًا عنهما.


همس سليم أخيرًا وهو يمرر يده على شعرها: مش عايزك تزعلي مني


رفعت ماسة رأسها لتنظر إليه: وأنا كمان مش عايزاك تزعل مني... أنا آسفة.


هزّ سليم رأسه نافيًا وهو يمسك وجهها بين يديه: ما تتأسفيش، أنا فهمك...ومقدّر. بس اصبري عليا شوية.


تنهدت ماسة بخفوت، ثم همست: حاضر...

قبل أن تشده من يده ليقترب أكثر. تعالى نام وارتاح شوية... هتروح بكرة المجموعة؟


ابتسم سليم وهو يمسح على شعرها: هقعد معاكي... ياسين وهبة جايين يقضوا معانا اليوم.


اتسعت ابتسامتها بحماس: بجد؟ وحشتني أوي!

ثم دفعته برفق: طب قوم غير هدومك.


ضحك بخفوت ونهض عن الفراش، بينما ماسة، ظلت تراقبه وهو يبدل ملابسه، وسعادتها تملأ عينيها. دقائق قليلة حتى عاد ليجلس على الفراش مجددًا، فتح ذراعيه فاقتربت منه، استلقت بجواره، أسندت رأسها على صدره، بينما هو وضع يده على شعرها، يسند رأسه على رأسها برفق.


همست ماسة بعد لحظات: شكل صالح ده محترم، وأهله كمان... كنت خايفة مكي يعمل حاجة.


ضحك سليم بسخرية: مكي عاقل، هو كان بيوجه رسالة لسلوى، إنه مهما حاولت تهرب، هو موجود.


تنهدت ماسة بخفوت: على قد ما أنا متضايقة، بس على قد ما أنا فرحانة إن أختي في حد بيحبها كده، وإنها هاتعيش قصة حب حلوة، مع حد يحبها قوي...


صمتت قليلًا قبل أن تضيف بتردد: عارف؟ ممكن تقول عليا مجنونة، بس أنا حاسة إن سلوى ومكي هيبقوا مع بعض في الآخر.


هزّ سليم رأسه بثقة: أنا بقى متأكد، عشان عارف صاحبي كويس.


قهقهت ماسة بخفوت وهي ترفع رأسها لتنظر له: طبعًا! انت ومكي مجانين... وحياة ربنا بحس إن إنت ومكي فولة واتقسمت نصين بس هو أهدى وأعقل.


سليم بمزاح: طبعاً مين يشهد له غيرك ما هو عاجبك اللي عمله.


ماسة: طبعاً خليك إنت في صف سلوى وانا هبقى في صف الراجل الغلبان ده.


ضحكا معا، ثم مرر سليم يده على شعرها بحنان، يشعر بكل شيء بداخلها، يتفهمها رغم كل شيء، ويعلم أنه مهما حدث، ستظل دائمًا في حضنه، المكان الوحيد الذي تنتمي إليه.

💞_______________بقلمي_ليلة عادل ⁦(⁠ʘ⁠ᴗ⁠ʘ⁠✿⁠)⁩


_في مدينة الإسكندرية...


سافر مكي إلى الإسكندرية في نفس الليلة، هاربًا من زخم مشاعره، محاولًا أن يجد في البحر ملاذًا يخفف عنه عذابات قلبه. أغلق هاتفه، قرر أن يعزل نفسه عن كل شيء، آملاً أن يمنحه البعد قليلًا من السلام، أن يجد في أمواج البحر إجابة تداوي أنين قلبه الموجوع.


لكنه كان يعلم في قرارة نفسه أن الهروب لن يغير شيئًا... فذكرياته مع سلوى كانت حاضرة في كل لحظة، تطارده في صمت الليل، وترافقه في صدى الأمواج التي تضرب الشاطئ برفق.


جلس على الرمال، ممددًا ساقيه، يراقب الأمواج المتلاطمة وكأنها مرآة تعكس اضطرابه. استند برأسه إلى راحتي يديه وأغمض عينيه، مستسلمًا لصوت البحر، متمنيًا لو يحمل إليه جوابًا واحدًا... هل يستطيع العودة إليها؟ هل لا تزال تفكر به كما يفكر بها؟


ارتسمت على شفتيه ابتسامة مريرة وهو يتذكر صوتها، ضحكتها، وحتى كلماتها الأخيرة التي غرست في قلبه جرحًا لم يلتئم بعد. سأل نفسه بصوت خافت، بالكاد يسمعه هو ذاته:


"هل ما زالت تفكر بي؟ هل يمكن أن تسامحني؟ هل ما فعلته صحيحاً؟! "


شعر بحاجة ملحّة إلى إخراج كل ما يثقل صدره، إلى أن يقول لها كل شيء، لكنه كان يدرك أنها لن تستمع إليه الآن. لذا، قرر أن يكتب لها رسالة، رسالة لن يرسلها، لكنه أراد أن يسطر كلماته على الورق، كأنها طريقة يواجه بها حزنه.


أخرج دفترًا صغيرًا من حقيبته، وتحت ضوء القمر بدأ يخط كلمات من قلبه، كلمات لم يكن قادرًا على قولها بصوت مسموع بشجن:


سلوى... منذ رحيلك وأنا أبحث عنك في كل شيء، في ملامح الغرباء، في ضوء القمر، وفي صوت الأمواج. أحتاجك كما يحتاج الظمآن قطرة ماء، وكما يحتاج الليل نجمًا يهديه. أخطأت في حقك، لكن قلبي لم يخطئ في حبك. هل ستمنحيني فرصة أخرى؟


توقفت يده عن الكتابة عندما امتلأت عيناه بالدموع، فتنهد بعمق، وكأن هذا النفس الطويل محاولة لطرد الألم بعيدًا عنه. أغلق الدفتر ببطء، حدق في البحر طويلًا قبل أن ينهض، يدفن قدميه في الرمال الرطبة وهو يسير بمحاذاة الشاطئ.


كان مترددًا... بين العودة إليها والقتال من أجلها، أو ترك الأمور للقدر، لكن فكرة واحدة ظلت تؤرقه:

ربما كانت تنتظر مني خطوة... وربما فات الأوان.


ـ القاهرة 


في أحد المطاعم الكبرى


في مطعم هادئ، الرابعة مساءً 


يجلس صالح وسلوى على إحدى الطاولات وسط أجواء دافئة وصوت موسيقى خافتة في الخلفية. كانت سلوى تجلس على طرف الطاولة، تشبك أصابعها ببعضها، بينما كان صالح ينظر إليها بابتسامة هادئة، يحاول كسر الجمود بينهما.


صالح بابتسامة مشجعة: "كيد إحنا هنتعود على بعض مع الوقت، مش كده؟


سلوى تبتسم بتردد، تخفض رأسها قليلًا وهي تقول: إن شاء الله... بس لسة بحس إني مش متعودة على فكرة إننا بقينا مخطوبين. يعني، كل حاجة لسة جديدة.


ضحك صالح بخفة، محاولًا أن يجعلها تشعر براحة أكبر: أنا عارف، وده طبيعي. إحنا هنا علشان نعرف بعض أكتر، مش لازم نقلق من الحاجات دي.


لاحظ ترددها فقرر تغيير الموضوع بلطف: طب قوليلي، إيه أكتر الألوان اللي بتحبيها؟


رفعت سلوى عينيها إليه للحظة قبل أن تجيب: بحب الألوان الهادية، زي الأزرق السماوي والبيج... وكمان درجات الأخضر الفاتح.


صالح وهو يهز رأسه بتفهم: أمم، واضح إنك بتحبي الألوان اللي تدي إحساس بالراحة. وطب بالنسبة للأكل؟ إيه أكتر أكلات بتحبيها؟


ابتسمت سلوى قليلاً: بحب الأكلات الشرقية، خصوصًا المحشي والملوخية... وكمان بحب الأكلات الإيطالية زي الباستا.


ضحك صالح: محشي وملوخية؟ يبقى أكيد في البيت عندكم الأكل كله بيبقى تحفة!


سلوى امم: طبعاً انت ناسي ان احنا اصلا من الأرياف وكنا بنخدم في قصر منصور قريب سليم.


صالح باهتمام: لا منستش، طب إنتِ ناوية تدخلي كلية إيه؟


سلوى بثقة: حقوق.


رفع صالح حاجبيه بدهشة طفيفة: حقوق؟ ما توقعتش... ليه اخترتيها؟


نظرت إليه سلوى بحماس: لأني عايزة أدافع عن المظلومين والمقهورين. بحس إن العدل حاجة مقدسة، وعايزة أكون صوت للناس اللي حقهم ضايع.


ابتسم صالح بإعجاب وهو يومئ برأسه: فكرة عظيمة بصراحة... عندك هدف واضح، وده شيء مش عند كل الناس.


مال للأمام قليلًا وقال بلطف: بصي، كلميني شوية عن نفسك... إحنا ما عرفناش نتكلم مع بعض خالص قبل كده، وعايز أعرف عنك أكتر. يعني ارتبطتي قبل كده.


نظرت إليه سلوى للحظة، ثم أخذت نفسًا عميقًا وقالت بصوت هادئ: لا، في ناس جت اتقدمت بس ماكانش بيحصل نصيب.


نظر صالح إليها من أعلى لأسفل بتعجب: عايزه تفهميني إن أنا أول واحد في حياتك؟


رفعت سلوى رأسها بسرعة، قالت بثبات: كان في مشروع ارتباط بس الموضوع ما كملش. ثم رفعت حاجبها وسألته: وأنت؟


صالح: ارتبطت مرتين، مرة وأنا في الجامعة، ومرة في الشغل، بس برضه الموضوع ما كملش.


ساد بينهما لحظة صمت قصيرة، قبل أن يبتسم صالح محاولًا تخفيف الأجواء: يعني تقريبًا إحنا متعادلين.


ابتسمت سلوى بخفة، وبدأ التوتر يتلاشى تدريجيًا، وكأن الحديث بينهما أصبح أكثر راحة، والحواجز التي كانت تفصل بينهما بدأت تذوب ببطء.


💕___________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩


مجموعة الراوي الواحدة مساءً 


مكتب صافيناز 


صافيناز جالسة خلف مكتبها، بينما عماد يجلس أمامها ويتبادلان الأحاديث كان يبدو على ملامح صافيناز عدم التصديق والاستغراب.


عماد: أنا مسافر عشان أخلص شغل لبابا، لازم أكون هناك في أسرع وقت، هسافر النهارده وهاجي كمان يومين.


أخذت صافيناز تنقر بأصابعها على سطح المكتب ببطء، نظرتها تحمل شكًا خفيًا: بقيت تسافر كتير أوي، الفترة دي! مش كده؟


عماد بابتسامة هادئة: لا، ما إنتِ عارفة إن أنا إللي بخلص شغل بابا وبابا عنده مشروع هناك.


حدقت صافيناز به لثوانٍ، ثم مالت بجسدها للأمام قليلًا، قبل أن تستقيم وترد بهدوء مخفي خلفه الريبة: ماشي تروح وتيجي بالسلامة، هتتاخر؟!


عماد: بس يومين.


نهض من مقعده، عدل ياقة قميصه ونظر إليها:

لازم أتحرك دلوقتي، عندي تحضيرات قبل ما أطلع على المطار.


حركت رأسها بإيجاب دون أن تنطق، راقبته وهو يخرج من المكتب، ظلت صامتة للحظات، ثم رفعت هاتفها واتصلت بشخص ما.


صافيناز بصوت حازم: عايزاك تراقب لي عماد حالًا... هو خارج دلوقتي من المجموعة، تكون وراه خطوة بخطوة، أوعى يحس بيك، هيطلع على المطار تطلع وراه وتسافر وراه دبي، ازاي ماعرفش، فاهم!! 


أنهت المكالمة، ثم اتصلت برقم آخر، انتظرت ثواني حتى يجيب الطرف الآخر.


إسماعيل باستغراب: ألو؟ صافي؟! أهلا، في حاجة؟


صافيناز بهدوء لكن بحزم: لا، مافيش حاجة... بس عايزة منك طلب.


إسماعيل: قولي.


صافيناز: عايزاك تجيب لي كل مكالمات عماد في الفترة الأخيرة.


إسماعيل متعجباً: في حاجة؟


صافيناز بصوت قاطع: مافيش حاجة، اسمع الكلام ونفذ من غير أسئلة... الكلام ده بيني وبينك بس.


أنهت المكالمة،أسندت ظهرها إلى الكرسي وأغمضت عينيها للحظة،ثم فتحتها بنظرة جامدة


صافيناز بهمس لنفسها: لو اللي في دماغي صح ياعماد هحرقك


خارج المجموعة


عماد يخرج من المجموعة، لا ينتبه في البداية أن هناك سيارة تراقبه. يقود سيارته بتلقائية ويتوجه إلى سوبر ماركت صغير، يدخل ليشتري بعض الأشياء، ثم خرج وتوجه إلى بيت عائلته. بعد دقائق، عاد لسيارته، وعندما نظر في المرآة، لاحظ شيئًا غريبًا.


حرك نظراته سريعًا، ليرى السيارة التي كانت خلفه في المجموعة لا تزال قريبة. حاول تجاهل الأمر، لكن عندما بدأ في القيادة من جديد، لاحظ أن السيارة تم استبدالها بأخرى، لكنه متأكد أن هناك من يراقبه.


بدأ التصرف بحذر، غير طريقه أكثر من مرة، ثم عاد إلى القصر ليأخذ بعض الملابس، ثم خرج مجددًا. بعد دقائق، أدرك أن المراقبة مستمرة، فقرر التصرف بحذر أكبر. دخل إلى المطار، قطع التذكرة، ثم جلس في أحد المقاهي وطلب قهوة.


أمسك بهاتفه واتصل بسارة.


عماد: إيه يا سارة، بقول لك إيه، أنا مش هعرف أجي لك، صافي بتراقبني.


سارة بقلق: طب وهتعمل إيه؟


عماد تبسم بخبث: هقول لك هعمل إيه...


💕___________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩


- فيلا سليم وماسة - الخامسه مساءً


نرى سليم وماسة في الهول يرحبان بياسين وهبة بحفاوة واضحة، تعلو وجوههم الابتسامات.


سليم وهو يصافح هبة بابتسامة دافئة: إزيك يا هبة؟ عاملة إيه؟


هبة بفرحة: أنا الحمد لله، إنت إللي عامل إيه؟ طمني عليك؟


سليم ببساطة: الحمد لله تمام.


ياسين بابتسامة وهو ينظر لماسة: إزيك يا ماسة؟ أخبارك إيه؟


ماسة بحماس: الحمد لله يا ياسين، إنت أخبارك إيه؟


ياسين: كله تمام.


تقترب ماسة من هبة سريعًا وتعانقها بشوق، تضمها بقوة قائلة بصوت دافئ: وحشتيني وحشتيني أوي، طمنيني عليكي.


هبة وهي تضمها بنفس الشوق: وإنتي كمان والله وحشتيني أوي، عامله إيه؟!


ماسة بسعادة: الحمد لله يا حبيبتي.


وضعت يديها على بطنها بحنان وهي تسأل بفضول: القمر بتاعنا عامل إيه؟ ما شاء الله، الله أكبر، بقيتي في الشهر الكام؟


هبة: في الثامن، بس والله تعبانة يا ماسة.


ماسة بحنان: يا ما شاء الله، ربنا يقومك بالسلامة، معلش هو من آخر السابع بتحسي إن نفسك تقل وجسمك كمان.


دقق سليم النظر إلى بطنها وقال باستغراب: إنتي حامل؟


هبة بتعجب: إيه ده، إنت ماتعرفش؟


هز سليم رأسه بلا، بينما ماسة أوضحت بابتسامة خفيفة: أصل هبة كانت حامل لما إنت كنت في بداية الغيبوبة، كانت تقريبًا في الثالث، وطبعًا مر وقت.


تبسم سليم: ربنا يقومك بالسلامة، خد بالك منها، ما تزعلهاش، لو زعلك تعالي قولي لي وأنا هاعرف إزاي أجيب لك حقك.


ياسين بمزاح: أنا إللي ما أزعلهاش؟ قولها هي ماتزعلنيش، دي مفترية.


هبة بضحكة: براحتي


سليم وهو يومئ بموافقة: طبعًا براحِتك.


هبة بسعادة: أيوة كده، ربنا يخليك ليا يا سليم، أخويا الكبير فاقلك وهياخد حقي منك.


ماسة وهي تشير إلى المقاعد: هتفضلوا واقفين؟ تفضلوا اقعدوا.


جلس الجميع على المقاعد، والحديث مستمر وسط جو من الألفة.


هبة بحماس وصدق: والله العظيم أنا كنت عايزة أجيلك من بدري، بس عرفت إنك رافض أي زيارة.


سليم بابتسامة هادئة وكأنه يريد إنهاء الحديث عن تلك الفترة: سيبكِ من الموضوع ده، قوليلي.. بنت ولا ولد؟


هبة تضع يدها على بطنها بسعادة: بنوتة.. 

أكملت بتلقائية .. عقبالكم بقى يا سليم، اتجدعنوا وهاتوا نونو بسرعة، عشان يلعب مع بنتي اللي مش عارفة أختار لها اسم.


سليم ينظر لها بابتسامة تحمل بين طياتها الكثير من الأسى، يحاول إخفاءها، لكن عينيه تفضحان وجعه العميق. لوهلة، شرد وكأن ذكرى مؤلمة سحبت قلبه بعيدًا. فقد أصبح حلم الإنجاب صعبًا بعد تلك الحادثة، وهذا يؤلمه بشدة.


ماسة التي اعتادت قراءة ملامح وجهه، تبتسم بلطف، لكنها تخفي ببراعة نفس الوجع في قلبها. بطرف عينها، تتفحصه محاولة استشفاف مدى تأثره بتلك الكلمات. وبهدوء، امتدت يدها لتقبض على كفه، تضغط عليه برقة كرسالة دعم صامتة. سليم شعر بلمستها، فبادلها الابتسامة رغم الألم، وكأنه يخبرها أنا بخير" بينما هو أبعد ما يكون عن ذلك.


ياسين يرمق هبة بنظرة تحمل معنى: إيه إللي قولتيه ده؟!

لكنها ترد عليه بنظرة سريعة: تعني ماكنتش أقصد..


كل ذلك يحدث في جزء من الثانية، قبل أن يسارع ياسين إلى تغيير الموضوع لإنقاذ الموقف.


ياسين بسرعة وهو يحاول لمّ الموضوع: إيه يا سليم.. هترجعوا القصر ولا؟


سليم يعدل جلسته ويجيب باقتضاب: آها، هنرجع كمان يومين، يكون الجناح جهز.


هبة بفرحة: أحسن، أنا حاسة إني لوحدي، والدكتور مانعني من الحركة.


ماسة بفضول: هتولدي قيصري؟


هبة تبتسم بخبث: اممم.. بقولك إيه، تعالي نقعد سوا ونسيبهم.


ماسة تتوقف لثانية قبل أن تبتسم وتتحرك مع هبة: يلا.. تشرب إيه يا ياسين؟


ياسين بمزاح؛ لا، أنا جاي على غدا، (يضحك) بس قهوة.


ماسة تهز رأسها بعناد خفيف: لا، عصير لحد ما الغدا يجهز. ها أبلغ ماري.


تتحرك هبة وماسة إلى الحديقة بعد أن طلبت ماسة من الخادمة العصائر. سليم وياسين يبقيان وحدهما، والأجواء تصبح أكثر جدية.


توجها الى الحديقة


جلسا ماسة وهبة على مقاعد، والحديث بينهما يدور في سياق مختلف.


الهول - داخل الفيلا


ياسين يخفض صوته قليلًا وهو يتحدث بجدية: وصلت لحاجة؟


سليم بضيق، يهز رأسه بلا وهو يعود بظهره إلى الأريكة بيأس: صفر.


ياسين يشد على قبضة يده بغيظ: أنا هتجنن! مين ممكن يكون وراها؟ سليم، ما تحاول تفتكر.. لو كنت عملت مع حد حاجة، ممكن يكون بينتقم منك؟


سليم بإرهاق، يمرر يده في شعره وهو يزفر ببطء: أنا سايب كل الشغل اللي فيه مشاكل من زمان.


ياسين يهز رأسه في إحباط: المشكلة إننا دورنا ورا ولاد الصياد والشعراوي وعامر وسالي، وطبعًا إريك وتيمو.. لإن دول آخر ناس كنت عامل معاهم مشاكل. الباشا بنفسه دور وراهم، حتى ماركو وريمون دوروا، بس مش هما.


سليم بحيرة وقلق: أنا شاكك في إريك وتيمو، هما أكتر ناس ممكن يعملوها. كلمت ماركو يدور وراهم بس لسة ماوصلناش لحاجة. بس ليه بعد كل السنين دي يستنوا لحد ما مراتي تبقى حامل علشان ينتقموا؟


ياسين يحرك رأسه بتوتر: ماهو ده اللي هيجننا.. مين؟


سليم بصوت هادئ لكنه يحمل يقينًا: ماسة بتقول يمكن حد مش عايز ينتقم، حد عايز يخلص مني لإن وجودي مصدر خطر. لو تخلصوا مني، هيقدروا يوقعوا المجموعة، وعملوا كدة علشان نتوهم إنه انتقام.


ياسين بتفكير: ممكن.. بس لو حقيقي، ليه ماظهرش لحد دلوقتي؟ إنت فضلت أربع شهور ونص في غيبوبة، وشهرين بعد مافوقت، ماحصلش أي حاجة، بالعكس، إحنا اشتغلنا كويس جدًا.


سليم بشبه شرود: تفتكر انتقام من ربنا؟


ياسين بتعجب: انتقام من ربنا؟


سليم بعين غامقة بدموع يحاول حبسها: اممم.. لإنّي كنت السبب في قتلهم حتى لو مش بإيدي، بس كنت السبب، وإن ربنا بيعقبني علشان حياتي زمان كانت كلها قتل وحرام في حرام.


ياسين بنبرة هادئة عقلانية: بس إنت بعيد من أكتر من خمس سنين، وعملت عمرة وتوبت. حتى الباشا بقى يشتغل قليل جدًا، كل فين وفين لو باع مقبرة، وهو مركز أكتر في الدهب والألماظ، وإنت ما تفكرش في كدة، ربنا غفور، وإنت توبت من سنين. ده مش عقاب من ربنا، أنا متأكد.


سليم يمسح عينيه بأصابعه بتعب: أمال؟


ياسين بعقلانية: ريّح دماغك دلوقتي وركز في علاجك الطبيعي، ده أهم. ها، أخبار الرعشة إيه؟


سليم: راحت، بس لو مسكت حاجة لفترة بترعش شوية، الدكتور قال لي مسألة وقت. بقولك، أنا عايز أقعد مع الظابط اللي ماسك القضية.


ياسين متعجبا: ليه؟


سليم: يمكن يقول أي معلومة.


ياسين: تمام.


ربت على قدمه وهو يقول بابتسامة خفيفة: روّق كدة.


الحديقة.


هبة بقلق: طمنيني عليكي يا ماسة، إنتي كويسة؟


ماسة بابتسامة هادئة: آه يا حبيبتي، أنا كويسة.


هبة وهي تدقق النظر إليها: حاسة فيكي حاجة، قولي.. إحنا مش أصحاب؟


ماسة بنبرة صادقة: طبعًا إنتِ صاحبتي الوحيدة يا هبة، ربنا يعلم معزتك عندي. مافيش، سليم بس أصدر قرارات جديدة بمنعي من الخروج برة الفيلا حتى لما نرجع القصر. تخيّلي، حتى رفض إني أكون مع أختي وهي بتحضر لخطوبتها.


هبة مستنكرة: وإيه أسبابه؟


ماسة: خايف عليّا.


هبة بحزم: سليم لازم يروح لثربيست، ماينفعش تسيبوه كدة، من زمان وأنا قايلة لكِ الموضوع ده.


ماسة بتنهد: عارفة، بس مستنية شوية. سليم بقى حساس أوي الفترة دي، الكلمة بحساب.


هبة بابتسامة داعمة: إن شاء الله هيكون كويس، إنتوا الاتنين محتاجين لبعض، إنتوا أكبر دعم لبعض الفترة دي.


ماسة بتنهد وهي تحاول إخفاء قلقها: والله بحاول أستوعبه. المهم، إنتِ كويسة؟ الدنيا معاكي تمام في القصر؟


هبة: اممم.. يعني، إنتِ بقى ارجعي، علشان بجد زهقت من غيرك.


ماسة بابتسامة: هو سليم قال لي كلها يومين وهنرجع، ما تقلقيش. صالحتي سلوى؟


هبة وهي تفكر: أنا هاروح لها لحد عندها مخصوص وأصالحها. ليها حق تزعل، بس والله العظيم يومها جاني مغص، ما قدرتش أنزل بعد ملبست وياسين قعد معايا.


ماسة، حصل خير، سلوى قلبها أبيض.


وقضى وقتا ممتعاً مع بعضهما تبادلون الاحاديث اللطيفه في جو اخوي حميم


♥️_________بقلمي_ليلةعادل ___________ ♥️


مطار القاهرة الدولي الخامسة مساءً 


من اللحظة التي دخل فيها عماد المطار، كانت كل خطوة محسوبة بدقة. تحدث في الهاتف، أعطى آخر التعليمات لموظفيه، ثم صعد إلى الطائرة بهدوء، كأنها مجرد رحلة عمل أخرى لإنهاء مشاريع والده. عند وصوله إلى دبي، خرج من المطار بثقة، قابل رجال أعمال، زار مشاريع والده كما هو متوقع، لم يفعل شيئًا مشبوهًا، لم يترك أي أثر يمكن أن يثير الشك. حتى في السهرات التي حضرها، كان مجرد رجل أعمال يقضي وقتًا طبيعيًا.


لكنه لم يكن في دبي من أجل العمل فقط، بل من أجل سارة كما نعلم.فهو اختار دبي بعناية لأنها المكان الذي يمكنه رؤيتها بحرية تامة دون إثارة أي ريبة فوجود استثمارات زيدان هناك جعله يسافر إليها باستمرار، وإذا سأل أحد عن السبب، فالإجابة ستكون واضحة: إنه يسافر من أجل العمل. عماد كان ذكيًا، وكل خطوة يخطوها كانت محسوبة بدقة.


((بعد يوم))


نرى المراقب يتابع كل تحركات عماد عن كثب، ثم التقط صورًا وأرسل تقاريره إلى صافيناز التي كانت تجلس في غرفتها في القصر يبدو عليها التوتر، فهي لن تقتنع بسهولة. 


صافيناز سألت بشك واضح: يعني مافيش أي حاجة؟ ما بيقابلش ستات؟ أي حاجة غريبة؟ 


أجابها المراقب الذي كان يتوقف عن بعد وهو يرى عماد يجلس بمفرده في كافيه يحتسي فنجان من القهوة يقول: لا يا هانم، كل حاجة تمام، عماد بيه في الفندق، في الاجتماعات، في أماكن الشغل، بيرجع للفندق، ممكن يسهر شوية، لكن مفيش حاجة غريبة


نظرت صافيناز إلى الصور التي أرسلها المراقب، كانت متتابعة وواضحة،عماد في الاجتماعات، في الفندق، في أماكن العمل، كل شيء بدا طبيعيًا تمامًا.


حاولت طرد الشكوك من رأسها لكنها لم تستطع التخلص من الإحساس بأن هناك شيئًا خفيًا


صافيناز: عموما خلي عينك عليه، فاهم. 


المراقب: أمرك.


أغلقت الهاتف لكن عينيها مازالت تحمل الشك.


♥️_________بقلمي_ليلةعادل_________ ♥️


في أحد المطاعم الكبيرة، الخامسة مساءً.


جلس سليم على الأريكة، يدخن سيجارته ويحتسي قهوته، شاردًا في أفكاره. بعد لحظات، اقترب منه الضابط حسني، المكلف بالتحقيق في قضيته.


حسني باحترام: مساء الخير يا سليم بيه.


سليم يرفع عينيه باحترام: أهلاً بحضرتك، تفضل اقعد.


جلس حسني على الأريكة المقابلة، وأشار سليم بيده للجرسون ليقترب.


سليم: هات لي فنجان قهوة زي ده. شوف الأستاذ يحب يشرب إيه؟


حسني: ممكن شاي.


تحرك الجرسون لتنفيذ الطلب، بينما اعتدل حسني في جلسته.


حسني باحترام: حمد لله على السلامة، ومبروك عودتك.


سليم بإبتسامة صغيرة: أشكرك. كنت حابب أسألك شوية أسئلة بخصوص القضية.


حسني بهدوء: قضيتك اتقفلت بسرعة، الباشا والد حضرتك أمر بإغلاقها بعد شهر.


سليم تسال بدهاء: لكن أكيد خلال الشهر ده وصلتم لأي معلومات، حتى لو بسيطة؟


حسني بأسف: للأسف، ماقدرناش نوصل لأي خيط واضح. الجماعة كانوا مخططين لكل حاجة بدقة. اختاروا مكان الحادث بعناية، مكان مافيهوش كاميرات. حتى سائق العربية النقل اللي نفذ العملية، لقيناه مقتول. أرقام العربية نفسها كانت لعربية خردة مرمية على الطريق الصحراوي. ده شغل تنظيمات كبيرة، مش مجرد شغل محلي، بس استوقفنا حاجة.


سليم: إيه هي؟


حسني: ليه اختاروا يهاجموا العربية في الأول، ما ضربوش عليك رصاص على طول؟


سليم: يمكن كانوا عايزين يظهروا الموضوع كأنه حادثة عادية. ولما خرجنا سالمين، قرروا يتبعوا خطة تانية. واضح إنهم مجهزين أكتر من سيناريو.


توقف حسني قليلاً: الغريب إن مدام ماسة ووالد حضرتك قالوا إن ده ماكانش خط سيرك الأصلي. حضرتك كنت رايح اجتماع، وفجأة غيرت وجهتك. وما حدش كان يعرف بتغييرك ده إلا الحارس الشخصي وأخوك.


سليم يفكر بعمق: بتأكيد كانوا عاملين كمين تاني على طريق الاجتماع. الاجتماع مكانه وميعاده كانوا معروفين، لإن فيه أكتر من مستثمر مصري وأجنبي كانوا هايقبلوا الوزير علشان مناقصة جديدة. مش صعب يوصلوا للمعلومات.


حسني: بالضبط. زي ما قلت لحضرتك، الموضوع أكبر من مجرد عداوة داخلية.


سليم بتأمل: طيب، مافيش أي حاجة لفتت نظرك؟ أي معلومة، حتى لو كانت بسيطة؟ ممكن كلمة واحدة تغير كل حاجة.


حسني بعقلانية: حضرتك اللي لازم تجاوب على السؤال ده يا سليم بيه. عندك عداوة مع حد، سواء قديمة أو جديدة، ممكن توصل إنه يحاول يقتلك؟


سليم يتنهد: لا مسح وجهه بخيبت أمل.


حسني بلطف: بصراحة، أنا عارف إن اللي حصل مأثر عليك جدًا، خصوصًا بعد اللي حصل للمدام والجنين. لكن خليني أقول لك نصيحة من واحد شغال في الشغلانة دي من سنين، مهما طال الوقت أو اتخفت الأدلة، هايجي يوم والحقيقة تظهر. دايمًا بيكون فيه نقطة ضعف، حد يخون أو يبيع، أو حتى غلطة صغيرة تفضح الكل مافيش جريمه كامله.


سليم بتركيز، إنت عايز تقول إن الموضوع الحادثه مش هيتحل إلا لو حد فيهم قرر يتكلم؟


حسني: بالضبط. لو كان فيه دليل واضح، كنا وصلنا له من زمان. عارف إنك مش لوحدك، معاك ناس تقيلة، ظباط محترفين، ووالدك ليه نفوذ كبير. ومع ذلك، الجماعة دول مش زي أي حد، دي منظمات كبيرة ومتمرسة. ولو كان فيه دليل مباشر، كان ظهر من زمان.


سليم بهدوء:. شكرًا، وأسف لو عطلتك.


حسني بإخلاص، مافيش تعطيل يا باشا. لو احتجت أي حاجة، أنا موجود.


نهض سليم، صافح حسني، ثم غادر المطعم وهو يفكر بعمق. الكلمات التي سمعها من حسني تركت أثرًا واضحًا عليه، لكن عينيه أظهرت إصرارًا على مواصلة البحث عن الحقيقة، مهما كان الثمن


في أحد البارات الفاخرة الواحدة صباحاً.


أضواء خافتة، موسيقى هادئة في الخلفية. رشدي جالس على البار، يلف سيجارة بين أصابعه بينما يحتسي كأسه بهدوء.يلمح فتاة جذابة، نيلي، تقترب منه بخطوات واثقة بملابس مثيرة، عيناها تحملان مزيجًا من الإغراء والتحدي.


نيللي بابتسامة مغرية: أول مرة أشوفك هنا؟


رشدي يرفع حاجبه: يمكن مش أول مرة، يمكن إنتي اللي ماخدتيش بالك.


نيللي تضحك بخفة: احتمال... بس دلوقتي أخدت بالي.


تجلس بجانبه، تتأمل الكأس في يده قبل أن ترفع نظرها إليه، تحدّق في عينيه بنظرة جريئة.


نيللي: أنا نيللي، وإنت؟


رشدي يعقد حاجبيه: متعرفيش بجد؟


نيللي تميل للأمام قليلًا: إنت من المشاهير ولا إيه؟


رشدي يضحك بسخرية: يعني... أنا رشدي الراوي.


نيللي تتسع عيناها باندهاش مصطنع: واو، ده كدة أنا بقيت في حماية جامدة.


رشدي يضحك وهو يميل برأسه للخلف قليلًا: أُمم... بالظبط.


نيللي تهمس وهي تميل عليه أكثر: بس بجد... إنت قمر أوي، أحلى من الصور وأحلى من كل إخواتك.


رشدي يبتسم بنصف فم، نظراته تبقى ثابتة عليها دون رد.


نيللي تضع يدها على يده: تحب الرقص؟


رشدي بابتسامة جانبية: بحب حاجات كتير، بس الرقص مش أوّلهم.


نيللي تميل ناحيته: طب جرّب معايا، الرقص الأول يمكن يعجبك بعدين نشوف الحاجات التانية.


ينهض رشدي ويمد يده لها. تأخذها بسلاسة، ويسيران معًا نحو ساحة الرقص. تتداخل الأضواء الملونة مع حركتهما، جسدها يقترب منه بشكل واضح، لكن ملامحه تبقى جامدة، عيناه تتابعانها دون أن تفصح عن شيء.


بعد انتهاء الرقص، يجلسان على طاولة منعزلة. فجأة تظهر زيري، تراقب المشهد بنظرة ضيقة قبل أن تقترب.


زيري بحدة خفيفة: مين دي؟


رشدي بلامبالاة وهو يرتشف كأسه: نيلي...اتعرفت عليها حالًا.


زيري تنظر له بريبة: مش هتبطل رمرمة؟


رشدي يبتسم ابتسامة ساخرة وهو يضع قبلة خفيفة على خدها: بتغيري؟ إنتي اللي في القلب.


تنظر له زيري للحظة قبل أن تستدير وتبتعد، بينما يراقبها رشدي بنظرة متأملة.


نيللي تهمس بابتسامة: حبيبتك زعلت.


رشدي يحتسي كأسه بلا مبالاة: مش حبيبتي...صاحبتي. رشدي الراوي لا يعرف الحب لقلبه طريق.


ضحكت نيللي وهي تقترب منه أكثر، تهمس عند أذنه بكلمات غير واضحة، يضحك، فينهض معها ويتجهان للخارج.


شقة نيلي/ غرفة النوم 


إضاءة خافتة، صوت موسيقى منخفض. رشدي يجلس على طرف السرير عاري الصدر بينما تتحرك نيلي برشاقة وهي ترتدي قميص نوم، تسكب كأسًا جديدًا وتضع فيه قليلًا من المسحوق الأبيض، ثم تقترب منه وتقدم له الكأس.


نيللي بصوت ناعم: ده بقى مشروبي المفضل...حاجة كدة تخليك تروح وما ترجعش ( تضحك.) جرب... مش هتخسر حاجة.


رشدي ينظر للكأس ببرود: مش ليا في الكلام ده.


نيللي تميل أكثر، همسها يزداد إغراءً: بتخاف؟


رشدي ينظر لها نظرة مستقيمة، صوته ثابت: لا، بس ماليش فيه.


نيللي تضغط أكثر وهي تحرك الكأس أمامه: جرّب بس مرة واحدة، وحياتي.


رشدي ينهض، يلتقط قميصه ويرتديه بلا اهتمام: قلت لك لأ.


تراقبه نيللي وهو يتحرك نحو الباب ، فقط خرج دون أن يلتفت.


أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يتحرك نحو الباب، خرج من الشقة دون أن يلتفت.


بمجرد أن أغلق الباب، التقطت نيللي هاتفها، ضغطت على رقم ما ووضعته على أذنها، صوتها خرج بإحباط لكنه يحمل نغمة خبث خفية.


نيللي: اتعرفنا، مخدش في إيدي دقيقة، معرفتش أعمل حاجة..


الصوت على الهاتف: طبيعي، مش من أول مرة هيوافق... المهم إنك خدتِ رقمه؟


نيللي ابتسمت وهي تلقي نظرة على الهاتف حيث يظهر رقم رشدي محفوظًا عندها: أكيد.

الصوت: تمام، استني التعليمات.


أنهت المكالمة ونظرت للباب، ابتسامة غامضة ظهرت على شفتيها.


💕___________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩


((بعد يومين))


عاد عماد من دبي، تصرف بهدوء كعادته، لم يظهر عليه أي شيء يثير الريبة، لكنه لم يذهب إلى القصر مباشرة، بل توجه إلى كافيه راقٍ في منطقة هادئة، جلس على طاولة بعيدة عن الأنظار، وكأنه ينتظر أحدًا.


في أحد الكافيهات، الثانية عشر ظهراً.


دخلت امرأة أنيقة، صافحها عماد بذوق، وجلسا أمام بعضهما.


المرأة بابتسامة خفيفة: إيه الأخبار؟


عماد بهدوء: الحمد لله. 


نظرت المرأة إليه قائلة بنبرة هادئة: أخيرًا عرفنا نتقابل. 


ابتسم عماد قائلا: للأسف الشديد، الفترة اللي فاتت كنت مشغول جدًا،حضرتك مستعدة؟


بدأ الحديث بينهما بنبرة طبيعية، لكنها لم تدم طويلًا قبل أن يظهر ظل خلف عماد، صوت أنثوي قوي اخترق اللحظة.


صافيناز بحدة: حمد لله على سلامتك يا عماد، مش كنت تقول لي بقى؟ أنا صافيناز عزت الراوي، تخوني مع دي؟!


توقف عماد، ارتبكت المرأة ولم تفهم شيئًا، 


عماد متعجباً: انتي فهمه إيه يا مجنونة ؟!


لكن صافيناز لم تمنحها الفرصة للتحدث. نظرت إلى عماد بعينين مشتعلة، ثم قالت بسخرية: فهمت كل حاجة إيه، وحشتك؟ ماقدرتش تستنى تروح البيت وبعدين تقابلها؟


المرأة بدت منزعجة: على فكرة، أنا مش فاهمة حاجة هو في ايه.


ردت عليها صافيناز بحدة: ماتتكلميش خالص، إنتي تخرسي، حسابك بعدين!


حاول عماد تهدئة الموقف قائلا بهدوء: صافيناز، إنتي فاهمة غلط، اهدي، احنا في مكان عام.


ضحكت صافيناز بسخرية: وإنت ليه مافكرتش بقى إننا في مكان عام قبل ماتيجي تقابلها؟ وان ممكن حد يصورك معاها ويقول إنك بتخون صافيناز الراوي؟ مين دي؟


المذيعة بقوة: لو سمحتي اتكلمي بأدب


صافيناز بشدة: هو أنا مش قولتلك تخرسى خالص والا تحبي أخلي الحرس هم اللي يردوا عليكي.


عماد بنبرة جادة: صافيناز بس بقى، دي مذيعة، وبقالها فترة بتحاول تتكلم معايا بخصوص البرنامج الجديد بتاعك لأنها بتحاول تتصل بيكي وحضرتك ما بترديش.، فقبلتها النهارده لأن الفترة الجاية هكون مشغول.


نظرت المذيعة إلى صافيناز ثم إلى عماد، تحاول استيعاب المشهد الفوضوي الذي وجدت نفسها فيه.


المذيعة: حقيقي حضرتك فهمتي غلط.


نظر عماد إليها بجدية: آسف جدًا على اللي حصل... صافيناز هانم أهي معاكي، لو عايزة تعملي معاها أي مقابلة، أنا مليش علاقة تاني.


حاول عماد المغادرة، لكن صافيناز أمسكت معصمه بشدة.


صافيناز بغضب مكتوم: استنى هنا...إنت فاكرني صدقت الشويتين دول؟ وريني بقى الكارنيه بتاعها!


تبادل عماد والمذيعة النظرات، ثم أخرجت الكارنيه المهني الخاص بها بصمت، ومدّته إلى صافيناز.


صافيناز نظرت إلى الكارنيه للحظات، تراجعت قليلاً، شعرت بالإحراج...لكنها لم تكن مستعدة للاعتراف بخطئها.


عماد راقبها بسخرية خفية: اقتنعتي؟


ظلّت صافيناز صامتة، عيناها متردّدتان، بينما يتحرك عماد متجهًا للخارج. على ملامحه حزن مصطنع، لكنه أخفى ابتسامة خبيثة...كل شيء يسير وفق خطته. حاولت مناداته، لكنه لم يلتفت. شعرت بوخزة ندم، ترددت لحظة، ثم لحقت به سريعًا، ركبت سيارتها وانطلقت خلفه.


فيلا سليم وماسة الواحدة ظهراً 


كان سليم واقفًا بجوار السرير وهو يرتدي ساعته، ثم التفت نحو ماسّة وقال بهدوء:

بكرة هنرجع القصر.


رفعت ماسّة عينيها إليه، ملامحها جامدة لا تعكس شيئًا، لكنها ردّت بنفس الهدوء:

ماشي.. هخلي سحر تجهّز كل حاجة هنا.


ثم توقف للحظة قبل أن يسأل: هتضايقي هناك؟


تأملته ماسّة قليلًا، ثم هزّت كتفيها بخفة:

هتضايق من إيه بالعكس هبة هتبقى هناك بدل ما أقعد هنا لوحدي؟! هو انت أصلاً نازل متأخر ليه؟؟ أنا قلت مش هتروح.


اقترب منها قليلًا، طبع قبلة خفيفة على خدها، ثم قال بصوت هادئ: أنا عندي اجتماع مهم في المجموعة.


أومأت برأسها وهي ترد بنفس النبرة الرتيبة:

خلاص، ماشي.. خد بالك من نفسك وماتتعبش نفسك.


راقبها للحظة أخرى قبل أن يستدير ويغادر الغرفة، تاركًا خلفه صمتًا ثقيلًا.


وقفت ماسّة في مكانها، تنفست بعمق وهي تلقي نظرة سريعة حولها، لا شيء جديد، لا شيء مثير. شعرت بالملل يتسلل إليها، وكأن اليوم أطول مما يجب. استدارت نحو الباب، نادت بصوت هادئ:


سحر، حضّري كل حاجة عشان هنرجع القصر بكرة.


جاءها صوت سحر من بعيد يؤكد الاستجابة، لكنها لم تعلّق، فقط استدارت باتجاه المكتب. ولكن فجأة شهقت بخفة، واضعة يدها تلقائيًا على بطنها مع إحساس مفاجئ بألم حاد اخترقها للحظة.


انعقد حاجباها بضيق، حاولت تجاهل الإحساس، لكن الألم لم يختفِ سريعًا كما توقعت. مدت يدها إلى درج الكومود، أخرجت منه شريطًا من المسكنات، ابتلعت قرصًا مع رشفة ماء، ثم جلست أمام الكمبيوتر تحاول إشغال نفسها، لكن عقلها كان في مكان آخر تمامًا.

قصر الراوي الثانية مساءً 


جناح صافيناز و عماد.


بعد العاصفة التي حدثت في الكافيه، عاد عماد وصافيناز إلى القصر. كان الجو مشحونًا بالصمت، وصافيناز تسير خلفه بخطوات غاضبة بينما هو يتجه مباشرة إلى غرفته.


بمجرد أن أغلق الباب، استدار نحوها بعصبية: إيه بقى اللي حصل ده يا صافيناز؟!


صافيناز رفعت حاجبها بسخرية: هو أنا اللي غلطانة دلوقتي؟! أنا اللي المفروض أسكت وأسيبك تقابل أي واحدة براحتك؟!


اقترب عماد منها، نظراته تحمل غضبًا مكبوتًا: أنتِ ازاي تشكي فيا؟! أنتِ عارفة أنا بحبك قد إيه! أنا عملت كل حاجة عشانك... سبت أهلي وعيلتي عشان أفضل جنبك وأخليك توصلي للكرسي اللي نفسك فيه! مش بس بعدت عنهم... أنا كمان بغامر بحياتي!


رفع صوته قليلًا، وصافيناز تراجعت خطوة للخلف، لكنه أكمل بصوت منخفض مليء بالقهر: أنتي عارفة لو سليم عرف؟ او لو الباشا عرف احنا عملنا إيه؟ هيحصل ايه ؟! أنا اللي هروح في الرجلين، مش أنتِ! مش هيقدروا يلمسوكِ، لكن أنا؟ أنا اللي هاكون الضحية الأولى! ..

انا أصلاً مش هستفيد أي حاجة لما تقعدي على الكرسي هبقى مجرد جوز صافيناز الراوي بس لأني لقيت نفسك أوي في الكرسي ده حاربت عشانك انتي..


متعجباً بعتاب وكأنه ظلم؛

في الآخر جاية تتهميني بالخيانة برغم إنك عارفة إني مستحيل أعملها واللي أنتي بتتهميني معها دي كنت معها عشان شغلك يا هانم.


صافيناز نظرت إليه بارتباك، لم تتوقع رد فعله بهذا الشكل قالت: أنا... أنا بس اتجننت لما حسيت إنك بتسافر كتير، بتخرج كتير، قلت يمكن...


نظر إليها بحدة: يمكن إيه؟ في واحدة تانية في حياتي؟!


أشاحت وجهها عنه، كأنها تحاول التهرب من المواجهة، لكنه لم يمنحها الفرصة قال بخبث فهو يعلم ان تلك الجملة ستجعلها تجن: يعني شايفة نفسك ماتمليش عيني، يا صافيناز؟


نظرت صافيناز له وهزت رأسها بسرعة: لا، طبعًا! أنا أملا عين أي حد، بس طبيعي كل الرجالة كده...


ضحك بسخرية، ثم جلس على الأريكة، يمرر يده في شعره بانفعال: ظلمتيني...حقيقي أنا زعلت للدرجة دي مابتثقيش فيا.


نظرت إليه بحيرة، وكأنها تحاول استيعاب كلماته، لكنها لم تجد ردًا مناسبًا. اقتربت منه بخطوات بطيئة، ثم قالت بصوت منخفض: أنا آسفة والله بثق فيك، بس ده من حبي.


عماد كان لا يزال ينظر إلى الفراغ، بينما صافيناز اقتربت منه بخطوات هادئة، ثم جلست بجانبه ولمست يده بلطف: حقك عليا... إنت عارف إني بحبك، وإني مجنونة وغيورة جدًا.


نظر إليها عماد أخيرًا، عينيه تحملان بقايا الغضب لكنه لم يستطع منع نفسه من التخفيف من حدته: صافيناز... أنا بحبك، مستحيل أبص لواحدة غيرك، لازم تفهمي ده! كل حاجة بعملها عشانك، عشان ترضي، عشان تبقي مبسوطة.


صافيناز ابتسمت بحنان وربتت على كتفه: أنا عارفة والله... سوري.

ثم اقتربت لتطبع قبلة على وجنته قبل أن تبتعد قليلًا: هعمل لك قهوة من إيدي، بقالي كتير ما عملتهاش ليك!


حاولت تخفيف الأجواء بابتسامة، لكنها عندما لاحظت أنه لا يزال ينظر إليها بصمت، ضحكت: خلاص بقى... اضحك بلاش رخامة!


أخيرًا، ابتسم عماد بخفة وهز رأسه: ماشي، روحي اعمليلي القهوة.


غادرت صافيناز الغرفة باتجاه المطبخ، بينما ظل هو جالسًا للحظات، يتأمل الفراغ، بدأ يتذكر...


فلاش باك - لقاء المراقب


ليلًا، كان المراقب جالسًا داخل سيارته يراقب عماد عن بعد، لكن فجأة، فُتح باب السيارة بسرعة، ودخل عماد من الجهة الأخرى وجلس بجواره بهدوء شديد.


المراقب تجمد للحظة، لكن عماد لم يمنحه فرصة لاستعادة توازنه، إذ قال بصوت بارد: إنت تبع مين؟


المراقب ابتلع ريقه وقال بتوتر: أنا مش تبع حد...


عماد أخرج مسدسه بسرعة ووضعه على رأس الرجل، ثم تمتم بسخرية: "مش هسألك تاني... الرصاصة بـ2 جنيه، أرخص من علبة سجاير كليوباترا، فمش هغليها عليك... ها، تبع صافيناز هانم، صح؟"


المراقب ارتبك للحظات، ثم أومأ برأسه: آه...


عماد ابتسم بسخرية وهو يخفض المسدس قليلًا: حلو وجميل... بص بقى، أنا هديك فلوس أكتر من اللي صافيناز هتديها لك. هتتصل باللي بعتك ... مين؟ شاكر؟


المراقب تردد قليلًا، لكنه سرعان ما أومأ: آه، شاكر.


عماد جلس في وضعية أكثر راحة وهو يقول: تمام، هتكلمه دلوقتي، وهتقول له بالحرف: عماد بيه ما بيعملش أي حاجة غلط. وهتصورني كمان صورتين كده، علشان نخلص!


المراقب لم يجد خيارًا آخر، أخرج هاتفه واتصل بشاكر، وبمجرد أن رد الأخير، قال بصوت ثابت: عماد بيه نظيف... ما بيعملش أي حاجة غلط.


شاكر ظل صامتًا لثوانٍ، قبل أن يرد: خلاص، هتواصل مع صافيناز هانم.


أنهى عماد المكالمة بهدوء، ثم ألقى بحزمة من الأموال في حجر المراقب: لو فكرت تقول له حاجة غير اللي قلتها، صدقني رقبتك اللي هتبقى تمام. يلا غور من هنا.


- عودة إلى عماد في القصر


عماد كان لا يزال جالسًا، الابتسامة بدأت تظهر على وجهه، وهو يشعر بالانتصار. لكن لم يمضِ سوى لحظات حتى عاد إلى ذكرى أخرى...


فلاش باك آخر - مكالمة المذيعة


كان يجلس في سيارته، ممسكًا بهاتفه، وقال بصوت هادئ لكنه جاد: أنا جاهز أقابلك بكرة. راجع الساعة عشرة صباحاً، نتقابل ١٢ في الكافيه. هبعت لك اللوكيشن.


فلاش باك - الاتفاق مع المخبر في مصر


داخل السيارة، جلس عماد مع أحد رجاله، وألقى عليه نظرة باردة قبل أن يقول: هتكلم دلوقتي صافيناز، وهتقول لها: عماد بيه قاعد مع واحدة شكلها حلو أوي، وحاسس من طريقة كلامهم إن في حاجة بينهم.


الرجل ابتسم: وبعدين؟


عماد ضحك وهو يشعل سيجارته: مافيش بعدين... هي هتيجي لك على طول، ابعث لها العنوان وخلاص.


أومأ الرجل وأخرج هاتفه: أمرك يا عماد بيه.


فلاش بااك


- لقاء عماد وسارة في دبي


داخل جناح فخم في أحد فنادق دبي، يجلس عماد على الأريكة، بينما سارة تقف عند النافذة، تنظر إلى أفق المدينة المضيء. كانت تمسك بكأس عصير، تهزه ببطء و تتحدث:


سارة بقلق: طب إنت هتعمل إيه دلوقتي مدام هي بتشك فيك؟


عماد بهدوء الواثق: ولا حاجة... ما أنا معاكي أهو. بس إنتِ لازم تنزلي مصر قريب، المرة دي عرفنا نخرج منها بسهولة، المرة الجاية مش هيبقى كده.


التفتت سارة له، عبست قليلًا، ثم وضعت كأسها على الطاولة واقتربت منه: تمام، بس إنت فعلاً لازم تاخد بالك، الحكاية بقت مش سهلة. بس الحركة اللي إنت عملتها دي... بجد في الجول!


عماد ابتسم بخفة، وهو يميل للخلف مستمتعًا بكلمتها، ثم قال بثقة: دايمًا كده، بتعلمي بسرعة. المهم، دلوقتي نخلص اللي ورانا هنا، وبعدين كل واحد فينا يرجع مكانه... عشان لما نتحرك تاني، نتحرك صح.


*********************

نعود إلى الحاضر، حيث يجلس عماد في القصر، يتذكر كل شيء بينما يحتسي القهوة التي أحضرتها صافيناز، وابتسامة خفيفة تتلاعب على شفتيه.


بينما كانت صافيناز تبدّل ملابسها، استغل عماد اللحظة. أخرج هاتفه بهدوء من تحت الطاولة، وكتب رسالة قصيرة: كل حاجة تمت.


بعثها لجهة الاتصال المسجلة باسم "بابا"، ثم أعاد الهاتف لمكانه كما لو لم يحدث شيء.


لم يمر وقت طويل حتى اهتز الجهاز بإشعار جديد. فتحه بسرعة وقرأ:

خد بالك، صافي مش سهلة. حتى لو اعتذرت وعيطت وصدقت الفيلم اللي عملته، هتفضل حاطاك تحت عينها. خد بالك منها.


ابتسم بسخرية وردّ مختصرًا: متخافيش. ثم، دون تردد، مسح المحادثة بالكامل وكأنها لم تكن.


بعد لحظات، عادت صافيناز وقد هدأت ملامحها قليلًا. لم يتكلم، فقط فتح ذراعيه وجذبها إليه بحركة طبيعية، ليضمها بين أحضانه، بينما في داخله كان يبتسم بانتصار.


طبع قبلة دافئة على رأسها، ثم همس بصوت منخفض يحمل مزيجًا من الحنان والاهتمام:

قولي لي بقى يا حبيبتي... عاملة إيه؟ في أي حاجة جديدة؟


بينما كان يحتضن صافيناز، شعر بالانتصار، لكن كلمات سارة عادت إلى ذهنه: صافي مش سهلة. ورغم هدوء الأجواء، لن يستبعد أن تستمر بمراقبته. ابتسم بخفة، لكنه ظل متيقظًا هل حان وقت خطوة جديد

     


       الفصل الثامن الخمسون ج2 من هنا 

تعليقات