الفصل الثلاثون 30 ج2
بقلم نهال مصطفى
كتب أحدهم في وصف حبيبته :
قد تدفعك فتاة واحدة إلى أن تُحب النجوم، ثم الكواكب، ثم الأرض، ثم أصحاب الفكر ،ثم القصص الخيالية، ثم عناقها ، ثم جِدار غرفتها، ثم لونها المفضل، ثم إبتسامتها، ثم المشي لمسافات طويلة عبر أغنية، ثم أدق تفاصيلها، إمراة واحدة كافية لتجعلك تُغرم
بمدينة ، ثم حي ، ثم شارع ، ثم أصحاب الدكاكين الموجودة فيه ، ثم الجيران ، ثم بيتها ، ثم قهوتها ، ثم التفاصيل الصغيرة ، فتاة واحدة بعيونها قادرة على جعلك حيّ بكل ما تحمله كلمة حي من حياة مخزونة .
عنوان الفصـل :
" من سيُعيد لي قلبي " 🩶
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
"يقولون أن يشيخ المرء عندما يتقدم به العمر، لكنه في الحقيقة يشيخ عندما ينطفئ ضوء ما كان يسكن بروحه".
عاد هارون برفقـة أبيـه بعد غروب الشمس .. وما أن ظهر شبح عودتـه من الباب هرولت صفية لعندهُ تعاتبـه بحُرقة تحت أصوات صرخات زينـة بالداخـل التي مازالت مستمرة تصدح في جميع أرجاء البيت .. ضربته أمـه على كتفه بقهر ولوم :
-حرام عليك يا هارون ، البت صوتها اتنبح من چوة ، بزياداك البت هتروح فيه ، أهو محدش كسـر كِلمتك وأبوها كل هبابة يسألني عليها أقوله قاعدة مع البنات فوق سيبها .. عشان خاطر أمك هات المفتاح افتح لها .
تجاهل أعين الجميع المصوبـة نحوه وبدون أدنى كلمة معارضة أخرج المفتاح من جيبـه ورماه بالأرض ، ثم جر ذيول يومه المكدس بالأحداث اللعينة ولجأ لغُرفتـه الشاهدة على ألوان ابتسامته ونجوم الحُب المتلألأة بعينه كُل ليلة وصوتها العذب الذي يغرد في المساء بدلًا من عصافير الصباح .. انحنت صفية لتأخذ المفتاح المرمي وركضت نحو الغُرفـة لتُحرر أسر ابنة أخيهـا الخبيثة .. لحقت هيام خطوات أخيها وهي تُنادي عليه فأوقفها بصرامة :
-مش عاوز أشوف وش حد !
ضربت أحلام على صدرها وهي تنظر لهيام بحسرة :
-يا قلبي يا حبيبي... أخوكي چراله أيه يا بت !! ماله؟!
-مبقاش زينة لو ما ندمتك على اللي عملته ، أنا مش هعديها .
خرجت البومة من قفص أسرها وهي تنوح كالغُراب وتتعود وتهدد بأنها لم ترك الأمر يفوت عبثًا ، حاولت أن تُخرسها عمتها وتهدئها ولكن بدون جدوى حتى جاء صوت خليفة السيف القاطع :
-خفي نواح يا بت ، روحي بلغي أبوكي وقوليلو الحچ خليفة أمر فرحك أنتِ وهارون مع فرح هاشم أخوه ، يالا اتحركي ومش عاوز كِلمة زيادة...
حلت النازلة على وجه البومة وعمتها بسعادة لا تُوصف وتبدل حالهم من حال لحال ، نست زينة كافة تهديداتها وتوعداتها لهارون واندلعت صوت سعادتها بالمكـان وهي تزُف الخبر .. ولكن كان للخبر أثر مدوى على مسامع أحلام التي هبت معترضة :
-يعني أيه الحديت الماسخ ديه يا حچ !! يعني أيه هارون هيتچوزها !! أنت نسيت اللي عملته مقصوفة الرقبة دي ! لا وو
فتدخلت هيام تؤيد رفض أحلام :
-بس ديه ظُلم يا أبوي !! كفاياك ظُلم لهارون .. هو ما رايدش زينة ما تسيبه على راحته .
صرخت أحلام بقهرة :
-عتعمل في الواد كِده ليه يا خليفـة !! البت زينة دي لو دخلت البيت أنا اللي هسيبه وأمشي .. ويبقى أنتَ اللي اخترت.
فأتبعت صفية وهي تمسح على كتفه :
-عين العقل يا حچ زيتنا في دقيقنا والعيال متربيين سوا .. هو هيلاقي زي بت خاله فين !!دي طايشة وغلبانة وهيحطها تحت جناحه تشرق تغرب بطوعه .
كان هاشم جالسًا يُتابع حوارهم في صمت ساخر حتى حسم خليفـة الأمر:
-اللي سمعتوه هو اللي هيُحصل ، مش عاوز اسمع حِس مراة منيكـم.
هزت هيام رأسها رافضة وهي تقطع درجات السُلم ركضًا :
-أنا هروح أشوف أخوي ..
دخل هيثـم بلهفة ليطمئن :
-حصل أيه يا أبوي في المچلس !! البلد برة ملهاش سيرة غير هارون و لـ....
قاطعه أبيه قائلًا :
-خد عاوزك في مُصلحة .....
~الاسكندريـة ..
" مُجرد أن اسمع صوتك يهدأ عقلي الثائر في موقد الغياب " ..
كانت ليلة تتحرك بخطوات عبثية في غرفتها ، تعض على أطراف أصابعها قلقًا ، تجوب ذهابًا وايابًا منتظرة اتصاله على مراجل من نار ..
زفرت باختناق وهي تفتش عما ينقص يومها بملل .. عن صوته الذي اعتادته كل ساعة ، عن شعور الونس والألفة في حضرته ، كل هذا بات ناقصًا بل معدومًا في ظل غيابه المفاجئ ، القلب والعقل يبحثان عن ملجأهم ولكن بدون فائدة غربت شمسه عنها ولم تشُرق حتى الآن .. حاولت الاتصال به مرة جديدة ولكن بدون رد ..
وضعت الهاتف بـ جيب بيجامتها الشتوية وشدت غطاء رأسها وهبطت من الغُرفة لتشغل فكرها عنه قليلًا .. نادت على مساعدة منزلهم :
-دادة .. هي دكتورة نادية جت !
-لا أنسة ليلة ، واتصلت وقالت هتتأخر شويـة ومعملش حسابها في الغدا ..أجيب لك تأكلي .
أدركت ليلة سبب تأخير أمها وربطته بـ لقائها مع زوجها السري ، فقالت بفتور :
-تمام يا دادة ، ممكن تعملي لي نيسكافية ، وأنا هقعد في مكتب بابي شوية ..
تحركت ليلة نحو غُرفة أبيها التي لم تدخلها منذ أربع سنوات و المزدحمة بالكُتب التي ورثها أبيها عن جدها من قبل ، والتي تتشابه كثيرًا مع غرفة هارون ولكن الفارق بأنه الوحيد الذي اقنعها بحُب الكتب والقراءة بعد محاولات متعددة من أبيها وجدها باتت بالفشل ..
أشعلت الأنوار وأخذت تتفقد الكُتب بالمكتبة.. ظلت ذكرياتهم الجميل تتردد أمامها وتبتسـم .. استحضرت ذاكرتها هيئته الأنيقة بالنظارة الطبية وتركيزه العالي أثناء قراءة الكُتب ، لقد أحبت ملامحه التي دلتها لحُب الكُتب ، شدت أحد الكُتب بشغفٍ لتقرأها وهي تتجه لمكتب أبيها وتتقمص جلسته بملامح هارون التي استولت على عقلهـا وقلبها ..
ما كادت ان تطلع على الفهرس فجاءت المساعدة حاملة كوب القهوة بيدها وهي تقول :
-طلبك أهو أنسة ليـلة ..أي أوامر تانيـة ؟؟
-تسلم أيدك يا دادة ، لو سمحتي اقفلي الباب وراكي بس .
خرجت السيدة وفعلت مثلما أمرتها" ليلة" ، وانغمست الأخرى في الاطلاع على الكتاب بذهن شارد نحو هارون بل كانت تنظر على هاتفها بعدد كلمات الصفحة على أملٍ أن تجد منه مكالمة واحدة تطمئن قلبها المشغول عليه ...
مرت قرابة النصف ساعة وبعد ما فرغ كوب القهـوة من يدها ، راقت لها فكرة الاتصال " بهيام "، ولكن هي الآخرى لم ترد على هاتفها ، تسرب القلق لرأس ليلة التي خشت أن يكون قد أصاب أحدهم مكروهًا ، وثبت لتتفقد تفاصيل الغرفة التي لم تدخلها منذ سنوات ولم تهتم بتفاصيلها .. شئ مجهول حركها لكي تقـف أمام خزنة أبيها وتفتحها لأول مرة بعمرها رغبة في إيجاد صوره لهما معًا .. تنهدت بشوق :
-وحشتني يا سيادة اللواء ..
وقفت للحظة أمام الخزانة الخاصة به بعيدًا عن خزنة الأعمال وتحاول أن تتذكر كلمة السـر ، فربطتها بكلمة سـر هاتفه وهي تاريخ ميلادها .. 1/1/96 ، فتحت الخزانة من أول محاولة ، فتبسمت بارتياح:
-ياحبيبي يا بابي ...
ظلت تفتش بين أوراق أبيها بحُب وتكتشف بعض صورهم معًا وتغوص في تفاصيلها وتصورها بكاميرا هاتفها لتشاركها مع هارون .. استغرقت وقتًا طويلاً في استرداد ذكرياتها مع الصـور ، تركت الألبوم جنبًا ثم لفت نظرها عُلبة صغيرة ، أخذتها بفضول :
-وأيه دي كمان يا سي بابي!!
فتحت العُلبة الصغيـرة فوجدتها تحوي على ميدالية فضيـة مُعلقة بدبوس صغيـرة والصدمة كانت باسم "ماهر العزايزي " بخط عربي دائري مميز .. جحظت عينيـها بذهول:
-أحيــه !! دي زي بتاعت هيثم بالظبط بس مكتوبـة باسمه ، وكمان هارون كانت معاه واحدة !! بس أيه جابها هنا !! ومين ماهر ده !!
#فلاش_باك ..
عادت لليوم الذي كانت غاضبة منه وأثناء توريطها معه بسبب تخلي هيثم عنها ، واليوم الذي أجبرت فيـه أن يكون مرشدها بحظيرة العزايـزة .. استقلت سيارته بالمقعد الخلفي مرتدية رداء الخصام الطفولي :
-متكلمنيش ولا تبص عليـا في المراية لو سمحت !
لم تمهله الفرصة للرد كي يخبرها بأنه يشاهد الطريق خلفه ليس عيونها الجميلة ووجهها الذي يزينه العبوس الطفولب ، فتحركت للجهـة الأخرى من السيارة وقالت :
-كده احسن .. سوق وأنتَ ساكت بقا !ومتتكلمش يا ريت .
زفر بضيق وهو يستغفر ربـه بسره وقال :
-عارفة لو حد غيرك كلمني بالأسلوب ديه مكنش هيطلع عليـه شمس !!
ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغرها لتميزها :
-واشمعنا أنا بقا !! أفرق أيه عن كُل دول؟
صعد بسيارته على الطريق وهو يقول :
-خدنا في الكُلية أن فاقد الأهليـة مش عناخدوا بأقواله ...
ركلت المقعد الأمامي بقدمها وهي تتمتم بغضب :
-عارفة أنك بتجر شكلي ومش هرد عليك عشان مش بكلمك أصلًا .. اف !!
ثم التفت لشيء ما وقع من جيب المقعد فانحنت لتكتشفه ، إذًا بميدالية مكتوب عليها اسمه بالخط العربي الدائري فقالت بصوت مسموع :
-هارون العزايزي !!
رد بعفوية :
-في أيه تاني !!!
-مش بنادي عليك على فكرة ؛ خد مفاتيحك دي لقيتها واقعة !!
تناول منها الميداليـة بعرفان :
-والله انتِ بت حلال ، زين لقتيهـا .. كنت دايخ أبرم عليها وشكيت أنها وقعت في الچبل.
سألته بفضول :
-هاه هاه ليه هي مهمة أوي يعني !! قصدي ممكن حد غالي عليك ادهالك هدية وو أنا بسأل بس ما تقولش عليا فضولية ..
رد ليشرح لها سبب أهميتها :
-مفيش الحديت ديه ! دي بيعملوها في المچلس ، كل نفر عزايزي لازمًا يشيلهـا ، واللي يموت تتاخد منيـه وتتسيح .. والبنات لو تلاحظي لابسين سلاسل عليها اسم العزايزة .. دي ميزة وشرف لناسنا ..
لم تهتم بالحوار بل قالت بعجب:
-أحيه !!
-ياصبر الصبر ؟!
بررت سريعًا :
-خلاص خلاص أنا شفت عندكم العجب مش هستغرب لا ، اتعودت ... اتعودي يا ليلة !
#باااك
ثم فكرت للحظات :
-ممكن جدو لما كان هناك أخدها هدية من حد اسمه ماهر ، أو قبض على حد منهم بالاسم ده !! صح مفيش تفسير تاني غير كده .. هابقى أوريها لهارون وهو يقولي يعرف أيه ... بس ازاي !!
دستها بجيبها ثم أكملت تفتيش بمحتوى الخزنـة حتى تعثرت على ملف طبي .. قرأت الاسم فوجدت اسمه أمها وبالملف الآخر اسم أبيها منذ عام 2008..، تحاليل الخاصة باعتراف عدم قدرة نادية على الانجاب .. تسرب القلق لقلبها بخوف :
-وايه التحاليل الكتيرة دي !! دي أصلاً مش في مصر !! معقولة مامي بتشتكي من حاجة ومخبية عليا!!
حاولت فحص التحاليل بصعوبة ولكنها لم تفهم أي شيء.. ففتحت كاميرا هاتفهـا وأخذت تلتقط صور لنتائج التحاليـل بيدها ، ثم قامت بتحديدهم وإرسالهم لهيام ، مع تسجيل صوتي :
-هيوم ، فاكرة أن الدكتور عمار اداكي رقمـه قبل كده ، ممكن تبعتي له التحاليل دي يقولي فيها أيه !! سوري هتعبك .. بس محتاجة اطمن على مامي..
ضغطت على زر ارسال ثم تذكرت شيء آخر فعادت بتسجيل صوتي جديد:
-هيام أنتوا كويسين !! يعني كلكم بخير !! قصدي هارون كويس بكلمه مش بيرد ..... ممكن تطمنيني بليز !
~العزايزة .
صاحت هيام من الخارج وهي تضرب على باب غُرفته بتوسل :
-هارون ، افتح لي وفهمني في أيه بس !!
صرخ بها وهو يدخن بشراسـة :
-هيام كبري مُخك مني .
يأست هيام من محاولة إقناعه بفتـح الباب فتقهقرت عنوة وهي تقول بضيق:
-طب يا أخوي على راحتك ...
لم ينجٌ خليفة من سطـو استجواب أحلام له والتي ما دخلت الغُرفة عليهم وطردت هيثـم بعد اتفاقه السري مع أبيه لـ تنفرد بزوجها :
-ما أنتَ مش هتچنني يا حچ !! زينة مين قليلة الربايـة اللي يتچوزها هارون!! على چثتي ، ورب الكعبة ما أقعد لك فيها .. ما تريح قلب أحلام الله يريحك ..
انفجر بوجهه مندفعًا :
-كُنتِ عايزاني أعمل أيه يا أحلام ، كنت رايح معاه المچلس وناوي أفتح قضية بت ماهر ، لقيت الدِنيا عكت وولد سويلم چاب على محموله كِده فيلم ماسخ لهارون وليلة وهما عيرقصوا على البحر !! بقيت في نُص خلچاتي بين الخلق !! عشان ازيح التُهمة عن الواد قولتلهم هيتچوز زينة !!
خيـم الحزن على ملامح أحلام بعدم تصديق:
-عيرقصوا على البحر !! هارون !! هو ولدك عِشقها للدرچة اللي ينسى فيهـا نفسيه ودينه يا حچ !! الواد عشق وأنت في يدك الحل وبدل ما تچمعوا بحبيبته چاي تچوزه العقـربة دي !! يا وچع قلبي عليك وعلى قلبك يا حبيبي يا حظك المنيل كانلكم فين الحِزن المخفي ديه يا ولاد صفية .. أنا راكبـة له يا خليفة .
أوقفها بحزم :
-چرالك أيه يا أحلام !! عقلك خف ليه أنتِ التانية .. اُقعدي هفهمـك اللول ....
فتح هارون غُرفته بعد ما ارتدى جلبابه الصعيدي باللون الأسود كلون أيام المُقبلة والخالية منها ، ووضع هاتفه على وضع الطيران كي لا يؤلمه أكثر مكالماتها المتكررة .. تدلى سريعًا على درجات السُلم فارتطم بهلال العائد متأخرًا من لجان امتحانات المعهد .. فأوقفه :
-مالك يا هارون !!واخد في وشك وزاعق!!
تجاهل سؤال أخيه وهو ينظر لهاشم الجالس يحرق في لفافات تبغه بعد ما مل من محاولات اتصاله بـرغد وكأنه يخرج بركان من صدره لعلها تخرج معه ، فرمقه بضيق :
-وأنت ما كفاياك عفيـر عميتنا !! أرحم صدرك وصحتك لوچه الله ..
امتعض وجه هاشم بضيق قائلًا :
-هلال أنا مش ناقصـك .. حل عن نفوخي الساعة دي .
دنى منه متسائلًا :
-مال أخوك واخد في وشه وماشي ، وسامع كلام وحديت فالبـلد يمخول الرأس ، لعله خيـر !!
قدم له هاشـم سيجارة من عُلبتـه ليونسه جلسته ، فرفع كفه ممتنعًا :
-معاذ الله .. لست بحاجة إليها !! لا أحب شيئًا أن يُعكر قلبي الممتلئ بحُب الله ورسوله ، ثم رقيـة ..
مال هاشم فمه بسخرية على حال أخيه :
-ااه رُقية اللي ماشوفتهاش من يوم الدُخلة ياشيخنا !!
-الرؤية رؤية القلب وليس رُؤية العين يا أخ هاشم ، ثم خليك في حالك يا سيدي !!
ثم جلس بجواره قائلًا بنُصح :
-هاشـم ، أنا خايف على صحتك ، الأ تسمع عن خطورة التدخين على الصحـة،، ديه أنتَ حتى عريس وعنقولو يا رب سلم !!
حدجـه هاشـم بوجهٍ ساخر يحمل الهزء مرتديًا ثوب النُصح بمنظوره :
-يارب سلم دي تقولها وأنت رايح تمتحن فالمُعجم والوجيز ، أما أحنا قلبنا ميت ياشيخنا .. نتشاهدوا ونتشقلبو چواة المعارك .. ويا قاتل يااا قاتل .
تنهد هلال مستلهمًا الصبر :
-نفسي أقعد معاك قعدة واحدة وألاقيك متربي !! الله يهديك وينور بصيرتك .
ثم رفع حاجبه وهو يشعل سيجارة إضافيـة ليخمد حرائق جمة بصدره :
-طب وأنا قولت أيه !! قصدي أقولك ويچي الچواز أيه قصاد اللي عنشوفوه في سينا.
ضاق صدر هلال من دُخانه المُتعفر فشد السيجارة من يده وثناها بقلب المطفأة :
-هاشم مالك !! أنت مش عتولع في صدرك غير لما يكون چواك حاچة وحاچة تقيلة طول عمرك ضارب الدِنيا باللي في رچلك ؛ حُصل أيه !! قول يمكن نحلوها !!
زفر هاشم بكلل من عبء أحزانه المُتكدسة :
-أقول لك أيه بس!!
خاطب هلال قلبـه كعادته :
-السجاير مش حل ولا عمرها بتحرق الهّم المتعبي چوة صدرك .. لو اللي چواك مايتحكيش قوم اتوضى وصلي لك ركعتين وربنا هينور بصيرتك .. هو حاسس بيك .. ولو على الشغل مشاكله معتخلصش .
نظر له هاشم مستفتيًا :
-قول لي يا هلال .. لو قلبك عاوز حاچة لكنها مستحيـلة ، وعقلك عاوز حاچة ومتيسرة قدامك .. هتختار أيه !!
حاول هلال أن يقرأ سبب حزن أخيه بعينيه ولكنه فشـل ، هز رأسه مُخاطبًا بأسلوب المجهول :
-يبقى في هذه الحالة تستفتي ربك ، وهو اللي هيخلق لك من ضلع المستحيـل مُناك ، يا إما هيقنعك باختيـار عقلك ويدخل جواه الرضا .. وهترضى غصب عنك ..
ثم ربت على كتفه :
-قوم صلي ركعتين يعدلوا حالك وحياتك وهتلاقي الإشارة جات لك من عنده ..
~الاسكندريـة .
بعد ما محت أثر تفتيشها بخزانة أبيها واحتفاظها بالميداليـة القديمة التي كانت مُعلقة في ملابسـها عندما أعطاها ماهر لـ رفعت الجرهري كضمان وحيد على نسبها للعزايزة ، واحتفظ سامح بأمانته .. قفلت " ليلة" خلفهـا باب الغرفة وهي تَرُد على اتصال رغد من رقمها الجديد ، فـ ردت بعفويتها:
-وحشتني يا رغود ، كده هتخليني أندم إني قولتلك ارجعي شغلك ، مكنتش أعرف إنك هتنسيني كده ..
بلعت رغد أحد حبـوب الڤيتامين ثم قالت لها :
-أبدًا والله ، تعب الحمل مخليني أنام كتير واليوم بيعدي بسرعة أوي ، وأنا مش كده !!
تلهفت ليلة متسائلة :
-يا حبيبتي.. صحيح هو ولد ولا بنت ؟!
وضعت رغد كفها على بطنهـا بحزن شديد :
-هاشم كان نفسه في بنت شبهي ، بس أنا نفسي في ولد ، ولد يطلع زي باباه ...
-هو محاولش يكلمك تاني ! أو يجي؟!
ردت بأسف :
-اخر مرة اتفقنا على الطلاق وأجرت شقة تانية و .. خفت يا ليـلة أعرفه أني حامل يتهور وعيلته يعرفـوا وأبقى بأذيه ، وكمان ممدوح الشيمي ، بيطاردني في كُل مكان عايزني أرجع لهاشم عشان يضغط عليـه بيا ، فأفضل حل الانسحاب ..
سألتها بقلب يتتوق من لوعة ساعات الفراق:
-لسه بيوحشك !!
تنهدت بمرارة فأسهبت في سرد تفاصيل حُبها :
-فوق ما تتخلي ، أنتِ متعرفيش أنا وهاشم علاقتنا كانت أزاي ، أنا بالنسبة له كنت الحضن الحنين اللي بيهرب بيه من الدنيا ، أنا عشت معاه أحلى سنتين عشقته يا ليلة ، سنتين عدو زي الحلم ، عارفة هاشم مجنون ومتهور شوية ، بس دول أكتر حاجة عجبتني فيه ، كنت بقوله واحشني بس ، تاني يوم ألقاه واقف على الباب وواخدني في حضنه .. علاقتنا أن وهاشم مستحيل حد يفهمها ولا يعيش زيها ، أحنا الاتنين روح واحدة في إزازة ..
ثم انخرطت دمعة من عينيها :
-لولا بس النصيب .. بس أنا عمري ما هبطل استناه وآكيد في يوم هيرجع قلبي مصبرني بكده ، أنه راجع ، مفيش حاجة مصبراني غير أبنه اللي تاعبني ده زي باباه بالظبط..
ارتسمت ابتسامة الحزن علو وجه لليلة وهي تتكئ على وسادة فراشها بنبرة متيمة لا تختلف عن نبرة صوت رغد :
-أنا معرفتش هاشم ، يعني كلامي معاه كان قُليل .. بس عرفت هارون حالة نادرة جدًا .. تعرفي هادي جدًا رزين ، ردود أفعاله مش متوقعة راجل أوي ، شخص متعرفيش تشبعي منه أبدًا .. هارون أكتر شخص مختلف ويجننك باختلافه ده .. بجد وو
قاطعتها رغد لتفوقها :
-ليلة حبيبتي ، فوقي .. أنا شامة ريحة حب وياسمين وفراشات !! انفدي بجلدك يامامي ، طيب أنا ادبست وكُنت مغلفة ، أنتِ عالبر أهو وبقول لك أهربي .. أنا مش هسيبك تغرقي زيي.. ولاد طنت صفية هيجننونا معاهم .
انفجرت ليلة ضاحكـة وهي تقول :
-معاكي حق ، بس أعمل أيه عجبني ومش قادرة أبعد عنه يا رغد .. خطفني ابن طنت صفية واللي كان كان .. أعمل ايه يا رغد ، شكلي ادبست وحبيته .. وهو كمان قلبي حاسس بكدة .. هارون بقا كل حاجة ليا الفترة الأخيرة .. أحساس أني قوية أوي عشان هو بس في ضهري ومعايا، أحساس كنت مفتقداه كتير..
أتاها صوت رغد ناصحة :
-يبقى تفرملي قلبك يا ليلة ، وأعملي زيي ، أنا أصلًا مكلماكي عشان أقول لك إني مسافر السويد عند خالو ، يمكن أقدر أنسى هاشم ..
انفرجت ملامح ليلة مذهولة :
-هتسافري !! هتهربي يا رغد وتحرمي أب من ابنه !!! لا مستحيل أقبل أنك تعملي كده آكيد في حل !!
~العزايـزة .
وصل هارون لأسطبل الخيول الخاص بيهم.. فلم يجد ملجأ لأحزنه إلا حضن "غيم " الذي اعتاده .. اقترب منه ومسح على رأسه بيده المدججة بشقوق الأيام المحفورة على قلبه .. تلقى "غيم" لمساته بهدوء بدون عتب على أيام غيابه وتقصيره بحقه ..و على أهماله له .. يبدو أنها وافق بوجود" ليلة " كشريكة معه بقلبه .. أن يتسابق مع مُهرة مقلها بفسحة قلب صاحبه من فيهما يصل أسرع يا ترى .. خطواته أسبق أم قلبها المُحلق في سُحب الحب أسرع !
وضع هارون رأسه برأس "غيم" و يناطحه اللوم والعتب والندم وهو يوبخه :
-محذرتنيش ليه !! كان لازمًا توقفني .. روضتني كيف ما روضتك أهو وسابتنا مشت أنا وأنت والحزن !! بس تصدق عذرتك لما مشيت معاها من أول مرة ، كانت إشارة لراسي ولقلبي وأنا اللي كملت .. قِدرت على أصعب فرس في العزايزة بعفويتها ما بالك بقلب هارون يا غيم !!
دوّى صهيـل صوت غيم بالمكان كأنه يقدم لصاحبه اعتذاره ..فوبخه :
-لساتك فاكر !! بعد أيه !!
ثم انحنى ليحرره من مربطه وسحبه خلفه بهدوء متجهاً نحو ساحة الخيول .. كانت خطواتهُ ثقيلة محملة بثقُلِ الأيام والحب الذي داهم قلبه بدون إرادته .. غضبه الدفين من "خضر" وما فعله به وكيف سيرد له الصاع صاعين !! كيف يتجرأ أن يكشف سترته وكيف صورهما وكيف عينيه لن تُلاحظا وجود أحد يتتبعه !! يبدو أن حضروها حجب العالم بعينيه مكتفياً برؤيتها وحدها ..
وصل لساحة الخيول الرميلة وشرع في تمشية غيم بهدوء وصوت غناء منير يدوي بقلبه بالسماعة المُعلقة بأذنهِ :
-
"سمع بكايا الحجر نهنه وقال مالك؟
فتفت قلبي وأنا ببكي على حالك
في حاجه غالية عليك يا شاب ضايعالك
أنا قلت ضاع الأمل مني ومش آمن
بحلم أعدي الزمن في نطة مش ضامن"
-
وصل مع غيم بمنتصف الساحة وهو يحركه حول فلك حزنه بدوران .. يصدح "غيم" بصوته الرخيم يُناجي أبواب الشوق أن ترأف بقلب صاحبه .. ويزأر الشوق بصوت هارون الذي يشجعه أن يزيد من سُرعته ، وصل صراخ هارون لمسامع الجميع حتى انخلع قلب أحلام من مكانه مفزوعة :
-ديه صوت هارون !! يا كبدي يا ولدي!!
فنادت على هيثم متوسلة :
-ياهيثم يا هيـثم روح طمني على أخوك والله ما قادرة أقف على رچلي ..
يدور غيم حوله مثلما يدور حبه المفقود حوله .. مثل ما استحضرت ذاكرته حديثه مع أبيه الذي أجبره أن يفارق المجلس بعد رمي قذيفته بقلبه أولًا وبوجه الجميع ثانيًا ..
#فلاش بالك ..
-ليه عملت إكده يابوي !! ليه !! عشان تملي مهاودك ونعم وحاضر وكلمتك معتتكسرش ولو على رقبتي .. تعمل في كِده !! طب فين الرحمة !!
تحت أحد الأشجار البعيدة عن مقر المجلس .. انفجر هارون بوجه أبيه الذي حكم على قلبه بالاعدام خنقاً .. وفراقاً .. وحرقةً .. ضرب خليفة عكازه بالأرض :
-عملت كده عشان خاطر مصلحتك ! أومال كُنت عاوزني أعمل أيه !!
-ولما حلفت على امي طلاق عشان اسيب القضاء كان لمصلحتي بردك !! أنت لساتك شايفني عيل صغير مش عارف مصلحته !! أنا هارون .. هارون العزايزي .. انت أكتر واحد عارف مين هو هاورن .. مش مستني نصحية من حد !!
جهر أبيه بوجهه :
-افهمني يا هارون يا ولدي !!
قاطعه وهو يخرج الوحش الذي يسكنه :
-افهمني أنت يابا !! أنا المرة دي مش هكون تحت طوعك .. المرة دي هختار أني أعيش .. ليه عاوز تهدني .. ليه عاوزني اتجوز زينة بعد كُل اللي عملته .. مش عاوزها ولا تلزمني ..عارف ليه ؟!
واجهه أبيه بالحقيقة التي يعلمها جيدًا :
-عشان زمام قلبك فلت يا هاورن وهاويت !! وأعوذ بالله يا ولدي من هوى الرجال .. العشق اللي قلعك توبك وضميرك .. وواقف هيمان في حضنها معذور مش هلومك سكك القلب مرفوع من عنيها القلم .. فكرك أبوك مش عارف ونايم على وداني ..لاا خليفة العزايزي لساته بجبروته .. خلاك تسوق بس مشلش عينه من عليكَ .. ومش هيسيبك تغرق يا هارون .
لم يخجل من أبيها ليعلنها أمامه :
-حبيتها يا أبوي .. حبيتها ومش هخليها تضيع من يدي حتى ولو التمن موتي .. لقيت معاها هارون التايه من سنين .. المرة دي محدش هيوقفنـي حتى ولو كان أنتَ يا عمدة ..
ضرب خليفه الأرض بمؤخرة عكازه بمرارة :
-جيه اليوم اللي ساقك فيه قلبك يا ولدي .. جيه اليوم اللي كنت خايف منه !! ياما حذرتك من الحُب ووقايعه .. وأهو چالك في الوقت الغلط ..
-مش أنت دايما اللي عتقولي اسمع صوتك قلبك .. وبعقلك ديه خليه ينفع !! هو ديه اللي أنا عملته ! هخلي بعقلي كل اللي عاوزه قلبي متاح ..
عارضه أبيه بصرامة :
-على حساب روحك وروحها وأعراف هوارتك اللي أقسمت إنك تحافظ عليها !! الراجل من كلمته يا هارون !
ولى وجهه وهو يركل جذع الشجرة بقدمه لفرغ طاقات غضبه :
-وعلى حساب أي حد يقف في طريقي يا أبوي حتى .. وأولهم بت صالح مش هتكون على ذمتي ولو القيامة قامت ..
صرخ عليه أبيه بحسـم :
-لازمًا تكون يا ولدي .. لازمًا تكون عشان تغير اللي مش عاجبك .. هو ديه اللي عقولك عليه حكم عقلك عشان توصل للعاوزه قلبك يا هارون .. متمشيش تطبش من غير وعي هتغرق !!
أحمر جمر الغضب بوجهه :
-أنت عاوز توصل لأيه يا أبوي ؟!
رفع وجهه بعيني أبنه وهو يطوى حقيقة ليلة في صفحات قلبه ، لانه متأكدًا لو علمها هارون سينفلت زمام أمره ولم يضع أخد بحسبانه فيخسر كل شيء :
-هجوزهالك ، هچوزك اللي قلبك رايدها .. وديه وعد من خليفة العزايزي .. و رب العزة ما هتتجوز غيرها .. بس أسمع كلام أبوك المرة دي وبس يا هارون يا ولدي ما توجعش قلبي ..أنا عارف اللي أنتَ متعرفهوش !
عارضه بعد اقتناع :
-شايفني عيل صغير هتضحك عليه بكلمتين عشان يقول نعم وحاضر .. أبا أنا هتجوزها ومش هتجوز غيرها واللي يحصل يحصل ..أنا مش هبقى تحت طوع حد ..
صرخ عليه ناصحاً بصوت بنافس الرعد بقوته :
-ولا ينفع تكون تحت طوع قلبك كّمان .. اسمعني ؛ قوانين العزايزة عشان تغيرها بعقلك لازم تاخد زينة ستارة ليك من شرهم .. وعشان توصل للي بتحبها لازماً تتجوز زينة .. هتقولي ليه زينة بالذات ونظلموها معانا .. هقولك عشان هي اللي اختارت مصيرها .. هي اللي هتقع في فخ شرها وهتخلص منها بالساهل .. زينة اللي جابته لروحها ولازماً تتربي وتتعلم أن في حاجة اسمها نصيب ..نهايتها من جنس عملها ..
ثم مسك ذراع أبنه راجياً :
-اسمع كلامي ومش هيخلص الشهر إلا وأنا مجوزك البت اللي عاوزها .. عشان خاطر أبوك يا هارون متخربش اللي في راسي .. لو عاوز البت متضعش من يدك اسمع كلام أبوك المرة دي وبس !!
صرخ رافضا قطعا :
-وايه اللي في رأسك يا أبوي عرفني يمكن اساعدك ...
#باك ..
جلجل صوت صرخته وكأنه ينافس صوت وجع غيم الذي يعاني من ألم صاحبه .. وصوت منير يصدح بصدره :
-
يا حمام بتنوح ليه؟
فكرت عليا الحبايب
يا حمام ضاع منك إيه؟
دوبتني كده فوق ما أنا دايب
والحلم أنادي عليه
لا بيسمع ولا بيهدي..
ونفس الحالة كنت تعيش تفاصيلها ليلة ..التي طال غياب حبيبها عنها وخلى الليل من صوته وكلماته وصوت ضحكته التي تبذل قصارى جهدها لتسمعها قبل أن تنام .. شدت الستائر وتأملت الهلال فوقها الذي يعلن افتراق عشاقه وهي تتنهد بوجع يحرق بقلبها واستدل قلبها على نفس الأغنية التي يسمعها فاتخذت من منير ونسياً لها ليصبرها على ساعات غيابه .. ليغني واصفا حالة قلبها :
-
عيبًا إن أقول على نفسي إحترت
أو أقول وليف روحي هجرني
من بين عيون الناس إختارت
جوز العيون إللي قتلني
-
ثم تنهدت بتعب وشوق يتضاعف بدون وقوف :
-أنت فين بس يا هارون !! يارب طمن قلبـي عليـه !
ثم فتحت هاتفها لترسل له مجدداً رسائل صوتية
1-على فكرة أنت غايب ليك كتير .. قلقتني عليك!
2-تعرف اليوم وحش أوي من غير صوتك .. طلعت حد مهم أوي في يومي ..أنت فين بقا !
3-هزعل أوي لو نمت من غير ما تطمني .. أنا مستنياك من وقت ما قولت لك على فكرة ..
4-هارون طيب أنت كويس !! خايفة أكلم حد من البيت أكون مكبرة الموضوع لوسمحت أول ما تسمع رسايلي كلمني في أي وقت .. أنا صاحية مش هنام .. رغم أني هموت وأنام بس لازم اطمن عليك الأول ..
ثم زفرت بتعب لا يوصف وهي تتنفس بعناء مرارة غيابه عنها ..
أشفقت "هيام" على أخيها الذي تراقبه من أعلى بأعين مدمعه وتتساءل :
-مالك بس يا هارون متوجعش قلب أختك عليك..
ثم تذكرت هاتفها الموجود على الشاحن لتحاول أن تكلم أخوتها ليدخلوا بالأمر ولكنها فوجئت برسائل "ليلة" الكثيرة ..قرأت هيام محتوى الرسائل ثم عادت لمكالمتها مكالمة صوتيه .. خفق قلبها للحظة وهي تتمنى أن يكون الاتصال منه .. فوجدتها "هيام" التي ردت عليها بلهفة :
-هيام أخيراً رديتي ؟؟!
-حقك علي يا ليلة ...بس
قاطعتها :
-أنتو كلكم كويسين .. في حاجة حصلت .. أنا هموت من القلق عليكم ..
تنهدت هيام بحزن :
-أقول لك أيه بس يا ليله .. البيت حاله ميسرش واصل ..مش فاهمة أيه حاصل؟
جلى حلقها بقلق :
-طمنيني بس .. هارون بخير .. هو فين بكلمه مش بيرد !!
-ولا هيرد عليكِ ولا على حد .. قاعد مع غيم تحت ..
-الله !! ليه طيب في حاجة زعلته !!احكي لي يا هيام !!
ترددت هيام قبل أن تبلغها الخبر ، ثم قالت :
-مش عارفة أقول لك أيه ولا فاهمة ، بس أبوي جيه وقال جواز هارون وزينة أخر الأسبوع ومحدش يعارضه ومن ساعتها البيت والع .. وهارون مش عارفه ماله !!
حلت النازلة على قلبها لتدرك ما قالته هيام بنيران تأكل بروحها :
-أيه !! يعني أيه هارون يتجوز زينة يا هيام !!أكيد في حاجة غلط مش كده !