
رواية لا تخافي عزيزتي
الفصل الثالث 3
بقلم مريم الشهاوي
صمتت يارا تحاول استيعاب ما قالته الطبيبة كيف لها أن تكون حامل وهي آنسة !!
قالت بتلعثم وعدم تصديق:"ح.. حامل.. إزاي بس يا دكتور..أكيد في... في حاجة غلط.... مفيش حد لمسني... فازاي؟؟؟ "
نظرت إليها الطبيبة بشفقة وأرادت مساعدتها:"طب أنتِ ممكن تحكيلي... هل تعرضتي لاغت صاب من شخص ما؟؟.... ساعديني عشان أعرف أساعدك."
هزت برأسها نافية وبدأت أصواتها تعلو:"أنا محدش لمسني.... أنا آنسة."
الطبيبة:"اهدي أرجوكِ ووطي صوتك في مرضى برا.... روحي اعملي حالا تحليل طب شرعي لاثبات الحالة و.... "
صرخت بوجهها يارا:"حضرتك عارفة أنتِ بتقولي إيه؟.... بقولك محدش لمسني... طب شرعي إيه؟؟؟.... أنا هروح هكشف عند شخص تاني وهعمل تحاليل تانية... أنا آنسة... محدش لمسني.. أكيد في حاجة غلط في التحاليل."
الطبيبه:"ممكن تهدي... تحاليل الدم مفيهاش هزار ونتايجها دقيقة وصحيحة مية بالمية."
فتح باب الغرفة وكان عمر الذي سمع صراخ يارا وهمّ مسرعًا ليرى ما بها وحين رآها لم يفهم شيء
ذهب نحو يارا قائلًا بتساؤل :"إيه يا يارا بتصرخي كده ليه أنتِ كويسة؟ "
نظرت يارا إليه وكان تستنجد به بعيونها فهمها عمر وأخذها خارج العيادة ركبا السيارة ويارا ظلت صامته لا تبوح بشيء أوقف عمر السيارة في مكان هادئ
عمر:"احكيلي...الدكتورة قالتلك إيه ؟"
قالت يارا بدموع تملأ عينيها:"لا مفيش.... أنا حاسة إن العيادة مش قد كده وهروح أكشف عند دكتورة تانية عشان شكلها مش شاطرة و.... "
قاطعها عمر:"يارا...أنا عمر... ومش لسه عارفك إمبارح ولا النهاردة أنا أعرفك من سنين وعارف نظراتك دي كويس أكيد في حاجة.... وشك مخطوف كده ليه احكي؟؟"
تبدلت نبرة صوتها لبكاء مكتوم وتحاول تمالك أعصابها وحبس دموعها:"بجد يا عمر مفيش حاجة روحني دلوقتي... أرجوك مش قادرة أتكلم دلوقتي."
صمت عمر ونظر إليها ولا يعرف لمَ تخفي عنه فهو صديقها المقرب أيخفى أحد منهما شيء عن الآخر أم أن الموضوع كبير حقًا ولا تريد التكلم به أو أنه موضوع يخصها كفتاة وتخجل بالتحدث عنه؟
تحرك بسيارته إلى منزل يارا التي همّت لمنزلها مسرعة ولم تتحدث معه ولا ودعته حتى فقط ركضت بسرعة حتى لا يرى دموعها التي أغرقت وجهها.
دلفت إلى غرفتها وأغلقت الباب وانهمرت دموعها لا تصدق ما حدث للتو.... كيف حدث ذلك.... ومن الفاعل؟ ضربت رأسها مرارًا وصرخت بقوة وهي تبكي وتردد لا لا لم يحدث ذلك.... إنه كذب.. الطبيبة تكذب سأحاول مع أطباء آخرون لأتأكد هناك إختبارات حمل سأشتريها وأفعله حتى اتأكد هناك سوء فهم من الطبيبة أنا لست حامل كيف ذلك وأنا مازلت آنسة ولم يمسّني ذكر؟!
_________________________________________
اتسعت عينا مصطفى قائلا بذهول:"نصاب ! "
تكلمت هدير بصوت عالٍ:"أيوة... ناسي يوميها عملت إيه في السوق؟.... اسمع أنا مبسكتش على حقي إطلاقًا ومش معنى إني معييش راجل تفكر إني ست وساذجة وتضحك عليا... لا أنا ميتضحكش عليا أبدا دنا بمليون راجل.. اتفضل هات حق اتنين كيلو الطماطم اللي أخدتهم."
ظل مصطفى صامتًا لا يصدق ما تقوله ولم يفهم منه شيء:"أنا مش فاهم قصدك... حضرتك أكيد ملغبطة بيني وبين شخص تاني."
مصمصت هدير شفتيها بملل قائلة بسخرية:"لا ياخويا دنا أجيبك من وسط ألف.... اتفضل معايا برا المحل عشان منزعجش الزباين لو فيها ضرب ولا حاجة."
بلع ريقه بغير تصديق وردد:"ضرب ! "
خرجت من المتجر ومصطفى بيدها أوقفته أمامها
سألها مصطفى:"صدقيني أنا مش فاهم قصدك إيه وليه بتقولي عليا نصاب؟؟"
نظرت إليه هدير وأعادت النظر إلى ملابسه كم هي مهندمة وأنيقة ولكن كل هذا لا يمانع أنه رجلٌ محتال
-اسمع يا أستاذ... أنت جيتلي الأسبوع اللي فات وخدت مني اتنين كيلو طماطم ومدفعتش حقهم وأخدت الشنطة وجريت.
نظر لها مصطفى حوالي دقيقة وهو يحاول التذكر....
نعم ذلك اليوم لقد وزن له طفل صغير الطماطم وأمسك بكيس الطماطم وأخرج حاويته لكي يدفع حق ما اشتراه ولكنه رأى هدير تنادي للصغير بإسم"ياسين" وتقترب منهم وعندما رآها همّ مسرعًا راكضًا لبعيد...كان موجودا لكي يراها وعندما رآها غير موجودة والطفل ظل يسأله إن كان يحتاج إلى شراء شيء فتحدث كي يخفي إحراجه وكي يفسر وقوفه الذي طال لانتظارها وطلب منه طماطم ولكن لا يعلم أنه سيكون جبانا هذه المرة أيضا ولن يقدر على الحديث معها أو الوقوف أمامها والتحدث هو يتوتر كثيرا ويشعر بالخجل وحينما سمع صوتها ورآها تقترب لم يفكر ثانية فقد همّ مسرعا يركض بأسرع ما عنده كي لا تراه.
استيقظ من رشده على صوت هدير :"يا أخينا... إيه افتكرت؟ "
ابتسم مصطفى وقال بأسف :"أنا آسف بجد... يوميها كنت مستعجل الحساب كان كام ؟"
ضمت ذراعيها على صدرها وتحدثت بلوم:"تلاتين جنيه."
أخرج مصطفى من حاويته خمسون جنيهًا وأعطاها لها:"اتفضلي."
أخذت هدير النقود وأخرجت من جيبها ورقة بعشرون جنيهًا وأعطتها إياه:"خد الباقي."
اعترض مصطفى بذوق:"لا لا خلي الباقي... كواجب إعتذار إني اتأخرت عليكِ وآسف مرة ت..... "
أمسكت يده ووضعت المال بيده وقالت وهي تمط شفتيها بإنزعاج:"إعتذارك وتقبلته مش محتاجة أكتر من حقي."
ثم تركته وذهبت من أمامه لتعود إلى عملها بالمتجر
ظل يتابع خطواتها حتى اختفت عن أنظاره ثم ابتسم !
نعم فهذه المرة الأولى التي يتحدث معها ! ينظر بعينيها وهي تتكلم معه أمسكت بيده ،رفع يده يتأملها مبتسمًا.
سمِع صوت شهاب من وراءه:"اتهزقت اتهزقت يعني."
إلتفت مصطفى إليه وهو مبتسم:"تصدق أول مرة أحب التهزيق كده !!... حاسس إني مبسوط أوي... هدير اتكلمت معايا يا شهاب... أنا عمري ما كنت بحلم بكده... الساعة كانت 3:26 دلوقتي(رفع يده ينظر لساعته) 3:38... اتناشر دقيقة بحالهم يا شهاب !! أنا حاسس إني عاوز أتنطط من السعادة أخيرا جاتلي الفرصة إنها تتكلم معايا تيجي نروح ناكل أيس كريم؟
ركض من أمامه وهو سعيد ويضحك بشدة وتتبعه شهاب وهو ينظر إليه باستعجاب !
أيعقل ان يكون مختالًا ؟
________________________________
في المساء كان يزن جالسًا على الأريكة بغرفته شادرًا يفكر بأسيل ويتساءل:"يا ترى إيه قصتك يا أسيل؟... وإيه معنى رسوماتك دي؟؟... وليه مش راضية تتعالجي ؟"
زفر بضيق ثم أمسك هاتفه وراسل صديقه "مازن"
يزن:"عرفت حاجة عن الصورة؟ "
أجابه مازن بالمراسلة عبر الهاتف :"بصراحة مستعجب من الصورة أوي... هعرضها على زمايلي وهنشوف تفسيرها النفسي إيه... بس الظاهر ليا إنها بتتعرض لأذى من حد ومفيش حد قادر يساعدها والنمر اللي واقف على جنب وخايف دي أثارت شكوكي إن يمكن فيه حد قادر إنه يساعدها بس برضو خايف من القرد اللي مسبب الرعب للكل...بص الموضوع مريب سيبني شوية أنا حاسس إن لسه الحقيقة فيها شكوك... بس احكيلي يعني هي البنت دي عايشة إزاي وأهلها فين؟ "
تنهد يزن وروى له ما قصّه شريف عليه بخصوص حالة أسيل
مازن:"خلاص ماشي اديني شوية وقت أبحث عن الموضوع ده وهكلمك لو لقيت حاجة."
يزن:"خلاص ماشي.. مستنيك."
ترك هاتفه وذهب ليستحم ويريح أعصابه من توتر اليوم
كان مغلق عينيه وهو يغسل شعره بالصابون وفجأة ظهرت أمامه صورة أسيل كم هي جميلة ورقيقة الملامح فُزع من تفكيره وفتح عينيه بسرعة ولكن عينيه أحرقته فقد أدخل بها الصابون
صرخ بوجع وغسل عينيه بالماء ما بها هذه الفتاة حتى التفكير بها أصبح يرهقه.... ولمَ أنا أفكر بها؟؟؟
______________________________
-ياسين،دارين يلا عشان الغدا
أسرعوا أخواتها الصغار إلى طاولة الطعام وهم يشتهون ما سيأكلونه
ياسين:"طابخالنا إيه النهاردة يا ديرو؟"
ابتسمت هدير :"فول بالطماطم بس المرة دي حكاااية."
زفرت دارين وضمت ذراعيها نحو صدرها بضجر :"بس أنا مش عايزة آكل فول... هو كل يوم فول ! "
انزعجت هدير من حديث أختها وقالت :"إسمها الحمد لله.... تعرفوا أطفال غزة وأطفال البلاد اللي فيها حروب عايشين إزاي؟"
ضحك ياسين ممازحًا:"أكيد مش بياكلوا فول كل يوم !"
ابتسمت هدير بوجع:"فعلا عندك حق هم مش بياكلوا فول كل يوم...لانهم مش بيلاقوا أكل أصلا وممكن يقعدوا بالأيام جعانين ومنغير أكل."
صمت الاثنين ونظروا بالأرض بخجل فتحدثت هدير بصوت عال تعبر عن غضبها:"إحنا غرقانين في نعم بس إحنا اللي مش حاسيين بيها....ومش هنحس بيها إلا لما نفقدها هي كمان...يكفي أوي نعمة إنك عايش في بلد آمنة مفيهاش حرب مش بتصحى على صوت صواريخ بتضرب علينا مش عايش في خيمة بعد ما اتهد بيتك."
بكت دارين فجذبتها هدير كي تعانقها وقالت دارين وهي تبكي:"أنا آسفة يا ديرو...مش هقول كده تاني."
فضمتها هدير أكثر وقبلتها على رأسها بحنين:"يا روحي متعيطيش...حقك عليا إني عليت صوتي."
دارين ببكاء:"لا مش بعيط عشان زعقتي بعيط عشان صعبوا عليااا."
هدير بابتسامة:"متنسيش بقى تدعيلهم في صلاتك دايما."
وبعد أن هدأت دارين ذهبت هدير إلى حقيبتها كيسًا به شيء ما:"أنا جبت أيس كريم لينا كلنا."
وقفوا الإثنان في سعادة :"هاتي دلوقتي."
هدير:"لااا.... لما تاكلوا الأول يلا بسم الله الرحمن الرحيم."
أكلوا جميعهم في جو دافئ وآخر الليل شاهدوا التلفاز كانوا يشاهدون فيلمًا كوميديًا وظلت أصوات ضحكاتهم تعلو في البيت الصغير البسيط.
أخلدت للنوم هدير وهي واضعة أخواتها الصغار في حضنها ونظرت للأعلى تناجي ربها بسرها وتقول
"يارب اللهُم يا كافل العباد وواهب الأرزاق وموزع العطايا ارزقنا نورًا في القلب وضياءً في الوجه وعافيةً في البدن وسعةً في المال والعلم والعمل وحُسن الصفات وصلاح الأعمال والنوايا ، اللهم سترك وعفوك وودك وحُبك وقربك ورضاك ولذة النظر إلى وجهك الكريم. "
____________________________
رحاب:"يارا افتحي الباب أنتِ قافلة على نفسك من الصبح... بقولك افتحى."
كانت جالسة على المرحاض وشهقاتها تعلو وهي ممسكه بجهاز بيدها يسمى"اختبار حمل"وظاهر أمامها شرطتين هذا يعني إنها حامل حقًا !
أطرقت رحاب على الباب بقوة :"افتحى يا يارا وإلا هجيب المفاتيح وأفتح أنا."
فتحت يارا باب غرفتها ووجها شاحب وعيناها حمراء اللون نظرت لوالدتها بإرهاق:"تعبانة شوية يا ماما.... أرجوكِ سيبيني لوحدي."
دخلت رحاب الغرفة وأغلقت الباب:"متوقعيش قلبي عليكِ... احكي مالك في إيه ؟؟؟"
يارا صرخت بقوة:"بجد والله ؟!... ومن إمتى كنتِ مهتمية بيا أوي كده؟؟.... أنا ضعت بسببك."
جلست على فِراشها وصوت بكاءها صار يعلو فتح الباب مصطفى ونظر لأخته التي عندما رأته همّت مسرعة إلى صدره تضمه بشدة و تغرس وجهها بصدره وهي تبكي
ضمها مصطفى بحب ومسح على رأسها بحنان:"إيه يا يارا مالك؟؟... اهدي."
شدت ذراعيها على ظهره وبكت بشدة وقهر
ورحاب لم تفهم ما حال إبنتها ولماذا تبكي لهذه الدرجة؟
ظلت يارا تردد:"أنا ضعت يا مصطفى... أنا ضعت."
كانت أسيل تشرب الماء في المطبخ وسمعت صوت يارا.... هي لا تكره يارا وتعرف أن يارا لا تكرهها أيضا ولكن رحاب تريد خلق الكراهية بينهم وتخلق المشاكل بينهم دائمًا ولا تريد أن يحبها أحدًا من هذا المنزل حتى أبيها !
ظهر شريف أمامها ونظر لأسيل بغضب :"إيه صوت يارا ده !!... أنتِ زعلتيها في حاجة ؟؟"
ظل الماء واقفًا في فمها لا تقدر على بلعه ونظرت بعيدا عنه لتخفي دموعها
صعد شريف للأعلى وحين رأي بكاء يارا ركض إليها مسرعًا وتكلم بقلق:"ليه العياط ده....في إيه يا رحاب؟ "
نظرت رحاب إليه وكانت ستتكلم عن يارا بوحشية ولكنها لمحت أسيل بالأسفل وعيناها على أبيها فابتسمت بخبث وتحدثت:"زهقانة.... بتقولي يا ماما حياتي بقت مملة... فعلا يا شريف يارا مبقتش بتخرج خالص.... وكذلك مصطفى وأنا كمان زهقنا من الروتين ده إيه رأيك نسافر ؟؟"
ابتسم شريف :"بس كده؟... (أمسك بيد يارا وتكلم بحب)ليكِ عليا يا ستي أسبوع كامل في أي بلد أنتِ تختاريها... فكي كده وأنت يا مصطفى إمتحانات الكلية بتاعتك خلصت مش كده ؟"
أجاب مصطفى:"أه يا بابا إمبارح كان آخر يوم."
رحاب:"وبرضو يارا خلصت عايزة أفك بقى يا حبيبي... ونفرفش كده."
ضمت رحاب زوجها بحب :"نطلع أنا وأنت ومصطفى ويارا نغير جو."
قصدت أن تذكر من سيسافر لكي لا تشعر أسيل بأن لها أهمية بما يتحدثون عنه.
ابتسم شريف وضمها لصدره أكثر :"خلاص هشوف شغلي وأرتب أموري ونسافر كلنا يويو يلا ابتسمي بقى مفيش حاجة مستاهلة دموعك غالية."
نظرت يارا لرحاب وجدتها تنظر للأسفل وتبتسم فنظرت للأسفل لترى ما تبتسم إليه فوجدت أسيل واقفة ودموعها تنسال على خديها بقهر كرهت أمها... وعلمت ما خططت له... كم هي مكيرة !
تكلمت رحاب وهي توجه الكلام لابنتها:"يارا... ردي على بابا... ومتعيطيش تاني أدينا هنخرج أهو."
ظل مصطفى ينظر لأخته.... لم يراها تبكي هكذا يوما ما !... الموضوع ليس ملل مثلما فكرت أمي.... لا هناك شيء يارا تخفيه؟
ظلت صامتة حتى تكلمت رحاب بصوت صارم:"يارا ابتسمي يا حبيبتي بابا لما سمع إنك زهقانة هيسفرك أهو مفيش بنت بتحلم بكده ولا إيه؟... مفيش شكرا لبابا ؟"
لم تهتم يارا بأن رحاب تجبرها على الحديث فهذا دائما ما يحدث لا تبوح بشئ إلا بإذن والدتها فإن لم تأذن تظل صامتة
ابتسمت ومسحت دموعها ونظرت للأسفل ولم ترى أسيل شكرت شريف و استأذنت بالدخول إلى غرفتها وذهب كلًا منهم إلى غرفته حتى مصطفى كان يريد التحدث مع أخته ولكن فضّل أن يتركها وحدها الليلة ويتحدث معها في وقتٍ لاحق.
أغمضت يارا عينيها وأجبرت نفسها على النوم ولكن عينيها لم تتوقف عن البكاء ظلت تبكي وتنسال دموعها حتى وعينيها مغلقتين قلبها موجوع حقًا لا تعرف كيف تفكر أو ماذا ستفعل؟
____________________________
دخلت أسيل غرفتها ومسحت دموعها جلست على الأرض وضمت ركبتيها على صدرها قلبها تعب فقد أهلكته من شدة البكاء لياليها أصبحت مظلمة يائسة من الحياة همّت واقفة وذهبت إلى نافذة غرفتها فتحتها ونظرت للسماء وهي تبكي
"أين أنتِ يا أمي؟"
"لماذا رحلتِ وتركتني في هذا العالم الذي أصبح ثقيلًا على صدري؟"
"إنه مظلم...شديد الظلمة، لا أستطيع أن أرى فيه شيئًا، فقط الظلام الذي غزا قلبي."
"هم يتصارعون على من سيفتك بقلبي أولاً، لكن لا أحد يدري أن قلبي قد تحطم قبل أن يبدأوا."
"أمي... أين أنتِ؟"
"كيف لي أن أواجه هذا العالم بدونك؟"
"أركض إليكِ، أبحث عنكِ في كل زاوية، وأنتِ لستِ هنا ،ذهبتِ إلى مكان أعجز عن الوصول إليه."
"كلما حاولت أن أتعلم العيش من دونك، أكتشفت أنني مجرد ظل للإنسان الذي كنت عليه قبل أن تتركيني."
"لم أستطع أبدًا أن أتعود على غيابك... ولم أكن أريد أن أتعلم ذلك."
"اشتقت إليكِ. اشتقت لكلماتك، لضحكتك، لوجودك الذي كان يشع في حياتي."
"أشتاق إلى شخص كان يفهمني بمجرد أن أرفع عيني نحوها، دون أن أقول كلمة."
"أحتاجك الآن أكثر من أي وقت مضى، لأنني فقدت القدرة على فهم نفسي دونك،وتحمل كل هذا الألم وحدي."
أمسكت صورة لأمها قديمة واحتضنتها ونامت أمام النافذة وهي تنظر للسماء وتتحدث مع أمها عما يوجعها.
___________________________
اليوم التالي ذهب يزن إلى جامعة أسيل مرة أخرى وكان في الصباح الباكر وقف منتظرها فقد علم شكلها الآن ولن يتعب في إيجادها
عندما رآها ركض نحوها قائلًا :"ممكن نتكلم؟.... آنسة أسيل... ممكن تديني شوية من وقتك؟؟... خمس دقايق... يا آنسة أسيل."
وقفت أسيل مكانها ونفخت بضيق ثم أخرجت من حقيبتها دفترها وكتبت به :"أنا انا مش عايزة أتكلم معاك... ممكن تمشي؟"
نظر يزن إلى دفترها وقرأ ما كتبته ثم عاود النظر إليها:"أنتِ ليه مش عايزة تتعالجي؟؟.... ليه رافضة الناس بالطريقة دي؟!!"
حسنًا ها هو الآن يراني مريضة وأحتاج للعلاج مثل البقية ولا يعلمون أن علاجي ليس مع طبيب!
نظرت إليه ودموعها تجمعت بعينيها
لاحظ يزن دموع عينيها وتبدلت تعابير وجهه إلى قلق:"أسيل أنتِ كويسة؟.... في إيه؟؟... أنا قولت حاجة غلط؟.... طب أنا آسف... أسيل."
تركته وذهبت إلى جامعتها وهو واقفًا مكانه يتساءل في نفسه هل اخطأ بشئ من كلامه؟
تكلم بحزن وشفقة عليها:"يظهر إنها موجوعة من حاجة وكاتمة جواها بس عيونها خذلتها ومقدرتش تخبي."
ذهب يزن إلى شركة والده وأرهق نفسه في العمل حتى لا يفكر بها أشغل عقله بشيء آخر وعندما انتهى عاد للمنزل برفقة والده
صعد إلى غرفته وكان يفكر بموضوع أسيل.... متى سيتحدث معها؟.... لقد حاول مرارًا وتكرارًا.. هي لا تعطيه الفرصة... قد أخبره أبيها أنها صعبة التعامل ولكن لم يعلم أنه لهذا الحد !!... ماذا سيفعل ليتكلم معها؟.... يقابلها أمام جامعتها مرة أخرى؟... لا فقد فشل مرتين.
قطع تفكيره صوت الباب وكانت والدته تطرق بابه
فتح الباب وتكلمت يسرى:"مش هتنزل تاكل يا يزن؟؟"
يزن :"لا يا أمي مش جعان أنا تعبت أوي لنهاردة محتاج أنام."
يسرى:"طيب الأكل موجود لو جوعت."
ذهبت من أمامه ولكن وقفت عندما سمعت إبنها يناديها :"ماما بقولك... هو بابا مش هيزور م/شريف في بيته تاني؟"
يسرى:"لا رايحله النهاردة لشوية شغل... كان عاوز ياخدك بس قال إنك تعبان وإنك تعبت النهاردة في الشغل فمش هتقدر تروح معاه و..... "
ابتسم يزن بسرعة ثم ضم والدته بسعادة :"دقيقة وأكون جاهز بلغي بابا إني رايح معاه."
ضمت يسرى حاجبيها بإستعجاب مما رأته لم يمر ثوانِ على قوله أنه متعب ! والآن يسرع في النزول مع والده ما الحكاية؟
يزن نظر إليها :"عن إذنك يا ماما."
يسرى:"طب انزل كُل الأول؟"
أسرع يزن بالرد:"هغير وأنزل حاضر."
أغلق باب غرفته وركض في الغرفة مثل الطفل الصغير أخيرا وجدها.... إنها الطريقة الوحيدة التي سيتحدث مع أسيل ولن تهرب منه مثل كل مرة كان يقفز بسعادة وبدّل ملابسه في ظرف دقيقتين كان جاهزًا ببذلته الأنيقة ارتدى ساعته ورش من عطره ووقف أمام المرآة ينظر لهيأته ويتخيل نفسه يتحدث مع أسيل.
ذهب مع والده واستعد لمقابلة أسيل وهذه المرة لن تهرب منه وسيتحدث معها بالتأكيد....
تفاعلكوا بيديني طاقة اني اكتب واطلع افضل ما عندي ❤
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد