رواية قيود العشق ج2
الفصل التاسع والعشرون 29 والثلاثون 30
بقلم دعاء احمد
في منزل عائلة جاد. الجميع في حالة صدمة بعد كلام الطبيب. جاد يبدو غاضبًا بشدة، كريم يحاول السيطرة على غضبه، وثريا تبكي بلا توقف. جيسي تجلس على الأريكة، منهارة تمامًا.
جاد (يصرخ بغضب شديد):
"إنتي مش مستوعبة إنتي عملتي إيه، جيسي؟! مين الشخص ده؟ قوليلي اسمه دلوقتي!"
كريم (يحاول التماسك لكنه يهز رأسه بخيبة أمل):
"جاوبي يا جيسي، مين اللي عمل فيكي كده؟!"
جيسي (ترفع رأسها بصعوبة، صوتها مكسور):
"كان... كان شاب كنت أعرفه وإحنا في الإمارات... اسمه علي."
ثريا (تشهق بدهشة):
"علي؟! علي مين؟! هو فين دلوقتي؟"
جيسي (تمسح دموعها بارتجاف):
"هو في دبي... ما كناش على تواصل بقالنا فترة، بس أنا كنت..."
جاد (يقاطعها بغضب شديد وهو يضرب الطاولة بقبضته):
"كنت إيه؟! كنت فاكرة إن دي لعبة؟! إزاي تتهوري بالشكل ده؟! هتدمرينا كلنا!"
كريم (بنبرة حادة):
"جيسي، إنتي كنتي في بيتنا، وإحنا وثقنا فيك. وده جزاء ثقتنا؟!"
ثريا (تبكي وهي تمسك رأسها):
"إزاي؟! يا رب صبرني. جيسي، إنتي كنتي عارفة إننا دايمًا معاكي، ليه ما لجأتيش لينا؟"
جيسي (تنهار بالبكاء):
"ما كنتش أعرف إني... إني ممكن أكون حامل... وما كنتش عارفة أعمل إيه!"
جاد (يقف ويتحدث بحزم):
"خلاص! مفيش أعذار. أنا مش هسيب الموضوع ده يعدي. هسافر دبي، وهجيبه بأي شكل. لازم يتحمل مسؤوليته."
كريم (يحاول تهدئة غضبه):
"جاد، استنى. لازم نفكر بعقلانية. مين علي ده؟ إيه ظروفه؟ هل هو عارف أصلاً؟"
جاد (بغضب):
"مش فارق! سواء عارف أو لأ، هو السبب في اللي إحنا فيه ده. وأنا مش هسامح حد يتلاعب بأختي."
ثريا (بنبرة استجداء):
"جاد، من فضلك فكر بعقلك. الموضوع كبير، ومش بس غضبك اللي هيحله."
جاد (ينظر إلى جيسي بحدة):
"قوليلي، عندك أي طريقة نتواصل بيه؟ أي رقم، عنوان، أي حاجة؟"
جيسي (بصوت منخفض):
"كان بيبعتلي أحيانًا على الواتساب... بس مش متأكدة لو رقمه لسه شغال."
جاد (بصوت صارم):
"هاتيه. دلوقتي. وإلا أنا اللي هتصرف."
ثريا (تبكي):
"يا رب، ما كناش محتاجين المصيبة دي فوق كل اللي مرينا بيه."
كريم (ينظر لجيسي بعيون مليئة بالخيبة):
"إحنا معاقبناش جاد على أخطاؤه بالشدة اللي كان يستحقها، بس المرة دي... لازم الأمور تتغير."
***********************
في نفس الغرفة، جاد يسير ذهابًا وإيابًا في حالة غضب شديد. كريم جالس على الكرسي يحاول تهدئة الموقف، بينما ثريا تبكي وجيسي تجلس على الأريكة تنظر للأسفل بحزن وخوف
جاد (يصرخ بغضب وهو يشير إلى جيسي):
"إنتِ مش بس دمرتي حياتك، إنتِ كمان دمرتي سمعتنا كلنا! فكرتي فينا؟ فكرتي في اسم العيلة؟!"
جيسي (تبكي بصوت منخفض):
"جاد، أنا آسفة... ما كنتش... ما كنتش أعرف الأمور هتوصل لكده."
جاد (بصوت مليء بالحقد):
"آسفة؟ آسفة مش كفاية يا جيسي! إنتِ عارفة الناس هيقولوا إيه عننا؟ هنبقى إيه قدام العيلة والجيران؟ كل ده بسببك!"
ثريا (ترفع رأسها وهي تبكي):
"جاد، كفاية بقى. جيسي غلطت، وكلنا متضايقين، بس هي بنتنا، ومش هنسيبها."
جاد (بغضب أكبر):
"بنتنا؟! البنت دي جابت العار لينا! أنا مش عارف إزاي هقدر أخرج قدام الناس بعد اللي عملته!"
كريم (يتدخل بصوت هادئ لكن حازم):
"جاد، ده مش وقت إنك تزود الأمور سوء. اللي حصل حصل، وإحنا لازم نتصرف بحكمة."
جاد (ينظر إلى والده بغضب):
"إيه الحكمة في كده، بابا؟ إننا نسيبها تعمل اللي هي عاوزاه؟ نغطي على مصايبها؟!"
كريم (بهدوء لكنه حازم):
"لازم نواجه المشكلة دي سوا، مش كل واحد يلوم التاني. إحنا عيلة، ولازم نتصرف كعيلة."
جاد (يضحك بسخرية مريرة):
"عيلة؟ دي مش عيلة دي كارثة ماشية! كل واحد فينا عنده مشاكل، وجيسي قررت تبقى آخر مسمار في النعش!"
جيسي (ترفع رأسها والدموع تملأ عينيها):
"جاد، أنا غلطت... بس أنا محتاجة مساعدتكم. مش عايزة أواجه ده لوحدي."
جاد (يشير إليها بغضب):
"مساعدة؟! إنتِ آخر حد يستحقها! كنتي بتفكري فينا وإحنا؟ فكرتي في ماما وبابا؟ فكرتي في اسمنا اللي هيتبهدل؟"
ثريا (تضع يدها على صدرها وهي تبكي):
"جاد، كفاية، قلبها مش هيستحمل أكتر من كده. هي عارفة غلطها، ومش هتحلها بالهجوم ده."
كريم (ينظر إلى جاد بحدة):
"جاد، لو مش هتساعدنا، يبقى على الأقل ما تزودش علينا. إحنا محتاجين نعرف الخطوة الجاية، مش نضيع وقتنا في لوم."
جاد (يتنهد بغضب وهو يجلس على الكرسي):
"أنا هساعد... بس مش علشانها، علشان العيلة. بس اللي عملته ده مش هنساه، جيسي."
جيسي (تتمتم بصوت خافت):
"أنا آسفة... ما كنتش أقصد أوصل الأمور لكده."
جاد (ينظر إليها بغضب):
"آسفة مش كفاية يا جيسي... مش كفاية أبداً."
*******************
في مكان آخر ، في غرفة الفحص في المستشفى، يوسف يجلس على كرسي مكتبه بينما لمار تجلس أمامه على السرير، ترتدي ثوب المستشفى وعليها آثار الكدمات. تبدو خائفة ومنكسرة، تنظر إلى الأرض بصمت. يوسف يفتح ملفها وينظر إليها بوجه جاد، لكنه يملك لمحة تعاطف.
يوسف (بنبرة لطيفة لتهدئتها):
"لمار، ما تخافيش. إحنا هنا عشان نساعدك. ممكن تقوليلي إيه اللي حصل بالضبط؟"
لمار (تتردد قليلًا، ثم بصوت منخفض):
"ما... ما فيش حاجة. أنا... أنا وقعت، وأهلي كانوا... بس زعلانين."
يوسف (يرفع حاجبه بقلق):
"وقعت؟ الكدمات اللي عندك مش من وقعة عادية، وأنا شايف الخوف في عينيك. ما تخافيش، أنا هنا مش عشان ألومك، أنا عشان أساعدك."
لمار (تنظر إليه بحذر، ثم تنفجر بالبكاء):
"هما... هما اتهموني بحاجة ما عملتهاش. قالوا إني جبت العار للعيلة، بس أنا بريئة، والله بريئة!"
يوسف (يشعر بانقباض في صدره، ذكريات ما حدث مع سيليا تعود إليه، لكنه يحاول أن يبقى هادئًا):
"طيب، اشرحيلي اللي حصل. عشان أقدر أساعدك."
لمار (تتمتم بصوت مكسور):
"كنت راجعة من المدرسة... شافوني مع زميل في الفصل، كان بيشرحلي حاجة في الكتاب. حد شافنا وقال لأهلي إن في حاجة غلط. لما رجعت البيت... ضربوني، وقالوا إني خنت ثقتهم. حاولت أشرح، بس ما حدش صدقني."
يوسف (ينظر إليها بعطف شديد، ويتذكر وجه سيليا عندما كانت تعاني نفس الألم. يتمتم لنفسه دون وعي):
"سيليا..."
لمار (ترفع رأسها بخوف):
"مين؟"
يوسف (يهز رأسه محاولًا التركيز):
"ما فيش. أنا بس... آسف، افتكرت حاجة. المهم دلوقتي إنك هنا بأمان، ومش هسيب حد يضايقك تاني."
لمار (تنظر إليه برجاء):
"بس أهلي... ما هيصدقونيش مهما قلت. هما خلاص حكموا عليا."
يوسف (بصوت مليء بالحزن والغضب المكبوت):
"أحيانًا الناس بتحكم من غير ما يسمعوا الحقيقة، وده أكبر ظلم. أنا فاهم وجعك أكتر مما تتخيلي."
لمار (تبكي):
"أنا مش عارفة أعمل إيه. كل اللي عايزاه إنهم يصدقوني... بس مش هيحصل."
يوسف (يضع يده على كتفها بلطف):
"لمار، إنتِ قوية. أنا هساعدك. هنلاقي طريقة نثبت إنك بريئة، وهنتكلم مع أهلك لو احتاج الأمر. المهم دلوقتي تركزِ على إنك ترتاحي وتتعافي."
يوسف (في داخله، وهو يتذكر سيليا):
"نفس الظلم، نفس الألم... إزاي الناس ما بتتعلمش؟"
المشهد ينتهي ويوسف ينظر إلى لمار، وعيناه ممتلئتان بالعزم على إنقاذها مما تمر به، كما لو أنه يحاول تعويض ما حدث مع سيليا من خلال مساعدتها
*******************
يوسف يجلس بجانب لمار، يحاول تهدئتها بعد حديثها المؤلم. فجأة، يُفتح الباب بعنف، ويدخل خالد، شقيق لمار الأكبر، غاضبًا وعيناه تقدح شررًا.
خالد (يصرخ بغضب):
"إنتي هنا معاه؟! ما كفاكيش اللي عملتيه؟! يا عديمة الشرف!"
لمار (ترتجف وتبكي):
"خالد، والله ما عملت حاجة! أنا هنا بس عشان..."
خالد (يقاطعها بغضب ويتوجه نحوها):
"اسكتي! ما عنديش وقت أسمع كذبك! "
يوسف (ينهض بسرعة ويقف بينهما، بنبرة صارمة):
"خالد، اهدى. دي أختك، وهي هنا عشان تتعالج. ما فيش داعي للعنف."
خالد (ينظر إلى يوسف باحتقار):
"وإنت مين عشان تدافع عنها؟! شكلك متواطئ معاها في المصيبة دي!"
يوسف (يبقى هادئًا رغم استفزاز خالد):
"أنا دكتورها، وشغلي إني أساعدها، مش أسمح لأي حد يضايقها. لو عندك مشكلة، اتكلم بهدوء."
خالد (يحاول دفع يوسف جانبًا للوصول إلى لمار):
"إبعد عن طريقي! لازم أعلمها الأدب!"
يوسف (يمسك بذراعه بثبات):
"قلتلك اهدى، وإلا هتضطر تخرج من هنا لمقر البوليس ، ضرب أختك مش هو الحل."
خالد (يحاول التملص بغضب):
"إنت مش فاهم! هي جابت لنا العار، وأنا لازم أوقفها!"
يوسف (بنبرة حادة وهو ينظر إلى عيني خالد مباشرة):
"عار؟! العار الحقيقي هو إنك بتضرب أختك بدل ما تفهم الحقيقة. لمار مظلومة، وأنا شفت ده بعيني. لو كنت بتحبها بجد، المفروض تسمعها بدل ما تحكم عليها من غير دليل."
لمار (تبكي بحرقة):
"خالد، أقسم بالله أنا بريئة! ليه ما بتصدقنيش؟!"
خالد (يتوقف لحظة، ثم يشير إلى يوسف بعصبية):
"وإيه اللي يضمن إنك مش متفق معاها؟! مين يعرف إنت مين أصلاً؟"
يوسف (يحافظ على هدوئه):
"أنا يوسف. دكتور جراح، ومهمتي هنا إني أحمي مرضاي وأساعدهم. لمار مريضة ومحتاجة دعم، مش اتهامات وضرب. لو مش مصدقني، تعال شوف حالتها بنفسك، أو اطلب تقرير طبي."
خالد (يبدو مترددًا، لكن الغضب لا يزال يسيطر عليه):
"ما يهمنيش التقارير! سمعة العيلة فوق أي حاجة!"
يوسف (ينظر إليه بنظرة قوية):
"وأختك؟ سمعتها وكرامتها مش مهمة؟ ما فكرتش للحظة إنها ممكن تكون ضحية سوء فهم؟ زي ما كنتوا على وشك تدمروا حياة حد بسبب الشك."
خالد (يشعر بالارتباك للحظة، لكنه يحاول التظاهر بالقوة):
"أنا... أنا مش عارف أصدق مين."
يوسف (بتعاطف):
"صدق عقلك وقلبك، مش غضبك. اسمع أختك، وتأكد قبل ما تضيعها."
*********************
خالد ينظر إلى يوسف ولمار بعينين تقدحان شررًا، وكلماته تخرج بقسوة مصحوبة باتهامات جائرة. يوسف يراقب المشهد مصدومًا، بينما لمار تنظر إلى شقيقها برعب ودموعها تغرق وجهها.
خالد (بنبرة صارمة وجافة):
"مفيش حل تاني. لازم تتجوزها، حالًا! ده أقل حاجة تعملها عشان تصلح اللي حصل."
يوسف (مصدومًا، يحاول فهم كلامه):
"إيه؟! إنت بتتكلم جد؟ أنا عمري ما عملت حاجة غلط تجاه أختك. أنا دكتورها، وكل اللي حاولت أعمله هو مساعدتها!"
لمار (تشهق وتبكي بحرقة):
"خالد، لا! أرجوك ، يا خالد ، أنا بريئة، والله بريئة!"
خالد (يتجاهل توسلاتها وينظر إلى يوسف بحدة):
"ده الحل الوحيد، يا دكتور. تتجوزها، أو ما تلمسهاش تاني!"
يوسف (يحاول التماسك لكنه يشعر بالضيق):
"إنت سامع نفسك؟ بتجبر أختك على زواج من غير إرادتها عشان افتراضات غلط؟ ده ظلم كبير ليها !"
لمار (تتوسل إليه وهي تبكي):
"خالد، أنا أختك! ليه مش مصدقني؟ ليه بتعمل فيا كده؟!"
خالد (يزفر بغضب):
"عشان سمعتنا! سمعة العيلة أهم من أي حاجة، وأنا مش هسيب حد يشكك في شرفنا!"
يوسف (يرفع يديه محاولًا تهدئته):
"خالد، اسمعني. مش كده تتحل المشاكل. لمار محتاجة دعم مش إجبار. ولو كنت بتحبها بجد، المفروض تسمعها وتفهم الحقيقة بدل ما تظلمها أكتر."
خالد (يقاطع بغضب):
"ما فيش نقاش في الموضوع! تتجوزها وتخلص، وإلا..."
لمار (تصرخ في يأس):
"لا! أنا مش هقبل ده! أنا ما عملتش حاجة غلط! ليه بتعاملني كأني مجرمة؟"
يوسف (ينظر إلى لمار بحزن، ثم يتحدث بخفوت وهو ينظر إلى خالد):
" استاذ خالد، أنا مش هقدر أعمل حاجة زي دي. مش عشان سمعة أو ضغط. الزواج مسؤولية، ولازم يكون بموافقة الطرفين وبقلب صافي، مش عقاب أو إجبار."
خالد (يقترب من يوسف بغضب):
"يعني بتقول إنك مش هتتحمل مسؤولية غلطتك؟!"
يوسف (بحزم):
"ما فيش غلطة عشان أتحملها. ولو استمريت في طريقك ده، هتكون إنت اللي بتظلم لمار أكتر من أي حد تاني."
لمار (تقف وتواجه خالد بشجاعة):
"خالد، لو بتحبني فعلًا، هتصدقني. ما تضعيش حياتي بسبب ظنونك!"
خالد (يبدو مترددًا للحظة، لكن الغضب يسيطر عليه):
"ما فيش حاجة اسمها ظنون! القرار اتاخد."
يوسف (يأخذ نفسًا عميقًا، ينظر إلى خالد مباشرة):
"خالد، لو استمريت كده، هتخسر أختك. فكر كويس قبل ما تدمر حياتها."
المشهد ينتهي بخالد غاضبًا ويخرج من الغرفة بغضب، ولمار تنهار بالبكاء. يوسف يقف بجانبها، مرتبكًا وحزينًا مما حدث، لكنه يضع يده على كتفها في محاولة لتهدئتها
*******************
في قاعة محاضرات واسعة في الجامعة. ريان يقف أمام السبورة، مرتديًا بذلة رسمية، يشرح بكل ثقة. الطلاب يجلسون أمامه في صمت، ومن بينهم سيليا وصديقتها ياقوت، اللتان تجلسان في الصف الأمامي. سيليا تنظر إلى شقيقها بابتسامة فخر، بينما ياقوت تميل نحوها هامسة بشيء
ريان (بنبرة جادة وهو يشير إلى عرض تقديمي على الشاشة):
"الجزء ده مهم جدًا يا جماعة. لازم نفهم العلاقة بين السبب والنتيجة عشان نقدر نحلل البيانات بشكل دقيق. أسئلة لحد دلوقتي؟"
(يرفع أحد الطلاب يده، وبدأ ريان يشرح الإجابة باحترافية، بينما تهمس ياقوت لسيليا.)
ياقوت (بهمس وهي تبتسم):
"يا بنتي، أخوكي ده وسيم جدًا، إزاي بتتحملي كل البنات معجبين بيه كده؟!"
سيليا (بابتسامة خفيفة):
"عادي، اتعودت. بس مش معنى كده إنه هيتغاضى عن أي غلطة، شغله شغل."
ياقوت (تغمز):
"بس برضه، يبقى أحلى دكتور شوفته في حياتي."
ريان (يلتفت فجأة نحو سيليا وياقوت بعدما لاحظ همسهما):
"سيليا، ياقوت، لو الكلام أهم من المحاضرة، ممكن أكمل لوحدي؟"
سيليا (تحاول التماسك وهي تنظر إلى ريان بابتسامة اعتذار):
"آسفة، ما كناش بنعمل حاجة مهمة."
ياقوت (تتمتم بخجل):
"آسفين يا دكتور."
ريان (يعود للشرح، لكن بابتسامة صغيرة تظهر على وجهه):
"أتمنى إنكم تركزوا المرة الجاية، خصوصًا إن الامتحان هيكون شامل كل اللي بشرحه النهارده."
سيليا (تهمس لياقوت بعد أن عاد ريان للشرح):
"شفتِ؟ قلتلك إنه مش بيتساهل حتى لو أنا أخته."
ياقوت (بضحكة مكتومة):
"أوه، أنا مصدقة دلوقتي."
(ريان ينهي المحاضرة ويغلق العرض التقديمي.)
ريان (بصوت واضح):
"كده خلصنا. أي استفسارات إضافية؟ ممكن تبعتولي على الإيميل أو تقابلوني في المكتب."
(الطلاب يبدؤون بالخروج. سيليا وياقوت تتجهان نحو ريان.)
سيليا (وهي تبتسم بخبث):
"محاضرة رائعة يا أستاذ ريان، برافو عليك."
ريان (ينظر إليها بحاجب مرفوع):
"مش لازم تمدحي عشان أنا أخوكي. لو عندك نقد، قوله."
ياقوت (بمرح):
"لا والله، محاضرتك كانت تحفة. أنت فعلاً قدوة لكل الدكاترة."
ريان (يبتسم بخفة):
"كويس، بس ياقوت، ركزي في المحاضرة بدل الهمس المرة الجاية."
سيليا (تضحك):
"آه، شوفتي؟ قلتلك ماحدش بيعدي منه."
ريان (يشير إلى باب القاعة):
"يلا، روحوا على محاضرتكم الجاية، مش عايز أسمع إنكم متأخرين بسبب الوقوف هنا."
سيليا وياقوت (بصوت واحد):
"حاضر يا دكتور."
(يخرجان من القاعة، وريان يتابعهم بابتسامة صغيرة، ثم يعود لجمع أوراقه.)
********************
بعد عدة ساعات، سيليا رجعت للبيت عشان ولادها و ياقوت فضلت قاعة في المكتبة، في ممر الجامعة، ريان يسير بخطى ثابتة خارجًا من مكتبه بعد يوم طويل. يحمل حقيبته على كتفه ويبدو منشغلاً بهاتفه. فجأة، يخرج من زاوية المكتبة وتصطدم به ياقوت، التي تحمل مجموعة من الكتب. الكتب تسقط على الأرض، وتتراجع ياقوت للخلف مصدومة.
ريان (يتوقف فجأة، ينظر إلى ياقوت ويمد يده ليساعدها):
"مش شايفه قدامك؟! كنتِ ماشية بسرعة كأنك داخلة سباق."
ياقوت (وهي ترفع حاجبها بسخرية بينما تلتقط الكتب):
"وأنتَ اللي كنت ماشي مبحلق في موبايلك. يعني الغلط مش كله عليّ!"
ريان (يلتقط أحد الكتب من الأرض وينظر إليها):
"على فكرة، لو كنتي مركزة أكتر، ما كنتي هتخبطيني."
ياقوت (تأخذ الكتاب منه بسرعة وتضعه فوق بقية الكتب):
"آه طبعًا، الأستاذ ريان دايمًا على حق. ما ينفعش يكون غلطان أبدًا!"
ريان (بابتسامة خفيفة):
"كويس إنكِ عارفة. دي أول خطوة للاعتراف بالواقع."
ياقوت (تضيق عينيها وتميل رأسها):
"واقع إيه؟ إنك ماشي ملك الجامعة ومحدش يقدر يقولك حاجة؟"
ريان (يميل برأسه قليلًا):
"مش للدرجة دي، بس ما أحبش حد يعطلني."
ياقوت (تضحك بخفة):
"تعطلك؟ أنا اللي كنت بلم كتبي من الأرض بسببك!"
ريان (يشير إلى الكتب):
"على الأقل اتعلمتي درس، امسكي كتبك كويس المرة الجاية."
ياقوت (وهي تضع يديها على خصرها):
"وأنتَ اتعلم امشي وأنتَ شايف قدامك مش مبحلق في موبايلك!"
ريان (بابتسامة جانبية):
"صفحة جديدة؟ ولا هتفضلي تعاندي طول اليوم؟"
ياقوت (تتنهد بتعب وهي ترتب الكتب):
"خلاص، مش ناقصة مناقرات. شكرًا على "مساعدتك" يا دكتور."
ريان (بهدوء وهو ينظر إليها):
"العفو يا آنسة ياقوت. واهتمي بنفسك، الجامعة مش ماراثون."
ياقوت (بضحكة خفيفة):
"وأنتَ خلي بالك، ماحدش هيعوضك لو وقعت منك الهيبة."
ريان (يهز رأسه بابتسامة صغيرة):
"كويس إنكِ بتفكري في هيبتي. نشوفك في المحاضرة الجاية."
(ياقوت تبتسم وتغادر، بينما يتابعها ريان بنظرة مشوبة بمزيج من الإعجاب والإزعاج. ثم يهز رأسه ويكمل طريقه.)
*******************
في ، مكتب زين في مقر المخابرات. يجلس زين على كرسيه، ينظر إلى شاشة الحاسوب دون أن يركز. عينيه غارقتان في الحزن وملامحه شاردة. يدخل تميم، يحمل كوبين من القهوة. يضع أحدهما على المكتب أمام زين ويجلس على الكرسي المقابل.
تميم (بابتسامة هادئة):
"قلت أجيبلك قهوة قبل ما تغرق في أفكارك لدرجة تنسى الدنيا حواليك."
زين (يرفع عينيه ببطء وينظر إلى تميم):
"مش محتاج قهوة، محتاج حاجة تنسيني كل حاجة."
تميم (بصوت جاد):
"إنت مش النوع اللي يهرب يا زين. مالك؟ الشاردان كده ليه؟"
زين (يشيح بنظره بعيدًا):
"مجرد ذكريات... ذكريات أتمنى لو أقدر أحذفها."
تميم (يتكئ إلى الخلف وينظر إليه):
"ذكريات أبوك؟"
زين (بتنهيدة ثقيلة):
"أبويا كان كل حاجة بالنسبة لي. كان أحنّ أب وأقرب حد لي. يوم مات، حسيت إني فقدت نص حياتي."
تميم (بحزن):
"عارف يا زين... فقدان الأب صعب، خاصة لما يكون بالظروف اللي حصلت معاك."
زين (يتحدث بصوت منخفض، مليء بالغضب):
"ما قدرتش أسامحها... لحد النهارده مش قادر. هي السبب في موته. الخيانة قتلت أبوي قدام عيني."
تميم (يحاول تهدئته):
"وأنت كنت مجرد طفل يا زين. مكنتش مسؤول عن أي حاجة حصلت. مش لازم تفضل شايل كل ده جواك."
زين (بحدة):
"لكنها دمرتني. خلتني أكبر وأنا شايل حِمل كرهها، وشايل حِمل إن أبوي مش موجود. كل عيد ميلاد، كل إنجاز، ماكانش فيه حد أفرح معاه غيري."
تميم (بصوت حازم ولكنه لطيف):
"أنت مش لوحدك يا زين. إحنا هنا، وأنا هنا. حتى لو مش قادر تغير الماضي، تقدر تبني حياة جديدة."
زين (يضحك بسخرية):
"حياة جديدة؟ إزاي؟ طول عمري بعيش لوحدي، حتى لما أكون وسط الناس. الوحدة بقت جزء مني."
تميم (ينظر إليه بجدية):
"الوحدة اختيار، يا زين. ومش لازم تفضل تختارها. جرب تفتح قلبك لحد... جرب تعطي نفسك فرصة تكون سعيد."
زين (يهز رأسه):
"السعادة دي كلمة كبيرة، يا تميم. مش عارف حتى لو أعرف أعيشها لو جتني."
تميم (بابتسامة مشجعة):
"كل واحد يستحق فرصة تانية يا زين. وإنت مش أقل من أي حد. عشان نفسك، وعشان أبوك اللي كان بيحبك، حاول. يمكن تلاقي في يوم حد يعوضك عن كل اللي فات."
زين (بهدوء):
"يمكن... بس مش النهارده."
تميم (يرفع كوب القهوة):
"ماشي، بس أوعدني تسيب الباب مفتوح لفرصة جديدة. حتى لو البداية كانت مجرد قهوة مع زميل مزعج زيي."
زين (يبتسم لأول مرة بخفة):
"ماشي يا مزعج. شكراً، تميم."
تميم (يضحك):
"العفو، المهم القهوة عجبتك."
(الصمت يعود للحجرة، لكن يبدو أن كلمات تميم تركت أثرًا خفيفًا على زين. يظل الاثنان جالسين، يشربان القهوة بصمت مليء بالتفاهم.)
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
فصل 30
فبيت ، عيلة لمار. يوسف داخل مع خالد ولمار، وأبوهم (عماد) وأمهم (حكمت) قاعدين مستنيينهم. لمار باين عليها الخوف ودموعها على خدودها، ويوسف واقف بيحاول يمسك أعصابه. خالد داخل بخطوات متعصبة ومتجه ناحية أبوه
خالد (بغضب وهو بيشاور على لمار):
"بابا، شوفتها بعيني! كانت مع الدكتور ده في المستشفى، لوحدها! مين يعرف كانوا بيعملوا إيه؟"
عماد (بجدية وهو بيبص على لمار):
"صحيح الكلام ده يا لمار؟ كنتي لوحدك معاه؟"
لمار (بصوت بيرتعش):
"بابا، أنا كنت في المستشفى عشان خالد ضربني وجرحني... الدكتور يوسف كان بس بيحاول يعالجني!"
حكمت (بعصبية وهي بتقاطعها):
"ومين قال إنك تروحي لدكتور لوحدك؟ إحنا مربينك على الأدب والاحترام!"
يوسف (يرفع إيده وهو بيحاول يهدي النفوس):
"بكل احترام، لمار ماعملتش حاجة غلط. أنا دكتور وكانت حالتها محتاجة كشف ضروري. هي مظلومة وماتستحقش اللي بيحصل ده."
خالد (بيصرخ وهو بيشاور على يوسف):
"ولو بريء زي ما بتقول، ليه كنت معها لوحدكم؟ الحل الوحيد عشان نلم الفضيحة إنك تتجوزها!"
يوسف (بصدمة وصوت عالي):
"أتجوزها؟ أنا دكتور وكنت بأدي شغلي! علاقتي بيها مهنية تماماً، ومش من حق أي حد يفهم الأمور غلط."
عماد (بنبرة قاطعة):
"ولو مش ناوي تتجوزها، ليه كنت معها؟ إنت عارف عاداتنا وتقاليدنا. الناس مش هتسيبنا في حالنا."
لمار (بتتوسل وهي بتعيط):
"بابا، أرجوك! أنا ماعملتش حاجة. خالد هو اللي وداني المستشفى لأنه ضربني، ودلوقتي عايزين تظلموني أكتر؟"
حكمت (بتضرب على الترابيزة):
"مفيش كلام. لازم نحمي سمعة العيلة. يوسف، لو راجل وابن ناس، هتتجوزها وتخلص القصة."
يوسف (واقف بثبات وهو بيحاول يهدي نفسه):
"أنا فاهم خوفكم على سمعة العيلة، لكن اللي بيحصل هنا ظلم كبير. لمار بنت صغيرة، وإنتم بتضغطوا عليها بطريقة قاسية. لو بتحبوها بجد، لازم تسمعوا لها."
خالد (بغضب وهو بيرد):
"إحنا سمعناها، وهي غلطت! ده أقل حاجة تعملها عشان تصلح اللي حصل."
يوسف (بتحدي):
"أنا مش هرضى أشارك في الظلم ده. لمار ماعملتش حاجة غلط، وأنا مش هقف ساكت على اللي بيحصل."
عماد (واقف وبيبص ليوسف بحدة):
"يبقى إنت كده بتختار تسيب سمعتها تضيع؟"
يوسف (بيبص لعماد بعينين ثابتة):
"سمعتها مش هتضيع لأنها معاها الحق. لو فعلاً يهمكم مصلحتها، فكروا كويس قبل ما تدمروا حياتها بقرارات متسرعة."
لمار (بتنهار وبتعيط بصوت عالي):
"بابا، أرجوك... ماتضيعوش حياتي بسبب حاجة مافيش لها أساس. أنا بريئة!"
حكمت (بتبص لها بحدة):
"اسكتي! اللي حصل فضيحة ولازم نمحيها."
يوسف (بحزم):
"أنا مش هسمح إن حياتها تضيع عشان شكوك وأفكار غلط. لو عايزين الحق، لازم تهدوا وتفكروا بعقل."
(السكوت يسيطر على القوضة للحظات، لكن خالد وعماد لسه باين عليهم الغضب. لمار تقع على الأرض وهي بتعيط، ويوسف بيبصلها بحزن واضح، عاجز قدام عنفهم وتعصبهم.)
يوسف (بصوت هادي):
"لو العدالة هي اللي بتدوروا عليها، لازم تبدأوا بسماع صوت لمار وفهم الحقيقة."
(المشهد ينتهي على وش يوسف، اللي باين عليه الحزن والغضب في نفس الوقت، ولمار بتبكي بحرقة. حكمت وعماد بيتبادلوا نظرات متوترة، وخالد واقف وهو بيضرب بإيده على الترابيزة بعصبية.)
يوسف بيقف قدام عيلة لمار، وقراره واضح في عيونه. لمار قاعدة على الأرض بتعيط، وخالد واقف على جنب، بيبص ليوسف بشك، وأبوهم عماد واقف بيهز رأسه بالموافقة على قرار الزواج.
يوسف (بحزم):
"خلاص، أنا موافق أتجوز لمار. بس ده مش عشان اللي بتقولوه، ده عشان أحميها من اللي بيحصل هنا."
لمار (بتنهار أكتر وهي بتعيط):
"دكتور يوسف... أرجوك، ماتعملش كده. أنا ماعملتش حاجة، ليه حياتي بتتدمر كده؟"
يوسف (بيبصلها بعطف):
"أنا عارف إنك بريئة، ومش هسمح إن حد يظلمك أكتر. صدقيني، أنا مش هسيبك."
خالد (بيضحك بسخرية):
"كويس إنك فاهم الموضوع صح. أحسن حاجة تعملها إنك تلم الموضوع وتتجوزها."
يوسف (بيتجه ناحية الباب وهو بيطلع موبايله):
"هخلص الموضوع دلوقتي. هطلب من إخواتي ييجوا عشان نعمل كل حاجة رسمي."
عماد (بيهز رأسه):
"خد قرار حكيم. لمار مش هتخرج من هنا إلا وهي متجوزة."
يوسف (بيتصل بأخوه أحمد):
"أحمد، اسمعني كويس... أنا عندي مشكلة كبيرة دلوقتي، وعايزك إنت ومراد وسامر وريان تيجوا حالاً لعنوان بيت لمار. متنسوش تجيبوا بطايق الهواية معاكم."
أحمد (على التليفون، مستغرب):
"يوسف، إيه اللي حصل؟ ليه العجلة دي؟"
يوسف (بصوت جاد):
"هشرحلكوا لما تيجوا. ماتتأخروش."
يوسف يقفل المكالمة، وبيبص على عيلة لمار:
"هنعمل كل حاجة زي ما لازم. بس بعد كده، أنا مش هسمح لحد يعامل لمار بالشكل ده تاني."
بعد ساعة. إخوات يوسف (أحمد، مراد، سامر، وريان) وصلوا بيت لمار، وهم مستغربين وملامحهم متوترة. يوسف بياخدهم على جنب ويحكي لهم كل حاجة.
أحمد (مصدوم):
"إيه الكلام ده، يوسف؟ إنت هتتجوز بنت عشان تنقذها من عيلتها؟"
مراد (بيقاطع):
"إحنا معاك في أي قرار، بس ده قرار كبير جداً."
ريان (بيضحك بسخرية خفيفة):
"يعني إحنا جايين نعمل إيه؟ شهود على الجوازة؟"
يوسف (بحزم):
"أنا مش بطلب رأيكم، أنا عايز دعمكم. لو مش هساعدوها، مين هيساعدها؟"
سامر (بيهز رأسه):
"لو دي الطريقة الوحيدة لحمايتها، إحنا معاك يا يوسف."
يوسف (بيرجع لعيلة لمار، ومعاه إخواته):
"أنا جاهز. نخلص الموضوع ده دلوقتي."
في نفس البيت. المأذون موجود، ولمار واقفة بدموعها، مش قادرة تستوعب اللي بيحصل. يوسف واقف جمبها، بيحاول يطمنها بنظراته. خالد واقف على جنب بعصبيته المعتادة، وعماد وليلى باين عليهم الرضا.
المأذون (بهدوء):
"كل حاجة جاهزة. لو الكل موافق، نبدأ الإشهار."
لمار (بصوت مختنق، وهي بتبص ليوسف):
"أرجوك، مش عايزة ده يحصل..."
يوسف (بيبصلها بلطف):
"أنا هنا عشان أحميك. متقلقيش، أنا مش هسيبك تواجهينهم لوحدك."
المأذون يبدأ الإشهار، ويوسف ولمار يتم زواجهم تحت ضغط العيلة. لمار بتنهار بعد ما المأذون يخلص، وبتقع على الكرسي، ويوسف بيحاول يهدّيها، والإخوة واقفين مستغربين من حجم الموقف اللي حصل قدامهم.
أحمد (بهمس لمراد):
"ده أكتر يوم غريب في حياتنا."
مراد (بيرد عليه):
"بس واضح إن يوسف خد قراره، ومش هيرجع فيه."
المشهد ينتهي على يوسف وهو بيبص بعينين مليانة إصرار ناحية عيلة لمار، وكأنه بيقول لهم إنه خلاص، لمار بقت تحت حمايته، وأي ظلم بعد كده هيكون على حسابه هو
يوسف واقف جنب لمار اللي قاعدة منهارة ودموعها مش بتقف. إخوات يوسف، أحمد ومراد وسامر وريان، واقفين على جنب مستغربين من قسوة عيلة لمار. خالد وأبوهم عماد قاعدين بصين للموقف بنظرات جامدة. أحمد بياخد نفس عميق وبيقرر يتكلم.
أحمد (بهدوء لكن بصوت مليان حزم):
"إنتوا عارفين، لما كنتوا بتتكلموا دلوقتي، كل كلمة طلعت منكم فكرتني بذكريات صعبة... ذكريات إحنا كعيلة عشناها وندمنا عليها لحد النهاردة."
عماد (مستفهم):
"ذكريات إيه؟ إنت مالك ومالنا؟ احنا هنا عشان نصلح غلط البنت دي."
أحمد (بيهز رأسه):
"أصلحوا؟! أنتوا متأكدين إنكم عايزين تصلحوا؟ ولا أنتوا بتحكموا عليها عشان بس شكوكم؟ البنت بريئة، زي ما كانت أختنا سيليا بريئة."
خالد (بعصبية):
"إحنا مش محتاجين دروس، إحنا بنحمي شرف العيلة!"
أحمد (بصوت أعلى شوية):
"بنفس الطريقة اللي إحنا فكرنا إننا بنحمي بيها شرفنا لما ظلمنا أختنا الصغيرة؟ لما اتهمناها بالحاجات دي من غير دليل، وكنا السبب إنها تهرب مننا، وتختفي سنين طويلة؟"
يوسف (مقاطعة وهو بيبص على لمار):
"وكانت النتيجة إننا فقدناها... وافتكرنا إنها ماتت. كنا عايشين في ندم كل يوم، ومش قادرين ننسى اللي عملناه."
مراد (بهدوء وهو بيتذكر):
"وأختنا كانت بريئة، زي ما البنت دي بريئة. بس إحنا ما صدقناهاش... وده كان أكبر غلط في حياتنا."
عماد (بعناد):
"اللي حصل مع أختكم مش نفس الموضوع. إحنا عارفين لمار غلطت، والدليل إنها كانت مع الدكتور ده في المشفى!"
أحمد (بغضب واضح):
"الدليل؟ الدليل اللي في خيالكم؟ هو ده اللي هيحدد مصير حياة بنتكم؟ متخيلين حجم الغلط اللي بتعملوه؟ متخيلين الندم اللي هتحسوا بيه لما تكتشفوا إنها بريئة بعد فوات الأوان؟"
خالد (بعصبية):
"إحنا مش هنسمح لها تبقى وصمة عار على العيلة. البنت دي خلاص مش بنتنا."
لمار (بصوت مختنق وهي بتبكي):
"بابا، خالد... أنا ماعملتش حاجة. أقسم بالله إني بريئة."
عماد (بحزم):
"كفاية، لمار. من النهاردة، انتي ماعندكيش أهل."
يوسف (بصدمة):
"إنتوا بتتخلوا عنها؟ دي بنتكم!"
أحمد (بيهز رأسه بحسرة):
"وأنا فاكر إننا بس كنا العيلة الوحيدة اللي غلطت الغلطة دي. لكن واضح إن الظلم موجود في كل مكان. تفتكروا إنكم بتحموا العيلة؟ بالعكس، إنتوا بتدمروها."
عماد (وهو بيقوم واقف):
"كلامك مش هيفيد. إحنا أخدنا قرارنا."
المشهد ينتهي على لمار اللي قاعدة بتبكي، ويوسف واقف جنبها بيحاول يهديها، وأحمد بيبص لعيلة لمار بحسرة، وكأنه شايف نفسه وإخواته في الماضي لما ارتكبوا نفس الغلطة
داخل فيلا عائلة يوسف. والده فؤاد ووالدته نجلاء جالسين في الصالة الفاخرة بوجوه متوترة، منتظرين عودة أبنائهم. فجأة يُفتح الباب ويدخل أحمد، مراد، سامر، ريان، ويوسف بصحبة لمار، التي كانت آثار البكاء واضحة على وجهها. يوسف يمسك بيدها برفق. يقف الوالدان مندهشين ومتفاجئين بوجود فتاة غريبة معهم.
نجلاء (بقلق وهي تنظر للمار):
"يوسف! إيه اللي حصل؟ مين البنت دي؟ و... ليه شكلها كده؟"
فؤاد (بصوت هادي لكن واضح فيه التوتر):
"خير يا ولادي؟ إيه اللي جرى؟ ليه باين عليكم إنكم مرهقين كده؟"
يوسف (بياخد نفس عميق، وبعد تردد بسيط):
"ماما، بابا... دي لمار. مراتي."
نجلاء (بصدمة):
"مراتك؟! إنت اتجوزت إمتى؟ وإزاي؟ ومين البنت دي؟"
فؤاد (بصوت مليان دهشة):
"يوسف، إيه اللي بتقوله ده؟ إحنا منتظرينكم عشان نطمن عليكم، تدخل تقولنا فجأة إنك اتجوزت؟"
يوسف (بهدوء وحزم):
"اللي حصل كان أكبر من أي تخطيط أو تفكير، ولقيت نفسي قدام موقف لازم أتصرف فيه. لمار... بنت كانت مظلومة. أهلها قسو عليها، اتهموها في شرفها وهي بريئة. أنا شفت بنفسي إزاي أخوها وأبوها عاملينها."
نجلاء (بحزن وهي تبص على لمار):
"يا حبيبتي... ليه؟ إيه اللي خلاهم يعملوا كده فيكي؟"
لمار (بصوت متقطع وهي تبكي):
"هم ما صدقونيش... فكروا إني غلطت، رغم إني ما عملتش حاجة. حاولت أشرح... لكن ما حدش كان سامعني."
فؤاد (وهو بيتذكر فجأة):
"لمار... لما يوسف بيحكي دلوقتي، فكرتني بحاجة. نفس اللي عملته أنا من 6 سنين. نفس الظلم والقسوة اللي مارستهم على بنتي سيليا..."
نجلاء (بصوت مختنق):
"سيليا؟ إنت بتفكر في اللي حصل معاها؟"
فؤاد (بيهز رأسه بحزن):
"كنت فاكر إني بحمي عيلتي لما ظلمتها. كنت فاكر إن القسوة هي الحل، ولما فقدتها... فهمت إن اللي عملته كان أكبر غلط في حياتي. لمار... من النهاردة إنتي بنتنا، زيك زي سيليا."
يوسف (بإمتنان):
"بابا، أنا مقدر إنك بتفهمني. لمار محتاجة دعمنا دلوقتي، وأنا مش هسيبها تواجه ده لوحدها."
نجلاء (بتقرب من لمار وبتاخدها في حضنها):
"حبيبتي، إنتي في أمان هنا. إحنا عيلتك الجديدة، وإحنا هنا معاكي."
لمار (بدموع):
"شكراً... شكراً ليكم."
المشهد ينتهي على فؤاد ونجلاء اللي بقوا شايلين هم لمار كأنها بنتهم، بينما إخوات يوسف واقفين حاسين بالفخر في أخوهم اللي أنقذ لمار من القسوة والظلم
في الصالة الرئيسية في فيلا عائلة يوسف. الجميع جالس في أجواء مليئة بالمشاعر، لكن ريان يبدو قلقًا ويتحرك ذهابًا وإيابًا، وعيناه تتجهان نحو الدرج.
ريان (بتوتر):
"ماما... سيليا فين؟ ما شفتهاش من وقت ما رجعت."
نجلاء (بهدوء وهي تنظر له):
"فوق يا حبيبي، بتنام ولادها. زياد ومازن ولينا أكيد شاغلينها دلوقتي."
ريان (بنبرة عتاب):
"وإنتي ساكتة؟ طيب ما ناديتهاش؟ أكيد هتتفاجئ لما تعرف إن يوسف اتجوز."
فؤاد (بضحكة خفيفة):
"سيبها شوية يا ريان، سيليا أكيد هتنزل لما تخلص مع الأولاد."
يوسف (ناظر لريان):
"متقلقش، سيليا هتفرح لما تعرف الموضوع... على الأقل أكتر من أي حد تاني."
في هذه اللحظة يُسمع صوت خطوات من الدرج، وسيليا تظهر بملابس مريحة وابتسامة خفيفة، لكنها تبدو متعبة بعض الشيء.
سيليا (وهي تنظر للجميع):
"إيه يا جماعة، الكل متجمع كده؟ في إيه؟"
ريان (بابتسامة خبيثة):
"يوسف قرر يعمل لنا مفاجأة صغيرة، ومستني رأيك."
سيليا (تنظر بفضول):
"مفاجأة؟ يوسف، إنت عملت إيه تاني؟"
يوسف (واقف وبصوت هادئ):
"سيليا... عايزك تقابلي لمار، مراتي."
سيليا (بتفاجؤ وهي تتوقف مكانها):
"إيه؟ مراتك؟ يوسف، إنت اتجوزت؟!"
لمار (بتوتر وخجل، تنظر للأرض):
"مساء الخير... أنا آسفة لو فجأتك."
سيليا (تقترب منها بسرعة وتحتضنها برفق):
"يا حبيبتي، مش آسفة ولا حاجة. أهلاً بيكي في عيلتنا."
لمار (بدموع في عينيها):
"شكراً... شكراً قوي."
سيليا (تنظر ليوسف ثم لوالديها):
"طب حد يقول لي إيه اللي حصل؟ أنا مش فاهمة حاجة!"
يوسف (بهدوء):
"هقولك كل حاجة، لكن المهم إنك تعرفي إن لمار محتاجة دعمنا، زي ما إنتي كنتِ محتاجة دعمنا زمان."
سيليا (تنظر للمجتمعين وتفهم المقصد):
"إحنا هنا ليها... ومش هنسيبها أبداً. أهلاً بيكي في بيتك يا لمار."
المشهد ينتهي على لمار وهي تمسح دموعها بابتسامة صغيرة، محاطة بدفء عائلة يوسف، بينما سيليا تجلس بجانبها، تحاول تهدئتها وتخفيف حزنها
*******************
في فيلا كريم وثريا، جاد في حالة غضب عارم داخل غرفة الجلوس، كريم يجلس بصمت متوتر، بينما ثريا تحاول تهدئة الأمور، وجيسي واقفة في زاوية الغرفة، تتجنب النظر في أعينهم.
جاد (بغضب شديد وهو يضرب الطاولة):
"إيه اللي وصلنا لكده؟ إزاي يا جيسي؟ إزاي؟! ده اسم العيلة، شرفنا، إنتي فاهمة إنتي عملت إيه؟!"
جيسي (بنبرة تحدٍ وبعصبية):
"وإنت ليه عامل كده؟ يعني إيه، أنا الوَحشة في القصة؟! إنت مش ملاك يا جاد، الكل عارف إنت عملت إيه مع سيليا!"
جاد (يقترب منها بغضب):
"ما تجيبيش سيرة سيليا على لسانك! فاهمة؟ دي حاجة ودي حاجة تانية خالص!"
ثريا (تحاول التدخل):
"جاد، اهدى شوية. إحنا محتاجين نفكر بعقلانية دلوقتي. الغلط حصل، ومش هنعرف نرجّع اللي فات."
جاد (يلتفت لوالدته بصوت مرتفع):
"بسبب إهمالكم! كنتوا فين لما البنت دي كانت بتعمل المصايب دي؟!"
جيسي (تصرخ وهي تبكي):
"كفاية بقى! طول عمري مظلومة في البيت ده! الكل شايفني أقل منكم، حتى سيليا اللي كنتوا بتعملوها كأنها ملاك، وأنا الشيطانة!"
جاد (بنبرة حادة):
"سيليا؟! سيليا اتضح ليا دلوقتي أنها كانت أشرف منك بمليون مرة! ولو كنتِ نصها، ما كناش وصلنا للي إحنا فيه!"
جيسي (تصرخ بغضب):
"آه، شوفوا الغلط عندي بس! سيليا اللي هربت، اللي فضحتكم، دلوقتي هي الملاك؟ أنا بس الشيطانة في القصة؟!"
كريم (ينهض بصوت غاضب ولكنه متزن):
"كفاية يا جيسي! إنتي غلطانة، ولازم تتحملي نتيجة غلطك! ما تجيبيش اسم حد تاني هنا عشان تبرري اللي عملتيه."
جيسي (بتحدي):
"خلاص، شيلوا اللوم كله عليّ! أنا اللي كسرت الدنيا، أنا اللي شوهت اسم العيلة، صح؟! طب فكرتوا في اللي كان بيحصل لي؟ ولا كلكم عايشين في أوهامكم؟!"
جاد (بنبرة صارمة):
"إنتي هتتحاسبي، واللي اسمه علي ده هيتحاسب هو كمان. لكن متفكريش إنك هتهربي من اللي عملتيه. أنا مش هسامحك، زي ما عمري ما سامحت سيليا."
ثريا (بحزن):
"جاد، كفاية. اللي حصل حصل، وإحنا لازم نشوف إزاي نتصرف مع الموضوع."
جاد (ينظر لوالدته بغضب):
"مافيش تصرف! البنت دي دمرت كل حاجة! وأنا مش هفضل ساكت."
المشهد ينتهي على جاد وهو يخرج من الغرفة غاضبًا، وجيسي تنظر لهم بعينين ممتلئتين بالدموع والغضب، بينما كريم وثريا يبدوان عاجزين عن التعامل مع الموقف
********************
في مقر المخابرات ، كان قد ورد زين اتصال أن والدته في المشفى ، نهض و ذهب على مضض، زين يدخل الغرفة بخطوات ثقيلة، ملامحه تعكس غضبًا مكتومًا وترددًا. هناء، والدته، مستلقية على السرير تبدو شاحبة وضعيفة، تنظر إليه بعيون مليئة بالندم.
زين (بنبرة باردة):
"إيه اللي حصل المرة دي؟ كنتِ فين وبتعملي إيه عشان ينتهي بيكي الحال هنا؟"
هناء (بصوت ضعيف):
"زين... أنا مش هبرر اللي حصل. أنا غلطت... غلطت كتير، بس... بس كنت أستنى تشوفني مرة واحدة من غير كره في عينك."
زين (بحدة):
"كره؟ إنتي عارفة إن الكره أقل كلمة توصف اللي جوايا من ناحيتك؟ إنتي السبب في موت أبويا، فاهمة؟ كل حاجة انهارت بسببتك!"
هناء (تتنهد بحزن):
"عارفة، وعارفة كمان إني مستاهلش أسامح نفسي. بس كنت صغيرة، كنت غبية، وأبوك كان... كان بيحبني أكتر ما كنت أستحق. لما فقدته، فقدت كل حاجة، حتى نفسي."
زين (يقاطعها بغضب):
"فقدتي نفسك؟ فقدتي نفسك على حسابنا؟ أنا اللي كنت طفل عنده 10 سنين وشاف كل حاجة، أنا اللي شلت الصدمة طول حياتي! إنتي السبب في كل حاجة غلط حصلتلي!"
هناء (تبدأ بالبكاء):
"عارفة يا زين، عارفة. وكل يوم عايشة مع الندم ده. كل ليلة بتعذب من الذكرى. أنا مش طالبة منك تسامحني عشان أنا أستحق، بس... عشان نفسك."
زين (بصوت مرتفع):
"نفسي؟ نفسي إيه اللي بتتكلمي عليها؟ أنا عشت لوحدي، كبرت لوحدي، وكنت كويس من غيرك!"
هناء (بصوت ينكسر):
"يمكن عشان كده لازم تسامح. مش عشاني، عشان تخلص من اللي شايله في قلبك. أنا هعيش وأموت بالذنب ده، بس إنت لسه عندك فرصة تعيش حياتك من غير الكره ده."
زين ينظر إليها بغضب وحيرة. تملأه الكلمات لكنه لا يستطيع التفوه بها. يستدير بحدة ليغادر الغرفة.
هناء (بصوت مرتجف):
"زين... لو مش عشان تسامحني، خليها عشان أبوك. هو ما كانش هيبقى مبسوط يشوفنا كده."
زين يتوقف للحظة، يأخذ نفسًا عميقًا، لكنه لا يلتفت. يخرج من الغرفة دون أن يقول كلمة، تاركًا هناء تبكي بصمت
***********************
في صباح اليوم التالي، غرفة سيليا ولمار في الفيلا.
أشعة الشمس الدافئة تتسلل من بين ستائر الغرفة. لمار مستلقية على السرير بجانب سيليا، وعلامات التعب ما زالت ظاهرة على ملامحها فهي لم تنم طوال الليل ، فجأة، يُفتح الباب برفق، ويدخل زياد ومازن يتبعهم لينا التي تحبو بخطى صغيرة.
زياد (يهمس لمازن):
"مازن، مين البنت اللي نايمة جنب ماما؟"
مازن (يبتسم):
"يمكن تكون صاحبتها!"
يتقدم زياد بحذر نحو السرير، ينظر إلى لمار بفضول. لينا تصدر أصواتًا طفولية وتقترب لتحاول لمس شعر لمار.
زياد (بصوت عالٍ):
"هيه! إنتي مين؟"
لمار تستيقظ ببطء، تفتح عينيها لتجد ثلاثة وجوه صغيرة تنظر إليها. تبتسم رغم شعورها بالإرهاق.
لمار (بنعومة):
"أنا... اسمي لمار. إنتوا مين بقى؟"
زياد (بفخر):
"أنا زياد، وأنا الكبير. وده مازن، وهو شقي شوية. ولينا الصغيرة، بتحب تلعب كتير."
لينا تمد يدها لتلمس يد لمار، وتضحك.
لمار (تضحك بلطف):
"يا جمالها! إنتوا عيلة لطيفة قوي."
مازن (يتسلق السرير بحماس):
"تعالي نلعب معانا، إنتي بتحبي تلعبي إيه؟"
لمار (تجلس على السرير):
"أنا بحب ألعب مع العصافير والبالونات. بتحبوا تلعبوا كده؟"
زياد (بذكاء):
"في الجنينة عندنا عصافير كتير. تيجي نشوفهم؟"
مازن (يصيح):
"يلا!"
سيليا تستيقظ على أصوات ضحكاتهم، تفتح عينيها وترى لمار محاطة بأطفالها، والضحكة لا تفارق وجوههم.
سيليا (تبتسم):
"صباح الخير، شايفين صحيتوا لمار قبلي!"
لمار (تلتفت لسيليا):
"أطفالك دول... أحلى حاجة شفتها في حياتي."
لينا تتسلق حضن لمار وتحتضنها.
زياد (بحماس):
"ماما، طنط لمار هتيجي تلعب معانا في الجنينة!"
سيليا (تضحك):
"خدوا بالكم منها بقى. خليها ترتاح شوية الأول."
يضحك الأطفال ويأخذون لمار من يدها بلطف، يقودونها نحو الباب بينما سيليا تراقب المشهد بابتسامة مليئة بالحب والاطمئنان
*******************
بعد فترة قصيرة في غرفة الطعام في الفيلا، الجميع يجلس حول طاولة الإفطار الفخمة.
فؤاد يجلس في رأس الطاولة، وبجانبه نجلاء. الأولاد جميعًا يتوزعون على الجوانب، ولمار تجلس بجانب يوسف وهي خجولة للغاية، رأسها منخفض وعيناها تتجنبان الجميع. سيليا تراقب لمار بصمت، تتذكر ماضيها حين كانت في عمرها.
نجلاء (بلطف وابتسامة):
"يا حبيبتي، متخافيش. إحنا كلنا عيلة واحدة دلوقتي. قوليلي يا لمار، إنتي عندك كام سنة؟"
لمار ترفع رأسها قليلاً، تنظر بخجل شديد ثم تجيب بصوت منخفض:
لمار:
"أنا... أنا عندي 16 سنة."
الجميع ينظرون إليها بدهشة. سيليا تحدق فيها، وكأنها ترى انعكاسًا لذاتها قبل سنوات. يغمض عينيها للحظة لتسترجع الذكريات المؤلمة.
ريان (متعجب):
"16 سنة بس؟ يوسف، إنت كنت بتفكر في إيه لما اتجوزتها؟"
يوسف (بحزم):
"كنت بفكر أنقذها، زي ما أي حد في مكاني كان لازم يعمل. لمار محتاجة أمان وحماية."
نجلاء (بلطف وهي تمسك يد لمار):
"يا حبيبتي، إحنا هنا كلنا معاكي. دي عيلتك الجديدة، ومافيش حد هيضايقك تاني."
لمار (بدموع في عينيها):
"شكراً... شكراً قوي. أنا مكنتش أعرف إن في ناس طيبين زيكم."
سيليا تأخذ نفسًا عميقًا، ثم تنظر لنجلاء وتتحدث بصوت هادئ:
سيليا:
"عارفة يا ماما، لمار كانت في نفس سني لما حصل اللي حصل معايا. لما شكيتوا فيا... بس أنا سامحتكم عشانكم أهلي. ولمار دلوقتي محتاجة نفس الدعم اللي أنا كنت محتاجاه زمان."
نجلاء تنظر لسيليا بحزن وحب، تمسك يدها ويد لمار معًا.
نجلاء:
"سيليا، إحنا عمرنا ما هننسى غلطتنا معاكي. وعلشان كده، لمار مش هتحس بالوحدة أبدًا. إحنا كلنا هنا ليها."
أحمد يتنحنح ليخفف التوتر ويغير الموضوع، بينما الأطفال زياد ومازن يبدؤون بإطلاق ضحكات بريئة، مما يخفف الجو.
أحمد (ممازحًا):
"طيب يلا نرجع للفطار بقى قبل ما الأطفال يخلصوا كل الأكل!"
الجميع يضحك، ولمار تبتسم بخجل لأول مرة، وتشعر بشيء من الأمان بين هذه العائلة الجديدة و كأنها تعرفهم منذ زمن
********************
في بيت عائلة لمار، غرفة المعيشة الكبيرة، الجو مشحون بالتوتر. عماد يجلس في زاوية الغرفة، وهو ينظر بجدية إلى حكمت وخالد. خالد واقف بالقرب من النافذة ينظر إلى الخارج بقلق، بينما حكمت تجلس على الأريكة، وعيناها مليئتان بالقلق.
عماد (بغضب):
"أخيرًا تخلصنا منها. كانت العبء الأكبر علينا. مش فاهم ليه ضيعنا وقتنا في تربيتها."
خالد يلتفت إلى والده، وتظهر على وجهه علامات توتر.
خالد (بحذر):
"أنا عارف إنكم تعبتم معاه، لكن كان ممكن نتعامل مع الموضوع بطريقة أفضل. ممكن يكون فيه حل تاني."
عماد (بغضب شديد):
"لا! الحل الوحيد هو إننا نخلص منها. هي مش بنتنا ولا لها مكان هنا. ودي نقدر نقول على الأقل إننا عملنا الصح."
حكمت، التي كانت صامتة طوال الوقت، تنظر إلى الأرض وتهمس بصوت منخفض.
حكمت (بندم):
"مش عارفة إذا كان ده الصح... كانت بريئة، ومفيش ذنب عليها."
عماد (بقسوة):
"أنتِ لسه مش فاهمة؟ هي مش بنتنا! كانت هدمت كل حاجة. يعني لو الناس اكتشفوا الحقيقة، ده كان ممكن يدمرنا كلنا."
خالد (بصوت عالٍ):
"وماذا عن الحقيقة؟ إيه اللي ممكن يحصل لو عرفوا؟"
عماد ينهض من مكانه فجأة، ويتقدم نحو خالد.
عماد (بغضب):
"الحقيقة؟ الحقيقة إننا لازم نعيش مع ما فعلناه. لو عرفوا الحقيقة، خلاص كانت كل حياتنا هتنهار. لازم نبعدها عننا قبل ما يعرفوا."
حكمت (بدموع في عينيها):
"لكنها كانت زي ابنتنا... قلبنا بيقصر علينا، مش قادرين نشوفها بتتعذب كده."
خالد يحاول التخفيف عن والدته، لكنه يشعر بحيرة داخلية.
خالد (بتردد):
"أعتقد في حاجة غلط، بس... مش قادر أواجه الواقع ده. مش قادر أصدق إننا وصلنا للمرحلة دي."
عماد (بصوت حازم):
"خلاص، ما فيش حاجة نقدر نعملها دلوقتي. خلينا نخلص من الماضي ونكمل حياتنا بعيد عن المشاكل دي."
يبتعد خالد عنهم، مشاعر الحيرة والانقسام تملأ قلبه.
خالد (مهمسًا لنفسه):
"لكن إزاي هنقدر نعيش من غير ما ندفع الثمن؟.