
رواية لا تخافي عزيزتي
الفصل الخامس عشر 15
بقلم مريم الشهاوي
صلوا على الحبيب
أخي سرق حبيبتي
-وحشتني يا بابا... عمر فين؟
خرج عمر من غرفته وهو يغلق قفل ساعته وحين لمح علي وقف صامتًا مندهش من قدومه !
هتف بصوت متوتر:
"علي ! "
ركض علي نحوه وهو يحتضنه باشتياق :
"متخيلتش إني هضعف بسرعة كده.. بس بجد مش عارف أكون زعلان منك ونتخاصم يومين بحالهم مقدرتش خوفت حد فينا يجراله حاجة وإحنا ياما بنزعل وبنتصالح في ساعتها بس المرة دي طولت شوية وده اللي خوفني... إحنا اخوات يا عمر والاخوات مش بيزعلوا من بعض أبدًا.. مش ده كلامك؟"
بلع ريقه بتوتر وربت على ظهره بترحاب :
"أيوة كلامي.. والاخوات مش بيزعلوا من بعض مهما كان لاننا ملناش غير بعض... اتبسط في الرحلة؟ "
ابتعد عنه وهو مبتسم قائلًا:
"سبتهم وجيت أصلا الجو ساقع أوي هناك إسكندرية دلوقتي شوية وتنزل تلج لا ياعم نبقى نروحها أنا وأنت على الخريف كده يكون الجو اتظبط ...فين ماما؟... ماماااا."
وقفت أمام باب غرفتها لا تصدق أنها تسمع صوت ابنها... ماذا سيفعل إن علم أن أخيه سيتزوج من الفتاة التي يحبها؟؟... ما فعلته لم يكن الصواب أبدا... كان يجب أن ترفض تلك الفتاة... الآن ستكون سبب في تفرقة الأخوين وبناء الكراهية بينهم
سمعت طرق الباب ففتحته ورحّب بها علي بإشتياق.
-حمد لله على سلامتك يا علي
نظر إليها وعينه أصدرت لمعة غير طبيعية من رؤيتها:
"يارا !... مكنتش أتخيل إني هلاقيكِ... عاملة إيه ؟"
ابتسمت يارا بود:
"الحمد لله."
تساءل علي بمرح:
"أومال فين المزغودة الصغيرة؟"
دعاء:
"هتلاقيها نايمة جوا... مبتصحاش إلا علضهر الكسولة."
دخل علي بمشاكسة إلى غرفتها ليفيقها بطريقته الخاصة بينما نظر عمر لوالداه بتوتر ورمقته دعاء بنظرة تقول بها أليس هذا ما أردته؟
عدلي:
"متقلقش... هتعدي على خير بإذن الله."
وقفت يارا تنظر لعمر بتساؤل فسمعوا الجميع صراخ علا وهي تخرج من الغرفة غاضبة :
"يا ماماااا... علي صحاني بتلجة في ضهري في عز التلج."
وعلي واقفًا ورائها يلوي شفتاه ويكرر حديثها مثل الطفل الصغير.
قالت يارا:
"حرام عليك يا علي.. ده الجو تلج دنا إمبارح كل شوية تشد مني البطانية وتلف نفسها زي السندوتش."
ضحكوا الجميع وتحدث يارا بفرحة:
"مبسوطة إنك جيت ،كنت هبقى زعلانة أوي لو كنا عملنا الخطوبة بكرة أنا وعمر منغيرك."
اتسعت عينا علي بصدمة والجميع حوله متوتر وقال:
"خطوبة مين ؟!"
أجابته بهدوء وهي مازالت لم تفهم لماذا عمر متوترًا هكذا :
"خطوبتي... أنا وعمر... هو مقالكش؟ إمبارح كنا بنجيب الدهب."
-نعم!!
صاح بها علي وهو ينظر لأخيه ورن هاتف يارا كان مصطفى أخيها فردت:
"أيوة يا مصطفى أنت تحت؟؟ أنا نازلة أهو...سلام."
نظرت للجميع بريبة وودعتهم وخرجت من المنزل وبمثابة خروجها صاح علي بتهكم وغضب يحاول كتمانه :
"أنت بتسرقها مني؟.... هو عشان رفضت فدي الطريقة الوحيدة اللي متخلينيش أتجوزها... أنت بتتحداني يا عمر؟؟... لو اتجننت قول متتكسفش؟"
تحدث عدلي بصرامة:
"اتكلم عدل مع أخوك الكبير."
صرخ علي بقوة:
"أنت مش شايفه يا بابا؟؟؟.... هو أنا مش جيتلك وقولتلك إني عاوز أتجوزها؟... ما تردوا؟؟ أنا مش اتخانقت معاكِ يا ماما وأنتِ كنتِ رافضة لكن وافقتي لعمر وأنا لا !"
كان عمر ينظر للأسفل يفكر في الإجابة فهتفت علا قائلة:
"يا علي... عمر بيحب يارا من زمان من قبلك...ومكانش عارف ياخد الخطوة بس لما عرف إنها هتتاخد منه وإنك عاوز تتجوزها قرر إنه ياخد الخطوة هو مسرقهاش... لو هنتكلم في السرقة فهي كانت حبيبته الأول وأنت اللي سرقتها."
ضحك علي بسخرية:
"الله الله.... حتى أنتِ يا علا في صفه !... يعني أنتِ بتقولي إني أنا اللي سرقتها منه !!... طب ولما هي حبيبته من الأول مقالش ليه؟..... لو هي حبيبته من الأول كان هيتجوز مودة ليه ها؟.... لو هي حبيبته من الأول كان بيدورلها على عرسان ليه وييجي يقولنا إنها مش بتوافق وإنها هتعذبه عشان تتجوز وإن مفيش حد عاجبها... ها؟ ما تردي؟ "
أجابه عمر:
"علي.. الموافقة المهمة بتيجي من يارا... ويارا وافقت تتجوزني أنا."
صرخ علي به بغضب :
"هي أصلا عرفت إني طالب إيديها ولا أنت اللي جريت تطلب إيدها وتخطبها.... لا ثواني.... ده أنت كنت كمااان هتكون خاطبها عبال ما ييجي ميعاد وصولي....إيه يلا ال***** دي؟"
هجم عليه يضربه أحر ضربًا وهو مثل البركان يغلو بداخله من شدة الغضب والجميع كانوا يبعدونه عن عمر ولكن لقنه ضربًا وكان عمر لا يضربه بل يتفادى الضربات والجميع يحاولوا ابعادهم عن بعض.
وبعد محاولات كثيرة استطاعوا ان يبعدوا علي عنه وأمسك عدلي بعلي الذي كان مثل الذئب الذي يرى فريسته أمامه ويريد أن يلتهمها بجشع
نثر لعابه من فمه إلى وجه عمر باستحقار:
"أنت أخ **** يا أناني يا قذر."
صرخ عدلي:
"اخرس بقى... كفاية ألفاظ بشعة أنا وأمك واقفين مش تحترم وجودنا؟"
ضحك بوجع:
"أمي؟.... أمي اللي رفضت وراسها وألف سيف مش موافقة على يارا... ودلوقتي أسمع إنها وافقت و إن عمر هيتجوزها وخطوبتهم كانت بكرة !!!... أنتِ عمرك ما فرقتي بينا يا أمي ليه عملتي كده؟؟... أنا هونت عليكم كده إزاي أنتو اتبنيتوني وأنا معرفش !"
اقتربت منه والدته بدموع وهي تضع يدها على وجهه بحنان:
"يا حبيبي مش بفرق.... حقك عليا.... هتلاقي أحسن منها... بس أنت اهدا... هي بتاعت أخوك وهو بيحبها قبلك... اهدى يا علي متنساش إنكم من بطن واحدة واوعى تقسوا على بعض عشان واحدة دخلت بينكم."
صحح لها:
"مش حوار بنت دخلت بينا... إبنك اللي ناقص ومبيحبش إلا نفسه وهو اللي بدأ يا ماما... يبقى يشرب بقى."
تركهم وخرج من المنزل دموعه تنزرف من عينية بقهر مما فعله أخيه به
وردد بألم:
"قال أنا اللي جاي أصالحه عشان مش هاين عليا نقعد يومين متخاصمين وهو قام مستغل الفرصة ال****."
سمع رنين هاتفه فأجاب:
"أيوة يا أحمد... أنا جايلك... مفيش يا عم أخويا... أخويا إيه بقى؟؟... هجيلك أحكيلك مينفعش في التلفون."
وقفت دعاء ترمق عمر إبنها بنظرات مريبة واقتربت منهم وهو مازال جالسًا على الأريكة ووجهه ينزف دمًا من ضربات علي فصاحت دعاء بغضب:
"مفيش خطوبة خلاص."
نظر عمر إليها بإرهاق:
"أمي أنا مش هرجع في كلمتي...الناس دخلنا بيتهم وطلبنا إيد بنتهم ."
قالت دعاء وهي تتجه لغرفتها قائلة قبل أن تغلق الباب بعنف:
"وأنا قولت مفيش خطوبة ولو عملتها يا عمر تنسى إن ليك أم من أصله ولا أعرفك ولا تعرفني ومش هبقى راضية عنك ليوم الدين أنا قولت اللي عندي"
فنظر له عدلي :
"سيبها شوية يا عمر وأجّل الخطوبة حبة لحد ما الأمور تهدأ."
سند عمر رأسه للوراء على الأريكة وعقله مشوشا بالكاد يحاول التنفس ولكن لا هواء يشعر بالاختناق وجد أخته علا آتية بمنشفة بها ماء وتمسح قطرات الدماء من على وجهه بحنان وكان الخوف يملأ عينيها فابتسم لها عمر ليطمئنها وبعد أن انتهت رفع سماعة هاتفه ليكلم يارا.
-يارا معلش هنأجل الخطوبة شوية.
-مفيش مشكلة بس فهمني إيه اللي حصل أخوك ماله ووشه اتقلب لما سمع بخطوبتنا كده ليه؟
تنفس ببطء قبل أن يجيب:
"مفيش حاجة حصلت هو بس علي مكنتش قايله ولا جايبله سيرة فزعل عشان كده...بلغي طنط رحاب وقوليلها أنا هحاول آخد أقرب معاد تاني مع عمو شريف ...يلا سلام."
_____________________________________
ركب سيارة أبيه وهو يحاول فتح الأمر معه.
-بابا منفسكش تفرح بيا ؟
ضحك عبد الله قائلًا :
"أنا ياما فرحت بيك أنت طول عمرك مفرحني يا زونة."
ابتسم:
"الله يخليك يا غالي ... بس أنا قصدي الفرحة التانية دي بتاعت الزغاريط والقاعة."
اتسعت عينا عبد الله بفرحة:
"هتتجوز؟ لا بجد هتتجوز ولا بتلعب بأعصابي ؟"
ضحك يزن مجيبا:
"لا متخافش يابوي المرة دي جد الجد... أنا عاوز أتجوز وعرفت بنت حلال يعني من قريب وحابب إني آخد الخطوة وأتقدملها."
-يا قلب أمِك
-إيه يا بابا أنا مش مهاجر دنا هتجوز عادي متخافش يا حبيبي عارف إن صعب عليكم إني أبعد عنكم و....
قاطعه عبد الله:
"لا لا أنت فهمت إيه؟؟... دنا بقول كده عليها... هي اللي صعبانة عليا... كنت دايما أحصّن نفسي أنا وأمك من الدعاوي اللي مراتك هتدعيها علينا في يوم من الأيام."
صمت قليلا ليستوعب ما قاله فصرخ عبد الله في ضحك هستيري وعض يزن شفتاه بغيظ
قال عبد الله ضاحكًا:
:ومين تعيسة الحظ؟"
زفر يزن وهو يرمقه :
"ماشي يا حجوج مقبولة منك... أسيل."
تساءل عبد الله يشك:
"أسيل بنت البشمهندس شريف صديقي؟"
-أيوًا
-حرام عليك يابني... مش لاقي غير بنت صاحبي اللي ترتبط بيها... بنات الأرض خلصوا؟
تذكرها وتذكر كل تفاصيل وجهها و...تذكر عينيها فظهرت ابتسامة بلهاء على وجهه:
"الصراحة أه... بنات الأرض خلصوا عليها... مشوفتش غيرها بس وسط كل بنات الأرض عيني لمحتها وقولت هي دي."
-على فكرة أنا عارف إنك هتفاتحني بالموضوع ده قريب بس متخيلتش إنه النهاردة عشان أكون صريح معاك... لكن كنت عارف إنك هتجيلي في يوم تقولي بابا أنا عاوز أتجوز أسيل."
ضم يزن حاجبيه باستفهام:
"ليه يعني؟ اشمعنَ أسيل... ما ممكن كانت تكون واحدة تانية غيرها.. إيه الثقة دي !"
-أصل أنت ابني يا يزن.. وأنا حافظك كويس... أنت لو شوفت نفسك كنت بتبصلها إزاي إمبارح و المشكلة إنك مكنتش بتبص عادي نظرات طبيعية... لا أنت كنت بتّنح... عارف الهستان على روحه... أهو ده كان أنت بالظبط."
ضحك يزن بحرج مما قاله أبيه عنه:
"إيه اللي بتقوله ده بس !... متهيألك أنا مكنتش متنّح ولا حاجة."
ضحك عبد الله قائلًا:
"طب والله كان نفسي أصورك كنت عامل إزاي... أنا بشوفك بتتعامل مع البنات إزاي وكمية الجفاء واللا مبالاة اللي بتبقى فيك... لكن إمبارح أنا كنت شايف روميو قدامي مش يزن ابني عيونك كانت بتطلع قلووب."
-طب ركز في السواقة الله يخليك.. بدل ما تتقلب بينا العربية.. قال عيوني بتطلع قلوب... مش منطقي اللي بتقوله ده !
-أنت بتحبها؟
فاجأه بسؤاله الذي لم يرتب إليه مسبقًا ونفى بسرعة وهو يبعد نظراته إلى نافذة السيارة هاربًا من أن يكشفه والده من عينيه :
"الصراحة مش عارف يا بابا...بس أنا شايفها مناسبة..و..عاجباني..وفترة الخطوبة هتعرف عليها أكتر أكيد."
-امممم... بس إختيارك كويس البنت جميلة الشهادة لله روحها وشكلها يا زين ما اختارت... سلالة العيلة هتحلو على إيدك.
_____________________________________
هتفت رحاب بصوت صارم:
"المنوم ده بيعمل إيه هنا يا سعدية؟؟!"
-والله يا هانم أنا بقالي فترة مبنامش كويس فكنت جايباه.
-وأنا مش مصدقاكِ... ولو متكلمتيش المنوم ده بيعمل إيه هيبقى آخر يوم ليكِ.
كانت سعدية تبكي بقهر قائلة:
"لا يا هانم والنبي ما تطرديني أنا مليش غير الشغلانة دي وهي اللي مكفية بيتي... بالله عليكِ... طب أوعدك مش هجيبه تاني... بس هو والله بتاعي... بتاعي أنا أنا اللي باخده لاني تعبانة ومش بنام كويس."
صرخت رحاب بها:
"مشوفوش في بيتي تاني مفهوم... وروحي اتعالجي لكن الزفت ده متاخديهوش ولا ألمحه تاني."
خرجت من المطبخ وتنفست سعدية بعنف وهي خائفة تكمل عملها ويدها ترتعش.
...
_____________________________________
وجدته يهاتفها مكالمة فيديو فاجابتها بفضول وتفاجأت بزينة تهاتفها وهي تصرخ بفرحة:
"زينة شباب العيلة الحيلة الحلوة دي جابت رجليه من ناحية إنها بنت جميلة دي جميلة طبعا هنقول إيه..."
كانت تغني تلك الأغنية وهي بالفديو ويزن ورائها ينظم ياقت بذلته برقي ويتجهز للتقدم لخطبتها فلمحته أسيل ظاهرًا بالكاميرا وراء زينة وجذبها مظهره الراقي وهو يضع عطره فنظر لأخته وحدثها :
"إيه يا زينة... كفاية ونبي دماغي صدعت."
فلمح بيدها هاتفه فاقترب ليأخذه منها رأي وجه أسيل بضحكتها الجميلة فابتسم بسرعة وغيّر نبرة صوته لبحة غير الطبيعي:
"أسيل... عاملة إيه؟ "
فرمقته أخته وهي تصرخ:
"نعم ياخويا !!! والجعير اللي من شوية ده كان إيه !"
وضع يده على فم أخته ليسكتها وأبعدها عن الكاميرا وأمسك هاتفه ونظر إليها بحب يظهر بعينيه لا يقدر على إخفاؤه:
"أنا جايب أهلي وجاي أتقدملك... جهزي نفسك يا عروسة.
لا حول ولا قوة إلا بالله .