رواية المزرعه السعيده الفصل السادس 6 بقلم زينب سمير

                 

رواية المزرعه السعيده 
الفصل السادس 6
بقلم زينب سمير



عدي يومين كمان، سند بيزيد تمسكه للمزرعة وحبه ليها، بقى متعود على الأجواء وبطل يحسب الأيام..
قرب ناحية الأسطبل لمح رامي واقف مع السايس وبيهتموا بالخيل سـوا، ابتسم بتعجب عارف أن رامي بيحب الخيل، والأجواء دي ممكن تعجبه، وهيستمتع لكن متخيلش إنه يشارك!
وطبعًا خالد حاليًا قاعد مع زوزو بيساعدها في الأكل بما إنه بيعرف يطبخ كويس جدًا، حتى تاليا لأنها بتحب الميكب والموضة وما إلى ذلك، بتقضي وقتها مع البنات تحطلهم ميك آب وتعلمهم وتصورهم.. كانت بتدور على اللي تعمله وتستمتع بيه
كله حاول يقضي يومين حلوين ويتكيف، إلا هي.. جانا
لسة بتبص لكل شئ بضيق وكل دقيقة تسأل هنمشي أمتى، يلا ياسند..
لكن محدش معبرها
قرب من بسبوسة قطته الجديدة اللي بتلعب في الحديقة بالأكل بتاعها، حطه قدامها وبدأ يراقبها وهي بتاكل ببسمة لطيفة وإيده بتمسد عليها..
وقف لما باب الحديقة أتزق بعنف، لمح بنت تلاتينية داخلة بتجري، قفلت الباب بسرعة وراها وهي بتنهج، وباين عليها الرعب
قرب منها وهي أول ما لمحته طلعت تجري عليه تمسك إيده وبرجاء- خبيني بالله عليك متخليهوش ياخدني.. مترجعنيش ليه
- أهدي طيب وفهميني في أية قوليلي مالك و..
مكملش ولقى خبط جامد على باب الحديقة طلع على اثره ناس من جوه منهم فدوى اللي قربت من الباب وصوت راجل عالي صدح في الأرجاء- أفتحوا الباب دا فكرك دا اللي هيقف ما بينا، انا هموتك إنهاردة
لسة فدوى هتفتح الباب صرخ فيها وهو بيسيب البنت ويقرب منها- متفتحيش الباب
قرب منها يبعدها عن الباب ويزقها تقف وراه
بص للبنت وبتساءل- مين دا وأنتي مين؟
البنت ببكاء - دا جوزي وكنت رافعة عليه قضية خلع وهو عرف وحالف ليقتلني، جيت اتحامى فيكم لما عرفت إنكم بتقفوا مع أي حد محتاج، احموني منه بالله عليكم
بص لفدوى و- خديها وادخلوا بيها لجوه
نفت بإعتراض- مش هسيبك لوحدك
- متقلقيش
نفذت كلامه ودخلت الكل البيت، فتح هو الباب دخل واحد زي التور الهايج يبص حواليه
- هـي فين
لقى إيد بتمسكه من ياقته بعنف يوقفه مكانه و- تعالى كلمني أنا هنا
- مليش كلام معاك.. أنا عايز مراتي، طلعولي مراتي ياما هصورلكم قتيل هنا
قالها وهو بيطلع مطوة من جيبه ويفتحها
سحبها سند منه بسهولة وسط عصبية وعدم تركيز التاني و- سيبها بس ياشاطر لتعورك.. السـت مش طيقاك أية هتقعدها معاك غصب
- أنا مفيش ست في الدنيا ترفضني وتسيبي دا أنا أقتلها
- سايبة هي أصلي، خلي بالك من كلامك لان كل كلمة بتقولها دلوقتي هتتحاسب عليها ومراتك اللي هتكون طليقتك بقيت في حماية البيت دا، حقها هيجيلها ورغبتها هتتنفذ
لسة الراجل هيزعق وقفه- قبل ما تتكلم كلمة روح أسال كويس عن مين صاحب البيت دا.. مين العيلة اللي بتفكر تقف قصادها يمكن تغير رأيك
- ياباشا الست دي مراتي متدخلش نفسك في حوارات ملكش دعوة بيها وتصدع نفسك
- طالاما جت لحد الباب دا بقيت تخصني خلاص ومشكلتي وهحلها، طالاما لجئت لينا رغبتها هتتحقق
يلا طريقك أخضر
زقه لحد ما طرده برة البيت وهو بيبصله بتحدي إنه يتكلم
الراجل مش غبي هو والكل عارف مين صاحب المزرعة دي، مراته جت وهي عارفة إنها هتلاقي ضهر
صوته وزعيقه وتهديده كارت محروق.. 
دخل لقيها بقيت اهدى بكتير، وقف قدامها و- متقلقيش منه كل اللي عايزاه هيحصل، وتقدري تفضلي هنا لحد ما دا يحصل
بصتله بإمتنان والكل رحب بيها فرد جديد في المزرعة السعيدة..
****
كان قاعد في الجنينة بعد العشا على المرجوحة بتتحرك بيه ببطء وهو بيشرب الشاي، عادة عنده بقيت ملزماه زيهم، بعد العشا لازم كوباية شاي، قربت جانا وقعدت جنبه، 
- سند
همهم بنعم كملت- كنت عايزة اعتذر ليك على أخر مشكلة حصلت بسببي وهي السبب في اللي أنت فيه دلوقتي وخلت جدتك تعاقبك كدا
- كويس إنك شايفة نفسك غلطانة لأول مرة
بعصبية اتحكمت فيها- كنت عايزني اعمل أية وأنا شايفة البنت بتغازلك؟ 
- متعمليش حاجة.. ببساطة لأن ملكيش دعوة، روحتي عملتي مشكلة من ولا حاجة ومسكتي فيها وخلتينا كلنا نمسك في أصحابها وقلبت بسببك مشكلة كبيرة لية؟ لأنك شاكة إنها بتبصلي.. 
- كنت هتجنن ياسند أنت عارف أنا بحبك قد أية و..
- وأنا مية مرة قفلت معاكي الموضوع دا، جانا أنا مبحبكيش الحب دا، انتي صحبتي وبس.. راضية ب دا تمام مش راضية يبقى خلاص بقى كفاية، بطلي تنطيلي في كل مكان بطلي تحرجيني مع الناس، بطلي تتخانقي مع الناس اللي يخصوني.. كفاية
بصتله بجمود وهي شايفة إنفجاره فيها، كلامه جارح، ياما عملت وكان بيكتم غيظه مفكرها هتبطل لكنها مكملة
وهو مش هيقدر يتحمل
بصلها ببعض الندم، الكلام قاسي لسة هيتكلم سمع صوت صراخ من جوه
طلع يجري عليهم، فضل متتبع الصوت لحد ما وصل لأخر دور، مكان دار المسنين، قرب لسرير عارفه لمح سرير عارفه وصل لعندها، باين راس سعاد وهي نايمة بإستكانة وفدوى بتشـد الغطا علشان تغطي وشها
مسك كف إيدها وبصراخ- أنتي بتعملي أية
بصتله وبدموع- طنط سعاد تعيش انت
زقها بعيد و- بس أنتي مش فاهمة حاجة دي نوبة 
سحب البخاخة يقربها منها و- هتاخد البخاخة وهتبقى كويسة
قربها منها لكن مفيش إستجابة، رمـى البخاخة وقرب منها يعملها إسعافات أولية، يضغط على قلبها بقوة لكن مفيش رد..
- سند لو سمحت..
صرخ فيها بإنهيار- دي حالة بتجيلها كل مدة هتبقى كويسة أنتي اكتر وحدة عارفة دا ضيق تنفس يمكن نفسها اتقطع وهيرجع ساعديني نفوقها بدل ما أنتي واقفة كدا.. قربي..
صرخ فيها لما متحركتش- بقولك قربي تعالي ساعديني
فضل يحاول مرة ورا التانية لكن مفيش رد لحد ما استسلم، رمى راسه قريب من جسمها بإنهيار مش متخيل إنها مشيت من غير وداع، كانت لسة معاه بيضحكوا
كانت كويسة..
كل حاجة مرت قدامه ببطء، تغسيلها وتكفينها ودفنها، والكل حزين والصمت مالي المكان
والكل ماشي ومكمل.. من تاني يوم كله بدأ يكرر نفس وتيرة الحياة
لمحوه من شباك المطبخ قاعد على المرجوحة وفي حضنه جميلة ضاممها قوي كأنه خايف إن هي كمان تمشي وتسيبه فجأة وحواليه بيكو وبسبوسة وبوبا ملمومين كلهم حواليه، بيبصوله ويتمسحوا فيه، مش واخدين على هدوءه فين صخبه!
زوزو بحزن- الصدمة كانت تقيلة عليها
فدوى بتنهيدة- هي بس علشان أول مرة ولسة متعودش والموضوع جديد عليه
- الله يرحمها كانت حنونة وبتحب كل اللي موجود هنا
****
بعد يومين قرب وملامحه باهتة من فدوى، يسألها- مقولتليش طنط صباح بتتمنى أية؟
- انت خلاص هتخليها حاجة دايمة؟ كل حد من المرضى هتحقق ليه أمنية؟
أؤما بنعم بوميض في عيونه، الضحكة اللي ضحكتها منى، وسعادتها، عايزها تترسم على ملامح كل اللي موجود هنا
عايز يفضل شايفها
- طنط صباح عايزة تعمل عمرة لكن اعتقد الموضوع صعب أوي
- ولا صعب ولا حاجة بس..
بلع ريقه وسأل بصعوبة- هي كويسة صح؟ لسة قدامها وقت؟
- حالتها الأيام دي مستقرة الدكتور قال معاها شهرين
سقف بحماس و- حلو اوي، طيب بصي اية رأيك نجمع كل اللي عايزين عمرة ونطلعهم سـوا؟ زوزو وفتحية وصباح وعم محسن وكمان عارفة فوزي اللي بيشتغل في الأرض من يومين اتكلم عن حلمه إنه يزور هناك برضوا كان بيتكلم بحماس أوي وكأن دا حلمه الوحيد.. أحنا نحاول نطلعهم كلهم
- صعب أوي ومصاريف كتيرة
- أنا هتصرف.. 
- تمام
مشى وهو بيفكر إنه لازم يرجع القاهرة في أسرع وقت، لازم يرجع يشتغل علشان يبقى حر ماله ويقدر يعمل كل اللي عايزه هنا، بدل ما جدته مش موافقة ومقيـداه..

يادوب بيحاول يتكيف ويستوعب موت سعاد، فاجئته الحقيقة المُرة، منى ماتت، كان عارف.. متوقع.. كله مستني
خبر مش مفاجئ، لكنه برضوا اتصدم، عيط تاني وإنهار تاني..
دخل عليهم بعد الجنازة بيوم بيتكلموا ويضحكوا، والدنيا عادي معاهم
صرخ فيهم وهو بيخبط طبق على الأرض بعنف- أنتوا أزاي كدا، بتضحكوا وتتكلموا عادي وكأن مفيش حاجة حصلت، كأن منى دي معاشتش معاكم سنين..
منى اللي أمبارح بس كانت بتغني وترقص معاكم، علطول نسيتوها كدا، مكملين وبتضحكوا وتيتا سعاد.. لحقتوا تنسوها هي كمان؟
أزاي قلبكم مطاوعكم
ظهر الآسى على ملامحهم كلهم
زوزو- مين قال إنه عادي بس.. أتعودنا ياحبيبي، كل اللي جاي هنا عارف هتخلص أزاي، كنا زيك في الأول بس اتعودنا وكان لازم نتعود علشان في غيرنا بيتحامى فينا وبيتسند علينا، لازم نكمل علشان في زي منى كتير لازم نهتم بيه
أنت كمان بكرة هتتعود وهتفهم قصدي اية
بصلها بضيق من نفسه، أزاي فكر فيهم بالسـوء دا
- أنا أسف بس.. مش متخيل إنها لازاي كانت بتضحك معانا وفجأة ماتت،  فجأة بيسبونا ويختفوا.. 
أبتسموله وعيونهم مليانة دموع، المزرعة مهما حاول تكون سعيدة
لكن هي.. في تكوينها
أتكونت علشان يفضل الحزن زايرها،
****
بالليل، في أوضة سند دخل بيجري وهو بينج بقوة ماسك علاج في إيده وواقفة فدوى شايلة جميلة اللي بتعيط ومعاها ضحى،
- العلاج أهـو
خدوه منه وقرب هو يلمس على جبينها، سخنة مولعة، ظهر الآسـى والخوف على ملامحه، من لما كانت نايمة جنبه كالعادة وقرب يبوس جبينها قبل ما ينام وأتفاجئ بسخونتها وهو مرعوب..
خايف يتكرر الفراق تاني والمرة دي تكون جميلة اللي اتعلق بيها بغباء
لمحت فدوى حالته فقالت تطمنه- متقلقش دا دور بسيط هتاخد العلاج وهتبقى كويسة
فضلوا سهرانين جنبها الليل كله لحد ما حرارتها قلت، النوم سهى فدوى وضحى
هو بس اللي فضل صاحي ومكمل، كل دقيقة يلمس جبينها ويقيس حرارتها..
الحياة رجعت لطبيعتها، جانا مشيت من تاني يوم جنازة سعاد لكن هو وسط حزنه مخدش باله وأصحابه كمان مشيوا بعد جنازة منى.. 
هو مكمل، بص للتقويم، عدى شهر كامل من غير ما يحس
لسة كان بيقول أن أول يوم كان بطيء، لكن دلوقتي الأيام بتجري..
وهو.. مش عايزها تجري!
****
أخد أطفال المزرعة كلهم في رحلة، قضوا يوم سعيد، حقق كل طلباتهم، لعبهم وأكلهم.. كان مستمتع وهو شايف بسمتهم وفرحتهم
هو عرف أية اللي محتاجه، أية اللي بيعمله ويستمتع بيـه، هو هنا لاقي نفسه، حاسس بقيمة.. لكل حاحة حواليه
وحاسس بقيمة نفسه
وقف الباص قدام المزرعة والعيال بدأت تنزل، سألهم بلطف- مبسوطين؟
- أوي ياعمو سند، شكرًا ليك، أحنا بنحبك أوي
- وأنا كمان بحبكم
يلا بسرعة كله على سريره 
كله بدأ يجري لجوه وهو بيبصلهم وبيضحك، لكن جو البيت غريب، حاسس إن في حاجة مش ولا بُد، في عربية لمحها كمان قدام المزرعة
هناك زائر.. لكن.. أمُرحب به؟ أم غير مُرحب به!
دخل لمح شاب وشابة قاعدين باين عليهم الرُقـي، في مقابلهم واقفين الكل باين عليه الجمود وفدوى حاضنة جميلة وبتبصلهم بعدوانيـة
بلع ريقه وهو خايف أن يكون اللي بيفكر فيه صح!
لمحوه أخيرًا فقربت فدوى منه تنطق باسمه بإستجداء- سند..
وقف الشاب وبنبرة هادية- أستاذ سند صاحب المزرعة؟ أخيرًا جيت بقالنا ياما مستنينك
بصلهم وبص لفدوى يسأل بتوهه- مين دول؟
ردت البنت- أحنا أهل الطفلة دي..
شاورت لجميلة اللي بين إيد فدوى و- اللي حضرتكم سمتوها جميلة وعايزين ناخدها لكن مش عارفة اية الصعب في كدا والأستاذة رفضت نعمل اي حاجة غير لما حضرتك تيجي
بص لفدوى اللي نطقت بدموع وهي بتمد إيدها ليه بجميلة- كنت عايزاك تودعها، عارفة هي مهمة عندك قد أية
مـد إيده كانت بتترعش خدها منها يحضنها ليه قوي، وهو عارف إن لحظة الفراق حانت..
بلل شفايفه وهو بيسألهم الرؤية عنده مشوشة، صوته خارج فيه غصـة ومتعصب- نعرف أزاي إنكم أهلها؟ وبعدين لو انتوا أهلها بجد يابجاحتكم وأنتوا جايين بمنتهى البرود دا تطالبوا بيها وكأنكم مش أنتوا نفسكم اللي رمتوها قدام الباب محاوطينها بشوية صخور وحجارة، وسيبينها جعانة ومش عارفين هتلاقي أية ولا مصيرها هيبقى أزاي
ظهر الآلم في عيون الشاب والبنت، كأن دا حصل غصب عنهم، تخيلوا الموضوع ومن بشاعته مش مصدقينه
وأخيرًا بدأوا يبصولهم بنظرة شكر بدل هجوم على اللي عملوه و- كل اللي حصل دا غصب عننا.. 
رد الشاب بصوت حزين- أحنا مكناش نعرف مكانها أصلًا، لسة عارفين وأول ما عرفنا جينا فورًا، ومكناش نعرف اللي حصل معاها شكرًا ليكم بجد إنكم أهتميتوا بيها
حكولهم حكايتهم بإختصار، إنه من عيلة غنية والبنت فقيرة، حبها وأتجوزها، وأهله رفضوا، كان مسافر وأستغلوا  ولادتها وابنهم مش موجود
أخدوا البنت ورموها ببساطة علشان ينهوا الرابط اللي جامع ابنهم بالبنت دي، يمكن يكرهها، يمكن يسيبها
ولولا أن أخته قلبها حن وأعترفتله كان فضل مش عارف
كان بيسمعهم وهو جامد، مش هامه كل دا
يمكن أنبسط أن أهلها مراموش ملاك بريء زيها
بس في حاجة دلوقتي شغلاه عن كل دا، جميلة هتفارقه!
مـد إيده بيها ليهم بصعوبة، بعد ما شكروه مرة وألف تاني
وقدموا تبرع كبير للمزرعة وإنهم حبوا فكرتها وهيزوروهم تاني علشان تعلقهم اللي شافوه للبنت
وبعد ما وعدوه إنهم هيسموها جميلة علشاه خاطره
وودع سند جميلة..

ويتبع...

                 الفصل السابع من هنا 

تعليقات