رواية إنفصام الفصل الاول 1بقلم رباب حسين


رواية إنفصام

الفصل الاول 1

بقلم رباب حسين 


ليلاً في مكان مهجور في حي أكتوبر يقف أحدهم مقنع الوجه يرتدي ثياب سوداء يراقب من الخارج ثم رأي ما يحدث في الداخل..... رجال مسلحين يقفون في مجموعتين يقومون بتسليم شحنة كبيرة من الأسلحة مقابل المال في صفقة مشبوهة..... تسلل إلى الداخل ثم قام بإغلاق جميع الأنوار من المفتاح الرئيسي.... تعالت الأصوات يخبر رؤساء المجموعتين بالبحث عن سبب إنقطاع الكهرباء.... ثم بدأت أصوات التأوه تملي المكان وأصوات عراك بين أشخاص..... صاح أحداً من الرؤساء وقال

وائل في صوت غاضب / غدرت بيا يا رجاءي..... مش هسيبك..... يا طلبة تعالي خرجني مش شايف حاجة

أصوات العراك تتزايد ثم هدأت الأجواء تماماً ظل وائل يمكث علي الأرض في رعب يحاول أن يختبء..... فجأة عادت الأنوار مرة أخرى.... نظر وائل حوله في زعر شديد وجد كل من بالمكان قتلة وبطريقة وحشية.... ثم ظهر رجل مقنع لا يرى منه شئ غير ملابس سوداء ويرتدي نظارة تساعده على الرؤية الليليه ثم بدأ أن يقترب منه..... نزع النظارة من علي وجهه ورفع القناع ونظر في عين وائل نظرة أرعشت أوصاله من الخوف وقال في غضب / انت بالذات لازم تعرف مين اللي هيقتلك كويس أوي وتشوفني عشان تعرف إنك بتدفع تمن اللي عملته فيا.... ثم أخرج من خلفه بلطة.... وأردف / بص أنا جايبلك إيه حاجة تليق بمقامك.... ثم ضربه بها في منتصف رأسه وذهب.... ما هي إلا دقائق معدودة وجاءت الشرطة

بعد ساعتين يتصل أحدهم ليبلغ عما حدث

يجيب علي الهاتف إياد الحديدي الذي يجلس مع أحد النساء في منزله ويتجرعون الخمر

إياد / أيوة يا حمد عايز إيه يا زفت ؟!!!

حمد / ألحق يا إياد باشا العملية أتكشفت وجت الحكومة خدت كل البضاعة 

فزع إياد ونهض وقال في زعر / وائل فين؟!!! إتمسك؟!!! 

حمد / لا يا باشا حد جيه قبل الحكومة وقتل الرجاله كلهم

إياد بصوت غاضب / يعني إيه ؟!!! رجاءي غدر بينا

حمد / رجاءي كمان أتقتل.... كل اللي كانو في العملية ماتو يا باشا وجت الحكومة وخدت الجثث والبضاعة

ذهب إياد ليرتدي ثيابه وركض خارج المنزل


في الصباح في منزل راقي وضخم بحي المعادي تجلس سيدة في العقد الخمسين يبدو عليها الحزم وقوة الشخصية ولما لا وهي زوجة أكبر رجال الأعمال في مصر (فريدة نصار)

تشاهد التلفاز وتتابع أخبار الصباح ثم أُعلِن عن مقتل أحد أكبر رجال الأعمال في مصر ( وائل الحديدي) من ملاك شركة الحديدي جروب للمعمار 

إنتبهت إلى الخبر وأغلقت عينها في حزن وألم

قطع تفكيرها صوت طرق الباب وذهب كبير الخدم (عبد الجليل) ليفتح الباب.... وجد إمرأة في عقدها الثالث يبدو علي وجهها الهدوء وتحمل حقيبة كبيرة في يدها

قالت / دكتورة نور عزيز.... عندي ميعاد مع مدام فريدة نصار

أفسح لها عبد الجليل المجال لتدخل إلي المنزل وهي تنظر حولها من شدة أعجابها بالمنزل 

عبد الجليل / إتفضلي حضرتك سيبي الشنطة هنا وإتفضلي في الصالون.... المدام في إنتظارك

دخلت نور إلى المكان الذي أشار إليه عبد الجليل وجدت فريدة تجلس في شموخ

فريدة / أهلاً دكتورة نور.... في الميعاد مظبوط

نور / أهلاً بحضرتك مدام فريدة

فريدة / مضيتي العقد امبارح صح؟ 

نور : أيوة

فريدة / ويا ترى عرفتي الشروط كلها؟ 

نور /اه .... والصراحة أستغربت شوية.... مش عارفة إيه سبب أني أقيم مع مريض نفسي في البيت

فريدة / احنا عيلة ليها اسمها في السوق.... وبعدين إنتي مش هتعالجي أي حد

نور / أيوة بس حتى حضرتك رفضتي إني أقعد مع المريض وأقيم الحالة.... يمكن محتاج مصحة أحسن من هنا

فريدة / إبني مش هيروح مصحات..... انا جيبت حضرتك هنا عشان انتي معروفة بعلاج الحالات الصعبة ويكفي إنك خدتي الدكتوراة بدري كده.... وأظن مفيش أحسن منك هيعالج إبني.... وبعدين المبلغ اللي حضرتك طلبتيه أخدتيه ومقدم كمان

نور / طيب ممكن أشوفه؟ 

فريدة / قبل ما تشوفيه هقولك بعض المعلومات عنه

نور / إتفضلي

فريدة / إبني هو يوسف عمران الألفي

نور في تعجب / رئيس مجلس إدارة الألفي جروب

فريدة / أيوة..... عرفتي ليه وجودك هنا سري ومضيتي علي ورقة عدم أفصاح؟ ..... المهم..... يوسف شخصية طيبة جداً هادي كل الناس كانو بيحسدونا انا وجوزى الله يرحمه علي تربيته وأخلاقه.... عمره ما غلط ولا عمل مشكلة صغيرة مع حد.... بس من بعد وفاة باباه وهو بقي منطوي جداً قطع علاقته مع كل أصحابه وبقي منعزل في البيت تماماً.... واللي انا أتفاجأت بيه إن كل أصحابه طلعو مش فارق معاهم أصلاََ وجوده لأنه مش بيعمل أي حاجة من الحاجات اللي الشباب بيعملوها في سنه..... مش بيشرب ولا يعرف ستات ولا بيسهر برا البيت.... بأختصار يعني محترم

نور / طيب هو عنده أعراض معينة بيشتكي منها؟ 

فريدة / انا قولتلك نبذة عنه عشان تعرفي انتي قاعدة مع مين.... بس حالته انتي اللي هتقيميها وتقوليلي يا دكتورة

نور / تمام هو موجود

فريدة / موجود بس بيلعب رياضة في أوضته بعد شوية هياخد شاور ويفطر ويخرج الجنينة يشتغل فيها لأنه مش رايح الشركة النهاردة.......تقدري حضرتك ترتاحي شوية في أوضتك وتوضبي حاجتك فيها وبعد ساعتين هتقابليه.....عبد الجليل

دخل عبد الجليل الغرفة وقال / نعم يا مدام

فريدة / خد الدكتورة علي أوضتها وخلي واحدة من البنات تساعدها

عبد الجليل / أمرك يا مدام..... إتفضلي يا دكتورة

صعدت نور مع عبد الجليل إلى غرفتها وانبهرت بجمال الآثاث والديكور وأطلالة الغرفة علي حديقة المنزل وأخذت تنظر إلي الورود حولها وتشعر براحة كبيرة من هذه الأطلالة الرائعة

بعد ساعتين نزلت نور إلى الحديقة وجدت يوسف يجلس على طاولة كما قالت فريدة ويعمل علي الحاسوب الخاص به.... ثم أمسك هاتفه وقام بالأتصال بعمه ( عزت الألفي)

يوسف / أيوة يا عمي....انا راجعت الصفقة وشايف إنها كويسة

يوسف / لو مستعجل على أمضتي أبعت حد بالعقد علي البيت أمضيه ويرجعهولك تاني

ظل يتحدث معه عمه إلى أن أقتربت نور منه وأخذت تنظر إليه من بعيد.... فهو وسيم للغاية وهادئ وراقي في حديثه جداََ ظلت تنظر إليه في إعجاب حتى إنتهى يوسف من المكالمة وأنتبه إليها وهي تنظر إليه.... أقتربت نور أكثر ووضعت ما تشعر به من إعجاب جانباً ثم قالت

نور /صباح الخير

نظر إليها يوسف عن قرب وظل يتأمل ملامحها في صمت

نور / صباح الخير

يوسف /صباح النور..... الدكتورة الجديدة؟ 

نور / مدام فريدة قالتلك؟ 

يوسف / لا مدام فريدة مش بتقول حاجة.... إتفضلي

جلست نور وقالت / عرفت منين إني الدكتورة؟ 

أمسك يوسف القلم وأخذ يعبث به بيده علي الطاولة وأتكأ علي ظهر الكرسي وقال 

يوسف / تقريباً ماما مبتدخلش حد البيت غير الدكاترا اليومين دول.... مع إني مش عارف هي مكبرة الموضوع كده ليه؟ ..... ده حتي الدكاترا اللي بيجو بيستهيفو الحالة ويمشو..... وتقريباً حضرتك هتمشي زيهم قريب

نور / لا المرة ديه شرطت في العقد إني أقعد شهر كامل وأدتني المرتب مقدم

أبتسم يوسف وقال / مش بتغلب أبداً فريدة نصار

نور / طيب حتى لو الحالة بسيطة زي ما بتقول فا انا برده واجبي إني أساعدك.... وخصوصاً إن خلاص مش هعرف أمشي.... فا ممكن حضرتك تقولي إيه المشكلة بالظبط

أقترب يوسف ووضع كلتا يديه علي الطاولة وقال /بس توعديني متضحكيش

نور / مش هضحك

عاد يوسف إلى الأتكاء وقال / طيب..... المشكلة يا ستي إني مش بنام كويس

نور في تعجب / نعم!!!! 

ضحك يوسف وقال / كويس إنك عملتي ريأكشن مختلف

نور / أسفة بس بجد يعني..... هو ده بس؟ 

يوسف / اه هو ده بس

نور / جربت تاخد منوم؟ 

يوسف / لا حضرتك فاهمة غلط يا دكتورة

.... أنا ليا مواعيد في النوم ودايماََ بنام بدري ويصحى بدري بس بقالي فترة بالأصح بعد وفاة بابا بشوية بقوم من النوم كأني منمتش وبحس إني كنت بجري وانا نايم وجسمي كله بيوجعني واليوم ده مش بقدر أعمل أي حاجة زي النهاردة كدة مرحتش شغلي بسبب التعب ده

نور / اه كده الكلام أختلف..... طيب.... أفهم من كدة أن الموضوع مش بيحصل كل يوم

يوسف / لا مش كل يوم على فترات

نور / طيب كلمني عن باباك شوية

يوسف / داخلة على الحامي أوي يا دكتورة.... طيب عرفيني بإسمك الأول حتي

نور / اه صح.... أسفة.... اسمي نور عزيز

يوسف / نور عزيز..... حاسس إني سمعت الأسم قبل كده

نور / طيب نرجع لسؤالنا

يوسف / ماشي.... بابا ده كان أحسن حد في الدنيا... كان صاحبي واخويا وشريكي..... ده احنا حتى كنا بنلعب باسكت سوا

نور / عشان كده زعلك مأثر عليك بالشكل ده

يوسف / انا حاسس إني بقيت لوحدي حتى اللمة الكذابة اللي كانت حواليا مبقتش تفرق معايا عشان كده بعدت عنهم كلهم

نور / ومفيش واحدة مثلاََ مقدرتش تبعد عنها؟ 

أغمض يوسف عينيه في شك وقال / ده سؤال شخصي ولا تبع تحليل الشخصية اللي حضرتك بتعمليه؟ 

أرتبكت نور وقالت / لا طبعاً مش شخصي

يوسف / أصل الصراحة الأسئلة اللي حضرتك سألتيها كل الدكاترا سئلوني عنها إلا السؤال ده

أرادت نور أن تجيب رد علمي فقالت :مش يمكن في عامل نثائي في حالتك أثرت مع عدم وجود باباك حالياً

يوسف / لا أنا مليش في الستات

إنتبهت نور إلى كلامه وأتسعت عينيها

يوسف وهو يحاول أن ينفي الفكرة التي برأسها / لا لا متفهميش غلط..... انا بس متعودتش أكلم بنات يعني تقدري تقولي أتربيت علي كدة.... حتي في الجامعة مكنش ليا علاقات ببنات خالص 

نور /تمام.... حضرتك خريج إيه بقي؟ 

يوسف : ده بردة جوا الشغل

نور / لا ده برا الشغل.... احنا ممكن نبقي أصدقاء علي فكرة.... ياريت متتعاملش معايا إني دكتورة وبس..... وخصوصاً إن قعدتنا طويلة مع بعض

يوسف / لا مش عايز أصدقاء..... انا كويس

شعرت نور بالأحراج وقالت مع إبتسامة هادئة: تمام خليها دكتورة بس..... بس خلي بالك بعد كده هتطلب صداقتي وانا اللي هرفض

أبتسم يوسف وأعجب بردها وكيف حولت الموقف المحرج إلى موقف عابر

جلسو يتحدثون تسأل نور وهو يجاوب ثم دخل عبد الجليل وقال / فيه واحد من الشركة يا يوسف بيه جاي يمضي ورق من حضرتك

يوسف / دخله المكتب وانا جي..... طيب يا دكتورة أظن ساعة في اليوم حلو جداََ.... تقدري حضرتك تتعاملي في البيت كإنه بيتك وأشوفك بكرة

ذهب يوسف وظلت نور تفكر بالحالة فهو هادئ جداََ لا ترى أي أعراض للمرض النفسي سوي النوم وظلت تفكر في الأسباب وتوصلت أنه من الممكن أنه يعاني من أضطراب في النوم مما أدى إلي هذا الشعور

ظلت نور بالحديقة تكتب ملاحظات ثم أنتبهت إلي يوسف يخرج بسيارته من باب المنزل الخارجي عادت إلي المنزل تناولت الغداء مع فريدة وسألت فريدة نور عن حالة يوسف.... وبعد الساعة السادسة عاد يوسف من الخارج وتناول وجبة العشاء ثم جلس قليلاً مع فريدة ونور 

فريدة / الساعه ٨ يا يوسف يلا نام

يوسف / شوية يا ماما طيب

فريدة في حزم / انت منمتش امبارح كويس مفيش سهر يلا على النوم

يوسف / حاضر

كانت نور تتابع الموقف في صمت وتعبث بهاتفها ولكن شعرت بأن شخصية فريدة تتحكم بيوسف كلياً

ظلت نور تتابع التلفاز وتشاهد بعض الأفلام حتى الساعة ١١ مساءاً ثم صعدت إلى غرفتها وبدلت ثيابها وذهبت في نوم عميق 

وأثناء نومها دخل أحداً إلى الغرفة وأقترب منها في بطء ولم يشعل الضوء ثم مد يده وقام بالضغط على رقبتها استيقظت نور في فزع تشعر أنها لا تستطيع التنفس ولا ترى شئ سوي ظل أسود يحاول أن يخنقها ثم قال في غضب / جاية عشان تقتليني.... لا انا مش هموت بالساهل.... انا هفضل موجود

قطع حديثه وترك يده ووقع أرضاً ثم أُشعل الضوء وجدت فريدة تمسك بيدها حقنة وواقفة في زعر أمامها ثم سعلت نور كثيراََ تحاول أن تتنفس.... نهضت من علي السرير ونظرت إلى الرجل الملقى بالأرض وأتسعت عينها من الصدمة وهي تنظر إلى فريدة


                الفصل الثاني من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة