الفصل الخامس 5
بقلم شيماء طارق
"بسم الله الرحمن الرحيم"
البيوت كلها منورة، والزغاريد مالية الدنياو الفرح في الصعيد حاجة تانية خالص مش مجرد ليلة وخلاص، دي أيام من التحضير والتجهيزات و الستات قاعدين في دار العيلة، بيفرشوا العيش الطري على الصواني، ويقطعوا اللحمة بتاعه البهايم اللي امر الحاج محمد والحاج عبد الجواد بذبحها .
الرجالة في الحوش الكبير وعازميين اهل البلد كلهم على الغداء وكمان بيوزعوا عليهم اكياس لحمه بالعدل وبالتساوي بين اهل البلد كلهم وادوا الفقراء الفقراء اكثر من اللي عيشتهم مرتاحه
اما أحمد قاعد على كرسيه المتحرك و لابس الجلابية البيضاء الجديدة، وشاله الصعيدي مرمي على كتفه وعينيه فيها حزن مخفي.
مصعب، واقف جنبه و بيطبطب على كتفه: "مالَك يا ولد ابوي الليلة فرحك اللي انت كنت رايدة من زمان اخيرا هتتجوز من زينب بت عمك اللي انت رايدها من وهي صغيره ايه اللي حصل لك يا احمد مالك حزين اكده ليه؟!
أحمد (بضحكة باهتة): "إنت فاكر إني مش فرحان، بس عارف يا مصعب؟ أنا الليلة كنت مفروض أبقى واقف على رجلي، مش قاعد على الكرسي ده مش رايد ابان ضعيف في عيون زينب او قليل يا مصعب!
مصعب (بحزم): ده انت راجل مال وهدومك يا احمد ما فيش حد يقدر يقول اكده ولو على زينب هي بت حلال وهتحبك وعمرها ما هتفكر فيك بالطريقه دي يا اخوي وانت ان شاء الله شويه وهتوقف على رجلك وهتعمل العمليه وهتكون زين يا حبيبي! وكمان وإنت راجل وتفضل طول عمرك راجل، فاهم مش رايد اسمع الحديت الماسخ ده واصل؟
أحمد سكت وفضل باصص قدامه والوقت بيجري والساعات عدت لحد ما لقى زينب واقفة بعيد و لابسة فستان الفرح الابيض عيونها مليانة حب وحزن في نفس الوقت.
زينب من زمان بتحب احمد بس هو مش قادر يتقبل إنه يكون سبب في إنها ترتبط براجل مش هيقدر يوقف جنبها ولا قادر اصلا يجيب حقه من اللي اذوه هو كان خاطب علشان الشكل العام وان هي كانت واجهه وكانت جميله جدا وده اكثر حاجه جذبوا ليها اما الحب الأول والأخير كانت هي زينب ممكن يكون ده حكم القدر ان اللي حصل له ده علشان يرجع العقل ويتجوز زينب وهي تبقى مراته وام عيالة .
في الناحية التانية، ميرنا كانت قاعدة وسط الستات وبتحاول تفهم كل اللي بيحصل حواليها وكانت مستغربه طريقتهم وكلامهم وبتحاول تتجاوب معاهم في الكلام.
حاجة عزيزة، جارتهم، بصتلها بفضول: "وأنتي بقى يا بتي، مستعدة تبقي مراة مصعب باشا يا مصراويه هتقدر تعيشي حدانا اهنا؟
ميرنا اتلبخت، بصت حواليها، لقت عيون الستات كلها مركزة عليها.
ميرنا (بابتسامة متوترة): "يعني... إن شاء الله، اللي فيه الخير يقدمه ربنا انا حبيت العيشه في الصعيد وان شاء الله هقدر اتاقلم هنا وزي ما قلت لكم ربنا يقدم اللي فيه الخير.
أم محمد : "شايفة حادتها؟ مش كيف بنات بلدنا متربيين دي مش عارفه تتحدت خالص كيف هتعيش حدانا اهنا ؟!
ميرنا سمعت الكلام، بس قررت تسكت، لحد ما خلصت الأكل وقامت علشان تجهز نفسها وتلبس فستانها علشان الخطوبه.
الرجاله دخلوا المندرة ومعاهم الماذون والحاج محمد والحاج عبد الجواد كانوا موجودين الحاج عبد الجواد قال : يلا الأول نقرا فتحه مصعب وبعد اكده نكتب الكتاب يا حضره الشيخ ؟!
الماذون: اللي تشوفه يا حاج يلا؟!
قراوا الفاتحه ومصعب كان قاعد مش عارف هو مبسوط ولا زعلان بس جواه شعور جديد أول مرة يحسه هو أخذ القرار الصح ولا لا هو أول مرة في حياته ويلبس دبله بتاع بنت يوم ما يلبسها يكون الموضوع كله كذب.
الدنيا انقلبت والزغاريد ملت المكان والفرحه ما كانتش سايعه الكل.
بس السؤال اللي محير هل أحمد هيقدر يتقبل زينب؟ وميرنا هتقدر تعيش وسط تقاليد الصعيد؟ والليلة دي، هل هي البداية، ولا مجرد خطوة وسط طريق طويل؟
أحمد بالرغم من إن كرسيه المتحرك كان بيفصل بينه وبين باقي الناس، لكن قلبه كان في مكان تاني، مش مع الناس اللي بيضحكوا ومبسوطين جدا بالفرح هو كان حاسس إنه محاصر بين الماضى اللي عايش فيه، والمستقبل اللي مش قادر يشوفه قدامه.
مصعب: "إيه يا أحمد فك اكده يا ابني؟ ؟ اليوم ده يومك، مش لازما تكون قاعد اكده زي الغريب عايزك اكده تقعد وسطينا وتتحدت يا اخوي؟!
أحمد رفع عينيه من على الارض وقال بصوت مليان قلق: مش قادر أقول إني فرحان... كل حاجة مش كيف ما كنت متخيلها انت عارف الهم اللي على قلبي يا اخويا ليه تجوزوا زينب واحد عاجز كيفي.
مصعب: احمد مش رايد اسمع الحديت ده واصل قلتلك قبلك اكده ده مساله وقت وهترجع لطبيعتك الظروف بتحكم يا اخوي انك تتجوزها دلوقت ايه المانع يعني وهي هتحبك وهتستحمل كل حاجه علشانك ولو ما استحملتش يبقى ما عندهاش اصل زينب هتكون سند ليك، كيف ما كانت دايمًا وهي هتحبك كيف ما قلتلك يعني هتكون راضيه بكل حاجه وبنت الاصول اللي تشيل جوزها في وقت حاجته؟!
في اللحظة دي، زينب دخلت من باب الدار وقعدت على الكوشه في الاوضه اللي فيها الحريم مصعب اخذ احمد لحد المكان اللي قاعدة فيه زينب ، وكان واضح من عيونها إنها راضية، لكن في قلبها برضه كان في خوف وحزن وتوتر كانت خايفه ان احمد يكون مش عايزها او مش بيحبها.
أحمد بصلها من غير ما يتكلم، وابتسم ابتسامة بسيطة.
(أم المصعب): "إيه يا جماعة انتم قاعدين ساكتين ليه يا بنات خلصوا ده الليله ليله عيالي يعني اللي بيحبني يهيص ويفرح لهم زغرطوا يا بنته؟
الكل فضل يهيصه لحد ما مصعب قرب من ميرنا وقالهاوهو يقترب منها: "ميرنا، إنتِ جاهزة تكوني وياي؟
ميرنا (بابتسامة واستغراب): معاك ازاي مش فاهمه؟!
مصعب بدا يفوق لنفسه وقالها: قصدي يعني لحد ما نخلص الحكايه دي!
ميرنا بابتسامه هاديه: إن شاء الله، بس، والناس هنا مش زي الناس اللي عندنا في القاهرة.
مصعب : إنتِ هتتعودي وهي فتره وان شاء الله خير يعني وهترجعي بيت اهلك؟!
ميرنا لاول مره تحس بحزن اول ما سمعت الكلمه لانها بدات تنجذب لمصعب ومش حابه تسيب الصعيد هي حبه المكان وحبه الناس بصيتله بنظرات حزن وقالتله: ان شاء الله!
مصعب: يلا طيب علشان تلبسي الشبكه يا عروسه؟
ميرنا :حاضر !
مصعب كان عايش في حالة لخبطة وسط فرحة شكلها حلو من برّه بس من جوه كدب كان دايمًا بيسأل نفسه ؟هو بيحب ميرنا بجد ولا اعجاب؟ ولا شايفها مجرد شغل وخلاص؟ كل مرة بيحاول يبعدها بيحس بقلبه بيوجعه وكأن اللي بيقوله مش طالع من قلبه بجد ولما يتكلم معاها بطريقه جديه وناشفه بيتعب أكتر ما هي بتتعب يعني كأنه بيأذي نفسه وهو بيحاول يأذيها، وده كان بيخليه تايه ومضايق أكتر.
حاجة عزيزة : هو مصعب هيتجوز المصراويه كيف ما سمعنا علشان هيحبها احنا عندنا الصعيد مليان بنات رايح يجيب من البندر ليه ؟!
ام مصعب :ابني يتجوز اللي هو رايدها هو سيد الرجاله وزينه شباب الصعيد خليكي في حالك، يا حاجة ابني يعمل كل اللي هو بيتمناه!
مصعب نزل هو وميرنا ولبسها الشبكه والكل باركلهم .
الفرح انتهى، لكن الناس في البلد لسه مش قادرين يبطلوا كلام الناس كان بيزيد مع كل لحظة شوية بيحسوا وشوية تانيين بيقولوا إن ده كان غلط اني يجيب واحده من البندر
والحقيقة إن مصعب كان ضايع بين أكتر من حاجة، بين الواجب والمشاعر اللي جوايا و بين العيلة وبين نفسه وخايف في الآخر عيلته تعرف ان كل اللي كان بيعمله ده مجرد كذبه.
ميرنا (بتساؤل بص على مصعب وهو قاعد في المندرة بعد ما الناس كلها مشيت قالتله): إيه اللي حصل؟ مالك مهموم كده ليه؟
مصعب (استغراب): انت ايه اللي مصحيك لحد دلوقت؟!
ميرنا :كنت بصلي صلاة القيام وبعد كده لقيت نور المندرة لسه شغال فقلت ادخل اشوف في ايه ما قلتليش مالك!
مصعب: مش عارف يا ميرنا، مش اعمل ايه دلوقت خايف قوي عليكي لان لسه جايلي تعليمات من الاداره أن المافيا عارفين أن أنتي معايا واكثر حاجه قلقاني ان هم يعرفوا ان انت معايا في الصعيد والمشكله الاكبر ان الخبر اتسرب من الجهاز نفسه يعني احنا في عميل عايش في وسطينا؟!
ميرنا (بتفهم): بجد طب سيبها على الله ان شاء الله خير وأنا هحاول ما اطلعش بره البيت خالص بابا عارف الكلام ده ؟!
مصعب (يقلق): ايوه عارف وخايف قوي قوي عليكي بس بس المشكله ان انت مسؤوليتي بكره بعد ما نصبح على احمد وزينب هنخرج بره الصعيد خالص وهوديكي مكان امن علشان ما يحققوش يوصلوا لك ؟!
ميرنا (بتفكير عميق): بجد انا مهمه قوي كده بالنسبه لك ؟
مصعب كان واقف، مش قادر يفكر بوضوح، وكل كلمة بتزيد الحيرة في قلبه في وسط هذه اللحظات كان لازم ياخذ قراره، لكن السؤال هو: هل هيمشي ورا قلبه، وهو فعلا هيقدر يحافظ على ميرنا زي ما وعد ابوها وهو نفسه مش قادر يتخيل ان ممكن حد يجي جنبها او يمسها؟
اما بقى عند احمد وزينب في اوضتهم وهم داخلين الاوضه زينب كانت مكسوفه جدا واحمد داخل بهدوء وكان باين على وش الحزن .
احمدكان عارف إنه مش هيقدر يكون زي ما كان في الماضي وكان عارف إنه مش هيقدر يقف على رجليه، ودي كانت أكبر صدمة ليه. لكن في نفس اللحظة، كان حاسس بقوة داخليه، وهو جنبها.
أحمد (بصوت هادي): "أنا عارف إنك مش هتكوني كيف أي حد تاني في حياتي إنتِ هتكوني مختلفة بس ما كنتش رايد اجبرك علشان تعيشي مع واحد عاجز كيفي.
زينب، بالرغم من إنها كانت متكسفة، لكن كلام أحمد خلّاها تحس بالزعل من جواها و هي كانت متردد لكن أخيرًا قدرت تخرج الكلمات اللي كانت في قلبها.
زينب (بابتسامة صغيرة): "أحمد... أنا مش فارق معايا حاجة مش هحس بأي فرق لأنك بت عمي من لحمك ودمك، وأنت يعني عندك كل الصفات الكويسة اللي أنا ممكن أحتاجها وانا من وانا
صغيره كان حلمي أن أنا اقرب منك مش هتجوزك يا ولد عمي انت حققت حلم طفولتي.
احمد بصلها بحب وقالها :بجد يعني انتي بتحبيني؟
زينب بصيتله بخجل وكانت مكسوفه جدا :انت مش عارف اياك عيبك اكده يا ولد عمي؟!
احمد قرب منها وقالها: تعرف أن أنا كنت رايد اقولك سر وانتي من حقك أنك تعرفيه دلوقت ؟!
زينب فضول واستغراب قالتله: سر ايه يا احمد في حاجه انا ما عارفهاش؟!