
رواية عهد الغرام 3
الفصل الثاني 2
بقلم محمد محمد علي
أسيرة_في_مملكة_عشقه
في شوارع روما الزحمة، غزل ماشية بخفة بين الأزقة الضيقة وهي شايلة الكاميرا في إيدها وكشكول ملاحظات في الإيد التانية. شعاع الشمس منعكس على خصلات شعرها البندقي الطويل، وعنيها الزرقا الفاتحة بتتأمل الجمال اللي حواليها. وقفت قدام نافورة تريفي المشهورة وابتسمت، بتتأمل جمال المدينة، لحد ما سمعت صوت تليفونها بيرن في شنطتها الصغيرة.
غزل: (بتطلع التليفون وبتبص على الشاشة) رقم المكتب؟ (بترد على المكالمة) ألو، غزل معاك.
المدير: (من التليفون) ألو يا غزل، إحنا محتاجينك في مهمة جديدة.
غزل: (بابتسامة خفيفة) مهمة جديدة؟ فين المرة دي؟
المدير: سوريا. الأخبار هناك بتجري بسرعة، ومحتاجين تغطية مباشرة للوضع.
غزل: (ملامحها بتتحول للجدية) سوريا؟ طيب، إمتى المفروض أتحرك؟
المدير: في أسرع وقت ممكن. لازم تبقي هناك في الميدان خلال 48 ساعة.
غزل: (بتبص حواليها، بتاخد نفس عميق) حاضر، هجهز نفسي. في أي تفاصيل تانية؟
المدير: هنرسلها لك قريب. خلي بالك من نفسك، يا غزل. الوضع هناك مش سهل.
غزل: (بابتسامة هادية) متقلقش. أنا جاهزة. عمري ما خذلتكم.
بتقفل المكالمة وبتبص على النافورة تاني، وكأنها بتودع السلام المؤقت ده قبل ما تدخل عالم جديد مليان تحديات.
غزل: (بصوت واطي لنفسها) المغامرة الجاية... شكلها مش زي أي مغامرة قبل كده.
************************
في فيلا العيلة، الكل يجلس حول طاولة العشاء الكبيرة، الأطباق مليئة بالطعام، والضحكات الخفيفة تعلو المكان. الجد نادر يجلس على رأس الطاولة، ينظر إلى عائلته بحب، بينما سليم، والد غزل، يبدو متوتراً بعض الشيء.
سليم: (بغضب مكتوم) أنا مش فاهم غزل ليه مصممة على السفر طول الوقت لوحدها! شغلها ده خطر، وأنا مش مرتاح للوضع ده.
ميار: (بحزن) صدقني يا سليم، أنا كمان قلبي بيتقطع كل مرة تسافر فيها. بس هي عنيدة، وأكتر حاجة بتهمها شغلها.
صفاء: (الجدة بحنان) غزل شجاعة، زيك بالضبط يا سليم لما كنت صغير. بس برضو هي بنت صغيرة، وأنا فاهمة قلقكم.
نادر: (بهدوء وحكمة) اسمعوني كلكم، غزل بنت نادرة. شجاعتها مش بس في شغلها، لكن في إنها بتواجه الدنيا بجرأة. يمكن خوفنا عليها طبيعي، لكن لازم نفتكر إنها بنت الشرقاوي. إحنا ما بنخافش من التحديات.
زين: (بابتسامة خفيفة) معاك حق يا جدي، بس برضو أنا قلقان عليها.
رهف: (تنظر إلى عامر) حتى لو هي شجاعة، مش غلط إنها تاخد خطوة تفكر فيها في قلقنا عليها.
مازن (الأخ الصغير): (بطفولية) أنا بحب أختي قوي، نفسي تبطل تسافر وتفضل معانا.
حور: (تتحدث وهي تأكل) أنا كمان، نفسي ألعب معاها زي زمان.
نادر: (يبتسم بحنان) كلنا بنحب غزل وعايزينها بخير. بس لازم ندعمها ونفهم إن طريقتها في الحياة مختلفة، وكل واحد له طريقه.
الجميع يهز رأسه موافقًا، لكن ملامح القلق لا تزال واضحة، خصوصًا على وجه سليم وميار.
********************
في المساء، ميار تجلس في غرفتها، تحاول الاتصال بغزل. بعد رنين طويل، ترد غزل بصوت مرح.
غزل: ألو، ماما! ازيك؟
ميار: (بحزن وقلق) حبيبتي، فين كنتِ؟ ليه مش بتردي ؟
غزل: كنت مشغولة شوية، آسفة. في إيه؟
ميار: (بتنهيدة) كنت عايزة أسمع صوتك، و... (تتردد) سليم قلقان عليكِ.
غزل: (بابتسامة) ماما، أنا كبيرة ومسؤولة عن نفسي. ليه دايمًا بتقلقوا؟
ميار: لأنك بنتي، وعمري ما هبطل أقلق عليكِ. شغلك ده خطر، وإنتِ عنيدة مش بتسمعي كلام حد.
غزل: (بهدوء) أنا عارفة إنك بتقلقي، بس ده شغلي، ودي حياتي. وبعدين أنا بأخد كل الاحتياطات، مش بخاطر بحياتي.
ميار: (بتأفف) ما تقوليش كده يا غزل. سمعت إنك هتروحي سوريا دلوقتي؟
غزل: (بصراحة) أيوة، فيه شغل هناك ولازم أكون موجودة.
ميار: (بحزن) سوريا يا غزل؟ الوضع هناك خطير. إنتِ فاهمة إن حياتك في خطر؟
غزل: ماما، أنا عارفة، ومش أول مرة أسافر مكان خطر. أنا عارفة بعمل إيه.
ميار: (بحزم) غزل، الشجاعة حاجة، والعناد حاجة تانية. فكري فينا شوية. إحنا محتاجينك.
غزل: (بتنهيدة) ماما، أنا بحبكم ودايمًا بفكر فيكم. بس ده حلمي، وشغلي مهم بالنسبة لي.
ميار: (بصوت منخفض) طيب خلي بالك من نفسك، يا غزل. ولو حسيتِ بأي خطر، ارجعي فورًا.
غزل: (بابتسامة دافئة) وعد مني. بحبك، ماما.
ميار: (بصوت يرتجف) وأنا بحبك أكتر. خلي بالك من نفسك يا بنتي.
تنهي المكالمة وهي تشعر بمزيج من الفخر والقلق، بينما غزل تنظر لهاتفها بابتسامة خفيفة قبل أن تعود لترتيب أغراضها للسفر.
**********************
ميار تجلس على الأريكة، تمسك بهاتفها بعد انتهاء المكالمة مع غزل. تبدو ملامحها مضطربة، تحاول إخفاء دمعة تنزل على خدها. يدخل سليم الغرفة، يلاحظ حالتها، فيجلس بجوارها بقلق.
سليم: (بنبرة جادة) ميار، مالك؟ إيه اللي حصل؟
ميار: (بصوت منخفض) كلمت غزل.
سليم: (بقلق) طيب؟ هي كويسة؟
ميار: (تتنهد) كويسة، بس...
سليم: (يرفع حاجبه) بس إيه؟
ميار: (تتردد) قالتلي إنها هتسافر تاني.
سليم: (بتوتر) تسافر؟ فين المرة دي؟
ميار: (تنظر إليه بخوف) سوريا.
تتجمد ملامح سليم للحظة، ثم يقف فجأة وهو يصرخ بانفعال.
سليم: سوريا؟! لا مستحيل! إزاي تروح سوريا وهي عارفة الوضع هناك؟!
ميار: (تحاول تهدئته) سليم، اهدى شوية.
سليم: (بعصبية) أهدي؟ إزاي أهدي وهي بتعرض حياتها للخطر كل يوم؟ أنا مش موافق على الشغل ده!
ميار: (بحزن) عارف إنها عنيدة ومش بتسمع كلام حد. حاولت أقنعها، لكن...
سليم: (يقاطعها بغضب) بس أنا أبوها! لازم تسمع كلامي!
ميار: (بحزن أعمق) عارف يا سليم، وعارفة إنك خايف عليها. بس دي غزل، وإنت أكتر واحد عارف إنها مش هتتنازل عن شغلها.
سليم: (بغضب مكتوم) ده مش شغل، ده جنون! لو جرالها حاجة...
ميار: (تقاطعه بهدوء) لو جرالها حاجة، هنكون إحنا سندها. غزل قوية، وبتاخد احتياطاتها.
سليم: (يجلس بجانبها مرة أخرى، يضع يده على رأسه) ميار، دي بنتي. بنتي . مش قادر أتحمل فكرة إنها تبعد عننا بالشكل ده، خصوصًا في مكان زي سوريا.
ميار: (تضع يدها على كتفه) فاهمة خوفك يا سليم. أنا كمان قلبي بيتقطع، بس لازم نثق فيها. غزل مش متهورة، وعارفة هي بتعمل إيه.
سليم: (يتنهد بعمق) نفسي مرة واحدة تفكر فينا قبل ما تفكر في شغلها.
ميار: (بابتسامة حزينة) غزل بتحبنا، أكتر مما إحنا فاكرين. شغلها جزء من شخصيتها، من حلمها.
سليم: (ينظر إليها بحزن) بس الحلم ده بيبعدها عننا.
ميار: (تمسك بيده) هي عمرها ما هتبعد عننا. غزل مهما راحت بعيد، دايمًا هتكون بنتنا اللي بنحبها.
يسود الصمت للحظات، وسليم ينظر إلى الأرض وهو يحاول كبح مشاعره. ثم يهمس بصوت منخفض:
سليم: ربنا يحميها يا ميار.
ميار: (بهمس) آمين.
تتلاشى الأصوات في الغرفة بينما يحتضن الزوجان بعضهما، يشاركان قلقهما وخوفهما على ابنتهما.
*********************
بعد الحوار بين سليم وميار، يدخل أدهم، الفتى البالغ من العمر 12 عامًا، بهيئته التي تعكس شخصية والده العصبية والصارمة، لكنه يبدو مهتمًا بما يجري. يدرك بسرعة أن الحديث يدور عن شقيقته الكبرى، غزل.
أدهم: (بتوتر) بابا، ماما، مالكم؟ كنتوا بتتكلموا عن غزل، صح؟
سليم: (ينظر إليه) أيوة، غزل قررت تسافر تاني.
أدهم: (يرفع حاجبيه) تسافر؟ فين؟
ميار: (بحزن) سوريا، يا أدهم.
أدهم: (بدهشة) سوريا؟! ليه؟ مش كفاية إنها بتسافر طول الوقت لوحدها؟
سليم: (يومئ برأسه غاضبًا موجها حديثه لميار) شفتي؟ حتى أدهم فاهم إن اللي بتعمله ده غلط.
أدهم: (بعصبية طفولية) أنا مش فاهم هي ليه بتفضل تسيبنا وتروح أماكن خطر زي دي. أنا بحتاجها هنا.
ميار: (بحنان) حبيبي، غزل بتشتغل شغل بتحبه، وده مهم بالنسبة لها.
أدهم: (ينظر إلى والدته) بس أنا مش مهم؟ إحنا مش مهمين؟ هي مش بتفكر فينا خالص لما بتقرر تروح الأماكن دي.
سليم: (بنبرة حزينة) عندك حق، أدهم. وأنا قلت لها كده كتير، لكن غزل... عنيدة.
أدهم: (بصوت مرتفع قليلًا) عنيدة؟ أنا كمان عنيد! ولو غزل مش هتسمع كلامكم، أنا اللي هروح أقول لها!
ميار: (تبتسم بحزن) أدهم، غزل بتحبك أكتر مما تتخيل. هي عارفة إنها بتغيب عنكم، لكن ده جزء من شغلها اللي هي شايفة إنه مهم.
أدهم: (يهز رأسه) مش مهم زي عيلتها.
سليم: (ينظر إلى أدهم) عندك حق، يا ابني. وأنا مش هسيب الموضوع ده يعدي كده. لازم أكلمها بنفسي وأفهمها إن حياتها وعيلتها أهم من أي حاجة تانية.
أدهم: (بغضب طفولي) هي دايمًا بتعمل اللي في دماغها. حتى لو كلمتها، مش هتسمع.
ميار: (تمسك بيد أدهم) أدهم، إحنا كلنا خايفين على غزل، بس لازم نثق إنها عارفة هي بتعمل إيه.
أدهم: (ينظر إليها بعينين ممتلئتين بالقلق) و لو حصل لها حاجة؟ أنا مش هقدر أعيش من غيرها، ماما.
سليم: (يضع يده على كتف أدهم) وأنا كمان، يا أدهم. عشان كده هنتكلم معاها.
أدهم: (بصوت منخفض) هي وعدت إنها ترجع؟
ميار: (بابتسامة حزينة) غزل عمرها ما بتخلف وعودها.
أدهم: (ينظر لوالديه) طيب، لما تكلموها، قولوا لها إني محتاجها هنا.
سليم: (يومئ برأسه و يبتسم) هنقول لها، يا بطل.
أدهم يجلس بجانب والديه، يضع رأسه على كتف ميار، بينما يحاول الثلاثة مشاركة القلق والخوف على غزل التي أصبحت محور حياتهم وحبهم
********************
في مقهى صغير على كورنيش البحر في الاسكندرية
سليم، ابن عم غزل ، يجلس على طاولة في زاوية المقهى، عابس الوجه ويداه تعبثان بكوب القهوة أمامه. صديقه مصطفى، شاب مرح وعفوي، يجلس مقابله، يحاول أن يخفف من توتره.
مصطفى: (بتسلية) يا عم، هو فيه إيه؟ شكلك كأنك خسرت ماتش كورة مهم.
سليم: (بنبرة عصبية) مصطفى، سيبني في حالي.
مصطفى: (يرفع حاجبيه) الله! ماشي، بس قولي الأول إيه اللي مزعلك.
سليم: (يتنهد بعمق) غزل.
مصطفى: (يبتسم بدهشة) غزل؟ بنت عمك؟
سليم: (يهز رأسه بحنق) أيوة.
مصطفى: (بفضول) طب مالها؟
سليم: (ينظر إلى كوب القهوة) بتسافر تاني، لوحدها كمان. المرة دي رايحة سوريا!
مصطفى: (يصفّر بدهشة) سوريا؟ يا ابني ده جنون!
سليم: (يضرب الطاولة بخفة) أنا عارف. وده اللي محرق دمي.
مصطفى: (يميل للأمام) طيب ليه مش بتكلمها؟ قول لها إنك خايف عليها.
سليم: (بحدة) مش هتسمع. غزل عنيدة. بتعمل اللي في دماغها وبس.
مصطفى: (بابتسامة خبيثة) ولا يمكن أنت اللي خايف عليها أكتر من اللازم؟
سليم: (يرميه بنظرة حادة) مصطفى
مصطفى: (يضحك) ماشي، ماشي. بس واضح إن الموضوع مش مجرد خوف عادي.
سليم: (يشيح بوجهه) هي بنت عمي، ومن حقي أقلق عليها.
مصطفى: (بمكر) بنت عمك، ولا... حاجة تانية؟
سليم: (يصمت للحظة، ثم يقول بصوت منخفض) مش مهم.
مصطفى: (بفضول) مش مهم؟ يا عم، ده واضح إنك بتحبها.
سليم: (يضرب الطاولة بخفة مرة أخرى) مصطفى، مش وقته.
مصطفى: (بجديّة) طيب، لو بتحبها، ليه مش بتقول لها؟
سليم: (يهز رأسه) ما ينفعش. غزل مش زي أي بنت. هي ليها عالمها، وطموحاتها، وأنا... أنا مجرد واحد بيقلق عليها من بعيد.
مصطفى: (يبتسم بحكمة) بس لو فضلت تقلق من بعيد، مش هتكون في حياتها قريب.
سليم: (ينظر إلى البحر) يمكن كده أحسن.
مصطفى ينظر إلى صديقه بحزن، يدرك أن سليم يحمل مشاعر عميقة لكنه يفضل كتمانها، بينما سليم يظل غارقًا في أفكاره وقلقه على غزل.
مصطفى: (يتنهد ويعدل جلسته) بص يا سليم، أنا فاهم إنك قلقان عليها، بس القلق اللي انت فيه ده مش هيفيد لا أنت ولا هي.
سليم: (بتوتر) أعمل إيه يعني؟ أقعد أتفرج عليها وهي بتخاطر بحياتها كل يوم؟
مصطفى: (بهدوء) لا، مش كده. بس بدل ما تخلي القلق يسيطر عليك، حاول تكون جزء من حياتها. اتكلم معاها، خليها تعرف إنك خايف عليها مش عشان تمنعها، لكن عشان تهتم بيها.
سليم: (بتردد) وغزل؟ هتسمعني؟ دي عنيدة.
مصطفى: (بابتسامة) كل الناس عنيدة لحد ما يلاقوا حد يفهمهم. اسمعني كويس، لو بتحبها فعلاً، ما تهربش من الحقيقة. عبر عن اللي جواك بطريقة تخليها تشوف خوفك ده كاهتمام، مش كتحكم.
سليم: (يتنهد بعمق) ومين قال إنها ممكن تبصلي بالطريقة دي؟ يمكن أنا مجرد شخص عادي بالنسبة لها.
مصطفى: (يربت على كتفه) سليم، غزل ذكية، ولو كنت عادي بالنسبة لها، مش هتكون مهموم عليها بالشكل ده. بس ده ما يمنعش إنك محتاج تقول لها الحقيقة.
سليم: (ينظر إلى البحر بشرود) طيب، لو قلت لها؟ ورفضت؟
مصطفى: (بثقة) على الأقل هتكون عملت اللي عليك. ولو فعلاً بتحبك، هتفهم مشاعرك. ولو ما حصلش، الدنيا مش هتقف، بس انت مش هتفضل عايش في الندم.
سليم: (يغمض عينيه) كلامك منطقي، بس الموضوع مش سهل.
مصطفى: (يبتسم) ولا حاجة في الحب سهلة يا صاحبي. بس لو هي غزل تستاهل، يبقى تستاهل تعبك.
سليم ينظر إلى مصطفى وكأنه يستوعب كلامه لأول مرة. يشعر بثقل مشاعره، لكنه يعلم أن صديقه على حق. ينظر مرة أخرى إلى البحر، يتأمل الأمواج وكأنها تحمل إجابات لأسئلته المعلقة
**********************
في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة في شقة متوسطة الحال ، غيث داخل البيت بعد يوم طويل في الكلية، شايل شنطته على كتفه، وشكله مرهق بس الابتسامة مش مفارقة وشه. في الصالون، أمه شيرلين قاعدة على الكنبة، ماسكة كتاب بتقراه، وأمجد بيلعب على الأرض بعربيته الصغيرة. أبوه رمزي قاعد على الكرسي ماسك الجرنال.
غيث: (بيقلع الجزمة عند الباب وبيقول) السلام عليكم.
شيرلين: (بترفع راسها وبتبتسم) وعليكم السلام، يا مرحب بغيث! يومك كان عامل إيه؟
غيث: (بيحط الشنطة على الأرض وبيقعد جنبها) متعب كالعادة، بس الحمد لله.
أمجد: (سايب لعبته وبيجري على غيث) غيث! بص عربيتي الجديدة، بابا جبهالي!
غيث: (بيبتسم وبيطبطب على راسه) جميلة جدًا، يا أمجد. أكيد أسرع من كل العربيات.
رمزي: (بيبصله بابتسامة خفيفة) شكلك راجع تعبان.
غيث: (بيعدي إيده على وشه) شوية، بس كله تمام يا بابا.
شيرلين: (بتحط الكتاب جنبها وبتبصله بحنان) غيث، عايزة أتكلم معاك شوية.
غيث: (بيبصلها مستغرب) خير يا أمي؟
شيرلين: (بابتسامة مليانة حِس فكاهي) ما فكرتش تتجوز بقى؟
غيث: (مندهش) إيه؟! أتجوز؟! يا أمي، أنا لسه 19 سنة!
شيرلين: (بتتصنع الجدية) وماله يعني؟ جدك زمان اتجوز وهو أصغر منك كمان.
غيث: (بيضحك) يا أمي، الزمن اتغير. وبعدين أنا طالب في الكلية، فاضي للحاجات دي ازاي؟
شيرلين: (بتتنهد) يا ابني، أنا بس عايزة أطمن عليك. نفسي أشوفك مستقر ومبسوط مع بنت الحلال.
غيث: (بيهز راسه مبتسم) بنت الحلال؟ يا أمي، سيبيني دلوقتي أركز في دراستي وبعدين نتكلم في الموضوع.
شيرلين: (بضحكة خفيفة) طيب يا غيث، بس أنا هدعي ربنا يرزقك ببنت الحلال اللي تستاهلك.
غيث: (بمزاح) يا رب الدعوة تتأجل كام سنة بس!
الضحك يملأ المكان، أمجد يرجع لعربيته، ورمزي بيبتسم من ورا الجرنال. في اللحظة دي، غيث حاسس بالحب والدفء وسط عيلته، بس عارف إن موضوع الجواز مش هيختفي بسهولة مع والدته شيرلين
*******************
في فيلا الشرقاوي ، على طاولة العشاء، الكل متجمع بين الجد و الهزار ، بس ميار تبدو شاردة وقلقة. فجأة، يتحدث الجد نادر.
نادر (الجد الأكبر):
(ينظر نحو ميار بابتسامة) ميار يا بنتي، مالك شاردة؟
ميار (الأم):
(بتنهيدة) غزل كلمتني النهارده.
صفاء
(بلهفة) غزل؟ أخيرًا! كويسة؟
ميار:
(بقلق) الحمد لله، بس قالتلي إنها رايحة سوريا بكره عشان عندهم نقص المراسلين لتغطية الأحداث.
عادل
(ينظر إليها بقلق) سوريا؟ ده قرار خطير يا بنتي.
سليم (الأب):
(بصوت صارم) أنا عارف إنها رايحة، وحاولت أكلمها. لكن تعرفوا غزل، مستحيل تغير رأيها لما بتاخد قرار.
إياد
(بتنهيدة) غزل دايمًا بتواجه الخطر بشجاعة، لكن سوريا حاجة تانية. الحرب هناك مش سهلة.
زين
(بصوت جاد) هي دايمًا بتحط شغلها فوق أي حاجة. لكن ده أكتر قرار خطير تاخده.
تقى
(بقلق) غزل بتغامر بحياتها. ليه ما نقدرش نقنعها تغير رأيها؟
أدهم
(بقلق) ماما، أنا خايف عليها جدًا. سوريا مش زي أي مكان تاني راحت له.
مازن
(ببراءة) ليه غزل مش بتقعد معانا زي زمان؟ أنا بحب لما تكون هنا.
حور
(تبدأ بالبكاء) أنا مش عايزة غزل تسافر. عايزاها تقعد معانا.
رهف
(بحزن) غزل دايمًا كانت مختلفة، لكن الموضوع ده خطير جدًا.
عامر
(بصوت عميق) غزل عندها شجاعة كبيرة، بس الحرب دي ممكن تكسر أي حد.
محمد (ابن رهف وعامر):
(بصوت بريء) أنا لو كنت مكانها مش كنت هروح، الحرب تخوف جدًا.
مازن الصاوي (خال غزل )
(بابتسامة حزينة) غزل زي ميار، عنيدة وجريئة. بس المرة دي، الموضوع صعب جدًا.
سيف (خال غزل الثاني):
(بصوت هادئ) غزل عارفة هي بتعمل إيه، بس لازم نكون جنبها ونبقى مستعدين لأي حاجة.
أدهم (خال غزل الثالث): نفسي مرة وحدة بس تسمع كلامنا
زياد (ابن عم ميار):
(بتفكير) غزل دايمًا بتقول إن شغلها رسالتها، لكن إحنا لازم نحميها.
صفاء
(تمسك يد ميار) ميار، إحنا كلنا معاكي. غزل قوية، بس هي بنتنا.
نادر (الجد الأكبر):
(بحكمة) غزل عندها شجاعة وهدف كبير، لكن ما تنسوش إنها بنت العيلة. لازم ندعمها ونحميها
********************
محمود (جد غزل من ناحية الأم):
(يدخل الغرفة ببطء وينظر إلى الجميع بجدية) سمعتكم تتكلموا عن غزل. إيه الحكاية؟ ليه الكل قلقان بالشكل ده؟
ميار (الأم):
(تلتفت إليه وتتنهد) بابا، غزل قررت تسافر سوريا عشان تغطي الأحداث
مها (جدة غزل من ناحية الأم):
(تصدم وتمسك يد محمود) سوريا؟ يا بنتي، ليه تعمل كده؟ ما فكرتش في المخاطر؟
محمود:
(يجلس بهدوء ) غزل بنت شجاعة، لكن الشجاعة ليها حدود. الحرب مش لعبة، وهي فاهمة كده كويس؟
ميار:
(بحزن) حاولت أقنعها، بابا، بس غزل عنيدة. شايفة شغلها رسالة، وبتقول إنها لازم تروح.
مها:
(بقلق واضح) دي لسه صغيرة على تحمل مسؤولية كبيرة زي دي. ما ينفعش نخليها تروح مكان مليان بالخطر بالشكل ده!
محمود:
(بهدوء وحزم) مها، غزل مش طفلة. هي عارفة بتعمل إيه، ودي حياتها. بس ده ما يمنعش إني أكلمها. يمكن تفكر تاني.
سليم (الأب):
(يتدخل بصوت صارم) يا حاج محمود، أنا حاولت أكلمها ووضحت لها الخطر. لكن ما بتسمعش لحد لما تقرر حاجة.
محمود:
(ينظر لسليم) سليم، دي بنتك. لازم تعرف إنها بتاخد قرار ما ينفعش تندم عليه بعدين. أنا هحاول أتكلم معاها، يمكن تسمعني.
مها:
(تمسح دموعها) غزل دايمًا كانت قوية، بس القوة مش كل حاجة. إحنا عايزينها ترجع لنا بخير.
ميار:
(بصوت مختنق) أنا قلبي مقبوض من أول ما قالتلي. مش عارفة أعمل إيه.
محمود:
(يضع يده على كتف ميار بحنان) ميار، إحنا كلنا معاها. وأكيد ربنا هيحفظها. خلي إيمانك قوي.
مها:
(تلتفت للجميع) إحنا لازم ندعي لها. وما نسيبهاش لوحدها، حتى وهي بعيدة عنا.
نادر (الجد الأكبر):
(يؤيد محمود ومها) كلام محمود صحيح. غزل جزء من العيلة دي، ولازم كلنا نكون معاها في قراراتها، حتى لو كنا خايفين عليها.
********************
في مطار روما ، في صالة المغادرة تظهر غزل وهي تمسك حقيبتها اليدوية وتتجه نحو بوابة الطائرة. وجهها يبدو عازمًا، ولكن هناك مزيج من التوتر والحماس في عينيها. فجأة، يظهر ماركو من بين الزحام ويناديها بصوت عالٍ.
ماركو:
(يركض نحوها وينادي) "غزل! انتظري!"
غزل:
(تلتفت بدهشة) "ماركو؟ ماذا تفعل هنا؟"
ماركو:
(يلتقط أنفاسه بصعوبة) "سمعت أنك ستذهبين إلى سوريا... وكنت أعرف أنك لن تخبريني بذلك. لهذا قررت المجيء لرؤيتك قبل أن تذهبي."
غزل:
(تبتسم بهدوء) "أخبرتك أن عملي يتطلب السفر إلى أماكن خطرة. هذا جزء من حياتي."
ماركو:
(بنبرة قلقة) "لكن سوريا؟ هذا ليس مكانًا للسفر! الحرب هناك لا ترحم أحدًا. هل فكرتِ في المخاطر؟"
غزل:
(بثقة) "أنا أعرف المخاطر، ماركو. لكن كصحفية، واجبي أن أنقل الحقيقة، حتى لو كانت صعبة."
ماركو:
(يحاول تهدئتها) "غزل، الحياة ليست فقط عن الواجب. ماذا عن عائلتك؟ أصدقاؤك؟... أنا؟"
غزل:
(تنظر إليه بلطف) "أقدر قلقك، ماركو. لكن هذا حلمي وواجبي. يجب أن أكون هناك."
ماركو:
(بصوت منخفض) "أنتِ دائمًا عنيدة. لكن... أعديني أن تكوني حذرة. لا أريد أن أسمع أي أخبار سيئة عنك."
غزل:
(تبتسم بحنان) "أعدك، سأكون حذرة. وأعدك بأن أعود لأحكي لك كل شيء."
ماركو:
(يمد يده إليها بورقة صغيرة) "هذا رقمي. إذا احتجتِ أي شيء، اتصلي بي. في أي وقت."
غزل:
(تأخذ الورقة وتضعها في جيبها) "شكرًا، ماركو. سأراك قريبًا."
ماركو:
(ينظر إليها بحزن) "أرجوكِ، اعتني بنفسك. العالم يحتاج لقصصك، لكن عائلتك تحتاجك أكثر."
تبتسم غزل له للمرة الأخيرة ثم تستدير وتتجه نحو البوابة. ماركو يبقى في مكانه، ينظر إليها حتى تختفي بين المسافرين