رواية ؤهم الرجوع الفصل العشرون 20 ج2 والاخير بقلم روميسة


رواية ؤهم الرجوع

الفصل العشرون 20 ج2 والاخير 

بقلم روميسة


 نهاية الطريق

خرجت يارا من الحمام وهي لسه بتضحك من كلامها في المكالمة، وفجأة لقت يوسف واقف قدامها... ملامحه كانت جامدة، عينه فيها نظرة خيبة وغضب، وسكونه بيصرخ أكتر من أي كلمة.


يوسف (بصوت هادي بس مليان قهر):

برافو عليكي… لعبتي الدور بإتقان… وفعلاً، كسبتي.


يارا (تحاول تضحك بتوتر):

يوسف، إنت… كنت سامع؟!


يوسف (بيقطع كلامها):

كنت سامع كل كلمة… بس مش دي الصدمة، الصدمة إني كنت فعلاً ناوي أديكي فرصة…

عارفة ليه؟

علشان قلت يمكن… يمكن ألقى فيكي حاجة من رحيل… بس لأ، مفيش شبه.

هي كانت نقية… وانتي؟ لعبة فعلاً، بس لعبة مؤذية.


يارا (تحاول تستعطفه):

يوسف، أنا كنت بتكلم مع صاحبتي، هزار يعني... إنت فاهمني غلط.


يوسف (نظرة قرف):

هزار؟ ده كان وشِك الحقيقي... مش كنتِ دايمًا بتقولي إني ضعيف قدامك؟ لأ، الحقيقة إني كنت غبي، مش ضعيف... غبي إني صدقتك، وإني بعدت عن إنسانة حبتني بصدق علشان واحدة زيك.


يارا (بدأت تخرج عن شعورها):

يعني إيه واحدة زيي؟ ما أنا اللي كنت جنبك وقت ما الكل سابك! رحيل سابتك وهربت!


يوسف (بصوت مهزوز):

رحيل هربت من الخيانة، من الوجع... هربت مننا، ومنك إنتي، ومني أنا... بس الفرق إن هي عمرها ما لعبت بيا... إنتي كنتي بتمثلي طول الوقت!


يارا (غاضبة):

إنت مش فاهم حاجة! أنا عملت كل ده علشان نكون سوا!


يوسف (بمرارة):

إنتي عملتي كل ده علشان تكسبيني مش علشان تحبيني... بس خليني أقولك حاجة:

أنا مش حاجة تملكيها... ومش لعبة في إيد حد.


(يسكت لحظة، وعنيه تدمع وهو بيتكلم)

أنا اللي خربت بيتي بإيدي… بس صدقيني، أول ما أخرج من هنا، هرجع أشتغل على نفسي…

مش عشانك، عشان بنتي، وعشان يمكن في يوم، لما الزمن يديني فرصة، تبصلي رحيل تاني من غير خيبة.


(بيبص فيها بنظرة باردة، قاسية، ويكمل):

بس إنتِ؟ إنتِ اتنسي… زي ما بتنسي كل حاجة مش على مزاجك.


بيسيبها ويمشي بخطوات سريعة، وهي واقفة مصدومة، بتحاول تمسك نفسها بس الغيظ ماليها


يارا (بغضب):

يوسف! يوسف ارجع! مش من حقك تسبني كده بعد كل اللي عملته!


(لكن يوسف ما بيرجعش، وبيكمل في طريقه وهو عقله كله مع رحيل)


 وقفت في مكانها، بتسمع صوت خطواته بيبعد... وكل خطوة كأنها بتكسر جوه قلبها حاجة.


تشد نفسها، تحاول تتماسك… بس وشها بيحمر من الغضب

يارا بتكلم نفسها بصوت عالي شوية:

إزاي؟! إزاي يمشي ويسيبني كده؟ بعد كل ده؟!


ترمي الشنطة على الطاولة بعصبية وتقعد، وتضرب كفها على الطاولة

كنت ماسكة الخيط في إيدي… كنت حاوطاه من كل ناحية… وهو؟ يفتكرها هي؟!


تقوم تمشي رايح جاية قدام الطاولة، ومفيش غير صوت تنفسها الغاضب


دي سابتك ومشيت… أنا اللي كنت جنبك… أنا اللي كنت باهتم… ودي آخرتي؟....


جلست يارا في مكانها، عيونها ملؤها الغضب والندم في نفس الوقت. لم يكن ما قاله كما توقعت. في البداية، اعتقدت أنها تستطيع أن تسيطر على الموقف، أن تتحكم بكل شيء كما اعتادت. ولكن الآن، هي في مواجهة حقيقة قاسية.


في تلك اللحظة، شعرت بالهزيمة التي كان من المفترض أن تكون مكسبًا لها. لكن الحقيقة أن اللعبة انتهت، ويارا أخيرًا بدأت تدرك أن يوسف لن يكون أبدًا في صفها.


خرج يوسف من الكافيه وهو مش شايف قدامه، خطواته كانت تايهة كأن الأرض بتتزحلق من تحته. من لما سمع كل كلمة قالتها يارا لصاحبتها، قلبه واجعه، مش مصدق إنه كان مجرد لعبة في إيديها، وإن رحيل... ضاعت منه بسبب غبائه. خطواته كانت تقيلة، بس مشاعره كانت أثقل من أي وقت فات. دماغه مشغولة، وصورتها مش سايباه. بيتمشى في الشارع كأنه تايه، كل حاجة حواليه بتفكره بيها... بصوتها، بضحكتها، حتى بزعلها.

 

وقف عند أول ناصية، سند على حيطة وغمض عينيه... نفسه كان تقيل، قلبه بيدق بسرعة، بس مش من الحب... من الغباوة.

إزاي ما شفتش؟ إزاي كنت غبي كده؟


حس إنه كان أداة، مش راجل. افتكر كل لحظة بينه وبين رحيل ،كل وجع وجعته، وكل فرصة ضيعها بإيده... علشان مين؟

علشان حدّ كان شايفه لعبة، مش بني آدم.


حط إيده على راسه، فضل واقف كده شوية، بيحاول يستوعب، وبيحاول يصدق إنه فعلاً خسر كل حاجة.

رحيل، بنته، بيته... وكرامته.


اتنفس نفس طويل وقال بصوت واطي:

"أنا اللي خربت كل حاجة... بس لسه ما خلصتش."


 في نفس اللحظة، كانت رحيل قاعدة في المكتب الجديد في الشركة اللي اشتغلت فيها. شركة كانت مقدمة فيها من بدري، وعملت مقابلة أونلاين وهي لسه في بلدها، ولما وصلت كان أول إيميل استقبلته هو خبر قبولها.


كانت رحيل بمكتبها في الشركة، ماسكة ملفات وبتدي توجيهات سريعة للموظف اللي قدامها. لبسها بسيط وشيك، شعرها مربوط، ونظرة عنيها فيها حسم وقوة.


رحيل:

"المشروع ده لازم يخلص في معاده، مافيش تأجيل. وبلغ فريق التسويق إننا هنعمل بريزنتيشن الأسبوع الجاي."


هز الموظف راسه ومشي، وساعتها رنّ تليفونها، كان اسم ليلى بيظهر على الشاشة.

ردّت بابتسامة خفيفة، وهي بتتنفس براحة وبتطلع للبلكونة الصغيرة:


رحيل:

"ألو يا ليلى؟"


ليلى (بحماس):

"يا قلبي! طمنيني، إيه الأخبار؟ أول يوم في الشغل الجديد؟"


رحيل (بهدوء ورضا):

"كان مرهق، بس حلو... حسيت إني رجعت لنفسي تاني. حاسة إني في مكاني."


ليلى:

"فخورة بيكي والله... إنتي قمتي من تاني، وبقيتي أقوى من الأول."


رحيل (بابتسامة فيها وجع بسيط):

"كان لازم أقوم، ماكانش ينفع أستنى حد يلمّني... أنا اللي بلملم نفسي دلوقتي. تعبت كفاية، وآن الأوان أعيش لحالي... من غير انتظار، ومن غير خيبات."


ليلى (بسعادة):

"برافو عليكِ يا رحيل... وصدقيني، اللي جاي أحلى."


رحيل:

"يارب... على الأقل، بقيت بعيدة عن الكذب والخيانة... وبقيت بعرف أنا مين وعايزة إيه."


بعد ايام ....

 كان  يوسف واقفًا على شاطئ البحر، يتأمل الأمواج التي تلامس الرمال برقة، لكن ذهنه كان مشغولًا بشكل كامل. كان الليل قد حل، والسماء مغطاة بالغيوم، بينما صوت الأمواج يملأ المكان. الجو كان هادئًا، لكنه لم يكن يشعر بالهدوء داخليًا. كانت الأفكار تدور في رأسه بسرعة، وكل فكرة تقوده إلى رحيل.


يوسف (بهمسات، لنفسه):

"إزاي وصلنا للمرحلة دي؟ إزاي ضيعت كل حاجة؟ كانت حياتي... كانت كل حاجة في حياتي."


أغمض عينيه قليلاً وحاول استرجاع اللحظات السعيدة مع رحيل ،اللحظات التي كان فيها يشعر أنه لا يمكنه العيش بدونها.


يوسف (بصوت منخفض):

"كانت دايمًا موجودة. كانت ضحكتها بتخليني أنسى الدنيا... طب ليه خليتها تروح؟ ليه ما حاولتش أكتر؟"


فتح عينيه ونظر إلى البحر الهادئ، وكأن الأمواج تشاركه الحزن الذي يشعر به. كأن البحر يردد صدى أفكاره المحطمة.


يوسف (بنفاد صبر):

"مستحيل تكون النهاية دي. مش هقدر أعيش كده. لازم أرجعها. لازم أعمل أي حاجة عشان أرجعها."


حرك رأسه بحزن، وهو يحاول أن يضع خطة في رأسه. كان يعلم أن رحيل قد قررت الرحيل، ولكن قلبه كان يصرخ بأن هناك فرصة ما، فرصة يمكنه من خلالها إعادتها.


يوسف (بشدة وعزيمة):

"لازم أرجعها. لازم أوريها إني كنت غلطان. لازم أبرر لها كل حاجة. مش هخسرها كمان."


نظر إلى البحر مرة أخرى، وأخذ نفسًا عميقًا.


يوسف (بصوت هادئ، في نفسه):

"عشانها، لازم أقاتل."


كانت تلك اللحظات التي شعر فيها يوسف بأنه يجب أن يحارب من أجل رحيل، لا يهم كم كانت الأمور صعبة، لأنه في النهاية هو من جعل كل شيء يتدمر، وهو من يجب أن يعيد بناءه.


من ناحية أخرى.

رحيل كانت جالسة على طاولة في أحد المقاهي الصغيرة مع بعض زملائها الجدد في العمل. كانوا يتبادلون الحديث عن مشروعات العمل والأشياء التي يحبون فعلها في وقت فراغهم. رحيل كانت في البداية متحفظة، ولكن مع مرور الوقت بدأت تشعر بالراحة أكثر وسطهم.


حسن:

"إنتِ موهوبة حقيقية في هذا المجال يا رحيل. يمكننا الاستفادة منك في الكثير من الأمور هنا في الشركة."


رحيل ابتسمت قليلاً، ثم أخذت رشفة من عصيرها، وهي تشعر بشعور جديد لم تعهده منذ فترة طويلة.


رحيل (بتواضع):

"شكراً،  بس زي ما قلت لكم، دايماً بحاول أتعلم من كل تجربة."


 مها:

"ما شاء الله، بجد بنشوف فرق معاكِ في الشغل. إنتِ مش بس شاطرة، كمان عندك طاقة إيجابية. ده حاجة نحتاجها في فريقنا."


رحيل جلست وتحدثت قليلاً مع نفسها داخليًا. كانت تدرك أنها لم تشعر بهذا الشعور منذ فترة طويلة. شعور بالإنجاز والاحترام من الآخرين، وأيضًا شعور بالفخر لأنها تمكنت من إعادة بناء نفسها بعد كل ما مرت به.


رحيل(لنفسها بصوت منخفض):

"الحمد لله، أنا أخيرًا قدرت أبدأ من جديد. ده كان القرار الصح."


ثم التفتت إلى زملائها مبتسمة.


رحيل:

"أنا سعيدة جداً بوجودي معاكم هنا. إحساسي إننا فريق واحد، ده شيء مهم لي."


حسن:

"وأنتِ السبب في إننا نشعر إن الفريق ده قوي."


رحيل شعرت بشعور من الفخر. بعد كل ما مر به، بدأ يراودها الشعور بأنها تستطيع أن تبدأ حياة جديدة، حياة مستقلة عن كل شيء كان يقيدها.


رحيل (في نفسها):

"أنا قوية. أقوى من أي وقت مضى."


ثم نزلت رأسها قليلاً، شعرت بالأمل والطمأنينة لأول مرة منذ فترة. الحياة بدأت تأخذ منحى جديدًا بالنسبة لها. وعينها لمعت بالأمل.


وقفت قدماه على أرضية المطار الباردة، يده تمسك بتذاكر الطائرة التي لا تحمل سوى حلمًا واحدًا. كان قلبه ينبض بشدة وكأن الزمن توقف لحظة. صوت الإعلانات في المطار كان يتردد في أذنه، ولكن كل شيء حوله أصبح ضبابيًا. لم يكن يسمع سوى صوته الداخلي الذي يصرخ: "لازم ترجع لرحيل... لازم".


عينيه كانتا تائهتين بين المسافرين، يبحث عن شيء مجهول، شيء مفقود. كل خطوة كان يأخذها نحو الطائرة كانت كخطوة نحو المستقبل المجهول. ولكن في قلبه كان يعرف أنه مهما كانت النتيجة، لابد أن يحاول. لابد أن يتوقف عن التردد.


"ما ينفعش... مش هخسرها... مش هخسر كل حاجة عملتها معاها."


أخذ نفسًا عميقًا وهو يتذكر لحظات بينه وبين رحيل. الأيام التي كانت مليئة بالأمل، والأحلام التي بناها معها. تذكر ضحكتها، الكلمات التي قالتها له عندما كانوا معًا، وأهم من ذلك كله، تذكر كيف كانت دائمًا بجانبه، حتى في أصعب الأوقات.


وها هو الآن، يركب الطائرة متجهًا إلى مكان لا يعرفه تمامًا، إلا أن قلبه يصرخ أن رحيل هناك. مهما كانت الطريقة، مهما كانت التحديات، كانت رحيل هي من يستحق أن يعود إليها.


"هعمل المستحيل... لازم أرجعها. دي آخر فرصة."


أخذ يوسف مقعده في الطائرة وأغلق عينيه للحظة، يغمض جفنه ويترك نفسه يسترجع كل ما حدث. هو يعرف أن كل شيء الآن في يديه. الوقت ضيق، ولكن الأمل في قلبه كبير. وكأن الطائرة نفسها تقوده إلى مصيره الذي كان بعيدًا، لكنه الآن في متناوله.


كل ثانية، كانت تمر كالعمر بالنسبة له، كل دقيقة أقرب إلى رحيل. وكل لحظة كان يتخيل فيها كيف سيكون اللقاء، وهل ستقبل منه الاعتذار؟ هل سيتقبل قلبها تلك الجروح التي تركها؟ ولكن لا يهم، لأنه على الأقل حاول.


كانت الطائرة تستعد للإقلاع، والابتسامة على وجهه كانت مختلطة بالحزن، والأمل، والعزيمة. لأن في عقله، لم يعد هناك شيء مستحيل.


                  تمت بحمد الله 

       لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

وأيضا زرونا على صفحة الفيس بوك 



 من هنا علي التلجرام لتشارك معنا لك

 كل جديد من لينك التلجرام الظاهر امامك


تعليقات