رواية أرناط
الفصل السابع والعشرون 27 والثامن والعشرون 28
بقلم حور طه
الفصل 27
بعد هروب ليلي وأرمان…
سحر مربوطة، وشها مليان غضب وتعب…
الباب يتفتح بعـ ــنف، ويدخل رجالها مسرعين…
سحر بعصبية وانفعال:
ــ كنتوا فين يا أغبيا؟ اتأخرتوا ليه؟!
أحد الرجال بتوتر:
ــ أول ما الإشارة وصلت اتحركنا فورا
بس الطريق...؟
سحر تقطعه، تصـ ــرخ:
ــ مستني إيه؟
فكني! وابعت حد وراهم بسرعة...
أكيد لسه ما بعدوش!
الرجل يفك وثاقها بسرعة…
واثنين من الرجال يخرجون مسرعين…
تمر لحظات من التوتر، ثم يعودان…
أحد الرجال يلتقط أنفاسه:
ــ هربوا... ماعرفناش نلقاهم، مالهمش أثر!
سحر تنهض بتعب، تمسك بجانب الطاولة تتوازن عينيها مشتعلة بالحقد.بغضب مبحوح:
ــ لازم أغير قواعد اللعبة...
لازم أخليهم هما الاتنين تحت رجلي…
أحد رجالها بحذر:
ــ طيب... راهب نقدر نجيبه بناهد، مش هيخاطر بيها. بس ليلي؟ اختفت، وقدرت تخفي ابنها كمان.
سحر تمشي في الغرفة، تفكر بصوت مسموم.
وبثقة باردة:
ــ هو مغناطيس واحد...
اللي هيسحب الاتنين…
الرجل بتردد:
ــ ممكن أعرف ناوية على إيه؟
سحر تلتفت له بحدة، عينها فيها نظرة احتقار:
ــ ولو قولتلك... هتفهم يعني؟
أنت هنا تنفذ وبس. اللي زيك لو بدأ يفهم…
ساعتها وجودي مالوش لازمة…
الرجل يطأطئ رأسه…
سحر تمسك سترة جلد على الكرسي
تلبسها بهدوء وهي بتكمل كلامها
صوت خطواتها على الأرضية الخشنة بيكسـ ــر الصمت
سحر ببرود قــ ـــاتل:
ــ الليلة دي مش هتعدي زي ما بداتيها يا ليلى لان اللي هعمله فيكي مش هيستوعبه عقل بشر!
رجالها يتبعوها بسرعة وهي تفتح الباب وتخرج من المكان نظرتها فيها وعد بالانتقام!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد يومين – غرفة ليلي
يدخل أرمان بابتسامة واثقة
عيونه فيها لمعة انتصار،بهدوء:
ــ أنا وعدتك إني هجبلك أرناط... ووفيت بوعدي.
ليلي تقف فجأة بدهشة، عيونها تلمع بقلق:
ــ تقصد إيه؟... قدرت توصل لأرناط؟... هو فين؟
أرمان يقترب منها
نبرة صوته تصبح أكثر حدة وهو يتفحص ملامحها:
ــ قبل ما أقولك هو فين...
جاوبيني بصراحة. لسه بتحبي أرناط؟
ليلي تغض طرفها، عيونها تهرب من نظرته،بهمس:
ــ لأ... أنا بس... عايزة أعرف ليه عمل فيا كده.
أرمان بسخرية مريرة:
ــ حتى بعد كل اللي عمله...
لسه شايف حب أرناط بيلمع في عنيكي!
ليلي تتنهد، لكن بلهفة ترجع تسأله:
ــ فين أرناط يا أرمان؟
أرمان:
ــ ما قدرتش اوصل له... بس وصلت للي هيجيبه
ليلي بخوف:
ــ أرمان... إنت عملت إيه؟
أرمان بغموض:
ــ حولت أردلك شوية من اللي عليا... تعالي معايا
تمشي ليلي وراه بخوف، يفتح باب غرفة جانبية ويتنحى جانبا...
ليلي تتجمد مكانها وهي بتشوف شهد مربوطة على كرسي جسمها بيرتجف،مصدومة:
ــ شهد؟!
شهد بابتسامة متعبة لما تسمع صوتها:
ــ ليلي! دي إنتي صح؟ ردي عليا...
ليلي تجري وتجلس عند قدميها
بحنان ترجع خصلات شعرها من علي وشها:
ــ آه يا شهد... أنا ليلي... أنا معاكي
شهد بضعف:
ــ كل مرة بتخطف... بتيجي إنتي وتنقذيني...
فكيني الحبل، وجعني…
ليلي تحاول تفك الحبل
لكن أرمان يشدها من دراعها،بعصبية:
ــ بتعملي إيه؟!
ليلي بغضب:
ــ هفكها! ليه خطفتها؟!
أرمان بهدوء:
ــ علشان شهد... هي اللي هتجبلك أرناط…
ليلي تتجمد، تبص على شهد ثم ترجع تبص لأرمان صوتها بيترعش:
ــ يعني إيه؟... إيه علاقة شهد بأرناط؟
أرمان:
ــ شهد... أخت أرناط
الكلمة تنزل على ليلي كصفعة...
تتراجع خطوة، مش مصدقة:
ــ إنت بتقول إيه؟!
شهد بخوف:
ــ مين أرناط ده؟ أنا معرفهوش... ليلي، فكيني.
ليلي تحاول تفكها من جديد، لكن أرمان يمنعها تاني
ليلي بغضب:
ــ حتى لو شهد أخته، لازم نفهم الأول...
مش هسمح تـــ ـأذيها فاهم؟!
تفكها وتتهدى شهد، وتجيب لها ميه
ليلي بنعومة:
ــ اشربي، ماتخفيش... أنا معاكي!
شهد بابتسامة صغيرة:
ــ أنا مش بخاف... وانتي معايا... فين عالية؟
ليلي تشد على إيدها:
شهد... ركزي معايا!
إنتي تعرفي حاجة عن أرناط؟ أو سحر الطوخي؟
شهد بتوتر:
ــ سحر مرات بابا... كانت غامضة جدا…
معرفش عنها كتير...!
ليلي:
ــ طيب أرناط؟ تعرفي هو فين؟
شهد:
ــ أول مرة أسمع الاسم ده،يا ليلى انا ما اعرفوش
أرمان بانفعال:
ــ أنا لما خطفتك من المستشفى في هولندا كنت بنفذ أمر سحر... وسحر قالت قدامي إنك أخت أرناط! ما تحاوليش تكذبي!
شهد تنتفض وتمسك في ليلي بخوف
ليلي تحضنها وتحاول تهديها
ليلي بهدوء:
ــ شهد، انتي عندك أخ؟
شهد:
ــ أنا عندي أخ... راهب... مش أرناط
ليلي بسرعة:
ــ ممكن تديني رقمه؟
شهد بتردد:
ــ طيب...
ليلي تأخذ الرقم، تتصل... يرد بعد لحظات
راهب بصوت حذر:
ــ أيوه؟ مين حضرتك؟
ليلي:
ــ شهد عندي... وهبعتلك عنوان... لازم تيجي فورا.
راهب بلهفة يعرف انها ليلى من صوتها:
ــ شهد؟ عندك إزاي؟! هي كويسة؟
ليلي:
ــ كويسة... ماتتأخرش.
تغلق الهاتف وتتنهد...
أرمان بتوتر:
ــ ليه عملتي كده؟! ممكن افهم…!
ليلي بحزم:
ــ لما ييجي... كلنا هنفهم…!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الجانب الاخر
يوسف يتقدم نحو راهب والقلق ظاهر على ملامحه:
ــ مين اللي كلمك؟ ومين خطف شهد؟ رد عليا!
راهب يبعد الهاتف عن أذنه ببطء
وصوته شبه مكســ ـور:
ــ ليلي… كانت هي اللي على الخط!
يوسف مصدوم:
ــ ليلي؟ ليلي مين؟!
راهب بصوت منخفض:
ــ مراتي...
يوسف يتراجع خطوة، مش قادر يستوعب:
ــ إزاي يعني مراتك؟! أنت بنفسك قلتلي إنها مـ ـاتت!
راهب يغلق عينيه لحظة
وكأنه بيشوف ماضيه بيتكرر قدامه:
ــ يمكن نكون فعلا وصلنا لنهاية الطريق...
يمكن ليلي دلوقتي عرفت كل حاجة…
يوسف بعصبية مكتومة:
ــ أنا لازم أفهم. أنا معاك مهما حصل
بس بشرط... تخليني أفهم الحقيقة كاملة
راهب ينهار على الكرسي
جسمه كله تعب وندم يشير ليوسف إنه يقعد جنبه
راهب بصوت مبحوح:
ــ هحكي لك، يمكن دا الوقت الوحيد اللي أقدر أقول فيه الحقيقة... يمكن دي فرصتي الأخيرة
يوسف يجلس في صمت، منتظر الحقيقة
راهب:
ــ من أربع سنين، كنت بشتغل على بحث علمي... كنت فاكر إنه هينقذ البشرية. بحث عن خلق طفل بتكوين جيني فريد...مختلف عن أي طفل طبيعي.
يوسف:
ــ يعني تجربة بشرية؟
راهب بمرارة:
ــ أيوه... كنت مهووس بالعلم…
وأكبر غلط إنك تسلم روحك للعلم من غير ضمير…
وقتها... ماكنش قدامي غير ليلي. ضحكت عليها… أقنعتها إني بحبها وإننا هنتجوز. رفضت في الأول... لكن جبت مأذون مزيف، شهود مزيفين، وعشنا مع بعض أربع شهور.
يوسف بذهول:
ــ أنت بتقول إيه...
راهب:
ــ في الشهور دي... أجريت لها عملية من غير ما تعرف، زرعت البذرة الأولى للبحث جواها... في رحمها.
كانت حاملة أول تجربة بشرية… من غير ما تكون عارفة.
يوسف بغضب وصدمة:
ــ يعني ابنك؟ اللي جوه ليلي كان ابنك؟
راهب بصوت منكسر:
ــ ابني... ضحية زيه زيها. لما ليلي اكتشفت لعبه جوازنا المزيف واجهتني ودار بنا صراع كبير، وزقتني... وقعت، دماغي اتخبطت في الترابيزه، وهي افتكرت إني مــ ـت.
وهربت... هربت مني ومن الكابوس.
يتوقف لحظة، يحاول السيطرة على دموعه
راهب بهمس:
ــ بس لما اكتشفت إن سيف، صاحبي، عمل في أختي شهد نفس اللي أنا عملته في ليلي...
قتـ ــلته.
يوسف بدهشة:
ــ إنت كمان قتـ ـلت؟!
راهب:
ــ كان لازم... بس بعد كده، شهد عرفت
واتعرضت لحــ ـادث... وفقدت بصرها.
يوسف ينهض بحدة:
ــ إنت مش بس خربت حياة ليلي
إنت خربت حياة شهد كمان!
إنت ضيعت الكل عشان بحثك! حتى ابنك... استخدمته كأنه كائن تجريبي!
راهب ينهض ببطء:
ــ أنا عارف، وعارف إني ماستاهلش حتى أغفر لنفسي، بس كل يوم كنت بصحى وأقول يمكن ألاقي طريقة أصلح بيها اللي حصل... يمكن ألاقي ليلي وأقولها الحقيقة...لكن لما شفتها ما قدرتش لساني عجز عن الكلام وسكت
يوسف:
ــ بس ليلي اتــ ـدمرت يا راهب... أنت كسرت إنسانة كانت بتحبك وبتثق فيك. ليلي اللي الكل شايف فيها القوة، أنت خدت منها أغلى حاجة... خدت أمانها.
راهب بصوت مخنوق:
ــ عارف... وكل مرة كنت ببص لشهد، كنت بحس إني شايف عيون ليلي فيها وهي بتعاتبني من غير ما تتكلم...
أنا السبب فقدان بصر أختي، السبب في دموعها وخوفها... واللي حصل لشهد ماكنش صدفة، دا كان عقاب
يوسف:
ــ وسحر؟ ليها دور في ده؟
راهب بغصة:
ــ هي رأس الافعى... هي الوسيط بتاع المنظمه،سرقت من ليلي البحث بتاعها وبتحاول دلوقتي تستخدم البحث بتاعي وانا متاكد انها بتدور على ليلى وعلى ابني عشان تسلمهم للمنظمه
يوسف يحدق فيه الغضب في عينه لكنه حاسم:
ــ يبقى ماينفعش نضيع وقت اكتر من كدا ...
لازم نروح دلوقت لليلى تشرح لها كل حاجه هي وابنك دلوقتي في خطــ ــر
راهب يهز رأسه، وعيناه فيها مزيج من العزم والندم:
ــ أنا معاك... ولو همــ ــوت
أمـــ ـوت وأنا بحاول أصلح اللي دمــ ــرته.
يوسف يفتح الباب بسرعة، وراهب يتبعه.
النور الخافت يلمع على وجوههم، وهم خارجين!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غرفة مظلمة، هادئة ببرود المـــ ــوت
سحر تجلس على كرسي فاخر
تنظر لامرأة تجلس على كرسي أمامها
جسدها هزيل، عيناها مطفأتان من الألم
لكن فيهما شرارة خفية
سحر بصوت ساخر وبارد:
ــ أهو إنتي يا ناهد... اللي يشوفك يقول لا ليكي لزمة ولا فيكي نفس. المــ ـوت في حالتك رحمة!
بس الغريب... إنك لسه قادرة تسحبي راهب لعندي!
أول ما ييجي...أوعدك، هريحك من عـــ ـذابك الأبدي.
ناهد تظل صامتة، لكن ما إن تسمع اسم راهب حتى تهب واقفة فجأة كأن الكهرباء ضــ ـربت فيها
تمد يدها وتخنق سحر بقوة غير متوقعة!
سحر بصدمة:
ــ إنتي... بتعملي إيه؟!
عينا سحر تتسعان، تحاول تتخلص من قبضة ناهد لكن المرأة اللي كانت هامدة من لحظة، أصبحت نمرا جائعا.
ناهد بصوت غاضب لأول مرة منذ ٧ سنين:
ــ لو لمستي ابني... همـــ ـوتك! بإيدي!
يجي أحد رجال سحر ويدفع ناهد بعيدا عن سحر يمسكوها بقوة، لكن ناهد تصــ ـرخ وتقاوم، كأن الألم اتحول لطاقة وحشية!
ناهد... مش ست ضعيفة دلوقتي. كل حركة منها فيها غضب أم محرومة. نظراتها نــ ـار، جسمها رغم ضعفه بيــــ ــقاتل بقلب الأسد
سحر تكح بقوة، وتحاول تسترجع أنفاسها
وعيونها لسه مذهولة:
ــ إنتي مجنونة... فعلا مجنونة!
بس هريحك من جنانك ده... لما أشوف ابنك راهب راكع تحت رجلي!
ناهد تصـ ــرخ، تحاول تنقض عليها، لكن الرجالة يشدوها أكتر.
ناهد بصوت يتقطع من الألم:
ــ أخدتوا مني شمس قدام عيني...
لو قربتوا من ولادي... هقتـــ ـلكم! كلكم! هقتـــ ــلكم!
سحر تضحك بخبث:
ــ ولادك؟ إنتي لسه فاكرة إن ليكي حاجة فيهم؟
لو راهب ما نفذش كل طلباتي، مش إنتي بس اللي
هتمــ ـوتي... ولادك... وحفيدك كمان!
ناهد بتجمد مكانها، تهمس:
ــ حفيدي؟!
سحر تقترب منها، وهمسها مليان ســ ــم:
ــ آه... حفيدك.
ابن راهب... قصدي،ابن التجربة..!
ناهد تبص لها، والعالم ينهار حواليها. صدمة، حيرة غضب، وانهيار يضربها دفعة واحدة...
لكن جوا عينيها، شيء جديد بيتولد.
رغبة في الانتقام... وعزم إنها تخلص الكل من سحر!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلي على الحبيب 💙
«الفصل 28من روايه ارنــاط»
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الحديقة - أمام الأشجار المثمرة
كانت ليلى واقفة وسط الخضرة، الشمس تنعكس على شعرها، والنسيم يداعب أطراف فستانها.
راهب ويوسف يراقبونها من بعيد
ثم همس يوسف:
ــ هي دي ليلى؟
رد راهب بصوت خافت:
ــ أيوه!
قال يوسف وهو بيشجع راهب:
ــ عارف إنها لحظة صعبة، بس لازم تقولها الحقيقة.
يتنهد راهب ويتقدم بخطى ثابتة، ثم يرفع صوته:
ــ فين شهد؟
تلتفت ليلى، وملامحها تتبدل من الهدوء للصدمه فالرجل اللي بيظهرلها دايما واقف قدامها.
قالت باندفاع:
ــ إنت ورايا ورايا! إيه اللي جابك هنا؟
راهب بتلقائيه:
ــ إنتي اللي جبتيني.. فين أختي؟
كانت ليلى متوقعة إن أرناط اللي ييجي مش راهب بدأت تشك إن أرناط كان بيكذب من البداية حتى في اسمه،لكن لما شافت راهب تفكيرها اتغير..
صـ ـرخ راهب:
ــ فين شهد؟ فين أختي؟!
ردت ليلى وهي بتحاول تخفي ارتباكها:
ــ اطمن، شهد كويسة... بس...
راهب بتركيز:
ــ بس إيه؟ اتكلمي!
همست ليلى لنفسها:
ــ معقول؟ سحر بتلعب بيكم كلكم؟ يمكن شهد أصلا مش أخت أرناط...
صـ ـرخ راهب:
ــ أنتي بتقولي إيه؟ فين أختي؟!
فقالت ليلى بلا وعي:
ــ حطيتها في الفرن، روح طلعها! إنت بتعلي صوتك ليه؟ قلت لك أختك كويسة في الحفظ والصون!
ابتسم راهب بمرارة:
ــ طيب... ممكن أشوفها بعد إذن حضرتك؟
سارت ليلى أمامهم، وهم خلفها. همس يوسف لراهب:
ــ هي ليلى ما عرفتكش؟ وبعدين مين أرناط اللي قالت اسمه؟
رد راهب:
ــ أرناط هو باقي الحكاية... وبعدين هي هتعرفني إزاي؟ أنا بعد الحـ ـادثة وشي وصوتي اتغيروا.
يوسف بتفهم:
ــ آه صح... نسيت.
يوصلوا عند غرفة شهد، فتقول ليلى:
ــ شهد... أخوكي جه.
تمد شهد إيديها، وراهب يركض لها يحتضنها بقوة:
ــ أنا جيت يا حبيبتي، ماتخافيش.
قالت شهد بهدوء:
ــ أنا مش خايفة... ليلى معايا.
يبص لها راهب بابتسامة فيها امتنان
ثم يسيب شهد ويتوجه لليلى:
ــ ممكن أفهم؟ خطفتي أختي ليه؟ عايزة فلوس؟
رفعت ليلى حاجبها وقالت بسخرية:
ــ ده على أساس إني من منافسينك يا سيادة رجل الأعمال المهم؟ واضح إن في سوء تفاهم. خد أختك وامشي. بس قبل ما تمشي،ممكن سؤال واحد...
راهب:
ــ اتفضلي.
ليلي:
ــ سحر الطوخي... تعرف عنها إيه غير إنها مرات أبوك؟
قال راهب:
ــ سحر مش سهلة... وعندي معلومات إنها شغالة مع منظمة.
نظرت له ليلى باهتمام:
ــ تمام... تعرف إيه كمان؟
لكن قبل ما يرد، دخل أرمان بسرعة:
ــ ليلى... في ناس محوطة الفيلا كلها. مسلــ ـحين. أكيد رجالة سحر.
شهقت ليلى:
ــ بس إزاي عرفت مكاننا؟!
نظر أرمان لراهب ويوسف:
ــ أكيد كانت مراقباهم.
فجأة.. ينفجــ ـر صوت الرصــ ـاص من كل اتجاه!
راهب، يوسف، وأرمان يطلعوا أسلــ ـحتهم
صــ ــرخ راهب:
ــ يوسف! إحنا هنغطي عليك. خد ليلى وشهد واخرجوا من الباب الخلفي!
بصت ليلى لأرمان، فقال لها مطمئنا:
ــ روحي معاه، ما تخافيش... هحصلك.
نظر راهب لأرمان بنظرة غيرة واضحة وقال بانفعال:
ــ أنجز يا يوسف، مافيش وقت!
يوسف ياخد ليلى وشهد ويخرج من الباب الخلفي يواجه رجال سحر لكنه يتعامل معاهم بقوة ويقدر يهرب بيهم.
بعد شوية، يظهر راهب وأرمان، ويدخلوا العربية
في الطريق، قال راهب:
ــ سحر ليه بتطاردك؟ عايزة منك إيه؟
قالت ليلى بارتباك:
ــ مش عارفة... كنت فاكرة بتطاردني علشان بحثي وهي فعلا أخدته، بس واضح انها لسه عايزه مني حاجه تاني
يوسف وراهب يتبادلوا نظرات فهم.
قال راهب بهدوء:
ــ طيب انا ممكن اساعدك واحميك منها!
قالت ليلى بسخرية:
ــ تحميني؟ أختك اتخطفت من بيتك، وجاي تقول لي هحميك؟!
يوسف ضحك، وراهب ضـ ـربه بخفه
قال يوسف بضحك:
ــ معاها حق والله...
راهب بنظره عتاب ليوسف قال:
ــ خلينا نروح مكان آمن ونتكلم هناك.
قال أرمان:
ــ ليلى، هو عنده حق... لازم نغير مكان عالية وشادي كمان.
أول ما راهب سمع اسم شادي، قلبه دق بسرعة، وقال بلهفة:
ــ قولي هم فين؟ هنجيبهم، ولما يبقوا معانا هيكونوا بأمان.
ليلى لاحظت نظراته واستغربت:
ــ طيب... هديك العنوان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المنزل اكمل
يدخل رائد، ماسك التليفون وعينه لسه على الشاشة بيقرا رسالة من ليلى.
رائد:
ــ جدو... ليلى بعتتلي رسالة بتقول نروح المول اللي جنبنا بعد نص ساعة.
أكمل كان قاعد يقرأ في كتاب، يقفله ويحطه على الطاولة، ويخلع نضارته،بنبرة استغراب:
ــ ليه ماجتش على البيت؟ هي نسيت إن ده بيتها ولا إيه؟
رائد وهو لسه مش فاهم:
ــ أنا كمان استغربت، ليه عايزة تقابلنا في المول مش هنا.
أكمل بقلق واضح:
ــ ليلى مخبية حاجة... في حاجة مش مظبوطة.
رائد بحزم:
ــ طيب نروح ونشوف، يمكن يكون في حاجة مهمة.
أكمل يلبس نضارته بسرعة
وياخد المفاتيح من فوق الطاولة:
ــ ربنا يستر... قلبي مش مرتاح خالص
يلا بينا...
رائد يمشي وراه وهو بيبص تاني على الموبايل وجهه متوتر،بصوت واطي:
ــ يارب نلحقها قبل ما يحصل أي حاجة...
يخرجوا الاتنين من البيت والباب يتقفل وراهم على صوت خطواتهم المستعجلة...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخلي – منزل عالية – مساء
تفتح الباب بسرعة... عالية تقف مذهولة وهي ترى ليلى تدخل ومعها راهب وأرمان ويوسف.
عالية مستغربة:
ــ مين دول يا ليلى؟
ليلى بسرعة وقلق:
ــ مش وقت أسئلة يا عالية. جهزي كل حاجة
شادي وحاجتك كمان، هنمشي من هنا حالا.
عالية تدخل وراءها الغرفة
تبدأ بلم حاجتها في عجله
راهب يتلفت في الصالة، عينه تدور بحثا عن شادي… حتى تقع نظراته عليه، نائم في سرير صغير بجانب الجدار.
يتقدم نحوه بتردد، بينما يوسف يراقبه بصمت يلاحظ الشوق الظاهر في عيون راهب.
راهب يقف بجانب شادي
يتأمله لحظات، ثم يلمس خده برفق.
شادي يتحرك في نومه
ثم يفتح عيونه… يبتسم فورا وكأنه يعرفه.
راهب بهمس مشدوه:
ــ ما شاء الله… إنت طفل جميل أوي يا شادي.
شادي بصوت طفولي، أول مرة ينطق الكلمة:
ــ بابه…
راهب يتجمد، ثم يبتسم على استحياء ويحمله، يقبّله في حنان.
ليلى تخرج فجأة من الغرفة على صوت ابنها، تتوقف مصدومة،بدهشة:
ــ شادي قال له بابا ليه؟
راهب بفرحة حقيقية لا يستطيع إخفاءها:
ــ بابا…
شادي يعيد الكلمة بضحكة بريئة:
ــ بابه…
ليلى تشعر بشيء غريب يغمرها، مزيج من الحيرة والدفء، لكنها لا تفهمه، فتأخذ شادي من ذراع راهب.
ليلى بصوت منخفض:
ــ إحنا جاهزين.
راهب يسيطر على مشاعره بسرعة:
ــ تمام. هنوصل عالية وشادي الأول
بعدها نروح نجيب جدك وأخوك…
ثم يلتفت إلى يوسف:
ــ وإنت تروح تجيب رهيفا. ماينفعش نسيب أي حد ممكن سحر تستخدمه ضدنا، لازم نامنهم
ليلى بتساؤل مضطرب:
ــ بس هي بتطاردني أنا… إنت كمان بتأمن على أهلك؟ هي بقت وراك إنت كمان؟
راهب بنبرة جادة:
ــ سحر رقبتنا لما جينا عندك… وعرفت إني أعرف مكانك ممكن تستغل أي حد بحبه عشان تجبرني اقول لها على مكانك، أنا دايما بحب أعمل حسابي… ما اسيبش ثغرة، لا كبيرة ولا صغيرة.
ليلى بصوت نادم:
ــ واضح إني ورطتكم معايا…
راهب ينظر لها وهي شايلة شادي
ثم يقول بصدق هادئ:
ــ ولا يهمك… إحنا مع بعض. يلا بينا.
يوسف يتقدم:
ــ أنا هجيب رهيفا، ونتقابل في المكان اللي اتفقنا عليه.
أرمان ينظر إلى راهب، يلاحظ تعلقه بليلى ويحاول اختباره:
ــ أنت تقدر تروح مع يوسف، وأنا آخد ليلى وعالية وشادي.
راهب برفض حاسم:
ــ لأ طبعا. لو سبتكم، حياتكم هتكون في خطر. أنا ويوسف مرتبين كل حاجة.
يوسف يومئ له:
ــ يلا، الوقت بيجري.
أرمان يفتح الباب، يتأكد إن الشارع آمن.
ليلى تخرج أول واحدة، تحمل شادي، يليها عالية، ثم راهب وأرمان.
يوسف يتأخر لحظة
يلتفت نحو راهب ويقول بهدوء:
ــ خلي بالك منهم.
راهب يرد بنظرة كلها وعد.
يوسف يختفي في الظلام.
وهم يغادرون، وسيارة تقف في الانتظار…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المول – مساء
ليلى تمشي بخوف واضح
تلفت حواليها بتوتر:
ــ رائد... فين جدو؟
رائد يحاول يطمنها:
ــ جاله تليفون من المصحة ومشي على طول. قال هيكلمنا أول ما يخلص.
ليلى بغصة:
ــ ليه يا جدو...حياتك بقت في خطــ ـر دلوقتي!
رائد بجدية:
ــ ليلى، ممكن أفهم بقى؟ إيه اللي بيحصل معاكي؟!
ليلى تمسك بإيده، تشده للخارج من المول ويتجهوا ناحيه العربيه
رائد يفتح الباب، وبيتصدم لما يشوف راهب جالس في الكرسي الأمامي.
رائد بدهشة:
ــ راهب؟! إنت بتعمل إيه هنا؟
ليلى مفزوعة:
ــ رائد… إنت تعرفه؟
رائد بتلقائية:
ــ آه… ده راهب، أخو شهد… البنت اللي بحبها.
راهب يرفع حاجبه ويقاطع بنبرة هادئة لكنها حادة:
ــ لم نفسك شوية… قدامي.
ليلى تبتسم بخفة، تحاول تخفف التوتر:
ــ هي شهد دي اللي كنت بتقولي إنك معجب بيها؟
رائد مستغرب:
ــ إنتي تعرفي شهد؟!
ليلى بهدوء:
ــ آه، أعرفها… ومن قبلك كمان.
رائد بنظرة مشوشة:
ــ إزاي يعني؟ أنا اللي حكيتلك عنها…
ليلى ببساطة:
ــ قابلتها في هولندا… وعشنا سوا فترة.
راهب بتضايق واضح وهو يعدل في كرسيه:
ــ ممكن نتحرك بقى؟ ولا فقرة التعارف دي لسه مخلصتش؟
ليلى بضحكة خفيفة وهي تفتح الباب الخلفي وتركب:
ــ هو حد ماسك إيدك؟! إنت اللي هتسوق.
راهب يشغل المحرك، نظرة سريعة في المراية الجانبية، ثم يضغط على دواسة البنزين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الجانب التاني عند سحر
سحر بنبرة باردة وقـــ ـاتلة:
ــ إنت اللي كنت بتتابع حالة المجنونة ناهد؟
أكمل يرفع عينه ليها، نظرته ثابتة، صوته هادئ لكن وراه
نـ ـار،بهدوء يخترق السكون:
ــ ناهد مش مجنونة…
إنتي اللي مريضة، ومحتاجة علاج…
قبل ما السواد اللي جواكي ياكلك تمام
سحر تضحك، ضحكة باردة كأنها تقطر سم
تتقدم خطوة،بسخرية:
ــ أنا أتعالج؟
عارف يا اكمل انا شايفاك ازاي ،عجوز شايل شجاعه مش بتاعته وهو واقف في وكر الافعى في لحظه ممكن يمــ ـوت
أكمل يقترب منها بثبات:
ــ اللي بيخاف منك مـ ـات…
وأنا لسه واقف… ولسه شايفك على حقيقتك.
سحر بصوت منخفض، كله تهديد:
ــ يبقى هتمــ ـوت يا دكتور أكمل…
بس مش دلوقتي… دورك لسه ما جاش
دلوقتي… تخش للمجنونة اللي جوه… تديها الجرعة، وتهديها. لمصلحتها… ولمصلحتك.
أكمل بغضب مكبوت:
ــ أنا كشفت لعبتك يا سحر…
عرفت إنك خطفتي ناهد لما المصحة بلغتني إنك استلمتيها بنفسك…
كل ده عشان وصلت لراهب، ابنها.
بس ليه؟ ليه كل ده؟ سيبيها… كفاية سبع سنين محرومة من ولادها.
سحر بعينين لامعتين بخبث:
ــ ما أنكرش إنك ذكي…
قدرت توصل من حروف كتبتها ناهد، ومن متبرع بفصيلة دم نادرة… وتفك الشفرة.
كنت فاكرة اللعبة محكمة… سبع سنين ما حدش شم ريحتها.
بس إنت… فاجأتني.
أكمل بتصميم:
ــ خلاص… لعبتك خلصت.
عبد الحميد مـ ـات… خدتي منه كل اللي انتي عايزاه.
سيبيها ترجع لولادها… هي مش لعبة، دي أم.
سحر تقترب منه بخبث وهمس:
ــ إنت ذكي يا دكتور أكمل…
بس للأسف… غبي.
عرفت تحل شفرة ناهد… وما عرفتش تحل شفرة أحفادك!
أكمل تغيرت نبرته، توتر وقلق في صوته:
ــ تقصدي إيه؟
لو قربتي منهم… أقسم بالله ما هرحمك!
سحر بهدوء كاسح:
ــ أنا قربت خلاص… وخدت اللي عايزاه.
بس لسه في جزء ناقص… واللعبة تكتمل.
والأغرب إنهم ضحكوا عليك…
إنت، بكل ذكاءك…عجزت انك تشوف حقيقه احفادك
أكمل بصوت عالي:
ــ قولي بوضوح! كفاية لف ودوران!
سحر تبتسم بمكر:
ــ هتعرف في الوقت المناسب…
دلوقتي خش… وسيطر على ناهد.
كل دقيقة بتعدي، مش في صالحها…
ولا في صالحك.
أكمل وهو يتنفس بصعوبة، خطواته بطيئة وهو متوجه للباب… قلبه مش مطمئن، وحلقه ناشف من الخوف اللي مش عايز يعترف بيه؟!