رواية بيت العجايب الفصل الثامن والعشرون 28 والتاسع والعشرون 29 بقلم سهام العدل


رواية بيت العجايب الفصل الثامن والعشرون 28 والتاسع والعشرون 29 بقلم سهام العدل



 رأت جيهان خروج الشابان إلى الحديقة وعلى وجههما الضيق ثم تبعتهما ميان فلم تشعر بإرتياح… نهضت من مجلس الفتيات وذهبت إليهم لتطمئن عما يدور…
-رآها ثلاثتهم تقترب ترفع فستانها قليلا من الجانبين… فأسرع معاذ وقابلها قبل أن تصل إليهم…
-توقفت جيهان وسألت بقلق :فيه إيه… خارجين ليه؟
-معاذ بإنفعال : أنتي إيه اللي خرجك ياهانم… ماشية وسط الناس بتستعرضي نفسك بالأحمر اللي أنتي لابساه ده؟!!
-جيهان بانكسار : إيه اللي بتقوله ده؟.. أنا قلقت عليكم وقولت حاجة حصلت وجيت أطمن.
-معاذ بعصبية : اللي سمعتيه… و اتفضلي ادخلي اقعدي وسط البنات ولو دخلتي الاوضة اللي فيها قرايب العريس ده هكسرلك رجلك…
-اقترب منهما ميان وأدهم ونهرته ميان : فيه إيه يامعاذ… ماتهدي شوية… عملت إيه البنت لكل ده..
-نظرت له جيهان بعيون دامعة وتركته وعادت للمنزل….

◾ تجلس وسيلة شاردة تفكر فيما قررت وهل فعلت الصواب أم أنها بذلك تحكم على نفسها بالتعاسة الأبدية… لاحظ حمزة شرودها وعلامات الحزن على وجهها فمال عليها متسائلاً : ممكن أفهم إيه سبب حزنك وشرودك ده.
-انتبهت وسيلة فرسمت ابتسامة وقالت بتحفظ: لا أبداً.. مفيش حاجة.
-حمزة بتعجب: ممكن أفهم ليه حاطة كل الحواجز دي بيننا… حاسس إنك بعيدة أوي… قربي مني ياوسيلة… ليه البعد ده؟!!!
-وسيلة بحزن : احنا لسه مفيش بينا حاجة عشان الحواجز تتشال… مجرد أيام بسيطة لسه… وبكرة (ثم ابتلعت غصة مريرة تؤلم قلبها واستكملت بيأس) بكرة الأيام هتقرب المسافات… أما دلوقتي مفيش بينا رابط شرعي.
-حمزة وقد لمعت عينيه بفكرة مفاجئة… ابتسم بمكر ثم قال لها :وليه نستنى لبكرة…
- وسيلة بعدم فهم : مش فاهمة.
-حمزة بابتسامة : هتفهمي دلوقتي.
-ثم نهض تحت ناظري وسيلة وذهب إلى أمه ومال على أذنها يتحدث وهي تبتسم والسعادة تملأ وجهها…
-ثم انتقل إلى جدها الذي مال عليه هو أيضا ويتحدث بإبتسامة… ثم رأت نظرات الحيرة على وجه جدها وبعدها أشار لأمها فجاءته وهي مبتسمة ومالت تسمعه فابتسمت وهزت رأسها بترحيب… كل هذا ولم تعلم وسيلة مالخبر؟

-بعد قليل خرج وائل مسرعاً من المنزل ماراً بمعاذ وأدهم اللذان يقفان ممسكين هواتفهم ويضغطان عليها بقلق…
-تعجب وائل من وقفتهم ولكن ليس لديه وقت ليقف مستفسراً… ولكن استوقفه معاذ : وائل… وائل.
-وقف وائل : أيوة يامعاذ.
-معاذ بتساؤل : رايح فين؟
-وائل بتذمر : هجيب المأذون… جدك طلب مني أجيبه.
-جحظت عيني معاذ من المفاجأة ثم قال بانفعال : إيه الجنان ده… إحنا مش متفقين على خطوبة بس؟!!
-وائل بتعجب : ماتهدي ياعم فيه إيه؟؟… حمزة عاملهالها مفاجأة هيكتب النهاردة مع الخطوبة وهياخدها الأسبوع الجاي.
- وقف معاذ يزفر بغيظ مما جدَّ عليهم ولايستطيع البوح بشيء الآن لوائل… فكر قليلاً ثم قال له : خلاص روح أنت وأنا هجيب المأذون.
-وائل نافياً : لا أنا رايح أنا… ادخلوا أنتوا مع جدي وأعمامي مينفعش نسيب الناس كده… وتركهم وغادر….
-ضرب معاذ الأرض برجله وقال بانفعال : عاجبك كده ياآدهم… الأمور بتطور بشكل غريب ومروان باشا قافل تلفونه… حاجة تهبل…
-أدهم هو الآخر بغيظ : لا وكمان مش في المستشفي والعيادة محدش بيرد…
-معاذ : واحنا هنقف كده… تعالي نتكلم مع جدي يمكن يلين….

◾ يقف بسيارته على أحد جوانب الطريق في منطقة هادئة… يجلس فيها حزيناً مهموماً بعيون دامعة كطفل صغير حُرِمَ من أمه… أخرج من جيبه علبة صغيرة وفتحها وتناول منها قرصاً من المهدئات التي أقبل على تناولها مؤخراً… ثم مال برأسه على تارة القيادة متوسداً ذراعيه… غفا قليلاً رآها تقف بعيداً باكية وتمد له يداها وكأنها تستنجد به أو تطلب منه ألا يتركها وهو يقف ناظراً لها من خلف حاجز حديدي… يدفعه بيده بقوة لعله يزيله ولكنه لايستطيع… يحاول ويحاول ويناديها بقوة : وسيلة… وسيلة.
-ثم استيقظ فجأة وصوته يناديها : وسيلة…
-اعتدل جالساً ينظر في الفراغ أمامه بإصرار على استردادها… ثم أدار السيارة وانطلق بها….

◾ بعد قليل أتى المأذون ودخل برفقة وائل بين أنظار الجميع الذين تفاجأوا بحضوره… نظرت وسيلة متعجبة ثم انتابها الخوف والقلق فمالت على حمزة : مين ده؟
-حمزة بإبتسامة : إيه رأيك في المفاجأة دي؟… ده المأذون.
-اصفر وجهها وتعالت نبضاتها وتملك التوتر منها وقالت : مأذون إيه… إحنا متفقناش على كده… إحنا متفقين الأسبوع الجاي.
-ابتسم لها حمزة وقال بإعجاب : مانا هصبر عليك ياقمر للأسبوع الجاي… إنما هنكتب النهاردة ونلبس الدبل والأسبوع الجاي هتيجي معايا على بيتنا أنا وأنتي.
-وضعت وسيلة يدها على صدرها وقد انتابت البرودة كل جزء فيها… لاحظت أمها ذلك فنهضت واقتربت منها بقلق: مالك ياوسيلة… وشك إصفر ليه كده؟
- أمسكت وسيلة يد أمها تستمد منها الأمان : ماما… إحنا متفقناش على كتب كتاب النهاردة… ليه كده؟
-الأم وهي تدلك يد بنتها بحنان : اهدي ياوسيلة انتي بترتعشي ليه… إيه المشكلة… فرقها أيام يابنتي وكمان العريس عايز ياخد عليكي قبل الفرح… اهدي ياحبيبتي في الأول والآخر هيكون.
-وسيلة وهي تتشبث بيد أمها بقوة : مش قادرة ياماما… حاسة إني قلبي هيقف…
-الأم مطمئنة ابنتها : اهدي ياحبيبتي انتي اللي شادة أعصابك… دا كتب كتاب مش دخلة.
-نهض حمزة مبتسماً وذهب إلى الجد وجلس مقابلاً له بجوار المأذون الذي بدأ في ترتيب أوراقه لكتابه العقد…
-سقطت الدموع من عيني وسيلة لا إرادياً وقلبها يصرخ مما كتبه لها القدر… حرمان من الحب وحرمان من راحة الضمير بزواجها من شخص وحبها لشخص آخر… وكأن كُتِبَ عليها الشقاء للأبد.
- وقف معاذ وأدهم ينظر ان لبعضهما بحسرة وحزن… فقد فشلا في إقناع جدهما الذي رفض أن يستمع لهما مجرد ماعرف عن الأمر… وأخبرهم أن الأمر إنتهى… ثم التفت معاذ لجيهان التي تجلس على الجانب الآخر وسط الفتيات شاردة بحزن مما تتلقاه دائماً من معاذ… عندما نظر لها معاذ خشي للحظة أن يفقدها يوماً بسبب عناده وغبائه كما خسر مروان ووسيلة وقرر في نفسه أن ينتهي من أمر وسيلة المتعثر ويأخذ خطوة إيجابية تجاهها…..
-وضع حمزة يده بيد الجد لإتمام العقد ووضع منديل فوق يديها… وبدأ المأذون بالبسملة والصلاة والسلام على رسول الله.
-دخل مروان على الجميع بحالة يرثي لها شعر أشعث وعيون حمراء من كثرة البكاء وملابس غير مهندمة… اندفع تجاهه معاذ يجذبه إلى الغرفة التي فيها وسيلة والجد وبقية الحضور قائلا له : هيكتبوا الكتاب يامروان… إوعي تسيبها تضيع منك…
-وقبل أن يتم المأذون الحديث الذي يلقيه… اندفع مروان تجاههما جاذباً المنديل… قائلاً بقوة وهو ينظر لوسيلة التي أصبحت دموعها شلالاً لايتوقف من البكاء وبجوارها ميان ممسكة بيدها تواسيها : محدش هيتجوز وسيلة غيري.
-وضعت وسيلة يدها على فمها من هول المفاجأة… مروان يريدها زوجة له… يحبها… أيعقل؟
-ابتسم له مروان وأدهم ابتسامة تحثه على الثبات بينما تعالت همهمات بقية الحضور الذين وقفوا ليحصدوا المشهد كاملاً.
-وقف الجد منفعلاً : أنت اتجننت يامروان… جاي تفضحني أدام الناس.
-مروان بإنفعال : الفضيحة هتكون لو وسيلة بقت لغيري.
-نهض حمزة غاضباً : أنا مش فاهم حاجة… أنت مين أنت عشان هتتجرأ وتعطل جوازي من وسيلة.
-نظر له مروان بعيون ممتلئة بالكره الممزوج بالعذاب وقال له ناظراً لها : أنا الغبي اللي معرفتش قيمتها الا ماضاعت مني… بس خلاص انا هعوضها عن كل القهر اللي شافته بسببي.
-تجهم وجه حمزة من شدة الغيظ وقال للجد : أنا مبقتش فاهم حاجة ياحاج مهدي.
-المهدي بإعتذار : أنا آسف يابني… ثم نظر لمروان نظرة آمرة : أخرج بره يامروان خلي جوازة بنت عمك تتم.
-قامت أم حمزة المرأة ذات الستين عاماً ولكنها تمتلك قوة تماثل ابنة الثلاثين… واقتربت من ابنها موجهة كلامها للجد : إحنا بنتهان في بيتك ياحاج وده مش أصول… عايزين نعرف راسنا من رجلينا….
- مروان بحدة : خدي ابنك وامشوا من هنا محدش هيتجوز وسيلة غيري..
-الجد موجهها كلامه لممدوح ابنه : خد ابنك وطلعه من هنا ياممدوح… شكله اتجنن.
-نظر ممدوح لابنه بشفقة وهو في حيرة مابين ابنه وأبيه…
-تحدث المأذون : ماتفهمونا ياجماعة… فيه إيه ومين هيتجوز فيكم.
-حمزة مطمئناً المأذون : اقعد ياشيخ… اتفضل هنكمل… أنا اللي هتجوزها…
-أخرج مروان من جيب سترته مسدسا وأعده للإطلاق النار وسلطه على حمزة بين صرخات وشهقات الجميع… وقال بانفعال : هموتك قبل ماتكتب عليها وأنا على قيد الحياة.
-نهضت وسيلة وأسرعت واقفة أمام حمزة وقائلة بارتجاف وبكاء: مروان… نزل اللي في ايدك ده… أنا هتجوزك أنت بس بلاش اللي في إيدك ده أرجوك وبكت بحرقة.
-نظر لها مروان وانهمرت دموعه وقال : وسيلة أنا بحبك… أنا معرفتش يعني إيه حياة غير معاكي… أنا اتولدت على إيدك… مكنتش أعرف إني متعلق بيكي كده… أنا بتعذب من يوم مابعدتي عني… الدنيا اسودت من بعدك… وسيلة أنا مبقتش قادر أكمل حياتي من غيرك… أنا اتدمرت…. وسيلة اوعي تبعدي عني تاني ....
-اقترب منه معاذ ووقف بجواره وقال له : خلاص نزل المسدس ده وهنخلي المأذون يكتب كتابك عليها…
-نظر له مروان بعدم ثقة… ولكن قال الجد له بجدية : سيب اللي في إيدك يامروان واللي أنت عايزه هعملهولك.
-شعر مروان بالأمان والثقة من كلام جده فأنزل السلاح من يده بضعف... فجذبه منه معاذ…
-تنهد الجميع بإرتياح… وفجأة وقعت وسيلة مغشية عليها…..
◾-شعر مروان بالأمان والثقة من كلام جده فأنزل السلاح من يده بضعف… فجذبه منه معاذ…

-تنهد الجميع بإرتياح… وفجأة وقعت وسيلة مغشية عليها… تعالت الأصوات من الجميع: وسيلة… وسيلة…
-سقوطها أرضاً أسقط قلب مروان معها فاندفع تجاهها بقلق يناديها : وسيلة … والتف الجميع حولها…
-اقتربت أمها منها باكية تحتضن رأسها بينما يهتف مروان في الجميع بانفعال وقلق وعدم تركيز: واقفين كده ليه… هتسيبوها كده… حد يشوف لها دكتور…
-نظر الجميع لبعضهم بذهول… ثم جثي معاذ على ركبتيه وجلس بجوار مروان قائلاً له بتعجب : أمال أنت شغال إيه…
-نظر له مروان بصدمة وكأنه يسترد عقله : دكتور… آه… بس… بس…
-اخترقت أحلام الحشد الملفوف حول وسيلة وقالت لمروان بصرامة : أقف يامروان… أنت مش طبيعي… خده يامعاذ اعمله ليمون وخليه يرتاح…
-نظر لها مروان بإعياء ثم نهض وجلست مكانه أحلام التي بدأت تتفحصها ونادت : وائل… وائل… تعالي شيلها وديها على سرير…

◾بعد قليل في غرفة الضيوف يجلس المهدى وولديه ومعهم حمزة وعائلته…
-حمزة بانفعال : أنا الكابتن حمزة المناوي يترفع عليا سلاح… أنا اللي الكل بيعمل لي ألف حساب.
-تحدثت أمه هي الأخرى بعصبية : إحنا اتهانا في بيتك ياحاج ودي مش أخلاق ولاد الأصول…
-تحدث المهدى بحرج : أنا بصراحة وشي منكم في الأرض بس زي ماشوفتم دا شيء مكنش مترتب له…وحفيدي اتهور وأنا بعتذر لكم عن اللي حصل منه… وده في الأول والآخر نصيب.
-حمزة بتساؤل : بعني إيه ياحاج ده نصيب… أنا قريت معاك الفاتحة… و الفاتحة نص العقد..
-تدخل أحمد : يابني دا ابن عمها و كان جوزها وزي ماشوفت عايزها وبيحبها… يبقى هو أولى بها…
-أم حمزة بإستهزاء: وأما كان بيحبها كان طلقها ليه… ولا مخدهاش ليه من يومها… جاي يكسر فرحة ابني؟
-ممدوح : نصيب ياحاجة واحنا بنعتذر لكم عن اللي حصل.. بس وسيلة مش هيتجوزها غير مروان.
-نهضت أم حمزة واقفة : وأنا ابني ألف من تتمناه… وبكرة أجوزه ستها… ياللا بينا ياحمزة…

◾ فتحت عينيها بثقل… رؤيتها مشوشة… تشعر بصداع يكاد يفتك برأسها… وأخيراً انتظمت الرؤية لديها ونظرت بجوارها وجدت أمها على جانب وعمتها فريال على الجانب الآخر….
-تساءلت بإعياء : أنا فين وإيه اللي حصل… ثم تذكرت فجأة ماحدث، فانتفضت جالسة،،، تسأل بقلق وتنظر على جانبيها : مروان…المسدس… مروان كويس؟
-أمسكت يدها أمها مهدئة إياها : كويس ياوسيلة اهدي أنتي ياحبيبتي.
-عادت وسيلة إلى نومتها وتساءلت بهدوء: وحمزة؟
-فريال وهي تمسح على كتفها : خلاص ياحبيبتي راح لحاله… ارتاحي بقى وانسى عشان مروان عايز يقعد معاكي.. دا هيموت من القلق عليكي…
-شردت وسيلة في حب مروان الذي اتضح لها فجأة دون مقدمات وأين كان يخبأه… ولماذا الآن بعد كل مارت به… ورغم لاتنكر سعادتها بهذا الحب الذي طالما تمنته وحلمت به… ولكنها الآن غير مستعدة للقائه أو الحديث معه… فالتفتت لعمتها : معلش ياماما فريال،،، ممكن تخليه يأجل الكلام لبعدين لاني مش مهيأة نفسياً لأي كلام دلوقتي؟
-فريال بابتسامة : حاضر ياحبيبتي.
-نظرت وسيلة لأمها وشددت على يدها قائلة بإعتذار : سامحينى ياماما… كسرت فرحتك.
-ابتسمت لها أمها بحنان وقالت : قدر الله وما شاء فعل ياحبيبتي… وأهم حاجه عندي فرحتك انتي.

◾ يجلس في الحديقة على أحد الكراسي في جانب مظلم مائل بجزعه… مائلا برأسه يسند جبهته على كفه… هالات الحزن محيطة به… وهي الأخرى تقف تراقبه عن بُعد منذ أن ترك المكان وخرج إلى الحديقة… حزنه يؤلمها وينهش في قلبها… تمنع نفسها عن الاقتراب منه بصعوبة ولكن كلما أطال على هذا تفقد تحكمها في نفسها… وفي النهاية قررت الإقتراب منه ومشاركته أحزانه…
-حملت كرسي في يدها واقتربت منها ووضعته بجواره وجلست عليه… رفع وائل بصره وجدها… لم يبدِ أي إهتمام وأخفض بصره مرة أخرى…
-بدأت آثار الحوار… فسألته بحنان : مالك ياوائل؟
-تحدث وائل بصوت منخفض : زي ماأنتي شايفة.
-آثار : شايفاك زعلان… وبصراحة مش قادرة أشوفك كده.
- اعتدل وائل في جلسته ونظر إليها وقال : أنا زعلان على وسيلة… قلبها كبير وطيبة ومفيش أجدع منها… بس حظها وحش… مبتعرفش تفرح… الدنيا ظالمها…
-آثار : بالعكس حظها حلو عشان ربنا أنقذها في آخر لحظة وبعت لها الإنسان اللي بيحبها بجد ووسيلة كمان بتحبه.
-وائل بضيق : وطالما بيحبها ظلمها ليه… عمل فيها ليه كده وكسر قلبها… اللي بيحب ياآثار ميجرحش اللي بيحبه ولا يظلمه.
-نظرت له بحزن وقالت : عندك حق بس احنا كبشر مش معصومين من الخطأ والذكي فينا اللي يتعلم من غلطه ولو ضيع الفرصة مرة وجاتله تاني يمسك فيها بإيديه واسنانه ويحارب الدنيا عشانها.
-نظر لها وائل بحيرة ثم قال : حاسس إن كلامك واخد اتجاه تاني.
-ابتسمت بحزن ثم قالت : بالعكس هو نفس الاتجاه بس مع تغير الأشخاص.
-وائل يدعي عدم الفهم : مش فاهم؟
-نظرت له بخجل وأخفضت بصرها أرضاً ثم تنحنحت وقالت مغيرة الموضوع : قصدي أقف جمب وسيلة تتجوز اللي بتحبه ياوائل… لأن حرام قلبين يقضوا أجمل أيام حياتهم في فراق وعذاب… وتركته ونهضت مغادرة…
-لمست كلماتها قلب وائل الذي كان ومازال ينبض بعشقها الأبدي… وهو يعلم جيدا ماتريده من كلماتها له ولكنها لا تعلم أن يريدها بجواره ويرغبها أضعافها… فاستوقفها منادياً : آثااااااار..
-وقفت آثار والتفتت له،،، ففاجأها : تتجوزيني؟
-لمعت عينيها بدموع السعادة وملأت الإبتسامة وجهها وهزت رأسها بالموافقة… ابتسم لها بسعادة ثم جرت واضعة يدها على صدرها فارَّة إلى الداخل. ج

◾ مر أسبوع ووسيلة مازالت ماكثة مع جدها في شقته بناء على رغبته… طلب منها أن تظل بجانبه… رغم أنه لم يتحدث معها في شيء وهي الأخرى لم افاتحه في شيء ولكنه أرادها بجواره وهي لم ترفض ذلك…
-في الحديقة يجلس أدهم بانتظار ميان التي لحقته على عجل…
-أدهم بحب : ميان وحشتيني.
-ميان : أنت كمان وحشتني أوي…
-أدهم : حاسس إنك بعيدة عني أوي رغم إن أننا عايشين في بيت واحد.
-ميان : فعلآ ياأدهم… من يوم خطوبتنا والجو مش مساعدنا اننا نتجمع او نشوف بعض غير دقايق.
-أدهم بحماس : ماأنا عشان كده بعتلك النهاردة.
-ميان بحيرة : خير فيه حاجة ياأدهم.؟
-أدهم بحب : أنا قولت لبابا وهنعمل الفرح الأسبوع الجاي.
-ميان بتعجب : بجد… بس أنت فاجأتني ياأدهم… وكمان… جدي… ووسيلة؟
-أدهم : جدي هندخل دلوقتي نعرفه… ووسيلة هتفرح طبعاً وكمان خلي البيت يفرح كده ويغير جو الحزن ده.
-ميان بعبوس: بس هلحق أجهز نفسي الاسبوع ده؟
-أدهم : الشقة جاهزة ومبقاش ناقصها حاجة… وهو انتي هتحتاجي اكتر من اسبوع ياميان تجهزي فيه… وبصراحة(وغمز لها) مبقتش قادر على بعدك.
-خجلت ميان واحمر وجهها ونظرت أرضاً… فابتسم لها أدهم وجذب يدها وقال بحب: قمر وانتي مكسوفة…
-فاجأه صوت معاذ مازحاً: إيدك… ابعد إيدك عنها هقتلك.
-انتبه أدهم فترك يدها سريعاً كرد فعل تلقائي وعندما وجده معاذ قادماً قال بانفعال: إيه الرذالة دي يامعاذ خضتني.
-ميان هي الأخرى : أنا كمان اتخضيت.
-معاذ يدعي الجدية : ماتخضضوا… ماسكين إيد بعض وعاملين فيها عبد الحليم وشادية في الجنينة… دا أنتوا عايزين القتل.
-أدهم : احنا هتتجوز الأسبوع الجاي… لسه هعرف عمي ممدوح وجدي.
-معاذ بتلقائية : إذا كان كده ماشي… الأسـ…. ثم انتبه وقال بذهول : أسبوع الجاي ايه ياعم هو سلق بيض.
-أدهم : عايز اخلص يامعاذ… وكمان الشقة مبقاش ناقصها حاجة… هو حجز القاعة والكوافير والحاجات دي كلها هتخلص في أيام.
-قال له معاذ بجدية : أنا لو منك اكتب الكتاب واخطفها وأجرى… أصل احنا مبيكملناش فرح… يبقى اضمن حقك وخدها واهرب.
-أدهم رافضاً : لا طبعاً… أنا لازم اعملها فرح كبير وافرحها (ثم نظر لها بحب) هو أنا عندي كام ميان.
-ميان بحب : ربنا مايحرمني منك ياحبيبي.
- تذمر معاذ وقال باستنكار : أنا ماشي أنا أصل الحاجات دي غلط علي صحتي وخليكوا أنتوا حبوا في بعض.
-ميان بتساؤل : رايح فين؟؟
-معاذ : جايب سكرتيرة جديدة اما اروح اعاينها..
-ميان بذهول : تـ….. إيه.
-أدرك معاذ سخافته مزاحه فقال : قصدي اختبرها…سلام.

◾ تقف خلف النافذة الزجاجية تراقبه كعادتها يومياً أثناء ذهابه عمله وعند عودته… و لكنها اليوم أطالت النظر له عندما وقف مع ميان وأدهم… وقلبها الخائن يرقص طرباً لأنها استطاعت رؤيته مدة أطول… ولكن حنينها له يزداد كل يوم عن ذي قبل وقلبها يأبى أن يصبر على بعده… نفذت تعليمات وسيلة كما طلبت منها واهتم فترة قليلة ثم لم يسأل بعدها ولو قابلها يتجاهلها أو يختلق المشاكل وينهرها…
-دون تفكير وجدت نفسها تطلب رقم ميان لتطمأن عليه منها… وبعد عدة رنات ردت عليها ميان : هاي جي جي إزيك؟
-جيهان : إزيك ياميان… أنا كويسة.
-ميان : الحمد لله ياقلبي… فيه حاجة؟؟
-جيهان : أيوة… أنا شفت معاذ كان واقف معاكي انتي وأدهم… وبصراحة عايزة اطمن عليه؟
-ضحكت ميان ثم قالت بمكر: قولي كده بقى… بس بصراحه الأخبار متطمنش… جايله سكرتيرة جديدة وراح يعاينها وبصراحة إنا خايفة عليه منها.
-شعرت جيهان بالغيظ والغيرة وقالت : بتقولي إيه… سكرتيرة جديدة… نهارك أسود يامعاذ… سلام ياميان وأغلقت الخط دون أن تنتظر الرد منها.

◾ اقتحمت المكتب بانفعال وجدت أنثى تجلس على مكتبها لا تتجاوز الخامسة والعشرين… تشع أنوثة بفستانها الضيق القصير وشعرها البني الغجري الكثيف وعيونها الملونة بالعدسات اللاصقة ووجهها الممتليء بمساحيق التجميل…
-وقفت اتأملها بنظراتها هبوطاً ونزولاً وهي تشعر أن دمائها ستخرج من رأسها من شدة الغيظ… لم تتوقع أنها ستجدها على هذه الحالة… وأن تلك الأنثى المتأججة الأنوثة تجلس مع معاذ في مكان واحد… وتجلس بدلا منها..
-تعجبت السكرتيرة من نظراتها فتساءلت بصوت ناعم : أيوة يافندم… أي خدمة؟
-نظرت لها جيهان بغيظ واقتحمت غرفة معاذ تضرب الأرض بقدمها… وتبعتها السكرتيرة تعتذر لمعاذ: أسفة لحضرتك بس هي…. قاطعها معاذ مشيراً لها بالإنصراف.
-تفاجأ معاذ من دخولها المفاجيء ونهض مقابلاً لها يتساءل بقلق : جيهااان… مالك… فيه حاجة؟
-جيهان بعصبية : فيه حاجات يامعاذ… مين البتاع اللي بره دي… وبتعمل إيه هنا؟
-أدرك معاذ غيرتها المنبعثة من عينيها قبل لسانها ولكنه أحب الأمر فقال ببرود : سكريتيرتي.
-جيهان بانفعال: دي آخرها تشتغل رقاصة مش سكرتيرة.
-قال معاذ ببرود استفز جيهان : ليه مالها وحشة؟؟ بالعكس دي زي القمر… وواجهة حلوة للمكتب.
-تملك الجنون من جيهان فرفعت حقيبة يدها وضربته بها عدة ضربات متتالية : وكمان بتقول عليها حلوة…
-تأوه معاذ من ضرباتها المفاجئة… ثم ألقت الحقيبة ووقفت باكية….
-رق قلب معاذ لها فاقترب منها وتساءل بحنان : بتعيطي ليه دلوقتى… كنت أعمل إيه مش انتي اللي رفضتي ترجعي تاني معايا هنا.
-قالت من بين دموعها : فكرت اني مهما أرفض مكاني محفوظ بس شكلي غلطت اما اتعشمت… وكمان أنا مش واجهة حلوة لمكتبك… مبعرفش اعمل زي الست اللي بره دي… واتمايص وادلع… ممكن اكون مجنونة احيانا بس اللي في قلبي على لساني.
-ابتسم معاذ ومد يديه يمسح دموعها وقال باستنكار : مجنونة أحيانآ… قولي مجنونة على طول… مجنونة دائماً (نظرت له بعتاب على كلماته ومطت شفتيها.. فابتسم بحب وقال وهو يأكلها بعينيه) بس بعشق جنانك ده… وحشتيني ياجي جي… ثم جذبها إلى أحضانه التي استسلمت له هي الأخري وكأنها وجدت أمانها ومأمنها....




تعليقات