
رواية وقعت في دائرة الشر الفصل السابع عشر 17 بقلم هبة نبيل
عودة غير متوقعه... وانفجار الغضب
كان المنزل يعمّه صمت ثقيل. جلست يارا بجانب والدتها، محاولةً التخفيف عن قلبها الذي كان محملاً بكل ما لا يُقال. ولكن الكلمات كانت تخرج ضعيفة، وكأنها تبحث عن مخرج من هذا الجو المتوتر.
فجأةً، دق جرس الباب.
انتفضت يارا من مكانها، وركضت لتفتح الباب، عيونها تتسائل عن الزائر، غير مُدركة لما سيحدث.
كانت سارة، شعرها الطويل ينسدل على كتفيها، وابتسامة عريضة على وجهها، وحقيبة صغيرة في يدها واخري كبيره على باب المنزل
"وحشتونييييييي!"، قالتها سارة بصوت مرتفع وهي تفتح ذراعيها تجاه يارا.
يارا، التي كانت مشغولة بكل شيء إلا المفاجأة، صرخت فرحاً وأسرعت لتحتضنها.
"سارة! مش مصدقة! جيتي امتى؟"
ضحكت سارة وهي ترد عليها:
"من تلات ساعات في المطار لحد ما هلكت بس قلت ما أقدرش أستنى... لازم أشوفكم أول حاجة قبل ما اروح على بيتنا !"
أمسكت بها يارا، وسحبَتها إلى الداخل.
مَلامحها التي كانت مشحونة بالفرح، بدأت تتبدل عندما نظرت حولها. كان هناك شيء غريب في الجو... شيء ما لم يكن في محله.
وقفت صفيه، وابتسمت ابتسامة خفيفة وهي تقول:
"نورتي بيتك يا بنتي."
سارة ردت بحب:
"ده بيتنا... وكان لازم أرجع أشوفكم. وحشتوني أكتر مما تتخيلوا." بس مالكو في ايه حزانه ليه كلكو كده وانا اللي قولت هتعملولي حفلة وتجبولي تورتايه حلوة كده وتحتفلو بيا
لكن، في أعماق سارة، كان هناك سؤال يدور في رأسها. شيء في الجو لم يكن طبيعيًا.
"استنوا... في حاجة مش مظبوطة هنا...فين فرح اللي حكتيلي عنها يا يارا
عندما سمعَت يارا السؤال، تغيرت تعبيرات وجهها، وبدأت الدموع تلمع في عينياها
لم تجد يارا ما تقوله، إلا أن تبتسم بحزن.
مازال حسام واقفا متجمده على نفس هيئته المرعبه التي لاحظتها سارة وركضت إليه مسرعا لتحتضنه وهي: تقول بمرح لتخفيف التوتر: وحشتني اوي يا ابيه
لينتبه لها حسام ويقول بنبره جاهد ان يجعلها طبيعيه: انتي كمان وحشتيني يا سوسه العنب
سارة بضحك: ياااااه لسه فاكر انا وحشني اللقب ده اوي بجد انت مكنتش بتكلمني ليه ده لسه في خناقه بيني وبينك بس مش دلوقتي اومال فين اخوكم الطخ التاني الكبير الرزل ده هو لحد دلوقتي رزل ولا خف شويه
يوسف وقد لاحظ تغير وجه حسام ثانيا ليقول بمرح لتغير الموضوع: وانا موحشتكيش ولا ايه يخص عليكي لا بجد يخص عليكي لا انا زعلان
سارة: ايه ده يخربيتك انت لسه عايش
يوسف: يخربيت اهلك في ايه؟ انتي هتفولي عليا فعلا نسخه واحدة بس انتي بمكياج وهو بشنب مع ان والله لو مسحتي اللي في خلقتك هتبقي انتي وهو واحد مش هتبقي فارقه ربنا كان بلينا بلاوي دلوقتي بقو اتنين ياااارب صبرنا ع الايام الجايه
سارة: ولاه ولاه غور من وشي... صمتت قليلا ثم قالت بجديه... لا بجد يا جماعه في ايه؟ فيكو حاجه متغيره؟
حسام بجديه: سارة مش وقته ادخلي ارتاحي دلوقتي من السفر اكيد مش هتروحي دلوقتي انا بس هروح مشوار لازم اروحه ضروري وهرجعلكم
في الشركة التي يدرها جاسر
دخل حسام وهو يبدو غاضباً، تلاه سامي الذي كان يحاول تهدئته، لكن الغضب كان يعصف به هو إيضا
لم يتوقف حسام حتى وصل إلى المكتب حيث كان جاسر يجلس.
توجه حسام مباشرة إلى المكتب دون تردد، وعيناه تلمع بالغضب. ويليه
سامي الذي كان يحاول اللحاق به، قال في محاولة لتهدئته:
"استنى يا حسام، ما تخليش الغضب يسيطر عليك كده وبعدين احنا في الشغل مينفعش في موظفين وعمله كتير
لكن حسام لم يكن ليصغي له. وصل إلى المكتب وركل الباب بقوة، دخل عليه مباشرة، والجميع خلفه.
ثم صرخ في وجه جاسر:
انت السبب! انت اللي ضيعت فرح!"
جاسر نظر إليه بهدوء شديد، وكأن الموقف كله لا يعنيه.
رد عليه، صوته هادئ وبلا مبالاة:
"مفيش حاجة ضاعت... كل واحد بياخد نصيبه."
لكن رد جاسر لم يكن سوى إشارة لزيادة غضب حسام.
في لحظة، اندفع نحوه، قبضته مرفوعة، وعينيه يملؤها القهر.
سامي حاول أن يوقفه، لكن كان الأوان قد فات.
حسام بدأ يهز جاسر بعنف، وهو يصرخ:
"انت السبب في حبس فرح! وكل اللي حصل بسببك!" انا مش هسيبك.... قالها وهو يسدد له لكمة مباشرة افقدته توازنه
جاسر، بابتسامة هادئة، رد:
"مفيش حد ضيع حد... ده كان اختيارها هي."
لكن هذا الكلام أشعل غضب حسام أكثر.
في لحظة غضب شديدة، سدد له لكمه اخري في وجهه بكل قوته.
سامي كان يحاول الفصل بينهما، لكن الغضب كان أقوى من أي محاولة للتهدئة.
جاسر ببرود مميت وهو يمسح عن وجه اثار الدماء: ايه روميو وقع البت عرفت توقعك يا دغف
سامي بغضب عارم: انت ايه يا اخي انت ايه مخلوق من ايه ده انا حايشه عنك بالعافيه وحايش نفسي انا كمان انا لو سبته عليك هنقرا عليك الفاتحه بس انا مش هسيبه يضيع نفسه على واحد زيك
جاسر بنبره ساخره: لا جدع ياض المفروض انا بقي اترعب دلوقتي صح روح ياشاطر نام بدري عشان عندك مدرسه الصبح
هنا نفذ صبر سامي وانقض عليه هو وحسام سويا وظلو يسدده له اللكمات والركلات سويا
كان هذا وسط صدمة جميع الموظفين كان فيهم من يتدخل ليفض الشجار ومنهم من يهرول والعملاء يركضون مهرولين بذعر خارج الشركة حتي جاء الأمن والذين وقفوا متجمدين عندما اشار لهم حسام بالابتعاد....
عودة إلي منزل حسام....
رن جرس باب المنزل توجه الجميع نحو الباب، وتحت أنظارهم، وقف نادر.
كان نادر قد اختفى عن الأنظار لفترة طويلة، ولا أحد يعرف ما الذي فعله طوال تلك السنوات. لكن الآن، وهو يقف على عتبة الباب، كانت عينيه تحملان شيئًا من الغموض
صفيه: ايوه مين حضرتك؟
"نادر؟" قالتها سارة، وهي تقترب منه في ذهول، عيونها تتسائل عن السبب في عودته المفاجئة
يارا: نادر انتي تعرفيه يا سارة؟
سارة: ايوه نادر كان قاعد فترة ف انجلترا واتقبلنا هناك بس انت عرفت البيت هنا منين؟
نادر:
"رجعت يا سارة علشان أكمل اللي بدأته." قالها نادر بصوت هادئ، ولكنه كان يحمل قسوة غريبة
سارة: تقصد ايه؟ وبعدين انت واقف على الباب كده ليه؟ تعالي ادخل
صفيه بترحيب: تعالي اتفضل يابني
بالفعل دخل نادر وجلس في غرفه المعيشه ومعه يارا ويوسف وسارة وتتوسطهم صفيه
سارة: ممكن تفهمني بقي ايه اللي بيحصل وانت مش بتخبي عني حاجه مش كده؟
نادر: هفهمكو كل حاجه اسمعوني كويس في هذه الاثناء كانت يارا تبعث رساله إلي شقيقها حسام لتخبره بوجود نادر...
----
خارج منزل ندي...
كانت ندي لا تزال تشعر بالقلق، لكنها مازالت لا تعلم عن هشام شيئا سوي اسمه فقط وعندما وصلت إلى باب منزلها، هبطت من السيارة وكانت على وشك المغادرة ولكنها وقفت فجاة والتفتت ورجعت خطوات لتقول
ندي: "متشكرة جدًا يا هشام. كنت فعلاً في حاجة لحد يوصلني وشكرا انك انقذتني واسفه اني زهقتك... ثم ابتسمت له بعد عناء الرحلة ورحلت ثم وقفت مرة اخري ورجعت له مجددا وهي تقول بتردد... مش هشوفك تاني؟
هشام: "ولا يهمك يا ندي لا مش متأكد بصراحه بس ممكن... خلي بالك من نفسك اللي اقدر اقولهولك ان في أي وقت هتحتاجيني فيه هتلاقيني قدامك من غير متفكري اساسا يلا سلام " رد هشام بابتسامة دافئة ثم نظر إليها
أجابته ندي بابتسامة صغيرة، محاولة أن تبدو أقوى مما هي عليه في الداخل: "عارفة يا هشام. بس برضو لازم نكون دايمًا في ظهر بعض." اقصد يعني ولا حاجه سلام
ابتسم هشام وهو يشغل محرك سيارته مجددا ليرحل ومع تلك الكلمات، شعر كل منهما بتلك الرابطة التي بدأت تقوى بينهما، وأن الأيام القادمة ستكشف عن الكثير من المواقف التي ستختبر قدرتهم على مواجهة التحديات معًا
عودة إلي منزل حسام...
عندما كان نادر يتحدث لم ينتبه أحد لما قاله لأن فجأة وبدون سابق انظار دخلت مجموعة من الرجال المرتدين ملابس مموهة، وهم يحملون سلاحًا، يدخلون البيت بسرعة كبيرة، وكانوا يقتربون منهم جميعا
سارة، التي كانت تقف على الباب كانت في حالة صدمة. كانت تتابع المشهد أمامها وكأنها دخلت فيلم أكشن، لم تكن تتوقع أن تجد الأمور قد وصلت إلى هذه الدرجة....
عودة إلي مكتب جاسر بالشركة...
بينما كان الجميع مشغولًا بمحاولة تهدئة حسام رن هاتف حسام معلنه عن رساله جديدة عندما فتحها اتسعت عيناه من الصدمه وكان قبلها رساله اخري لم يكن قد قرأها من قبل وعندما فتحها ركض مسرعا وخلفه سامي الذي ترك جاسر للتو بغضب.