رواية اوجاع الماضي الفصل الثالث 3 بقلم سلوى عوض

رواية اوجاع الماضي الفصل الثالث 3
بقلم سلوى عوض



جميلة: عز، إنت بتقولّي إيه؟
عز: جميلة، بقولك جدو حامد اتصل بالبرنامج، وأنا كلمته، وطلب إننا نستضيف البرنامج في البلد، وأنا وعدته إننا هننزل الصعيد.
عز: ليه كده بس يا بنت؟

جميلة: مش حضرتك طول عمرك نفسك ترجع البلد، وتشوف تيتة وجدو وعمتك؟ وإحنا كمان لازم نعرف أهلنا، وأهلنا يعرفونا.
عز: نفسي طبعًا... بس خايف من المواجهة.

يدخل حامد
حامد: هو اللي أنا سامعه ده بجد؟ إحنا مسافرين البلد؟

عز: إزاي يعني؟ خلاص يا جميلة، سافري إنتي... ومتعرفيش حد إنك بنتي.
جميلة: ليه يا بابا؟ مش حضرتك كنت دايمًا بتتمنى إن جدي هو اللي يعلّق لي الكتّافات؟
عز: ياريت يا ابني... بس جميلة ما سابتش ولا حاجة!

جميلة: طب حضرتك ليه ما قلتلناش؟ إيه السبب اللي خلاك تسيب البلد؟ وليه جدو والعيلة كلها قاطعينك؟
إحنا عمرنا ما شفنا حد من أهلنا. مفيش غير قرايب المرحومة ماما.
إحنا من حقنا نعرف ليه.

أدهم: حقيقي يا بوب، أوعى يكون عليك تار وهربان منهم؟
يتاخد من حضرة الظابط حامد وميتاخدش منك إنت؟ ليه يا فالح؟

أدهم: لأ، أنا مش فاضي، ممكن بعدين.
جميلة: يا ابني، إنت هتعيش طول عمرك أهبل؟ احكي بقى يا بابا. فعلاً حضرتك عليك تار؟

عز: تار إيه بس... ده موضوع تاني خالص.
حامد: طب، عاوزين نعرفه.
الأب: حاضر، وإحنا بنتغدى هحكي لكم كل حاجة.
حامد: مش وقت غدا يا بابا، عاوزين نعرف.
عز: حاضر...

عز: من حوالي ٣٥ سنة، لما كنت في البلد، كنت خاطب بنت عمي، وكنا بنحب بعض. وجدكم كان فرحان جدًا، خصوصًا لأنها كانت يتيمة، وعايشة معانا.
كانت هي وإكرام أختي أصحاب.

لكن أخويا غير الشقيق... عبد الرحيم.
جميلة: هو حضرتك ليك أخ غير عمتو إكرام؟
عز: آه يا بنتي، أبويا كان متجوز والدته أيام ما كانت ظروفه بسيطة، وخلف منها عبد الرحيم.
وبعدها بكام سنة، لما ربنا وسّع عليه، اتجوز أمي، وكانت من المنصورة، جاية تزور خالها، وأبويا شافها وحبها واتجوزها.

لأن أم عبد الرحيم كانت من عيلة فقيرة وما كانتش حلوة زي أمي، كانت بتغير من أمي، وزرعت في قلب عبد الرحيم كره ناحيتي أنا وإكرام.

ولما ماتت أمي، عبد الرحيم ربيته معانا، بس كان بيكرهنا، ومرضيش يتعلم.
أما أنا دخلت المدرسة، واتعلمت، ودخلت كلية الهندسة، واتخرجت، وخطبت بنت عمي.

وفي يوم كتب الكتاب، جه لي عبد الرحيم وهو بيبكي، وقاللي إنه بيحب صفية بنت عمي، وإنه لو ما اتجوزهاش هينتحر.
صعب عليا أخويا، فسبت البلد كلها، وهربت من غير محد يعرف أنا مشيت ليه، غير إكرام أختي، وحلفتها ما تقولش لحد.

واللي ساعدني كان عمكم بسيوني، ووقف جنبي، واداني عنوان خاله، اللي هو جدكم والد مامتكم، وسكنت عندهم في البيت، واشتغلت معاه، لأنكم عارفين إن جدكم كان مقاول كبير.

وبعدها اتجوزت المرحومة والدتكم، وبقيت أعرف أخبار أهلي من بسيوني.

وعرفت إن عبد الرحيم اتجوز صفية بنت عمي، وخلفوا ولدين وبنت.
لكن اللي وجع قلبي لما عرفت إن أمي ماتت من ساعة ما سبت البلد، وإن أبويا اعتبرني ميت وخد عزاي.

أدهم (ببلاهة): أما قصة عبرة...
حامد: بس يا حيوان! إنت إيه، ما بتحسش؟

أدهم: طيب، ما كنت تقول لجدو إن أخوك عاوز يتجوز خطيبتك، وكنا خلصنا.
عز: جدك ما كانش هيوافق، لأنها كانت أمانة عنده، وكان عارف إن عبد الرحيم مش هيصونها، وده فعلًا اللي حصل.
يعني أنا كده شايل ذنبها.

جميلة: نفهم من كده إن حضرتك ما حبيتش ماما؟
عز: لا يا بنتي، والدتكم الله يرحمها، كانت ونِعم الزوجة، وعوّضتني عن فراق أهلي.

حامد: يبقى لازم نسافر كلنا، وتفهم جدو ليه حضرتك عملت كده.
عز: تفتكروا هيسامحني؟
جميلة: سيب دي علينا إحنا
جميلة: وبعدين حضرتك كنت قاصد خير؟
عز: والله يا بنتي، أنا فعلاً كنت قاصد خير.
قلت إن شاء الله أخويا حاله هيتعدل، وهيبقى بني آدم كويس.
وبعدين دول خلفوا، وشمس ابنهم ما شاء الله بقى كبير البلد، وعندهم كمان نزار وإلهام.

بس للأسف...
عبد الرحيم كسر قلب مراته، وكل شوية يتجوز عليها عرفي، وسمعته وحشة جدًا في البلد.
جميلة: أنا خلاص خدت القرار... وهنسافر كلنا. لازم تواجه جدو يا بابا.
حامد: وأنا مع كلام جميلة.
أدهم: وأنا كيس جوافة وسطكم كالعادة.

عز: خلاص يا أولاد... على خيرِة الله. الظاهر إن الأوان جه... وربنا يستر.
بس تفتكروا جدكم هيسامحني؟

أدهم: أقولك حاجة؟ تاخد كفنك على إيدك وتقدّمه لجدو!
حامد: يخربيت بواختك يا أخي!
عز: يا ابني، إنت إيه؟ الإحساس معدوم عندك؟
جميلة: سيبك منه... اعتبره مش موجود.
أدهم: شايف ولادك يا بوي؟

عز: ما هو بصراحة... إنت عيل بارد.
حامد يضحك: فعلاً، خليه هو اللي يقعد هنا.
أدهم: وأنا اللي كنت هسفّركم طيران!

جميلة: قلبك أبيض يا حبيبي.
أدهم: عشان خاطرك إنتي بس يا جيمو.
بس نسيب عز وأولاده ونروح الصعيد؟!

---

ينتقل المشهد إلى بيت شمس، يدخل الغرفة ليجد زوجته نائمة...
شمس: روضة... قومي يا روضة.
وحشتيني، وعاوز أقعد معاكي.
يا ريت أعرف فيكي إيه؟

يسمع طرقًا على الباب
شمس: خش يا اللي بتخبط.

إلهام (أخته): كنت فين أمال يا شمش؟ إنت وجدك؟
شمس: كنا عند عمتك.
إلهام: طيب، بقولك صح، أخوك نزار اتصل، وقال إنه جاي بكرة، وبيقول إنه نجح.
شمس: طيب، الحمد لله، مبروك! عقبالك لما تولدي ونفرح بولدك.
إلهام: ادعي يا أخويا يطلع ولد... العابد ما بيقوليش غير "يا أم البنات"!
شمس: كل اللي يجيبه ربنا زين يا خيتي 
إلهام: آه صحيح، في ضيوف جايين لجدو، وعمتك جات معانا عشان تروّج الجناح المقفول.
شمس: نفسي أعرف الجناح ده بتاع مين.

إلهام: والله ما عارفه، كل ما أسأل حد يقوللي: "ما تنبّش في الماضي، وتقلّب المواجع."
شمس: طيب، مين عز ده اللي كلهم عايزيني أسمي ولدي على اسمه، ما عدا أبوك؟
لما قلتله: هسميه عز، قالي: "قطّع عز واسمه!"


                  الفصل الرابع من هنا 


تعليقات