رواية طوفان الدرة الفصل الواحد والعشرون 21 ج 2 بقلم سعاد محمد سلامه

رواية طوفان الدرة الفصل الواحد والعشرون 21
ج 2 بقلم سعاد محمد سلامه



بذلك الشاطئ
بتلك الڤيلا
كانت حفلة مجون شاملة من كُل الممنوعات والمُحرمات سواء
نساء، خمر، مخدرات... 
شباب فى مُقتبل الشباب جمعهم سوء الأخلاق والتسيُب.. 
والبداية سيجارة وبعدها بدأ الإنحدار 
إقترب ذلك راعي الحفل يُعطي له سيجارة أخري قائلًا  بمدح: 
إتطورنا النهاردة يا ريان باشا، شكل السهرة عجبتك. 

وريان فى عالم آخر من النشوة وهنالك من تقترب منه بمجون وهو خام يستجيب لأقل الحركات... 
فتح الآخر هاتفه وإبتسم وهو يقوم بالرد: 
المطلوب حصل، ريان هيرجع من هنا مُدمن رسمي. 
❈-❈-❈
بالقسم الذي يعمل به حاتم
كان جالسً بمكتبه يشعر بفتور لا يعلم سببه إن كان من العمل أم أصبح ذلك الفتور إحساس إعتيادي عليه، لا يعلم سبب ذلك، سابقًا كان كُتلة نشاط يهوى المزح لأبسط الأسباب، يضحك من قلبه ويُضحك من حوله.... أما اليوم، فكل شيء باهت... الأوراق تتراكم، الوقت يمر ببطء، وحتى فنجان القهوة فقد نكهته المعتادة.... 
أخذ نفسًا عميقًا وألقى بجسده إلى الوراء على الكرسي، محاولًا استعادة طاقته أو على الأقل أن يفهم ما الذي استنزفها بهذا الشكل.. . هل فقد الشغف... أم هناك أمرٌ أعمق، لم يعترف به بعد...
زفر نفسه وجاء الى خياله جود...تذكر رؤيته لها وهي ترسم... وعقله يسأل، هل ستكون الليلة ساهرة حين يعود... ابتسم وهو ينهض بتردد من قلبه يتمني أن يجدها مُستيقظة....بعد قليل كان يدلف من باب الشقة....تبسم حين تأكد انها مازالت ساهرة،امتلكه الغرور هي بالتأكيد ساهرة تنتظره،هي بالفعل ذلك،ابتسمت حين رأته،رحبت به،كان هنالك فتور فى رده عليها،وهي تتقبل ذلك 
حتى قالت له:
حاتم الدراسة خلاص هتبدأ من أول الأسبوع الجاي،وأنت عارف إن جامعتي فيها جزء عملي ولازم أحضر المحاضرات.

فكر أن يُمارس ولايته كزوج ويمنعها لكن فجأءة رفض عقله ذلك منذ متي وهو مُستبد....سحب نفسًا عميقًا ثم قال لها بتبرير:
  تمام روحي بس المحاضرات المهمة، طبعًا لازم تاخدي بالك إنك حامل والدكتورة حذرت من الارهاق الزايد. 

خفق قلبها وظنت أن ذلك ليس تحكمً منه بل هو خوفً عليها. 

تبسم بزهو وهو يرا خضوعها، بينما هي رمقته بنظرة امتنان،  ببرائتها تظن أن الحب الحقيقي... لا يُقيد، بل يحمي. 
❈-❈-❈
بمنزل طوفان 
قبل لحظات من خروج طوفان من الحمام،كانت دُرة  تشعر بإعصار يكاد يقتلع قلبها من جسدها،بسبب إحتداد الحديث بينها وبين طوفان قبل دقائق، أغاظها إنسحابه من أمامها وغلقه باب حمام الغرفة بينه وبينها،
شعرت أنه لا يهتم بمشاعرها، شعرت بغضب يزداد كلما مر بعقلها رؤيتها لـ وليد ذلك المُجرم القاتل  هنا فى قلب المنزل، وحديثه الواثق أمامها،طوفان وعدها سابقًا أنه لن يجعله يطأ قدمه على عتبة المنزل وها هو بداخل المنزل يتجول  بلا خجل أو إهتمام لها 
شعرت أن  حضوره  ينتهك كرامتها  يدوس على جرحها الذي لم يلتئم بعد.

ارتجفت أناملها وهي تحدق في باب الحمام المغلق، وكأنها تستطيع اختراقه بعينيها لتصرخ في وجهه تلومه:
وعدتني... أقسمت لي أن وليد لن يقترب من هنا... وها هو  كان أمامي بلا إهتمام كأنه يتحداني. 

فجأة شعرت أن ساقيها بالكاد تحملان جسدها المرتعش، فجلست على طرف السرير  
بداخلها جزءًا آخر منها كان يرفض التصديق، يتمسك بالأمل في أن له مبررًا، سببًا، أي شيء يبرر انسحابه الصامت.

دُفعت على حين غرة بفيض من الذكريات، يوم همس لها طوفان بوعود الحب، يوم تشبثت بكلماته وكأنها طوق حياة  ...كانت صغيرة القلب....قلبها تدرب على فنون الحب معه،  فأين ذهب ذلك الطوفان.. 
أين ذهب ذاك الرجل الذي جعلها تصدق أن العالم مهما قسا، فهي لن تكون وحدها... 

أكاذيب.... وأكاذيب.... تعيشها 
ودموع تسيل من عينيها وذكريات تمر، وهي مثل الريشة فى الهواء 

وها هي ذكري قاسية 
[بالعودة لقبل سنتين ونصف] 
بمنزل جدة دُرة بالقاهرة 
كانت زيارة حسام مع والدها 
بغرفة الضيوف 
جلست تحت كتف والدها تستمتع بدلاله لها، حتى أتاه إتصال هاتفي، نهض وترك دُرة وحدها مع حسام، الذي تحدث معها بتلقائية، مُغرمً بها حقًا، يود البوح بذلك لكن دُرة معه تتحدث برسمية دائمًا لا تُعطي له حتى نافذة أمل، جدار زُجاجي شفاف بالنسبة له، تطرق بينهم الحديث الى أن وصل بلا ترتيب حين تفوه بلا قصد:
البلد كلها ملهاش سيرة غير خطوبة طوفان من بنت عضو مجلس الشعب بتاع الدايرة.

ذُهلت حتى أنها شعرت أن نبضات قلبها كادت تتوقف،إنسحب الهواء من رئتيها... فجأءة بدأت تسعُل بشدة، على صوت سُعالها عاد مُختار، كذالك جدتها وشاهر الذي دخل الى المنزل للتو... 
بينما إنخض حسام، كذالك مختار الذي ضمها،يربت على صدرها بخفه  ... بينما سريعًا ذهبت جدتها وعادت بذلك البخاخ، أخذه منها مختار، بدأ يُساعد دُرة حتى عادت تتنفس وهدأ السُعال، ينظر نحو حسام  الذي للحظات  دخل الى عقله شك لكن يستحيل سريعًا ما رفض عقله ذلك الشك 
"دُرة و طوفان" 
لا مستحيل أن يقبل عقله ذلك... بينما تفوه بدفاع: 
معرفش إيه حصل لها فجأة كانت كويسه. 

بينما دُرة رغم هدوء ألم صدرها لكن هنالك ألم آخر قد يكون أشد،حاولت النهوض بوهن،قائلة:
أنا فجأءة شِرقت بدون سبب،أنا حاسة بشوية صداع أكيد بسبب المُذاكرة،هدخل أستريح.

نهض معها مختار حتى دلفت الى الغرفة وتوجهت نحو الفراش وتمددت عليه،قبل رأسها  قائلًا بحنان أبوي: 
دُرة جبينك ساقع. 

تحججت بكذب: 
الجو برد يا بابا... دلوقتي هتغطي بالبطانية وهدفي. 

عاود تقبيل رأسها  يشعر بقلق، لكن هي أغمضت عينيها بإدعاء النوم.. غادر الغرفة وأطفئ الضوء. 

بينما بمجرد أن سمعت صوت إغلاق باب الغرفة فتحت عينيها وسالت دموعها وهي تفتح هاتفها، قامت بإتصال تنتظر الرد لكن لا رد الهاتف يُعطي رنين ولا رد شعرت بأن ذلك مُتعمد وأن حسام على حق. 

مرت أيام حاولت الضغط على حالها بالإنشغال فى دراستها كي تنسي... 
مساءً
دخلت الى منزل جدتها سمعت صوت يأتي من غرفة الضيوف كان صوت شاهر واضحًا، بتلقائية منها ذهبت الى الغرفة لكن توقفت قبل أن تدخل الى الغرفة حين وقع بصرها على طوفان الجالس بالغرفة، شعرت بخفقان قلب زائد كذالك شعرت بالتوتر حين تبسمت لها جدتها قائلة: 
تعالي يا دُرة أكيد جاية من الجامعة جعانة...هقوم أحضر الغدا نتغدا مع بعض. 

حايدت دُرة النظر الى طوفان وتحشرج صوتها وهي ترد على جدتها بتهرُب: 
لاء أنا مش جعانة، حاسة إني مُرهقة، هروح أستريح فى أوضتي. 

شعر طوفان بغصة فى قلبه من ناحيتها، هو جاء من أجل أن يراها منذ أيام يحاول الإتصال عليها وهي لا ترد كذالك يرسل الرسائل وأيضًا لا تُجيب عليه... زفر نفسه بمرارة، يشعر كأن صدره يختنق ... كيف تحولت فجأة لكل هذا البعد... 
يحاول أن يقنع نفسه أنها مشغولة، أو ربما هاتفها تعطل...لكن منظرها الآن حين رأته كذالك تهربها به شيء غريب...
أخرج الهاتف  من جيبه 
كتب لها رسالة:
"أنا جيت مخصوص علشانك.. مش هسأل ليه بتعملي كده، بس نفسي أعرف ليه مش بتردي على المُكلمات ولا حتى الرسايل... درة ليه بتتهربي مني" 

إنتظر ينظر الى شاشة الهاتف، 
بينما دُرة ألقت بجسدها فوق الفراش تشعر برغبة فى البُكاء، وضعت يدها على صدرها تشعر بألم، إشتد بعد رؤيتها لـ طوفان هنا،لكن دموعها تحجرت بين مُقلتيها، بنفس الوقت سمعت صوت رسالة وصلت لـ هاتفها، ربما توقعت من من، فكرت بعدم الاهتمام، لكن تراجعت وأخرجت هاتفها من حقيبتها كما توقعت كانت الرسالة من طوفان،فكرت بعدم قرائتها لكن تحكم الفضول أو بالأصح قلبها 
فتحت الرسالة،سرعان ما تهكمت من محتواها،وعادت إحد الكلمات:
جاي مخصوص عشاني... كداب. 

لم تهتم بالرد وتجاهلت الرسالة، وظلت بغرفتها لوقت حتى أنها غفت، صحوت تشعر بجوع، نظرت الى ساعة هاتفها كانت إقتربت من العاشرة مساءًا نهضت قائلة: 
أكيد طوفان زمانه مشي... أما اقوم أحضر لنفسي عشا خفيف وكوباية قهوة عشان أصحصح وأكمل البحث اللى الدكتور طلبه مننا. 

بالفعل بدلت ثيابها بأخري ملائمة للمنزل 
كنزه لها قُبعة على الرأس وبنطال من القطيفة، خرجت من الغرفة توجهت الى المطبخ مباشرةً تصنع ما تريده حتى إنتهت وضعته على صنية صغيرة، ثم كادت تتوجه الى غرفتها مرة أخرى لكن توقفت حين توقف طوفان أمامها... شهقت لوهلة وتمسكت بالصنية، ثم رفعت رأسها وتلاقت عينيها مع عيني طوفان الذي تبسم لها قائلًا: 
دُرة... ليه بتتهربي مني ومش بتردي عليا. 

توترت وهي تحاول مُحايدته  كي تمُر من جواره لكن هو قطع الطريق، نظرت له بحِدة قائلة: 
لو سمحت وسع من قدامي. 

رد ببرود: 
لاء مش قبل ما تجاوبي على سؤالي. 

تنهدت بضجر قائلة: 
راعي إنك فى بيت محترم وبلاش أسلوبك ده  معايا. 

تهكم قائلًا: 
أسلوب إيه يا دُرة. 

تنهدت بضجر قائلة بعصبية: 
كفاية يا طوفان، إنت خلاص بقيت شخص خاطب و.... 

قاطعها مُستغربً: 
مين اللى خاطب. 

تنهدت بضيق وعصبية قائلة: 
إنت، مش خطبت بنت عضو مجلس الشعب، متنساش تبقي تعزمني عالفرح عشان أتأكد إنك شخص كداب...ومشاعرك مُزيفة. 

-شخص كداب،ومشاعري مُزيفة.
هكذا كرر قولها،لكن شعر بوخزة قوية فى قلبه قائلًا:
منين جبتي الكلام ده.

أجابته بعصبية:
البلد كلها متشاعة بالخطوبة بتاعتك.

ضحك مُتهكمً بذهول قائلًا:
كمان،وأنا معرفش،بس إنتِ عرفتي منين،وإنت بقالك سنين منزلتش البلد. 

توترت قائلة: 
عرفت وخلاص، ولا إنت كنت عاوز تكتم عالخبر السعيد. 

نظر لها وضحك قائلًا: 
لاء طبعًا، بس أنا لو فعلًا خطبت مكنتيش هاجي هنا مخصوص عشان أقابلك وأعرف سبب عدم ردك عليا بقالك كام يوم، أكيد كنت هبقي مشغول بخطيبتي، كمان إيديا قدامك أهي فاضية، فين دليل خطوبتي. 

نظرت دُرة  ليديه، حقًا أصابعه خاليه من أي خواتم، لكن تفوهت بغباء: 
وهي الدبله بس دليل الخطوبة، الخبر متشاع حتى وصلي هنا يبقي... 

قاطعها بغضب: 
يبقي من الغباء إنك تصدقي يا دُرة، أنا لو فعلًا خطبت كان عدم ردك ميفرقش معايا، أنا عارف فعلًا فى إشاعة فى البلد إني خطبت، بس إشاعة كدابه معرفش مين طلعها وإيه مصلحته، أنا مش مسؤول عنها، بس فى خبر تاني يمكن لسه موصلش ليكِ هنا. 

نظرت له بسؤال وإندهاش سائلة بترقُب : 
قصدك إيه...كان إشاعة وبقي صدق.

ضحك متهكمً بمرارة:
لاء يا دُرة أنا عمري ما هرتبط ببنت غيرك لسبب واحد إن قلبي مدقش لغيرك سنين وأنا مش شايف غيرك قدامي،فعلًا أبويا عرض عليا خطوبة بنت النائب و....

رفعت دُرةعينيها بذهول بعد صمت طوفان تحشرج صوتها وهي تقول بخفوت:
وإنت وافقت؟..

هز رأسه بنفي قائلًا:
لاء يا دُرة..

تحشرج صوت دُرة وهي تسأله:
أمال إيه الخبر اللي قصدك عليه.

أجابها بطلاقة:
أنا قدمت إستقالتي فى النيابة.

جحظت عينيها، بذهول، سائلة بعدم إستيعاب: 
قدمت إيه؟. 

أجابها بتأكيد: 
قدمت إستقالتي خلاص إنتهي شغلي كـ وكيل نيابة 

بتلقائية سألته بإستفسار: 
ليه قدمت إستقالتك، كمان هتشتغل إيه  فى المُحاماة مع شاهر. 

هز رأسه بنفي قائلًا: 
قدمت إستقالتي  عشان أبقي حُر، ولاء مش هشتغل مع شاهر فى المحاماة، أنا همسك شُغل أبويا هدير المصانع بتاعتنا، يعني هبقي رُجل أعمال حُرة... مش سُفلية. 

غصبً ضحكت دُرة... وشعرت بالخزي، وظهر ذلك على ملامحها وهي تسأله: 
يعني إشاعة خطوبتك دي كذب. 

أومأ برأسه قائلًا: 
كذب فى كذب يا دُرة، مع إني نفسي فعلًا أخطب بس مش بنت عضو مجلس الشعب، بنت عمي "مُختار غُنيم"... 
توترت دُرة  وشعرت بالخجل وصمتت، ابتسم طوفان قائلًا: 
ها رأيك إيه إتقدم وهلاقي قبول. 

إرتبكت وتحشرج صوتها بخفوت أجابته: 
فاضل شهور وأتخرج، أجل الموضوع شوي. 

زفر نفسه قائلًا: 
وليه نأجله والخطوبة هتمنعك عن التخرج. 

هزت رأسها بنفي قائلة: 
لاء، بس عشان يبقي الإحتفال أتنين 
التخرج والخطوبة. 

ابتسم قائلًا: 
طب ما تبقي الخطوبة دلوقتي... ونكتب الكتاب مع التخرج. 

توترت بحرج قائلة: 
طوفان... أنا الفترة الجاية أهم فترة فى الدراسة خلاص خليني أركز عالدراسة وبعد التخرج... 

قاطعها طوفان بغمز: 
بعد التخرج هنتجوز مباشرةً يا دُرة. 

شعرت بالحياء وصمتت، وهي تحايد النظر له لكن هو تبسم يزداد فى قلبه العشق... وتمر الأيام  بين مد وجزر بينهما 
بين أكاذيب صادقة 
وصدق كاذب
ولكل شيء نهاية وهي كانت أختارت ما رأته صادق معها... هو عقد قرانها على حسام. 

" حسام"
ماذا لو إختلف القدر وكانت الآن متزوجة منه
لكن عقلها مازال يرفض الفكرة، وليتها كانت هي من قُتلت. 

فجأة شعرت بسُعال يزداد، لكن ذلك لم يؤثر، فجأة كأن شيئًا ببطنها إنفجر، وقفت تنظر الى ذلك السائل التي تشعر به، إزاد السّعال، بنفس وقت خروج طوفان من الحمام 
رفعت رأسها ببطء، عينيها تبدل لونها الى الاحمر الداكن من البكاء، وأثر السعال ما زال واضحًا على صوتها الضعيف وهي تستغيث بإسمه: 
طوفان
همست به بصعوبة، كأن كل حرف يخرج منها يشق الطريق بصعوبة عبر حلقها.

لم يستطع  النظر إلى تلك الدماء التي كانت تسيل فوق ساقيها، إنتبه لـسُعالها، رأئ قنينة الدواء على أرضية الغرفه بعيد قليلًا عن مكان وقوفها... سريعًا توجه الى ذلك المكان الذي إستقرت به قنينة الدواء،جذبها من على الارض وعاد نحوها 
رغم رجفة قلبه، لكنه حاول أن يبقى هادئًا...
جذبها برفق على صدره، وهو يشعر أن كل شيء حوله يتحطم تحت وطأة القلق...  عيناه مليئة بالذعر... 
برجاء تحدث لها:
دُرة  إفتحي شفايفك حاولي تتنفسي بهدوء.  

أغمضت عينيها للحظة لا تهتم بتنفُسها كُل ما يؤلمها هي تلك الدماء التى إندفعت منها كيف لا تدري سبب لها... وألم يفتك بصدرها وألم ينهش كيانها خوفً من أن تفقد جنينها... اليوم تأكدت أن بأحشائها جنين، لم تكُن ترفض وجوده، لكن كذالك لم تُفكر بذلك
والآن ما تشعر به 
هل عقاب أم إبتلاء... أنها تأخرت حتى تتأكد من حملها... 
ودموع تسيل  ونظرة طوفان لها تراه بغشاوة وعقلها ينسحب تدريجيًا وهي تهمس: 
أنا حامل يا طوفان، أنا خايفة عالجنين...
أنا بحبك يا طوفان، مقدرتش أكرهك رغم أكاذيبك عليا. 

غابت عن الوعي، فإنخلع قلب طوفان... حاول إفاقتها لكن إندفاع الدماء لم يجعله ينتظر كثيرًا سريعًا إرتدى ثيابه جذب وشاح للرأس وضعه على رأسها ثم حملها دون أن يأخذ معه سوا بطاقته الشخصية وبطاقة الائتمان الخاصة به، جيد أن الوقت تأخر والمنزل كان هادئًا، وضع دُرة بالمقعد الأمامي قام بربط حزام الامان عليها، قاد السيارة سريعًا، دقائق كان صوت إطارات السيارة يدوي وسريعًا ترجب من السيارة يحمل دُرة  يدخل الى المشفى طالبً المساعدة. 

بعد وقت وقفت الطبيبة تتحدث معه بعملية: 
التنفس بتاع المدام محتاج يتظبط هنساعد  بأنابيب الاوكسجين... بالنسبة للجنين اللى فى رحم المدام فأطمن اللى حصل شئ عادي وبيحصل مفيش منه خطورة، النزيف مكنش خطير وسيطرنا عليه بسهولة، المشكلة بس فى التنفس، 
إحنا دلوقتي حطينا المدام تحت الملاحظة لحد ما تفوق، وهنفضل متابعين تنفسها والنبض وكل المؤشرات الحيوية... لو استقر كل حاجة، تقدر تخرج من المستشفى وتكمل علاجها بالبيت
أما بالنسبة للبيبي، النبض كويس، والحركة كويسة، ومفيش أي علامات خطر... 
طبعًا لما تفوق هنعمل أشعة تانية  بس للاطمئنان، لكن لحد دلوقتي الأمور مستقرة... ممكن يكون اللى حصل ضغط عصبي
أنا عارفة إنك قلقان، بس صدقني الوضع مش محتاج هلع... خلّي بالك منها، أول ما تصحى، وجودك جنبها هيفرق كتير مع حالتها. 

أومأ للطبيبة برأسه قائلًا: 
شكرًا يا دكتورة. 

غادرت الطبيبة  ظل طوفان وحده مع دُرة بالغرفة، نظر نحو وجهها الذي عاد له بعض الحيوية
اقترب منها ببطء، كأن خطواته تُحسَب على نبضها، جلس على طرف السرير... نظر نحو وجهها الذي عاد يحمل ملامحها الهادئة، رغم شحوب التعب... كان يتأمل كل تفصيلة فيها، .
تنهد بحرارة، ومدّ يده بحذر، مررها برفق على يدها الباردة كأنها قطعة من روحه يخشي أن يضغط عليها فتتألم، أو يتركها فتضيع.

همس بصوت مكسور:
أنا هنا... مش هسيبك تاني، ولا هبعد عنك.
سامحيني... عمري ما كذبت عليك لكن القدر دايمًا عكس صدقي معاكِ 

صمت لحظة، وكأن عينه تترقّب أي رد فعل منها، رعشة جفن، حركة إصبع، أي شيء.
لكنها ظلت كما هي، هادئة، نائمة، مستسلمة لعالم آخر... خفض رأسه، وأسند جبهته على يدها، كأنها طوق نجاته الأخير.

نهض من جوارها جلس على مقعد بالغرفة، لم يدري كيف سحبته غفوة، إستيقظ على صوت همس فتح عيناه نظر نحو دُرة،كانت غافية...لكن كأنه همسها... نهض نحوها ملامحها مُسترخية، شعر بهدوء، ذهب نحو تلك النافذة أزاح ذلك الستار،وضع يديه بجيب بنطاله  ونظر للخارج، كانت الشمس بالكاد تسطع من بعيد،  زفر نفسه بقوة وهو يتذكر قبل ساعات 
شِجاره مع دُرة
بالعودة قبل ساعات 
نظرات العين بين وليد ودُرة كفيلة أن تجعل دُرة تنهض وتقتله، بينما هو رغم الرعب الذي يشعر به لكن تبجح عن قصد إقترب من وجدان وإنحني يُقبل يدها لكن  وجدان سحبت يدها بغضب  ونظرت نحو دُرة التى يُشير عليها عقلها وهي تنظر الى تلك السكين الصغيرة الموضوعة بطبق يحتوي على أنواع فاكهة، تحركت وجدان سريعًا جذبت وليد وخرجت من الغرفة بينما دُرة جذبت السكين وأشار عقلها عليها بقتله، لكن فجأءة شعرت نغزة ببطنها، وضعت يدها على بطنها، وعادت لوعيها وضعت السكين مكانها وصعدت الى غرفتها تشعر بغضب عارم، وحرارة من نظرة عين ذلك القاتل الذي كأنه يتحداها، هو فعلًا  كان كذالك
فعلًا... عصبية تتملك منها تلوم نفسها، ذلك الوغد الذي كان يتبحج بنظرته لها قبل فترة وجيزة امامها كان الهلع ينضخ من عيناه، لكن هو مثل طباع الجبناء حين يظنون أنهم ذو قيمة.... 
ذهبت نحو شُرفة الغرفة دون سبب، أو ربما لسوء الحظ، كان طوفان فى ذلك الوقت يترجل من سيارته، رفع رأسه نحو شُرفة الغرفة، لوهلة تبسم حين رأي دُرة لكن سُرعان ما تغضنت ملامحه، حين رأي وليد، نظر له باستهجان قائلًا  بعُنف: 
إيه اللى جابك هنا، أنا مش مانع تدخل البيت ده. 

ببجاحه من وليد تفوه ببرود: 
عمتي وحشتني، كمان كنت عاوزها فى موضوع خاص. 

بعصبية اشتعل صوته طوفان وهو يقترب منه بحدة:
موضوع إيه ده... وحتى لو دخولك هنا ممنوع، كان سهل تتصل  وتكلم عمتك، تقابلها بره بيتِ. 

شعر وليد بالغضب يغلي في صدره، لكنه تراجع خطوة للخلف، يخشى من قوة وقسوة طوفان  ونظراته المشتعلة.... حاول أن يبرر مرة تانية، صوته منخفض ومحمل بالخذلان:
هو أنا وأبوي مش قدمنا كفنا يعني....

لكن طوفان لم يمنحه فرصة، قاطعه بصوت هادر ودفعه من كتفه بقوة كادت تطرحه أرضًا:
إنت قاتل ومهما عملت، عمر إيدك ما هتنضف من الدم واللي زيك مستحيل يتغفر له غور من  من بيتِ، ومتحاولش تقرب تاني... ولو شوفتك هنا مرة تانية، ساعتها مش هفكر... وهتعامل معاك زي ما تستحق. 

وقف وليد مكانه لحظة، عينيه متسعة وملامحه متشنجة بين الذل والغضب، كأن الكلمة الأخيرة غرست فيه شوكًا... حاول يفتح يتفوه بكلمة،  لكن صوته خانُه.

بينما طوفان ما زال يققف، صدره يعلو ويهبط من الغضب، وعروقه نافرة في رقبته، ونظراته كأنها نار حامية، ليته يُطلقها ويحرق ذلك القاتل... لكن تحدث بصوت ثابت أقوى ةأكثر تهديدًا:
يلا غور من هنا أخرج على رجلك بدل ما أخرجك على نقالة. 

عض وليد على شفته، وابتلع غصة الغضب، وتصرف بخوف وغادر سريعًا، بينما دلف طوفان الى داخل المنزل، تقابل مع والدته من ملامحه المُتجهمة علمت أنه تقابل مع وليد زفرت نفسها، بينما تسأل طوفان: 
الحقير ده كان هنا عاوزك ليه. 

أجابته: 
معرفش أنا مدتش له فرصه وطردته وقولت له ممنوع يدخل هنا مره تانية. 

تنهد طوفان بغضب بينما رأفت وجدان بـ طوفان  قائلة: 
هدي أعصابك وإطلع خدلك دُوش هيروقك، ومتحطش وليد فى دماغك، أكيد متخانق مع عزمي وجاي عشان اتوسط له زي قبل إكده لكن أنا مستحيل أدخل فى أي أمر له بعد كده. 

أومأ طوفان قائلًا: 
تمام هطلع أخد دوش وأكلم خالي سبق وحذرته إن أي هفوة من وليد هو اللى هيبقي مسؤول قدامي. 

وضعت وجدان يدها على كتف طوفان بأمومة قائله: 
بلاش تعصب نفسك، وأطلع مراتك كانت داخلة من شوية مبسوطة. 

شعر طوفان بوخز قوي في قلبه بالتأكيد رؤيتها لذلك القاتل، سيكون لها تأثير، بالفعل صعد بمجرد أن فتح باب الغرفة نظرت له قائلة: 
دايمًا مُخادع وكذاب. 

فهم سبب قول دُرة... شعر بعصبية قائلًا: 
دُرة  حاذري من كلامك. 

تهكمت  وإقتربت منه بغضب قائلة: 
هتبرر وجود وليد هنا بإيه، وقوفك معاه فى الجنينة تتسايروا سوا...أكيد كنت بترحب بيه... جوازنا كان غلطة إني صدقتك، إنت دايمًا بتكذب عليا، الكذب هوايتك اللى متقدرش تستغني عنها، زي السجاير بتجرى فى دمك. 

نظر لها بغضب صمت  للحظات قبل أن يندفع قائلًا  : 
تعرفي يا دُرة هتفضلي طول عمرك مُتسرعة وتحكمي بالظاهر، أنا راجع مُرهق من الشُغل هدخل أخد شاور... نظرت  له بغضب هو يُغلق باب الحمام 

عاد مُبتسمً حين رأي تلك العصفوران الللذان وقفا على سور بالمشفي كأنهما يلعبان معًا أحدهما يقف والاخر يدور حوله ثم طارا معًا كأن بينهما وعدًا بالبقاء  والرحيل معًا. 
بنفس الوقت سمع همهمات خافتة من خلفه... إستدار ينظر خلفه يقترب من الفراش كانت دُرة تفتح عينيها ببطئ، تألمت عينيها  فى البداية من الضوء أغمضتهما ثم عادت تفتحهم، تبسم لها طوفان وهو ينحني يُقبل جبينها، سمع  همسها: 
أنا فين... إيه اللى جرالي. 

رده كان بسيط: 
إحنا فى المستشفى. 

اخترق قلبها جوابه كسهْمٍ بارد. وضعت يدها فوق بطنها بقلق، ونظرت إليه بعينين مرتجفتين.
... تبسم  لها قائلًا ببطئ جعل قلبها يخفق بشدة: 
للآسف..... الجنين.... لسه.... موجود. 

كلماته كانت  متقطعة،بطيئة... لكنها كانت كافية لتجعل قلبها يخفق بعنف،  فرحًا  بصداها فى قلبها. 
«يتبع» 



تعليقات