
رواية مكتوب أن أراك الفصل الثالث 3 بقلم شروق فتحي
لتبتلع ريقها، ورفّت عيناها في قلق، ثم تمتمت وهي تحاول تجميع شتات نفسها:
_أنا يا بابا...بصراحه متلخبطة أصل مستحيل يكون شخص مفهوش غلطة واحده!
ضحكت حنين بسخرية وهي تنظر لها نظرة ماكره:
_يا عيني! البت الحياة عملت ليها تروما!
اقترب والدها منها ووضع يديه على كتفيها برفق، وصوته يحمل مزيجًا من الحنان والحكمة:
_فكرى زي ما أنتِ عايزة يا حبيبتى...(ثم اكمل بابتسامة هادئة) كده كده احنا لسه هنسأل عليه، أكيد مش هنجوزك واحد ما نعرفوش!
في اليوم التالي يقرر والد شروق أن يذهب ليسأل على عمر؛ لكى يطمئن قلبهُ.
وقف أمام باب أحد الجيران عمر، وبعد لحظات فتحت سيدة تبدو في منتصف العمر، على وجهها ابتسامة ودوده، وما أن سمعت أسم عمر، حتى اتسعت ابتسامتها أكثر:
_"عمر"؟ ده عمر زينة الشباب يا حاج...ابن ناس ومحترم...مش هتلاقى أحسن منه لبنتك...توكل على الله!
ليستأذن منها ويذهب، وهو يضع يديه على ذقنهُ، وعقلهُ لا يتوقف عن التفكير:
_كيف يمكن أن يكون شخص بهذه المثالية؟!...حتى جيرانهُ يمدحون فيه؟!...(ثم توقف قليلًا قبل أن يُتمّ في صمت داخلي) أنهُ لأمر مريب!
في الجهة الأخرى، وشروق جالسة مع صديقتها تقص لها ما حدث، بتعبيرات تمتزجها الحيرة، وقد أرهقها التفكير:
_أصل يا بنتي مستحيل أن يكون شخص مثالي كده...هتلاقى مع فلوس هيكون مش شكليًا مش قد كده، هتلاقى شكلهُ حلو مش هيكون مع فلوس....
وقبل أن تكمل تقاطعها صديقتها، بسخرية مرحة:
_ونبي أنتَ اللي هتخلصي على الواد...قبل قراية الفتحة هيكون ميت!
ارتفعت ضحكاتها في المكان، وهي تميل بظهرها للخلف، ثم تمسح دمعة ضحك وهمية:
_أصل أنا عارفه حظي يا بنتي، الحياة مش هتقول ليا خدي طبق من دهب كده، لازم تنهى عليا الأول!
وهي تبتسم لها ابتسامة تحاول بث طمأنينة بداخلها:
_أنتِ كده كده قولتي بابكي راح يسأل عليه...ومستحيل حد يتفق على شخص؛ حتى لو كان ملاك بجناحين...وبعدين الخطوبة اتعملت ليه؛ علشان تتعرفوا فيها على بعض، وأكيد هتعرفي طباعهُ، وكل حاجه عنه!
أومأت "شروق" برأسها ببطء، محاولة أن تقتنع، لكن القلق لم يغادر ملامحها... كانت تشعر في أعماقها بشيء لم تفهمه بعد، ريبة خفية... لا تعرف هل هي خوف؟ أم حدس؟
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
في الجهة الأخرى عند عمر كان جالس مع صديقهُ، صديقهُ وهو يضع يديه على كتفيه:
_يا بنى اللي أنتَ بتعملوا ده غلط!
عمر وهو مُصر على ما يدور في عقلهُ، وهو يجلس بثقة مفرطة:
_أنا عارف أنا بعمل ايه كويس يا "باسل"!
باسل وهو يضع يديه خلف رأسهُ كنوع من الأستسلام:
_أنا نصحتك وعملت اللي عليا...براحتك!
في الجهة الأخرى عند شروق كانت جالسة مع والدها، وهي مازالت لا تستوعب ما قالهُ والدها:
_لا بجد إزاى يا بابا؟! ده لو مين مستحيل حد يتفق عليه كده!
والدتها وهي تهز رأسها بيأس منها:
_وايه المشكله هو لازم يكون فيه اى حاجه...ولا لازم يجي اللي يعذبوكوا!
والدها وهو يأخذ نفسًا عميقًا، ويعاود النظر اليها:
_وأنتِ قررتي ايه يا حبيبتى؟!
وهي تبتلع ريقها، ولا تستطيع السيطرة على أنفاسها المتلاحقة، فيسيطر عليها الأضطراب:
_اللي تشوفهُ يا بابا!
والابتسامة أرتسمت على وجههُ، ويُصر عليها:
_يا حبيبتى ده قرارك...أنا شايف أن هو مفهوش غلطة...بس في الأول وفي الأخر قرار قرارك!
صمتت، وعلقت عيناها في الأرض، بينما قلبها كان يهمس لها بما لا تجرؤ على قوله.
لتغمض أعيناها، وهي تحاول أن تستجمع شتات نفسها، فكان قلبها يهمس لها:
_أنه شاب مثالي...فلماذا تفكرين كثيرًا؟!
ليتدخل عقلها:
_ولكن الأ تجدهُ...غريب! لا يوجد شخص هكذا! ربما ورائهُ أمر؟!
لتفتح أعينها فجأة، بعد حديث طويل بين قلبها وعقلها وأستقرت على:
_بابا أنا موافقه!
ليبتسم لها والدها، ويتجة اليها ويضمها اليه في عناق:
_ألف مبروك يا حبيبتى... وانا جمبك في أى وقت حبيتي تستشرينى فيه؟!
_وأنا هكلمه علشان أعرفهُ...اخيرًا هشوفك عروسة يا حبيبتى!
لينهض لكي يتصل بعمر، بينما ظل ذلك الشعور مازال يلاحقها، يتم تحديد يوم الخطوبة الخميس الأتى، لتدخل شروق غرفتها وهي تستلقى على فراشها، ولكن بداخلها مازالت تشعر بإضطراب لا تعلم لماذا؟!
حتى سمعت صوت أهتزاز الهاتف لتعلم أن هناك من ارسل لها رسالة، لتمسك هاتفها لتجد رسالة كالأتى:
_أخيرًا وافقتي...مش مصدق!
حدقت في الرسالة كثيرًا، ثم أغمضت أعينها، وهمست:
_غريب...ليه كل حاجة ماشية بسرعة كده؟!
من جهة أخرى عند عمر، ليرسل لباسل رسالة قصيره، لم تحمل سوى كلمة واحدة:
_حصل!
باسل وهو يأخذ نفس عميق:
_وأنتَ متأكد من اللي عملته ده صح؟!
عمر وهو يبتسم بابتسامة تملئها ثقة:
_أكيد!
أغلق هاتفه، واستلقى على الفراش، يحدّق في السقف طويلاً.
لكن تلك الثقة التي ظهرت في كلماته بدأت تتلاشى داخله، إذ تسللت إلى ذهنه فكرة واحدة لم يستطع طردها:
_هل ما أفعله... حقًا صواب؟.