رواية حين تبتسم الغيوم الفصل الرابع عشر 14 بقلم داليا محمد


رواية حين تبتسم الغيوم الفصل الرابع عشر 14 بقلم داليا محمد



أول ما حمزة وأهله مشيو من عندنا، كنت مبسوطة قوي قوي، طايرة من الفرحة. بابا وعمي قعدوا معايا وسألوني: "عرفتي عنه أيه؟ قالك إيه؟" كلام من دا يعني و شكرو فيه وقالوا إنه شخص مناسب ومحترم.

دخلت أوضتي وأول حاجة جات في بالي إن أكلم مريم وأحكيلها على اللي حصل في القعدة. كلمتها، اتبسطت قوي وقالتلي: "مبروك يا لولي" واتفقنا على بعض التجهيزات اللي عايزين نعملها.

خلصت كلامي مع مريم، وصليت استخارة. مش أول مرة أصليها، بس المرة دي كنت محتاجة إحساس تأكيد أقوى… والراحة اللي حسّيتها بعدها كانت أكبر من أي مرة فاتت. نمت وأنا فرحانة، والبيت كله كان فيه جو احتفال هادي.

طول الأسبوع كان في تجهيزات في البيت من ماما وأنا ومريم

قبل قراءة الفاتحة بيوم قريب العشاء، حمزة بعتلي ماسدج: "ما تطلعي على السطح شوية، عايز أشوفك ." أول ما قريت الجملة دي فرحت قوي، بس في نفس الوقت اتكسفت، حاولت أقول له إني مشغولة، ومش هطلع، بس بصراحة كنت عايزة أشوفه.

طلعت لقيته واقف مستنيني وقال: "كنت متأكد إنك هتطلعي."
قلت له: "أنا طلعت أشوفك… عايز إيه؟ فضول مش أكتر."
ابتسم وقال: "آه، فضول… ماشي يا ست ليل."

قعدنا نتكلم شوية، وفي آخر الكلام قال لي إنه مبسوط قوي إن الناس كلها هتعرف  إني بقيت لي خلاص ، وكنت فرحانة من كلامه. ابتسمت، ووشي احمر قوي. هو بصلي وضحك، وأنا حسيت إنه لازم أنزل، رغم إننا مكناش واقفنا خمس دقايق.

قلت له: "أنا هنزل، عندي حاجات بحضرها لبكرة." هز راسه، ونزلت وأنا مبسوطة قوي قوي. نزلت لقيتهم حاطين العشا، قعدت معاهم وكنت فرحانة جدًا.
أمي لما شافتني كده فهمت بس معلقتش يعني دا اللي حسيته،  اتعشينا ودخلت أنام استعداد لبكرة.

----------
نمت كتير وماما مصحتنيش، يمكن كانت مشغولة بحاجة، لحد ما مريم جات البيت وصحتني. قومت مفزوعة منها، وهي ضحكت وقالت:
– "في عروسة بتنام كل ده؟"
ضحكت وقلت لها: "الساعه كام؟"
قالتلي: "الساعه اتنين يا اختي… قومي، لسه هنعلق الحاجات اللي جبناها سوا، وهنلبس، وحاجات كتير."

قومت وأنا لسه نص نعسانة، ومريم كانت قاعدة تنكش فيا وتضحك على كل حاجة. أكلنا بسرعة أنا ومريم، وبعدها بدأنا نعلق في الحاجات شوية ونساعد ماما في تجهيز الأكل، والبيت كله مليان حركة وحماس. الجو كان فيه نوع من الفرحة والترقب، حسيت قلبي بيرقص من كتر الفرح وأنا بشوف كل حاجة بتترتب حواليّا.

لحد ما قرب المغرب، دخلت لبست فستان مينت جرين ناعم مع خمار من نفس اللون. حسيت اللون ده عامل تأثير غريب عليّ، كأنه هادي وشيك في نفس الوقت، وحسيت نفسي كأني جزء من حلم صغير أنا عايزاه يتجمع بكل تفاصيله. قعدت في أوضتي أنا ومريم.
بدأت أسمع أصوات كتير برا… العيلة كلها و حمزة و اهله ، قلبي بدأ يدق بسرعة. جه الوقت إني أطلع، وكنت مكسوفة ومتوتّرة قوي قوي، ومكنتش عايزة أطلع، لكن مريم ضحكت وقالتلي:
– "يلا يا عروسة "

طلعت وسلمت عليهم، وقعدت جنب والدته، وابتدينا نتكلم شوية. نسمه كانت لطيفة وبتضحك، وباركتلي وقالتلي قد إيه شكلي حلو. كنت حاسة قلبي بينقبض وينفك في نفس الوقت… خليط من الفرحة والخجل.

وأنا قاعدة، عيني وقعت على حمزة. كان لابس قميص أسود مع بنطلون كحلي، شكله حلو قوي كعادته. نظراته كلها إعجاب وحب، وكأن كل ثانية بيبصلي فيها بتزيد ضربات قلبي . حسيت إن الدنيا حواليّا كلها وقفت شوية، وإن اللحظة دي ملكتني.

قرينا الفاتحة، وخدنا أنا وحمزة كام صورة حلوة مع بعض. الجو كان كله فرحة وحب، والابتسامات متبادلة بين الكل، لكن كنت حاسة إن اللحظة دي بيني وبين حمزة ليها نكهة خاصة. يوم قمر بصراحة، وانا مغمورة بسعادة عميقة، لدرجة إني حاسة إن قلبي مش قادر يصدق كل اللي بيحصل.

-------------
بعد ما كل حاجة خلصت و حمزة و اهله و مريم و كلهم مشيو ، حسيت إني محتاجة شوية وقت لنفسي رحت أوضتي، وقعدت على السرير، وأنا لسه شايفة صورنا أنا وحمزة وابتساماته اللي محفورة في ذهني. قلبى كان لسه بيدق من كل اللحظات الجميلة اللي عدّت النهاردة، بس كان فيه إحساس بالسلام الداخلي كمان، إحساس إني أخيراً دخلت مرحلة جديدة، مرحلة كلها فرحة وأمل.

بعد شوية، رحت صليت ركعتين شكر لله على اليوم الجميل، على كل حاجة مرت عليا، على الفرحة اللي حسّيت بيها، وعلى الناس اللي حواليا. بعد الصلاة حسيت براحة غريبة،
قعدت على السرير حاسة بالنعاس من كتر اليوم الطويل والمليان مشاعر، وابتسامة صغيرة ما فارقتش وشي. قبل ما أنام، فتحت تليفوني شوية، ولقيت رسالة من حمزة تقريبا كانت اول ما روح :
– "كان شكلك حلو قوي انهاردة .اتبسط جدا … شكراً  على اليوم الجميل ده."

ابتسمت وكتبت له بسرعة:
– "أنا كمان اتبسط… اليوم كان عسول بصراحه "
و نمت و انا مطمنه و سعيدة 

--------
في أول زيارة لحمزة بعد قراءة الفاتحة، قعدنا مع بعض شوية بعيد عن الزحمة. ماما كانت في المطبخ مع مامته، والرجالة قاعدين في الصالة، وإحنا لقينا نفسنا قاعدين في الركن اللي جنب الشباك، الجو كان هادي جدًا وكأننا أخدنا استراحة صغيرة وسط البيت اللي مليان حركة.

ابتدينا نتكلم عن الخطوبة، وازاي عايزينها تكون. أنا بصيت له وقلت بهدوء:
– "بص يا حمزة… أنا مش عايزاها تبقى حاجة كبيرة ودوشة. نفسي تبقى بسيطة جدًا… إحنا وأهلنا وخلاص. مش عايزة قاعات ولا عدد ضخم."

ابتسم لي وقال وهو بيهزر:
– "يعني مش عايزة فرقة مزمار وبلالين في الشارع؟"
ضحكت وقلت:
– "لا يا عم، إحنا مش بتوع الحاجات دي."
رد بهدوء وهو مدي وشه ناحية الأرض شوية:
– "بصراحة أنا كمان شايف كده. أنا بحب الحاجات البسيطة، وأنتِ عارفة إحنا الاتنين مش بنحب الدوشة ولا القلق."

فضلنا نتكلم شوية عن التفاصيل الصغيرة، زي اللون اللي ممكن ألبسه، مين هييجي من العيلة، والجو هيكون عامل إزاي. كان فيه راحة كبيرة في الكلام بينا، مفيش خلاف ولا شد وجذب… كأننا متفقين من قبل ما نتكلم.

وإحنا بنتكلم كنت كل شوية ألاحظ إنه مركز معايا جدًا، بيسمع كل كلمة بتركيز وابتسامة صغيرة مش بتفارق وشه. حسّيت إننا فعلاً على نفس الموجة، وكل حاجة ماشية بهدوء زي ما إحنا عايزين.

----------------

بدأت الدراسة في كليتي من تاني، ومن أول أسبوع حسيت إن الموضوع مش سهل خالص. المناهج تقيلة والمذاكرة صعبة قوي، ومش زي قبل كده مش عارفه انا اللي اتعودت على الراحة و لا الموضوع صعب فعلا ، بقيت بروح الكلية من بدري وبرجع وأنا منهكة، وكل يوم بحاول أوازن بين المحاضرات والتجهيزات اللي قرب ميعادها جدًا.

وجود حمزة في الكلية من فترة للتانيه كان عامل فرق كبير. أوقات كان بيظهر فجأة قبل المحاضرات ويقول:
"يلا نفطر سوا قبل ما اليوم يبتدي."
نقعد شوية على الكافيتيريا، نتكلم ونهزر وسط الزحمة ونضحك على حاجات بسيطة، وأوقات كان بييجي بس يتطمن عليا، يقولي:
"كنت معدّي بس أطمن عليك… شدّي حيلك في المذاكرة."
وبعدين يمشي بسرعة هي كانت حاجات بسيطه بس بتفرق معايا قوي .

بس فيه حاجة كانت مضايقاني جدًا… محمد.
عينه لسه عليا طول الوقت، بيراقب كل حاجة بعملها من غير ما يتكلم، وده كان بيخليني مش مرتاحة. حاولت أتجاهل الموضوع، خصوصًا إن حمزة مكنش واخد باله خالص، لكن إحساسي إن حد بيراقبني في كل لحظة كان بيضغط عليا جامد.

ومع كل ده، تجهيزات الخطوبة قربت جدًا. بقيت أنا وماما وبابا ننزل مع حمزة وأهله كل شوية نختار حاجات:
– يوم نروح محلات الفساتين ونجرب موديلات مختلفة. فاكرة أول مرة لبست فيها فستان خطوبة عجبني قوي… قلبي دق وأنا ببص لنفسي في المراية. حمزة كان واقف بيضحك ومش بيقول حاجة، لكن عينيه قالتلي كل اللي محتاجة أعرفه.
– يوم تاني نروح نختار الشبكة، وكل العيون علينا وأنا حاسة بخجل وفرحة في نفس الوقت. ماما كانت متحمسة جدًا، ومريم طبعًا كانت معانا في كل حاجة، رأيها حاضر دايمًا.
– وكنا بنقعد بعد كل مشوار نتكلم .

الوقت كان بيجري بسرعة جدًا، وكل يوم بكتشف قد إيه المرحلة دي مجهدة وممتعة في نفس الوقت… مذاكرة وضغط في الكلية من ناحية، وحماس وترتيبات للخطوبة من ناحية تانية.
---------
اليوم المنتظر جه اخيرا ، صحيت يوم الخطوبة بدري جدًا، يمكن من قبل المنبّه حتى. الإحساس كان خليط بين فرحة رهيبة وتوتر خفيف بيخلّي القلب يدق أسرع من الطبيعي. أول ما فتحت عيني بصيت للسقف كده وأنا بقول لنفسي: ده اليوم اللي كنت بستناه من بدري.

قمت من السرير بسرعة، لقيت مريم قاعدة في الصالة من بدري بتضحك وبتقول:
– "صحيت بدري النهارده! شكلنا هنخلص كل حاجة قبل الوقت."
ابتسمت وأنا داخلة المطبخ لقيت ماما بتحضر الفطار والبيت ريحته جميلة، بس كله في حركة: كراسي بتتظبط، سفرة بتتزين، تفاصيل صغيرة كل واحدة في مكانها.

بعد ما خلصنا الفطار، ابتدينا أنا ومريم وماما نجهز البيت. ركّبنا الزينة والورد في كل ركن — كان اللون الأساسي وردي فاتح مائل للون الفستان بتاعي، وده عامل شكل هادي جدًا وفيه انسجام. الكوشة كانت بسيطة وأنيقة، قماش أبيض ناعم مع ورد بنفس الدرجات، والإضاءة الخفيفة عاملة جو دافئ كده، مش صاخب ولا مبالغ فيه.

قرب الظهر، الميكب آرتيست جات، دخلت أوضتي وأنا ومريم . مريم كانت مسكة كل حاجة، من الخمار اللي هيبقى نفس درجة الفستان، لحد الاكسسوارات اللي هنختارها في الآخر. الميكب كان هادي جدًا، درجات ناعمة بتبرز الملامح من غير ما تغيّر شكلي. وأنا ببص في المراية بعد ما خلصت، حسيت إن شكلي طبيعي قوي بس مختلف في نفس الوقت — النسخة اللي بحب أشوف نفسي بيها.

مريم وقفت ورايا، بتضحك وهي بتقول:
– "حمزة مش هيعرف يبص في حتة تانية النهارده."
وشي احمر من الخجل، بس ضحكت وأنا بقول لها:
– "بس يا بنتي كفاية كلام."

قبل ما ننزل، كان فيه لحظة كدا حمزة شافني فيها. حمزة وصل بدري شوية عشان يساعد في استقبال الضيوف، ولما شافني أول مرة نازلة من على السلم، عينيه وقفت عليّا من غير ولا كلمة. فضل ساكت ثانيتين كاملتين، وبعدها ابتسم ابتسامة صغيرة جدًا وقال:
– "يا ليل… شكلك مش طبيعي النهارده."
حسيت الدنيا كلها وقفت، ومش عرفت أرد غير بابتسامة خجولة وأنا نازلة السلم، ومريم واقفة ورايا بتضحك ومخبّية وشها.

لما بدأ الناس يوصلوا، البيت كان مليان ضحك وفرحة. الكوشة منوّرة بالورد، والألوان منسجمة بشكل يخلي العين ترتاح أول ما تشوفها. أنا قاعدة جنب ماما ومريم، والكل بيبارك، وحمزة واقف مش بعيد عني، شكله أنيق جدًا، ومركز معايا طول الوقت كأن مافيش حد غيرنا. كل مرة عينينا تتقابل، قلبى يدق أسرع وأقلب بسرعة ناحية تانية.

بعد ما خلصنا الفقرات و قرب وقت الصور. أول صورة جمعتني بحمزة كان فيها نظرة إعجاب واضحة قوي منه. قال لي بصوت واطي وهو بيعدّل جاكت بدلته:
– "الموضوع طلع أكبر من توقعاتي."
بصيت له باستغراب وأنا هامسة:
– "ليه؟"
– "كنت فاكر إنك هتبقي جميلة… بس مش للدرجة دي."
الكلمة دي فضلت معلقة في قلبي طول اليوم.

اليوم كله كان ما بين تجهيزات، سلامات من العيلة، ضحك خفيف، ونظرات طويلة بيني وبين حمزة وسط الناس. ولما كل حاجة خلصت، والبيت هدي شوية، فضلت قاعدة لوحدي بفستاني وخماري، ببص للكوشة والورد اللي لسه ريحته مالية المكان، وبقول لنفسي: اليوم ده هيفضل محفور في قلبي طول العمر.
كل الناس مشيت حتى حمزة و مريم كلهم مشيو دخلت اوضتي غيرت و خدت دش و نمت على السرير بافتكر كل اللي حصل انهاردة غمضت عيني، وأنا حاسة إن قلبي مطمّن وسعيد، والفرحة لسه ساكنة في كل جزء مني. كان اليوم ده بداية لذكريات حلوة كتير جاية، وكل حاجة كانت مثالية النهاردة. ومع آخر نفس قبل النوم، حسّيت إن السعادة مش بس في اللحظات الكبيرة، لكن في التفاصيل الصغيرة… النظرة، الابتسامة، والضحكة اللي بتسيب أثرها في القلب......




تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة