رواية نقطة اختراق الفصل الرابع عشر 14 بقلم زينب رشدي


رواية نقطة اختراق الفصل الرابع عشر 14 بقلم زينب رشدي



"اِجهز الساعة ٣."
بعد قليل، سمعته يتحدث بغضب:
أسر: إيه "اِجهز"؟!
ريهان بابتسامة: في حاجة يا أستاذ أسر؟
أسر بغيظ: أبدًا... يا أستاذة ريهان، رسالة مستفزة بس.
ريهان: طيب يلا، أصل المهندس هشام عايزنا في شغل.
دخلوا إلى المكتب، وبدأ الجميع في العمل بجد، إلا أسر، الذي كان ينام أثناء العمل.
هشام بعصبية: في إيه يا أسر؟ متفوق كده ليه؟!
أسر: معلش يا هشام... مانمتش طول الليل.
هشام: ومتنمش ليه؟ تفضل طول الليل سهران وتيجي هنا تنام؟
أسر: خلاص يا هشام، فوقت أهو.
هشام: مفيش خروج من هنا غير لما تخلص شغلك.
أسر بغيظ: طيب.
وبعد ساعات، عادت ريهان إلى المنزل، وتناولت الغداء معهم، ثم جلست سهرانة مع أمها وإيمان.
أمل: الساعة بقت ١٢... أنا هطلع أنام بقى.
إيمان وريهان: تصبح على خير يا ماما.
إيمان: أنا قلبي مش مطمّن عليكي.
ريهان: لسه كلام أسر شاغل دماغك؟
إيمان: مش أسر بس... كلك على بعضك مريبة. يعني إيه تكرهي الدنيا وتعيشي سنين في أوضتك، وفجأة تشتغلي، وتسافري، وتتعرفي على واحد؟ وكأن ريهان اتبدلت؟
ريهان بتنهيدة: عايزة إيه من الآخر يا إيمان؟
إيمان: بتخططي لإيه؟
ريهان: بخطط أق"تل كل اللي أذاني.
إيمان بصدمة: إيه؟!
ريهان ضاحكة: ههههه... انتي عبيطة يا إيمان؟ هو أنا أقدر أقت"ل فرخة؟ أنا بتريق عليكي! يعني هخطط لإيه؟! بخطط يا ستي أعيش حياتي... أرجع لشغلي اللي نسيته، أشوف الدنيا اللي غبت عنها سنين. وحشتني ريهان القديمة، اللي كلكم كنتوا عايزينها ترجع، ودلوقتي مستغربين! إيه؟ عايزني أرجع للحبسة والوحدة تاني؟
إيمان: لا يا حبيبتي... عايزاكي ريهان الناجحة في شغلها، الجميلة اللي كانت تخطّي في أي مكان، ميه راجل يعجب بيها. اللي صورها في الصحف والمجلات، بسبب شغلك الناجح، واللي بيساعد الكل.
ريهان: وده اللي بخطط له...
وبعد وقت، نامت إيمان، وخرجت ريهان من المنزل دون أن تنام، وتوجهت إلى الشقة، فوجدت أسر في انتظارها.
ريهان: في حد موجود؟
أسر: لا.
ريهان: أعمل قهوة ونبدأ.
أسر: انتي مانمتيش؟ ولا إيه؟
ريهان: لا... كنت في تحقيق مع الأستاذة إيمان.
أسر: يا قوتك! ده أنا اتق"تلت نوم.
ريهان وهي تحضّر القهوة: اتعودت... ممكن أقعد بالأيام صاحيه.
أسر: والمفروض أبقى زيك؟
ريهان: وأحسن مني!
(نظرت له بابتسامة ماكرة)
ريهان: بص، النهارده... عايزة أدربك على البرود اللي هو... مهما اتقالك، ولا اللي قدامك حاول يستفزك، ما يتأثرش عليك. عايزاك تبقى من غير عزيز، ولا غالي...
أسر قال بنبرة ثابتة وهو بياخد منها القهوة:
أسر: أنا فاهم إن التدريب ده مهم، بس أنا مش روبوت، يعني طبيعي أتأثر.
ريهان من غير ما تبص له: والتأثر ده هو أول نقطة ضعف لازم تتخلص منها.
أسر: يعني المفروض أبقى بارد؟
ريهان: المفروض تبقى متحكم... في كل حاجة، في رد فعلك، في ملامحك، في أفكارك.
قعدت قدام الجهاز وبدأت تفتح ملفات على الشاشة:
ريهان: النهاردة هنشتغل على تحليل بيانات من آخر عملية ليهم، وعايزاك تتابع ده معايا خطوة بخطوة.
أسر: تمام.
اشتغلوا سوا لفترة في صمت، كانت بتوجهه وهو بينفّذ بدقة. بعد شوية، رفعت نظرها له فجأة:
ريهان: لو لقيت نفسك مش قادر تكمل، قول من دلوقتي.
أسر وهو مركز في الشاشة: لو كنت مش قدها، مكنتش كملت معاك من الأول.
ريهان: كويس.
رجعت تكمل شغلها من غير أي تعليق تاني.
مرّت ساعتين من التركيز التام، أصوات الكيبورد كانت المسيطرة الوحيدة على المكان، وكل شوية كانت ريهان تبعتله ملف أو ملاحظة.
أسر: البيانات دي شكلها متجمعة من أكتر من مصدر، في حاجات مكررة وفي تضارب.
ريهان: عارفه، وده مقصود. هم بيستخدموا التكرار كتمويه. شغلتك دلوقتي تفصل المفيد عن الضوضاء.
سكت لحظة، ثم قال:
أسر: طب ولو طلعت استنتاج غلط؟
ريهان من غير ما تبص له: يبقى لازم تتعلم من غلطك قبل ما حد يستغله ضدك.
أسر عض على شفته، ورجع يشتغل من غير أي سؤال تاني.
ريهان وهي بترتب الورق:
ريهان: كده خلصنا النهارده.
أسر: تمام... لو فيه حاجة تانية أنا جاهز.
ريهان وهي بتلبس جاكتها: فيه، اختبار بسيط.
أسر بان عليه الحذر وهو بيقوم:
أسر: اختبار؟ نوعه إيه؟
ريهان وقفت قدامه، ملامحها ثابتة، نبرة صوتها باردة:
ريهان: لو دلوقتي، فجأة، قولتلك إنك اتفصلت من المهمة... وإن شغلك مش عاجبني، وإننا مش هنكمل سوا، ردك هيكون إيه؟
سكت لحظة، بص لها من غير أي انفعال، وبعدين قال بهدوء:
أسر: القرار قرارك... بس أنا واثق في شغلي، وواثق إن اللي بينا مش شخصي، مجرد مهمة. لو اتفصلت، هشوف غيرها. مفيش حاجة تستاهل الواحد يخسر نفسه علشانها.
ريهان قعدت تبص له ثواني طويلة، بعينين شبه مي"تة من كتر الحذر، وبعدين مالت راسها وقالت:
ريهان: تمام... نجحت.
أسر باستغراب:
أسر: ده كان اختبار؟
ريهان وهي ماشية للباب:
ريهان: أه، وكنت مستنية تتلخبط، تتوتر، تنفعل... بس واضح إنك بدأت تتعود. خلي بالك، البرود ده سل"اح... بس كتره ممكن يخليك تفقد الإحساس بكل حاجة.
فتحت الباب، وقبل ما تمشي، بصّت له وقالت من غير ما تبتسم:
ريهان: تصبح على خير... نام.
وسابت الشقة وراحت بيتها من غير ما تبص وراها.
استيقظت ريهان مع أول ضوء، نهضت بهدوء من سريرها، دخلت الحمّام، رتبت نفسها ولبست لبس مريح، وراحت على السفرة.
في المطبخ، كانت أمل بتسخن الفطار، وإيمان قاعدة بتقلب في موبايلها.
أمل: صباح الخير يا ريهان.
ريهان وهي بتقعد: صباح النور.
إيمان بصّت لها بدون تعليق، لكن واضح إنها لسه مش مطمئنة.
ريهان بدأت تفطر بصمت، أمل حاولت تلطّف الجو.
أمل: مش هتقعدي النهارده؟
ريهان وهي بتشرب شاي: لا... نازلة شغل.
إيمان برنة: مع الأستاذ أسر برضه؟
ريهان ببساطة: آه، تدريب النهاردة تقيل شوية.
أمل: طب خدي بالك من نفسك يا بنتي، بقالك كتير مش بتفضلي معانا.
ريهان بابتسامة هادئة: هحاول.
خلصت فطارها، قامت بسرعة وهي بتلبس جاكتها.
ريهان: أنا نازلة، سلام.
إيمان لحقت تسألها: هترجعي متأخر؟
ريهان وهي بتفتح الباب: على حسب التدريب... باي.
رجعت ريهان الشركة وبدأت تشتغل وبعد ما خلصوا 
نزلت الشقه على طول وقالت لأسر يجي وقت ما يحب هي معاها شغل قبله وفعلاً راحت الشقه وبعتت كل التتطورات وبعدين وصل اسر بعد فتره
قدام الشقة اللي بيتدرّبوا فيها، أسر كان واقف مستني. شكله لسه صاحي بالعافية.
ريهان باستهزاء: صباح الخير.
أسر: صباح الخير... شكلك مصحصح النهارده؟
ريهان: كعادتي.
دخلوا، وبدأت ترتّب الأجهزة اللي هيشتغلوا عليها.
ريهان: النهاردة عندنا اختبار مهم.
أسر وهو بيتمطع: اختبار؟ نوعه إيه بقى؟
ريهان وهي بتقف قدامه: اختبار برود.
أسر باستغراب: إيه ده تانى يعنى؟
ريهان قربت منه، وبصّت له بنظرة ثابتة، ومن غير أي مقدمات، رمت عليه جملة ورا جملة، بصوت حاد، فيهم استهزاء، واستفزاز واضح.
ريهان: يعني تفضل ثابت، لا ترد، لا تتنرفز، لا تزعل، حتى لو حسيت إنك اتض"ربت تحت الحزام.
أسر بدأ يبتسم بسمة صغيرة فيها حيرة:
أسر: اختبار غريب بصراحة.
ريهان وهي لسه بنظرتها الجادة:
ريهان: بس مهم، لأنك لما تواجه اللي بيحاول يوقعك أو يختبرك... لازم يلاقيك جبل. ما تتك"سرش.
قعدت على الكرسي، ومدت له ورقة.
ريهان: ده سيناريو تدريب النهاردة... هتقرأ وتنفّذ، وأنا هراقب استجابتك، ونشوف هتعدي البرود ولا لأ.
أسر وهو بياخد الورقة:
أسر: حاضر يا قائدة العملية.
ريهان ببرود : ركّز في التدريب... مش في الألقاب.
دخل أسر غرفة التدريب وهو ماسك الورقة اللي فيها التعليمات، وبدأ يراجع كل تفصيلة فيها. ريهان كانت قاعدة على كرسي مقابل، بتراقبه ببرود تام.
ريهان: مستعد؟
أسر: تمام.
بدأ السيناريو… أسر بيتكلم بهدوء، بيرد على المواقف اللي مكتوبة قدامه، وكل ما يجاوب، ريهان توجه له جُمل حادة ومستفزة، تحاول تخرج أي رد فعل منه:
ريهان: هو ده اللي شايفينه عبقري؟ ده حتى تحليلك مراهق.
أسر بابتسامة صغيرة: نقطة كويسة، ممكن أراجع المعطيات تاني.
ريهان: ما تتعبش نفسك، في حد قبلك عملها أحسن منك بكتير… وفشل.
أسر ابتلع ريقه، بس محافظ على هدوءه.
وفجأة...
رنّ إنذار خفيف في الجهاز اللي على الترابيزة. ريهان لمحت لمبة حمراء بدأت تنوّر.
ريهان بسرعة وهي بتقوم: لحظة… ده مش من التدريب.
أسر اتوتر: في إيه؟
ريهان وهي بتقلب الجهاز بسرعة: حد دخل على الشبكة الداخلية… الكود بتاعنا اتكسر.
أسر قرب منها: يعني إحنا مترصّدين؟
ريهان: لا… ده معناها إن في حد بيجرب يوصل لمكاننا أو الأجهزة اللي بنشتغل عليها.
الجهاز بدأ يطلع صوت صفير خافت.
ريهان بسرعة: افتح سطر الأوامر، شوف مصدر الاختراق.
أسر: لحظة… في IP بيضرب علينا إشارات خارج البلد
ريهان: حد قريب؟ مستحيل يكون عشوائي.
وفجأة، رسالة بتظهر على الشاشة الكبيرة:
"البرود جميل… لكن في لحظة الحقيقة، لازم تعرف مين عد"وك ومين اللى بيقيسك."
ريهان بصوت واطي: ده هو… ده الثعلب.
أسر: عارف إننا بنتدرب؟
ريهان: لا… هو بيراقبني. بيختبرني… وبيراقبك كمان.
أسر بتوتر: نرد؟
ريهان: لأ… هنكمّل تدريبنا كأننا مش شايفين حاجة. خليه يفضل فاكر إننا مش عارفين.
رجعت تقعد، ونظرت لأسر بنظرة ثابتة:
ريهان: اختبار البرود… مستمر.
أسر وهو بياخد نفس طويل:
أسر: دي مش عملية تدريب… دي ح"رب أعصاب.
ريهان بابتسامة خفيفة:
ريهان: بالضبط… ودي أول خطوة ليك فيها.
وبعد وقت مشيت ريهان بعد ما كلفت اسر بكذا مهمه وبعدين رجعت البيت 
إيمان :عال والله بقينا نرجع في نص الليل
ريهان بملل:خلصت شغل وأسر صمم نتغدا سوا عشان مكلناش اليوم كله هطلع بقي أنام تصبحي على خير
إيمان بتنهيده:مش مرتحالك
طلعت ريهان اوضتها ونامت فورا وصحيت على صوت تلفونها وكان اتصال من نادر
نادر:انتي لسه نايمه
ريهان:امممم في أي 
نادر:انا الفترة دي مش هبقي جنبك معايا مهمه موصي عليكي أدهم كل فتره هيكلمك 
ريهان:متقلقش ي نادر هو انا صغيره روح ربنا معاك
نادر:ماشي 
بعد ما قفلت أخدت شاور وغيرت هدومها ونزلت 
عبد الله:صباح الخير ي حبيت بابا
ريهان: صباح النور ي حبيبى أي الفطار الجامد ده
أمل:أختك صحيت من صباحيه ربنا عشان تعمل فطير مشلتت
ريهان::تسلم ايدك ي ايمو كان نفسي فيه
ايمان:بالهنا والشفا ي حبيبتى
محاولتيش تاخدي اجازه
ريهان: ما قولت استني لما عيالك يجوا ونسافر سوا
ايمان:ملكيش دعوه باولادي خدي اجازه بس 
ريهان:حاضر
ايمان:صحيح بكره يوم اجازتك اصلا إبقي اعزمي اسر على الغدا بكره
ريهان:بس
أمل بمقاطعة:ما خلاص ي ريهان اختك لما كلمته قالتله عايزه أتعرف عليك
ريهان:طيب
نزلت ريهان الشركه وكان اسر موجود
ريهان:ده أي الجد والاجتهاد ده
اسر:هشام باشا جابني معاه
ريهان بخبث:مجتهد هشام أي رأيك نشغله معانا
اسر بعصبية:مستحيل طبعاً
ريهان بابتسامة مستفزه:ليه بس ده هيبقي هايل ونبقي جروب كده
بارت كبير بسبب تأخيرى عايزه اعرف رايكم لحد دلوقتي وتتوقعوا مين الثعلب



تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة