بقلم سيليا البحيري
في مطعم بحري شيك – الجلسات الخارجية
المكان راقِي، وصوت الموج داخل مع المزيكا الهادية.
آسر قاعد على ترابيزة مطلة عالبحر، لابس بدلة شيك، بيشرب قهوته بهدوء… إنما عنيه مترقّبة وبتتابع رهف من أول ما دخلت.
رهف بتدخل بخجل بسيط، لابسة فستان ناعم وراقي على بساطتها، عنيها بتدور على حد، ولما تلمحه، بتمشي ناحيته بخطوات مترددة.
رهف (بصوت هادي وابتسامة خفيفة):
مساء الخير… آسفة لو أزعجتك.
أنا... ما كنتش متخيلة إنك هتتصل.
آسر (بيقوم وبيبتسم ابتسامة ساحرة):
إزعاج إيه بس! دي فرصة كنت مستنيها من ساعة ما القدر جمعنا في المطعم التاني… اتفضلي اقعدي.
رهف (بتقعد بهدوء، وتحط شنطتها الصغيرة على جنب):
أنا بصراحة افتكرتك مش هتفتكرني… يعني، كانت لحظة وعدّت.
آسر (بابتسامة فيها غموض):
فيه لحظات ما بتتنسيش… خصوصًا لو كانت حلوة… زيك.
رهف (بتبص لتحت ووشّها بيحمر):
أنت كده بتبالغ شوية…
آسر (بيبص عليها ضاحك من جواه، وهو ساكت):
(في باله: قد إيه انتو سُذج يا ولاد حسام… نفس البراءة المتفبركة. بس استني عليا، أنا بعرف أتعامل مع النوع ده.)
آسر (بصوت دافي):
المشكلة إني معرفتش كتير عنك، بس حسّيت إنك مش شبه حد… مختلفة… وأنضف من ناس كتير.
رهف (ببراءة حقيقية):
أنا؟! عادي والله… يمكن بحاول أكون كويسة وخلاص، مش أكتر.
آسر (بيقرب منها شوية):
وأنا تعبت من الوشوش الكدابة… وارتحتلك.
رهف (بتضحك بخجل):
أنا ساعات بحس إني مش من هنا… مش بفهم الناس قوي.
آسر (بيفك زرار الجاكت، ويبص على البحر ثم لها):
خليكي كده دايمًا… متتغيريش.
بس قوليلي، إيه أكتر حاجة بتخوفك فـ الحياة؟
رهف (تفكر لحظة):
إني أتخدع من حد بوثق فيه… أو أكون سبب أذية لحد من غير ما أقصد.
آسر (يمسك كباية المية، ويبتسم):
متقلقيش… أنا آخر واحد ممكن يخذلك.
(وفي سره: بل أول واحد… بس لسه، كل حاجة في وقتها.)
النادل بييجي ويحط الأكل البحري قدامهم، أطباق شكلها فاخر وراقي. رهف تبص بدهشة:
رهف (بخجل):
آسر… كان ممكن نروح مكان أبسط من كده.
آسر (بصوته الرخيم):
اللي زيك يا رهف… ما يستاهلش غير كل حاجة حلوة
************************
في نفس المطعم البحري – على جنب شوية
تيا داخلة بخفة مع صحبتها أفنان، لابسة فستان بسيط وأنيق، وشعرها سايب بحرية، وعينيها بتلمع وهي بتدور على الترابيزة اللي محجوزة ليهم.
تيا (بصوت فيه توتر وهي بتبص حواليها بسرعة):
أفنان… أنا متأكدة إنه هنا… الشاب اللي كنت هخبطه الصبح بالعربية.
أفنان (بتضحك بخفة):
آه الشاب اللي قلبك طار من شكله؟!
والله شكلك اتعلقتِ بيه يا آنسة البحيري.
تيا (بتبص للأرض بخجل):
مش عارفة مالي… بس كان مختلف… جاذبيته كانت غريبة أوي.
(وبعد لحظة بتبص حواليها تاني)
آه! شوفي! هو هناك!
أفنان (بتلف تشوف آسر من بعيد):
أيوه هو فعلاً! بس… يا ساتر… معاه بنت!
تيا (بتثبت في مكانها وهي شايفة آسر بيضحك لرهف وبيقرب منها):
معقووول…؟!
أفنان (بصوت واطي وهي بتحاول تحلل الموقف):
يمكن تكون مراته؟ أو خطيبته؟ شكلهم قريبين من بعض.
تيا (بتحاول تخبي صدمتها، بس تحس حاجة بتكتم على قلبها):
أفنان… يلا نمشي… مش عايزة آكل حاجة.
أفنان (تمسك إيدها بهدوء):
يا تيا، بلاش كده… يمكن تكون مجرد معرفة عادية.
تيا (بهمس وجعان):
ممكن… بس عنيه وهو بيبصلها… كانت مختلفة.
وش تيا الحزين، وآسر اللي مش واخد باله إنها هناك، مركز بس في لعبته مع رهف البريئة
أفنان (بتحاول تواسيها):
ولا يهمك… لو هو مش قد قلبك، يبقى ما يستاهلكيش يا أميرة.
تيا (بصوت واطي وموجوع):
أنا حتى معرفهوش… بس ليه قلبي وجعني وأنا شايفاه معاها؟!
********************
في فيلا عيلة البحيري – أوضة الجلوس – بالليل
هايدي كانت قاعدة على الكنبة الشيك، ماسكة كتاب في إيديها وبتبان كأنها مركزة فيه، بس عنيها كانت بتراقب مازن اللي دخل الأوضة بكوباية عصير في إيده.
مازن (بابتسامة خفيفة):
هايدي، جبتلك عصير أناناس… زي ما بتحبي.
هايدي (بتقفل الكتاب وبتتصنّع الامتنان):
يا حبيبي إنت… دايمًا واخد بالك مني.
(تشرب شوية بهدوء وبعدين تبصله بنظرة فيها اهتمام كده على الناشف)
بالمناسبة يعني… شايفك اليومين دول مشغول أوي مع العيلة وسيف وسيلين… بتعملوا اجتماعات سرية ولا إيه؟
مازن (بنية صافية):
آه آه، في شوية شغل مهم كده… يعني خطة على حسام.
أنا ما كنتش عايز أقول، بس إنتي مراتي، وقلبي بيرتاح لما أحكيلك.
هايدي (بتتصنّع الحنية وتقرب منه وتقعد جنبه):
أكيد يا قلبي… أنا دايمًا جمبك.
طب إحكيلي، إيه الخطة؟! وعد مش هفتّح بقي.
مازن (بحماس):
بصّي… سيلين وسيف مع بابا وإيهاب قرروا يعملوا فخ لحسام بطريقة ذكية جدًا…
فتحوا شركة استثمار كده، كبيرة… بس على الورق يعني، وهمية!
واللي بتديرها اسمها لارين، بنت عم سيلين… جديدة علينا بس شكلها جامدة!
راحت لحسام وقالت له إنها ناوية تستثمر معاه، وطبعًا هو صدّق نفسه من أول دقيقة.
هايدي (عنيها وسعت وهي بتحاول تخبي صدمتها):
لارين؟! وشركة وهمية؟!
(ترجع تضحك بسرعة بصوت ناعم)
شُفت؟ سيلين دماغها شغالة… لازم نعترف بده.
بس… مازن؟!
مازن (بيبص لها ببراءة):
نعم يا حبيبتي؟
هايدي (بتقرب أكتر وتحط إيدها على إيده):
إنت أحسن حاجة حصلتلي في حياتي… ومفيش غيرك يقدر يساعدني أفهم اللي بيحصل حوالينا.
أنا فخورة بيك.
مازن (يضحك كأنه طفل):
بجد؟! أنا… أنا مبسوط أوي إنك معايا.
هايدي (في عقلها، بعين بتلمع من الخبث):
(همست جوا نفسها: "لارين… يبقى دي خطتهم؟ اللعب كده بقى أخطر مما كنت متخيلة.")
******************
فيلا البحيري – أوضة هايدي بعد ما مازن خرج
هايدي لسه قاعدة على الكنبة، ملامحها اتغيّرت من نعومة مصطنعة لجدية فيها مكر واضح.
مسكت موبايلها بسرعة واتصلت على الرقم المسجّل باسم "ن. الغاضبة" – وكانت نوال.
نوال (من الطرف التاني، بنبرة زهقانة):
هايدي؟! إيه في إيه؟ إنتِ بتكلميني دلوقتي ليه؟!
هايدي (بابتسامة خبيثة):
جِه الوقت اللي نبدأ فيه المرحلة الجاية يا نوال…
عندي خبر هيقلب الترابيزة كلها.
نوال (فجأة ركّزت):
قولي! في إيه؟!
هايدي (وهي بتقوم وبتتمشى في الأوضة):
طلع إن سيلين ومعشوقها سيف عاملين شركة استثمار وهمية…
وجايبين واحدة اسمها "لارين"، بنت عم سيلين، تبقى المديرة بتاعتها.
والمصيبة؟ حسام صدّق نفسه ووافق يشتغل معاها!
كل ده فخ علشان يوقعوه قانونيًا… فاهمين اللعبة تمام.
نوال (بصوت عالي):
إيييه؟!
بجد؟!
يعني الغبي ده داخل برجليه النار؟!
هايدي (وهي بتمسك خصلة من شعرها وتلفّها على صباعها):
مش بس دخل… ده بيجري ناحيتها وهو بيضحك كمان.
نوال (بتفكر):
لازم نوقفهم… نفضح الشركة قبل ما الموضوع يكبر…
أو نبوّظ العلاقة بين سيلين ولارين… أو…
هايدي (بسرعة):
لارين عليّا أنا… هتعامل معاها بنفسي.
إنتِ ركزي على إنك تمسحي أي دليل ممكن يستخدموه ضد حسام.
ولو لقينا فرصة نشوّه صورة لارين قدام الناس… نضرب.
نوال (بعين فيها نار):
تمام… إحنا دلوقتي في حرب.
وأنا عمري ما خسرت حرب يا هايدي.
هايدي (بتضحك بهدوء):
ولا أنا…
وسيلين؟ عمرها ما هتتهنّى بيوم.
نوال (بسخرية تقيلة):
سيلين؟ دي هادفنها بإيديا اللي الكل فاكرهم ناعمين
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
