رواية اقدار لا ترحم الفصل الخامس عشر 15 بقلم سيليا البحيري

رواية اقدار لا ترحم الفصل الخامس عشر 15
بقلم سيليا البحيري


في  قاعة المحكمة، الساعة 10:45 صباحاً

جلس الجميع في صمت متوتر، الأعين تتبادل النظرات، وسيلين واقفة بثقة إلى جانب سيف، ويد تاليا الصغيرة ممسكة بطرف فستان والدتها، فيما نوال تمسك أنفاسها في قلق، ورهف تنظر بتوتر بين أخيها المطرود وبين القاضي.

القاضي رفع نظره من الأوراق، ونظر للطرفين قبل أن ينطق بصرامة:

القاضي:
"بعد الاستماع لكافة الأطراف، ومعاينة الشهادات والأدلة، وبالنظر إلى مصلحة الطفلة، تقرر المحكمة منح الحضانة الكاملة للسيدة سيلين يوسف المغربي... مع حق الأب في الزيارة تحت إشراف المحكمة."

لحظة صمت قاتل... ثم انفجرت ملامح أمينة فرحاً، وضمت يديها إلى صدرها بدموع السعادة.
سيف ابتسم بثقة، ومال نحو سيلين هامساً:
سيف (بهمس):
"انتهى كابوسك... بدأنا حياة جديدة."

تاليا الصغيرة لم تفهم ما حدث لكنها قفزت بسعادة وصفقت وهي تضحك:
تاليا (ببراءة):
"ماماااااا... كسبنا؟ 😄"

سيلين انحنت لها وربتت على شعرها:
سيلين:
"آه يا روحي، كسبناك إنتِ... ودي أغلى حاجة في الدنيا."

في المقاعد الخلفية، كانت نوال تصفر ملامحها من شدة الحنق، وجهها أحمر، عيناها تلمعان بالشرر، بينما رهف رغم وقوفها مع عائلتها، ابتسمت بخفة وهي تنظر إلى سيلين وتاليا، وكأن قلبها الطيب اختار الانحياز للحق.

أما ليلى، والدة حسام، فقامت من مقعدها بعصبية شديدة وتقدمت ناحية سيلين:
ليلى (بانفعال):
"دي بنتنا! حفيدتي! ما تقدرش تمنعينا منها!"

سيلين نظرت إليها بنظرة حازمة، لكنها محترمة، صوتها هادئ وقاطع:
سيلين:
"مدام ليلى... حضرتك كنتِ أمي التانية، بس النهارده بنتي مش وسيلة ضغط. لما حضرتك تحبيها لذاتها... تعالي وشوفيها. أما الآن، فخليني أربيها بعيد عن كل ده."

ليلى ارتجفت شفتاها ولم تجد جواباً، فتراجعت للوراء غاضبة، وجمال كان يضغط على قبضتيه بجانبها.

في الزاوية، تبادل آسر وليل نظرات التشفي، ثم نظرا إلى نوال، التي كانت تكاد تمزق حقيبتها من الغضب.
آسر (بهمس لليل):
"جولة أولى... ووقعت نوال."
ليل (بابتسامة):
"والمزيد قادم... صدقني، ده مجرد البداية."

سيلين حملت تاليا بين ذراعيها، ووقفت بجوار سيف الذي مدّ ذراعه خلف ظهرها كأنما يحميها من العالم كله.
ثم مشوا بثبات خارج القاعة... وعيون الجميع عليهم... بانتصار صامت، ونظرة نصر في عيني سيلين لا تخطئها عين.

*******************
خارج المحكمة، بعد النطق بالحكم مباشرة

الشمس ساطعة والهواء ثقيل، وكأن السماء نفسها كانت تنتظر هذا الانتصار.

سيلين تمشي بثبات، تاليا على كتفها تلوّح بيدها الصغيرة لرهف التي تبتسم بخجل من بعيد، وسيف يمشي بجانب زوجته، عينه على كل تفصيلة حولهما.

وفجأة، يأتي حسام مسرعاً نحوهم كالثور الهائج، بعد أن تلقى الخبر من محاميه الذي خرج من القاعة قبل دقائق.

حسام (بصوت مرتجف من الغضب):
"إنتِ فاكرة نفسك انتصرتي؟! إنتِ هتشوفي مني أيام سودا!!"

سيلين (تلتفت بهدوء وابتسامة ساخرة):
"ده أنت شفت يومك الأسود ولسه... ده مجرد بداية، حبيبي."

حسام (ينقض للأمام):
"هخنقك بيدي!! أنتِ دمرتيني!!"

لكنه لم يصل إليها...
سيف وقف بينه وبين سيلين كالدرع، ومد ذراعه ليصدّه بعنف، وصوته عميق حاد:

سيف:
"إيدك لو لمستها... هكسرها. وأنا مش بهزر."

حسام (وهو يدفع سيف ويحاول الالتفاف):
"دي خدت بنتي! بنتي يا ناس!"

سيلين (تنظر له باحتقار):
"بنتك؟ كنت فين لما كانت محتاجة حضنك؟ كنت مشغول بإيذاء الناس ولا بقتل الأبرياء؟"

سيف (يقترب من حسام ببطء):
"آخر مرة بقولها... ابعد عن سيلين. وابعد عن تاليا. لأنك لو قربت... هتشوف وشّي الحقيقي."

نوال تخرج وراءهم مسرعة وهي تصرخ:
"حسام كفاية! الشرطة حوالينا! هتروح في داهية!"

رهف تصل هي الأخرى وتمد يدها نحو أخيها:
"حسام بترجاك... كفاية فضايح. إنت خسرت الجولة... بلاش تخسر كل حاجة."

حسام (ينظر حوله، يرتجف، يكاد ينفجر، ثم يصرخ):
"والله ما هسيبك يا سيلين!!"

سيلين (تضحك ضحكة باردة):
"مش محتاجة تسيبني... أنا سبقتك بخمس خطوات دايمًا. وصدقني... لسه فيه محطات كتير جاية."

سيف (يمسك يد سيلين):
"يلّا نرجع الفيلا... عندنا عيلة بتحبنا، وطفلة تستحق الحياة."

تاليا (تلوّح بيدها لحسام):
"أنت مش بابا! أنت وحش!"
(ثم تخبئ وجهها في صدر سيلين)

سيلين (تهمس لها):
"وأنا مش هسيب الوحوش يقربوا منك تاني... أبدًا."

المشهد ينتهي بخروج سيف وسيلين وتاليا وسط نظرات الذهول والانكسار من نوال وحسام... بينما تاليا تبتسم دون أن تفهم كل شيء، لكنها تشعر بالحب، والأمان
***********************
في  البحيري، صالة الجلوس الفخمة – الساعة 6 مساءً

التلفاز يعرض بثاً مباشراً من أمام المحكمة، والمذيعة تقول بصوت واضح:

> "في تطورات مثيرة، المحكمة أصدرت حكمها النهائي بمنح الحضانة الكاملة للسيدة سيلين مراد، زوجة رجل الأعمال الشاب سيف البحيري، في قضية حضانة الطفلة تاليا، بعد صراع قضائي استمر أيامًا. قرار المحكمة جاء بعد سلسلة من الشهادات والأدلة التي أدانت والد الطفلة السابق... رجل الأعمال حسام الجمال."

الكاميرا التلفزيونية تعرض لقطة خاطفة لسيلين وهي تخرج من المحكمة بابتسامتها الهادئة وطفلتها تاليا في يدها، وسيف بجانبها بثبات.

داخل الصالة:

تيا (جالسة على الأرض أمام الطاولة، تأكل فشار):
"ييييييش! سيلين كسبت!! أنا قلتلكم دايمًا سيلين رهيبة! تستاهل كل السعادة."
(تصفق بسعادة وتقفز من مكانها)

سليم (والد سيف، يبتسم بهدوء):
"قرار عادل... كنت شايف في عيون سيلين حزن عميق... لكن دلوقتي أقدر أشوف لمحة أمل."
(ينهض وهو يعدل نظارته بهدوء)

هدى (الأم، كانت تتابع بصمت، ثم تقول):
"أنا مرتاحة من يوم ما دخلت البيت... البنت دي نظيفة من جوه، ودي أول مرة أشوف سيف مرتاح كده مع حد. ربنا يعوضها."
(تنظر إلى صورة سيف وسيلين على الهاتف وتبتسم)

ياسمين (ببراءة مفرطة وهي تمسك بكوب عصير):
"ياااي يا رب! أنا دمعت والله... بنتها رجعتلها، والناس كلها شافوا الحقيقة. الحمد لله الحمد لله!"
(تقوم وتذهب لعناق تيا بحماس)

إيهاب (بمزاح وهو يمد يده لتيا):
"مش قولتلكوا اقتراحي بالجواز كان عبقري؟ آدي النتيجة! نكسب الحضانة وكمان قلب الجمهور!"
(يضحك ويغمز لتيا)

مازن (ينظر بصمت للتلفاز، ثم يبتسم بخجل):
"أنا... أنا سعيد علشان تاليا. شكلها كانت مشتاقة لمامتها... وأنا مش عارف ليه دموعي نزلت."
(ينظر للأرض ويضع يده على قلبه)

هايدي (واقفة عند طرف الغرفة، تضع ذراعيها بتقاطع، نظراتها نارية):
"يعني فجأة بقينا نحتفل بواحدة كانت في السجن؟ برافو... عائلة محترمة فعلاً!"
(تتلفت بغضب)

هدى (الأم، بنظرة صارمة لهايدي):
"احترمي نفسك يا هايدي... مش كل الناس بتتباع وتشترى. في ناس اتظلمت... وربنا رجع لها حقها."
(نظرة نارية تنهي الجدال)

هايدي (تسكت بغضب، وتحاول تمالك نفسها، ثم تنسحب بهدوء من الغرفة وهي تكاد تغلي)

تيا (وهي تمسك الهاتف):
"هاروّح أجهز أوضة تاليا بحاجات جديدة! هي أختي الصغيرة الجديدة خلاص! يايييي!"
(تجري للأعلى بحماس)

سليم (يهمس لهدى وهو يراقب):
"ما أروع البيوت اللي ييجي فيها الحق... ويطلع الباطل من الباب."

هدى (بهزة رأس):
"ويارب الحق يفضل دايمًا ساكن عندنا."
******************
في  – شقة مظلمة – ضوء خافت – منتصف النهار

نوافذ مغلقة، جهاز كمبيوتر محمول على الطاولة، وجرائد منتشرة هنا وهناك.
ياسر يجلس على أريكة جلدية قديمة، ممسكاً بكوب قهوة سوداء.

يفتح جريدة اليوم بهدوء...
وعلى الصفحة الأولى عنوان واضح:

> "المحكمة تحكم لصالح سيلين مراد بحضانة ابنتها تاليا، وهزيمة قاسية لحسام الجمال!"
"تفاصيل الجلسة التي قلبت الرأي العام ضد رجل الأعمال حسام الجمال."

صورة حسام وهو خارج القاعة مطرودًا، وجهه مشوه بالغضب، ربطة عنقه ملتوية، وصور سيلين وهي تمسك بيد تاليا بابتسامة نصر.

ياسر – بتنهيدة طويلة، ثم يضحك بسخرية:

ياسر (بصوت خافت، مليء بالاستهزاء):
"آه يا حسام... أول حجر في دومينو سقوطك وقع... ووقعت لوحدك كمان."
(يرفع الجريدة بيده وينظر إلى صورة حسام)

ياسر (بتهكم لاذع):
"كنت دايمًا تحب التحكم... ها؟
كل الناس دمى في إيدك... لكن نسيت إن حتى الدمية ممكن تمسك فيك وتوقعك."

(ينقل نظره لصورة سيلين مع طفلتها)
ياسر (بهدوء، دون أي عاطفة):
"مش فارق معايا سيلين، ولا غيرها... بس الحق رجع لواحد منهم... وده كفاية مؤقتًا."

(يرتشف من فنجانه، ثم يهمس لنفسه وهو ينظر لشاشة الكمبيوتر، حيث مجلدات ضخمة عن ممتلكات حسام، فضائحه، اتصالاته)

ياسر (بعينين باردة):
"دي كانت أول صفعة... بس نهايتك لسه قدامك...
والمرة الجاية... مش هتخرج منها حي يا صاحبي."

ثم يغلق الجريدة ويرميها على الطاولة بلامبالاة، بينما تظل صورة حسام مقلوبة
********************
في  المركز الطبي الخاص – جناح التأهيل – صباح دافئ

غرفة مشرقة بنور الشمس، نبتة صغيرة بجانب النافذة، وكرسيّان قرب سرير مها.
مها جالسة على السرير، رأسها مائل قليلاً، عيناها تتابعان ابنها آسر الذي يرتب الأزهار في المزهرية، وليل تمشط شعرها وهي تبتسم برقة.

آسر (وهو يضع وردة أخيرة في المزهرية):
"إيه رأيك يا أمي؟ ورد طبيعي... زي قلبك، نقي."
(يلتفت إليها بابتسامة واسعة)

مها (بصوت خافت متقطع، لكنه واضح أكثر من السابق):
"ج... جميل... يا... آسر."

ليل (بفرحة لا تصدق):
"ماما! نطقك أوضح بكتير النهاردة!"
(تقترب منها وتقبل يدها بحنان)

آسر (جالس عند قدميها، نبرته دافئة لكن خلفها حزن):
"أنا آسف يا أمي... سبناكي وإنتي محتاجة لينا. بس... كنت لازم أرجع وأنا قادر أوقف جنبك... وأخدلك حقك."

مها (تلمع عيناها بالدموع وتحاول رفع يدها المرتجفة لتلمس وجهه):
"ف... خو... رة... بيك... يا آسر."

ليل (تمسح دموعها بهدوء):
"يا رب تتحسني أكتر وأكتر... مش قادرة أصدق إنك بتتكلمي، ولو كلمات بسيطة."

آسر (ينظر لليل بعينين دامعتين ثم لوالدته):
"مستشفى التأهيل ده هيكون بيتنا الجديد لحد ما تمشي وتتكلمي تاني يا أمي... وده وعد."

مها (بصوت أهدأ لكن واضح):
"وح... شتوني... كتير..."

(لحظة صمت مؤثرة، تبادل نظرات مليئة بالحب والتصميم)

---

ليل (تتمالك نفسها، تحاول المزاح):
"بس بجد بلاش تمشي بسرعة قوي، آسر لسه ما طبخش ولا غسّل من يوم ما جينا."

آسر (يضحك):
"ماشي يا ليل، افتحي فمك وهنشوف من يطبخ مين فينا النهاردة."

مها (تضحك ضحكة صغيرة لأول مرة منذ سنوات... تخرج من صدرها وكأنها تنفض الألم)

الصورة تُغلق على الثلاثة وهم يضحكون بهدوء، والأمل يملأ الغرفة.
******************
في  – فيلا عائلة البحيري – مساء – الطابق العلوي

سيلين تخرج من غرفة تاليا بعد أن غطّتها بحنان. تمشي في الممر الهادئ فتلاحظ ظلاً عند نهاية الرواق... هايدي واقفة قرب النافذة، تدّعي اللامبالاة.

سيلين (بنبرة ثابتة):
"واضح إنك بتعرفي تختاري توقيتاتك... الليل، الهدوء، الناس نايمة."

هايدي (تلتفت ببطء، نظرة متفحصة):
"كنت بستنّى اللحظة المناسبة... نادراً ما نكون لوحدنا، أنا وانتي."

سيلين (تقترب بخطوات واثقة):
"فعلاً... ونادراً ما أطيق ريحتك حتى."

هايدي (تبتسم باستهزاء):
"قوية! واضح إنك بتعرفي تمثلي كويس... لكن خليني أقولك حاجة، سيف مش بتاعك."

سيلين (تضحك بهدوء وهي تطوي ذراعيها):
"انتي متأكدة إنك واعية للكلام اللي بتقولي؟ سيف زوجي. باختياري. وباختياره. وأنا مش هايدي اللي تجري ورا رجل وهي متجوزة من أخوه."

هايدي (تنفجر بنبرة حاقدة):
"مازن غبي! وأنا أستحق أكتر. طول عمري بستحق أكتر! وسيف... كان المفروض يبقى من نصيبي!"

سيلين (تقترب خطوة منها، وتهمس ببرود يثلج الدم):
"يبقى سمعيني كويس... ما تحاولي تلعبي بالنار، لأني ما عنديش مشكلة أحرقك بيها. أنا مش ياسمين... ولا حتى هدى... أنا سيلين."

هايدي (تحاول التماسك، لكنها ترتبك قليلًا):
"بتهدديني؟"

سيلين (بابتسامة ساخرة):
"أنا بوصفلك الواقع... أنا بحمي بيتي وراجلـي وطفلتي... ولو قربتي منهم أو حتى فكرتي تعملي حاجة قذرة؟ هتشوفي بنفسك إن سجني السابق كان عطلة مقارنة باللي ممكن أعمله."

(صمت متوتر، وهايدي تبتلع ريقها ببطء)

سيلين (تدير ظهرها وتبدأ بالسير):
"نامي بدري يا هايدي... لأن الكوابيس الحقيقية بتبدأ لما تصحي."

هايدي تقف مكانها، وجهها مصدوم ومرتبك، بينما   سيلين  تنزل الدرج بثبات وهدوء المنتصر.
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*



تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة