
بقلم رشا عبد العزيز
أفزعت فرح من وجود حبيبه أمام الباب فأخفت ماتمسك وراء ظهرها ، الشئ الذي جعل حبيبة تقلق أكثر .
لتقترب منها وبلهجة شديدة الحدة صرخت بها :
-وريني الحبوب يا فرح .
ارتبكت فرح وبكلمات متقطعة :
-دي دي مش حبوب ده لبان .
ازدادت ريبتها وبسرعه لفت فرح وانتزعت شريط الحبوب من يدها بالقوه لتنظر لها فيصعقها ما رأته ، لكنها هدأت من حدتها فهي يجب ان تعرف كل ما يخص هذه الحبوب ومن أين حصلت عليها بعد أن ايقنت خطورتها .
-جبتي منين الحبوب دي يا فرح؟
لكن فرح بقيت صامته لتكرر حبيبه بشي فيه نوع من الحزم :
-جبتي منين الحبوب دي؟
لكن فرح حافظت على صمتها وعينيها تراقب حبيبة بخوف ، لتتنهد حبيبة وتزفر أنفاسها بقوة وتسالها بهدوء :
-طب أنت عارفة الحبوب دي أي؟
لتهز رأسها والهلع يرتسم على قسمات وجهها :
-دي هتساعدني أسهر عشان أذاكر وأركز أكتر.
اندهشت حبيبة من وصف أبنة خالها لعمل تلك الحبوب إذا هي لا تعلم حقيقتها .
-مين الي قلك الكلام دا ؟
لتجيب بارتباك
-صاحبتي قريبها بيعرف في الادويه ونصحها بيها وجابت ليه وليها .
اقتربت منها حبيبة أكثر ، تربت على كتفها :
-هي صاحبتك أوي وشاطره كده زيك ؟
-ايوه أحناالاتنين أشطر اتنين في الفصل .
علت وتيره أنفاسها واحتقن وجهها ، أوصل الحقد في بعض البشر الي هذه الدرجة ؟!
تعطيها حبوب منشطة يمكن ان توصلها للإدمان أو ربما أبنة خالها ليست الضحية الوحيدة .
-بصي ياحبيبتي الحبوب دي خطر اوي ممكن توصلك للإدمان والي قالته صاحبتك كذب .
تفاجأت حبيبه بغضب وثورة أبنة خالها في وجهها :
-انت بتكذبي عليا ومش عاوزاني أبقى دكتورة زيك ، انتى أنانيه مش عاوزه حد يكون أحسن منك .
بهت وجه حبيبة وهي تسمع اتهام أبنة خالها :
-انت بتقولي أي يافرح أنا مش عاوزاكي تبقي دكتوره ؟! مش أنا الي دايما باشجعك ؟!
-فيه أي يا حبيبة مالك هي فرح بتصرخ ليه ؟
سؤال طرحته دلال التي جاءت هي ومصطفى بعد صراخ فرح :
حبيبة مش عاوزاني أكون زيها مش عاوزاني اخلص من الفقرواعيش في فيلا زيها .
اتسعت عين مصطفى ودلال من حديث شقيقتهم ليقول مصطفى مستنكرًا كلامها :
-ماتحترمي نفسك يا بت ، أي الكلام الي بتقوليه ده يامجنونة ؟
-أنا هاقلكم فرح بتقول كده ليه. الاستاذه عاوزة تأخذ حبوب منشطة تخليها تسهر عشان تذاكر ومش عارفة ان صاحبتها بتضحك عليها وان الحبوب دي ممكن توصلها للإدمان لو استمرّت عليها .
شهقات صدرت من دلال ، وصرخ مصطفى عليها :
-انت اتجننتي ، انت شاطرة ومش محتاجة ، ازاي تصدقي صاحبتك دي ؟
لتصرخ بصوت عالي :
-حبيبة كدابة . منى صاحبتي مش هتكدب عليا .
لتسقط صفعة قوية على وجهها من والدتها التي حضرت للتو.
-الظاهر أني معرفتش أربيكى يابنت نجاة .
فزعت فرح وصرخت متألمة واضعة يدها على وجنتها .
لتسرع حبيبة بسحب نجاة بعيداً عنها :
-مش كده يا أمي الموضوع ميتحلش كده .
لتنهرها نجاة وتقول :
-مش شايفاها ازاي مش حاسة بغلطها وواقفة بكل بجاحة بتعلى صوتها عليكى .
لتومئ لها حبيبة وتغمز لها تحثها على الهدوء :
-يا أمي فرح مش مصدقاني وشايفه أني أنانية ، خلاص أحنا نسأل خالد جارنا اهو دكتور صيدلي ويفهم . مش انتى هتصدقي كلامه يافرح ؟
لتحرك رأسها وهي تمسح دموعها التي ملأت وجهها :
-ايوه
لتشير حبيبه لمصطفى ان ينادي خالد حتى يستفهموا منه ، كانت تسترق النظر نحو فرح التي كانت كالتائهة تجلس شاردة الذهن تقضم أظافرها .
وبعد نصف ساعة ، حضر خالد ليخبرهم ان ماقالته حبيبه صحيح ، وأن الاستمرار بتناولها قد يسبب الإدمان ،
لتصعق فرح وتتسع عيناها و
تترنح ، ارتدت تستند بظهرها على الجدار بعد ان صدمها كلام خالد .
هل خانتها صديقتها أم هي ايضاً ضحية مثلها ظلت تنظر نحو حبيبة التي كانت تحدث مصطفى بنفس الأفكار التي كانت تجول في فكرها .
-مصطفى الكلام دا ميتسكتش عليه أحنا لازم نتواصل مع مديرة المدرسة ونعرف البنت دي أدت الحبوب لفرح متعمدة آذيتها ، ولا هي كمان ضحية قريبها عشان تستغل البنات صحابها . لما يوهمهم ان الحبوب دي هتساعدهم في الدراسة .
ثم نظرت نحو ساعه يدها وقالت :
-أنا لازم اروح دلوقت ، اتاخرت على تيمو ونتقابل بكرة عشان نروح المدرسة .
نظرت حبيبة نحو نجاة التي كان تجلس على المقعد بجسد أوهنه الخوف والقلق وهي تتخيل لولم تصل حبيبه في الوقت المناسب ترى ماذا كان سيحل بإبنتها .
اقتربت منها حبيبة وقبلت رأسها :
-ماما أنا لازم اروح خلي بالك من نفسك .
أغمضت عينيها المتعبة ثم رفعت رأسها تنظر لحبيبة :
-مع السلامة ياحبيبتي .
اتجهت حبيبة نحو باب الشقة ، تفتحه لتسمع :
-ابلة حبيبة ....
استدارت لتجد فرح التي تنظر لها بندم
-أنا اسفة يا ابلة ، سامحيني .
لتفتح لها حبيبة ذراعيها في دعوة لإحتضانها لتلبي فرح الدعوة بسرعة وتركض نحوها تحتضنها وتبكي لتحرك حبيبه يدها على ظهرها :
-خلاص ياحبيبتي أنا مسامحاكي بس عاوزاكي تخلي بالك من نفسك ، واوعي تقولي لصحبتك حاجة عشان نقدر نتصرف .
-حاضر .
قالتها فرح وهي تخرج من أحضان حبيبه تمسح دموعها
-مع السلامة ياعسل
هذا ماقالته حبيبه وهي تقبل وجنة فرح وتغادر .
*******************************************
كانت تجلس بجانبه في السيارة للعودة لمنزلهم بعد ان قضيا معظم النهار في السير على شاطئ البحر وتبادل الحديث عن ذكرياتهم في الجامعة .
كانت تنظر عبر النافذة للطريق وكانها تنظر إلى طريق حياتها خطوطه البيضاء محطات حياتها التي تباعدت ، واختلفت ولاتعلم ماهي نهايه هذه اللعبة التي وضعت نفسها بها حتى سمعته يقول :
-سرحانه فى أي ياديجة ؟
لتسأله السؤال الذي دار في خاطرها منذ ان رأت نظرات زوجه عمه عندما قالت انها تريد أن تأخذ الأطفال معها .
-تفتكر والدة اروى هتغير الأولاد عليا أو تحركهم ضدي ؟
ليضحك ثم يقول
-لا مش افتكر ياديجة ، أنا متاكد انها هتعمل كده هي أصلا عاملة الأولاد زي المخبرين بتاخذ منهم تقرير كامل عن حياتنا على الرغم إني حذرتهم إنهم يطلعو اسرار بيتنا لكن هي بتستغل حبهم ليها وبتقدر تجرجرهم في الكلام .
اندهشت خديجة وقالت :
-معقوله تستغل حبهم ليها بالشكل ده ؟
ليومئ لها برأسه
-وأكثر. عشان كده أنا مبلغتهمش بخبر جوازي .
ثم صمت وقال :
-وعشان كده رفضت انك تنامي معاهم. الحاجات دي كلها هيوصلوها ليها . حتى من غير ارادتهم هي بتسأل بشكل غير مباشر وتاخذ المعلومه الي عوزاها .
نكست خديجة رأسها تنظر ليدها المتشابكه لقد دخلت حياته عنوة وعكرت صفوها . هل وجودها سيسبب له مشاكل كان هو في غنى عنها
.
انتبه هو لشرودها ليبتسم ويمسك يدها ويقول :
-ديجة أنا متأكد انك هتخليهم يحبوكي .
ارتبكت من لمسة يده وحاولت سحب يدها لكنه كان متمسكاً بها ، لتستسلم ليده التي تحتضن يدها ولاتعلم لماذا رويداً رويدًا دفئ يده الذي تسلل ليدها منحاها شعورا بالأمان لتبتسم لا ارادياً ..
أوصلها إلى المنزل وذهب ليحضر أولاده من بيت جدتهم .
استغلت هي هذا الوقت لتغير ملابسها وتستعد لاستقبال الأطفال الذين ما أن دخلوا حتى علمت خديجة أن مخاوفها باتت حقيقة فها هي ترى النفور واضح على وجوههم لكنها قررت ان تحاول :
-اهلاً ياحبايبي وحشتوني عاملين أي ؟
ليردا بلهجة غريبة :
-كويسين .
وضحت رؤيتها لتغييرهم من أسلوب الحديث :
-طب يلا خلينا نغير هدومنا عشان أحكيلكم حكاية قبل ما تناموا .
لتنظر لها مسك وكانّها استنسخت نظرات جدتها
-لا احنا هنغير وحدنا .
ويكمل انس :
-وعاوزين بابا هو الي يحكلنا الحكاية .
نظرت لأيمن الذي أشار لها ان تتركهم وهو سيتولى الأمر .
الآن عليه ان يتكلم معهم قبل النوم لاعادتهما لسابق عهدهما وكانّه يقوم بإعادة تأهيل لتفكيرهما وسلوكهما .
-يلا يا ولاد روحو غيروا هدومكم وانا هاجي وراكم .
رحل الأولاد لينظر بأسف نحوها :
-آسف ياديجة على طريقة الأولاد معاكي بس انت عارفة السبب ، اناهتكلم معاهم .
لتنظر له بحرج وتقول :
-أنا الي آسفه يا أيمن إني بسببلك مشاكل .
شقت ثغره ابتسامة كبيرة برزت صف اسنانه وقال :
-مشاكل أي دا احنا حياتنا بقى ليها طعم تاني بوجودك .
قال ذلك وهو يقرص وجنتها ويغادر :
لتقف هي متحيرة من نظراته وتصرفاته .
*******************************************
جلست حبيبة تقص لنهى ماحدث في مدرسه فرح عندما ذهبت مع مصطفى وابلغوا المديرة بماحدث وكيف اكتشفوا ان صديقة فرح هي ضحية أيضاً وان هذا الشخص استغل قرابتها واستغل ولعها بالدراسة وكونها تريد مجموع عالي كونها في الثانويه العامه. واستعملها دون ان تعلم في الترويج لهذه الأشياء .
لتضطر المديره لإبلاغ الشرطة عنه ليتعاملوا معه .
انتهت حبيبه من سرد حديثها لتنتبه لشرود نهى لتحرك يدها أمامها وتقول
-نهى يابنتي رحتي فين ؟
عادت من شرودها عندما سمعت صوت حبيبة :
-معاكي ياحبيبة .
قطبت حبيبه حاجبها وقالت مستهزأة :
-معايا فين ، دا انت فى عالم تاني يابنتي.
ثم سألتها :
-يوسف مش كده ؟
أغمضت عينيها متنهدة
-وهو فيه غيره ؟
زاد استفهام حبيبه لتمسك كف يدها تطلب منها الحديث :
-ماله اتكلمي يا نهى .
نظرت لها نهى وتحدثت بصوت تملؤه الحيرة وتغلفه الحسرة :
-مش عارفة ياحبيبة ، بس عينيه بتقلي بحبك وتصرفاته بتقلي بحبك وساعات بحس انه هيقول لكن بيتراجع ... تعبت ياحبيبة وقلبي كل يوم يعشقه اكثر .
زفرت حبيبة أنفاسها ببطىء وقالت :
-أنا عارفة ان كلامي مش هيعجبك ، بس يانهى هو لو بيحبك أي الي مانعه انه يتكلم خايفة يكون كل ده أوهام وبس .
لسعت عينيها الدموع واختنق صوتها :
-والله مش وهم ياحبيبه ، الأيام دي صدقيني أنا بشوف حبه ليا واضح خوفه عليا اهتمامه بيه دا حتى عارف أي الي بحبه وأي الي يضايقني غيرته عليا دا حتى غير جدولي عشان تكون أوقات نبطشياتنا زي بعض بالضبط .
لو اتاخرت خمس دقايق بيرن عليا يسألني انت فين .
دا أنا اتفاجأت بيه النهاردة بيسألني أي اللون الي بيليق بيه .
اشفقت حبيبة عليها وربتت على يدها ، وقالت : (بقلم رشا عبد العزيز)
-اهدي يانهى كل شيئ هيبان ولو بيحبك مسيره يتكلم .
أشاحت نهى وجهها ومسحت دموعها الهاربه مستسلمه لأمل ربما يتحقق قريبا ....
*******************************************
افاقت من نومها كما اعتادت مبكراً رغم ان اليوم اجازه بالنسبة لها لكنها تعودت ذلك أمسكت هاتفها تقلب بعض مواقع التواصل .
وبعده وقت ليس بالقليل نهضت تأخذ حمام دافئ وتغير ملابسها وخرجت نحو غرفة تيم فلم تجده ، لكنها سمعت صوته في الأسفل ، يبدو ان أدهم قد عاد من مهمته ،
أسرعت خطاها تود الانفراد به وسؤاله عن مفتاح شقتها الذي غيره يجب ان تحصل على نسخه منه .
نزلت على الدرج بخطوات شبه سريعه ، عازمة على مواجهته لكنها تراجعت عندما رأته .
شاحب الوجه لحيته بارزة عيناه ذابلتان لكن مهلًا يده مصابة ، يلتف حولها ضماد ظهرت دمائه منه يبدو أن جرحه مازال ينزف .
لايتحدث فقط يحتضن تيم ووالدته اللذان تشاركا البكاء خوفاً عليه بعد ان رأيا هيئته .
اماً هو فقد احس بوجودها وتمنى انها لو تقترب ،،،تقترب قليلًا فقط تسأله عن حاله لكنها ظلت واقفه بعيدا تنظر اليه من بعيد وكأنّه لايعني لها شئ ، نزف قلبه مع جرحه النازف وأضاف ألم إلى ألمه :
-خلاص يا أمي خلاص ياتيمو ما أنا بخير اهو.
أخرجهم من أحضانه ومسح دموع والدته :
-خلاص يا أمي بالله عليكي أنا تعبان متتعبنيش أكثر.
لتلمس أمينه وجهه كأنها تتأكد من وجوده وتطمئن قلبها الذي انتفض من منظره و ارتعب من فكره فقدانه
حركت يدها على وجهه وصدره :
-حمد الله على سلامتك ياحبيبي .
ليلوح شبح ابتسامة على وجهه يطمئنها بعد ان رأى الرعب على وجهها :
-الله يسلمك يا أمي .
واحتضن تيم وقبل وجنته :
-وحشتني يابطل
ثم اغمض عينيه بتعب وتنهد مرهقاً :
-أنا عاوز اروح أنام .
ربتت أمينه على كتفه تحثه على النهوض :
-قوم يا حبيبي ارتاح .
لينهض منهكا ً وبخطى متثاقله تقدم نحو الدرج ليمر من جانبها دون ان يكلمها أو ينظر لها ليسمعها تقول :
-حمدالله على سلامتك .
-متشكر . (بقلم رشا عبد العزيز)
كلمه واحدة نطقها لسانه بثقل :
استند بيده على سور الدرج يرفع جسده المتعب متحاملاً على ألمه ، يناشد قدميه أن توصله لسريره .
كانت ترى صعوبة تحركه أرادت ان تسنده وتساعده ، لكن شئ ما منعها وكأنها شلت ،
ابتعد عنها عده درجات ، لتستدير متجهة نحوه حتى أصبحت خلفه :
-أدهم جرحك بينزف ، تسمحلي أغيرلك عليه .
لم ينطق بكلمه لكنه حرك رأسه بالموافقة .
لتنزل الدرج تبحث عن صندوق الإسعافات نادت على جينا تحضره لها واتجهت نحو أمينه تستفهم منها ماحدث له لتخبرها انه قد فقد احد أصدقائه في مداهمة لأحد أوكار المخ*درات .
أشفقت عليه فهي تعلم تماما ماهو شعور الفقد فهي اكثر من ذاق مرارته وأحرقتها نيرانه .
عادت جينا بصندوق الإسعافات وهمت هي بترك أمينه والصعود اليه
لتمسك أمينه يدها تتوسلها بنظرات أم تملك الخوف منها على والدها
وبعين دامعة قالت لها :
-ارجوكي يابنتي خلي بالك منه .
ابتسمت لها حبيبه وربتت على يدها التي تمسكها :
-ماتخافيش ياماما ، أن شاء الله أدهم هيكون بخير.
دخلت عليه غرفته لتجده جالس على سريره ينتظرها شارد الذهن ، عينه تنظر للمجهول .
جلست بجانبه وامسكت يده تزيح الرباط القديم عنه لتجد جرحا غائر يبدو ان طلقة نارية قد مرت من جانبها محدثة هذا الجرح الذي يحتاج تقطيب .
-ادهم الجرح كبير محتاج يتغرز عشان يخف بسرعه خلينا نروح المستشفى
أدار رأسه لها ببطئ وبعين حمراء ذابله وصوت ضعيف
-مالوش داعي اربطيه انت وخلاص أنا مش هاروح المستشفى .
علمت انه لن يسمع كلامها لتبدأ بتنظيف الجرح ومداواته كانت تختلس النظرات نحوه. كان لايصدر أي ردة فعل أو تأوه ، كان وجهه جامد شاردًا في عالم ثاني وكأن روحه تأن .
انتهت من عملها وأحضرت له حبه دواء
-دا مسكن هيخفف الألم ويساعدك تنام .
اخذها منها ثم اعطته قدح الماء ليرتشف منه ثم يعيده لها وتمدد على السرير لترفع هي الغطاء تدثره .
كانت تقنع نفسها ان ماتفعله معه هو واجبها كطبيبة .
مر أسبوعين منذ أن عاد ادهم لكنه لايزال معتكف في غرفته لايخرج منها وكانت هي تغير له ضماده بين الحين والآخر لكن دون ان يتكلم احدهم مع الآخر كان يسود تلك اللحظات الصمت
-مامي هو بابي مش هيرجع يتكلم معايا زي زمان ؟
سؤال طرحه تيم الذي اشتاق لوالده :
مسحت حبيبه بحنان على راسه وابتسمت
-لا ياحبيبي أن شاء الله هيرجع يتكلم معاك بس هو تعبان شوية .
ثم نظرت لدفتر الرسم خاصته لتجده قد رسمهم كعائله هو و والده وجدته حملت الكراسة وقالت :
-الله أي الرسمة دي ياتيمو ؟
التمعت عيني الصغير فرحا لمدحها رسمته
-عجبتك يا ماما ؟
-تجنن ياروح ماما .
قالت ذلك وهي تقرص وجنته
نظرت للرسمة ثم نظرت اليه وقالت :
-أي رأيك نوريها لبابا ؟
ابتهج وجهه ونهض مباشره يسحبها
-يلا ياماما خلينا نوريهاله .
دخلا غرفته لتجد جالس على سريره شارد الذهن كما هو حاله في الأونة الأخيرة حتى انه لم يشعر بتيم عندما دخل واقترب من سريره .
-بابي …بابي
واخيراً شعر بوجود صغيره ليحمله ويجلسه على ساقه دون كلمة .
ليرفع تيم لوحته أمام عينيه ويقول :
-شوف يابابا أنا رسمت أي ؟
أمسك بالرسمه يتمعن بها ليفتر ثغر عن ابتسامه صغيره
-حلوه ياتيمو، برافو ياحبيبي .
بدأ الصغير يشرح له عن رسمته
-دا أنا ودا انت ودي تيته ودي ماما .
وعند ذكر اسمها رفع تيم نظره اليها لتتجه نظرات ادهم إلى ماينظر اليه ، ليجدها تقف عند الباب تراقبهم والابتسامه تعلو وجهها .
-ماما بابا عجبته الرسمة .
اتجهت نحوهم ، حتى أصبحت قريبه منهم :
-حبيبي الرسمة تجنن بس أي دا وريني...
لتمسك ورقة الرسم كأنها تتأملها
-هي مش مناخيري كبيرة شويه ياتيمو ، وبابا بكرش (بقلم رشا عبد العزيز)
وعندما قالت ذلك ، ضحك تيم بشدة لينظر لوالده فيضحك هو أيضاً ..
فتشاركهم الضحك هي أيضاً
مر أسبوع آخر أصبحت حاله أدهم افضل قليلاً رغم الحزن الظاهر عليه لكنه عاد يأكل معهم و يخرج قليلا من غرفته .
كانت تضمد جرحه في صمت ، حتى قررت ان تكسر هي هذا الصمت وتسأله :
-انت غيرت كالون الشقة يا ادهم ؟
لينظر لها بلوم فتتلاقى عينيهم …لبضعة ثواني وكأن عيونه قالت لها :
حتى في حالي هذا لاترحميني ألا تسمعين صدى أنيني ، أجرحاً آخر تزيديني ومن نظره عينيه أدركت خطأها باختيار التوقيت ، فلم يشفى هوبعد من جرح يده لتزيد هي جرح لقلبه .
لتبتلع ريقها وتجلي صوتها وتقول :
-أنا بس كنت عاوزه اعرف ليه ؟
ودون ان ينظر اليها أجابها وهو يتسطح على السرير ويوليها ظهره بعد ان أنهت تضميد جرحه:
-لان دا كان اتفاقنا انك تحترمي إني جوزك طول ما انت على ذمتي .
نبرة صوته الباردة كانت كصقيع خدش جدران قلبها
ها هو يؤكد ملكيته لها
*******************************************
شهران مرا على زواجها منه وطيلة تلك الفترة كانت تحاول ان تتقرب من الأطفال وكانوا مابين شد وجذب .
لكنها ابتسمت عندما تذكرت كيف فرحت مسك بضفيرتها الفرنسية التي صنعتها لها بعد ان أبدت صديقاتها إعجابهم بها وكيف أصبحت تطلب منها ان تصنعها لها كل يوم .
اماً انس فبات يتفاخر بها أمام زملائه بان المس خديجه هي زوجه والده .
دعت الله ان تستطيع الوصول إلى قلبهم قريباً .
اماً عن ايمن فهي لاتنكر انه يعاملها أحسن معامله يهتم بها ويسألها عن ادق تفاصيل حياتهم حتى تشاركه الرأي .
لتضحك عندما تتذكر كيف يطرق الباب بطريقة كوميدية لتعلم انه من على الباب ، وكيف يجلب لها الحلوى كما يجلب لأطفاله ً…كيف يجلس معها يتناقشون في بعض المواضيع الإعلامية
هناك شئ به بدأ يجذبها ، لاتعلم ماهو لكن هناك مشاعر تداعبها في بعض الأوقات لكن قلبها ينكرها .
لتسأل نفسها سؤال :
متى ستتخلص من قيود حب مالك التي أصبحت تخنقها .
لتسمع صوت المفتاح في الباب ،
ليدخل أيمن لتشهق بصوت عالي تضع يدها على فمها من الصدمة :
-ايمن أي الي حصلك مين الي عمل فيك كده؟