
بقلم رشا عبد العزيز
منذ أن أخبرتها دلال يما حدث
وهي لا تعي ماذا تفعل و ماذا تقول
فقدت أستيعابها.. تتمتم بكلمات غير مفهومه
_مالك ياحبيبه حصل اي؟
سؤال طرحه صهيب بعد حالت اللاوعي التي رأها بها
بعينين غامت بالدموع وعقل تائه قالت
_خالي أتقبض عليه بس ليه خالي طول عمره في حاله. ليه أتقبض عليه؟ ليه؟
_أهدى ياحبيبه وخلينا نروح ليه
أستجابت لقرار صهيب وذهب معه...
لتدخل قسم الشرطه.. هذه المره الثانيه بعد ثمان
سنوات لكن بشعور مشابه قلب خافق جسم مرتعش..
عينان تائهتان....وخطى متعثره... حتى رأته.... يقف تحاوط
يديه أصفاد حديديه رأسه منكس... الذل والوهن يغلف قسمات وجهه
اسرعت خطاها نحوه تحتضنه بقوه غير عابئه بالمكان والناس كل مايهمها. هو.خرجت من أحضانه تسأله بلهفه
_حصل اي يا بابا..؟ جابوك هنا ليه؟
أجابها بحيره.. وتيه. (بقلم رشا عبد العزيز)
_والله يابنتي ماعرف أتقبض عليا ليه. أن فجأة لقيتهم هجموا على المكان وأخدوني
أستدارت نحو الشرطي الواقف عند الباب
_ممكن نكلم سياده الظابط؟
_هستأذن لكم ثواني
غاب الشرطي دقائق وعاد يقول أتفضلي. حضره الظابط مستنيكي
_خليني أدخل معاكي ياحبيبه
كان هذا صوت صهيب. الذي خاف من تواجدها وحدها
_حضرة الظابط عاوز الانسه بس
هذا كان جواب الشرطي على طلب تواجده معها
_خليك ياصهيب أن هدخل أستفسر. سبب القبض عليه وأرجع متخافش
دخلت تلك الغرفه. .. المغلقه بخطى بطيئه وكأن مشهد الماضي يعاد من جديد دخان السجائر الذي يملأ المكان ذلك العطر الذي أصبح مألوفا بالنسبه لها...ذلك الشخص الذي باتت تعرف هويته... نعم هو يجلس بشموخ خلف ذلك المكتب نظراته الثاقبه تخترقها
وكأنه كان ينتظرها وقفت امامه
وبصوت مثلت فيه الثبات سألت
_ممكن أعرف خالي موجود هنا ليه؟
ابتسامه مستفزه زينت وجهه.. نظر إليها ثم نفث دخان سجائره عاليا
_اي دا الدكتوره بنفسها هنا. طب. قولي السلام عليكم الاول
أعادت سؤالها مره ثانيه بصوت غلفه الغضب
_ممكن أعرف خالي هنا ليه؟
قام من مكانه واتجه نحوها وقف مقابل لها.. وأشار إليها بالجلوس
_اتفضلي لأول وخلينا نتكلم
أمتثلت لطلبه. وجلست في المقعد المقابل له
ظل يحدق بها وكانه يفترس ملامحها حتى قلقها جميل. توترها. يزيدها قوه.... وعناد
يجعله يزداد تمسكا بها
تحديقه بها زاد اضطرابها.. لتكرر سؤالها للمره الثالثه بحده أكبر
_ممكن أعرف خالي أتقبض عليه ليه يا أدهم بيه؟
اعتدل بحلسته وانحنى بجسده مقتربا منها. ثم بصوت هادئ
_لحد دلوقت تشابه أسماء لكن ممكن القضيه تتحول
ضيقت عينها وسألته مستفهمه
_يعني أي تتحول ممكن تفسر كلامك؟
عاد يدخن سجارته وينفث دخانها.. في الهواء.. ثم نظر إليها.
_يعني حسب قرارك. هنحدد نوع القضيه
_أدهم بيه وضح كلامك وبلاش الالغاز دي
نهض من مكانه وادار كرسيها نحوه ثم سند ذراعيه على ذراعي الكرسي. وأخفض وجهه لتواجه
عينيه عينيها
_يعني ابني قصاد خالك
واجهت عينيها.... عينيه بتحدي وقالت
_يعني اي.؟
أكمل بصوت يشبه الهمس...
_يعني الدور الي أنت أوهمتي ابني بيه... واختارتي انك تمثليه يكون حقيقه
أدعت عدم الفهم وتمنت أن ماتخشاه.. لن يكون مافهمته
_يعني أزاي؟ ممكن توضح
وبصوته البارد... الذي يشبه النفحات الشتوية. القى عليها
بقراره
_تتجوزيني. وتبقى أم تيم.. يعني الدور الي أنت اختارته يكون حقيقه
وكبركان ثائر دفعته بقوه وهبت واقفه
_أنت أتجننت أنت بتقول اي؟
أستمر في هدوئه يلقى عليها
كلماته التي تشبه الرصاص القاتل بالنسبه لها
_هو دا الي هيحصل
_وأن رفضت؟
سؤال طرحته عليه بتحدي
_يبقى قضيه تشابه الأسماء تتحول لقضيه مخ*درات. ودي فيها أقل حاجه ١٥ سنه. وانت عارفه زي ما قدرت زمان أخلصك من قضيه بسهوله أقدر النهارده البس خالك قضيه بنفس السهوله
_أنت بتعمل كده ليه؟ كل دا عشان رفضتك
وكأنها أشعلت فتيل نيران كرامته الثائر ليهب بغضب
_أنا بعمل دا عشان أبني أنتِ متهمنيش
_كذاب
أنت اناني.لا بيهمك ابنك ولا زعلو... أنت الي يهمك كرامتك الي اتهانت... وغرورك الي اداس عليه..
تمالك نفسه لابعد الحدود... قبل أن يلقى عليها كلامه دفعه واحده .. يوقفها عن الكلام
_إنت الي اختارتي....ودا قراري انا مش اناني أنا أب وعاوز مصلحه ابني
_وأنا مش موافقه وأعلى ما في خيلك اركبو.... أنا بحب علي وهافضل أحبه ومراته لحد ما أم*وت
ذكرها لاسم غريمه أشعل نيران الغيره و زاد من عزمه لضغط عليها كي ترضخ
_يبقى حكمتي على خالك يقضي بقيه عمره في السجن.
أحنا لقينا المخ*درات معاه وفيه أكثر من شاهد على أنه بيروج ليها.. تقدري.. تسلمي عليه وتقوميليه محامي عشان بكره هيتر حل للنيابه.
قررت التخلي عن ثباتها. والتنازل عن كبريائها.. علها تستعطفه ليتركها وشئنها... حررت دموعها التى كانت تأسرها أمامه وبصوت يحمل ألما حقيقيا.. توسلت اليه
_أدهم أرجوك والله مش هقدر.. أنا قلبي ملك علي....حرمت عليه الحب بعده ودفنته معاه.. وعاهدته أني ليه
طول عمري.. صدقني مش هقدر. غصب عني أرجوك قدر موقفي
استدار وأولها ضهره.. أغلق عينيه وقبض على كف يده عله يطفئ صراخ قلبه الذي أعلن العصيان عندما رأى دموعها.. ورجاه أن يدعها ترحل لكن عقله العنيد أبى ذلك لينطق لسانه
_نص ساعه ياحبيبه ترجعي بيت خالك. تلاقي المأذون عندكم
هجيب خالك معايه. ونكتب الكتاب ..غير كده دوريلو على محامي كويس لأن القضيه لابساه.
وبكبرياء زوجه وفيه استدارت
لن ترضخ لاوامره. اتجهت نحو الباب تخرج وتتركه مع أوهامه
هي لعلي ولن تكون لغيره وليذهب هو وأوهامه إلى الجحيم
لكن وبمجرد أن فتحت الباب وجدت خالها مكبل اليدين محني الرأس... أشفقت عليه
هل ستتخلى عنه. وتدع هذا المجنون ينفذ وعيده... لكن خالها لايستحق هذا.منها. لايستحق أن تكون سبب في عذابه. دقائق عديده مرت وهي متسمره أمام الباب
حتى حسمت قرارها.. أغلقت الباب ببطئ استدارت نحوه.. تعلم أنه ينتظر اجابتها لتقول
_موافقه
*******************************************
كانت تجلس على السرير في غرفتها.تمسك صوره علي بيديها كالمغيه تنظر للفراغ. فقط دموعها تنساب على وجنتيها. كأنها تخط طريق الحزن الذي تعيشه
نهى ودلال على جانبيها يحاولون مواساتها... وكأنها ترحل لحدفها
مسحت نهى دموعها وحرك يدها على ظهرها تحاول تهدئتها
_حبيبه أنت سمعاني... ردي عليه. .. حبيبه. أنت كويسه
نجاه التي كانت تقف بعيد وتشارك حبيبه دموعها. وتشعر بالقلق من هيئتها
_كبدي عليكي يابنتي. هو انت مش مكتوبلك الفرح. ياحبيبه
حرام عليكي نفسك ياحبيبيتي..
دخل مصطفى الذي كان يشعر بالغضب حزنا على ابنه عمته الذي يعتبرها اخت له. ود لو دخل غرفة الضيوف وضرب هذا الادهم. لكن والده كان يمنعه... و بنظرات عينه يجبره أن يخرج
لكنه أحضر ورقه عقد القران يطلب من حبيبه توقيعها
نظر إلى والدته. لايدري كيف يخبر حبيبه بطلب والده أن توقع حبيبه الورقه حتى نجاه لم تعلم ماذا تفعل. لتتولى هذه المهمه دلال التي كانت أكثر تعقلا في هذا الموقف. جلست بجانبها وقالت
_حبيبه ياحبيبتي... لازم تمضي على الورقه المأذون طالب موافقتك.... حبيبه... ماعدش فيه مجال للرجوع انت وافقتي وخلاص.. ودا مكتوب من ربنا واكيد ربنا مش هيكتب علينا حاجه مفهاش خير لينا... يلا ياحببتي محدش بيعرف الخير فين.. يلا ياحبيبتي
أمسكت القلم بيد مرتعشه. نظرت نحو أفراد عائلتها الواحد تلوالاخر وكلما واجهت عينيها عيني أحدهم كان يخفض عينيه وكأنهم يعلنون لها ضعفهم وقلة حيلتهم... ثم وجهت نظرها لنهى التي طبطب على كتفها وأومئت لها براسها تحثها على الموافقه
وكانها ستوقع وثيقه أع*دامها وليس عقد قرانها... نظرت نحو صوره علي..وأعتذرت منه انها لم تفي بوعدها له
ستمزق. عهد الوفاء الذي كان بينهم لكن ليس لها سبيل أخر
لتوقع عقد قرانها وتنخرط بالبكاء في أحضان دلال
***************************************(بقلم رشا عبد العزيز)
كان يجلس مع خالها شارد الذهن هو الاخر.. فقد كان خالها وكيلها بعد توكيل والدها له وهذا حدث طبعاً بعد ان دفع له أدهم النقود مقابل ذلك
جلس خالها بجانبه بعد أن انتهى عقد القران وقال له
_الف مبروك يابني
أدار أدهم رأسه ونظر نحوه بعينين تائهتين
_مكنتش عاوز أرتباطي بيها يكون بشكل دا. كان المفروض يكون اسعد يوم في حياتي لكن حاسه احساس مر .. وانا شايف الحزن و الكسره في عنيها وهي بتقلي موافقه...
ليربت خالها على كتف ثم على ساقه ويبتسم
_لكن انا متأكد انك هتقدر تخليها تحبك... وهتعوضها
حبيبه يابني. شافت وعاشت
وتحملت الي محدش يستحمله
أنا لولا شفت الحب الي فعنيك ليها مكنتش وافقت واتفقت معاك على الحكايه ديه ليتذكر
محمود كيف طلب منه أدهم يد حبيبه.. قبل اسبوع من اليوم
كان يقف في القهوه كعادته عندما جاء له مساعده يخبره بوجود رجل يريد التحدث معه
استغرب محمود الأمر وذهب حيث يجلس ذلك الرجل الذي يراه للمره الاولى
_مساء الخير حضرتك طلبتني يافندم
ليقف له أدهم يمد له يده بالسلام معرفا نفسه
_المقدم أدهم الألفي...
دب القلق في قلب محمود عندما علم أنه ظابط ليقول له بصوت مضطرب وهو يصافحه
_أهلا وسهلا. خير يافندم
.
_ممكن اتكلم معاك ياعم محمود..؟
_ايوه يابني اتفضل
ليجلس أحدهما مقابل الاخر لتزيد نبره أدهم من حيره محمود الذي ظل ينظر اليه بترقب
_حبيبه
وبمجرد أن ذكر أدهم اسمها احس محمود بتيبس الدماء في عروقه... وقلبه أصبح يتخطبط مابين أضلعه ليسأله بخوف
_خير يابني مالها حبيبه.. دي طيبه وطول عمرها فحالها
أبتسم أدهم لهذا القلق واللهفه التي رأهم في عينيه ممايدل على مدى حبه لها
_متخافش ياعم محمود هي معملتش حاجه.. بس سرقتني
لتزداد حيره محمود أكثر ويقطب حاجه بحيره
_حبيبه مش معقول تسرق يابني أنت أكيد غلطان... طب سرقت اي منك
_سرقت قلبي ياعم محمود ومن زمان كمان
ليتنهد محمود بارتياح ويضحك. وهو يقول
_يابني حرام عليك وقعت قلبي...
بس أنت تعرفها منين.؟
ليقص عليه أدهم حكايته مع حبيبه منذ البدايه. حتى لقائهم الاخير بعد مرض ولده
ليسأله محمود بلهفه اب بخشي على ابنته.
_يعني يابني انت بتحبها بجد والا دا كله عشان ابنك..
لينظر له أدهم. ثم يبعد نظره عنه ويزفر أنفاسها بقوه
_بحبها بس ياعم محمود قول بعشقها بموت فيها... حبيبه عاشت معايه تمن سنين طيفها مافارقش خيالي
ابتسم محمود بأسى ثم تكلم بحرقه
_بس حبيبه يابني. عندها ظروف
ليجيب أدهم بغصه
_عارف حبيبه حكتلي كل حاجه
أنت تقصد علي جوزها الله يرحمه
ليقول محمود بحسره وألم
_ايوه يابني علي ماكنش مجرد جوزها كان عوض على المرار والحزن الي شافته بس حبيبتي ملحقتش تتهنى
ثم رفع عينه نحو أدهم وروى براعم الأمل عنده حينما قال له
_بس لو أنت بتحبها بجد أنا ممكن أساعدك
عاد محمود من ذكرياته. وقال
_صدقني يابني حبيبه بنتي وأنا مربيها هي عنديه. وعندها وفاء لعلي مكانتش هتسمحلك تدخل حياتها بأي شكل من الاشكال
أحنا كده أجبرنها تخرج من القوقعه الي عايشه فيها دلوقت جاه دورك تخليها تحبك.
_تفتكر ممكن تنسى على وتحبني؟..
سؤال طرحه أدهم بأمل
ابتسم محمود واجاب عليه
_ربنا كريم يابني ومادام انت بتحبها أكيد هيجي اليوم الي تحس بيك
استأذنك... أروح أندهلها
نظر أدهم إلى أثر محمود متمنيا أن يتحقق هذا الحلم في يوم من الايام
*******************************************
دخل محمود غرفتها وأعتصره قلبه على هيئتها.. نظر إلى
نجاه التي كانت تنظر اليه نظره تلومه بها فهي تعلم.. باتفاقه مع أدهم
اخفض نظره ليلملم شتاته... وينظر لها بحزم.. لامجال للتراجع بعد ما وصلو اليه
_حبيبه يلا يابنتي عشان تروحي مع جوزك
هل طعنها خالها في قلبها عندما نطق بهذه الكلمه...
نظرت إلى خالها وكأنها للتو استوعبت ماحدث لتقول دموعها تغرق وجهها
_أنا خنته خنت علي ياخالي... بقيت مرات حد تاني
..
بدأت تضرب وجهها بكلتا يديها عله يكون كابوسا تستيقظ منه
_خنته ياخالي.... خنت وعدي معاه
ركض محمود نحوها يحضنها بقوه بعد أن مزق قلبه منظرها
_أهدى ياحبيبه أهدى يابنتي
أنت ماخنتيش حد علي مات والحي أبقى من الميت
لتجيب وهي لاتزال بأحاضانه
_علي مامتش على لسه عايش بقلبي
_يابنتي استهدي بالله انت دلوقت مرات أدهم يعني. أنت كده بتخوني أدهم
وكأن كلام خالها صفع قلبها العاشق.. عن أي أدهم يتحدث واي خيانه تخونه..تضاربت الأفكار في عقلها.. حتى شعرت انه توقف عن العمل.. أما ذالك الساكن خلف أضلعها... فقد أحترق ألما حتى باتت تشعر أن الاحاسيس بداخله باتت رماد.
اخرجها خالها من أحضانه وقال لها
_يلا يابنتي. الله يهديكي أدهم مستنيكي بره
كم كرهت اسمه. وصوته.. بعد أن كانت في يوم تعتبره بطلها.. أصبح اليوم جلادها وسجانها معا.. لكن ستكمل من أجل خالها وتيم.. وعزمت انه نهايه هذه اللعبه ستكون مع نهايه عمليه تيم وعلاجه
كان ينتظرها في الخارج عندما خرجت له.. تحمل حقيبتها.. لم تنظر اليه ولم تتكلم اي كلمه
أما هو فنظراليها واصابته غصه عندما رأها. شاحبه شحوب الموتى أجفانها متورمه من البكاء عينها التي استبدلت بياضها بالون الأحمر
وجنتيها التي خطت الدموع أثرها عليها..
اقترب محمود وقال له
_مش هوصيك على حبيبه يابني
اجابه أدهم وهو ينظر لها
_حبيبه في قلبي قبل عنيه
ودعاها. نهى ودلال ونجاه.
وكذبي*حه تقاد إلى مثواها الاخير تبعته
فتح لها باب السياره لتركب...ركبت ثم ركب هو دون أن يتكلم كلمه واحده
كانت تسند رأسها على زجاج السياره كأن الدموع. نفذت
من عينيها... نظرت إلى الطريق وهي تفكر في المجهول الذي ينتظرها