رواية اصفاد الحب الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم رشا عبد العزيز

رواية اصفاد الحب الفصل الواحد والثلاثون 31
بقلم رشا عبد العزيز


انصدم الأطفال من ارتطام جسدها على الأرض ليهرولوا اليها يحاولون ايقاظها لكن دون جدوى ، ليصرخون منادين والدهم :

-بابا الحق ديجة .

فزع من ندائهم واتجه ناحية الغرفة ليجدها ممددة على الأرض ، جثى بجانبها ليحمل جسدها يضعها على قدميه وبدأ يصفع وجهها محاولًا ايقاظها

-مسك هاتي برفان

أسرعت مسك تجلب له عطر اعطته إياه ليضعه على يده ثم يقرّبه من انفها لتبدأ بفتح عينيها بتعب
ليسألها بلهفة :

-حبيبتي انت سمعاني حاسة بايه ؟

دارت عينها عليه وعلى الصغار الذين كانو ينظرون اليها بقلق لتبتسم بوهن وهي تجيبهم مطمئنة إياهم :

-أنا بخير ياحبايبي متخافوش .

مسح على وجهها بحنو يطمئن قلبه انها بخير.

-انت كويسة ياروحي ؟

اومأت له وحاولت النهوض لكنه أبى ذلك ليحملها نحو غرفتهم يسطحها على السرير بهدوء

-ارتاحي ياروحي حاسة بحاجة دلوقت؟

رفعت يدها تحركها على وجنته تطمأنه بعد ان رأت الخوف يسيطر على نظراته
 
-حبيبي ماتخافش صدقني أنا كويسه دا تلاقى ضغطى واطى شوية دى حاجة  بتجيلى بين فترة والتانيه .

زفر أنفاسه بارتياح وقال

هعملك عصير عشان ترتاحي وبعدين نروح للدكتورة نشوف حكاية الضغط .

رحل ليتركها تنظر له بامتنان ، خوفه عليها واهتمامه بها ينعش قلبها يسقي جذور هذا الحب ويغرسه عميقًا في قلبها يزيده أماناً وسعادة .

جلست أمام الطبيبة تطمئنها مبتسمة وهي تنظر لأيمن الذي بدت عليه علامات القلق أكثر منها

-أطمن يافندم هي فعلا زي ما قالت المدام لخبطة ضغط ، الظاهر فيه قلة نوم او مجهود او أضطراب هرموني دا هنعرفه من التحاليل الي هنعملها .

نظرت اليها خديجة مترددة في السؤال لكن قلبها يتوق لمعرفه الإجابة فركت يدها ببعضها وبتلعثم سألتها :

-دكتورة هو أنا ممكن اسأل سؤال ؟

-ايوه يا فندم اتفضلي

كلماتها خرجت متقطعة تنظر لأيمن ثم للطبيبة التي تستمع لها بانتباه :

-أنا كنت متجوزة ابن عمي ومحصلش حمل ، الدكاترة قالوا اننا ماعندناش مانع قوى من الحمل لكن كون ان ماحصلش حمل ده ممكن يكون سببه اننا قرايب ، بس احنا انفصلنا وهو ارتبط تاني وبقى عنده أطفال .

ثم صمتت تبتلع غصة مرة لازالت تخنقها لتنظر نحوه ثم نحو الطبيبة وتقول بصوت غلفه الحزن والحسرة :

-هو أنا ممكن أكون أم يعني فيه أمل ان يحصل حمل ؟

ابتسمت لها الطبيبة وقالت :

-وليه لا كل شئ ممكن ، خلينا نعمل التحاليل عشان نعرف الحالة .

نظرت اليه لتجده يبتسم ثم امسك يدها يحثها على الوقوف واستلم ورقة التحاليل المطلوبة وخرجوا

أمام معمل التحاليل كانو يجلسون سويا متشابكين الأيدي وكانها تستمد قوتها منه

-ايمن أنا خايفة .

رفع كفه يضعه على يديهم المتشابكه يحتض كفّها بين كفيه وضغط عليها

-حبيبتي ماتخافيش ان شاءالله خير.

سندت رأسها على كتفه ترمي حملها و همها عليه وبصوت امتزج به اليأس والألم :

-تفتكر إني هكون أم في يوم ؟

سند رأسه على رأسها المسنود على كتفه ورفع يده يقرص انفها يمازحها

-هتكوني أحلى أم لأصغر مشجع أهلي

لترفع رأسها وتنظر له بسخط :

-كورة كمان ، لا ياحبيبي عمري ماهاخلي ابني يتابع او يشجع كورة

نظر لها بتحدي :

-نعم ياديجة ابن ايمن ومش مشجع هيشجع ياديجة وهدربه وبإذن الله هخليه احسن لاعب كورة فى مصر .

اخفضت عينيها بانكسار فجأة وطغى الحزن على قسمات وجهها وتمتمت بحسرة :

-هو يجي بس ..

امسك ذقنها يحثها على النظر اليه

-هيجي ياديجة وهتكوني احلى أم في الدنيا .

عادو بتحاليلها إلى الطبيبه التي قرأتهم بدقة ثم نظرت لخديجة التي بمجرد ان رفعت الطبيبة رأسها حتى قالت بلهفة :

-ها يادكتورة طمنيني فيه أمل ؟

ابتسمت لها الطبيبة وقالت بعملية :

-حسب الي موجود قدامي فيه أمل كبير انت محتاجه بس تظبيط هرمونات وشوية منشطات .

اشرق وجهها بابتسامة كبيرة بعد ان أعطتها الطبيبه بوادر الأمل في ان تصبح أم يومًا من الأيام .

*************************************

أمسكت تلك التقارير الطبية تنظر لها بتركيز تعتصرها بقوه والدموع تتجمع في عينيها تتذكر كلام عادل لها بعد آخر فحص لتيم قبل أسبوع

-حبيبة لازم نعمل العملية ، التأخير مش فى صالحنا احنا هنحضر الحالة وأسبوع بالكثير ونعملها .

اعتصرها قلبها خوفًا وهربت الدماء من وجهها ليشحب وجهها :

-طب ياعادل وضع تيمو ايه ونسبة النجاح ؟

ابتسم لها عادل مطمئنًا

-ماتخافيش ياحبيبة تيم مش حاله خطرة او ميئوس منها بالعكس هو حالة شبه بسيطة

ونسبه النجاح كبيرة جدا هي فترة النقاهة وهيرجع طبيعي لكن التأخير مش مستحب ، ممكن يعمل مضاعفات احنا في غنى عنها .

عادت من ذكرياتها تمسح دموعها تملكها الخوف رغم انها عاصرت العديد من حالات مشابهة لحاله تيم لكنه تيم ابنها وحبيبها من سيخضع غدا إلى هذه العملية ، قلبها اصبح يؤلمها من فرط خفقانه لا تعلم ماذا تفعل ..

فرشت سجادة الصلاة تناجي ربها وتدعوه ان يكون ابنها بخير وان تمر عمليته بسلام وما ان انتهت حتى غادرت نحو غرفته لتجده يغط بالنوم اقتربت منه تحرك يدها على خصلات شعره ثم طبعت قبلة طويلة على جبينه وتمتمت :

-استودعك الله الذي لاتضيع ودائعه

غادرت غرفه تيم تبحث عنه في كل مكان فمنذ أن علم بموعد العملية واقترابها اصبح الحزن والقلق يخيم عليه
لم تجده في أي مكان لتخبرها جينا انه يجلس في الحديقه نظرت من النافذة لتجده يجلس شارد الذهن ينظر إلى الفراغ يدخن سيجارته التي يحرق بها قلقه وخوفه احست بالشفقة عليه

لتدخل إلى المطبخ وتصنع له فنجان قهوهة فهي تعلم انه يحتاجه ، أعدت القهوه وحملتها اليه وصلت امامه لكنه لم يشعر بها لتناديه تنتشله من شروده

-أدهم ...

انتبه يلتفت اليها فوجدها تقف امامه تحمل القهوه ليقف مباشرة يتناول منها القهوة ويضعها على الطاوله امامه
ثم سحب يدها يجلسها بجانبه

-تسلم أيدك ياحبيبتي تعبتي نفسك ليه وانت تعبانه أصلا 
لتبتسم له وتقول بفخر
 
-مفيش تعب بس خلي بالك أنا عملتلك القهوة الي مفيش زيها في مصر كلها

ارتسمت ابتسامة على وجهه والتقط فنجان القهوة

لتقول له مازحةً محاولةً التخفيف عنه قليلاً :

-بس سامحني مشية البطريق بتاعتي دلقت منها شوية

ليضحك على قولها ويرتشف القهوة بتلذذ يغمض عينيه بين كل رشفة وأخرى أنهى قهوته ينظر لها بحب

-يااااه القهوة دي احلى قهوة دقتها في حياتي ، تمن سنين وانا بحلم أدوقها تاني .

ثم امسك يدها يقبلها

-متشكر ياحبيبة أنا كنت فعلا محتاجها.

ابتسمت له ، لكن هذه المرة لم يطيل النظر اليها كما اعتاد ، عاد لشروده وأخرج سيجارة يدسها بين شفتيه
لتسحبها هي سريعا.    (بقلم رشا عبد العزيز) 

-كفاية سجاير انت شربت كتير .

استدار نحوها ينظر  اليها بعينين تترجى الامل وسألها بصوت مهزوز:

-هي العملية هتنجح وتيمو هيكون كويس مش كده ياحبيبة ؟

ربتت على كتفه وقالت :

-ايوه يا ادهم ان شاء الله العمليه هتنجح تيمو حالته مش خطر اوى والعلميات من النوع دا بقت سهلة.

لتتفاجئ به يحتضنها واضعًا رأسه على كتفها وجسده يرتعش ليخبرها بصوت مختنق :

-أنا خايف عليه اوي يا حبيبة ، تيمو أغلى حاجة في حياتي وكل ما أملك.  خايف يضيع مني أنا مش هقدر أعيش من غيره .

شعرت بدفء دموعه على كتفها رفعت يدها تحركها على ظهره محاولةً تهدئته

-اهدى يا ادهم ، عادل طمني صدقني ان شاءالله  هيكون بخير .

ظل يبكي بين أحضانها وكأنها أمانه حتى علت شهقاته تركته يفرغ كل الألم الذي يعتلي صدره
حتى اعتدل يمسح دموعه يزفر أنفاسه بشدة محاولًا التماسك لينظر لها بعيون دا معه

-متشكر لوجودك معانا دا فرق معايا اوى .

لتستقيم وتقف امامه تزيل دموعه باناملها وتعيد ترتيب خصلات شعره وهي تقول :

-تيمو ابني يا أدهم ومافيش أم محتاجة شكر على وقفتها جنب ابنها .

ثم مدت له يدها تطلب  منه الوقوف

-يلا يا ادهم عشان تنام وترتاح بكرة يوم طويل .

حرك رأسه رافضًا :

-مش هاقدر انام خليني هنا

لتمسك يده تجره بإصرار

-طب سندني على الأقل مش هقدر اطلع السلم لوحدي .

أومأ برأسه ووقف ينفذ ماطلبت منه مد لها ذراعه تستند عليها حتى أوصلته إلى غرفته التي تسبق غرفتها

وتجبره على الدخول لأخذ قسط من الراحة جلس على السرير لكن وقبل أن تفلت يده تمسك بها يتوسلها :

-أرجوكى ياحبيبة نامي جنبي النهاردة أنا محتاجلك .

نظرت إلى عينيه التي تترجاها وصوته الذي يتوسلها  لتستلقي على السرير بجانبه ، استدار باتجاهها وسحب يدها قبل باطنها يمسك بها يضعها تحت وجهه لتحرك هي يدها الأخرى على ذراعه

-أهدى يا ادهم ونام وتوكل على الله ان شاء الله تيمو هيقوم بالسلامة .

ليحرك لها رأسه ويغمض عينيه محاولًا النوم ، لكن حدث شئ فجاة لتستلقي على ظهرها وتسحب يده تضعها على بطنها المنتفخة فتحرك طفله تحت يده ابتسم واعتدل يقول لها بسعادة 

-دول بيتحركوا

ابتسمت وهي ترى لهفته وفرحته رغم الوضع الذي يمرون به ليبدا  بتحريك يده على بطنها والغريب ان صغيريه كانو يتحركون تحت يده في أي مكان كانت وكانهم يشعرون به ليقول وعينيه تلمع بالدموع :

-حبايب بابا الي بيحسوا بوجعه .

اتسعت ابتسامتها تخبره :

-بصراحة هما مش بالعادة يتحركوا كده الظاهر فعلا همه بيحسوا بيك .

ضحك بفخر وكانّه حقق انتصاراً كبيراً

-حبايبي الي بيحبو باباهم

ثم قبل انتفاخ بطنها كأنه  يقبلهم لتسري قشعريرة في ساري جسدها عندما شعرت بقبلاته على بطنها وتسمعه يقول :

-ربنا يحفظكم ليا لو تعرفو إد أي أنا مستني أشوفكم .

لاتعلم ماهي المشاعر التي احست بها ويده تتحرك على بطنها مشاعر جديدة عاشتها معه جعلته يخرج قليلًامن حالته فرحته ولهفته منحتها يقيناً انه ورغم كل شئ بينها وبين أدهم لكنها تعلم ان أولادها سيحظون بأب حنون .

ثم دارت في رأسها فكرة هل سترحل بعد عملية تيم كما وعدته وان رحلت فهي ستكتب على أولادها العيش في نفس ظروف طفولتها المعذبة مشتتين بين أم وأب منفصلين .

*********************************

ساعة ونصف تفصلها عن صلاة الفجر استيقظت واستدارت نحوه تنظر اليه بهيام فرغم المدة القصيرة التي عاشتها معه جعلتها تعلم انه عوضها الجميل عن سنين الانتظار فقد كان رجل بحق حنون ومحب متعقل ، بكلامه الجميل يروي تعطشها لمشاعر الحب والحنان
انحنت نحوه تقبل وجنته وهي توقظه :

-عادل ... عادل أصحى ياحبيبي. مافضلش كتير على صلاة الفجر
 
فتح عينه ببطئ ينظر لها بابتسامه

-صباح الخير ياحبيبي .

-صباح النور ياروحي أنا هسبقك عقبال ماتصحصح .

ليتثائب يضع يده على فمه يقول :

-حاضر .

أمها في قيام  الليل والدعاء وقرأ ورده ثم عاد ليؤمها في صلاه الفجر وما ان انتهى  وقرأ اذكار الصباح

ثم عاد إلى الخلف يجلس بجانبها رفع كفيه يقرأ ايات التحصين ثم نفث في يده ومسح رأسها وجسدها

-ربنا يحفظك ليا.    (رشا عبد العزيز) 

لترتمي بين احضانه تبكي ليخرجها من احضانه فزعاً بسرعة امسك راسها بين يديه يمسح دموعها بإبهاميه

-دلال بتعيطي ليه أنا زعلتك ؟

ابتسمت من بين دموعها تقول :

-مكنتش اعرف ان دعوة أمي هتكون جميلة كده ويكون عوضي إنت أنا بحبك اوي ياعادل .

ليقبل جبهتها مبتسما ويحتضنها يسألها مازحاً

-وليه بتقولي دعوة أمي مش يمكن تكون دعوة أمي أنا .

لتضحك ويضحك معها يرسمون حياةً سعيدةً ظنوا الا يحظو بها يوماً .

*************************************

جلست بجانب تيم  تودعه قبل ان تبدأ العملية ممسكة بيده تمسح على وجهه وتقاوم دموعها

ترسم شبح ابتسامة على وجهها كي لايخاف بعد ان رأت نظرات القلق تملأ عينيه :

-مامي انت هتفضلي معايا مش كده ؟

انحنت تقبل وجنته وبصوت ادعت فيه الثبات :

-ايوة ياحبيبي اناهافضل جنبك ماتخافش ياحبيبي   
 
ثم اقتربت منه تكلمه

-تيمو ياحبيبي انت بطل ومش هتحس بحاجة انت هتنام وتروح مدينة الأبطال انت مش عاوز تشوف سبايدر مان وايرون مان اهو البنج دا هيخليك تروح مدينة الأبطال غمض عنيك وانت هتروح هناك اتفقنا ياحبيبي .

ليبتسم الصغير بفرح :

-بجد يا مامي هروح مدينة الابطال ؟

لتحرك له رأسها وانحنت اكثر ترفع يده تقبلها

-بجد يا روح مامي ، وهنستناك ترجع من هناك أنا وبابي وأخواتك  .

قالت ذلك مشيرة إلى بطنها

ابتسم الصغير اكثر يقول بفخر

-ايوه أنا أخوهم الكبير.

لتتسع ابتسامتها يرتجف قلبها خوفاً يجب ان تنهي هذا الحوار قبل أن تفضحها دموعها أمامه ، قرصت أنفه وقالت :

-احلى أخ كبير في الدنيا .

ثم اشارت لطبيب التخدير ليبدأ عمله ليعطيه الطبيب ويطلب منه ان يعد الأرقام معه أمسكت يده :

وابتسمت معه لتبدأ بالعد :

-واحد... اتنين ... تلاته ....أربعة      خمسة.  
  
ليغمض تيم عينيه ويثقل لسانه رويداً رويداً لتهرب دموعها لتقول من بينها

-استودعك الله الذي لاتضيع ودائعه

خرجت لتجده ينتظرها في الخارج بقلق. وما ان رآها حتى اتجه نحوها بلهفة :

-حبيبة  طمنيني

أمسكت يده تسحبه ليجلس وتجلس بجانبه

-أطمن يا ادهم اخد البنج وهتبدأ العملية احتمال تأخذ من ٣ل٥ ساعات حسب كلام عادل.

وكأن الوقت يحاربهم وتأبى عقارب الساعة بالمضي فقد مرت دقائقهم كدهر من السنين القاسية .

مضت الساعه الأولى فالثانية فالثالثة. ثابرو فيها على الدعاء   حتى بدأ  ادهم بفقدان أعصابه وهرب الصبر بعيد عنه بدأت قدماه تهتز بسرعه أنفاسه متسارعة يدفن وجهه بين كفيه

 ربتت على كتفه ثم تبدّا بتحريكها على ظهره

-ان شاء الله خير يا ادهم ان شاء الله كل حاجه هتكون تمام.

رفع رأسه والتفت ينظر اليها ليجد وجهها قد هربت منه الدماء  شاحب شحوب الموتى وبياض عينيها شوهته خطوط حمراء صوتها مختنق كأنها تقاوم دموعها  ليعتدل ويرفع يده يحيط كتفها ويضمها اليه سندت رأسها على كتفه تستمع لضربات قلبه المتسارعة تحاكي قوتها  قرع الطبول رفعت يدها تضعها على موضع قلبه وكأنها تحاول تهدأته لكن انهارت  حصون مقاومتها لتتمرد دموعها عليها وتسيل عنوة عنها تحفر طريقاً على وجنتيها ارتعش جسدها شعر هو بها زاد من ضمها اكثر

-اهدي ياحبيبة .

لتخبره بشفاه مرتعشة وشهقاتها تعلو:

-أنا خايفه يا ادهم تيمو لو جراله حاجه أنا مش
 هستحمل. هموت... هموت يا أدهم .

رفع يده الأخرى يحيط جسدها أكثر وأدار رأسه يقبل جبهتها :

-ششششش  اهدي ياحبيبة  مش عاوز اسمع سيرة الموت.

ثم أبعدها عنه يمسح دموعها بأنامله   يقول لها مازحًا :

-المفروض انك تطمنيني وتهديني  .

ضحك من بين دموعه التي تجمعت في عينه

-انت قلبتي الأدوار يا روحي .

لتضحك وهي تمسح باقي دموعها بأكمام ثوبها

-لاما أنا هديتك تلات ساعات دلوقت جه دورك .

رفع  يدها يقبلها ويبتسم :

-عندك حق. 

ثم يربت على كتفها ويقول مازحًا

-اهدي ياحبيبة

بادلته الابتسامة وشبكت يده بيدها وربتت عليها باليد الأخرى

-ان شاء الله تيمو هيكون بخير

-يارب .
***************************************

وفي مكان آخر في نفس المستشفى دخلت عليه لتجده منهمك في كتابة بعض التقارير على جهازه اللوحي

-حبيبي الي ناسي

رفع رأسه وخلع نظارته الطبية يبتسم لها :

-نونو حبيبي

وقفت أمامه وأمسكت يده تطلب منه الوقوف ليقف متعجباً من فعلتها وما ان وقف حتى ارتمت بين احضانه تطبق خصره بيديها تغمض عينهاوتاخذ نفسًا عميقًا وكانها تعبئ رئتيها برائحته بادلها العناق مندهشًا :

-نونو حبيبي مالك ؟

لتجيبه من بين احضانه

-بشحن طاقتي.

ضحك على قولها  وسالها مستفسراً

-بتشحني طاقتك يعني أي ؟

-تعبت من المحاضرات والمراجع فجيت اشحن طاقتى فى حضنك  .

حركت رأسها داخل احضانه تتمسح به وتقول :

-حضنك بيرجعلي طاقتي من جديد

سند ذقنه على راسها منتشيا بكلماتها التي تزيده عشقاً لها كم كان سيندم لو أضاع تلك السعادة التي يعيشها معها

اليوم يحمد الله ان منحه فرصة لحياة جديدة بقربها أبعدها قليلًا عن احضانه  امسك ذقنها يرفع راسها لتواجه عينيه عينيها

-مالك ياحبيبتي المسألة مش دكتوراة ودراسة .

إجابته بابتسامة عاشقة.  (رشا عبد العزيز) 

-بقيت حافظني وعارفني اكثر من نفسي .

اتسعت ابتسامته يسألها :

-ومدام المسأله مش مسأله دكتوراه امال أيه يانونو؟
ليخيم القلق على نظراتها ويرتسم الحزن على قسمات وجهها تجيبه :

-النهاردة عملية تيمو وخايفه يجراله حاجه حبيبة مش هتستحمل صدمة تانية

-طب ليه مفضلتيش جمبها ؟

تنهدت بحزن :

-لقيتها هي وادهم مع بعض قلت أديهم مساحة سوا

رفع يده يقرص وجنتها ويضحك :

-برافو يانونو اهم حاجه ادهم دا له فضل عليا كبير 

لتضحك هي أيضا وتقول متسرعة :

-لازم كان يعمل كده عشان يرد الجميل دا لولايا....

لتبتلع باقي كلامها عندما ادركت تسرعها. ضيق عينه ينظر لها

-نونو انت مخبية أيه وايه الجميل الي ادهم بيردهولك .
ابتلعت ريقها وتلعثمت

-اصل.....
حرك رأسه يحثها على الكلام :

-أصل أيه يانونو؟

-أصل أنا الي شجعت عم محمود وادهم على خطتهم .

قطب حاجبيه يسألها بتعجب :

-خطة أيه ؟

لتجيبه وهي تحرك اصبعهاعلى صدره كنها تكتب إجابتها

-اصل لما ادهم طلب من عم محمود انه يتجوز حبيبه وعم محمود اقترح عليه انه يوهمها انه هيسجنه عشان يجبروها توافق ، عم محمود اتصل بيا وبلغني لو فيه خطورة على حالتها أنا بقى شجعته وطلبت منه يزود الضغط عليها  وميتأخرش وان حكاية كتب الكتاب تتم في مقابل خروجه وفى نفس اليوم عشان ما يبقاش عندها وقت تفكر .

اتسعت عين يوسف وسألها :

-وحبيبه متعرفش ان انت ليكي يد في الحكاية ؟

لتشهق وتقول :

-دي لوتعرف كان قاطعتني وزعلت مني بس اعمل أي حالة حبيبة وصلت لمرحلة خطر بعد ظهور تيم   .

كان ممكن تتحول لشيزوفرينيا او اضطرابات وانفصال عن الواقع عشان كده أنا خايفة عليها لأنها بتعتبر تيم ابنها .

-يااا للدرجه دي.  بس أنا حاسس انها بتحب ادهم او حتى متقبلاه أنا شفتهم منسجمين مع بعض .

لتزم نهى شفتيها متحيرة

-بس هي لازم تعترف بدا هي حاسة ان اعترافها هيكون خيانه لعلي  أصلك متعرفش حبيبه كانت بتحب علي أد أيه

انحنى يقبل وجنتها ويقول

-يعني زي انت ما بتحبيني .

لتغمر له وتقول :

-تؤ.  حبيبة بتعشق علي لكن انا مجنونة بيك .

احتضنها بقوة يعتصر جسدها بين ذراعيه ضاحكاً :

-احلى مجنونة في الدنيا .

*************************************
خرج عادل يطمأنهم على نجاح العملية وان تيم قد نقل إلى غرفة العناية المركزة و هو الآن تحت تاثير المهدئات خوفا ًا من حركته كونه طفل حتى انتهاء الفترة الحرجة لتسأله حبيبه بلهفة :

-يعني الحالة مستقرة ياعادل ؟

دلك عادل جبهته بإرهاق وأجابها بوهن:.

-ماتخافيش ياحبيبة الحالة مستقرة والأمور تمام ، أطمني .

غادرعادل ليزفر ادهم  أنفاسه بارتياح وسجد شكرلله ، التمعت عينيها بدموع ورق قلبها وهي ترى منظره .

وقف ثم ارتمى بجسده المنهك على الكرسي ، اشفقت عليه فهي تعلم انه لم يستطيع النوم في الليلة الماضيه اقتربت منه :

-ادهم خلينا نروح اوضة راحة الأطباء ترتاح شويه انت منمتش من امبارح

حرك رأسه رافضًا :

-لا أنا عاوز أطمن على تيمو .

-يا ادهم تيمو مش هيصحى دلوقت وبعدين أنا هفضل معاه .

-لا ياحبيبة مقدرش أسيبه .

امسكت يده برجاء :

-عشان خاطري يا ادهم قوم معايا

وهل يستطيع رفض توسلاتها واهتمامها به فقلبه الذي يخفق من نظراتها اصدر أوامره بطاعتها

ليمتثل لطلبها ويسير خلفها نحو غرفه الأطباء التي يوجد فيها سرير  جلس على السرير بإنهاك ، رتبت له وسادته واحضرت له غطاء

-محتاج حاجة تانية ؟

امسك يدها يقبلها :

-متشكر ياحبيبة لوجودك في حياتي .

غزت الدماء وجنتها خجلا ولم تعلم بماذا تجيب  جذبها نحوه يقرّبها منه وانحنى يقبل انتفاخ بطنها ويقول :

-حبايب بابا خلوا بالكم من ماما . ومتتعبوهاش دي حبيبتي ومرضاش حد يتعبها .

لتضحك على كلامه وتشير اليه كي يتمدد على السرير وهي تقول :

-خلاص يا بابا هما هيسمعوا الكلام بس انت كمان اسمع الكلام ونام .

ليستلقي على السرير وتدثره بالغطاء وهمت بالرحيل لتسمعه يناديها

-حبيبة .

استدارت نحوه ففهمت ماذا يريد من نظراته القلقة :

-ماتخافش يا ادهم هخلي بالي من تيم أطمن دا ابني زي ماهو ابنك .

كانت تجلس أمام تيم تراقب تطور حالته  وماتسجله الأجهزة المربوطة بجسده ، خرجت  لتجده يقف امام باب الغرفة لتقول له متعجبة وهي تنظرلساعتها :

-هو انت لحقت تنام دي ساعة بس ليجيبها بابتسامة :

-خلاص ياحبيبة ساعة كافية ، عاوز أطمن على تيمو .

امسك يدها يجلسها وجلس بجانبها

-طمنيني وضعه إيه ؟

-ماتخافش المؤشرات ممتازة الحمد الله

تنهد بارتياح :

-الحمد الله

************************************
مرت ثلاثة أيام على عملية تيم لينقل لغرفة عادية ، تركته مع دادة كريمة ونجاة وخالها وقررت الذهاب لإحضار بعض الأشياء من المنزل وصلت إلى باب المستشفى

 طلب ادهم منها انتظاره حتى يجلب السيارة من الجراج رحل ادهم وعاد بعد قليل ليجدها متسمرة في مكانها عينها شاخصة نحو اتجاه معين وكانها في عالم آخر اقترب منها بقلق :

-حبيبه في حاجة مالك واقفه كده ليه ؟

ليرتعش جسدها وترتجف يدها تمسك ذراعه

-شفته يا ادهم شفته .....




تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة