رواية اصفاد الحب الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم رشا عبد العزيز

رواية اصفاد الحب الفصل الثالث والثلاثون 33
بقلم رشا عبد العزيز



ثلاثة أيام مرت منذ ان اخبرها بقدوم والدة تيم ، وطيلة هذه الأيام ظلت تفكر في قدومها ومدى تأثيرها على تيم رغم إظهارها عدم مبالاتها لكن هذه الفكرة أرهقتها حتى رن هاتفها ليخبرها ادهم انه سيحضر صفا معه من المطار ظلت تترقب وصولها فجلست تنتظرهم  مع والدة أدهم

-ازيك يابنتي النهاردة ؟

نظرت حبيبه بامتنان لتلك السيدة الطيبة التي كانت تعاملها كأبنتها منذ ان دخلت هذا المنزل
 
-الحمد الله ياماما انت إزي حضرتك قسستي الضغط النهاردة ولا اقيسهولك ؟

تبسمت لها والده ادهم وحركت رأسها بالنفي :

-لا والله يابنتي بس أنا كويسة مفيش داعي .

لتنظر لها حبيبة بلوم وتقول بحزم :

-ازاي يا ماما مفيش داعي ثواني هبعت جينا تجيب الجهاز .

احضرت جهاز الضغط وجلست أمامها ورغم ثقل حركتها بسبب الحمل لكنها أكملت أمسكت يدها وأحاطت ذراعها بأجزاء ذلك الجهاز وبدأت بقراءة مؤشر الضغط ، ثواني وكانت تنتهي وتعيد أكمام ثوب السيدة إلى مكانها :

-عال يا ماما الضغط مظبوط الحمد الله

تطلعت لها والدة ادهم بحب وبنبرة شكر قالت :     (بقلم رشا عبد العزيز) 

-متشكرة يا بنتي كتر خيرك .

اقتربت منها حبيبة تقبل يدها :

-حبيبتي ياماما ربنا يحفظك لينا

-ربنا يرضى عنك يا بنتى

قالتها والدة ادهم وهي تسحب يدها بسرعة

ترددت حبيبة في طرح السؤال لكنها حسمت امرها وطرحته عليها

-ماما هو ادهم طلق صفا ليه ؟

نظرت لها والدة ادهم تفهم مايجول في خاطرها رغم ادعائها عدم المبالاة

-والله يابنتي هما اول ما اتجوزوا كانوا منسجمين اوي لكن بعدين ظهرت المشاكل صفا مختلفة عنا أسلوب حياتها غير اسوب حياتنا لا لبسها ولا طبعها كان زينا هي تربت في أمريكا كانت متحررة وادهم كان رافض تصرفتها وبعد ما ولدت تيم  وبدأت المسؤولية تزيد عليها وهي كانت صغيرة وعندها أحلام كتيرة طلبت من ادهم ترجع أمريكا وأنها هتحقق ذاتها هناك مش هنا هو رفض وهي طلبت الطلاق .

-طب وتيم ازاي اتخلت عنه ؟

-ادهم يابنتي خلا شرط الطلاق انها تتخلى عن تيم مكانش عاوزه يبعد عنه ولا يعيش بره .

ازداد خوفها عند هذه النقطة ، إذن لم تتخلى عن ولدها بارادتها ، هل ستطالب باسترداد ؟

-يعني متخلتش عنه بارادتها ؟

-لا يابنتي هي سابته عشان ادهم يطلقها. في البداية كانت بتتصل تسأل عليه كتيرلكن مع الوقت قل الاتصال .

ومبقتش تتصل غير فين وفين اصل ادهم سمع انها بقت ليها مكانة كبيرة في المستشفى الي هي فيها .

-بس دا ابنها .

ربتت والدة ادهم على ساقها وقالت مبتسمة :

-مش كل الأمهات بيكونوا حنينين زيك ياحبيبة .     (بقلم رشا عبد العزيز) 

-يعني تيمو ماشافش أمه ؟

-آخر مره جت زارته كان عنده تلات سنين يعني هو أصلا مش فاكرها .

وكأن تيم عاش ماعاشته هي لكن الفرق ان تيم لم يجرب حضن والدته لكن هي تعلم ماذا يعني دفء حضن الأم الذي حرمت منه كانت ستسأل سؤال آخر لكنها توقفت عندهم سمعت الباب يفتح ويدخل ادهم وصفا .

تحفزت جميع حواسها منتظرة أن تراها لتدخل شابة اقل مايقال عنها انها جميلة ملامحها الجذابة وملابسها الانيقة ذات الماركات العالمية رائحة عطرها باهظ  الثمن غزت المكان منذ دخولها

اقترب ادهم من والدته يقبل يدها وجبينها  ثم اتجه نحو حبيبة وقبل وجنتها لتستفيق هي من تحديقها بصفا عندما لامست شفتيه وجنتها .

-بنوتي القمر ازيك النهاردة وحشتيني .

وبابتسامة أجابته :

-الحمد الله .

ثم قدمها لصفا بعد ان انتهت من إلقاء التحيه على والدته :

-دكتورة حبيبة مرا تي يا صفا. 

وقفت حبيبة بصعوبة بعد ان تمسكت بذراع ادهم الواقف بجانبها والذي بمجرد ان وقفت بجانبه أحاط كتفها بذراعه
 
-صفا والدة تيم ياحبيبتي

-اهلا يا فندم

قالتها حبيبة لصفا التي كانت منشغلة بالتحديق لنظرات الحب والفخر التي كان ينظرو بها ادهم لحبيبة 
أخذت تطالعها من رأسها حتى أخمص قدميها  ما الذي تمتلكه ليحبها كل هذا الحب .

-اهلا بيك ، أدهم أنا عاوزة أشوف تيم

هكذا اختصرت تعارفهم لم تصعد حبيبة معهم إلى الطابق العلوي لم ترغب في رؤيه هذا اللقاء بين تيم ووالدته
لاتعلم أهي غيرة ام انانية ليدور حوار داخلها مابين قلبها وعقلها الذي اخبرها ان صفا هي والدته وهي احق به
ليجيبه قلبها لكن هي أيضا أمه وتحبه وهو يحبها إذا هي أيضا لها الحق فيه

ظلت تجلس متوترة تصارع تخبط الأفكار داخلها حتى سمعت ادهم ينادي عليها

-حبيبتي ... حبيبتي... مالك ؟

انتبهت لوجوده لتنظر له بحيرة

-هاااا

ليضحك ويجلس بجانبها

-إيه يا بيبه مالك هاا أي ؟

ابتلعت ريقها وسألته بارتباك وابتسامة مزيفة :

-تيمو ازيه فرح لما شاف مامته ؟

فهم ادهم مايحدث لها هي تخاف ان يتخلى عنها تيم او يستبدلها بوجود والدته ليقترب وينحني يهمس في أذنها :

-تيمو ميعرفش غير أم واحدة ، انت ياحبيبة .

ثم ابتعد عنها يخبرها مبتسماً

-عشان كده أنا جيت أسندك نطلع عنده تيم باشا مبطلش زن عاوزك .

اشرق وجهها بابتسامة عريضة  وتسارعت أنفاسها بلهفة

-بجد تيمو عاوزني ؟

اتسعت ابتسامة ادهم

-ايوه ياستي ويلا عشان أسندك .

حركت رأسها بالموافقة وأمسكت ذراعه تستند عليه وما ان وصلت غرفة تيم حتى ابتهج ينادي عليها بشوق

-مامي...

اقتربت منه وانحنت تحتضن وجهه بين كفيها تقبل وجنتيه

-ايوه ياروح مامي .

ليقول لها معاتبًا ببراءة وبعين لمعت بالدموع :

-كنت فين أنا كنت عاوزك وسالت عليك بابا وتيته .

جلست بجانبه مسحت على رأسه ووجهه تداعب وجنتيه

-أنا هنا ياحبيبي اهو وقعدت جنبك كمان .

كم اثلجت كلماته وتعلقه بها قلبها الخائف وكأنّه أعطاها أمان وأطفأ نيران قلبها الخائف كنسمة هواء باردة في ليالي صيفية .

ظلت تلاعبه وتداعبه تجعله يلمس بطنها ليشعر بحركات اشقائه تحت أنظار ادهم المبتسمة الذي كان يشاركم الضحك

ليثير مايحدث نيران الغضب والغيرة بتلك التي تجلس بينهم وهي ترى حبيبة قد أخذت مكانها وزوجها وابنها
ولم تشعر بنفسها إلا وهي تقول بصوت عالي قليلاً :

-هو مش لازم يرتاح ؟

توجهت نظرات الثلاثة نحوها بدهشة لتستكمل بنظرات محتقنة ونبرة حادة

-الوقت اتأخر، والولد لازم يرتاح هو فى فترة نقاهة .

ثم أكملت مستهزأة :    (رشا عبد العزيز) 

-مش كدة يا دكتورة ؟

احست حبيبة بغضبها وربما غيرتها وهمت بالاجابه لكن ادهم سبقها :

-احنا عارفين انه فى فتره نقاهة يادكتورة لكن تيم  راحته بأننا نكون معاه وجنبه .

قاطعته حبيبه بعد ان شعرت بغضبه محاولةً التهدئة .

-الدكتورة عندها حق يا ادهم تيمو لازم يرتاح أنا هاحكيله حكاية قبل النوم عشان ينام مش كده ياتيمو

-أنا الي هحكي الحكاية لابني .

كان هذا صوت صفا المعترض على كلام حبيبة ، ارتبكت حبيبة واجابت بكلمات متقطعة :

-اه طبعا ، عن اذنكم  تصبح على خير ياحبيبي .

قالت هذا وهي تطبع قبلة على جبهة تيم

اتجه ادهم نحوها بسرعه يساعدها على الوقوف ويسندها ، تشبثت بذراعه واستدارت متجهين نحو باب الغرفة حتى سمعت صوته :

-ماما

اعتصرها قلبها ظنت انه ينادي على والدته وأنبها ضميرها لهذه الحزن وظل عقلها يردد انها والدته احق به لكن الصوت تكرر :

-ماما... ماما حبيبة .

لقد نطق اسمها هي وما اجمله من لقب خفق قلبها بشدة ولمعت عينيها بدموع  صوته داعب قلبها يربت عليه

-ماما حبيبة متسبنيش خليكي جنبي .

أفلتت يد ادهم مباشرةً واتجهت نحوه تمسك يده وتقبلها .

لتستشيط صفا غضبًا تصرخ بوجهه

-أنا جنبك ، انا ماما

حرك تيم راسه رافضًا متمسك بيد حبيبة .

-لا أنا عاوز ماما حبيبة .

تمنت لو استطاعت احتضانه  لكن جرحه ما زال حديثا نظرت نحو صفا التي تنظر نحوه بغضب :

-معلش يا فندم هو بس متعود عليا عشان كده عاوز أنا الي أنيمه .

-صفا تعالي آخذك الاوضة بتاعتك حبيبة هتحكيله القصة وينام ودادة كريمة هتكمل معاه أطمني ، انت كمان محتاجه ترتاحي من السفر .

كان هذا صوت ادهم الذي أراد إبعادها عن حبيبه حتى لاتجرحها بكلمه لكن صفا وجدتها فرصه للانتقام .

لتقول بخبث :

-متشكرة يا ادهم طول عمرك بتحس بيا لما اتعب وتعرف إيه الي بيريحني .

اتجهت نحوه وغادرت خلفه غرفه تيم

لم تعر حبيبه لكلامها أي انتباه فالمشاعر التي تشعر بها اكبر من ذلك فتمسك تيم بها جعلها تشعر وكأنها امتلكت العالم بأسره .

أوصلها إلى الغرفة التي ستنام بها لتوقفه عند الباب تقول له بدلال :

-متشكرة يا ادهم. لسه قلبك حنين .

استدار مبتعدًا عنها وهو يتمتم :

-تصبحي على خير يا صفا .

لتقول له بنبرة استفزاز:

-هي دي بقى حبيبة القلب الي دمرت جوازنا عشانها ؟. (بقلم رشا عبد العزيز) 

نجحت في إشعال فتيل غضبه منها ليعود اليها بسرعه يشهر سبابته امامه وجهها :

-حبيبة ملهاش دعوة بفشل جوازنا إياكى ترسمي لنفسك دور الضحية وتخلي حبيبة شماعة لأخطائك .

انت ياصفا الي محاولتيش حتى إننا نستمر او حتى تخليني أنساها دايما كان شغلك ودراستك وبرستجك هو الأهم 
ديما كنت بتقارني بين حياتك هنا وحياتك في أمريكا حتى ابنك اتخليتي عنه .

لتقاطعه بغضب :

-مش انت الي أجبرتني أتخلى عنه وقلت الطلاق مقابل تيم .

ليضحك باستهزاء ويرد عليها :

-بلاش نضحك على بعض أنا عارف وانت عارفة انت تخليت عنه ليه .

ارتبكت نظرتها وتلعثم لسانها :

-أنا...  
ليقترب اكثر منها ويقول :

-أنا أقلك ليه عشان متشيليش همه تيم كان هيكون عائق لدراستك فقلت عصفورين بحجر تخلصي مني ومنه .

تصنعت البكاء وقالت بدموع مفتعلة :

-لا يا ادهم أنا حبيتك وكنت فعلًا عاوزة أكمل معاك لكن انت كان قلبك مع غيري .

-ولسه معاها لو دا هيريحك ويريح ضميرك. وانا قلتلك الكلام دا قبل ما نتجوز وانت رضيتي وقلت انا هاقدر أخليك تنساها. لكن انت عملتي أيه   فضلتي تعانديني في لبسك وأسلوب حياتك الغلط الي اتمسكتي بيهم وتعملي مشاكل وتزني. وتحسسيني انك ضحيتي لما سبتي أمريكا وعشتي هنا مع إني مجبرتكيش 
خليتيني بدل ما اقرب منك اهرب ليها واشكيلها اتعلقت بيها اكتر .

ثم توقف يلتقط أنفاسه بعد نوبة الغضب التي شعر بها زفر أنفاسه بشدة :

-تصبحي على خير ياصفا مامنوش فايدة الكلام دا انسي .

ثم تركها ورحل تنظر اليه بسخط .

وصل غرفه تيم ليقف عند الباب يستمع إلى حوارها معه وهو نائم وكأنّه يسمعها تمسح على رأسه تارة وتقبل يده  تارة أخرى .

-متعرفش ياتيمو كنت خايفة أد أي انك تشوف مامتك وتنساني لكن انت ياحبيبي اختارتني وخلتني اسعد إنسانة في الدنيا انا عارفه ان دي أنانية مني لكن انا بحبك يا تيمو انت ابن قلبي .

مسحت دموعها بإبتسامة ودثرته بالغطاء واستدارت محاولةً الخروج لتجده امامها :

-أدهم انت هنا من امتى ؟

ليضحك ويقول لها مداعبًا :

-من ساعة ابن قلبي .

غمز لها بعبث وبابتسامة قال :

  - يابخته تيمو بيها ، عقبالي يارب ويكون ليا مكان في قلبك .

غزت الدماء وجهها خجلًا وهربت بعينها من امامه لتتسع ابتسامته على هيئتها فمد لها يده :

-يلا ياحبيبة عشان تنامي .

وكانّه رمى لها طوق نجاة أنقذها من إحراجها تمسك بيده حتى وصلوا إلى غرفتها واجلسها على السرير ثم قال لها:

-معلش ياحبيبة أنا مضطر أبات معاك في الاوضه اليلة ، عشان صفا موجودة وانت عارفة .

حركت له رأسها له مباشرة وجلت حنجرتها تقول بحرج :

-أنا هادخل الحمام .

ورحلت من أمامه بدل هو ملابسه واستلقى على السرير مدعيًا النوم حتى يعفيها من حرجها عندما تخرج .

خرجت من الحمام تنظر بحرج إلى ثوب النوم القصير الذي ترتديه لكن ماذا تفعل هذا مايريحها عند النوم بسبب انتفاخ بطنها الذي يعيقها لتقول لنفسها :

-يلا ياهبلة دا جوزك مفيهاش حاجة مهو أنا مش هقدر انام بغيره .

واتجهت نحو السرير بخجل

أغمض عينيه مدعيا النوم لكن رائحة عطرها سبقتها اليه وتسللت إلى أنفاسه تداعب ذلك القلب العاشق خطفه نظره نحوها لتخطف قلبه هيئتها تعجبه هي بكل حالاتها سكنت القلب وتربعت فيه .

جلست على السرير بخجل واتكأت بظهرها على حافته لتسأله بتردد :

-أدهم

-امممم

-انت نمت كنت عاوزة اسألك سؤال

ليقول بصوت متحشرج فقربها وهيئتها قد بعثرت كيانه ليفتح عينيه يقاوم خفقان قلبها الذي خشي ان يفضحه امامها :

-ايوه ياحبيبي اسألي

-لو صفا طلبت تأخذ تيم هتوافق؟

كان يتوقع ان تساله هذا السؤال لينظر لها بطرف عينه ويقول بخبث :

-لا طبعا مش هسمح لها إلا فى حالة واحدة .

لتقطب حاجبيها مستفهمة :

-وأيه هي الحاله دي؟

-ان أرجع أمه لعصمتي .

قال هذا وهو يركز نظره عليها ينتظر ردة فعلها لتكرر هي قوله في بدهشة :

-ترجع أمه لعصمتك ؟

اعتدل في جلوسه ليكون أمامها وسألها محاول إثارة غيرتها :

-انت أي رأيك يا حبيبة ، ارجع أمه لعصمتي ؟

قال ذلك وهو يزيح خصلات شعرها ويضعها خلف أذنها

-ايوه انت ملاحظتيش حركاتها وكلامها؟

حركت عينيها يمينًا ويسارًا محاولةً تذكر كلامها ، وهل مايقوله صحيح نعم هي رأت ذلك ، ثم قررت ان تقلب  الطاولة عليه .

-والله دا راجع لرأيك لوانت عاوز ترجعها ، في الحالة دي أنا أديك رأيي ليه ؟

ابتسم وهو ينظر اليها وهي تكرر سؤالها

-انت ناوي ترجعها لعصمتك ؟

امسك يدها يقبل باطنها وينظر داخل عينيها ويقول ببطىء :

-الي متجوز حبيبة هيكتفي بيها عن العالم كله مش الستات بس .

ارتجف قلبها بين أضلعها وارتعشت روحها بعد ان أطربها بعزف كلماته ابتلعت ريقها الذي جف من فرط ارتباكها فقالت :

-ادهم أنا عاوزة انام .

ساعدها في التمدد على السرير ودثرها بالغطاء ثم طبع قبلة على جبينها

-تصبحي على خير ياحبيبتي

شاكست أشعة الشمس عينيه فتململ في نومه ليفتح عينه بانزعاج ، رفع يده يبحث عن هاتفه فتح نصف عينه ينظر إلى الوقت  فوجد الساعه تشير إلى التاسعة صباحًا ، أدار رأسه إلى الجهة الأخرى ليصدم برؤية المنظر الذى يتمناه قلبه  منذ زمن تنام بقربه خصلات شعرها تناثرت على وسادته وأخرى تغطي وجهها ..

ابتلع ريقه واستدار بكامل جسده يتأملها مد يده يزيح  تلك الخصلات التي غطت وجهها كم هي جميله

حتى مع تقدم الحمل وتورم أجزاء من جسدها ووجهها لكنها لازالت جميلة.
 
-احلى صباح  ياحبيبة الي ابتدى بوشك الجميل  .

رفع يده يحيط جسدها ويضمها اليه وأخذ نفسًا عميقًا يستنشق عبيرها لتتململ وتفتح عينيها وتبتعد عنه تنظر له

بتعجب ابتسم على تعابير وجهها ودنى منها يقبل جبهتها ثم ابتعد

-صباح الخير على احلى عيون في الدنيا .

دعكت عينيها لتتضح رؤيتها وكأنها قد نسيت انه قد نام بجانبها البارحة لكنها ابتسمت بعد أن تذكرت

-صباح النور
 
ثم مد يده يتلمس بطنها ويقول ضاحكًا

-حبايب بابا صباح الخير

لتضحك هي أيضا وترد بالنيابه عنهم

-صباح الخير يا بابا

مد يده ييمسح على شعرها يعيد ترتيبه ثم قال  :

-أنا هنزل افطر أساعدك تنزلي معايا

تثائبت وقالت بكسل :

-لا أنا لسه قدامي كتير على ما انزل افطر.

قرص انفها وقال بابتسامة :

-براحتك يا كسلانة أنا هسبقك لو عوزتي حاجه ناديني  .

ثم توجه ناحية الحمام وأبدل ملابسه ووقف امام المرآة يمشط شعره وينثر عطر تحت نظراتها التي تتبعته

وقبل ان يخرج عاد ليها وكأنّه تذكر شيئا جلس على السرير امامها

-بيبه أنا إجازتي هتخلص بعد بكره لو محتاجة حاجه عشان نعملها النهاردة او بكرة قبل ما انشغل .

-خلصت بسرعة كده ؟

اشرق وجهه بابتسامة عندما تمتمت بهذه الكلمات هل تفتقده رقص قلبه بسعادة بمجرد ان جال بخاطره هذه الفكره ادركت هي ما تفوهت به لتحاول تدارك هذا الموقف  اعادت خصلات شعرها خلف أذنها واسبلت عينها خجلاً ثم أجلت حنجرتها بحرج وقالت :

-احم ... اقصد ان الأسبوعين خلصوا بسرعة الظاهر عشان عملية تيم محستش بيهم .

انتبه هو لخجلها وارتباكها ليقرب وجهه من وجهها ويهمس :

-تصدقي أنا كمان محستش بيهم الوقت معاكي له طعم تاني طعم جميل يخليني أتمنى الساعة تقف والوقت ميعديش .

همسه بهذه الكلمات ونبرت صوته العاشقه جعلتها ترفع عينيها بفضول تتحرى صدقه لتصدمها سحر تلك النظرات التي بات قلبها يخفق لها رغمًا عنها وليته توقف لكنه أكمل :

-ربنا ميحرمنيش من نعمة وجودك في حياتي .

قرص وجنتها وقبل أصابعه التي قرصتها تلك الحركة التي باتت تدغدغ مشاعرها ثم استقام واقفاً :

-هستناكي نفطر سوى متتأخريش عليا

رحل وتركها تنظر لآثره بمشاعر متخبطة وأفكار مشتتة .

نزلت إلى الطابق السفلي لتجده يجلس على المائدة ينتظرها كما وعدها ، ابتسمت بلا وعى لتزول ابتسامتها عندما وجدت صفا تجلس بجانبه  هل ما اخبرها به صحيح هل تحاول العودة اليه  لكن مهلًا لن تسمح لها بذلك .

هذا منزلها وعائلتها لن تسمح لها بهدم هذا المنزل لتتوقف على درجات السلالم تسأل نفسها هل تغار عليه
لماذا اعتصرها قلبها وأحست بالاختناق عندما رأتها بجواره هل حقا تغار عليه وإذا كانت تغار ، هل تحبه ؟!
رن هذا السؤال في ثنايا قلبها تبحث عن إجابته حتى شعرت بيده تلمس يدها

-يلا يا روحي اسندي عليا .

أغمضت عينيها علها تسكت ضجيج تلك الأفكار التي تصرخ بداخلها وعاودت فتحها لتتوزع نظراتها بينه وبين يده التي تمسكها

-يلا يا حبيبة .

تمسكت به ونزلت الدرجات حتى وصلت إلى مائدة الطعام سحب الكرسي واجلسها وجلس في الكرسي الذي 
يجاورها لتبتسم بانتصار ، لقد غير مكانه من أجلها تطلعت نحو صفا لتجد وجهها ممتعض

بدأوا يتناولون الطعام معا كان يحاول إطعامها بين الحين والآخر

-خلاص يا ادهم والله شبعت .

ليقول باعتراض مازحاً :

-أنا بأكل ولادي انت شبعتي بس همه لسه اهم بيشتكولي .

قال ذلك ضاحكاً عندما تزامن كلامه مع حركة أطفالها العنيفة التي دعتها لتمسك بطنها متأوهة .

-كده عاملين عليا حلف انت وولادك.

-مش بقلك حبايب أبوهم

ليندمجا بضحك معا تحت نظرات صفا التي استشاطت غضباً لتقول منهية هذا المزاح :

-ادهم ممكن تجي معايا السفارة الامريكية عشان اخلص الورق بتاعي.

خرج ادهم من نوبه الضحك على صوتها لينظر اليها ويقول :

-حاضر اخلص ونروح .

-هو المشوار دا هيطول ؟

قالتها حبيبه بصوت امتزجت فيه الحدة والغيرة ليسألها ادهم مستفسرًا :

-ليه يا حبيبتي ؟

-اصل عندي ميعاد مع الدكتورة واحنا متعودين نروح سوا .

قالت ذلك وهي تنظر نحو صفا :

-هو مش المعاد بكرة ؟

سألها أدهم فهو متأكد من تاريخ الموعد .

-لا اصل أنا قدمت الميعاد عشان أطمن على الاولاد .

فالت ذلك وعينها موجهة نحو صفا التي تنضر لها بسخط وكانها حرب رسائل بارده بينهم نظر أدهم لها ولنظراتها ليخفق قلبه مبتهجًا بغيرتها عليه ليقرر ان يطمئنها :

-لا ياروحي مش هتاخر.َ

لينهض ثم انحنى يقبل جبهتها مبتسمًا :

-بنوتي القمر لو احتاجتي حاجة كلميني 
بادلته الابتسامة وقالت :

-حاضر

-يلا ياصفا

قالها مشيرا لصفا ان تتبعه خرج من الباب ليقابله عند خروجه نهى وخديجة اللتان حضرتا لزيارة حبيبة

-دكتورة نهى ومدام خديجة اهلا أزيكم

ليردوا عليه تحيته

-اهلاً يافندم

-اتفضلوا حبيبة موجودة أكيد جيتوا عشانها اتفضلوا .

قال ذالك ادهم وهو يعيد فتح الباب لهم  ويستدير للمغادرة خلف صفا.  لكن نهى وخديجه لم يدخلا وظلتا يتبعانه بنظراتهن حتى غادر الفيلا ليدخلا بحثًا  عن حبيبة التي كانت تجلس شاردة الذهن

-حبيبة...

قالتها نهى بصوت عالي لتعود حبيبة من شرودها فزعةً

-بسم الله الرحمن الرحيم.  مالك يابنتي بتصرخي ليه
مااحنا بنادي عليكي من بدري وانت ولا انت هنا. وعلى فكرة احنا مزوغين وهربانين عندك أنا مزوغة من المدرسة

قالت خديجة ذلك وهي تشير نحو نفسها ثم اشارت نحو نهى ، ونهى مزوغة من الدكتوراه

جلستا بجانبها بسرعه يحتضنانها  ثم سألتها نهى بفضول :

-بت ياحبيبه هي مين البنت الحلوة إلى مع ادهم ؟

-دي صفا والدة تيم .

-طليقته ؟

رددتها نهى بدهشة ثم قالت مستنكرة :.

-وانت عادي عندك ؟

قطبت حبيبة حاجبيها مستفهمة:

-عادي يعني أي؟

-يعني انت مش بتغيري؟

سالتها خديجه باستهجان

-وأغير ليه؟

لتصرخ نهى بتأفف :

-انت عاوزة تجننيني مش دا جوزك يابنتي .

-اه بصراحه نهى عندها حق ياحبيبة وكمان البنت باين مش سهلة .

قالتها خديجة توافق رأي نهى

-مش بس كده ياديجة دي باين عينيها منه خليكي كده يا ام دماغ ناشفة لحد مايروح من أيدك وتخسريه .

قالتها نهى وهي تضربها على رأسها

التزمت هي الصمت يدور كلامهم في ذهنها لماذا كلمه الخساره التي قالتها نهى آلمتها هل اصبح يعني لها شيئًا كي تؤلمها خسارته

منذ ان غادرت خديجه ونهى وهي تفكر شاردة الذهن تشارك تيم الكلام لكن بلا وعي .

-ماما .... ماما حبيبة انت سمعاني؟

عادت من شرودها اليه :

-ايوه ياحبيبي

-هي الست أمي لسه هنا ؟

ضحكت حبيبه على التسمية

-الست أمك أي ياتيمو؟  دي ماما ياحبيبي وبعدين اه هي راحت مشوار مع بابا وهترجع انت عاوزها ياحبيبي

-لا

قالها تيم بسرعه وبلا تردد مسحت حبيبه على رأسه
 بحنان :

-ليه ياحبيبي دي ماما

- أنا عاوزك انتى ...انتى ماما

وفي هذه الأثناء دخل ادهم غاضبًا إلى غرفته بالكاد يلتقط أنفاسه نهضت حبيبة واتجهت نحوه أمسكت ذراعه تسأله بقلق :

-ادهم مالك انت كويس ؟

ثم نظرت حوله تسأله مستفسرة :

-امال صفا فين ؟

ومن بين أنفاسه المضطربه اجابها بضيق :

-بتلم هدومها عشان تسافرخلاص مش شافت ابنها واطمنت عليه

رفعت حاجبيها مندهشة لكنها خشيت ان تسأل سؤالا آخر بعد ان رأته يخلع سترته يرميها باهمال على احد المقاعد ويجلس بثقل يزفر أنفاسه بشدة يقاوم غضبهط
اماً ادهم فتنهد بغضب وأخذ يأخذ نفسًا عميقًا ويخرجه بقوة عله يهدئ إعصار الغضب الدي ضربه بعد الشجار الذي نشب بينهما عندما طلبت منه استعاده تيم بحجه خوفها عليه من ان يعيش مع زوجة اب وهنا تكون قد تعدت خطوطها الحمراء بالنسبه له فهي قد تنازلت عنه في صغره وعندما وجد من يعوض مكانها استنكرت ذلك وارادت استرجاعه ليخبرها انها غير مرحب بها في منزله إذا كانت مصدر للمشاكل فا اعتبرت هي هذا الحديث جرحًا لكرامتها لتحجز تذكره مستعجلة للعودة الى أمريكا

******************************************
مرت شهور حتى وصلت إلى مشارف نهايه حملها أزداد وزنها كثير وتورمت قدماها تضاعف حجم بطنها وثقلت حركتها كثيرا
 
كانت تجلس على السرير بتعب تراقبه وهو يعد حقيبته فبعد قليل سيذهب في مهمه تخص عمله كان يلتفت اليها بين الحين والآخر يسألها عن اغراضه فقد شاركها غرفتها منذ أيام بعد ان أصبحت لاتستطيع الحركه لوحدها .

انتهى واغلق الحقيبه وبأحكام وانزلها على الأرض ليرن هاتفه  نظره إلى هويه المتصل ثم أجاب :

-ايوه يا خالد خلاص دقايق وانزلك .

اغلق الهاتف واتجه نحوها بغيه توديعها

-حبيبه ياروحي أنا لازم امشي خلي بالك من نفسك .    (بقلم رشا عبد العزيز) 

مدت يدها تطلب منه ان يساعدها على الوقوف لتتكأعليه تقف امامه وتحتضنه بصعوبه بادلها العناق لكنه تفاجئ بها
تضمه اليها كثيرا تشدد  احتضانه وتهمس بصوت مختنق كانّها تجاهد دموعها التي تدحرجت على خدها من دون ارادتها

-متتأخرش عليا مش عاوزه أولد وانت بعيد

تقافز قلبه بين اضلعه وانتعشت روحه وهو يستشعر يديها التي تتشبث به تروي براعم الأمل داخله

ظلت متشبثه به حتى عاود رنين هاتفه من جديد ليخرجها من احضانه عنوه ليمسك وجهها بين يديه يمسح دموعها بإبهامه قبل وجنتيها ونظر لها بحب حرك رأسه متمتما :

-ياروحي انت اهدي مش هتاخر عليك صدقيني .

لم تستطع الكلام لتومئ فقط برأسها :

-خلي بالك من نفسك .

ثم قبل جبهتها ورحل قبل ان تفضحه دموعه هو أيضا.    ليجد في طريقه تيم الذي تماثل للشفاء

نزل إلى مستواه يحتضنه ويقبل وجنته

-خلي بالك من ماما يا تيمو.

-حاضر يا بابي

استقام يقبل راسه ورحل ليتجه تيم إلى غرفه حبيبه

 يجدها تجلس على السرير تبكي بصمت ليجلس بجانبها متعجبًا ويمسح دموعها بانامله الصغيره

-ماما بتعيطي ليه ؟

لم تعرف بماذا تجيبه لماذا هي تبكي هي نفسها لاتعلم فراقه اليوم أشعرها ان هناك شي كبيرا ينقصها .

*************************************
استندت بكلتا يديها على الحوض تنظر إلى اختبار الحمل يتملكها الحزن والقلق فهذه لم تكن المره الأولى التي كانت تقف تنتظر النتيجه فمنذ ان بدأت تتناول العلاج وهي تقف في كل شهر لكن في كل مرة كان يخيب أملها 
مرت خمس دقائق كانت كالدهر بالنسبة لها لتتنهد بخوف وتغمض عينها تفتحها باأمل تمسك الاختبار تنظر له باعين متسعة

لتخرج شهقة فرح عندما ظهرت نتيجته ايجابيه ، لتصرخ مبتهجه تقفز كالاطفال لتخرج نحوه مسرعه بلهفة 
كان يجلس على السرير ممسك بجهازه اللوحي يكتب تقريرا رياضيا عندما احس بها تأتي مسرعة وتقف امامه 
رفع عينيه من جهازه ليجدها تقف امامه مبتسمة وعينيها تترقرق بالدموع  تسلل القلق إلى قلبه

وضع جهاز للوحي جانبا وهب واقفا امامها يسألها باضطراب :

-ديجة حبيبتي مالك ؟

لتضع الاختبار أمام عينه امسكه ينظر اليه ثم نظر اليها يحرك رأسه مستفهما

-صحيح ياديجة ؟

لتحرك رأسها بنعم ودموعها تغرق وجهها وضحكات متقطعة تزينه ليحتضنها يحملها ويدور بها

-ألف مبروك يانور عنيا قلتلك ان ربنا هيجبر خاطرنا يا روحي .

أنزلها خوفا عليها يحتضن وجهها بين كفيه وعينيه تلمع بالدموع قبل جبينهاوقال :

-أخيرا حلمي هيتحقق وهيكون ليا ابن منك

لتسأله بصوت مهتز وكانها لاتزال غير مستوعبة :

-أنا هبقى ام يا حبيبي ؟

احتضنها من جديد ويحرك يده على ظهرها
-وأحلى أم يا روحي .

***************************************
كانت تجلس بإرهاق على سريرها لقد تملك منها التعب اصبح جسدها منهك تتمنى ان تنقضي هذا الأيام بسرعة
فلم تعد تقوى على التحمل لتتذكر غيابه منذ اكثر من أسبوع  تخشى ألا يعود على موعد العملية المفترض بعد غد.    لقد كان أسبوع قاسي بدونه حسبت هي الساعات والدقائق لعودته لكن الأسبوع انقضى ولم يعود

أمسكت هاتفها تقلبه بملل لتزفر أنفاسها متضجرة حتى سمعت الباب يفتح ويدخل هو

-ادهم؟!

نطقت اسمه بابتهاج وشوق ولم يكن شوقه باقل منها ليقترب منها بسرعة متلهفًا يجاورها على السرير
يضمها اليه بقوه يقبل راسها

-قلب ادهم وروح ادهم وعمر ادهم  وكل حاجه حلوة في حياته وحشتيني وحشتيني

ضمته هي أيضا واجهشت بالبكاء أبعدها قليلا عنه يمسح دموعها

-بتعيطي ليه دلوقت ياعيوطة ؟

ثم انتبه لشئ ليقول بقلق

-فيه حاجة وجعاكى ؟

لتحرك راسها بالنفى داخل احضانه التي ابت الابتعاد عنها

-لا أنا كويسة .

-امال بتعيطي ليه ؟

لتجيبه بصوت امتلا شوقا وقلقا

-اتأخرت عليا

رفع حاجبه متعجبًا :

-اتأخرت ايه ، دا أنا مجرد ما عرفت ميعاد العمليه رجعت على طول .

ليضمها اليه اكثر

-تعرفي ياحبيبة أحلامي كلها بتتحقق معاكي طول عمري بأحلم ان يكون عندي توأم وديما كنت احب يكونو بنت وولد واتحقق الحلم معاكي ياحبيبتي

كان مندمجا بالحديث بسعاده يكلمها عن أولاده تارة وعنها تارة أخرى حتى تبخرت سعادته عندما قالت :

-ادهم أنا عاوزة أشوف علي .....



تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة