بعد كذا يوم - في قهوة هادية على طرف المدينة
ترابيزة لوحدها جنب الشباك
رهف قاعدة في هدوء، باصة لفنجان قهوتها، وشّها باهت، ونظرتها بردانة. آسر بيوصل، يقف ثواني قبل ما يقعد قدامها، وبياخد لحظة يتأمل ملامحها في صمت
آسر (بصوت هادي ومكسور):
رهف... شكرًا إنك جيتي.
رهف (من غير ما تبصله):
ماجيتش علشانك... جيت أسمع آخر كدبة في الرواية.
آسر (بياخد نفس عميق):
أنا أستاهل كل كلمة جارحة... بس اديني فرصة أشرح.
رهف (بترفع عينيها ليه بنظرة فاضية):
تشرح إيه؟ إنك كنت بتمثل الحب عليا؟
إنك ضحكت عليا علشان تنتقم من أخويا؟
كنت بالنسبالك أداة... لعبة وخلاص.
آسر (نظره كله وجع):
كان انتقام، آه...
بس اللي ماخططتش له... إني أحبك.
أنا وقعت في حبك من أول دمعة حقيقية شفتها في عنيكي،
من أول مرة ضحكتي كده بخجل.
رهف (بتضحك ضحكة حزينة وساخرة):
تحبني؟ بعد ما كسرتني؟
أنا اللي كنت هبلة... وصدقت إن في حد زيك ممكن يحبني.
آسر (بيميل ناحيتها، وصوته بيرتجف):
أنا كنت مكسور... حياتي كلها اتدمّرت بعد اللي عمله حسام في أبويا...
بس لما عرفتك، حسّيت بنور...
بس بعد فوات الأوان.
رهف (عنّيها بتدمع وبتكتم دمعتها بالعافية):
آه... بعد فوات الأوان فعلاً.
أنا مش قادرة أكرهك، وده اللي صعب...
بس برضو، مش هقدر أصدقك تاني.
(يسكتوا شوية، والصمت بينهم بيبقى تقيل)
آسر (بيقوم بهدوء، وببُصّة كلها صدق):
أنا مش هطلب منك تسامحيني...
بس هفضل أحبك... حتى لو من بعيد.
رهف ما بتردش. بتنزل بعنيها تاني على فنجان القهوة.
آسر بيمشي من غير ما يبص وراه.
و رهف تنزل دمعة حزن منها
********************
في فيلا حسام
(الصالون الواسع منوّر بنور هادي.
نوال واقفة ورا الستارة، بتبص على حسام وهو نازل من فوق، لابس شيك جدًا، لابس ساعة غالية، وبيرش عطره كأنه رايح حفلة مش اجتماع. خطواته واثقة كأنه ماشي على سجادة حمراء.)
نوال (بنبرة جافة):
سهرة متأخرة تاني؟
حسام (من غير ما يبص لها):
اجتماع مهم... مع جوليانا، علشان موضوع الحضانة.
نوال (بابتسامة فيها سخرية):
طبعًا... جوليانا، المحامية الشاطرة أوي.
شكلها بقت بتشتغل شيفتات ليلية عشانك!
حسام (بيلف لها، وعينه فيها تحذير واضح):
نوال... لو ناوية تعمليلي دوشة، وفّري صوتك.
نوال (بتقرب منه واحدة واحدة):
أنا بس بستغرب يعني... من اهتمامك الزايد بـ "المحامية"...
واحد بيحب يعرف إزاي بيتسرق حقه، مش أكتر.
حسام (بيتنهد بضيق، وبيمشي ناحية الباب):
بلاش تلعبي بالنار يا نوال.
نوال (بصوت واطي وهي وراه):
وأنا ناوية ألعب... لحد آخر نفس.
(حسام يخرج. نوال على طول بتتحرك ناحية أوضتها، تفتح الدولاب، تطلع جاكيت خفيف وشنطة صغيرة، وتنزل من باب جانبي للفيلا، عربيتها مستنياها.
تركب، تمسك موبايلها، تفتح برنامج تتبع المواقع - كانت حطت جهاز تتبع صغير في عربية حسام من كام يوم.)
نوال (بابتسامة كلها تحدي):
يلا يا حسام... وريني هتروح "الاجتماع" بتاعك فين المرة دي.
تدوس بنزين وتنطلق... عينها كلها إصرار، وانتقام ما بينامش
*****************
في عربية نوال - قدام شقة جوليانا الفخمة
نوال مركونة بالعربية على بُعد شوية من مدخل العمارة. نور الشارع الخفيف بينعكس في عنيها المليانة غضب.
باصّة من الزجاج الأمامي، بتراقب حسام وهو بينزل من عربيته الغالية، وبيمشي نحية باب العمارة
نوال (بهمس وهي بتشد على الدريكسيون):
يعني ماكنش بيتهيألي...
كنت بترجعلي وقلبك مليان خيانة... ووشّك كأنك ملاك!
تشوف جوليانا وهي بنفسها بتفتح له الباب، لابسة فستان أسود قصير، بتضحك معاه... وبيختفوا جوه
نوال (بتتنفس ببطء، وتفتح شنطتها):
كنت شايلة السلاح ده ليوم أحس فيه إني في خطر...
بس شكلي كنت غلطانة.
الخطر الحقيقي... هو إنتو.
(تسحب مسدس صغير كانت مخبياه، وتحطه في جيب الجاكت، تنزل من العربية بخطوات ثابتة وهادية.
بواب العمارة مش في مكانه - دخل الكشك.
نوال تستغل اللحظة، تدخل من غير ما حد يشوفها.
تضغط على زر الأسانسير... يطلع بيها للدور الخامس.)
قدام شقة جوليانا
(نوال واقفة ساكتة قدام الباب.
بتسمع صوت ضحك ووشوشة من جوه... وصوت كوباية بتتحط على ترابيزة.)
نوال (بهمس وإبتسامة باكية):
خنتني؟
خنتني زي ما خنت سيلين؟
خنتني وإنت عارف إنك كنت دنيتي كلها؟
طب... تعالى نشوف النهاية مع بعض.
تمد إيدها بهدوء...
تشد بإيدها التانية على المسدس في جيبها...
وتخبط على الباب تلات خبطات...
ببرود قاتل
*****************
شقة جوليانا - أوضة الجلوس - الإضاءة خافتة - مساء اليوم اللي قبل تنفيذ خطة اغتيال سيلين
(جوليانا قاعدة على الكنبة القطيفة لونها نبيتي غامق، رجل على رجل، وفي إيدها كاس نبيذ أحمر.
قدّامها حسام، واقف بيضحك بسخرية، وبيفك زرار قميصه واحدة واحدة.)
حسام (بابتسامة خبيثة):
بُكرة... كل حاجة هتخلص.
سيلين؟ خلاص... صفحة واتقفلت.
وصدقيني، مفيش أحلى من بداية جديدة... معاكِ يا محاميتي الشاطرة.
جوليانا (ترشف شوية من الكاس، وبصة عنيها فيها لمعة):
كلّمت القاتل... كل حاجة مترتبة، المكان، التوقيت، الطريقة...
والتهمة؟ رايحة لنوال.
الكاميرات، البصمات، حتى السلاح...
القضية محسومة.
حسام (يضحك ضحكة شيطانية):
وساعتها سيلين تموت... ونوال تبقى في السجن... وأنا؟
حر... أخيرًا.
أبدأ من جديد، من غير صداع، من غير همّ العيلة.
جوليانا (تقوم وتقرب منه، وتعدي إيدها على رقبته):
وتبدأ بداية نظيفة...
بس مع واحدة مش هتخونك...
ولا تسيبك وتجري وقت الجد.
حسام (يغمض عينيه):
عارفة ليه حبيتك؟
عشان إنتي مش زيهم... لا نوال، ولا سيلين...
إنتي بتعرفي تلعبي اللعبة... بنفس سلاحي!
جوليانا (تهمس في ودنه):
وبُكرة... نعلن انتصارنا.
(يسكت لحظة، وبعدين يضحك ضحكة قصيرة)
حسام:
هشوف نوال وهي بتنهار جوه المحكمة، وسيلين... وهي بتموت
من غير حتى كلمة وداع
******************
(جوه الصالون... جوليانا وحسام لسه بيضحكوا، سكرانين بنشوة انتصارهم الكدّاب... وفجأة)
الباب بيتفتح بعنف
(نوال بتدخل زي الإعصار... شعرها منكوش، عنيها مولعة نار، وفي إيدها مسدس صغير كانت مخبياه من ساعة ما خرجت من البيت.
بتقف لحظة، تبصلهم...)
نوال (بصوت هادي جداً... ومرعب):
كلكم خونة...
كلكم وساخة...
(حسام وجوليانا بيتجمدوا مكانهم... كأن الزمن وقف للحظة)
حسام (بياخد خطوة لقدّام، رافع إيده):
نوال... نوال اسمعيني... الموضوع مش زي ما انتي فاكرة... والله-
نوال (بتصرخ فجأة):
كــــــذاب!!
كنت ناوي تقتل سيلين...
وتلبسني التهمة... وتعيش مع الحقيرة دي؟!
جوليانا (تحاول تبان هادية بس صوتها باين فيه الارتباك):
نوال يا حبيبتي... انتي مش طبيعية دلوقتي... تعالي نهدى-
نوال (بتوجه المسدس ليها بإيد ثابتة):
انتي... اسكتي.
(وبتنقل نظرتها لحسام... دموع بتنزل من عينيها، بس صوتها بيزيد حِدّة)
نوال:
ضحيتلك... استحملت سنين، وكذبت على الناس وقلت إنك أب مثالي...
وأنا عارفة حقيقتك الوسخة...
بس عارف إيه؟
التحمل خلص.
حسام (صوته بيعلى، وبيحاول يمد إيده على المسدس):
نوال، أوعي! نزلي السلاح حالًا!!
(طلقة أولى)
(بتصيب حسام في صدره... بيرجع ورا مترنّح، يقع على الأرض)
جوليانا (بتصرخ):
يا مجنونة!! قتلتيه؟!
نوال (بتهدّ صوتها، وببُطء بتبص لها):
دورك.
(طلقة تانية)
(بتخترق بطن جوليانا... بتتراجع، تصرخ من الوجع، وتقع جنب حسام... الدم بيتسرّب حواليهم)
(نوال بتقرب منهم بخطوات بطيئة... عنيها فاضية تمامًا...
وبعدين تقعد على الأرض، وتبدأ تضحك... ضحكة هستيرية، مليانة وجع وبكا)
نوال (بهمس مخنوق):
كده... أنا ارتحت.
(طلقة تالتة)
(نوال بتضرب نفسها... والمشهد يظلم - fade to black)
*******************
بعد كام شهر - فيلا البحيري - الجنينة الخلفية - الساعة ٥:٣٠ مساءً
الديكور شيك، ورد أبيض وأضواء دهبي بتنور المكان، والمزيكا ناعمة في الخلفية... والفرحة ماليه الجو كله.
الوشوش كلها مبتسمة... أهل العيلة والصحاب قاعدين حوالين ترابيزات مستديرة، بيضحكوا ويتكلموا بودّ وحب.
سيلين بفستانها الأبيض الراقي واقفة جنب سيف اللي لابس بدلة سودا شيك، ماسك إيدها وبيبصلها بحنية.
سيف (بيرفع كاس العصير وبيبتسم):
"أهلاً بكل اللي حبّونا ووقفوا معانا في أصعب وقت... النهاردة إحنا مش بس بنحتفل بجوازنا، إحنا بنحتفل بانتصارنا على كل وجع وكل ماضي وجعنا...
وسيلين... إنتي أكبر انتصار في حياتي."
سيلين (عنّيها بتدمع):
"وأنت يا سيف... أنت البداية الجديدة اللي كنت بحلم بيها بعد كل كسرة...
شكرًا إنك اخترتني... أنا وتاليا ووليد."
(الكل بيصفق بحرارة)
تاليا الصغيرة (عندها ٥ سنين، لابسة فستان بينك):
"بابا سيف، بص على فستاني!" (بتلف حواليه بفرحة)
سيف (ينزل لها ويبوسها):
"أجمل أميرة في الدنيا."
وليد (يمسك إيد سيلين):
"ماما... أنا بحبك."
سيلين (تشيله وتضحك):
"وأنا بحبك يا قلب ماما."
سليم وهدى (أهل سيف) واقفين بيبصوا عليهم وفاكرين كل حاجة، وأمينة (أم سيلين الروحية) بتدمع بعينها.
سليم (بفخر):
"دي بنت يوسف... ما خيّبتش ظنه أبدًا."
هدى:
"وتستاهل سيف... دول اتنين من دهب."
ياسمين (مرات إيهاب، حامل في شهرها الرابع) ماسكة إيده وبتهمس له:
"يا رب يا إيهاب، أكون أنا العروسة الجاية."
إيهاب (يضحك):
"إنتي عروستي كل يوم، يا ستي."
مازن (واضح عليه إنه أحسن من قبل، شايل ريان ابن لارين):
"من النهاردة، بابا مازن، تحت أمرك في أي حاجة يا بطل."
ريان (يحضنه):
"بابا مازن، عايز أعيش معاك على طول."
لارين (تبص عليه بحب):
"وأنا كمان."
تيا (لابسة فستان بسيط، مسكة إيد أمير بخجل)
أمير (بهمس):
"لو تعرفي أنا كنت غبي قد إيه إني اتأخرت أشوفك..."
تيا (تضحك):
"الحمد لله إنك لحقت نفسك."
ياسر واقف جنب أهله إياد ونهال، عينه على سيلين وسيف وبيبتسم.
نهال (بحنان):
"ياسر... مش ناوي تفرّحنا؟"
ياسر (يهزر):
"هو في واحدة عاقلة توافق عليا بعد اللي حصل؟"
إياد (يضحك):
"وإن لقيناها... نعمل لها فرح أكبر من ده كمان."
رهف قاعدة في ركن هادي، بتبص للجمع مبسوطة بس في حزن بسيط في عنيها...
سيلين تعدّي جنبها، تحط إيدها على كتفها بحنية.
سيلين (بهدوء):
"كل حاجة بتتداوى... حتى القلب المكسور."
رهف (بهمس):
"أنا بس تعبانة شوية... بس وجودكم هداني كتير."
(ليل تعدّي وتلوّحلها بخجل... وبتبعد)
🎶 المزيكا تبدأ... موسيقى الرقصة الأولى
سيف يمد إيده لـ سيلين:
"تشرفيني، مدام سيلين البحيري؟"
سيلين (تضحك):
"بكل فخر، يا سيد البحيري."
(بيرقصوا بهدوء تحت ضوء القمر وسط تصفيق الكل...)
الكاميرا تطلع لفوق... ضحك الأطفال، الأكل، الورود، والابتسامات تملأ المشهد...
********************
في ركن هادي منور بالفوانيس في جنينة فيلا البحيري - بعد أول رقصة
(سيلين تهمس حاجة في ودن رهف وتبتسم لها بلُطْف، وتمسك إيدها وتاخدها لممر جانبي مزين بالورد...)
رهف (بتوتر):
"سيلين؟ رايحين فين؟"
سيلين (وهي ماسكة إيدها وبتبتسم):
"رايحين لحاجة حلوة... ثقي فيا بس، يا حبيبتي."
(يقفوا فجأة قدام مكان صغير متزين بشموع على شكل قلوب... وبيظهر آسر، لابس بدلة سودة أنيقة، واقف بهدوء، عنيه مليانة ندم... رهف بتتجمد مكانها)
آسر (بصوت واطي وهو بيقرب خطوة):
"رهف..."
رهف (بتتحرك خطوة لورا، عنيها بتدمع):
"جاي تعمل إيه؟ تقولّي كدبة جديدة؟ تضحك عليا تاني قدام الناس؟"
آسر (ينحني شوية ويحط إيده على قلبه):
"لأ... جاي أعترف. مش علشانك أخت حسام، ولا علشان الانتقام... بس علشانك إنتي... علشانك إنتي بقيتي دقة قلبي."
رهف (عنيها بتملى دموع، بتحاول تقاوم):
"بس إنت كدبت... كل حاجة بينا كانت كدبة."
آسر (بيبصلها جوا عنيها):
"مش هكذب... آه، كنت كداب في الأول... بس قلبي ما كدبش. صدقيني لما أقولك... أنا وقعت في حبك من غير ما أقصد. كنتي أول نور دخل حياتي بعد سنين من العتمة."
(سيلين واقفة بعيد، بتبص عليهم وبتلم دمعة من على خدها)
رهف (تحاول تتكلم وصوتها بيرتجف):
"أنا... ما عرفتش أكرهك، يا آسر. حاولت... بس كل ما أفتكرك، قلبي يوجعني... مش علشان أذيتني، علشان إنت مش جنبي."
آسر (بيقرب منها أكتر):
"تسامحيني؟ حتى لو ما قدرتيش تحبيني تاني... بس سامحيني."
رهف (بتعيط وتحط إيدها على بُقّها):
"أنا... أنا بحبك يا آسر، من أول لحظة شوفتك فيها... وكل يوم كنت زعلانة فيه، كان علشان حاسّة إني فقدتك."
(آسر يقرب أكتر، ويمسك إيدها بلُطْف، ويبوس ضهر إيدها، وهي تنهار في حضنه بالبُكا)
في الجنينة - الكل بيبص عليهم من بعيد
ياسمين (وعنيها بتدمع):
"يا رب يسعدهم... يستاهلوا فرصة تانية بجد."
تيا (بهمس لأمير):
"إنت بتصدق في الفرص التانية؟"
أمير (بيبصلها):
"لو كانت مع الشخص الصح... أكيد."
(سيلين ترجع لسيف وتهمس له)
سيلين:
"ما قلتلكش؟ كنت عارفة إن لازم رهف تيجي... الحب الحقيقي لازم يتم النهاردة."
سيف (يبتسم ويبوس جبينها):
"وإنتي التاج اللي فوق راسي يا سيلين."
وتتقفل الصفحة على مشهد فرح اتحوّل لبداية جديدة... لكل قلب صدّق إن بعد الضلمة، لازم يطلع النور
********************
في سجن الستات - الزنزانة رقم ٩
(نوال قاعدة على السرير الحديد، ضهرها محني، وشّها شاحب ومطفي... في إيديها صورة قديمة ليها وهي شايلة وليد وهو لسه بيبي، وعنيها مليانة دموع)
نوال (بهمس متقطع، وهي بتبص للصورة):
"كنتي غبية يا نوال... عميتِ قلبك بالغيرة والحقد... سيلين؟
كانت دايمًا أحسن مني، أرقى، أنضف... وأقوى كمان."
(تشهق وتمسح دموعها بكمّ هدوم السجن)
نوال (بتكمّل وهي بتعيط بهدوء):
"كنت فاكرة إنها عدوتي... بس الحقيقة؟
أنا اللي كنت عدوتها...
حسام حرّضني... رماني معاها في نار ما كنتش فايقاها...
وهي؟ ربت ابني، حضنته، وادته حب ما عرفتش أديهوله."
(تنهار، تسند راسها على الحيطة وتبدأ تعيط بحرقة، صوت شهقاتها مالي الزنزانة)
نوال (بصوت مكسور):
"أنا آسفة يا وليد...
ماما آسفة يا قلب ماما... بس خلاص الوقت فات...
حتى كلمة (سامحيني) ما بقتش ليها طعم وأنا ورا القضبان."
(صمت... مفيش صوت غير نَفَسها اللي بيتقطع... وبصوت خافت جدًا، بالكاد يُسمع)
نوال:
"لو الزمن رجع...
كنت بقيت سيلين... مش خصمها."
المشهد يتقفل على زنزانة مظلمة... ستّ مكسورة...
وأم ضيعت طريقها في متاهة الغيرة...
وما خرجتش منها غير لما الدنيا خلاص سابتها
*********************
بعد كام شهر كمان - فيلا البحيري - الجنينة الخلفية - زينة فخمة، أنوار بتنور، والمزيكا هادية
الضحك مالي المكان... مازن واقف شيك جدًا في بدلة الفرح، ولارين زي الأميرات، وريان بيجري حواليهم وبيقول وهو بيضحك:
"مامااا! بابااا!"
مازن (ينزل على ركبته ويبوس إيدها):
"تأخرتِ عليا كتير... بس كنتِ نصيبي اللي ما خذلنيش."
لارين (بابتسامة هادية):
"وإنت كنت النور اللي دخل بعد ظلمة ما كانتش بتخلص."
(سيف وسيلين قاعدين قريب، وسيلين بطنها باين... بتعافر مع التعب وبتمسح العرق من جبينها)
سيف (بقلق باين في عينه):
"يا قلبي... متأكدة إنك تمام؟"
سيلين (بتبتسم رغم الإرهاق):
"تمام... بس حاسة إن التوأم مش ناويين يستنوا الفرح يخلص!"
(وفجأة، سيلين تتأوه، وتمسك في دراع سيف جامد)
سيلين (بصوت بيترجّ):
"سيف... خليك جاهز... باين عليهم قرروا يوصلوا الليلة!"
(الجميع يتصدم، والمزيكا تسكت، وسيف يوقف بسرعة ويزعق)
سيف:
"حد ينادي على السواق! سيلين بتولد!!"
(ياسر وإيهاب يجروا يساعدوا، تيا تاخد تاليا ووليد علشان تبعدهم، وأمينة تمسك إيد سيلين وتهمس في ودنها)
أمينة:
"اثبتي... إنتي أم الأسود، ومافيش وجع يهدك."
المستشفى - أوضة الولادة - بعد ساعتين
(العيلة كلها واقفة بره، الجو كله توتر وقلق، الكل بيدعي... وفجأة، الدكتورة تخرج وهي بتضحك)
الدكتورة:
"ألف مبروك... التوأم بخير... بنت وولد!"
(الجميع يصرّخ بفرحة، سيف على وشك يعيط، وياسمين تعيط فعلاً وهي شايلة بنتها الصغيرة ريماس، ومازن يضحك وهو بيحضن لارين)
أوضة التعافي - بعد ساعة
(سيلين نايمة بتعب جميل، على صدرها يوسف وحلا، التوأم ملفوفين في بطاطين ناعمة، وسيف قاعد جنبها وبيبص عليهم وهو بيهمس)
سيف (بصوت بيرتعش):
"بقي عندنا اربع ولاد يا سيلين... أربعة قلوب بيخلو الدنيا أجمل."
سيلين (بابتسامة واهنة):
"... وكل واحد فيهم حتة من نجاتي... ومن قوتي... ومنك."
(يدخل الأطفال، تاليا تمسك إيد سيف وتقول وهي فرحانة)
تاليا:
"ماما... البيبيات حلوين زيي؟"
وليد (بفضول وبجدية):
"أنا الكبير، صح؟ أنا اللي هبقى مسؤول عنهم!"
الكل يضحك، و العيلة كلها حوالين سرير سيلين - دموع، ضحك، وأمل بيرجع يملأ القلوب
******************
أوضة نومهم - نص الليل - بعد يوم من الولادة
(العيال نايمين في أوضتهم... سيلين قاعدة على الكنبة اللي جنب البلكونة المفتوحة، شعرها سايب، ولابسة روب ناعم... يدخل سيف بهدوء، في إيده كوبين شاي)
سيف (يحط الكوباية جنبها ويقعد جنبها):
"جبتلك شاي بالياسمين... علشان تهدي شوية."
سيلين (بابتسامة فيها دفء):
"ميرسي يا راجل قلبي... ما كنتش متخيلة أوصل لليلة دي."
سيف (ياخد إيدها في إيده):
"وإحنا لسه في أول مشوارنا، ما كنتش متخيل قلبي يقدر يحب كده... بس إنتِ وسّعتِ الدنيا كلها جوايا، يا سيلين."
(لحظة سُكون جميلة... الهوا يدخل من البلكونة بهدوء)
سيلين (بصوت واطي):
"عارف؟ عدت عليا أيام كنت حاسة إني انتهيت... كنت مكسورة، ومتسابَة، ومتوجعة... ولما جيت، ما رممتنيش... إنت خلقتني من جديد."
سيف (يقرب منها أكتر):
"مش أنا اللي خلقتك... إنتِ اللي علمتيني أحب... وأحتوي... وأكون راجل بجد."
(بيحط إيده على بطنها اللي فاضية بعد الولادة، ويهمس)
سيف:
"هنا كان في معجزة... اتنين مننا... وكأن القدر إدانا فرصة نبدأ من جديد."
سيلين (تقفل عينيها وتحط راسها على كتفه):
"بعد كل الخراب... بقينا وطن لبعض.
وطن ما بيتهزش... مهما الريح لفّت."
(سيف يبوس جبهتها بقبلة طويلة... وبصص لبرا من البلكونة)
سيف:
"طول ما إنتِ معايا... أنا تمام.
وطول ما قلبك بين إيديا... مفيش حاجة في الدنيا تخوفني."
سيلين (بهمسة ناعمة):
"بحبك يا سيف."
سيف (بابتسامة هادية):
"وأنا... بعيش علشان أحبك، يا سيلين."
(اللي اتنين بيحضنوا بعض في صمت دافي... والهدوء يملأ الليلة... وبداية جديدة بتتكتب بينهم)
•──────••✦ **النهاية** ✦••──────•
