رواية سفر كرياتور الفصل السابع والعشرون 27 ج 2 بقلم ندا الشرقاوي

 رواية سفر كرياتور الفصل السابع والعشرون 27 ج 2 بقلم ندا الشرقاوي



-مووج....موج
فتح الباب بمُفتاحه الخاص به ...
دلف إلى الداخل وهو يُنادي عليها بصوتٍ عالٍ ،لكن استمع إلى صوت الماء ،علم أنها في المرحاض .

نظر إلى الطاولة الصغيرة التي تتوسط غُرفة المعيشة ،وجد عليها كأسين من العصير وطبقان منّ الحلويات.
عقد حاجبيه بغرابه ثم أمال رأسه قليلًا وهو يحدّق باستفهام .

ولج إلى غُرفة النوم يُبدل ملابسه إلى ملابس أكثر راحة ،دقائق وأنقطع صوت الماء ،وفتح الباب خرجت وهى ترتدي رداء الأستحمام ،وتضع منشفة صغيرة على خصلاتها .

ابتسمت إبتسامة واسعة عند رؤيته ،وأسرعت خطواتها لتسكن في حضنه الدافئ ،فضّمها بقوةٍ كأنه يخشى أن تفلت منه .

غمرت وجهها في عنقه ،فارتجف كيانه ،تحت دفئ أنفاسهما ،كأن يسرى في جسده شعور غريب كنسمةٍ مشحونة بالدفئ .

تذكر شيء ، فارتسمت على وجهه ملامح حيرة ممزوجة بالدهشة وقال 
-حبيبي ،كان عندك حد هنا !؟؟ 

هزت رأسها وهى على نفس الوضع ، بدا كمن يحاول فكّ لغز لا معنى له ثم همس 
-ايوه ما أنا مش هفك اللغز ،مين جالك هنا ،غريبة أمي كلمتني وأنا راجع بس مقالتش إنها أو حد من البيت جالك .

رفعت رأسها قليلًا وقالت بنبرة هادئة 
-ايه ما محدش من البيت كان هنا 

انعقدت نظراته عليها، كأنه ينتظر تفسيرًا منطقيًا لما سمع
-ايوه مين ؟؟؟ ليلى مثلًا .

هزت رأسها دلالة عن النفي والرفض ، تنفّس ببطء وهو يزفر عدم الفهم وهتف بنبرة حادة 
-ما تردي يا موج ؟؟ هفضل أسحب كَلمة في كلمة ، مين كان هنا .

عبست لثوانٍ وهى ترى نبرة صوته الحادة ،تملمت في حضنه تُريد النزول ،أنزلها برفق ،ثم جلس على مقعد صغير بجانب التسريحة.

أسند يده على رُكبته مُنتظر الرد وهى مازلت تعبس في وجهه ،دون إجابة.

رفع يده يمسح على وجهه بهدوء ،ثم زيف الإبتسامة وقال
-قولي يا بنتي مين كان هنا ،هسحب كلمة كلمة ولا اي يا موج ايه الشغل دا .

تحدثت سريعًا 
-جارتنا اللي في الشقة اللي جمبنا ،صحيت من النوم لقيت النور قاطع ،فتحت الباب لقتها في وشي واتخضيت لأن العمارة كانت ضلمة وبعدين حبيت أضايقها و قعدت شوية وبعدين مشيت بس كده . 

هتف بكلمة واحدة قبل أن يُغادر الغُرفة مُتجهًا إلى المرحاض 
-تمام .

قطّبت حاجبيها من رد فعله ،مُتأكدة أن يوجد شيء حدث معه في الخارج ،سوف تعرفه لكن ليس الأن .

بدأت في إرتداء ملابسها بهدوء ،ثم أدخلت قابس مجفف الشعر في المقبس وبدأت تُصفّف شعرها بهدوء .

بعدما أنتهت توجهت إلى المطبخ لتعُد الطعام ،أخرجت ما تحتاجه من المُبرد وبدأت في التجهيز .

بعد مرور دقائق ،رن جرس الباب ....
تركت ما بيدها ثم وضعت يدها تحت صنبور الماء لتُنظفها ،خرجت وهى تلتقط خِمارها عن الطاولة ،نظر من العين السحرية وجدتها ليلى .

فتحت الباب وهى تقوم بمِزاح 
-واللهِ واللهِ حماتك لو نعرفها هتموت فيكِ كدة .

ردت عليها بنفس المزاح وهى تدلف إلى الداخل
-ايوه يا بت ما ابنها بيعشقني تقوليش عملاله عمل .

قهقة موج على حديثها وأغلقت الباب ،وضعت خِمارها في مكانه .
تحدثت ليلى وهى تضع الحاسوب أمامها وتضع القابس في المقبس المُجاور 
-الأستاذ فين ؟؟ أنا ظبط كُل حاجة وكمان في ناس ححزت .

اتسعت عينها بقوةٍ وفرحة في نفس الحال وأسرعت خطواتها لتجلس بجانبها وقالت 
-بجد والنبي ؟؟؟ يعني هيبدا شُغل من بكرة .

هزت رأسها الأخرى بفرحٍ مثلها 
-ايوه كُل حاجة اتظبطت ،وكمان ناس كتير أوي حجزو مش مصدقين إن نوح عبدالعظيم الباشا اللي هيدي الكورس بنفسه .

وقفت سريعًا وهى تشُم رائحة تعرفها جيدًا وهرولت إلى المطبخ  وقالت 
-يا خرابي الأكل اتحرق .

أغلقت النار بسرعة ،وأمسكت معلقة خشبية ترى إلى التصق الطعام بأرضية الإناء أم لا .

لكن لم يلتصق،ثوانٍ ورصت  الطعام على صنية كبيرة ،وملئت دلو الماء .

وخرجت وضعتها على الطاولة وهى تقول 
-يلا يا ليلى سيبي اللي في ايدك وتعال ،نوح يلا علشان الأكل 

تحدث من الداخل وهو يقول
-مش جعان ،كلو أنتم وأنا هخلص وأجي .

غمرها شُعور بالعجز أمام عناده وتبدلت ملامحها بملامح خيبةٍ خفيفة ،ثم خطت نحو الغُرفة ،دلفت وجدته يرتدي كنزته ثم يُصفف شعره .

عقدت يدها أمام صدرها مُتسائلة 
-أنت اكلت بره يا نوح ؟؟

ظل متحفظًا ببروده وقال
-لا بس مليش نفس .

ردت مُتسائلة مرة أخرى 
-يعني ايه ملكش نفس ؟؟؟ الساعة داخلة على ٦ المغرب وأنت بره من بدري معرفش كُنت فين ،وبتقول ماكلتش وجاي تقولي ملكش نفس ؟؟؟ في اي يا نوح مالك .

هتف بنبرة أكثر حدية 
-في اي يا موج ؟؟ أنتِ هتردي كلمة بكلمة ،وبعدين قولتلك مش جعان خلاص 

ردت  بنبرة غاضبة لكن مليئة بالزعل 
-أحسن ،متاكلش ،خليك كدة .

خرجت وهى تغلق باب الغُرفة بقوة ،كاد أن يخلع من مكانه .

مسح على وجهه بهدوء وهو يزفر ،وقال
-استغفر الله العظيم يارب ،طب هيا مالها اتنرفز عليها ليه .

خرج خلفها سريعًا ،وجدها جلست بجانب ليلى وقامت بسكب  المكرونة في الطبق، ورتّبت إلى جوارها قطع الدجاج المقلية، ثم قرّبت إليها طبق الثومية والسلطة برفق.

قام بشد المقعد المُجاور لها وهى يغمر بطرف عينه إلى ليلى التي فهمت سريعًا وقالت 
-فين الطبق التالت يا موج ،معملتيش حساب نوح 

ردت  بصوتٍ هادئ ،وهى تُدوَّر المكرونة على شوكتها 
-قال مش جعان .

جلس وهى يأخذ منها الشوكة يضعها في فمه مُستمتع بطعمها وقال
-مش لازمني طبق هاكل أنا وحبيبي سوا ،ولا اي 

مدت يدها تلتقط شوكة أخرى وفعلت مثل سابق وقبل أن تضعها في فمها قالت ببرود وهى تُريد غرز الشوكة في إصبعه 
-براحتك كُل يلا .

.................
في المبنى الذي يسكن به مُعتصم ......
كان يجلس يضع انامله على جبينه ،يتذكر كُل شيء حدث عندما رأى نوح 
"عـــــودة للمـــاضــي"
"منذ ثماني سنوات"
كان يجلس نوح بجانب مُعتصم يقوموا بعد المال ورقة ورقة ،الإبتسامة لا تُفارق وجههم .
تحدث نوح وهو يضع أخر ورقة على الأخرى 
-كده ١٠ الف جنية واللي معايا اللي جاي بيهم من أسكندرية يعملوا ١٠ زيهم ،كده نقدر ندفع الفلوس ونسافر صح كده .

رد مُعتصم وهو في حيرة 
-الأول كان كُل همنا نجمع فلوس ،دلوقتي هنروح سويسرا نعمل ايه يا نوح ؟ وهنعيش إزاي وهنروح على مين أصلا ؟ 

رد عليه نوح 
-بص كان عندي بنت زي أختي كده بكلمها وهيا في سويسرا عايشه هناك تقريبًا هيا دلوقتي عندها ١٨ سنة أصغر مننا ب ٤ سنين ،بس دماغها حلوة أوي وكمان بره بيشتغلوا من صغرهم حتى لو حاجة بسيطه بس أنا مكلمتهاش من ساعة ما قفلت تلفوني وغيرت كُل حاجة علشان أهلي مايعرفوش ليا مكان، بس أكيد هعرف أوصلها معايا اسم الأكونت بتاعها،اشرب الشاي لحد ما أشوف 

أمسك معتصم كوب الشاي بين يديه بهدوء، يراقب بخارَه المتصاعد وهو ينساب في الهواء، ارتشف رشفة صغيرة، ثم رفع نظره إلى نوح، الذي كان قد انشغل تمامًا بهاتفه.

جلس نوح في صمت، أصابعه تتحرك سريعًا فوق الشاشة، يتنقّل بين الصفحات والحسابات القديمة، كأنه يحاول إعادة وصل خيوطٍ انقطعت منذ زمن. 

مرّت دقائق طويلة، لم يُسمع فيها سوى صوت ارتشاف الشاي بين حينٍ وآخر، وصوت نقرات خفيفة على شاشة الهاتف.

وأخيرًا، توقّف نوح فجأة، اتسعت عيناه قليلًا، وابتسم ابتسامة خفيفة وهو يقول بصوتٍ يكاد يُسمع
-لقيتها .... لقيتها ليلى جورج 

رفع معتصم حاجبيه في دهشة، ووضع كوبه برفق على الطاولة أمامه، ثم قال
-متأكد إنها هيا؟؟ هيا مسيحية

أومأ نوح برأسه ببطء، وبدت في عينيه لمعة غريبة بين الدهشة والحنين، قبل أن يضيف بصوتٍ خافت
-هيا ، هيا ليلى ،اه مسيحية بس بنت لطيفة أوي اينعم لما عرفتها كانت عندها ١٤ سنة بس هيا مهاجرة برة مصر من سنين وكانت بتحب تسالني عن مصر ومتابعة شغلي اللي كنت بعمله بس ما شاء الله كبرت اهي .

لم يهتم مُعتصم بالحديث كثير كُل إهتمامه المُساعدة منها ،هتف 
-طب ما تبعتلها مستني ايه .
توقف نوح لحظة، يحدّق في الشاشة، يفكر إن كان من الصواب أن يفعل ذلك الآن. 
مرّت في ذهنه صور قديمة، وضحكات بعيدة، ثم تنفّس بعمق، وضغط زر التسجيل.

خرج صوته عبر الهاتف بنبرة تجمع بين الارتباك والقلق :
– إزيك يا ليلى ..... أنا نوح، نوح الباشا اللي كان بيكلمك زمان... اللي كان بيصمم حاجات دايمًا، فاكرة؟

أرسل الرسالة، وألقى الهاتف على الطاولة كمن أنهى خطوة ثقيلة،ظلّ معتصم يراقبه في صمت، بينما الوقت يمرّ ببطء.

لم تمضِ سوى لحظات قليلة حتى لاحظ نوح حركة على الشاشة ،كانت قد رأت الرسالة،نظر إلى معتصم الذي لم يقل شيئًا

وفجأة...
اهتز الهاتف بين يديه، وظهر على الشاشة إشعار بالاتصال منها 

حدّق نوح في الشاشة مذهولًا، نظر لمعتصم، ثم إلى الهاتف من جديد، وصوته خرج همسًا بدهشة:
– دي بتتصل...

رد عليه مُعتصم سريعًا 
-رد ياعم  أنت لسه تنصدم ،خلينا نشوف المصلحة .

ضغط نوح على الزر ليجدها ظهرت أمامه على الشاشة وهى تكون بفرحة كبيرة 
-نووح ..... نوح.... بجد i miss you so much ،كل دا يا نوح قفلت كتير نوح ،واللهِ كُنت  عاوزه أنزل مصر ادور عليك 

قهقة نوح عليها وتحدث وهو سعيد 
- العربي بتاعك بقى تُحفة يا ليلى فين أيام ما كُنتِ بتقوليلي أنتِ يابت 
ضحكت على حديثه وبدأو في الحديث واستمعت ليلى له ،وماذا حدث معه منذ مُغادرة منزله من أربع سنوات ،ومُعتصم يُتابع الحديث من بعيد .

"عودة للحاضر"
تذكر كم كان يستمع إلى صوت ليلى لأول مرة ،وعلاقته بنوح وعملهم طوال أربع سنوات لتجميع المال .
فاق على صوت دق على الباب،وقف عن الأريكة فهو ظل مكانه من لحظة مُغادرة نوح ،اتجه ناحية الباب وقام بالفتح ،وجد سُليمان امامه يقول 
-نوح كان بيعمل اي عندك يا مُعتصم ؟؟، 

قطّب حاجبيه بغرابة وقال
-احنا فينا من الشغل دا يا سليمان ولا ايه ؟؟؟ بتراقبني !

تحدث سليمان وهو يُغلق الباب 
-الشغل مفهوش حدود يا معتصم ،نوح بيعمل اي هنا 

رد ساخرًا 
-لازم ميبقاش في حدود ،علشان شُغل و**خ،ونوح كان هنا ليه أنا نفسي معرفش ،حد وقعد يخبط ولما مردتش رن عليا سمع صوت التلفون فا كتر خيره بقا ابن حلال مصفي أوي كسر الباب لاقني أغمى عليا بسبب السكر وفوقني ومشي .

رفع سبابته محذرًا ،وقال
-عارف لو كُنت بتكدب يا..

قاطعة بنبرة قوية وقال
-مبكدبش يا سليمان ومش معتصم اللي يخاف يعني وبعدين زيارتك مش مسموح بيها اتفضل علشان عاوز أنام نتقابل يوم العملية ،حدد وابعتلي المكان وعلى فكرة رامي واقف على الشغل معانا .

لمعت عين سليمان بفرحة وقال
-بجد وافق إزاي ؟؟؟ 

-إزاي دي شغلتي أنا ،يلا مع السلامة 

..............

في منزل نوح...
كان يجلس يستمع إلى حديث ليلى بدقة ،كانت تشرح له طبيعة العمل وموج تجلس تستمع هى الأخرى.
بعد أنتهاء الحديث ،أخرجت ليلى ظرف كبير وضعته أمامه وقالت 
-أول دفعة 

عقد حاجبه قائلًا 
-دفعة اي !!! أنتِ كمان خدتي الفلوس مُقدم ؟؟ 

ردت بثقة 
-طبعًا وهما واثقين جدًا كمان ،ودفعوا وهما مبسوطين عارف يعني اي أقولهم إن نوح الباشا هيدي كورس والكورس مودته شهر ونص ب ٥٠٠٠ جنية يعني كمان هما هيخلصوا وهيحتاجوا يكملوا ،وأكيد ي نوح هتلاقي فيهم ناس موهوبة لما ترجع كُل حاجة يمكن تختار منهم ناس تشتغل معاك ،وبعدين احنا هنجرب مع عشرة بس .
استمع نوح إلى كلامها وهو لا يزال مستندًا إلى مقعده، يرمقها بنظرة يغلب عليها التفكير أكثر من الاعتراض. 
ساد الصمت للحظات، كأنه يوازن الأمور في ذهنه، ثم قال بنبرة هادئة
-تمام يا ليلى... طالما همّ مقتنعين كده، نبدأ بالتجربة. عشرة كفاية كبداية، ونشوف هيطلع منهم إيه

ابتسمت ليلى ابتسامة رضا وقد شعرت بأنها نجحت في إقناعه، وقالت بخفة ظلها المعتادة
-هو  كده الكلام، وأنا متأكدة إنك لما تشوف الناس بنفسك هتغير رأيك كمان.

ضحك نوح بخفة وقال
-نشوف يا ست ليلى... بس ما تورطينيش بحد مش قد الكلام.

وقفت ليلى تجمع أوراقها وأشياءها، وقالت وهي تتجه نحو الباب
-ولا يهمك يا باشا، كله متظبط. أنا هكلمك بكرة أظبطلك المواعيد.
ثم قالت لموج 
-هتعوزي حاجة 

ابتسمت موج قائلة
-تسلميلي ،خلي بالك من نفسك .

أومت  برأسه،وخرجت من المنزل ،أُغلق الباب خلفها حتى ساد الصمت من جديد، وأطلق نوح تنهيدة خفيفة، كأنه يستعد لمرحلة جديدة لا يدري إن كانت ستنتهي بالنجاح أم بالخيبة.

جاء ليتحدث لكن نظرت إليه ، واتجهت ناحية الغُرفة، همس لنفسه 
-نكد الجواز بدأ.

دلف خلفها وأغلق الباب ،وقال 
-مالك 

جلست على الفراش ثم رفعت الغطاء لتضعه على وجهها وتقول 
-مفيش 

ضرب كف على كف وقال 
-موج بلاش قمص 

هبت واقفه عن الفراش وقالت 
-قمص؟؟؟ أنا مقموصة يانوح ؟؟ مهو حقي لما جوزي يكون من الصبح برة وراجع المغرب وكلامه واقف كده وكمان مرنش عليا طول اليوم يبقى دا ايه يا أستاذ ؟؟؟؟ 

نظر إليها بعينين يملؤهما الندم والحنين، وصوته هذه المرّة كان هادئًا، صادقًا، يحمل في نبراته رغبةً خفيّة في إصلاح ما انكسر،ثم قال مبتسمًا 
-يبقى أكيد كُنت بعمل حاجة ومشغول ولما أجي هحكيلك ،بس حقك عليا بجد أنا كُنت مدايق أوي وفعلًا أنا اتنرفزت عليكٍ وأنتٍ ملكيش ذنب .

رمقته بنظرةٍ جانبيّة، ما زال في عينيها أثر العتاب، غير أنّ ملامحها بدأت تذوب شيئًا فشيئًا. 
وبعد لحظة صمتٍ قصيرة، ارتسمت على شفتيها نصف ابتسامة خجولة، تحمل في طيّاتها الموافقة

مدّ يده إليها بخفّة، فاقتربت منه فضمّها إلى صدره عناقًا صادقًا أنهى ما تبقّى من البعد بينهما ثم قال ضاحكًا
-تعالي بقى نبدأ صفحة جديدة… على قد كوب آيس كوفي محترم

دخلَا سويًا، هو يُحضّر المكوّنات على عجل، وهي تضحك عليه كلما أخطأ في مزج السكر بالحليب وبينما كان يهمّ بصبّ القهوة في الكوب، قالت مبتسمة
-بس الفيلم الأجنبي لأ… النهارده عايزة مسلسل تركي

ضحك وقال
-طيب خلاص، بس اختاري مسلسل ما يكونش فيه ١٠٠ حلقة!،علشان حلقة بتجر حلقة 

أجابته وهى ترفع حاجبها بمزاح 
-ما بوعدكش يا نوحي 

بعد الأنتهاء من عمل المشروب ، جلسا معًا على الأريكة، يحمل كلٌّ منهما كوبه والأنوار خافتة، والمسلسل يبدأ بموسيقاه الهادئة.

ضحكات خفيفة تتسلل بينهما، وحديث جانبي لا يخلو من الدلال والرومانسية.
وهكذا انقضى اليوم؛ بهدوءٍ ودفءٍ يشبهان تصالحًا صادقًا لا يحتاج إلى كثير من الكلام





تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة