
بقلم ندا الشرقاوي
-متجبيش سيرته الخاين الخسيس عد"يم الشرف
وبعدين اتجوزه إزاي وأنا
مــســيــحــية..........
فتحت فاها من الصدمة ،لم يكن لديها علم أن ليلى تنتمي للديانة المسيحية ، صُدمت فقط ،عم الصمت على المكان وكانت مازلت ليلى تَنظُر إليها مُبتسمه ،وهى ترى دهشتها عندما علمت بديانتها ،لكن استطالت موج في صدمتها ،حتى شَعرت ليلى بالإحراج فهمست بهدوء
-موج!.... هو أنا دايقتك في حاجة ؟ هو أنتِ عندك مُشكلة في ديانتي !.
أسرعت موج في الحديث وهى تلعن غباءها وصدمتها في نفس الحال
-لا يا حبيبتي متقوليش كده ،دي ديانتك محدش ليه علاقة بيها ،بس اتصدمت مش أكتر .
بدأت ليلى تفرك يدها في بعض من صدمة موج ،لكن أدركت انه حقها ،وقالت
-أنتِ مصدومة صح ؟ على فكرة عارفة إنك هتقولي إن عادي مُسلم يتزوج من مسيحية ودا صح في دين الإسلام ،لكن مسلمة لا يجوز ليها التزوج من مسيحي ،علشان الأطفال بيتبعوا ديانة الأب مش الأم .
ابتسمت الأخرى وتحدثت
-طب بدل ما أنتِ عارفة كدة ،لية مش موافقة على الجواز من معتصم .
سكتت قليلًا وبدأت تنظر إلى الأركان لا تدري ماذا تقول لكن تمتمت
-بُصي مش فكرة رافضة فكرة إني مش واثقة إني لسه مش عارفة أخد الخطوة،عارفة يعني أي تتجوزي حد أنتِ ديانة وهو ديانة مش تقليل ولا حاجة ،لكن كأنك بتجيبي سمكة تحطيها في صحرا والعكس صحيح ودي وجهه نظري الشخصية وعارفة كمان إن سيدنا مُحمد تزوج من السيدة ماريا القبطية ،لكن اللي ميفرقش بين مُسلم ومسيحي الخيانة يا موج
أخذت نفس عميق واستطردت الحديث
-أنا مش ضد الإسلام، بالعكس.. أنا قريت كتير عنه، يمكن أكتر من ناس مسلمة نفسها، وأكتر حاجة شدتني فيه هي التسامح،فاكرة آية بتقول (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)حسّيت إنها مش مجرد كلام، دي روح دين كامل بيقولك اختار بعقلك وقلبك، من غير ضغط ولا خوف.
مدت يدها تلتقط كأس الماء لترتشف منه القليل وأكملت بنبرة هادئة تحمل وراءها وجعًا دفينًا
-عرفتي إني معنديش مشكلة بس مشكلتي في مُعتصم نفسه ،على فكرة أنا أكيد هيحصل مواجهه كبيرة جدًا في فكرة إني اتجوز واحد غير ديانتي بس على اتم استعداد إني اواجهه إلا إني اتجوز واحد كداب وخاين .
كانت موج تتابعها في صمت، وفي داخلها شعور بالسعادة يغمرها؛ ترى أمامها فتاة ناضجة تعرف ما تريد، لا تخاف من الناس بقدر ما تخاف أن تخسر نفسها،ابتسمت موج بخفة وقالت وهي تميل برأسها قليلًا
-يمكن عشان كده ربنا بيحب القلوب اللي صافية، اللي بتختار الصح حتى لو الطريق صعب
رفعت ليلى عينيها نحوها مبتسمة ابتسامة صغيرة، لكنها مليئة بالامتنان، وقالت بصوت خافت
-يمكن... يمكن ربنا بيختبرنا في الناس اللي بنحبهم، علشان يعرف إحنا بنختار بعقلنا ولا بقلوبنا
ساد الصمت من جديد، لكن هذه المرة كان صمتًا مريحًا، يشبه سكون ما بعد العاصفة
رن جرس المنزل ،وقفت موج وهى تقول
-اهو الأستاذ شرف يارب يكون جايب أكل حلو بقا كده
ابتسمت ليلى على مشاكسة موج ونظرت لها وهى تراها مُتجهه ناحية الباب ،قامت بالفتح وجدته يمسك الأكياس يضعها على وجهه ويقول بمزاح
-أنا مين
هتفت ضاحكه
-ادخل يا حبيبي بدل ما حد من الجيران يشوفك يقولوا علينا اي
دلف وهو يدعي الغضب وقال
-ملكيش في الطيب نصيب أنتِ ،جبت شوية كباب وكفته وفراخ مشوية ايه تُحفة من مطعم جمبنا هنا .
وضع الأكياس على الطاولة ،وتنهد بخفة بعد ما جلبها جميعًا،ودلفت موج سريعًا إلى المطبخ،يعلو وجهها الحماس وهي تحمل الأواني في يديها، فوضعتها برفق على الطاولة التي بدأت تفوح منها روائح الطعام الشهية حتى قبل أن تُفتح الأكياس.
بدأ نوح يفتح كيس تلو الأخر، وكلما أخرج طبقًا ازداد المكان دفئًا بالحياة.
تصاعد بخار الطعام في الهواء ممزوجًا برائحة التوابل، فتراقصت في الأنفاس وأيقظت الجوع في النفوس.
الألوان الزاهية للأطعمة كانت تُبهج العين قبل أن تبهج الذوق الأرز الذهبي، والصلصات الحمراء، وقطع اللحم التي تتلألأ تحت الضوء بالكثير من الطرق المصنوعة منها.
ابتسمت موج وهي ترتب الأطباق في انسجام، وقالت ممازحة
-واضح إن القاعدة على السُفرة هتكون صباحي ،الأكل شكله يشهي فعلًا .
ابتسم نوح لها ومد يده يُجلب قطعه من الكُفتة يضعها في الطحينة ثم مدها إلى فاها وقال
-بالهنا والشفا يا حبيبي
ثم وجهه حديثه إلى ليلى قائلًا
-متقوليش إنك مكسوفة يلا يا ليلى أنتِ بقالك سنين مكلتيش أكل مصري .
ابتسمت ليلى وخلعت عنها سترتها وتقدمت وهى تقوم بسحب أحد المقاعد لتجلس قائلة
-لا أنا هتعامل متخافش.
...................
في الجهه الأخرى .........
أمام أحد المساجد الواقعة في شارع ملك حنفي،خرج رَجُل في أوائل الستين من عُمره ،يتوكأ على عصا ،يسير بمحاذاة الحائط ،مُتجهًا نحو منزله بعد ما أتم صلاته في المسجد .
خرج خلفه علي ،أسرع في إرتداء حذائه على عجله ،ثم اتجه نحو وهو يُنادي بصوتٍ مُرتفع قليلًا حتى لا يُلفت الأنظار
-عم كامل .....عم كامل
وقف الرَجُل واستدار له قليلًا ،ثم رفع أنامله ليُعدَّ نظارته وقال
-مين؟؟؟
دقق في النظر إليه أكثر حتى قال
-علي ؟؟؟ علي ابن نعيمه .
أوما له علي براسه وتقدم منه ،مد يده يمسك كفه ليُقبله قائلًا
-عامل اي يا عم كامل ،ليك وَحشه واللهِ.
رتب على منكبيه وابتسم ابتسامة خفيفة، قبل أن يقول بنبرةٍ يغلبها الحنان والمزاح وقال
-الحمد لله يابني ....فينك كده؟ روحت قولت عدولي ،أوعى يا ولا تكون اتجوزت وحده من بلاد بره ؟؟
ابتسم علي حتى بدت انيابه الضاحكة وهزّ رأسه نافيًا، وقال وهو ما يزال يبتسم
-لسه يا عمّي، مفيش جواز ولا حاجة... كنت مشغول شوية بس، والدنيا خدتني،بس رجعت علشان أكمل نصي التاني
ابتسم الرجل ابتسامة أكثر دفئًا، وملامحه انفرجت كأنها تذكرَت أيامًا مضت، ثم قال في هدوء
– أهم حاجة إنك بخير يا بني... الدنيا بتجري، بس الأصول ما تتغيرش، ربنا يرزقك ببنت الحلال يارب .
رد وهو ينظر إليه بخبث
-ما بنت الحلال موجودة بس في عائق في النص عاوزين نزيحه
عقد العجوز حاجبه وقال في دهشة
-خير يا بني مين بنت الحلال ؟لو نصيبك هتاخده يا علي .
رفع علي يده يعدل سُترته وهمس
-نصيبي يا عم كامل بس نقول ايه بقا ،ما علينا عم كامل بنت الحلال تبقى أميرة بنتك.
اتسعت عين عم كامل بدهشة خافته، وبقي صامتًا لثوانٍ كأنه يحاول التأكد مما سمعه.
ارتسمت على وجهه ملامح حيرةٍ وشيء من الذهول، ثم قال بنبرةٍ مترددة
-أميرة بنتي؟؟؟ إزاي يا علي؟ بس أميرة فرحها كمان شهرين .
خفض علي بصره إلى الأرض، يعبث بأطراف سترته في توترٍ واضح، ثم زفر ببطء كأنه يُلقي ثقلًا من صدره، وقال بهدوءٍ موجع
-بس محصلش نصيب عادي جدًا ميحصلش نصيب ،كتر من العرايس بتفركش قبل الفرح بأيام مش شهرين يا عم كامل
-وأنا مش موافقه يا علي ،هو الجواز بالغصب
كان ذلك صوت أنثوي مميز يعرفه علي جيدًا، لكن لم يلقي اي رد فعل وجهه حديثه إلى الرجل مرة ثانية وقال
-راجع كلامي يا عم كامل وأظن أنا أولى ببنت حتتي من الغريب ولا اي
انهى كلامه وهو ينظر إلى أميرة بكُل برود وغادر .
اقتربت أميرة من أباها وأمسكت بيده وقالت
-يلا يا بابا نروح ،علشان دا مجنون .
...............
بعد إنهاء الطعام …..
جلسوا جميعًا يحتسوا الشاي ،كانت ليلى سعيدة بمعرفة موج والعكس .
تحدثت ليلى وهى تضع الفنجان على المنضدة
-نوح أنت ناوي على ايه ،أنت قولت إنك معاك حوالي ٢٢٠ الف صح كده ؟
انتبه نوح لها ورد
-ايوه دا المبلغ اللي معايا
ردت بكُل حكمة
-طب المبلغ دا لو اتحط في البنك هيجيب فلوس كويسة أوي ،اي رايك .
صمت نوح لثوانٍ ثم قال
-عارف يا ليلى بس أكيد مش هقعد استنى اللي هيجي من البنك ،أنتِ عرفاني مبحبش القاعدة والأيد اللي مش شغاله مش حلوه.
تحدثت موج سريعًا وهى تصفق من الفرح
-جالي فكرة تُحفة .
مظر إليها نوح بغرابة ليقول بصدمة
-ربنا يحميكي من الهبل يا حبيبتي،قولي
عبثت في نظراتها لكن لم ترد الأن بدأت في شرح فكرتها
-نوح أنت معروف جدًا وأكيد السوشيل ميدايا دلوقتي هتتقلب عليك لما يعرفوا إنك مبقتش نوح الباشا اللي هما يعرفوه ،نوخ أنت هتدي كورسات تعليم التصميم،وكمان أنا عرفت من ليلى إنها هيا اللي كانت بتسوق وماسكه جميل الصفح بتاعتكم في سويسرا ،يعني تقدروا تعملوا شُغل هنا كويس وبالذات لو واحد زيك ليه مركزة واسمه مسمع بره مصر ،ولما تعمل كورس كمان بفلوس تعتبر رمزيه خالص دا هيخلي الكلام عليك كتير وفي نفس الوقت هيتطلب شغل كتير.
كان يُنصت إلى حديثها بدقة؛ فكل ما تقوله صحيح، وفكرتها جديدة، ويظنّ أنه لا يوجد أي مصمّم عالمي قد نفّذ مثل هذه الفكرة من قبل.
وهكذا سيتمكّن من متابعة مهنته، وفي الوقت نفسه يكسب المال لمنزله.
أُعجب بتفكيرها وبحرصها عليه، فهي تريد مصلحته وتفكر فيه دائمًا
قامت ليلى بالتصقيف بحرارة وقالت
-فكرة تُحفة تستاهلي عليها مليون جنية
ابتسمت موج ونظرت إلى نوح وقالت بحنو
-معايا الأحسن من المليون .
رد لها الابتسامه وهو سعيد في داخله .
هتفت ليلى
-خلاص احنا من بكره نبدا وأنا لما أروح هنزل الإعلان ،بس في مشكلة هياخدوا الكورس فين!؟؟
ردت موج بكل هدوء
-هنا في البيت
هز نوح رأسه دلالة على الرفض
-لا يا موج مينفعش إزاي الشغل يكون هنا ،اي هكتم على نفسك وأنتِ في بيتك ،لا هنشوف مكان تاني .
ردت بكُل عقلنية ووضوح تُحاول أن تُقنعه
-يا نوح افهم ،لو اجرنا مكان هياخد فلوس كتير واحنا محتاجين الفلوس،بص طب نبدا ٣ شهور في البيت هنا ولما الحال يظبط تعمل ورشة خاصة بيك ،هااا اي رايكم
همست ليلى مؤكدة حديث موج
-الصراحة عندها حق ،خلاص بقا يا نوح وافق .
هز رأسه بيأس منهم ومن إصرارهم عليه ووافق في النهاية .
………….
انتهى اليوم على الجميع؛
منهم من يضع رأسه على الوسادة مطمئنًّا،
ومنهم من يؤلمه قلبه ويُرهقه التفكير حتى يغوص في النوم
………….
في الصباح الباكر…
استيقظت وهي تُحاول تفتيح عينيها من أثر النُّعاس، نظرت بجانبها فلم تجده، فتملّكها شعور غريب من القلق.
جلست على حافة السرير، تنفّست بعمق، ثم قامت لترتدي رداءها وتستعيد شيئًا من حيويتها.
وما إن بدأت تتحرك حتى انقطع النور فجأة، فتوقّفت في مكانها لحظة تتأمل الظلام الذي غمر الغرفة.
فكّرت أن تفتح باب الشقّة لترى هل انقطع التيار عندها فقط أم في العمارة كلّها!!!.
التقطت خمارها بخفة، وضعته على رأسها، وتقدّمت بخطوات حذرة نحو الباب،قامت بفتح الباب لكن صرخت فجأة
-اااه