رواية بنات ورد الفصل الرابع العشرون 24 بقلم رشا عبد العزيز


رواية بنات ورد الفصل الرابع العشرون 24 بقلم 
رشا عبد العزيز



لم يعد يشعر بالوقت ولا وجود للحياة بدونها ، أصبحت أنفاسه ثقيلة يشعر انه يختنق لقداكتفى من هذا الجفاء

ونفذ صبره فلقد تملكه الاشتياق خمسة عشر يومًا بعيدًا عنها كأنها كانت خمسة عشر سنة تهرب من مواجهته

كلما لاح طيفه امامها هربت نحو غرفتها وأوصدت الباب أعتصره قلبه عندما رآها  منذ يومين وجهها شاحب

والهالات السوداء تحيط عينيها الجميلة التي ذبلت من شدة البكاء ، كان يود أن يركض نحوها ويأخذها بين أحضانه لكنها سبقته ودخلت الغرفة قبل أن يصل إليها لقد أخطأ عندما ظن أنها طيبة وتسامحه بسرعة لكن يبدو أن الطيبين

خصامهم عنيد وإرضائهم متعب لكنه اليوم يمتك حجة ليحادثها وقف أمام غرفتها كما يفعل كل يوم يناديها

-هدى …هدى …أنت سمعاني عاوز أتكلم معاكِ

لكنها لم ترد عليه زفر أنفاسه بيأس فقد تعود منها على عدم الرد

-هدى…هدى أرجوك أنا عارف أنك سمعاني افتحي الموضوع يخص شمس لازم تسمعيني

سمعت أسم شقيقتها ليتملكها الخوف وترددت في فتح الباب حتى سمعته يقول

-ياهدى الموضوع ضروري فارس كلمني خمس مرات لحد دلوقت

اقتربت من الباب بخطى مضطربة لاتعلم لماذا علي الذي كانت تتمنى رؤيته وتعشق نظرة عينيه

اليوم تشعر أن هناك جدار سميك بينه وبينها لاتريد أن تواجه تلك العيون التي خذلتها
وقفت خلف الباب واخرجت أنفاسها المضطربه دفعة واحدة

-نعم عاوز أيه أنا سمعاك

أغمض عينه يكتم غضبه منها ليقول بنبرة حادة

-أفتحي الباب عشان أتكلم معاكِ

لكنها لم تفتح الباب رغم طرقه عليها بعنف لتخرج شياطين غضبه وصرخ بصوت أجفلها

-أفتحي الباب والا أقسم بالله أكسره

قالها متزامنًا مع طرقه العنيف على الباب
ابتلعت ريقها بخوف واقتربت من مقبض الباب تفتحه ببطئ توقف عن طرق الباب عندما سمع صوت المفتاح

لتفتح الباب وتقف امامه بوجه جامد ، صمت يحدق بها يا  إلهي كم أشتاق لها ليتحول غضبه للهفة كاد ان يتقدم نحوها ويحطم هذا الجفاء ويخذها بين احضانه يطفئ شوقه لها لكن جمودها جعله يتسمر مكانه ويكابر

-فارس عازمنا بكرة على العشا عاوز يعمل مفاجئة لشمس فى عيد ميلادها وعاوز دا يكون سر بينا

أنتظر ان تجيبه لكنها هزت رأسها بالموافقة فقط

-هنروح بكرة سوى الساعة سبعة

يسألها كأنه يريدها ان تتحدث ولو بضعة كلمات تؤكد له ذهابها معه على اقل تقدير لكنها أومأت مرة أخرى دون ان تنطق كلمة ، استدار بقلة حيلة بعد ان يأس من إجابتها وتحرك بضعة خطوتات ليسمعها تقول:

-أنا ماحكتش لخواتي أي حاجة ياريت نتعامل قدامهم طبيعي عشان ميحسوش بحاجة

ابتسم فهذا مبتغاه واستدار ليخبرها انه موافق لكنها دخلت وأغلقت الباب قبل ان تسمع جوابه

لينظر للباب المغلق مبتسماً فربما تكون فرصة له لإذابة الجليد بينهم

********************************

تفاجأت من تلك الدعوة فلم تجد لها سبب رغم انه اخبرها ان علي أصر عليه لحضور العشاء مع ندى التي سبق ووجه لها الدعوة

جلست بسعادة تتجاذب الحديث مع شقيقاتها ورغم انها احست بوجود خطب ما لكنها لم تفهم مايحدث

كان علي يختلس النظرات نحو هدى التي غطت وجهها بطبقة سميكة من المكياج تخفي شحوب وجهها و

أثار تلك الهالات التي شوهت وجهها

-أيه لسة متخاصمين ؟ عينك هتاكلها يابني خف شويه وخليك طبيعي

قالها فارس وكتم ضحكاته وهو يرى حنق علي الذي التفت نحوه ينظر له بضيق

-طلع زعلها صعب اوي

رددها بضيق وحسرة ليهمس له فارس بما جعله يضحك بصوت واضح

-يخرب بيتك خوفتني إذا كان هدى الهادية زعلها صعب امال شمس لوزعلت هتعمل أيه؟

ربت علي على قدمه واصطنع الحزن مازحًا :

-يبقى الله يرحمك يا أبن الجوهري

-ربنا يطمنك يا أبن عمي

قالها فارس قبل ان ينفجر الاثنان بالضحك الذي جذب أعين الفتيات نحوهم باستفهام

-ماتضحكونا معاكم

قالتها شمس بأمتعاض ليجيبها فارس

-لا دا علي بيقولي نكتة

لتلوي شفتها وهي تردد الكلمة بأستهزاء

-نكتة

ازدادت حيرتها عندما رأت النادل يدنو منه ويهمس بأذنه ليومئ له فارس فهمت ندى مايحدث لتنهض من مكانها بجانب شمس وهي تقول:

-فارس ممكن تقعد مكاني  أنا مش مرتاحة في الكرسي دا

غير فارس مكانه وهو ينظر لندى بأمتنان لتبتسم خلسة

استغل علي  جلوسه جانبها يرفع يده يحيط كتفيها بيده ويضمها اليه لتنظر له بحنق محاولة الابتعاد لكنه همس لها

-أي مش لازم نمثل أننا مبسوطين 
لتنظر له نظرة مستنكرة تستهجن حديثه وتصرفه

انحنى فارس نحوها هامسًا وعينيه تدور في المكان

المكان جميل صح؟

التفتت نحوه تهز رأسها بموافقة

-أيوة جميل وهادي حتى الموسيقى كلاسيكية وهادية لكن عينيها اتسعت بدهشة عندما تغيرت الموسيقى إلى احدى أغاني عيد الميلاد الصاخبة وجدت النادل يحمل كعكة عيد ميلاد ويتبعه مجموعة من زملائه

ليضع الكعكة أمامها ويشعل الشموع اتجهت عينيها نحو هدى وندى  بحيرة واستفهام لتجدهما تبتسمان وتصفقان ترددان  أغنيه عيد الميلاد يشاركون طاقم العمال الذين وقفو ملتفين حول الطاولة يرددون الأغنية التفتت نحوه لتجده يفعل كما يفعلون حتى انتهت الاغنية ليشير الجميع لها ان تطفى الشمع لا تعلم ماهي المشاعر التي احست بها فهي لم تشعر سوى بالدموع تتراكم في عينها لتمسحها وتبتسم تنفخ على الشموع لتنطفئ ويصفق الجميع لها بحرارة

رفعت رأسها لتجد الموظفين يرحلون بعد شكر فارس لهم التفتت نحوه ولازالت الدهشة مرتسمة على وجهها لكن دهشتها تحولت عندما وجدته ينحني نحوها يمسك رأسها بين يديه ويقبل جبينها

-كل سنة وأنت الشمس الي منورة دنيتي

ليبتعد ويخرج علبة  يخرج منها سلسلة تدلى منها  قلب ليمد يده يحيط رقبتها به ويلبسها إياها

-كل سنه وانت طيبة ياشمسي

خفق قلبها بقوة وأضطربت بفرح فكل شي يفعله يجذبها نحوه ويجعله يكسر أسوار ذلك القلب العاصي رويدًا رويدًا

مد يده يمسح دموعها بأبهامه ويلومها

-بتعيطي ليه ياحبيبتي ؟

رغم ان كلامه كان همسًا إلا أنه جعل ندى وهدى تنظران احداهما للأخرى بتعجب امتزج بالفرح وهم يرون اهتمام فارس بشقيقتهم التي ظلت تحدق به وهو يمسح دموعها ويهمس لها بكلمات تجعلها تبتسم بحرج وتسبل أهدابها بخجل

اقتربت منها ندى تعانقها بقوة

-كل سنة وانت طيبة يا مشمش

تبعتها هدى تعانقها وتهمس في أذنها تشاكسها

-شكل الحب ولع في الدرة

دفعتها شمس عنها بضيق لتغمز لها هدى وتبتسم وتكتم ضحكتها وهي تبتعد عنها

عادت تجلس بجانب علي الذي قال يمازح شمس

-ما تقطعي التورتة يادكتورة خلينا ناكل.

ضحت شمس وهي تمسك السكين وتبدا بتقطيع الكعكة وتضع القطع في أطباق خاصة ليستغل هو هذه الفرصة ويقول:

-دكتورة نصيبي أنا وهدى عاوزهم بطبق واحد
لتفعل شمس مثل ماطلب منها واعطته الطبق ليلتقطه منها ويأخذ الشوكة يقطع قطعة

 صغيرة ويقربها من فمها يحاول إطعامها كادت ان تعترض لكنها لمحت عيون شقيقاتها المحدقة بها لتفتح فمها بحنق وتلتقط القطعة بفمها تمضغها بأنزعاج

ليقطع قطعة له ويدسها في فمه متلذذًا

وضعت شمس القطعة الخاصة به وأعطته إياها

-أتفضل يا فارس

تعلقت عيناه بعينها كما تعلقت يدها بالفضاء وأربكتها عينيه التي تخبرها بحبه لها ، ثقل الطبق بين يديها وتلك الكعكة التي كادت ان تنزلق جعلتها تنتبه وتقول متلعثمة

-أتفضل يا فارس

اخذ منها الطبق مبتسًما

-تسلمي يا شمسي

وجنتها التي توردت وقلبها الذي ارتعش جعلها تشيح بنظرها عنه وتدعي انشغالها بطبقها
 
كانت ندى تراقب المشهد من بعيد تدعو لشقيقتها بالسعادة
لتتنهد بحسرة وهي تجد نفسها وحيدة معهم فكل واحدة منهم برفقة زوجها وهي زوجها اعتذر لإنشغاله

كم كانت تود ان يشاركها تلك المناسبات وتفتخر بوجوده بجانبها لكنه بعيد 
مضغت قطعة الحلوى التي رغم حلاوتها لكن مذاقها كان كالعلقم بالنسبة لها

***************************"" 
كان يجلس في مكتبه في الجامعة يراجع بعض الأوراق عندما سمع الطرقات على الباب تطلب الإذن بالدخول ليقول:

-أتفضل

دخلت روان ترتدي فستان جميل وتضع مساحيق التجميل التي تعطيها عمر اكبر من عمرها 
كان مندمجًا في الكتابة عندما سمع صوتها

-صباح الخير يا دكتور

رفع رأسه وخلع نظارته الطبية ينظر لها

-اهلا يا روان

ابتسمت ابتسامة عريضة وسألته مدعية اهتمامها

-أنا جيت اسأل عن البحث بتاعي وأي رأي حضرتك فيه؟

عقد حاجبه يحاول ان يتذكر

-اه افتكرت ثواني

ليفتح احد الأدراج ويخرج ذلك البحث

-اتفضلي أنا عملتلك إشارة وكتبتلك التصحيح  فوق كل معلومة غلط اتفضلي

ادعت الفرح وهي تلتقطه منه تهتف بسرور

-متشكرة اوي يا دكتور

-أنا معملتش حاجة بس أتمنى انك تتأكدي من المعلومة قبل طرحها انت دكتورة وعارفة أن الغلط ممكن يخسرنا روح إنسان

اتسعت ابتسامتها وهي تومئ له موافقة

-حاضر

ثم عاد يخفض عينه يقول لها وكانه يلومها
 بحدة

-أتمنى تهتمي بدروسك عشان لما تدي نصيحة تكوني قدها

رغم، غضبها من كلماته ومعرفتها بمكنونها الا أنه كلما كان باردًا وحادًا معها زاد لديها التحدي لاقتحام حصونه وربما تكون هذه الخطوة جيدة فلقد سمح لها بدخول مكتبه …المنطقة المحرمة  كما يسميها زملائها  ظلت تحدق له فترة من الزمن قبل ان تحمحم بحرج

-احم …حاضر

لتخرج عازمة على إكمال خطتها نظر لإثرها بأنزعاج لكن رغم هذا لا ينكر انها طالبة مجتهدة تذكره بنفسه عندما كان في سنها

******************************

كان يجلس أمامها يتناولون العشاء رغم أنها عادت تحدثه لكن حديثها  بارد لايتجاوز بضعة كلمات

شهر من الجفاء رغم قربها منه لكنها بعيدة عنه ، كم أشتاق لحبيبته أشتاق لحديثهم معاً أشتاق لضحكتها غزلها رقتها. وصوتها العذب أصبحت له الفاكهة المحرمة التي يعشقها و لايستطيع تذوقها

عينيها تهرب من عينيه
طال الصوت بينهم لايكسره سوى أصوات الملاعق التي تحتك بلاطباق كأنها تتحدث بدلًا عنهم

أصابه هذا الوضع بالجزع
ليلقي الملعقة داخل الطبق بأنفعال جعلها تصدر صوتاً أجفلها لترفع نظرها نحوه
فتجد أحتقان وجهه يخبرها بضيق

_وبعدين يا هدى هنفضل كدة لحد أمتى أنا تعبت مش قادر استحمل عايشين مع بعض كأننا اغراب لابتكلميني ولا بتبصيلي

استمرارها بالصمت ضاعف من غضبه ليضرب على الطاولة بعنف جعلها  تغمض عينها بفزع

_ردي عليا متسبينش أكلم نفسي كأني مجنون
حدقت به مطولاً قبل أن تجيبه بهدوء

_عاوزني أقول أيه ؟

نظر لها بدهشة يحاول استيعاب مقصدها وقال:

_تقولي ايه ياهدى يعني أيه تكلميني وأكلمك زي زمان
زمان كنتي بتحكيلي تشكيلي وتتغزلي فيا راح فين كل دا؟

ضحكت بصورة هستيرية أخافته واستمرت دون توقف
حتى استفزته ليصرخ بها

_هدى

توقفت تنظر إليه وتلتقط أنفاسها

_اي مش أضحك على النكتة الي بتقولها ياعلي
هتف بها بأنفعال بعد أن آثار  حديثها غضبه

_انا قلت نكتة يا هدى؟! 

ليكون الصراخ من نصيبها هذه المرة وهي تجيبه

_ايوة نكتة لما عاوزني أرجع زي ماكنت زمان يبقى نكته لما تخذلني و تكسرني وعاوزني أرجع زي زمان تبقى نكتة لما كسرت بأيدك أماني وثقتي فيك يبقى نكتة

بهتت ملامحه و ارتجف قلبه بخوف يسألها بصوت خافت

_وحبنا ياهدى راح فين؟

أتسعت عينيه عندما سمع أجابتها

_أنت ياعلي لفيت حوليه حبل المشنقة لحد ما خنقته

أشار نحو نفسه بتعجب

_أنا يا هدى ؟!

صاحت تخرج آهاتها وألمها المكتوم بقهر ، دموعها المنهمرة تحكي حرقتها
وهي تضرب على قلبها كأنها تعاقبه

_أيوة أنت يا اللي بحبك أكتر من روحي أنت يا اللي كنت بنسبالي نفسي الي أنا عايشة بيه
اتحملت الكلام والذل عشان بحبك وكنت بصبر نفسي ان أنت بتحبني
لكن أنت عملت اي بدل ما تقدره وتكون سند ليا
خذلتني ياعلي دفعتني من فوق جبل حبك العالي إلى كنت بحس فيه بالأمان عشان أقع وتنكسر رقبتي والاقيك بتبص عليا من فوق ولا همك دموعي وكسرتي

صمتت تطالع عينيه المتسعة بدهشة  لتلتقط أنفاسها

وتقول بصوت بح من شدة البكاء

_وعاوز بعد كده أرجع زي ما كنت زمان هدى الهبلة الي تسمع وتسكت وتستحمل

كاد أن يتكلم ويدافع عن نفسه لكن أصابه الفزع عندما رآها تمسك جبهتها ويترنح جسدها

لتسقط أمامه مغشيًا عليها وسط صراخه بأسمها

_هدى

هرع اليها بفزع وجثى على ركبته يرفعها بيده ويضرب على وجنتها بخوف

-هدى …هدى …ردي عليا

لكنها لم تستفيق حملها بسرعة نحو غرفتهم ووضعها على السرير وأعاد الكَرَّة كالمجنون يضربها على وجنتها

-هدى حبيبتي انت سمعاني

اتجه نحو طاولة الزينة والتقط عطرًا يرشه على أصابعه ويقربها من أنفها مع استمراره في مناداتها

-هدى يا روحي ردي عليا

بدأت تستفيق تحرك رأسها يميناً ويساراً ثم تفتح عينيها ببطء وتغلقها عدة مرات بوهن وقالت بصوت متعب

-حصل أيه ؟

ضمها اليه يزفر أنفاسه بأرتياح وهو يردد

-الحمد الله يا رب

لتكرر سؤالها بصوت مرهق وكلمات مثقلة متعجبة من فعلته

-حصل أيه؟

أخرجها من احضانه يمسح على وجنتها

-أغمي عليكِ ياروحي حاسة بأيه دلوقت؟

رفعت يدها تدلك جبهتها وتجيبه

-حاسة اني دايخة

-ارتاحي يا روحي

أراح جسدها بصورة صحيحة ودثرها ثم  تركها ورحل نحو المطبخ وعاد بعد قليل يحمل عصير الليمون

جلس بجانبها ورفع رأسها يسقيها العصير

-اشربي يا حبيبتي

ارتشفت العصير بتمهل حتى توقفت تخبره

-خلاص ياعلي مش قادرة

وضع العصير جانبًا وأراحها على وسادتها مرة أخرى ثم التقط هاتفه الموضوع على طاولة الزينة يتصل بطارق

-الو ايوه ياطارق انت فين؟

-في المستشفى خير ياعلي ماله صوتك ؟

-هدى تعبانة

-طب هاتها وتعالى للمستشفى

-تمام أنا جايلك حالاً

ليسمعها تناديه بصوتها المتعب

-علي ملوش داعي هبقى كويسة دول شوية تعب

التفت نحوها ينظر لها ويخبر طارق
 بأصرارمؤكداً

-نص ساعة وأكون عندك يا طارق

اتجه نحو الخزانة واحضر لها فستان جلس بجانبها وساعدها في تغير ملابسها رغم اعتراضها

وصل يسندها إلى المستشفى رغم رفضها كونها تستطيع السير وحدها لكنه أصر ان يسندها استقبلهم طارق

وأخذهم نحو غرفة الكشف لتراها الطبيبة وقف متألماً وهو يرها تتأوه وهم يسحبون منها عينات الدم

ويغرسون أبرة المحاليل التي عُلقت لها ليمسك يدها  الأخرى يضمها بين كفيه كأنه يؤازرها

التفتت نحوه ليبتسم لها بحب

غادر الممرضون ورافق طارق الطبيبة المختصة نحو الخارج وظل هو لجوارها في انتظار نتيجة التحاليل

كانت عينها تتابعه وهو يدلك يدها بحنان او يدثرها ثم  يرتب حجابها ويراقب المحاليل ويعود يمسك يدها

يدلكها حتى التقت عيناها بعينيه ليسألها مبتسمًا

-أحسن دلوقت يا روحي ؟

أشاحت وجهها عنه وهي تتمتم بضيق

-الحمد الله

مد يده لتمس أصابعه ذقنها يعيدها و يجبرها لتواجه عيناه عينيها بعتاب

-هدى مش عاوزة تبصي في عينيا خايفة تضعفي وعنيكي تقولي بحبك زي ما كانت بتقولها زمان

ضحكت بحزن مستهزئة تبعد يده عن ذقنها وتشيح وجهها بعيدًا عنه مرة أخرى
ليعاود إمساك ذقنها يديرها نحوه ويقول بحدة

-متهربيش بصيلي  خلي عيونك تكلمني

ثم تنهد بضيق

-هدى انتِ متاكدة اني بحبك عارف اني غلطت بس غصب عني دي امي ياهدى ارجوك بلاش تقسي عليه

أنا بموت وانت بعيدة عني أنا ميت من غيرك 
رفعت أناملها تضعها على شفتيه تمنع

 استرساله بالحديث

-بعد الشر عنك بلاش سيرة الموت

قبل اصابعها وأزاحها عن شفته يخبرها بعين متوسلة وصوت ملأه الرجاء

-والله بحبك انت روحي ياهدى بلاش تقسي عليا اكتر من كدة

تجمعت الدموع بعينيها تود ان تخبره انها تشتاق له كما يشتاق لها.ضغطت على شفتها تمنع عبرتها التي انسابت رغما عنها ليمد يده يمسح دموعها بأصابعه ويضمها اليه بقوة

_آش…آش متعيطيش وحياتي عندك متعيطيش 
تشبثت بأحضانه التي اشتاقت لها تخرج داخلها أحزانها التي كتمتها في بعده تركها هو حتى هدأت

ليبتعد يزيل آثار الدموع عنها ويمسح تلك التي هربت من عينه بعد ان شعر بضعفها بين يديه

-بحبك يا دودي

ابتسمت  بخجل وقبل ان يتفوه بكلمة أخرى سمعا طرقات على الباب وطارق يدخل مبتهجاً وهو يحمل التقارير  يحركها بيده ويقول

-مبروك ياعلي هتبقى أب هدى حامل مبروك يا هدى

شلت الكلمة تفكيرهما لحظات قبل ان يستوعبا مايقوله ينظراحدهم نحو الآخر بدهشة

لتمد هدى يدها بتلقائية نحو بطنها تتلمسها وهي تنظر نحو علي وتقول

-أنا حامل يا حبيبي

علي الذي اتسعت ابتسامته وتعالت ضحكاته وهو يضمها اليه

-ألف مبروك يا روح حبيبك

وكان ذلك الجنين جاء ليعيد لهم رباط الحب المقدس و يضيف لتلك العلاقة رابطة من نوع آخر

********************************،،، 

عاد إلى المنزل ليستنشق رائحة غريبة قادمة من المطبخ تقدم بخطوات هادئة لتتسع ابتسامته

وهو يتأملها من بعيد وقد صنعت ضفيرتين من شعرها أعطتها مظهر فتاه في المرحلة الثانويه

ترتدي بجامه ورديه جميله عينها تركز على الفيديو الذي يعرض على شاشة هاتفها  يبدو انه فديو طهي توقفه

لتظل تردد كلام وتبحث عن أشياء تقيسها بدقة  ، ظل يحدق بها فترة من الزمن حتى وجدها تضع المقلاة على النار يبدو انها وصلت للمرحلة الأخيرة.

لتزفر أنفاسها بارتياح وترفع يدها  تمسح على جبينها وتبعد تلك الخصل الصغيرة التي تمردت من ضفيرتها

خفق قلبه وهو يدقق النظر في ملامحها التي صارت تفتنه

تحمحم وسعل يصدر صوتًا كي تنتبه لوجوده توقفت عن جمع الأطباق المتسخة ورفعت عينها تنظر له

-مساء الجمال

-اهلا يا فارس ، وصلت امتى ؟

اقترب نحوها يخبرها

-من شوية

ثم قطب حاجبيه ينظر نحو الموقد ويعاود النظر إلى الأطباق التي تحاول جمعها

-بتعملي أي؟

-مكرونة أسباجيتي

رفع حاجبيه بدهشة وعينيه تدور حول المطبخ الذي تبدو عليه الفوضى كأنه حرباً نشبت به ليردد ساخراً

-كل الفوضى دي ومكرونة اسباجيتي ؟

قالها محركاً إصبعه نحو ارجاء المطبخ
ارتسم الانزعاج على وجهها تهتف بحنق

-مش أول مرة اعملها طبيعي يحصل كده

كتم ضحكته وقال  بجدية مصطنعة

-اه …خلاص  مدام اول مرة حقك انت صح 
اقترب منها اكثر يهمس لها

-وتسلم أيدك مقدمًا

اربكها قربه لتبتعد تدعي اندماجها في تقليب الطعام

-خلاص غير هدومك وتعالى قيم الاكلة 

وبعد قليل جلس على المائدة ينتظر طبقه بلهفة سكبت له وقبل ان تضع الطبق رفعت ملعقة الطعام في وجهه وقالت:

-أوعى تضحك عليا

ليقهقه ضاحكًا يخبرها

-شكلك مطينة الدنيا أطمني يا ستي أنا هنتقد بشفافية

جلست امامه تترقب ردة فعله كان يبتسم وهو يرى تحديقها به وهو يدس الشوكة في الطبق ويلفها عدة مرات ورفعها نحو فمه يمضغها ليدعي الانزعاج ، عبس  وجهها وهي ترى تغير قسمات وجهه لكنه ابتسم يخبرها

-متخافيش جميلة برافو عليك

استرخت ملامحها وهي تتناول هي أيضا لقمة وتمضغها متلذذه حتى عاد وجهها لامتعاض عندما قال

-كدة نشكر صاحبة الفيديو الي علمتك الطريقة

ليتجهم وجهها وتنظر اليه بحنق

-فارس

-عيون فارس

-كل وانت ساكت

ليضحك على حديثها ويعود لطعامه حتى تذكر شيء لينظر لها ويقول

-شمس صاحبي عازمنا على فرحه ممكن تحضري معايا الحفلة

ارتبكت تنظر له بحيرة لاتعلم بما تجيبه وهل ترافقه ام لا

-هشوف لو عندي وقت

ابتسم بأمل عله يتحقق وترافقه

******************************** 

تعجب من طلب والدته عندما اخبرها ان زوجته حامل لتصرّ عليه أن الايخبر احد رغم انه يرى الفرحة مرسومة على وجهها ووجه والده
 
-ليه يا ماما مش عاوزاني أقول لحد دا أنا نفسي أقول للدنيا كلها اني هكون أب

قالها علي وهو يوزع نظره بينها وبين والده

-يعني انت مش عارف أمك ياعلي بتخاف من الحسد والعين وكل حاجة عندها اسرار

قالها والده وهو يربت على كتفه لترد هي بضيق مفسره

-ايوه بخاف من الحسد بخاف يجراله زي…

لتبتلع باقي حديثها بخوف وهي تتذكر حملها الأول الذي فقدته بعد اشهر قليلة من الحمل ليكتب عليها بعده معاناة كبيرة

ابتسم علي بسرورعندما سمعها تقول

-خليها ترتاح ماتسيبهاش تشتغل وانا هبعت  (جينا ) تنضفلكم الجناح كل يوم

ليعقب  والده أيضا

-ايوه عندك حق يا صفاء وحتى الأكل يطلعلهم فوق بلاش ينزلوا او تعمل هي وتتعب

اتسعت ابتسامة علي وهو يرى فرحة والديه بحفيدهم ولهفتهم لرؤيته

لتقترب منه والدته تمسك ذراعه قائلة

-وبلاش حكاية الشغل كلم خالتك وقولها انك حكمت عليها تسيب الشغل لانها انشغلت عنك

ورفعت سبابته تخبره بتحذير

-اوعى تجبلها سيرة الحمل

أضطرب وهو يفكر ماذا ستكون ردة فعل هدى لو طلب منها ان تترك العمل حتى لو كان طلبه خوفًا على طفلهم

********************************

كم شعر بالفخر والسعادة ووهي تتأبط يده وترافقه في حفل زفاف رفيقه الذي استقبلهم بترحاب يختار مكان

ويجلس معها يشير لها نحو أصدقائه ويعرفها بهم حتى وجدهم يشيرون له بالقدوم اليهم أستأذن منها ورحل نحوهم. كانت تراقب الحضور في القاعة ، واتجهت أنظارها نحو العريس والعروس التي يظهر عليها نظرات الحب لعريسها واندماجهم معًا في الحديث والرقص لتتذكر حفل زفافها الذي كان بالنسبه لها حكم بالإع*دام

تساق اليه رغمًا عنها ابتسم بتلقائية عندما التقت عيناها بعينيه لتجد يغمز لها ويرسل لها قبلة في الهواء لتضحك وهي تردد

-مجنون

لتنتبه إلى أصحابه الذين كان يبدو عليهم الانفلات وعدم الاتزان تحركت عينيها بين الحضور ليجذب انتباهها  تلك الفتاة التي تقف محدقة بزوجها وعينها تتبعه أينما تحرك شيء ما داخلها انزعج ودت لو تذهب اليها وتصفعها تمنعها من التحديق به  ثم توقفت تسأل نفسها لماذا انفعلت هل تغار ، هزت رأسها تنفض عنها تلك الأفكار الغبية كما اسمتها حتى احست به يجلس بجانبها

-حبيبتي اتأخرت عليك ؟

حركت رأسها نافية

-لا أبدًا

لكنه اقترب منها يهمس لها ويده تتسلل تمسك يدها

-بس انت وحشتيني اوي

ارتبكت بحرج واشاحت وجهها إلى الناحية الأخرى مدعية انها تنظر إلى العريس والعروس حتى التقت عينها بعين الفتاة التي كانت تحدق بهم لتثير فضولها وتلتفت نحو فارس تسألها عنها

-فارس هي مين البنت الي بتبصلنا دي ؟

ثم اشارت له بعينها نحو الجهة التي تقف بها الفتاة لينظر إلى الاتجاه الذي اشارت اليه

-دي مدام غادة مرات حازم صاحبي

قطب حاجبه يسألها

-بتسألي ليه ؟

رفعت كتفها تخبره بعدم معرفة

-اصلها مركزة معاك من اول ما جينا

ابتسم ونظر لها بخبث وهو يقرب وجهه من وجهها

 -بتغيري عليا ؟

لوت شفتيها باستهزاء وقالت ساخطة تشير نحو نفسها

-أنا أغير؟

ضيق عينبه وقال باستياء مزيف

-ومتغيريش ليه مش جوزك ولازم تغيري عليا

-لا مش غيرانة متخافش

ليقرص وجنتها ويقول مازحاً محاولاً مشاكستها

-بكرة تحبيني وتموتي فيا وتغيري عليا ويكون نفسك تخبيني من عيون البنات

نظرت له ساخرة وقالت مستنكرة تكرر حديثه

-احبك وأموت فيك وكمان أغير عليك واخبيك أي الثقة والغرور الي انت فيه دا

لاعب حاجبيه يحاول أغاظتها

-بكرة تشوف يا جميل

وقبل ان تجيب سمعوا منظمة الحفل تعلن على الرقصة الثنائية وتدعوهم لمشاركة العروسين مد يده لها يطلب منها الرقص ظلت تنظر ليده الممدودة تحاول ان تتخذ القرار لتمد يده تمسك بيده وترافقه إلى ساحة الرقص

أحاط خصرها و قربها من صدره بحرج لكنها هذه المرة كانت عيناها تقابل عينيه وقلبها يخفق بشدة وشئ ما داخلها يخبرها انه لم يعد شخصًا عاديًا بالنسبة لها فتلك المشاعر التي تشعر بها بقربه ليست مشاعر عادية يبدو انه استطاع ان يقتحم ذلك القلب المتبلد ولو بجزء بسيط

يدها التي كانت موضوعة على قلبه تشعر بضرباته القوية التي تشبه قرع الطبول وعيناه التي تواجهها تشي لها بعشقه لها يبدو انه صار يحاصرها بحبه من جميع الاتجاهات يرغمها على تذوق الحب معه



تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة