
بقلم فاطمه احمد
تشنجت قسمات وجهها وهي تتمتم بعدم استيعاب :
- ااا....بتقولي...ايه ؟
رسمت ابتسامة على ثغرها مرددة بثقة تامة :
- قلت انتي عايزه تهربي من هنا ؟ ولو عايزه فعلا ف انا هساعدك.
انتصبت واقفة وهي تستند بيدها على طرفي الارجوحة و تشدقت بحدة ممزوجة بالذهول :
- ممكن توضحي كلامك اكتر !
زمت شفتيها بتأفأف ثم هتفت بنبرة حزن مزيفة :
- ااا انا مش عارفة اقولك ايه الصراحة بس لازم تعرفي ان في بنات كتير قبلك جوم على القصر ده و مطلعوش منه سالمين.
قضبت حاجباها باستغراب من كلامها فتابعت بصوت خافت :
- الشبح شخص طبعه مريض و مش سوي خالص بمعنى تاني الشبح بيخلي عشيقته تكون عبده ليه و بيعذبها جدا و بعدين يرميها....انتي عارفه طبعا انا بقصد ايه.
ارتعدت اوصالها ووضعت يدها على فمها تمنع شهقتها من الصدور و قبل ان تتكلم تابعت الاخرى :
- انا كنت مكانك من زمان عذبني معاه كل يوم ضرب و اهانات بعدين رماني ف وسط الخدم.... ثم نزلت دمعه منها صادقة فعلا و اردفت بصوت متحشرج :
- بقيت اخدم عشيقاته اتخيلي احساس انك تخدمي حبيبك و عشيقاته اه هو معشمنيش و كنت عارفه انه مصيري هيبقى زي مصير اللي قبلي بس....
لم تتكلم بل مسحت دموعها و طالعتها من الاعلى للاسفل بحقد هي جميلة بحق بل اجمل منها و من جميع الفتيات التي عرفها الشبح من قبل جسدها الجذاب رغم نحافته و شعرها الذهبي و بشرتها البيضاء التي تليق على عيناها الزرقاء....من العجيب ان حدقتين بديعتا الجمال هكذه لا تبصر....
افاقت من شرودها على تنحنح سيليا وهي تهتف بجدية :
- نورهان انتي هنا ؟
نورهان بنفس النبره :
- اه....و لسه مستنيه جوابك.
- بس ليه عايزه تساعديني ايه مصلحتك من ده كله.
نطقت بها و هي تعقد ساعديها امام صدرها فتلعثمت الاخيرة قائلة :
- احم ااا انا ست ومش عايزه اللي حصلي يتكرر معاكي لان باين عليكي غلبانه وو...
اكملت هي مكانها :
- عشان انا عميا و مش هعرف اتصرف لو رماني صح.
كلك مفهوميه.
قالتها نورهان بتهكم فزمت الاخرى شفتيها بتبرم ثم بدأت بالتفكير مليا فيما يحدث....
هي شكت من قبل بأنه ليس بشخص سوي لكنها لم تتوقع بأن يكون بمثل هذه الوحشية و النداله !!
افاقت من تفكيرها على صوت زهرة التي اقتربت منهما و طالعتهم بتعجب و استغراب :
- في حاجه يا هانم ؟
حركت سيليا رأسها بنفي و اردفت :
- لا انا طلبت من نورهان توديني القصر عشان مش عارفه ادخل ليه لوحدي.
هزت رأسها متفهمه ثم تحدثت باعتذار :
- اعذريني يا هانم كنت مشغولة و نسيت انك قاعدة ف الحديقة و اااا
قاطعتها سيليا بعدم اكتراث :
- ولا يهمك اصلا كنت قاعدة بكلم نورهان و محسيتش بغيابك.
ابتسمت نورهان باصطناع :
- تحبي ادخلك جوا.
زهره بجفاء :
- و انا مش شايفاني قدامك.
هزت كتفيها بعدم اكتراث و تحركت متوجهة نحو بوابة القصر في حين امسكت زهره ذراعها بحذر و سارت بها للداخل ايضا....
صعدت لغرفتها الجديدة - غرفة الشبح - و اجلستها على السرير . كادت تغادر لكن سيليا سارعت بالقول :
- زهره استني.
التفت لها في استغراب قائلة :
- ايوة يا هانم.
حمحمت قبل ان تقول بتردد :
- هي...نورهان كانت عشيقة للشبح من قبل ؟
اتسعت عيناها بذهول ثم مطت شفتيها بتعجب :
- بتسألي ليه نورهان قالتلك حاجه !
اجابتها بضيق :
- جاوبي على سؤالي !!
تحشرج صوتها وهي ترد بتوتر :
- اااا....احم اه كانت عشيقة ليه.
سيليا بفضول :
- طب هي ليه...يعني....
اردفت زهرة بنبرة عاديه :
- الشبح بيشوف مزاجه بس و لما يزهق بيرمي من غير ما يفكر و نورهان مكنش عندها مكان تروح ليه بعد ما زهق منها و طردها و اترجته يسيبها ف القصر فخلاها خدامه.
كورت قبضتها باشمئزاز و تشدقت :
- حيوان و معندوش قلب !!
زهرة بتنهيده :
- عشان كده قولتلك سابقا حاولي تحطي قلبك على طرف لان....
قاطعتها بانفعال :
- و من غير ما تحذريني انا مستحيل احب واحد زيه.
زهرة محاولة لتهدئتها :
- طب ماشي اهدي انتي و متتعصبيش.
قاطعتها مجددا :
- اطلعي لو سمحتي عايزه ارتاح.
اومأت بمضض و غادرت الغرفة و هي تحدث نفسها :
- نورهان ديه مش بتجيب غير المشاكل ربنا يستر من الايام اللي جايه.
كانت هي غائبة في عالم اخر...
تفكر كيف ستنقذ نفسها من براثينه...
لقد كانت زهرة محقة في كلامها لا يجب ان تدع مشاعرها تتحكم بها حتى ولو كانت قد نمت ذرة اعجاب صغيره بداخلها نحوه لكنها ستقضي عليها !!!
____________________________
تبادلا النظرات مع بعضهما نظرة غضب و نظرة خوف صدرت من الاخرى.
- هو في ايه هنا !
نطق بها اياد بانزعاج وهو يحدق لكليهما و تابع :
- انتو بتعرفو بعض.
تحدث رعد بصوت قاتم :
- البنت ديه تترفد حالا.
شهقت لين بصدمه و ايام لم يختلف حاله كثيرا عنها . نظر له قائلا :
- انت بتقول ايه ؟!
حدجه بنظرات سامة صارخا :
- مش سامع بقولك البنت ديه تترفد حالا.
- بس انا ااا....
- اخرسي !!!
صاح بها وهو يقطع كلامها لكنها تابعت :
- انت بتطردني ليه حضرتك انا غلطت فحاجة ؟
لم يتكلم بل زفر بصوت مسموع وهو يطلق سبابا لاعن وقف اياد و قال بجدية :
- انت بتطردها ليه يا رعد هي عملت ايه ؟؟
- انت مش عارف البنت ديه و غلطت جدا لما....
توقف عن الكلام و نظر لها باستحقار و تابع :
- البنت ديه نفسها اللي حكيتلك عنها اللي كانت مقعده سيليا فبيتها و طلعتها بنص الليل و زقتها عايزني اسيبها هنا ف الشركه ازاي.
صمت لثواني ثم همهم برجاء :
- رعد ارجوك متعملش كده متربطش بين حياتك الشخصيه و الشغل و بعدين انت عارف اني...بحبها.
نطق الكلمه الاخيرة بهمس حتى لا تسمعه لين التي تقدمت منهم بضع خطوات وهي تحاول سمع حديثهم.
و بعد محاولات من اياد تنهد رعد بضيق هاتفا :
- ماشي اعمل اللي عايزه....بس حط فبالك ان كلامك اللي قولتهولي من قبل غلط فغلط.
ضيقت لين حاجباها محاولة استفسار كلامه الغامض و حدثت نفسها :
- الحمد لله كويس انه اقتنع احسن مش ناقصه مشاكل مع جلال.
افاقت من حوارها الداخلي على اوامر رعد الصارمه :
- روحي كملي شغلك و من مصلحتك اني مشوفكيش طول ما نتي هنا فاهمه.
هزت رأسها بارتباك جلي على محياها متلعثمة :
- م...متشكرة اوي و اوعدك اني مش هعمل حاجة تدايق حضرتك مني...عن اذنك.
قالتها وهي تفتح الباب و تغادر حدث اياد برعد في ذهول قبل ان يقول :
- شكرا يا رعد لانك مطردتهاش ؤغم اني متفاجئ ازاي البنت اللي حبيتها عملت كده.
- هه ليه هي عملت حاجة كويسه فحياتها اصلا.
قالها بتهكم واضح ثم رسم الجديه على قسمات وجهه و هو يتشدق بجدية :
- اياد البنت ديه تنساها لانها مش بتليق بيك . تركه و رحل دون كلمة اضافية فهمس اياد بابتسامة شغف :
- للاسف حبها اتمكن مني و مش هعرف انساها ابدا.
بينما في الناحيه الاخرى خرجت لين وهي تحمد ربها بداخلها امسكت هاتفها و بعثت لجلال رسالة تخبره فيها عما حدث لم تمر دقائق الا و قد اتصل بها جلال فطمأنته لين عما حدث و دفاع اياد عنها ثم اغلقت الخط.
سافرت بذاكرتها لذلك المشهد منذ دقائق لماذا دافع اياد - اكثر سخص تبغظه - عنها و ظل يترجاه بأن يتركها معه هل هو مهتم بعملها لهذه الدرجه !!
هزت رأسها وهي تشعر بسخافة تفكيرها و عادت لتكمل عملها....
__________________________
في وقت متأخر من الليل.
جلست على طاولة الطعام وهي تتناول ما بيدها ببطئ شعرت باحدهم يجلس مقابلها فهتفت في اضطراب :
- انت....جيت.
رفع حاجباه للاعلى ثم اجابها بايجاز :
- انتي شايفه ايه.
تأفأفت من اسلوبه الجاف - الغير محترم - معها ثم وقفت هامسة :
- انا شبعت.
- اقعدي !!
امرها بصوت قاتم لتعيد كلامها بضيق :
- بقولك شب....
ضرب بقبضته على الطاولة بغضب صارخا بانفعال :
- هي كلمه ومش هتتكرر....اقعدي و متقوميش غير لما انا اقوم.
زفرت بضيق منه و من اوامره و جلست و بعد مرور دقائق نهض من كرسيه مغمغما بهدوء :
- حصليني على الاوضة و متتأخريش.
- حاضر.
اجابته بخفوت ثم مالت على احدى الخادمات التي جاءت تحمل الاطباق :
- نورهان فين.
رفعت حاجبها بتعجب ثم قالت :
- هندهالك تكلميها.
- امم استعجلي شويا.
ابتعدت الخادمه عنها و بعد دقائق سمعت صوت نورهان تقول :
- ايوة يا هانم.
سيليا بهدوء :
- احم تعالي طلعيني ل اوضتي اكلمك فحاجات كده.
ابتسمت بمكر ثم امسكت يدها اوقفتها و صعدت بها لغرفتها القديمه.
رأتهم زهرة من بعيد فقالت بتعجب :
- هوما بقو صحاب ولا ايه !!
دلفت سيليا لغرفتها فنظرت لها نورهان بتوجس :
- خير.
اخذت نفسا عميقا قبل ان تردد بحسم :
- انا قررت اهرب من القصر !!
يتبع
ماتنسوش تصلوا علي النبي