رواية الم بدون صوت الفصل التاسع العشرون 29 بقلم خديجه احمد

    

رواية الم بدون صوت الفصل التاسع العشرون 29
بقلم خديجه احمد



مازن

حسّيت الدم بيغلي في عروقي بعد كلامها.
الكلمات دخلت جوايا زي شرارة بتولّع كل اللي كنت بكتمه.

كنت هرفع ايدي عليها .…
لكن فجأة
باب الأوضة اتفتح،
ومريم دخلت وهي مبتسمة
شايلة لعبتها الجديدة…
قلبها الصغير مش ناقص يشوف غير الحب.

نظرتلها،
وكل الغضب اللي جوايا اتكسّر للحظة،
مش هينفع أضيّع فرحتها بسبب مشاكلنا.

فخرجت من الأوضة
وفتحت باب الشقة
ونزلت من غير ما أبص ورايا

طلعت تليفوني
وكلمت ملك:
__تعاليلي ع الشقه
_______________

نور

بقالي يوم ونص
مكلتش…
ومش مسموح لي أخرج
ولا أعرف حتى أنا فين بالظبط.

أربع حيطان…
وسقف مالوش آخر.

وفجأة
صوت المفتاح في الباب قطع أفكاري.

ده أكيد مازن؟
بس… إيه الصوت ده؟
صوت بنت!

قلبت أفكاري في ثانية:
هو… بيخون هدى؟

الباب اتفتح،
وتقريبا
هي لاحظت ان نور الاوضه
اللي أنا قاعده فيها
مفتوح ...
قربت
وظهرت بنت قدامي…
شعرها أشقر،
وقفت بثقة مبالغ فيها
وجسمها متشدّد وكأنها في عرض أزياء.

بصّت لي بنظرة فوقي…
نظرة كأنها بتقول
“إنتي إيه اللي جابك هنا؟”

قالت ببرود:
__مين دي يا ميزو؟

والكارثة؟
مازن رد بنفس البرود:
__أختي.

اتصدمت هي،
وبصوت مخنوق باستغراب:
__أختك؟!

مازن تجاهل نظراتي،
ومسك إيديها وقال:
__تعالي… هحكيلِك.

وسابني…
لوحدي تاني.

يوم ونص
من غير أكل
ولا كلمة تطمني…

حاسة إني تعبانة…
قلبي بيدق بسرعة
وكأني بسمع نبضه في وداني.

عارفة إن شكلي مرهق
وعيوني باينة عليها السهر والبُكا.

الخوف بياكل فيا،
وجسمي سايب
وكأن المكان ده بيسحب مني طاقتي يوم بعد يوم.

لغاية إمتى؟
لغاية إمتى هفضل محبوسة هنا
ومحدش يعرف عني حاجة؟

يوسف…
يا ترى بيدور عليا؟
ولا فاكر إني اختفيت كده وخلاص؟

يا ترى حد فيهم حسّ…
ولا الدنيا كملت من غيري؟

الإحساس بالأمان اختفى…
والوجع بقى صاحبي الوحيد.

حضنت نفسي بإيديا
وكأني بحاول أهوّن على روحي:
__هتعدّي يا نور…
لازم تعدّي.
_________________

مازن

ملك قربت أكتر
لمست صدري بثقة وقالت بصوت واطي:
__وهتفضل مخبيها هنا لحد إمتى؟ يا قلبي…

نفخت دخان السجارة
وقولت ببرود :
__لحد ما ربنا ياخدها 
زي ما خد اللي قبلها .....

ضحكت فجأة
بس ضحكتها فيها غيرة واضحة:
__سيبك من الكلام ده…
إنت هتتجوزني إمتى؟

ضيّقت عينيّ
والملل واضح في نبرة صوتي:
__ملك… مش وقته.
أنا واقع في مصيبة ومش ناقص ضغط.

اتقدّمت لقدامي
وقعدت بشكل أصرّ وأقوى:
__وأنا مش شايفه إن المصايب دي بتخلص أبداً…
وأنا اللي واقفة معاك في كل حاجة…
وبالتالي من حقي أعرف إمتى علاقنا هتبقى رسمية!

كلامها كان تحدّي صريح…
وخلاني أعرف إن ملف نور
مش هيبقى الوحيد اللي لازم أواجهه قريب.

قمت واقف فجأة،
والكرسي اتحرّك ورايا بصوت عالي.

بصوت مليان تضايق واحتقان قولت:
__إنتي… حرفيًا قفلّتيني!
أنا نازل… !

مسكت مفاتيحي بسرعة
ومشيت بخطوات غضبانة ناحية الباب.

ملك قالت بتهكم:
__اهرب كعادتك!

لكن ما وقفتش…
ولا حتى بصّيت ورايا.

الباب اتقفل ورايا بقوة،
وسبت ورايا صوتها
والنكد اللي مش بيخلص.

_____________

يوسف

وقفت قدّام عمارة والد نور…
الهدوء كان غريب
وكإن المكان نفسه بيخبي سر.

طرقت الباب
سألت الجيران
مفيش حد يعرف حاجة…

نزلت السلم بخطوات تقيلة،
الأمل اللي كنت ماسكه
وقع من إيدي.

قدّام العمارة
كان في قهوة صغيرة…
صوت الكراسي
وريحة البن
وحوار الناس العادي
ضربني بإحساس إن الدنيا مكملة
ولا كأن في حد ناقص.

طلّعت صورة نور على الموبايل
الصورة اللي حافظ تفاصيلها
من غير ما أبص حتى…
وبدأت ألف على الناس
واحد واحد:
__لو سمحت…
شفت البنت دي هنا؟
قريبة من المكان؟

الناس كانت تهز دماغها بالنفي…
أو تبصّ للصورة ثواني
وبعدين تكمّل يومها عادي
وكأن الموضوع مش حياة حد.

يوسف

وقفت قدّام راجل بشرته سمراء
وعيونه بني غامق
فيها حدة،
وكأنه بيقيسني بنظرة واحدة.

مدّيت له صورة نور
ولقيته ركّز فيها
زيادة عن اللزوم…
كأن ملامحها محفورة في دماغه.

سألته بلهفة متخبّية:
__تعرفها؟

رفع عينه عليّا وقال بحدة:
__إنت مين بالظبط؟

رديت وأنا بإصرار ماسك أعصابي:
__أنا… جوزها.

اتصدم،
ضحك ضحكة صغيرة مستفزة:
__بس نور… مش متجوزة!

أخدت نفس عميق عشان ما أنفجرش:
__اتجوزنا قريب…
إجابة سؤالي بقى؟
شوفتها هنا؟

بصّ لي بنظرة طويلة
وبعدين قال:
__هو إنت يوسف؟

قلبي وقف لحظة…
إزاي يعرف اسمي؟

قلتله بحذر:
__أيوه…
إنت مين؟

ابتسم ابتسامة
مش عارف أفسّرها
إعجاب؟ استهزاء؟ غيظ؟

وقال:
__أنا يونس…
اللي كان المفروض يتجوز الهانم…
قبل ما تهرب بنت ال .....!

الكلمة ضربتني زي سهم
ومسكته م لياقه 
قميصه .....
وبنبرة تقيلة وهادية جدًا:
__إسمها نور…
ومش هسمحلك تتكلم عنها
ولا عن حياتها
بقلة احترام.

قبل ما الرجالة اللي في القهوة يتجمعوا عليّ
بصوت واحد
عشان يحمّوا صاحبهم…
هو رفع إيده بثقة
وبنظرة منهم فهموا على طول

وقال بصوت ثابت:
__سيبوه… ده تبعي.

اتفرقوا في لحظة
وكأن الكلمة دي كفاية
عشان يوقفوا أي مشكله

ردّيت وأنا ببصّله بقرف وقلت:
__بما إنك ماعندكش أي معلومة… أنا ماشي.

اتديرت عشان أمشي،
لكن صوته قطعني وهو بيقول:
__استنى… إنت متأكد إنها مفقودة؟

رجعتله بنظرة زهق وقلت:
__لو ماكانتـش مفقودة، كنت هاجي أسأل هنا ليه؟!

قال بهدوء غريب:
أنا ممكن أساعدك تلاقيها.

ضحكت بسخرية وقلت:
__كفّي نفسك.

ولسه همشي،
قرب مني خطوة وقال بصوت واطي:
__إنت شاكك في مازن… مش كده؟

بصيّت له شوية…
وبعد تفكير بسيط قلت:
__أيوه… بس مش متأكد.

قال وهو متأكد من كلامه:
__نقدر نتأكد… لو هو ورا اختفائها ولا لأ.

سألته بنبرة حذر:
إزاي؟

قرب أكتر وقال بثقة:
__هقولك… بس امشي معايا.

ضحك يونس بخبث بسيط
وكأنه ماسك ورقة مهمّة في إيده
وقال:
__أنا أعرف مازن كويس…
وأعرف الأماكن اللي بيستخبى فيها
وقت ما يعمل مصايب.

قرب مني خطوة
وعينيه كانت بتلمع بذكاء:
__لو نور عنده… هنلاقي أثر.

فضلت بصصله بتردد
أنا عارف إن التعاون معاه
مش أحسن قرار
بس نور…
مفيش أغلى منها.

سألته بحذر:
__طيب… هنعمل إيه بالظبط؟

رد من غير ما يرمش:
__نمشي ورا خطواته…
وورا اللي حواليه.
ونروح الأماكن اللي المفروض
بيقعد فيها
ونتأكد بنفسنا ....

اتنفست بعمق
وحسيت إن في خيط أمل
ولو بسيط.

ومع ذلك…
الشك كان بياكلني:
__ليه هو عايز يساعدني؟
وليّه دلوقتي؟

مد لي إيده وقال:
__اتفقنا؟

بصيت ليده لحظات
وبعدين مدت إيدي متردد
وإيديا لمست إيده:
__اتفقنا 

هو ابتسم…
ابتسامة صعبة تتفهم
وقال:
__إلحقني… عندنا شغل كتير.

_____________

أدهم

وصلت المكان اللي نور كانت بتشتغل فيه.
أول ما دخلت…
قابلت أرخم حد ممكن الواحد يقابله في يومه.
اللي اكتشفته بعدها إنها إسمها "سهيله"
… صاحبة نور!

قربت منها وقلت بتركيز:
__نور كلمتك قريب؟ تعرفي عنها حاجة؟

بصّت لي بنظرة مستغربة… كأني جاي أقلقها على الفاضي:
__لا… بتسأل ليه؟

تنهدت بضيق وقلت:
__اختفت… ومش عارفين مكانها.

مجرّد ما سمعت الكلمة…
ملامحها اتغيّرت، والقلق نط في صوتها:
__يالهوي! ليكون حصل لها حاجة؟

رفعت حاجبي بغيظ وقلت:
__يا شيخة الملافظ ساعد… هنلاقيها إن شاء الله.

اتضايقت من ردّي وقالت:
__أنا مشوفتهاش بقالي يومين… وبحاول أكلمها مش بترد.
قربت مني خطوة، ووشوشت في ودني:
__وبصراحة… المدير شكله على آخره منها اليومين دول.

بعد ما خلصت جملتها، بصّيت لها بقرف خفيف وقلت:
__إبعدي… إنتِ ليه بتفتِفِي في ودني؟

قامت متضايقة، ربعت إيديها
وبصت حوالين المكان بزهق واضح.

يتبععع

                  الفصل الثلاثون من هنا 

تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة