رواية اوقات لا تدوم الفصل الثالث عشر 13 بقلم الكاتب مجهول


رواية اوقات لا تدوم
الفصل الثالث عشر 13
بقلم الكاتب مجهول

مررت على ناصر وانا في طريق عودتي الى المنزل وحكيت له ما حدث. 
فقال : مكنش لازم تكبر الموضوع كدا. 
قلت : معرفش عملت كدا ازاي. 
قال : واضح ان اللي عملته دا من رواسب قديمة جواك. 
قلت : يمكن.. بس الحل ايه دلوقت؟ 
قال : بما انك انت اللي غلطان يبقى تشوف كلام اهلها، وتصرف نفسك من خلاله. 
لم استطع ان اترك الموضوع معلق هكذا فذهبت الى منزل انتصار حتى اسوي الامر، فقابلني والدها بفتور بالغ ودعاني الى حجرة الصالون وتحركت وراءه. 
بادرني : خير يا عماد في حاجة؟ 
قلت : اكيد انتصار حكت لحضرتك على اللي حصل. 
قال : ايوة حكيتلي ومتشكرين اوي يا سيدي. 
قلت : يا عمي دي كانت لحظة غضب. 
قال : انهي غضب؟.. دانت بيعت الاوضة. 
قلت : مهي ظروف طارئة. 
قال : معنى كدا انك متقدرش تفتح بيت لانك كل ما تتزنق هتبيع حاجة من البيت. 
قلت : مهو انا بيعت الاوضة عشان شغلي، شغلي دا هو اللي هيخليني افتح بيت. 
قال : وبعدين ازاي ترميلها الدبلة وتسيبها وتمشي؟ 
قلت : طريقة كلامها كانت مستفزة. 
قال : ودا تاني عيب يؤكد انك لمجرد ان حد يضايقك ممكن تبيعه. 
قلت : انا ملاحظ ان حضرتك متحامل عليا. 
قال : شوف يبني انت خدت قرارك من شوية وهي خلاص رديت بيه، والحقيقة انا موافق عليه. 
قلت : طب معلش ممكن اكلمها؟ 
قال : ما اظنش ان الكلام هيفيدك نهائي. 
قلت : ارجوك عشان خاطري. 
فتحرك خارج الغرفة ينادي على انتصار، واتت انتصار و وقفت على باب الغرفة وملاحمها منهكة من البكاء. 
قالت : عاوز ايه تاني؟ 
قلت : طب اقعدي نتفاهم. 
قالت : للاسف معادش بينا تفاهم. 
قلت : انتي بتتلككي ولا ايه؟ 
قالت : افهمها زي مانت عايز ويا ريت تخليك راجل قد كلمتك. 
قلت : انا اسف اني عرفت واحدة زيك.
وتحركت مسرعا خارج الغرفة وابعدتها عن سكتي في حركة عنيفة وخرجت من المنزل. 
توجهت الى نهر النيل وجلست قرابة الساعتين ولم اصل لاي شيء.. فرأسي مشتت للغاية، ولاول مرة يبخل عليّ النيل بالحل لموضوع ما. 
وعدت الى المنزل واكملت سهرتي في شرفة المنزل ولاول مرة ايضا اشعر بحالة الفتور الفكري التي تنتابني في ذلك الامر، ولم اخبر احد من اهلي بأي شيء وهربت بالنوم. 
وفي الصباح اعددت يومي الى العمل وكأن شيء ولم يكن وقضيت تقريبا طول النهار بالخارج، وعند عودتي وجدت احمد و والدي. 
احمد : ايه اللي حصل بينك وبين انتصار؟ 
قلت : ياريت محدش يتكلم في الموضوع دا. 
والدي : ازاي يابني وبالسهولة دي؟ 
قلت : اهو اللي حصل، وانا مش ندمان. 
والدي : طب وشبكتك؟ 
قلت : حلال عليها يا سيدي. 
احمد : صحيح انت بيعت اوضة النوم؟ 
قلت : فلوسي وانا حر فيها. 
احمد : طبعا انت حر بس المشاركة في الرأي مهمة. 
قلت : ياريت نقفل الموضوع طيب، انا نازل مشوار مهم. 
ذهبت الى ناصر وقصيت له ما حدث. 
قال : قدرت تستفزك انتصار. 
قلت : في حاجتين تاعبني. 
قال : ايه هما؟ 
قلت : اولا موقف احمد اخويا، واضح انه متعاطف معاها هي، والتانية حالة الفتور اللي انا فيها دلوقت، معقول كل حبي لانتصار يكون كأنه لم يكن بالنسبالي. 
قال : احمد متعاطف مع الحق لان انت فعلا غلطان في بيع الاوضة، والحالة اللي انت فيها لانك رافض من جواك اللي بيحصل ومش قادر تستوعب اللي حصل. 
قلت : وصحيح الموضوع هيعدي كدا بالساهل. 
قال : انا من رأيي ان زمان انتصار وهديت، وانت كمان روح وحاول تتفاهم معاها. 
قلت : انا هحاول عشان ارضي ضميري، رغم اني عارف رد فعل انتصار مقدما. 
قال : اهي محاولة ومش هنخسر شيء. 
قلت : خلاص اروح لها بكرا. 
قال : واخبار الشغل ايه؟ 
قلت : والله مش ولا بد، السوق مريح اوي وبيني وبينك الخسارة عمالة تزيد يوم عن يوم. 
قال : طب ريح شوية ولم اللي ليك في السوق. 
في المساء كنت في حجرتي جالس اقلب في بعض الاوراق الخاصة بالعمل، ودخلت منار عليّ وجلست امامي وهي ساهمة الفكر. 
بادرتها : في ايه يا منار؟ 
قالت : صحيح انت سيبت انتصار.. وسيبتها ليه؟ 
قلت : الامور دي قسمة ونصيب و واضح ان نصيبنا مش مع بعض. 
قالت : والحب والعشرة اللي بينكوا مقدرتش تشفعلكم عند بعض. 
تنهدت في حسرة على سماع ذلك الكلام. 
قلت : انا من زمان وانا حاسس اننا مش لبعض لكن كنت بحاول اكدب احاسيسي. 
قالت : وخلاص على كدا كل شيء انتهى؟ 
قلت : تقريبا.. وان شاء الله بكرة ربنا يعوضني بواحدة احسن منها. 
قالت : انا زعلانة اوي.. بقى بعد كل دا تفترقوا. 
قلت : اكيد ربنا له حكمة في كدا وبعدين يا ستي لو ليا نصيب فيها القدر هيلعب ويقربنا من بعض تاني. 
قالت : صعب.. احمد بيقول انه حاول معاها ولكنها رفضت حتى الكلام في الموضوع.
ذهبت الى انتصار الشركة فوجدتها جالسة على مكتبها فجلست امامها. 
قلت : ممكن اتكلم معاكي؟ 
قالت : وفر كلامك معادش بينا شيء يتقال. 
قلت : انتي ليه بتضحي بيا بالطريقة دي؟ 
قالت : لاني كنت في وهم وفوقت منه خلاص. 
قلت : حبنا كان وهم يا انتصار؟ 
قالت : تقريبا، ويا ريت تراعي ان دا مكان شغل وانا مش فاضية. 
وتركتني وقامت خارجة من الحجرة، فتحركت بخطى ثقيلة وزاد غيظي منها، ولكن اصبحت خيوط اللعبة في يدها وليس بيدي شيء سوى النسيان والبدء من جديد لحياتي المقبلة. 
تمر بي الايام واحوالي تزداد سوء، فانا غير قادر على نسيانها.. ومن ناحية العمل اموري تزداد سوء ايضا، واصبحت اكثر عصبية والقلق والتوتر اصبحا سمة رسمية لتعاملي مع الاخرين. 
وجاء ناصر لزيارتي في احد الايام 
بادرني : واخرتها يا عماد انت عاجبك حالك كدا؟ 
قلت : مش عارف اعمل ايه. 
قال : انا رأيي ان السفر هو الحل... اكيد هتنسى. 
قلت : انت عارف رأيي في موضوع السفر. 
قال : انا محبش اشوفك مهزوم كدا، عمر ما دي كانت صفاتك. 
قلت : لكل جواد كبوة. 
قال : صدقني السفر هو الحل لحالتك دي، وبعدين انا اعرف ناس ممكن تسفرك اليونان وهتوفرلك الشغل كمان، فكر ورتب امورك وانا اخليك تقابلهم. 
قلت : اديني فرصة افكر. 
فكرت في موضوع السفر بجدية وايقنت ان السفر والبعد ممكن ان يكونا سبب في النسيان والبدء من جديد، وبدأت بالفعل في توفير المال اللازم للسفر. 
ذهب لناصر كي اخبره بموافقتي فوجدته في حالة يرثى لها..فاليوم زفاف امل، فطلبت منه ان ننزل سويا و وافق بعد الحاح مني وفي طريقنا.... 
قلت : اظن انت عارف ان دي النهاية. 
قال : ارجوك بلاش كلام في الموضوع دا. 
قلت : ماشي، شوف بقى انا عايزك تقابلني بالناس بتوع السفر. 
قال : وافقت خلاص؟ 
قلت : مفيش قدامي حل غير دا. 
قال : تعالى نروح المكتب عندهم. 
بالفعل ذهبنا للمكتب واتفقنا على كافة الامور فمطلوب مني 4000 جنيه مقابل السفر على احد السفن الخاصه بالشحن، وهناك يوجد العمل وهو عباره عن مراكب سياحيه ساعمل على احدها، والراتب حسب نوع العمل واقل عمل هناك راتبه 500 دولار ، وافهموني ان سفري سيكون بصفه رسميه على السفينه وان احد العمال على السفينه هو الذي سيتولى امري هناك من حيث العمل ، واتفقنا على مهله اسبوع لحين استخراج جواز السفر وتوفير المبلغ المطلوب، وبالفعل بدات اعد نفسي لكل شيء من حيث استخراج جواز السفر وتوفير المبلغ والشيء الوحيد الباقي هو اخبارهم بسفري في المنزل.
وانتهزت فرصة وجود الجميع واخبرتهم بقراري. 
فبادرني والدي : انت كل قراراتك فردية كدا. 
قلت : اهو اللي حصل. 
والدي : والله يبني انت ادرى بمصلحتك. 
منار : والسفر امتى؟ 
قلت : النهاردة هعرف بالظبط. 
احمد : وصفيت شغلك هنا؟ 
قلت : اه خلاص. 
واخرجت مفتاح الشقة وناولته لاحمد. 
احمد : دا مفتاح شقتك؟ 
قلت : خليه معاك. 
وذهبت الى المكتب واعطيتهم المبلغ وجواز السفر واخبروني ان السفر سيكون بعد ثلاثه ايام بعد ان يحصلوا لي على تأشيره السفر، وان السفر سيكون من بورسعيد حيث مرسى السفينه واتفقنا ان احد موظفي الشركه سيرافقني الى بورسعيد، والحقيقه عندما عرفت ان السفر بعد ثلاثه ايام تملكني شعور غريب جدا لا اعرف له اي مسميات. 
ذهبت الى ناصر لكي اخبر بميعاد السفر فاصر على مرافقتي الى بورسعيد، وفي خلال الثلاثه ايام كانت صوره انتصار لا تفارقني ليلا ونهارا وكنت في غاية الشوق لرؤيتها ولكني تملكت نفسي لتلك الرغبه.
وفي يوم السفر كنت في حاله فقدان وعي غريبه فكل شيء امامي مطمس المعالم اذاني تسمع بلا تركيز عقلي ليس معي ، المهم خرجت في الصباح ودعت بعض معرفي واهلي، وعدت في الظهيره وجلست مع احمد ومنار واوصيتهم على بعض وعلى والدي وطلبت منهم ان لا يقصروا في الرسائل حتى اطمئن عليهم، وجاء ناصر حتى نتحرك الى بورسعيد وودعتهم وعيني تملأها الدموع وكان موقف صعب للغايه فهذه اول مره اتغرب عن بيتي و وطني


           
تعليقات