قصة انصهار قلب البارت الرابع والعشرون24 بقلم فاطمة سلطان


قصة انصهار قلب
البارت الرابع والعشرون24
بقلم فاطمة سلطان


أحبِّيني بكلِّ توحُّشِ التترِ ... بكلِّ حرارةِ الأدغالِ، كلِّ شراسةِ المطرِ .. ولا تبقي ولا تذري .. ولا تتحضري أبداً، فقد سقطت على شفتيك كلُّ حضارةِ الحَضرِ .. أحبِّيني كزلزالٍ، كموتٍ غير منتظرِ .. وخلِّي نهدَكِ المعجونَ بالكبريتِ والشَّرر .. يهاجمني كذئبٍ جائعٍ خَطرِ .. وينهشني ويضربني، كما الأمطارُ تضربُ سَاحلَ الجَزْرِ..
أنا رجلٌ بلا قدرٍ، فكوني أنتِ لي قَدري .. وأبقيني على نَهديكِ مِثل النَّقشِ في الحَجرِ
#نزار_قباني 
_______________________________
كان رجب وهمس ووالدتها منتظرين تلك الطبيبة التي تتابع همس معها منذ بداية حملها 
نظر رجب علي ساعته قائلًا الي همس باستعجال 
- هي الدكتورة دي متعودة علطول تتأخر كده وله ايه ؟ 
اجابت عليه همس بنبرة هادئة
 - لا دي اول مرة البنت قالت ان حصلت ليها ولاده مستعجلة وهتتأخر شوية، لو عايز تمشي امشي انتَ علشان مصطفي، وانا معايا ماما 
أردفت والده همس قائلة
 - ايوة يا ابني روح شوف اخوك والف سلامة عليه وانا هرجع معاها علشان رايحة عند اختي وهي قريبة منكم، امشي انتَ مفيش داعي تخليك 
رجب وجه حديثه الي همس بنبرة هادئة ومعتذرة، فلولا هذا الظرف لما كان تركهم 
- ماشي انا همشي يا همس معلش ولما تخلصي رني عليا اطلب ليكم اوبر تمام ؟ 
ابتسمت همس بهدوء 
- تمام 
تركهم رجب بعد دقائق تقريبا ثم نزل وانطلق في طريقة ودق هاتفه مُعلناً عن اتصال من زينة، أجاب عليها فكان يظن انه مصطفي فاتصل به منذ ساعة تقريبا 
- الو يا مصطفي 
- انا زينة 
-  خلاص يا زينة  تلت ساعة واكون عندكم الدكتورة اتأخرت وانا سبت همس ومامتها هناك وجاي  
- مصطفي نزل راح عند خالد في الصيدلية ممكن تروح تشوف في ايه 
- مش فاهم 
- مش هعرف اقولك دلوقتي ارجوك  روح وخلاص علي هناك انا خايفة علي مصطفي هبقي اتكلم معاك لما ترجع تمام بس روح علي هناك علطول ومتقولش لمصطفي اني قولتلك عايزة اتكلم معاك بكرا كأني اتصلت بيك عادي علشان تروح علي هناك 
________________________ 
كان مصطفي يجلس مع ذلك الشاب الذي يعمل مع خالد منذ فترة في الصيدلية، حينما ذهب مصطفي لم يجد خالد وكان الشاب يحاول الاتصال به مرارا وتكراراً فهاتف مصطفي لا يعمل، أردف مصطفي بسأم وضيقٍ
 - لسه مقفول ؟ 
تحدث الشاب باستغراب فهو يحاول الاتصال به منذ ان جاء ولكن ليس هناك اجابة 
- اه مقفول برضو 
تحدث مصطفي بنبرة مستفسرة 
- اخر مرة شوفته امته ؟؟ 
- كان امبارح المغرب كده لما الشاب التاني استلم الشيفت وهو كان موجود ولما جيت ملقتش غير عبد الرحمن ومشي انا حتي قولت بليل لو مجاش هروح البيت أشوف ايه الوضع، لأن هو اللي قايلي كده لان اغلبية الوقت مش بيكون في البيت اعتقد يعني بيبقي مش عايز حد يعرف انه مش في الصيدلية، و الف سلامة علي حضرتك 
- الله يسلمك ..... 
دخل رجب الصيدلية وهو قلق جدا فمكالمة زينة لم تكن تجعل أحد يشعر بالطمأنينة فهو اخذ يرسم الكثير من السيناريوهات في عقله
 - السلام عليكم 
ليجيب الشاب ومصطفي  " وعليكم السلام " 
أردف رجب بهدوء
 - اتاخرت عليك ؟؟ 
- لا ابدا 
قاله رجب باستغراب بعد أخذ باله بغياب خالد
 - اومال خالد فين 
مصطفي ذم شفتيه بضيق، ثم أردف قائلا بنفاذ صبر
 - مش عارف مش موجود وتليفونه مقفول ياله نروح المستشفي 
________________________________ 
في الساعة الخامسة مساء / شقة مادونا تحديداً في غرفتها 
كانت مادونا تنظر في الهاتف الي تلك الاوراق التي التقطت لها زينة صور بالهاتف فأخذت تبحث في دولاب مصطفي والكثير من الاماكن المختلفة  في الشقة عن تلك التحاليل التي اجراها للتأكد من نسب زين له،  فكانت زينة تحاول تجميع كل الأدلة لرجب ولأخر مره تتأكد من كل تلك الأشياء التي سمعتها، رُبما كانت تعلم جيدا ان فصيلة دم زين لا تُنسب ابدا لمصطفي ولكنها كانت تريد التأكد وكيف تغيرت تلك النتائج  
مادونا أردفت بانزعاج شديد 
- والله المفروض المعملين دول يتبلغ عنهم، زينة التحاليل دي هبله مش تزوير معمل ده واحد بياع بطاطس عاكك في النتائج باينه اوي انها fake  
تحدثت زينة باستغراب
 - باينه اوي ازاي يعني مهوا مكتوب النسب وكل حاجة تمام 
أردفت مادونا بتفسير
 -  والله شكلك هبله  انتِ وهو 
- زفته اتلمي متشتمهوش 
- خلاص اسفة 
تنهدت تنهيدة مطولة ثم أردفت قائلة
 - بعيدا عن الكلام وعن النسب حضرتك اللي ماضي علي التحاليل بتاعت المعمل الاولاني اربعه هما هما نفس اللي ماضيين في التقرير التاني مع أن المعمل التاني في إسكندرية، وده استحاله يحصل يعني اللي عمل كده حط كوبي بيست من النتيجة الاولي وحب يغير حاجات بسيطة زي اللوجو وطريقة الكتابة كأن خد نسخه من التحاليل دي وكسل يعدل كتير واكيد مصطفي مشافش مين اللي ماضي اكيد ان همه النسبة والكلام زيك بالظبط 
وضعت زينة يديها علي وجهها رُبما هي تسعد في تلك اللحظات التي تجلس فيها معه وتشعر بالحب والسكينة ولكنها تشعر بالعذاب حينما تبتعد عنه وتشعر بالخوف
 - حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم علشان هو معملش  في الحيوان ده وله في الجزمة دي حاجة ولا عمره ضر حد
 
حاولت مادونا تغير الموضوع
 - هو انت جاية منين كده 
تحدثت زينة بعدم اكتراث 
- وصلت رحمة الدرس علشان اشوف الاماكن واعرف بالظبط هي بتروح فين وجبت شوية حاجات كانت نقصاني وهقعد معاكي لغايت ما رحمة تكون قربت تخلص وهجبها وارجع يكون مصطفي ورجب جم، قوليلي انتِ ايه اخبارك وايه اخبار دكتور جوزيف 
- كويس رغاي مش اكتر اتصالات وانتِ عارفة اني بزهق بس الي حد ما عسول وجنتل 
- ياه مادونا اخيرا قالت علي راجل صفات كويسه 
- انا بحب الحق وبعدين بلاش انا علشان بغير رايي في دقيقة 
أردفت زينة بخبث
 - غيري رأيك يعني هي كلمة قرمط اللي وقفت وانتِ منتظرة كلمتي مثلا لو مش حابة الموضوع مكنتيش هتردي عليه يا ماما 
- مستفزه 
- ممشيش معاكِ عسولة وجنتل ؟؟  ______________________________ 
في سيارة رجب بعد ان ذهبوا لشراء هاتف جديد لمصطفي، كان يجلس بجانب رجب بعد ان اطمئنوا علي صحة اسلام رُبما كان يتحدث بصعوبة جدا وبكلمات قليلة ولم يسمح الطبيب لهم بأن يجلسوا لمدة طويلة فمازال في العناية المركزة ما اخبرهم بالا يقلقوا امه وان يرسل احدهم رساله لأخيه الصغير من الحساب الخاص به ويخبرهم بسرقة هاتفه وحينما يتحسن يتصل بهم
 
أردف رجب مقاطعاً لحالة الصمت الذي أصابتهم منذ خروجهم من المستشفى
 - انتَ هتعمل ايه في عربيتك 
- هعمل ايه يعني هو باين ليها ملامح 
تحدث رجب بنبرته الهادئة والمعروفة عنه 
-خلاص شوف هتعمل فيها ايه وانا بكرا هحول فلوس لحسابك علشان تدفعها لتقديمة عربية جديده تروح تختارها من المعرض 
مصطفي قائلا برفض
 - ملوش داعي انا معايا ولو ... 
قاطعه رجب قائلا بإصرار 
- مفيش لا، انتَ فلوسك كلها بتكون  بتاعت المعرض معندكش فلوس معينة شايلها كل اللي بيجي بيبقي داخل في حاجة تاني، وغير كده بتجهز الشقة اللي تحت علشانك انتَ وزينة وانا عايزك تسرع وتعيش مبسوط وفي استقرار بعيدا عن اي حاجة حصلت انا عايز اشوفك مبسوط زي زمان انا مبعملش حاجة بالفلوس دي من ساعة ميراث أبوك، وعايش بمرتبي ووقت ما تكون عايز ترجعهم رجعهم بس الاهم انك تظبط حياتك، ولما اخوك الكبير يقول حاجة تقول حاضر وله ايه 
ابتسم مصطفي تلقائيا بعد كلام رجب فتذكر تلك المُشكلات التي كانت بينهم منذ الصغر وكان يُصر رجب في نهاية حديثه بأنه هو الكبير ويجب ان يستمع مصطفي الي حديثه 
- ايه 
ابتسم رجب أيضا قائلا 
- من صغرك بتسمع كلامي زيادة عن اللزوم، شوف امته هتفك دراعك وتختار العربية اللي تعجبك وابقي يا سيدي ادفع الاقساط انتَ وابقي رجع فلوسي وقت ما تحب 
________________________________ 
في المساء تقريباً في العاشرة كان الجميع يجلس في شقة نجاح وكل شخص بداخله هم مختلف ولكن تلك الجلسات التي يجتمع فيها العائلة تنسي بها هُمومك وبشار كان معهم ولم يذهب لبيته بعد وتحدثوا في الكثير من المواضيع المختلفة والذي حرصوا ان تكن جميعها مُفرحة 
ومن وسط تلك الأحاديث كانت رحمة تتحدث بحماس عن استعدادها لتلك المرحلة الجديدة فهي بالفعل احست بالعائلة معهم حتي انها تعتبر نجاح والدتها وأصبحت قريبه لها جدا هي وهمس وحتي ملك قريبة همس، فوجدت نفسها معهم والحق يُقال انهم يعاملونها أحسن معاملة حتي ان نجاح تعترض بعض الشيء بفعلها شيء من مهام المنزل الا قليلاً وتجعلها تهتم بدراستها فقط وتشعرها انها في بيتها ودائما تحدثها عن الخصال والصفات التي يجب ان تكن بفتاة في عمرها وتحدثها في أمور الدين كثيراً فاغلب الاوقات تكن رحمة مع نجاح وهمس 
فأردف بشار الذي كان يجلس علي أحد المقاطع وهو يأكل بعض المقرمشات
 -   علمي وله ادبي ؟ 
اجابت رحمة بعدم اكتراث
 - ادبي 
بشار بفخر " اي حاجة تقف قصادك في التاريخ  العبد لله موجود " 
انهي بشار حديثه وهو يشير علي نفسه، فتحدث مصطفي بسخرية وهو يجلس علي الاريكة وبجانبه زينة ورحمة 
- هو انتَ مش كنت علمي وخريج علوم، والباشا دكتور تحاليل 
رجب بسخرية
 - لا هو الضهر دكتور تحاليل وبليل مدرس تاريخ 
بشار تحدث حانقاً 
- علي فكرة انا مش هرد عليك مش علشان معنديش رد يا رجب لا علشان انتَ ايدك طارشه 
همس " صح ايه علاقتك بالتاريخ " 
مصطفي ساخرا وينظر الي بشار نظرة ذات معني
 - ايه العلاقة يا دكتور 
بشار وهو يخلع نظارته الطبية ويمسحها ثم يرتديها مرة أخري قائلا بهدوء
 - لا ما انا ايام المراجعات ساعة ثانوي كنت بكراش علي واحدة معايا في درس العربي اكتشفت انها ادبي مش علمي فحضرت كام حصة تاريخ 
رجب ساخراً " انا خالتي لو سمعتك هيجري ليها  حاجة والله " 
بشار مُعترضاً "  بفيد المجتمع وكنت بذاكر لأختي التاريخ ومقفلاه ثانوية عامه وكله من كام حصه الله يمسيها بالخير حببتني في التاريخ " 
مصطفي أردف ساخراً  " وقصه الحب العظيمة دي  خلصت فين " 
بشار مُعترضاً وقائلا بانزعاج أجاد صُنعه
 - عيب عليك اللي بتقوله ده انا اكراش ااااه، لكن اعيش قصة حب استغفر الله ليه مبخافش من ربنا
 
زينة " من بعيد لبعيد يعني " 
بشار " بالظبط الله يفتحها عليكي يا اختي في الله، معاها عيلين، انا كمان شاطر في علم النفس لو حابة انا ممكن اذاكر لبنت اخوكي " 
رحمة تحدثت بهدوء لا تقصد شيء ولكنها تلقائية
 - انا مبحبش حد يذاكر ليا طول عمري بذاكر لوحدي وبطلع من الاوائل 
أردف بنبرة مُفتعلة 
- يا بنتي اسكتي، دي لو قعدت جنب  حد عينه وحشه وقالت الكلمتين دول هيجبها انتِ تعملي نفسك بتعرفي تفكي الخط بالعافية اوعي تقولي لحد كده اوكال انا اتحسدت بسبب كده 
رجب وهو يحك ذقنه قائلا 
- يعني مش علشان كنت بتحضر دروس ملهاش لزمة ومضيع فلوس خالتي 
بشار " ابداااااا علشان كنت محسود " 
مصطفي " عندك حق فعلا ربنا معاها يارب،  وبعدين معلش في السؤال هو انتَ كنت بتحضر علم نفس برضو علشانها " 
بشار نهض قائلا بحدة
 - عيب عيب عليك يا مصطفي انا جايب مجموع برضو اكيد مكنتش طول السنة بلف حوالين البنات اومال دخلتا كليه قمه ازاي 
اردف رجب وهو يرفع حاجبيه قائلا 
- اومال تعرف علم نفس منين ؟؟ 
بشار جلس مرة اخري قائلا
 - الله يمسيها بالخير سارة كان عليها شعر كيري في الزقازيق  كلها تحلف بيه كانت اداب علم نفس وبحضر هناك محاضرات 
نجاح  " تصدق بالله انا مش هدافع عنك تاني مهما امك قالت  " 
بشار تمتم بحنق ومرح في انن واحد
 - علي فكرة انتوا بتحبوا الانسان اللي يلف ويدور عليكم  اما الانسان الصادق الصريح  اللي بيعترف قبل ما يأخذ القلم مش بيعجبكم
نجاح " انتَ محتاج تتربي من اول وجديد ليها حق امك تقولك الواد هيبور جنبي والبنات اتجوزوا، طول ما انتَ عينك فارغة مش هتنفع " 
بشار " انا يا خالتي ؟؟؟ عيني فارغة مكنش العشم " 
ثم وجه حديثه لمصطفي قائلا 
- بكرا هاجي اخذ منك عينه واعملك تحاليل اطمن عليك 
مصطفي " لا انا مش فأر التجارب بتاعك وبعدين انا لسه عامل في المستشفي هي شغلانه " 
بشار قال بغرور  " تحاليلي غير ومسمحلكش تقارني باي حد " 
ثم استكمل حديثه قائلا
 - انا عمري ما انسي لما كنت عندنا ولسه في الكلية امي اللي جابتني من بطنها مامنتش ابنها يسحب منها عينه اكمني كنت بتعلم لسه وانتَ بكل جراءه قولتلي اسحب مني 
ثم وجه حدثه لزينة
 - انتِ متجوزه سيد الناس ده قلبه ميت ده شقاوة قديمة ده 
زينة " فعلا مضحي انا نفسي  مرضتش اخلي مادونا تجرب فيا ابدا وامها، ابوها هو اللي رضي "
 
قاله مصطفي بنبره مرحة رغم ان بداخله الكثير
 - قد ايه انا انسان مسالم 
بشار "  مادونا دي حلوة  ؟ " 
_________________________________ 
بعد ساعتين بعدما ذهب كل شخص الي شقته وبيته وخلدت رحمة الي النوم فأصبحت تنام مبكراً منذ ان بدأت دروسها ونجاح ايضا قد نامت. 
في شقة مصطفي كانت  زينة تجلس بجانب مصطفي علي الاريكة ويشاهدوا التلفاز وعلي فخذها تضع الحاسوب ( اللاب توب ) وتنزل بعض القواميس التي ستساعدها في الكورس وكانت قد انتهت من مساعدة مصطفي في تغيير ملابسه والاستحمام، فمن الصعب عليه فعل ذلك بمفرده وكانت قد جعلته تناول الطعام في الأعلي فشعرت بالحرج من ان تجعله يتناول الطعام بيديها في الأسفل كان مصطفي يتحدث مع بعض الأشخاص من اجل العمل تارة وتارة اخري يتصل به بعض المعارف للاطمئنان علي صحته بعدما علموا بتلك الحادثة وحينما انتهي من مكالماته أردف قائلا مقلداً إياها في الأسفل 
- انا طالعة احمل قواميس من علي لاب توب مصطفي ونازلة 
نظرت له ببرود وكأنها تحاول التعلم منه 
- ما انا بحمل فعلا فين الغلط ؟ 
مصطفي وضع الهاتف علي الطاولة ونظر لها قائلا 
- عم عبده اللي ساكن قصادنا هو ومراته عارفين ان اكيد مراتي بتغيرلي هدومي وبتساعدني اغير واستحمي والبيت كله عارف ايه اللي طالعة احمل قواميس انتِ رايحة السايبر اللي في الشارع اللي وراكم  شكلك كان غبي اوي  
نظرت له زينة ثم عادت ببصرها مرة اخري الي الحاسوب ليستكمل مصطفي حديثه
 - معرفتكش انا كده !!! عامل نفسك اطرش ليه 
- معنديش رد اقوله غير اني مازالت بتكسف منهم خلاص ارتحت ؟؟ انا هنقل الحاجات علي الفون هي خلصت خلاص 
- ابقي  خديه وخليه معاكي انا مش بستعمله اساسا جبته من سنين طويلة ولا عملت بيه حاجة ولا فادني اصلا فخليه معاكي مدام هتحتاجيه 
- مش محتاجاه اوي خليه معاك ولما اعوزه تاني هقولك 
تنهد مصطفي بإرهاق ثم أردف قائلا 
- طيب 
- بتفكر في ايه 
-  عندي ملل بسبب اني مش عارف البس لوحدي، تقريبا الواحد مبيعرفش قيمة النعمة اللي فيها زي المواقف دي 
تحدثت باستغراب وهي تغلق الحاسوب وتشعه علي المقعد الذي يتواجد بجانبهم وترفع حمالة التيشيرت الذي ترتديه فهي ارتدت الاسدال فوق تلك المنامة
 - مليت ايه يا مصطفي انتَ مكملتش 24 ساعة وبعدين زعلان من ايه  كفايا انك مدلع
- بتذليني يا زينة بكرا ترميني في دار مسنين 
رفعت زينة حاجبيها قائلة بمرح 
- انا مراتك  مش بنتك دلوقتي 
- سوري اندمجت شوية 
ابتسمت زينة ثم تحدثت بجدية 
- مالك يا مصطفي ايه اللي شاغل بالك 
تنهد مصطفي قم أردف قائلا بتفكير
 - خالد مش موجود مختفي ومتخانق مع ابوه الموضوع يعني خالد مهما حصل عمره ما بيمشي ويقفل تليفونه دي حركتي، اما في عز ما اخوه مات من كام سنه كان قاعد من تاني يوم في الصيدلية عادي ويصادف نفس يوم حادثتي كمان
تحدثت وهي تتصنع اللامبالاة رغم انها اكثر منه قلق وتفكير
 - متشغلش بالك بيه 
- عارفة ايه اللي مزعلني يا زينة 
- ايه 
- اني احس ان حد كان ممكن اموت علشانه احس معاه بالغدر 
- خلي بالك من نفسك، والمهم تخاف علي نفسك وبس 
تحدث بانزعاج شديد وكأنه يفرغ ما بداخله عقلها قد شُل عن التفكير بمفرده 
- خالد هو اللي حط البرشام مش عبدالله خالد هو اللي خلي كل واحد من أصحابه يعيش اسود ليله في عمره وفي اللي عاش سنتين، طول حياتي كان ممكن اضر نفسي علشان غيري عمري ما حبيت اكون سبب في ضرر حد حتي انتِ  بعدت عنك كان علشان مضركيش 
نظرت له زينة باستغراب قليلا ليستكمل مصطفي حديثه
 - كان ممكن  اعترف بغلطتي ونرجع لبعض واقولك استني اطلق بس انا مش كده محبتش في يوم تكرهي نفسك بسببي او تقلي في نظر نفسك او في نظر حد ولا حبيت حد يقول عليك خرابه بيوت مثل ممكن اكون فيا عيوب الدنيا بس عمري ما ضريت حد او استغليت حب حد ليا 
قاطعته زينة قائلة وهي تضع اصابعه علي وجنتيه قائلة بنبرة حانية ورقيقة 
- قولتلك قبل كده انتَ تستاهل احسن حاجة في الدنيا واحلي واحد في الدنيا كلها 
ابتسم مصطفي لها قائلا 
- تعبت من اني بخسر ناس او بنخدع في ناس
 
- مش انا معاك  ؟؟ 
- اه 
- مش مامتك موجوده وبتدعي ليك في كل صلاة ؟ 
- الحمدلله ربنا يطول في عمرها 
- اللهم امين يارب، اخوك مش في ضهرك ؟ 
- اه الحمدلله 
تحدثت زينة قائلة 
- عيلتك موجوده تأكد مفيش حد تاني يستاهل تزعل علشانه مفيش اهم من طول انهم يكونوا معاك وشغلك موجود وواقف علي رجلك يبقي انتَ معاك كل حاجة، كل حاجة ضاعت منك تقدر ترجعها تاني بس الاخ مش بيرجع والام مش بترجع مهما بقا في ناس جنبك حتي صاحبك تقدر تعوض بداله الف 
قبل رأسها ثم ابتعد قائلا برفق وصدق
 - وانتِ ملكيش تعويض، مش بس لانك مراتي لا فعلا انت واحدة مترجعش تاني في حياة اي حد 
ابتسمت له ثم وضعت رأسها علي كتفه ليقبلها مره اخري وأمسك يديها قائلا
 - عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم 
ظلت بنفس الوضعية قائلة  باستغراب
 - موضوع ايه ده 
مصطفي أردف قائلا 
- الشقة هتتوضب زي ما هي مفيش حاجة هتقف الحمد لله انا كويس ومش محتاج ناجل حاجة  وفي حبه حاجات لازم تتعمل ونتفق عليها زي المرة اللي فاتت 
رفعت زينة حاجبيها قائلة وهي تذم شفتيها باستغراب
- ايه الحاجات دي بقا 
نظرت له حينما رفعت رأسها من فوق صدره لتكون عينيها قريبة منه 
- اول حاجة هتبدائي تجهزي نفسك من جديد من غير اي نقص  انا بقولك اهو خم مبحبش، تاني حاجة هننسي اللي فات كله ونبدأ صفحة جديدة 
تحدثت زينة باستغراب فلم تفهم جيدا 
- يعني ايه 
قال بنبرة مسرحية 
- لسه هنتجوز محصلش بينا حاجة 
- شور ؟ 
مصطفي أردف بحدة اجاد تصنعها
 - اه طبعا احنا هنهرج وتبعدي عني كده
 
لتبتعد عن احضانه باستغراب وكادت ان تتحدث ليقاطعها بفعلته ويرفع حمالة ذلك التيشيرت التي ترتديه ويظهر بداية نهديها
 - شغل الاغراء ده ننساه 
- بطل قلة ادب أساسا وقعت لوحدها انا ..
هتف مُعترضاً ومقاطعاً إياها
 - لا معلش حاسبي بقا وياريت بلاش تقعدي تغريني بقا واحضني يا مصطفي وبوسني يا مصطفي والكلام ده ننساه واتقي الله كده ومتستغليش اني طيب وبيضحك عليا بسرعة 
أردفت حانقة واحمر وجهها لا ندري هل هو من الغضب او الاحراج 
- انا  بقولك كده ؟؟؟ 
- اه متكدبيش كله الا الكدب بصي اعملي اي حاجة غلط الا انك تكدبي، وحاجة أخيره  لو سمحت 
تمتمت باعتراض 
- خلاص مش هسمع حاجة 
- لا دي مهمه دي مينفعش نتجاهلها 
لينزل تلك الحمالة التي رفعها المرة الفائتة ويقبل كتفيها قائلا بمرح 
- ممكن متسمعيش كلامي في اخر حاجة 
- عارف يا مصطفي انا لو عاندتك في اي حاجة هسالم في الأخيرة 
مصطفي قالها بانزعاج
 - طاعة الزوج واجب 
- لا اسكت انتَ مش خطيبي 
أردف مصطفي ساخراً 
- بتغيري لخطيبك هدومه يا زينة من امته ؟ 
أردفت وهي تلوي شفتيها قائلة
 - عادي ثواب 
- ربنا يجعل قلبك عامر بالإيمان 
- امين يارب وياله بقا علشان تنام 
- هي حصلت لكده
- اه حصلت 
- هاتي بوسه طيب 
- لا اتقي الله يا مصطفي علشان ربنا يباركلك بدراعك ده  
________________________________ 
في الصباح الباكر في شقة رجب وهمس 
كانت همس تصنع القهوة لزوجها في المطبخ لتترك زينة معه فهي علمت انها تريدة في شيء خاص جدا  
زينة بعد ان قصت له كل ما عرفته من وقت سقوط زين وذهابهم الي المستشفي وارسلت له تلك النتائج التي التقطتها 
-  صدقني يا رجب انتَ زي اخويا وانا عرفت الموضوع من بعد موت زين باسبوع 
انا مش عارفة اعمل ايه وخايفة علي مصطفي اكتر بسبب غياب خالد وده في حد ذاته شيء مخوفني انا حتي خايفة علي رحمة برضو 
رجب تحدث قليلا بنبرته الهادئة 
- انا مصدوم صدمة عمري دلوقتي وبرضو مش عايزك تقلقي اللي زي خالد ده بتاع كلام لانه لو كان قادر يعمل حاجة كان عملها اللي بيعمل مبيقولش او يهدد كتير 
زينة " انا مبقتش عارفة اتصرف لوحدي وملقتش حد الجأ ليه غيرك  اكيد خايف علي مصلحة اخوك ولان في الناحية التانية بنت عمكم برضو "
رجب " اللي قولتيه اصعب شيء سمعته في حياتي كلها خالد واحد انا نفسي كنت بعتبره اخونا التالت وفي الناحية التانية بنت عمي وفي النص اخويا " 
زينة " انا مسجلة اساسا اعتراف ايتن  المرة التانية لما جت البيت هنا واقدر ابعتلك صوتها لو لسه مش مصدقني بعد التحاليل وصور تحليل dna "
رجب "  أنتِ اكدتي شكوك كنت بقول دي شيطان في دماغي لاني انا وماما مصدقناش ابدا ان مصطفي يسيبك في لحظه ويوم ما هيسيبك هتكون علشان ايتن،  وقولت يمكن فعلا غلط مع ايتن وصلح غلطته يمكن ده كان هيكون اهون من انه يطلع كده عموما روحي شقتك زمان مصطفي صحي علشان رايحين لحمصه وانا هتصرف خرجي نفسك برا الموضوع "
__________________________________ 
في شقة مصطفي دخلت زينة الي الغرفة وجلست بجانبة وأخذت تهتف قائلة
-  قوم يا صاصا بابا جاب موز قووم
مصطفي اعتدل قليلاً وحاول ان يفيق
- انتِ مروحتيش الشغل برضو النهاردة ؟
 
تحدث بنبرة هادئة
- انا هسيب الشغل كده ده في شغلانة تاني احسن  بعد ما اخلص الكورص دلوقتي انا ههتم بيك وبس
مصطفي تحدث بمكر وهدوء
-  متسبيش حاجة علشاني وبعدين انا كويس 
زينة تحدثت بنبره هادئة
- انا كده كده مش بشتغل علشان الفلوس مثلا انا كنت بشتغل علشان مكنتش عايزة اشوف وشك ووش الهانم اللي كانت هنا، انا عايزة اشتعجل شغلانة ليها برستيج  ترفع مني وبعدين عايزة اخلص الكورس ولما اقعد هكثف فيه غير اني اهتم بيك دلوقتي
مصطفي تمتم بنبرة مهذبة لا تليق مع طلبه
- ربنا يخليكي ليا خلاص هاتي بوقك علشان اشكرك
- متحرش درجة اولي مش معني اني متعاطفة معاك إنسانية ولانك خطبيبي تعمل كده 
- ياستي ده انتِ ست غريبة جدا بتمسكي في ام الكلام ليه انا اول مره اقول كلمة وتطعيني كده
- مش بمسك في الكلام ياله رجب قاعد مستنيك في شقته
- معلش هقوله في بوسه من امبارح هموت واخدها معلش علي فكرة انتِ مش سهله 
- ذاكر انتَ بس 
قالها وهو ي فع حاجبيه
- خفه اوي مستضعفاني يعني علشان دراعي طب ما انا ممكن اعمل كده
ليجذبها بذراعه الاخر  وأردف قائلا
- انتوا صنف حريم متجوش بالذوق
رفعت حاجبيها قائلة بسخرية
- ده علي كده ما شاء الله تجربتك واسعة اوي قوم صلي يمكن ربنا يهديك اقولك صوم 
(يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ) 
- ما شاء الله انتِ اسلمتي امته بالضفرتين اللي عاملاهم دول
- من زمان 
- اصوم ؟؟ هو البعيدة حولة وله ايه النصيحة دي مش بتتقال في حالتي خالص افعمي بتقولي ايه يا ماما
تحدثت بضيق
- علي فكرة ايدك كلبشات بصراحة ممكن تبعد لو تكرمت عني لسه صاحي من النوم وتعبان وايدك التانية متجبسه وفيك صحة تناهد وتعمل كده 
- انا عملت ايه شديتك يعني دي هي الصحة ؟؟ خمسي في وشك خمسي يا ماما ده ايه بتقري عليا في وشي 
- هقر عليك ليه يعني خلص بقا قوم وابعد ايدك عيب كده 
لوي شفتيه بتهكم
- خلاص انا لقيتها علشان عيب بعيب يبقي خلاص 
اقترب من شفتيها لياخذها في عناق متمثل في قبلة هادئة ليست قوية حتي يستمتع بتفاصيلها وحرارة مشاعرهما من الممكن ان عُنقها قد أخذ نصيبه ايضا من تلك القبلات لدقائق غرقوا في وصال حميمي وكأنه ينسي الدنيا في قبلة لوجنتيها وشفتيها وهو مستمتع بنبضات قلبها العنيفة اثر قُربه منها فيحق له القليل من الاستمتاع
ليقاطعهم صوت جرس الباب
ليبتعد عنها فأردفت زينة قائلة 
- ظهر الحق 
- حق ايه انتِ بتاخدي حكم في قضية،  اتوكسي بقا  يا بومة
- انا بومة زود غلطاتك زود  
_______________________________ 
بعد مرور اسبوعين تقريباً
 كان مصطفي يجلس في مكتبه المتواجد في المعرض
ومازال خالد مختفياً واهله يبحثوا عنه ليدخل محمد وهو يضرب كف علي كف فساله مصطفي مُستفهماً
- مالك يا عم محمد 
- الحكومة قالبة الشارع يا ابني 
استغرب مصطفي وقالها بقلق
- ليه في ايه 
- قفلوا صيدلية دكتور خالد وشمعوها وبيقولوا انه بيتاجر في حاجات ممنوعه 
حلت ملامح الدهشة والصدمة علي وجهه مصطفي قائلا
- انتَ بتتكلم بجد ؟؟؟؟؟
- اه والله يا ابني انا لسه جاي من عند حمصه بشوف ايه اخباره اتفاجئت الناس كلها ملهاش سيرة الا خالد بيقولوا كمان في حد مشتكيه بشيكات وقدمها في القسم 
_________________________________
في أحدي الشقق في مرسي مطروح 
كان يقف خالد في الشرفة  ويدخن سيجارة ويتصل به شخصاً ما واخبره بما حدث لتأتي ايتن من خلفة قائلة
- في ايه بتزعق ليه
ليقص لها ما حدث فأردفت ايتن قائلة
- خلاص هدي نفسك
- انتِ اللي بلغتي عليا يا ايتن وله ايه اصل طقم الحنية اللي انتِ فيه ده مش مرتحاله
- هبلغ عليك ؟؟ انتَ بتقول ايه يا خالد لا طبعا حتي لو مش محبه ليك هخاف علي نفسي من تهديداتك
- معقول زينة ؟؟
تحدثت ايتن بخبث
- معتقدش زينة تجرأ تعمل كده واساسا محدش يعرف الحاجات دي غيرك انتَ وناس قليله حتي انا لسه عارفة انك بتاجر في الحاجات دي دلوقتي 
- انا لازم اسافر  ..
_______________________
#فاطمه_سلطان
وإن اجتمعا العالم بأكمله كي يقفوا في طريق سعادة أحدهم، لن يستطيعوا إبعاد شخصان قد كتب الله لهم نصيب سوياً
وإن اجتمعا الناس اجمعين حتي يجمعوا شخصان في طريق واحد، لن يجتمعا مادام كتب الله في قدرهم ان يخطو كل شخص منهما ويسلكا طُرق مختلفة

 



تعليقات