قصة انت حقى انا البارت الثاني عشر12 بقلم نورهان حسني


قصة انت حقى انا
البارت الثاني عشر12
بقلم نورهان حسني


بعد دوام العمل اتجه عز بصحبةحنين إلي الفيلا التي شهدت علي حب يولد بين فيروز و حسن.. 
ترجل عز من السيارة و أمسك بيد حنين و دخولوا إلي الفيلا يتفقدون كل جزء فيها..ذبلت الزهور و سقطت أوراق الأشجار..غلب الحزن و الكرب علي كل ركن من أركان المنزل..اتجه عز بنظره إلي الحديقة و تذكر بصعوبة آخر مرة كان يركض فيها في هذا المكان و هو ممسك بيد والده..تجمعت الدموع في عينيه و كأنه يري والده عندما حمله و رفعه لأعلي و هو يضحك..أما حنين فنزلت بمستواها قليلا إلي الأرض و أمسكت بوردة ذابلة تمسح الأتربة عنها...تحسست حنين الوردة و تذكرت والدتها عندما كانت تقص عليهم أنها كانت تزرع كل أنواع الأزهار في حديقة المنزل..دمعت عيون حنين و رفعت نظراها تتأمل جدران المنزل من الخارج..تذكرت كم مرة وقف بيها والدها حسن أمام باب المنزل يقص عليها حكايات هادئة كي تنام..شعرت و كأنها تري والدها يقف أمامها و هي بين يديه يقص عليها إحدي قصصه...جذب عز حنين من شرودها و ضغط علي يدها قائلا:يلا عشان ندخل 
اتجهت حنين بجانب عز و فتح عز باب المنزل علي مصرعيه ليدخل بصيص من النور إلي هذا المنزل الذي هجره كل معني للحياة منذ سنين... 
احتمت حنين خلف عز خوفا من الحشرات و الظلام الذي يعم المكان و عز يطمئنها علي قدر ما استطاع.. 
حنين بخوف:تفتكر هنلاقي المفتاح دا فين!! 
عز:هنطلع ندور في أوضة بابا و ماما الأول 
سارا التؤامان بجانب بعضهما علي السلم الذي كانوا يسيرون عليه في طفولتهم وهم ممسكين بيد والدهم و والدتهم..ليغوص عز في ذكرياته بليلة مرض أمه.. 
FLASH BACK.. 
كانت فيروز متمدده علي الفراش بضعف بعد أن غليها الحزن و سيطر عليها المرض... 
طلب من عز و حنين أن ينتبهوا لكلامها وقالت:بعد ما جينا مرسي مطروح عمكوا طه جابلي شنطةمن باباكوا و جواب صغير و لما فتحتهم الشنطة معظم اللي فيها ورق لشغل باباكوا و حاجات أنا مقدرتش أفهمها بس اللي أقدر افهمه إنه دليل ضد اللي قتل أبوكوا حقكوا عليا إني مقدرتش أجيب حق حسن بس غصب عني 
حنين بدموع:ماما عشان خاطري ارتاحي أنتي تعبانة مش وقته كلام 
فيروز بابتسامة:أنا فضلت ساكته كتير يا بنتي المهم الجواب اللي كان مع الشنطة كان طلب من أبوكوا إني مفتحش قضية قتله لو حصله حاجه إلا لما تكبروا و تقدروا تحاربوا عشان حقه و انا نفذت كلامه و الشنطة دي فيها الورق اللي أخدته من الفيلا يوم ما هربت بيكوا..الشنطة كان ليها مفتاحين واحد في الفيلا اللي عشت فيها مع أبوكوا و التاني كان معايا بس رميته عشان عارفه إني لو سبتكوا في أي لحظة و انتوا لسه مكملتوش تعليمكوا هتنشغلوا و أنا مش عايزه كدا أنا عارفه إن في يوم هترجعوا قصر آل توفيق و يوم ما ترجعوا أطلبوا من عمكوا عامر يوديكوا الفيلا و هناك هتلاقوا المفتاح
BACK... 
فاق عز من شروده علي صرخة حنين ليلتفت لها بسرعة ويقول بخضة:في إي أهدي 
حنين بخوف:فأر يا عز فأر تعال نمشي من هنا المكان هنا يخوف
عز بهدوء:حنين أهدي و افتكري إحنا جايين هنا ليه متسبيش إيدي يا حبيبتي 
تنهدت حنين بخوف و تعلقت بيد أخيها و دخولوا غرفة فيروز و حسن.. 
وقفت حنين أمام مرآة والدتها ومسحت من عليها الأتربة ونظرت لها بعيون دامعة وشعرت كأنها تري والدتها أمامها تمشط شعرها لتسقط دمعة من عيونها وتقول بصوت منخفض:ربنا يرحمك يا ماما..أما عز فاتجهه إلي طاولة في اٌصي الغرفة عليها آلة حاسبة و قلم وبعض الأوراق...حمل عز الأوراق ومسح عنها الأتربة ليري علامات طفيفة لأرقام يبدو أن والده كان يحسبها..مسح عز الأتربة عن الآلة الحاسبة والقلم و وضعهم معه.. 
عز بجدية:يلا نبدأ 
حنين بنشاط:يلا 
انشغل التؤامان بالبحث في كل أركان الغرفة عن المفتاح أو أي ورقة و لكن دون جدوي..مرت ساعتين و هما منشغلين بالبحث ولكن دون فائدة... 
خرج التؤامان من باب الفيلا و استقلوا السيارة ليقول عز:لما نرجع من مطروح نبقي نبدأ تاني 
حنين بتنهيده:تفتكر هنلاقيه 
عز:بإذن الله 
............................. 
في اليوم التالي..بعد أذان الفجر..سارت حنين بصحبة أخيها إلي مرسي مطروح لحضور حفل زفاف أحد جيرانهم و رؤية أهل الحي الذي تربوا فيه..مرت ساعات السفر بسرعة وعز وحنين يتبادلون أطراف الحديث إلي أن وصولوا إلي الحي ليجدوا الجميع في استقبالهم و في مقدمتهم العم جميل الذي بكي بمجرد أن رأئهم من فرحته.. 
ظل عز و حنين يستقبلون التحيات من الجميع و خصوصا أطفال الحي إلي أن هدأت التهنئات و صعدوا إلي المنزل بعد أن شكروا أحد جارتهم علي ترتيبها للمنزل.. 
أما في قصر آل توفيق..كان اليوم العطلة للجميع فأخذ ماهر فرح في نزهة بمفردهم..أما أمجد فأخذ طفلته المدللة رقية و أخته الصغيرة جهاد إلي مدينة الملاهي.. أما عامر فاستغل يومه كله مع زوجته يعوضها عن تقصيره في حقها..و أدهم كعادته في مرسمه و معه فنجان القهوة...و غادة كعادتها في الخارج مع صديقتها... 
مع حلول الليل..تزين الحي بإضاءات البهجة و ألقيت الأزهار في كل مكان..ارتفع صوت الأناشيد الدينية..و انقسم الحي إلي جزيئين "جزء يضم السيدات" و جزء مخصص للرجال لتبدأ مراسم الزفاف معلنه تجمع قلبي عاشقين في الحلال.. 
بعد انتهاء الزفاف..استقل عز سيارته و بجانبه أخته بعد أن ودعوا أهل الحي بوعد بلقاء جديد.. 
مع دقات الساعة الثالثة بعد منتصف الليل..سكنت سيارة عز قصر آل توفيق..لتهبط حنين من السيارة بتعب و تجد عامر و سناء انتظارهم بقلق..رفعت حنين حاجبيها بتعجب و حملت حقيبتها وعز يسير بجانبها إلي أن وصلوا إلي الحديقة..ليتنفس عامر الصعداء ويقول:أخيرا وصلتوا 
 
سناء بتنهيدة:حمدلله علي سلامتكوا

عز و حنين:الله يسلمكوا 
بعد أن تأكد عامر من سلامة أولاد أخيه صعد برفقتهم درجات السلم يستمع إلي حكايتهم الموجزة عن يومهم في الحي إلي أن وصولوا للطابق العلوي و اتجه كلا منهم إلي غرفته.. 
............................................. 
في اليوم التالي..سافر عز وعامر إلي مطروح مرة أخري وتمت إجراءات نقل جثمان فيروز بانب جثمان حسن..ليشعر عز أن والدته تسكن الآن براحة بجانب زوجها و تسعد حنين بهذا الخبر لأن بعد الآن لن تكون هناك مشقه عندما تريد أن تزور والدتها..بعد نقل الجثمان اتجهت العائلة بأكملها لزيارة فيروز بينما ظلت غادة في القصر تسب وتلعن لفيروز و طفليها اللذان يظهران كل معاني القوة.. 
و في أحد الليالي في حجرة حنين.. 
مدد عز بجسده علي الأريكة التي ينام عليها لتقول حنين:مالك يا زيزو 
عز بتنهيده:مش عارف متلخبط أوي يا حنين 
حنين بغمزة:إي بتحب ولا إي 
رسمت ابتسامة صغيرة علي شفاه عز وقال:هو لما يبقي نفسي اشوف حد في في كل لحظة في حياتي بس مبقدرش أرفع عيني عليه عشان مكسرش ثقة حد بيا ولما قلبي بحس إنه هيخرج من ضلوعي لما أسمع صوت ضحكتها و لما تبقي الإنسانة الوحيدة اللي قلبتلي كياني بدون أي إنذار يبقي إي 
حنين بضحك:تبقي اتوكست وحبيت يا زيزو 
نظر عز لحنين بضحك وألقي في وجهها إحدي الوسائد قائلا:أتوكست تصدقي قفلتيني نامي نامي
أمسكت حنين الوسادة بضحك وقالت:علي فكرة جهاد الإنسانة الوحيدة اللي اتمنتها زوجة وحبيبة ليك بس خالي بالك عمو عامر واثق فيك متكسرش ثقته حتي و لو بنظرة ليها 
عز بتنهيدة:جهاد 
حنين بمرح:لا أنا بغير علي فكرة 
عز بابتسامة:أتوكسي شيفاني رايح أتقدم 
ألقت حنين بالوسادة علي عز و قالت بنفس نبرته:أتوكس تصدق قفلتني نام نام 
انفجر عز ضاحكا و وضع الوسادة علي رأسه وبات في سبات عميق.. 
بعد مرور أسبوع شاق علي عز وحنين في البحث عن هذا المفتاح المجهول..جلست حنين علي أحد الكراسي في غرفة والدهم و والدتهم وقالت:أنا تعبت يا عز خلينا نرتاح شوية 
مسح عز بعض الأتربة من علي ملابسه وقال:يبقي أحسن برده 
حنين بشرود:مسبناش مكان في الفيلا إلا وقلبناه عشان نلاقي المفتاح و في الآخر مفيش 
عز بتنهيده:أصبري يا حنين لسه المشوار طويل 
حنين:ربنا م....
انقطعت حنين عن الكلام و هرولت إلي خزينة ملابس والديها ليقول عز:في إي

حنين بسرعة:بص يا عز بص في ورا الدولاب دا حاجه والله و الله 
عز:أنتي اتهبلتي يا بت باين 
حنين:طب حركه معايا كدا 
وقف عز بجانب حنين و ازاحوا خزينة الملابس عن الحائط لتقول حنين وهي تتحسس الجدران:في حاجه هنا أنا متأكده 
عز:أهدي كدا و فهميني في إي دا كله ورق حائط 
حنين بتذكر:ماما لما كنا مرة بنرتب الشقة قبل العيد اللي تعبت فيه قالتلي حركي الدولاب و نضفي حواليه عشان تلاقي اللي أنتي عيزاه ساعتها مفهمتش وقولتلها ماما هو في حاجه واقعه ورا الدولاب ضحكت وقالتلي اصبري يا حنين و كملنا تنضيف عادي 
حنين بابتسامة:الوقتي فهمت تقصد إي 
عز بانتباه:مفيش حته حديد هنا أي حاجه نكسر بيها 
حنين:هنزل أدور بسرعة 
هرولت حنين إلي أسفل الفيلا تبحث عن أي أداة حديدة بينما نظر عز إلي الجدار وألقي ورق الحائط الذي كان يغطيه..بعد دقائق صعدت حنين ومعاها قطعة حديديدة كبيرة وقالت:لاقيتها في الجنينة 
عز:أبعدي ورا كدا 
تحركت حنين عدة خطوات إلي الخلف وعز يحاول أن يصنع أي فتحة في الجدار إلي أن صنع فتحة متوسطة الحجم لتصرخ حنين بفرح و هي تنظر من الفتحة:دي الأوضة اللي ماما قالت عليها ياعز 
نظر عز من الفتحة و تذكر كلام والدته عندما قالت له "أبوك كان أحن راجل في الدنيا يا عز و لما أجوزني كان عشان بيحبني مش عشان أي حاجه تانية..كان بيخاف عليا من نفسه و عمره ما طلب مني حاجه..فضل سايبني شهور بنام في أوضة ملحقة بأوضته..حسسني بأمان لمجرد أنه موجود جمبي وخلاص..باباك كان الراجل الوحيد اللي استحق إنه يملكني كلي" 
حمل عز الحديدة من جديد و هو يحطم الجدار بفرح بينما أحضرت حنين قطعة حديدية أخري ليحطموا الجدار الذي بناه حسن بعد أن أصبحت فيروز زوجته بشكل رسمي بعد ليلتهم الأولي علي فراشه قرر أن يبني سورا خلف تلك الغرفة حتي لا يترك مجال لحبيبته أن تبعد عنه ليلة.. 
صنع عز فتحة كافية لمرور منها و دخل للغرفة و حنين تتبعه معهم كشافات للإضاءة..ظل عز وحنين يبحثان عن المفتاح داخل الغرفة..خطر ببال عز أن يكون خلف خزينة الملابس في تلك الغرفة شئ آخر ليحرك الخزينة بمساعدة حنين و يسقطوا ورق الحائط..لتتسع عيونهم دهشة من الباب الحديدي الموجود أمامهم.. 
حنين بدهشة:إي دا كمان 
مسح عز علي شعره بعصبية وقال:و دا هنفتحه إزاي؟؟؟ 
أشارت حنين إلي زر أحمر اللون في منتصف الباب وقالت:جرب دا كدا 
ضغط عز علي الزر بسرعة لتفتح الباب ويظهر باب خلفه وعليه لوحة مفاتيح كخزائن المال..
حاول التؤامان مرة إدخال الرقم ولكن دون جدوي..إلي أن قالت حنين:ما تجرب عيد جواز بابا و ماما

عز بانتباه:آه صح 
كتب عز تاريخ كتب كتاب حسن وفيروز ليفتح الباب بسرعة و تشتعل إضاءة تدريجيا لتنير المكان المظلم و توضح الصور للتؤامان لتزداد دهشتهم من السلم الذي يوجد علي امتداد بصرهم.. 
أمسكت حنين بيد أخيها وهبطوا سويا علي السلم الذي كان ينير تدريجيا إلي أن وصلوا لغرفة يكسو علي ملامحها الأتربة..أثاثها راقي وهادئ..يوجد بها مكتبة صغيرة وجهاز حاسوب قديم ومكتب و باب حديدي آخر كالسابق ليدخل عز تاريخ كتب كتاب والديه مرة أخري ويفتح الباب لسظهر خلفه مكتب حسن الذي كان ينهي به أعماله.. 
حنين بتعجب:دا معناه إن دا مكان بابا السري 
عز بسرعة:يبقي المفتاح هنا 
انطلق عز وحنين إلي المكتب الموجود بالمخزن السري و وضع عز كل الأورق الذي يجدها في حقيبة بينما حنين تحاول أن تفتح الدرج الأخير في المكتب ولكن دون فائدة ليقول عز:حاسبي يا حنين 
ابتعدت حنين قليلا و أحضر عز قطعة أثرية كانت علي المكتب و حطم بها واجهة الدرج ليظهر أخيرا المفتاح يعلو بعض الملفات..ليصرخ التؤامان بفرحة وتحتضن حنين أخيها وهي تصيح:لاقيناه أهو يا عز هيييييييييييه 
حمل عز المفتاح و الأوراق و وضعها في الحقيبة وقال:نروح بقي عشان هموت وافتح الشنطة 
حملت حنين الحقيبة وتمسكت بيد أخيها وصعدوا السلم مرة أخري و أغلق عز الباب الحديدي ثم خرجوا إلي غرفة والديهم عن طريق الفتحة و أزاح عز حطام الجدار و أرجع خزينة الملابس أمام الفتحة..و استقلوا السيارة واتجهوا مسرعين إلي الفيلا.. 
................................... 
بعد ساعة..في قصر آل توفيق..تحديدا في غرفة عز.. 
أغلق عز الباب بالمفتاح و أحضرت حنين الحقيبة التي أوصتهم بها فيروز و الحقيبة التي أحضروها اليوم من الفيلا وجلس الأخوان علي الفراش..أمسك عز بالمفتاح و وضعه في الحقيبة وتنهد براحة عندما فتحت الحقيبة.. 
كان الحقيبة تحتوي علي فلاشة صغيرة وكثير من الأوراق..أمسك عز ببعض الأوراق وحنين بالبعض الآخر وبدؤا في القراءة وعلامات الدهشة تزداد علي وجههم.. 
أسقطت حنين الورق بلا شعور وهبطت معاها دمعة حارة من عيونها وقالت بصوت ضعيف:بابا 
كان عز تحت تأثير صدمته من الملفات التي بين يديه يقلبها بسرعة ويدقق النظر فيها ما تلك العبارات القاتلة "جوابات تهديدات بالقتل" "ملفات لتورط رجال أعمال تبين مدي حقارتهم في تورطهم في عمليات تجسس ضد بلادهم مع منظمات صهيونية" "ملفات تبين تورط أحد أصدقاء حسن في عمليات عالمية للتجارة بالسلاح"
زادت دموع حنين و شهقاتها لينتبه لها عز و يقول بخضة:في إي يا حنين في إي

أشارت حنين بيدها إلي بعض الأوراق التي كانت تحملها ليحملها عز بسرعة و تتجمع الدموع في عينيه وهو يقرأها و كانت تلك الأوراق بيد حسن يحكي فيها ما حدث منذ زواجه بفيروز.. 
أسقط عز الورق من يده بغضب وصاح:و الله لأقتلهم ولاد ال..موتوا أبويا 
اتجهت حنين مسرعة إلي أخيها وقالت بترجي:عشان خاطري أهدي يا عز 
عز بغضب:بعد اللي قرئتيه دا وعيزاني أسكت أنتي شوفتي بعينيك بابا قايل إي 
حنين ببكاء:خلينا نفكر يا عز عشان خاطري خلينا نعمل فيهم زي ما عملوا في بابا وماما 
احتضنت حنين عز بكل قوتها وقالت:عشان خاطري يا عز بلاش تتسرع وخلينا نفكر 
حاول عز أن يخفف من عصبيته ومسح علي ظهره أخته بحنان وقال:طيب أهدي يا حنين 
عاد التؤامان إلي مكانهم ورتبوا الأوراق وأخفوها..لتقول حنين بصوت يغلب عليه البكاء:أول حاجه لازم نعملها إننا نوصل لدكتور الطب الشرعي 
عز:تفتكري لسه عايش ؟؟ 
حنين:حسب كلام بابا هو كان شاب في العشرينات يعني لسه عايش بإذن الله 
عز:تمام الدكتور دول سبيه عليا أما أنتي حاولي توصلي لمعلومات عن الشركات اللي بابا ذكر اسمها بخصوص إنهم بيقوموا بتخابر وتجارة سلاح 
حنين:و الإتنين اللي بابا حكي عنهم في الورق 
عز بنظرة قوة:لا دول بقي أنا هعرف إزاي أوقعهم بنفسي 
حنين بخوف:عز عشان خاطري خالي بالك من نفسك عشان خاطري أنت الحاجه الوحيدة اللي ليا 
عز بابتسامة:متخافيش يا حنين أخوكي قدها 
استمر التؤامان في حديثهم عما سيفعلوه ومخططاتهم للإنتقام لوالدهم..إلي أن قالت حنين بتعب:أنا عايز أنام 
عز:طب خلاص روحي أوضتك و أنا هغير هدومي و أجي 
حنين:عز متتأخرش أنا مبعرفش أنام لوحدي و بخاف 
عز مطمئنا:حاضر 
سارت حنين إلي غرفتها بينما دخل عز إلي الحمام الملحق بغرفته لأخذ حمام بارد لعله يخفف من درجة غليان رأسه من التفكير..وضع عز رأسه تحت الماء وقطرات بارده تسقط علي جسده وهو مغمض العينين..يتذكر دموعه في صغره عندما يري كل طفل مع والده..تذكر كم مرة بكت أخته علي فقدانها لوالدها.. تذكر والدته و كم مرة رآها تبكي في الخفاء وهي تحتضن دبلة زوجها.. 
فتح عز عيونه بتعب لتختلط دموعه بقطرات الماء ويلمس بيده سلسلة والده المعلقة بصدره ويضغط عليها بقوة ويكمل حمامه سريعا ويبدل ملابسه وسار في طريقه لغرفة أخته..
دق عز الباب عدة مرات ولكن دون أن يجد إجابة..ظن أن حنين مازالت تأخذ حمامها فانتظر قليلا وأعاد الطرق علي الباب ولكن دون أن يجد إجابة..

بدأ القلق يتسرب إلي جسد عز ففتح الباب بقلق...ليجد الغرفة فارغة و مرتبة..اقترب عز من الحمام الملحق بالغرفة وطرق الباب بقلق..ولكن دون أن يجد إجابة.. 
عز بقلق:حنين أنتي جوه يا حنين في حاجه 
لم يجد عز إجابة مما زاد قلقه وحسم أمره و حاول فتح الباب ليجده مغلقا من الداخل.. 
استجمع عز قوته وظل يركل الباب بجسده إلي أن تحطم و ددخل عز إلي الحمام ليجد أخته ملقي في أقصي الحمام بجانب البانيو.... 
اتجه عز مسرعا إلي حنين وهو يحرك جسدها بخوف قائلا:حنين يا حنين حبيبتي فوقي بقي بطلي الهزار دا يا حنين 
نظر عز حوله بعيون دامعة و أحضر إسدال أخته وألبسها إياه فوق ملابسها وأحكم حجابها وحملها بين يديه.. 
في بهو القصر كانت تجلس جهاد مع والديها يشاهدون أحد الأفلام العربية القديمة لتصرخ جهاد عندما رأت عز يحمل حنين..اتجه عامر وسناء باتجاه عز بسرعة وقالوا:في إي 
عز بنبرة باكية:معرفش معرفش أبعدوا أبعدوا 
ركض عز بجسد أخته الصغير واستقل سيارته وحنين في الكرسي الخلفي له وقاد بسرعة جنونية.. 
بعد ساعتين..في ممر المستشفي..يجلس عز علي أحد الكراسي مسند رأسه بين يديه ودموعه متحجرة في عيونه تأبي الخروج و إظهار ضعفها إلا في حضور أخته..وبجانبه أمجد وماهر و أدهم و أمامهم فرح ورقية وجهاد و علي مسافة منهم يجلس عامروسناء وناصر وسميرة..أما غادة كانت تجلس علي أحد الكراسي بمفردها تنظر إلي عز بنظرة شماته بعد أن توصلت لنقطة ضعف عز... 
خرج الدكتور ليلتف الجميع حوله ويقول عز بلهفه:ـأختي فين ؟؟ 
الدكتور مطمئن:آنسة حنين بخير واضح إنها اتعرضت لضغط عصبي جامد وكمان مفيش اهتمام بأكلها وضعف نفسي وجسدي كل دا أدي إنها توصل للمرحلة دي..عموما هي هتفضل معانا يومين كدا وبإذن الله هتبقي بخير 
عز:طب ممكن ادخل اشوفها 
الدكتور:مفيش مشكلة بس هي هتفوق الصبح 
عاد الطبيب إلي عمله و اطمئن عز علي أخته وعاد مع باقي العائلة بعد أن انتهي موعد الزيارة... 
............................................ 
مع دقات الساعة الثالثة بعد منتصف الليل..سار متخفيا بين طرقات المشفي..يبحث عن الغرفة التي توجد بها..استغل فرصة أن الممرضة أنهت وضع المحلول لها ودخل الغرفة بسرعة..تأكد من غلق الباب وسار بخطوات ثقيلة باتجاه الفراش التي تسكن عليه..تأمل وجهها الصغير الذي يكسوه معالم الحزن..أحضر كرسي وجلس أمامها لا يفعل شئ سوي النظرلها وكأنه يحفر كل تفصيله في وجهها في عقله..
تنهد بحزن وقال بصوت رجولي عذب حنون هادئ:متخافيش احلق هيرجع وقريب أوي كمان متسبنش أنتي بس متحرمنيش من خيالك اللي لما بلمحه بتملكي كياني حنين أنا بحبك بحبك أوي

ألقي نظرته الأخيرة عليها واختفي من جديد بين ظلام الليل الدامس لتفتح حنين عيونها بضعف وتنظر حولها كأنها تبحث عن صاحب الصوت الذي سمعته ولكن لم تجد أحد..ظنت انها كانت تحلم لتغلق عينيها مرة أخري بتعب.. 
...................... 
في اليوم التالي..في أحد حجرات منزل مهجور يتسلل بعض أشعة الضوء من النوافذ الحديدية التي تشبه نوافذ السجن..رائحة الدخان تبعث من الحجرة لتزيد من إعاقة الرؤية..تجلس سيدة يبدو عليها الثراء وبجانبها رجل يغلب علي وجهه التجاعيد ينظر لها بشهوة و أمامه شاب في منتصف العشرينات قاسي الملامح يبدو عليه حدة الطبع..لتقول السيدة:زي ما فهمتك يا هاني التنفيذ يكون بعد الفرح بأسبوع 
هاني بضيق:أنا قولتلك يا هانم إنه في الفرح أحسن 
السيدة بسخرية:أصل السنيورة خلتهم يعملوا الفرح منفصل وهتبقي علطول مع البنات 
هاني:طب نخليها بعد الفرح علطول 
السيدة بغضب:قولتلك نفذ في الميعاد اللي حددته وخلاص 
الرجل بغضب:اسمع كلام غادة هانم ونفذه بالحرف يا هاني 
هاني بضيق:طيب بس لما أجيبها اللي هعمله معاها محدش ليه دعوة بيه 
السيدة بضحك:عيش براحتك انت البت حلوة وهتعجبك 
هاني بنظرة خبث:تمام أوي 
.................. 
داعبت أشعة الشمس وجهها الصغير لتفتح عيونها بكسل وتنظر حولها بتعب...لتجده ينظر لها بخوف وعتاب وحنان..اعتدلت في جسلتها ونظرت له بحزن...ليقول عز:حمدلله علي سلامتك يا حنين 
حنين بصوت مرتعش:الله يسلمك 
عز بتنهيده:ها سامعك أكلمي قوليلي مالك فيكي إي 
تنهدت حنين بحزن وقالت:خايفة 
صمت عز ليترك المجال لأخته لكي تبوح بكل ما بداخلها لتكمل حنين وهي تضغط علي قلادة والدها المعلقة برقبتها قائلة:بعد اللي شوفته امبارح خوفي أتحول لرعب مش مصدقه إن في ناس بالحقارة دي حرمتني من أبويا و أنا لسه طفلة وكملوا علي ماما خالوها عايشه سنين في خوف من إن حد يعمل فينا حاجه مش مصدقه إن الخيانة توصل للمرحلة دي..صعبان عليا نفسي اللي اتحرمت من أبوها عشان كلمة حق وشوية فلوس 
أكملت حنين وهي تنظر لعز بعيون دامعة:خايفة من اللي إحنا خططناه ليه..خايفة يحرموني منك زي ما حرموني من بابا وماما..خايفة في يوم ملاقيش السند والضهر اللي يحميني 
حنين بنبرة يغلب عليها البكاء:خايفة أفضل خايفة يا عز 
وضعت حنين وجهها بين كفيها وانفجرت باكية بأنين..قام عز من موضعه وجلس بجوار أخته وأحاط كتفها بيده قائلا من بين دموعه:ربنا معانا يا حنين قادر يقف جمبنا لحد ما نرجع حق بابا قادر يدينا القوة اللي تخلينا نكمل الطريق زي ما أدنا القوة إننا نكمل ما بعد موت بابا وماما
أكمل عز وهو يمسح علي رأس أخته بحنان:حبيبتي زي ما في الوحش في الحلو زي ما في اللي رقم واحد عنده يرضي شهواته وغريزة حبه للمال في اللي رقم واحد عنده الرحمة والأخلاق في اللي بيفكر في ربنا وبيخاف يعمل حاجه تغضبه

نظر عز إلي أخته المسنده علي كتفه و أبعد يدها عن وجهها قائلا:في اللي زيك و زي وزي عمو عامر وعمو جميل وعم طه في ناس كتير كويسة يا حنين وفي وحش برده بس بقوتنا سوا واتكلنا علي ربنا هنقدر نبين حقيقة كل واحد 
مسح موع حنين وقال:وبعدين أوعي تخافي وأنا جمبك أنا مهمتي في الدنيا دي أخلي بالي منك وأخليكي مطمنه دا أنتي بنتي يا بت أنتي 
حنين بابتسامة من بين دموعها:أوعي تنسبني يا بابا 
ابتسم عز بحنان وقال:حاضر يا بنتي 
بعد نصف ساعة..امتلأت حجرة حنين بباقات الزهور وحضر عامر و زوجته وأولاده وماهر وأخوته وناصر وعائلته..اجتمعت العائلة حول حنين بينما خرج عز ليجري أحد الإتصالات مع أصدقائه و لمح جهاد وهي تخرج من حجرة حنين..أكمل عز المكالمة وهو ينظر من أحد نوافذ المشفي ناحية جهاد التي هبطت إلي الطابق السفلي واتجهت ناحية سيارة عامر وأخرجت منها شئ وعادت في طريقها..بمجرد أن أنهي عز مكالمته لمح جهاد تقف بجانب سيارة وحولها رجلين يبدو من هيئتها أنهم يضايقونها.. 
هرول عز ناحية السلالم واتجه مسرعا إلي موقف السيارات وعيونه تشتعل غضبا.. 
في موقف السيارات..جهاد بغضب:بقولك أوعي عايزه أمشي أنتوا متخلفين 
الشاب الأول:بقولك إي ما تيجي أعزمك علي عصير عندي 
الشاب الثاني بسخرية:اسمها عندنا ياض أنت هتأكل القمر لوحدك 
تجمعت الدموع في عيون جهاد و بمجرد أن رأت عز وهو يتقدم ناحيتها تنفست الصعداء وشعرت بأنها بالأمان الآن..اتجه عز ناحية جهاد ومن حولها بغضب وبدون أن يتكلم أمسك أحد الشابين من ظهره وأسقطه علي الأرض ليتلتف له الآخر بغضب ويحاول أن يلكمه في وجهه ولكن بسرعة منع عز اللكمة و وقف أمام جهاد وقال بغضب:لو رجالة عينيكوا تيجوا عندها و لو بالغلط 
التفت عز لجهاد وقال :أنتي كويسة 
حركت جهاد رأسها بمعني "نعم"..قام الشاب من علي الأرض وحاول ركل عز لكن عز أمسك قدمه وصدمها بعمود حديدي و التفت لجهاد ليري الشاب الآخر في طريقه لها..أمسكه عز من ظهره و أسقطه علي الأرض و سدد له بعض اللكمات السريعة..فر الشاب بأعجوبة من تحت يد عز واتجه إلي صديقه وأسرعوا هاربين.. 
اتجه عز إلي جهاد وقال بغضب:أنتي إي اللي نزلك لوحدك و بتعملي إي أصلا 
جهاد بنبرة توشك علي البكاء:كنت جايبه حاجه لحنين ورقية نستها في العربية و نزلت أجيبها عشان...
قطعها عز قائلا:تتجوزيني ؟؟

تجمد لسان جهاد عن الكلام وشعرت أنها في حلم..رفعت نظرها بتردد ناحية عز لتجده يقف أمامها تكسو علي ملامحه الغيرة..شعرت بأن كلمته نزلت علي جسدها كالثلج..لا تستطيع تجميع شتات نفسها..ليقول عز:يلا عشان نطلع 
سارت جهاد خلف عز وهي حائرة هل ما سمعته حقيقة أم خيال؟؟ما الذي أبدل حال عز فجأة دون أن يسمع منها جواب حتي؟؟ 
في غرفة حنين.. 
ماهر:المهم تقومي بخير بسرعة كدا يا حنين عشان الفرح 
فرح بمرح:لسه أسبوعين يعني براحتنا وبعدين لو حنون تعبانة ممكن نأجله كمان 
ماهر و أمجد بصوت واحد:نأجل إي ياختي 
رقية بضحك:علي فكرة فرح بتكلم صح 
أمجد:خد أختك يا ماهر لأضربها 
ماهر:ما تسكتي أنتي كمان يا فرح قال نأجل قال 
سناء بهمس:دقيقة وهيمسكوا في خناق بعض 
سميرة بهمس:وبدل ما أوضة واحدة لحنين هيبقوا خمس أوض 
حنين بضحك:بس بس بس بس أنا تمام أهو خلااص و لو عايزين الفرح بكرة تمام 
رقية:بكرة إي ما تسكتي أنتي كمان 
فرح:والله لأضربها علي بوئها البت دي 
انفجر الجميع ضاحكا بينما فتح عز باب الغرفة وقال بجدية:عمو عامر 
التفت عامر له ليجد عز يقف عند باب الغرفة وجهاد تتجه ناحية رقية ليقول بتعجب:خير يا بني 
عز بجدية:بصراحة عشان مأخسرش ثقة فيا و إنك محترمني في بيتك أنا بطلب منك إيد جهاد 
اتسعت عين الجميع دهشة حتي حنين ولكنها ابتسمت وغمزت لعز.. 
ليقول عامر:هنا و الوقتي!! 
عز:مهو أنا معرفش هفضل صابر لحد أمتي؟؟؟ 
التفت عامر إلي ابنته ليجدها تفرك يدها بخجل وعلي ثغرها ابتسامة مختفية ليقول:طيب يا عز بكرة بإذن الله لما حنين ترجع البيت بالسلامة أكون عرفت رأي جهاد 
عز براحة:ماشي يا عمو اللي تشوفه 
................. 
في اليوم التالي..في قصر آل توفيق..هبطت حنين من سيارة عز وأمسكت بيده..و ساروا في طريقهم إلي القصر.. 
دخلت حنين إلي القصر لتجد الجميع في استقبالها..تأكد الجميع من سلامتها وصعدت حنين بصحبة عز إلي غرفتها..أحكم عز الغطاء علي أخته وقال:أسيبك ترتاحي بقي 
حنين:أستني عايزه أكلم معاك 
عز وقد فهم مراد حنين فقال:من غير ما تسألي أنا فعلا معتش فيا قدرة أشوفها قصادي لا أكلمها و لا أبصلها عايزاها ليا أنا وبس
حنين بابتسامة:عشت لليوم اللي شوفتك واقع زيزو

عز بمرح:ليه هي الحاجه عندها كام سنة 
لكمته حنين بالوسادة في رأسه بمرح وقالت:طب أخرج بره عشان أغير 
عز:هنزل لعمو عامر أطمن منه و أجي تكوني خلصتي عشان جعان نوم 
حنين:ماشي 
خرج عز من الغرفة لتقوم حنين من موضعها وتتحس قلادة والدها قائلة بصوت ضعيف:بابا عز هنفرح بيه قريب كان نفسي تكون معانا أنت وماما 
أما في اسفل القصر في مكتب عامر..يجلس عز أمام عامر بقلق..ليقول عامر:بص يا عز أنت قبل أي حاجه زي ابني أمجد بالضبط وغلاوتك من غلاوته 
عز بقلق:الله يخليك يا عمو 
عامر:جهاد دي حتة من قلبي وعمري ما هسلمها لحد غير و أنا متأكد إنه هيحافظ عليها 
عز بثبات:أنا عمري ما كنت هطلب من حضرتك إيد جهاد إلا و أنا متأكد إني هكون أد المسئولية وهحافظ عليها 
عامر بابتسامة:يبقي مبروك يا بني 
عز بفرحة:بجد يا عمو !! أنت بتتكلم بجد يعني موافق 
عامر:أيوة يا بني في إي ما تقعد !! 
هبط عز علي عمه وقًبل رأسه وقال:يا حبيبي يا عمو 
ضحك عامر بقوة وقال:و أنا كمان يا مجنون 
عز بفرحة:بليل هنقرأ الفاتحة بقي 
عامر:بليل!!! 
عز:متأخر صح؟؟نخليها الوقتي و حنين لسه منامتش كمان 
عامر بضحك:أنت أتهبلت يا عز!! 
عز:طب عشان خاطري بليل 
عامر:خلاص بليل و أمري لله 
عز بفرحة:ربنا ميحرمناش منك يا عمو 
..................................... 
في مجموعة آل توفيق..في مكتب أدهم.. 
وضع أدهم هاتفه بجواره بعد أن تلقي رسالة من أمجد تخبره ألا يتأخر من أجل قراءة فاتحة عز وجهاد...أمسك أدهم بفنجان قهوته وارتشف منه قليلا ليسمع صوت باب مكتبه يفتح وشخص يقول:كفاية قهوة أرحم نفسك 
نظر أدهم إلي مصدر الصوت و انتفض من موضعه واتجه إلي صديقه الذي قال:أنت لسه هتبص هات حضن يا واد وحشتني 
ابتسم أدهم لشادي صديقه والتقي الصديقان في عناق شديد.. 
جلس الصديقان علي أريكة بالمكتب وقال شادي:أخبارك إي طمني عليك وحشتني وحشتني يعني بجد 
أحضر أدهم هاتفه وفتح المفكرة وكتب "لسه زي ما أنت رغاي" 
شادي بضحك:الجواز معرفش يغيرني يا دومه
كتب أدهم علي شاشة هاتفه"آه عشان كدا مديت شهر العسل أسبوعين كمان"

شادي مصطنع الجدية:في الحقيقة هو أصل يعني 
أكمل شادي بمرح:أصلي حبيت الموضوع أوي 
انفجر الصديقان ضاحكين..و أكملوا حديثهم سويا.. 
.............. 
في المساء في حجرة جهاد.. 
وضعت رقية العقد حول رقبة جهاد وقالت:والله أنا أول مرة أشوف واحدة بيتاخد رأيها في عريس ويقروا الفاتحة في نفس اليوم !! 
جهاد بمرح:نحن نختلف عن الآخرين 
فرح بضحك:معرفش ليه حاسه إنكوا هتفجئونا بفرحكوا معانا 
جهاد بإحراج:فرح الله مش للدرجة دي 
رقية بصدمة:الله أكبر جهاد بتسكثف الله أكبر 
فرح:عشت وشوفت اليوم اللي أشوفك بتتكسفي فيه يا جهاد 
لكمتها جهاد في كتفها وقالت:تصدقوا أنتوا عيال 
فرح:طب أقعدي بس عشان نضبط الطرحة دي 
قطع كلامهم صوت طرقات علي الباب..أذنت جهاد للطارق بدخول..ليفتح الباب وتظهر حنين وهي تقول بمرح:عروسة أخويا جهزت 
ابتسمت جهاد بخجل وقالت:أدخلي يا حنون 
رقية:أدخلي يا حنين شوفي البت اللي بقيت تتكسف 
جهاد:بلاش أنتي يا روءه سيديهاتك معايا وهوريها لأخويا 
رقية بمرح:شوفوا يا بنات الخجل يعني جهاد وجهاد يعني الخجل و اسكتي بقي عشان أنا عايزه أجوز 
..... 
بعد ما يقارب النصف ساعة..في حديقة قصر آل توفيق..ارتفعت أيدي الجميع يتلون الفاتحة في هدوء في جو يسوده المحبة..أنهي الجميع الفاتحة لتنطلق زغروطة ثلاثيية الأبعاد من فرح و رقية و حنين.. 
استقبل عز و جهاد المباركات من الجميع..بينما استئذن عز من عامر أن يجلس هو وجهاد علي مسافة منهم ليتحدثوا براحة أكثر.. 
سارت جهاد علي مسافة من عز وهي تشعر أنها ستسقط من خجلها ورعشة جسدها وهي تحادث نفسها قائلة"والله لأربيكي يا رقية إي الكعب دا هو أنا ناقصة" 
أما عز فكانت دقات قلبه غريبة عليه..يشعر انها تعزف لحن هادئ معلن فرحته بإقترابه من أن تصبح حبيبته حلاله.. 
جلس عز علي كرسي وجهاد في الكرسي المواجهة له وهي تفرك يدها بخجل.. 
عز لنفسه "هم بيقولوا إي في الحاجات دي آه آه لاقيتها" عز بصوت هادئ:مبروك 
جهاد بصوت مرتعش:الله يبارك فيك 
عز:معلش يعني لو قراءة الفاتحة جيت بسرعة و أنتي معرفتيش تحضري نفسك 
جهاد بتوتر:لا عادي

عز:تحبي تسألني في إي بقي؟؟؟ 
جهاد بتوتر:هو أنت يعني أقصد حضرتك 
عز مطمئن:أهدي كدا و خدي نفس إحنا مش في امتحان فيزيا 
تنهدت جهاد بقوة وقالت:هو أنت طلبت تتجوزني ليه و اشمعنا أمبارح؟؟ 
عز:مممم عشان مش شايف واحدة غيرك تنفع تكون مراتي وتشيل اسمي أما بقي باقي الإجابة خليها بعد كتب الكتاب أحسن 
جهاد بخجل:ماشي 
استمر الكلام بين عز وجهاد في أمور مختلفة وكثيرة ليعلم كل فرد عن الآخر تفاصيله وحياته.. 
أما علي الجانب الآخر من الحديقة..يجلس أمجد و رقية و امامه شاشة الهاتف يختارون تصميم منزلهم المستقبلي وهكذا الحال عند ماهر وفرح أيضا.. 
أما حنين شعرت من الملل من نظرها في الهاتف و الكل مشغول في حديث معين..استئذنت من عز أن تذهب للتمشي قليلا في الحديقة وسارت في طريقها إلي الحديقة الخلفية..جلست حنين علي كرسي أمام حوض من الأزهار و رفعت نظرها إلي السماء..و الصوت الذي كان في المستشفي مازال يتردد في بالها.. 
تنهدت حنين بقوة وقالت:يااارب 
لمحت حنين أدهم يتقدم في اتجاهها وكعادته يضع كاب السويت شيرت علي رأسه .. 
اقترب أدهم من الكرسي الذي تجلس عليه حنين لترتسم معالم الدهشة علي وجهه ولكن يرسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه و يكمل سيره إلي أن وصل إلي أحد أسوار القصر و ارتفع بجسده بخفة ليجلس علي سور القصر و ظهره لحنين.. 
تعجبت حنين قليلا من تصرفه و لكنها أعادت نظرها إلي القمر تتأمل جماله.. 
التفت أدهم بعينيه ناحية حنين وابتسم ابتسامة مكسورة و عاد النظر إلي السماء.. 
............................... 
بعد مرور أسبوع ..الجميع منشغل في التحضيرات لزفاف "أمجد و رقية" و "ماهر و فرح" و عقد قرآن "عز وجهاد" الذي سيكون ليلة الزفاف..كانت حنين منقسمة بين انشغالها مع الفتيات وانشغالها بالبحث عن أي دليل للأشخاص المذكورين في كلام والدها..و لم يختلف الحال كثيرا عند عز فكان مقسما بين عمله والتحضير لعقد قرآنه وانشغاله مع أولاد عمه وبحثه عن الطبيب المجهول ولكنه طلب المساعدة من "طارق"صديقه من مرسي مطروح..أما غادة كانت تحسب الأيام علي احر من الجمر في انتظار تنفيذ مخططها.. 
و في أحد الأيام..خرج الشباب والفتيات لشراء ملابس الزفاف..و بعد ساعات من البحث اختارت فرح و رقية فستان زفافهم و اختارت جهاد فستان سواريه بسيط من أجل عقد قرانها الذي سيتم في الزفاف و اختارت حنين فستان سواريه بعد إلحاح من الفتيات..أما الشباب ففي أقل من ساعة أنهوا جميع مشترياتهم.. 
تجمع الجميع حول طاولة في مطعم..يتكلمون في أمور الزفاف وكيف سيتم تنظيم القاعة المنفصلة؟؟ وكيف سيتم عقد القران؟؟ إلي أن دق هاتف عز.. 
فتح عز الخط وارتسمت ابتسامة علي شفتيه وهو يستمع إلي كلام المتحدث وأغلق الخط في هدوء.. 
حنين بهمس:في إي 
عز بتنهيده وهمس:بعدين 
أكمل الشباب كلامهم وعادوا في طريقهم إلي القصر بينما أخبرهم عز أنه سيذهب مع حنين في مشوار هام.. 
تعجبت جهاد من تصرفه و حاولت أن تفهم منه ولكنه أخبارها أنه امر عادي و ألا تشغل بالها.. 
أما حنين لم تكف عن طرح سؤال واحد و هو "عز إحنا راحيين فين" 
وكانت إجابة عز واحدة أيضا "أصبري" 
.................. 
بعد مرور ساعة..وقفت سيارة عز أمام عمارة مهجورة وقال:أنزلي 
حنين بخوف:لولا إنك أخويا كنت قولت إنك هتخطفني 
عز بضحك:طب أنزلي بس 
هبطت حنين من السيارة وتمسكت بيد عز بخوف وصعدوا طابقين من العمارة ليقفوا أمام أحد الشقق ويدق عز الباب...فتح أحد الأشخاص الباب لتفتح حنين فمها بدهشة قائلة:طارق مش أنت في مطروح 
طارق:هو أنت لسه مقولتلهاش يا عز 
عز:أيوة المهم الأمانة فين؟؟؟ 
طارق:جوه و زي ما طلبت كل الورق اللي كان عنده هتلاقيه في الشنطة اللي علي السفرة 
نظرت حنين حولها بخوف لتجد ثماني رجال يجلسون امام شاشات الحاسوب ورجلين يجلسون امام إحدي الغرف.. 
حنين بخوف:عز هو في إي؟؟ 
عز:استني يا حنين 
طارق:أنا هنزل أجيب أكل للرجالة و أنت أدخل جوه للزبون 
عز:معلش بتعبك معايا 
طارق:بلاش هبل يا عز دا إحنا إخوات و أنا وعدتك إني هكمل معاك للآخر 
عز:ربنا يخليك يا طارق 
أغلق طارق الباب خلفه واستقل سيارته لإحضار الطعام بينما ألقي عز السلام علي الرجال و اطمئن أن ما طلبه يسير علي أكمل وجه..وقف عز أمام باب الغرفة وقال لأحد الرجال:أفتحوا الباب 
فتح أحد الرجال المفاتيح الحديدية التي تغلق الباب..ليدخل عز ومن خلفه حنين.. 
دخل التؤامان الحجرة وحنين تتفحصها بعيونها بخوف..حجرة شبه خاوية لا يوجد بها إلا كرسيان صغيران و فراش صغير يجلس عليه رجل في عقده الخامس ينظر لهم بغضب..ويديه مقيدة في الفراش.. 
حنين بخوف:إي دا يا عز 



تعليقات