قصة ساتزوج منحرفا البارت الثالث عشر13بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الثالث عشر13و14
بقلم امانى عطيه


ـ أبى لقد نفذت ما تريد ، فاتركنى أنعم بما تبقى من حريتى 
ـ إنها الثالثة صباحاً يا ولدى ، قولوا له شيئاً يا شباب !
نهض أصدقاءه فى مرح وهتف عادل :
ـ لا تحمل هماً يا عمى ، سنحمله إلى عروسه فى الحال ، لقد كنا فى شوق لهذه اللحظة أكثر منك 
ضحك ممدوح مرغماً عندما التفوا حوله يحاولون حمله مهللين ، انتهرهم قائلا : 
ـ كفى أيها الجبناء ، يوماً ما ستقعون فى الفخ 
وما أن نهض ممدوح عن كرسيه ، حتى انطلقت الأعيرة النارية تملأ الأفق وكأنها زغاريد النساء ، فى طريقهم اقترب منهم عدد من الرجال طوال القامة فغمغم عادل قائلاً : 
ـ من هؤلاء يا ممدوح ؟
أجابه ممدوح الذى توقف عن السير بناء على رغبة والده : 
ـ لست أدرى ، يبدو لى وكأنه غزو العمالقة 
صافحهم ممدوح الواحد تلو الآخر دون أن تسنح له الفرصة لسؤال والده عن هويتهم ، شدد أخرهم من قبضته على يد ممدوح وهو ينظر إليه فى بعض العداء الذى لم يستطع ممدوح تفسيره قبل أن يضغط على كلماته القليلة قائلاً :
- أعتن بـ ليلى 
أجابه ممدوح دون تفكير :
- من هى ليلى ؟
اتسعت عينا الرجل وهو يحدق فيه غاضباً قبل أن يلتفت إلى والده قائلاً : 
ـ ولدك حتى الآن لا يعرف من هى ليلى يا حاج سالم ، ألم تخبره بعد ؟!
قال الرجل فى ارتباك حاول أن يخفيه :
- كيف هذا ، أيعقل أن لا يعرف اسم عروسه ؟  لكنه ربما أثقل فى الخمرقليلاً 
ثم أردف وهو ينظر إلى ممدوح  :
- أليس كذلك يا ممدوح  ؟
أجابه ممدوح فى برود ولا مبالاة وهو يحدق فى عينى فؤاد بعداء متبادل : 
ـ أليست أسماء النساء عورة فى هذه القرية ؟
هتف فؤاد غاضباً :
- العورة ليست فى اسم أختى بل فى ......
قاطعه الحاج سالم قائلاً :
- بالله كفى يا فؤاد ، لا تدع الشيطان يدخل بينكما من الليلة الأولى 
تابع فؤاد فى غضب لم ينجح فى السيطرة عليه وهو ينظر إلى هذه اللامبالاة فى عينى ممدوح  : 
ـ سأصمت لأجلك فقط ، لكنها لم تكن له أبداً يا حاج سالم
علق ممدوح ساخراً :
- معك كل الحق فى هذا ، رجل مثلى ، عرف نساء بعدد شعر رأسه ، من الظلم أن ينتهى به الحال إلى عانس مثلها 
احتقن وجه فؤاد ، ورفع يده ليصفع وجه ممدوح ، لكن الأخير أمسك بها فى قوة ودفعه بعيداً حتى كاد يسقطه أرضاً لولا الجموع المحيطة بهما .. وبرغم هذا لم يكتف ممدوح الذى خلع سترته وهو يتجه نحوه قائلاً : 
ـ أنت تحاول صفعى !   سألقنك درساً لن تنساه ما حييت
جاهد رفاقه ووالده لمنعه بصعوبة ، وكذلك أمسك آخرون بـ فؤاد ، وكلاهما يبدى مقاومة مستميتة ، ويتصيد الفرصة لقتل الآخر
وجه الحج سالم حديثه إلى فؤاد قائلاً :
- الحق عندى يا ولدى ، يبدو أن الخمر أفقده عقله 
صرخ فيه ممدوح ساخطاً :
- كفى يا أبى ، لا تجبرنى على قتله 
التفت والده إليه وأمسك كتفيه بعنف قائلاً :
- كفاك أنت ، لا تحول فرحتنا إلى مجزرة ، وما أدراك بتقاليد القرية وعاداتها ، الرجل لم يخطئ ، فهو يدافع عن كرامة أخته التى أصبحت زوجتك الآن أيها المتهور 
هز فؤاد رأسه فى أسى قائلاً :
- لو لم يكن القران قد عقد لأخذتها وذهبت 
نظر إليه ممدوح فى تهكم قائلاً :
- لا داع لأسفك هذا ، يمكننى أن أطلقها لك إن شئت 
نظر إليه فؤاد فى تحد قائلاً :
- كن رجلاً وافعلها 
أجابه ممدوح دون تفكير :
- أختك  طا..........
أسرع والده بوضع يده على فمه بقوة وهو يهمس فى صوت خشى أن يسمعه غيره  :  
ـ لا ترغمنى على فعل شئ لم أفعله معك وأنت طفل صغير ، لا تجعلنى أصفعك أمام الجميع  
غمغم ممدوح فى جنون :
- ماذا ، هل بلغ الأمر هذا الحد !!
جذبه رفاقه فى قوة لم يستسلم لها إلا بعدما رأى الوهن الذى طل من عينى والده ممزوجاً بالتوسل والتهديد 

******

ما إن وقع بصر والدة ممدوح عليه حتى لطمت صدرها فى جزع قائلة : 
ـ ماذا بك يا ولدى ؟  ماذا حدث ؟
غمغم أشرف قائلاً :
- لا شيء 
أسرعت المرأة تحتضن ابنها قبل أن تهتف مستنكرة :
- كيف هذا ووجهه يشتعل ناراً ؟
غمغم عادل :
- مشاجرة كلامية بسيطة بينه وبين هذا المدعو فؤاد 
صاحت المرأة فى ضيق :
- فؤاد مرة أخرى ، ألم يكفه ما فعله بـ ليلى ؟
التفتوا إليها فى بعض الفضول ، فأردفت قائلة : 
ـ هذا الرجل منذ البداية يضع العراقيل لمنع إتمام الزواج ، لكن حمداً لله الذى كان له بالمرصاد 
غمغم ممدوح فى ضجر :
- ليس لى الآن سوى أمنية واحدة ، أن أصعد وألقى بها إليه من النافذة 
صاحت المرأة مستنكرة :
- أهذا جزاؤها بعد كل ما عانته للزواج بك ؟  لقد بلغ مسامعى أنها حاربت من أجلك
هتف فى تهكم :
- ولمَ لا ، فتيات هذه القرية اللعينة ، ما إن يبلغن الثانية عشر ، حتى يغدو لا هم لهن سوى الزواج  ، فما بالك بامرأة تتعلق بالمحطة الأخيرة 
ـ ومن قال أن ليلى من هذه القرية ؟
سألها ممدوح فى قلق :
- من أين هى إذاً ؟
ـ ليلى جاءت إلى القرية منذ شهور قليلة فقط ، تربت فى مدينة كبيرة ، ربما القاهرة ، أو ربما الإسكندرية حيث تعمل أنت ، ومنذ وصولها يتهافت الرجال للزواج منها ، لقد تقدم لخطبتها أطباء ومهندسون كثر ، لكنها لم ترض سواك ، غير مبالية بكل ما سمعته عنك 
راحوا يحدقون فى بعضهم البعض ، بينما تابعت المرأة الثرثرة قائلة :  
ـ لقد كاد أن يقتلها فؤاد هذا ، رغم كل ما قدمه والدك من أجل إرضاءه ، حتى أنه جعله شريكاً له فى صفقة القطن الأخيرة ، دون جدوى 
حدق فيها ممدوح قائلاً :
- هل يعقل أن هذه الجامعية الجميلة ، التى يتهافت رجال القرية وشبابها للزواج منها رفضت كل هذا للزواج من رجل لا تعرفه ..؟ هل تحدت هؤلاء العمالقة من أجلى دون أن ترانى ..؟! 
ثم ضاقت عيناه فى تفكير عميق مردفاً :
- ليس لهذا سوى تفسير واحد !!
أجابت والدته بسرعة :
- لأنك محظوظ بالطبع 
غمغم فى تهكم :
- محظوظ !  بالله ابحثى لى عن صفة أخرى
  
حدقت العيون فى وجهه وأجمعت كلها على تفسير واحد : لابد أنهم يعرفون هذه المرأة وتعرفهم ، وأنها تبعته من الإسكندرية إلى هنا لكى ترغمه على الزواج منها بالتأثير على والده ، وإيهامهم جميعاً بأنها قروية لا حول لها ولا قوة .. ربما كان يجب أن يلقى ممدوح عليها ولو نظرة واحدة قبل أن يتورط فى الأمر.... 
ساد الصمت والوجوم طويلاً ، أخيراً تصنع أشرف ابتسامة قائلاً :
- أين الشربات يا خالتى ..؟  فنحن  لم نره بعد !
ابتسمت المرأة قائلة :
- حالاً ، حالاً سأعود اليكم بالشربات المثلج 
وما إن ابتعدت المرأة حتى أسرع كمال يحدق فى ممدوح قائلاً :
- فهمت شيئاً لكننى لا أستطيع أن أصدقه
بادلوه تحديقه فى صمت فأردف قائلاً :
- هل سقط الزعيم فى شباك امرأة لعوب ؟
غمغم ممدوح فى سخرية مريرة :
- ما دمت أنت بالذات فهمت هذا ، فلابد أنه قد حدث بالفعل 
ضرب كمال كفاً بأخرى قبل أن ينفجر ضاحكاً فى هيستيريا ، فراح ممدوح يقذفه بالوسائد كلها دون جدوى ، أقبلت والدته بالشربات والتفتت فى دهشة إلى كمال قائلة :
- ماذا حدث له ؟
انفجر ثلاثتهم يضحكون مرغمين فنظرت إليهم المرأة فى حيرة قائلة : 
ـ الضحك أفضل من البكاء على أية حال ، لقد أحضرت لكم الشربات المثلج 
هتف كمال فى صوت مختنق من الضحك :
- لن يجدى يا خالتى ، صدقينى لن يجدى ، فنارهم لن تهدأ ولو ذهبت بهم إلى القطب الشمالى 

ظل ثلاثتهم يحدقون به في غيظ ، قبل أن يلتفتوا إلى ممدوح الذى أطلق تنهيدة طويلة أسرع بعدها يرتقى السلم عدواً 
غمغم أشرف :
- لم أكن أتخيل أبداً أن ينتهى الأمر بهذه الصفعة القوية !


تعليقات