قصة ساتزوج منحرفا البارت الخامس عشر15 والسادس عشر 16بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الخامس عشر15
والسادس عشر 16
بقلم امانى عطيه


دلف ممدوح إلى حجرته راكلاً الباب خلفه بعنف.. لكنه لم يتلق استجابة من أحد .. فاتجه في خطوات ثابتة للداخل .. هذه الشيطانة تستحق القتل .. إن كانت تظن بأنها نجحت فى توريطه فهى مخطئة .. سوف تدفع ثمن حماقتها و.....
وفجأة تسمر في مكانه وهو يحدق مأخوذاً في ليلى التى استلقت على كرسي وثير واستسلمت لسبات عميق 
غمغم هامساً وهو يقترب منها :
ـ يا إلهى كيف لرجل أن ينتقم من امرأة على هذا القدر من الجمال ؟
 
اقترب منها في بطء شديد وكأنه يخشى أن يفسد هذه اللوحة الرائعة قبل أن ينحنى فوقها ويقبل شفتيها في شغف زاده اشتعالاً هاتان الشمسان اللتان أشرقتا فجأة من عينيها وانعكس ضوؤهما على عيني ممدوح فتألقتا ببريق رائع 
 تراجعت بوجهها للخلف حتى التصق بظهر الكرسي الذي تجلس فوقه وهى تتحاشى وجهه القريب جداً منها قائلة بصوت مرتجف :
- من أنت ؟
ابتسم هامساً :
- أنا من لا يستطيع غيره الدخول إلى هذه الغرفة .
ظلت تحدق في وجهه صامتة وهى تستعيد إدراكها تدريجياً , ابتلعت ريقها فى صعوبة .. لم تتوقع أبداً أن يكون بهذه الوسـ...  
قال وهو يلاحق نظراتها بأعمق منها :
- ألم تعرفيني بعد ؟ كل هذه الصور المعلقة على الجدار ، ألم تخبرك من أنا ؟
تابعت التحديق في عينيه دون أن تهتز أهدابها الطويلة .. الجرأة والثقة التى يتحدث بها أخرساها لبعض الوقت فلم تعد تدرى كيف ولا من أين تبدأ حديثها معه 
عاد يهمس في تسلية :
- يقولون أن هناك فرق كبير بين من يرى صورتى ومن يرانى وجهاً لوجه , أتعرفين السبب ؟ 
أجابت فجأة كتلميذ نجيب :
- فى عينيك وابتسامتك بريق لا يمكن لعدسات الكاميرا أن تلتقطه . 
لعنت حماقتها حين نهض ضاحكاً وكأنها ألقت فى وجهه بقنبلة للضحك حتى قال أخيراً :
- رائع .. كنت قد بدأت أشك فى كو............
 قطع عبارته وهو يتأملها فى اهتمام قائلاً :
- ولكنك صغيرة ، محال أن تكونى دكتورة فى الجامعة مهما بلغ تفوقك ..!
وكأن ما قاله عن عملها ولد فيها القوة والثقة التى افتقدتها منذ رؤيته .. 
 قالت فى ثبات مفاجئ أصابه بالدهشة :
ـ  لقد حصلت على الماجستير ولم أحصل على الدكتوراة بعد  
ثم أردفت وقد راق لها الإعجاب الذى يطل من عينيه قوياً :
- لكننى سوف أحصل عليها قريباً ... قريباً جداً
ألقى بسترته جانباً وهو يعاود الاقتراب منها فنهضت مسرعة وابتعدت عن الكرسى بينما أطلق صفيراً طويلا ً وهو يتأمل قامتها الهيفاء مغمغماً :
ـ  طول وعرض .. تحتاج والدتى إلى تعلم المزيد من المفردات حتى تجيد الوصف 
نظرت إليه فى دهشة فأردف متيماً :
- أنت فينوس  
قالت فى دلال زاده هياماً :
- لهذا انتظرت كل هذا الوقت حتى ترانى ، أليس كذلك ؟ 
قال وهو يتأملها فى وقاحة :
- لو كنت أعلم هذا .. لتواجدت فى هذه الغرفة منذ أربعة أيام مضت                    
قالت فى دهشة :
- ولماذا أربعة أيام ؟
ابتسم قائلا ً :
- لأننا لم ننته منها قبل ذلك .
بسط ذراعيه إليها قائلاً :
- اقتربى يا فينوس ...
تجاهلته وازدادت دلالاً قائلة :
- أفضل أن تنادينى ليلى .
ـ لماذا...ألا تروق لك فينوس ، إلهة الجمال ذاته ؟
رفعت رأسها فى كبرياء قائلة :
- كل من يرانى يفضل ليلى .
ضحك قائلاً :
- حسناً يا ليلى هل تقابلنا من قبل ؟
قالت فى لهجة امتزج فيها الغرور بالعتاب :
- سؤالك إهانة لى ..!
عاد يضحك من جديد قائلاً :
- معك الحق بالطبع ..                 
 ثم أردف هامساً وهو يقترب منها :
- اغفرى لى حماقتى ... 

حاولت أن تبدو هادئة وأن تتصنع اللامبالاة .. مرت بخاطرها تلك القبلة التى باغتها بها أحد معجبيها منذ فترة .. كان ابناً لصديق خالها .. معتاداً على زيارتهم .. واستغل يومها وجودها بمفردها وحاول التودد إليها حتى تقبل الزواج منه .. فى مراهقتها أيضاً تعرضت لموقف مشابه وإن كان بإرادتها تلك المرة .. كانت تبادل زميلها بعضاً من إحساسه بها .. ربما تأثرت يومها بتجارب بعض صديقاتها وطيشهن .. لكنها لم تشعر أبداً بتلك اللذة والانصهار الذى تحدثن عنه .. فى المرتين لم تتعد مشاعرها التسلية والغضب .. 
 محاولاتها للصمود فشلت ما أن ضمها إليه وطبع على شفتيها قبلة طويلة كادت تفقدها صوابها .. هذا الوقح أخطر كثيراً من كل توقعاتها .. حاولت إبعاده عنها دون جدوى فهمست قائلة :
- أرجوك ليس هكذا 
غمغم فى وقاحة :
- علمينى إذاً
هتفت مستنكرة :
- أنا أعلمك أنت ؟! 
ـ ولمَ لا ..؟  ألست أستاذة بالجامعة ؟
ـ ما الذى  تظننى أُدرسه ؟
ـ الدلال يا ليلى .. وماذا ستدرسين سوى الدلال ؟
ـ أنا أدرس القانون 
ـ قانون الجاذبية ، أليس كذلك ؟
ـ أنت وقح جداً .         
زمجر محذراً :
- حذارمن اللسان السليط ، فهو ما لا أحبه فى نسائى .
تخلصت منه بصعوبة قائلة :
- نساؤك !!
ابتسم فى لامبالاة قائلاً :
- ظننتك تعلمين هذا !
ـ ما أعلمه هو أن لكل رجل ماض .. وليس عليه أن يجاهر به إن كان مخزياً
ـ ذكاء هذا أم غرور ؟
أبعدت وجهها عنه فى كبرياء قائلة :
- مهما بلغت لا مبالاتك لا أحب أن تتحدث أمامى بهذه الطريقة 

جلس على أحد الكراسى واضعاً ساقاً فوق الأخرى .. أخرج علبة سجائره وأشعل واحدة منها .. راح يحرقها فى بطء متعمد .. دخان سيجارته عبأ الغرفة من حولها حتى كادت أن تختنق .. كان واضحاً أن هذه الفتاة لا تعرفه بعد كما يجب ..! 
 قال بعد فترة :
- ألا تحبين الصراحة ؟
سعلت بوجه محتقن قائلة :
- يبدو أنك لا تفرق بين الصراحة والوقاحة ..!
دهس بقايا سيجارته فى المطفأة .. حاولت أن تبدو ثابتة عندما تحولت الحجرة إلى غابة فجأة وهو ينهض ليقترب منها فى وحشية قائلاً :
- ربما لا أعلم بعد من أنتِ .. ولا لماذا قبلت الزواج بهذه الطريقة المهينة ؟ لكن فى كل الأحوال مرحباً بك فى قفصى الذهبى يا ليلى 
  صاحت فى غضب واستنكار :
- قفصك الذهبى .. وكأنك تتحدث عن إحدى سلالات القردة !!!
ابتسم فى استفزاز قائلاً :
- هل غضبت ؟
حملقت فيه قائلة بضيق :
- يبدو أنك لم تعلم بعد من هى ليلى فاضل ..!
- ما أعلمه هو أنك تمتلكين من المكر والدهاء ما استطعت به أن تكونى زوجة لـ ممدوح سالم 
صاحت به فى انفعال :
- ممدوح سالم ..... ممدوح سالم هذا ما هو إلا همجياً يطارد النساء .

شعرت فجأة بألم بالغ يعتصر ذراعها قبل أن تدرك أنه يقبض عليه بقسوة ويصرخ بها فى صوت كالرعد قائلاً :
ـ  يبدو أن هناك أشياء كثيرة ما زلت تجهلينها عنى أيتها الجميلة , أولها أننى لا أسمح لامرأة أن تحدثنى بهذه الطريقة , وإن كانت فى مثل جمالك .. أما بالنسبة لمطاردة النساء فأنا لا أحتاج إليها ...   
أزاحها بعيداً وهو يردف فى اشمئزاز قائلاً :
- ولمَ المطاردة ؟ أنتن كالحشرات فى كل مكان .
ذابت آلامها فى خضم ما تشعر به من إهانة وصاحت به قائلة : 
ـ  الحشرات هن من يسعين خلفك أيها المتوحش .

نظر إليها فى تهكم قائلاً :
- و ماذا تسمين ما فعلته أنت ؟
اتسعت عيناها وهى تنظر إليه فى ذهول .. لا تجد ما تجيب به وقاحته .. كيف تبدلت الأوضاع بهذه الطريقة ؟ هل كانوا جميعاً على حق ؟!
 أردف بنفس اللهجة التهكمية المستفزة  :
 ـ لكننى لابد أن أشهد لك بالتفرد ، لقد اخترت أقصر الطرق وأنجحها.
- غرورك وحده هو ما يوهمك بهذا . 
عاد ليجلس واضعاً ساقاً فوق الأخرى .. ناداها فى لامبالاة قائلاً :
- والآن هيا ، قومى بأولى واجباتك الزوجية واخلعى عنى حذائى .
انفرجت شفتاها وهى تحدق فيه دون أن تتحرك من مكانها .
تأملها ساخراً :
- هكذا إذاً ، الحلو دائماً لا يكتمل ، هل أنت ضعيفة السمع ؟
هتفت فى انهيار :
- ما تطلبه يحتاج إلى خادمة وليس إلى زوجة 
قال فى تهكم :
- وما حاجتى إلى زوجة إذاً ؟
قالت غير مصدقة ما يحدث :
- هل تزوجت من أجل امرأة تخلع عنك حذاءك ؟
أجابها فى لهجة باردة :
- فى الحقيقة أنا لم أكن أريد الزواج ، لكن بما أنه قد حدث وتزوجت فما المانع من هذا ؟ 
قالت فى محاولة للنيل منه :
- عجباً كنت أظن أن النساء فقط هن من يجبرن على الزواج .
ابتسم قائلاً :
- إن شئت أن تطلقى على ما فعلته اسماً فقولى تضحية لا إجبار  
قالت فى مزيج من السخرية والاستنكار :
- تضحية.....!
ضغط على كلماته قائلاً :
- اعلمى إننى تزوجتك تحت تهديد الأطباء ، بعد أن أجمع فريق منهم بأن حياة أبى مرهونة  بموافقتى على الزواج منك .
قالت بصوت مختنق :
- ماذا تعنى ؟ 
قال ساخراً
- هل حديثى مبهم إلى هذا الحد ؟
رفعت رأسها فى كبرياء قائلة :
- لا تنكر أنك لو رأيتنى من قبل لفعلت المستحيل للفوز بى .
لاحت ابتسامة على شفتيه وهو يتفحصها فى وقاحة قائلاً :
- بل كنت سأفعل الأكثر من المستحيل للفوز بك يا فينوس
ما كادت تهدأ وتلملم أنفاسها التى شتتها ببرودته واستفزازه حتى تحول بريق النصر فى عينيها إلى غضب جامح حين أردف ساخراً :
ـ لكن ليس كزوجة . 
أبعدت وجهها حتى لا يرى دموعها التى عجزت فى السيطرة عليها من هول صدمتها .. لكنه لمحها فطأطأ بشفتيه ساخراً :
ـ  ما زال الوقت مبكراً جداً على هذه الدموع 
استدارت إليه فى ثورة قائلة :
- ومن قال أننى سأبقى معك ثانية أخرى ؟
- ومن قال غير ذلك ؟ 
قالت بأنفاس لاهثة :
- طلقنى 
نظر إليها فى ريبة قائلاً :
- هل أنت بلهاء ؟
صاحت ثائرة :
- قل ما شئت عنى لكننى لن أستمر فى هذه المهزلة بعد الآن
اتجهت مسرعة لتغادر الغرفة فأمسك بها فى عنف قائلاً :
ـ  مهلاً يا حلوتى , الدخول فى اللعبة شيء والخروج منها شيء آخر 
صرخت وهى تحاول التخلص منه :
- اتركنى اذهب 
صاح غاضباً :
- أيتها الغبية ماذا سيقول الناس عنك ؟
ـ لا يهمنى ولو اتهمونى جميعاً بالجنون 
ـ لن يتوقف الأمر عند اتهامك بالجنون , هل نسيت أين نحن ؟  ستجلبين العار إلى أهلك جميعاً 
ـ أعدك بأن أتزوج بمجرد انتهاء شهور العدة 
ـ كفى عن هذا الجنون 
صرخت وهى تحاول التخلص منه :
- اتركنى أذهب ، اتركنى وإلا فأنت لم تر شيئاً من جنونى بعد
صفعها بقوة قائلاً :
- ولا أريد أن أرى 

تعليقات