قصة ساتزوج منحرفا البارت الثاني عشر12 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الثاني عشر12
بقلم امانى عطيه


كان الوضع مع ممدوح قد انعكس تماماً .. جلس بين رفاقه يضحكون فى مرح ولا مبالاة ، وكأنه لم يكن حزيناً بائساً حتى أسبوع واحد مضى ، رفاقه قد اكتملوا بعد وصول عادل وكمال من الإسكندرية ، بينما بقى معه أشرف طيلة الفترة الماضية حيث لم يستطع تركه وحيداً وهو على حافة الجنون .. ظل حائراً بين خيارين كلاهما أكثر مرارة من الآخر ، إما أن يقتل والده أو يقتل نفسه ..! 
أخيراً و بوحى من أشرف قرر أن يضحى ولو مرة واحدة من أجل والده الذى ضحى من أجله مراراً ،  خاصة وأن هذا الأخير قد وافق على شروطه كاملة ، بالرغم من أن معظمها فوق أن يقبله عقل ، حتى ممدوح نفسه شعر بالدهشة لكون والده وافق عليها ..!  سعادة والده بموافقته على الزواج من العروس التى اختارها له كانت كفيلة بتذليل كل العوائق التى ابتدعها للهروب من هذه الزيجة 
  قال ممدوح موجهاً حديثه إلى كمال وعادل :
- هذه البلهاء نجوى .. ألم تخبروها كيف تمت هذه الزيجة ؟
ـ  أخبرناها بكل ما قاله أشرف عن ظروف والدك 
غمغم أشرف :
- أنا أيضاً اتصلت بها هاتفياً وأخبرتها بحالتك النفسية السيئة التى منعتك من التحدث إليها 
زفر ممدوح ساخطاً :
- ولماذا لم تأت إذاً ؟
هز كمال رأسه فى أسى قائلاً :
- تركناها حزينة جداً ، لا أظنها ستأتى الليلة ، أخبرتنى محبطة بأنها لا تستطيع أن تراك عريساً لغيرها 
ـ كان يجب أن تأتى ، لقد حدثت أبى عن حتمية وجودها بالقرب منى ووافق على هذا 
أجابه كمال قائلاً :
- اعذرها يا ممدوح ، كانت تأمل أن تتزوجها 
هتف ممدوح فى مزيج من القسوة والاستنكار :
- ماذا ؟  أتزوجها !   أتزوج امرأة أمضيت معها خمس سنوات !
هتف كمال غاضباً :
- ولمَ لا ؟  أنت تعلم أنها تحبك ، وأنها على استعداد تام للتضحية بكل شئ من أجلك ، ألم تضحى من قبل بزوج ثرى هائماً بها لتكون معك ؟! 
ـ هل تسمى تركها لهذا الكهل الذى امتص شبابها يوماً بعد الآخر تضحية ؟   ثم أننى أخبرتها منذ البداية بأننى لن أتزوج .. ووافقت على ذلك 
عاد كمال يلومه فى عناد :
- لكنك تزوجت الآن ، كان يجب أن تكون هى العروس 
نظر إليه ممدوح ساخراً :
- تكون هى العروس !! بالله كفى بلاهة ، أيها العاطفى ما تكتبه على الورق شيء وما يحدث فى الواقع شيء آخر مختلف تماماً
تلفت كمال حوله ليستغيث برفاقه قائلاً :
- لماذا تصمتان هكذا ؟  لماذا لا تقولان شيئاً لهذا المتحجر الظالم ؟
أجابه عادل فى هدوء :
- وماذا تريدنا أن نقول له ؟
صاح كمال مستنكراً :
- أيعنى هذا أنك تؤيده الرأى ؟  وأنت يا أشرف ، لا تقل أنت أيضاً ............
قاطعه أشرف قائلاً :
- قل لى أولاً أيها الرومانسى ، لماذا نتزوج ؟
حدق فيه كمال طويلاً قبل أن يغمغم :
ـ  نتزوج حتى نستقر ، ننجب أطفالاً ، نجد امرأة نبكى بين ذراعيها .........
قاطعه ممدوح ساخراً :
- امرأة نبكى بين ذراعيها ، أهذا مطلع قصيدة جديدة لك ؟
قابل تعليقه عاصفة من الضحك قبل أن يقول عادل :
- وكأننا لا نجد الآن من نبكى بين ذراعيها أيها الأحمق 
عاد ممدوح ليعلق ساخراً :
- وما حاجتنا إلى البكاء ما دمنا لم نتزوج بعد !
تأملهم كمال ساخطاً وقد عادوا للضحك من جديد ، فربت أشرف على كتفه قائلاً : 
ـ اسمع واعقل أيها الرومانسى ، نحن لا نتزوج إلا من أجل الأطفال 
نظر إليه كمال فى ألم أقرب إلى البلاهة ، فتنهد أشرف قبل أن يردف ساخطاً : 
ـ لهذا يجب أن تكون الأم مدرسة كما قال زميلك أحمد شوقى 
غمغم عادل متهكماً :
- زميلك ...!  وأين هذا البائس المغمور من أحمد شوقى بك العظيم ؟ 
عادوا للضحك من جديد فصاح كمال فى انفعال شديد : 
- أولاً .. ليس أحمد شوقى هو من قال ذلك أيها الجهلاء .. بل حافظ ابراهيم رحمه الله
- لا بأس .. المهم أنها مدرسة وحسب
ـ يا لكم من قساة ، متحجرى القلوب ، تأكلون المرأة لحماً وتلقون بها عظاماً 
علق عادل ضاحكاً :
- حمداً لله أننا نترك عظاماً ،  فهن لا يتركن شيئاً 
حدجه كمال بنظرة مستنكرة قبل أن يلتفت إلى ممدوح قائلاً :
ـ  وأنت هل زوجتك مدرسة بالفعل ؟
ضحك ممدوح فى طرب قائلاً :
- بل زوجتى جامعة 
علق أشرف بصوت مختنق من الضحك : 
ـ رائع ، اطلب منها أن تصدر لنا زميلاتها لنكون جامعة خاصة 
عاد كمال يسأل ممدوح فى دهشة :
- عجباً ، تبدو راضياً عن هذه الزيجة ؟
أجابه ممدوح فى شئ من الجدية :
- يمكنك أن تقول أننى استسلمت للأمر الواقع ، ربما لست فى حاجة إلى امرأة ، لكننى حتماً فى حاجة إلى طفل أو أكثر ،  حتى وإن لم أكن أشعر بهذا فى الوقت الحالى
أطلق تنهيدة طويلة قبل أن يكمل ساخطاً :
- هذا الطفل أيضاً سيشبع رغبة والدى الملحة ، سيجد شيئاً يشغله عنى فيتركنى وشأنى ، أحيا حياتى كما أريد
ـ وهذه المسكينة التى تزوجتك ، هل لاحظت أنك لم تذكرها فى مخططك حتى الآن !
أجابه ممدوح فى مزيج من الغطرسة والسخط :
- هذه المصيبة يكفيها جداً أن تكون زوجتى 
هز كمال رأسه وهو يبتسم فى مرارة قائلاً :
- هل تحدثت معها ؟
أجابه فى لامبالاة :
- أنا لم أرها حتى الآن 
هتف كمال مستنكراً :
- ماذا ؟!!
ـ رؤيتها لن تغير فى الأمر شيئاً ، كل ما يهمنى كونها مثقفة وتستطيع أن تربى أطفالى تربية حسنة 
ـ أهذا كل ما يهمك فى شريكة حياتك ؟
صاح به ممدوح ساخراً :
-  شريكة حياتى !! ، كف عن ترديد هذه المصطلحات التى لا ملجأ لها سوى خيالك المريض 
زفر بضيق قبل أن يردف ساخطاً :
- فهن لا يشاركننا حياتنا بل يسلبنها منا 
تنهد كمال بضيق مماثل وهو يغمغم :
- أنت تعتقد أن نجوى لا تستطيع تربية طفل جيد إذاً  ؟
نظر ممدوح إليه قائلاً فى قسوة :
-  نجوى لن تنجب لى طفلاً .. أبداً 
هتف كمال فى بلاهة :
- هل قال الأطباء هذا ؟
ضحك أشرف وعادل بعمق ،  بينما ابتسم ممدوح فى مرارة قبل أن يقترب من كمال ويمسك به من ياقة قميصه بعنف قائلاً :
- سأقولها لك صراحة أيها الغبى ، لا خير فى طفل يناديه الناس بابن الساقطة ، هل فهمت أم تريد مزيداً من الإيضاح  ؟
جذب كمال ياقة قميصه من يد ممدوح قائلاً فى خجل :
- كلا ، لا مزيد من الإيضاح لقد فهمت 
هز ممدوح رأسه وهو يحدق فى كمال مستنكراً :
- كيف انضم هذا الأبله إلى رفقتنا ..؟!    لولا ثقتى فيكما لقلت أن بيننا مرتشى
عادوا يضحكون من جديد حتى غمغم عادل :
- كم أخشى أن تكون عروسك ليست جميلة ؟
ابتسم ممدوح قائلاً :
- والدتى لا تكف لحظة واحدة عن مدح مفاتنها
ثم أردف وهو يغمز لأشرف :
- طول وعرض 
ضحك أشرف بينما حدق عادل فيهما ببلاهة ، فعاد ممدوح يتابع فى لا مبالاة : 
ـ لم يعد الأمر يعنينى كثيراً ، حتى لو كانت دميمة ، فقد قررت أن أريح أبى وأمى ولو مرة واحدة فى حياتى ،  لكنها ستكون الأخيرة بلا شك 
ثم أردف وهو يبتسم فى مكر :
- على أية حال يمكننا أن نبحث عن الوجه الحسن خارج منزل الزوجية 
ابتسم كمال فى استنكار قائلاً :
- لعنة الله عليك يا ممدوح ، هل تفكر فى خيانة زوجتك فى ليلة عرسها 
ضحك ممدوح قائلاً :
- لعنة الله على المعتوهين أمثالك ، وهل كنت تظن بأننى سأكتفى بامرأة واحدة ، ولو رقصت لى على شعر رأسها 
مسح كمال بيديه على شعره كالنساء ، قبل أن يرفعهما إلى السماء قائلاً : 
ـ يا الله ، يا قادر ، اجعل ممدوح يهيم عشقاً بهذه العروس ، ولا يرى فى الكون امرأة سواها 
ضاقت عينا ممدوح مستنكراً بينما قال أشرف وهو ينظر إلى ممدوح محذراً : 
ـ احترس يا صديقى ، فالحمقى أمثاله هم أقربنا إلى الله 
قال ممدوح ساخراً :
ـ من جهة الحماقة فهو أحمق بالفعل ، لو لم يكن كذلك لما جاهر بدعوة كهذه ، وهو يعلم مسبقاً بأنها لن تستجاب  
هم كمال أن يعترض لولا رؤيته للحاج سالم الذى اقترب منهم مبتسماً ووضع يده على كتف ولده قائلاً : 
ـ ألم يحن الوقت بعد للصعود إلى عروسك ؟



تعليقات