قصة ساتزوج منحرفا البارت الثالث والعشرون23 البارت الرابع والعشرون 24 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الثالث والعشرون23
البارت الرابع والعشرون 24
بقلم امانى عطيه



فتحت ليلى عينيها فى كسل ما لبث أن تحول إلى خجل بالغ حين وقعت أنظارها على هذا الراقد بجوارها على الفراش ، سحبت الغطاء وأحكمته حول جسدها المرتعد ، تجمعت الدماء كلها فى وجهها وقد شردت أفكارها مرغمة إلى أحداث الأمس . ماذا أصابها وجعلها تستسلم له بهذا الشكل المهين وكأنها إحدى ساقطاته..؟ وهذا الوغد كم كان سعيداً بسذاجتها ..!   كم كان مزهواً عندما أيقن بأنه الرجل الأول فى حياتها بالرغم من سنوات عمرها التى قاربت السادسة والعشرين ..!  
لكن ما حدث بالأمس لن يتكرر أبداً ، لن تتركه يسخر من تلك البلاهة التى أبدتها مرة أخرى  ، لن تدعه....
قطعت أفكارها تلك الطرقات المتصلة على باب حجرتها ، ارتعدت كزانية ضبطت بالفحشاء وهى تستمع إلى صوت حماتها قائلا ً: 
ـ استيقظى يا ليلى ، استيقظ يا ممدوح لقد وصل الضيوف 
زفرت بضيق ها هو اليوم الثانى على التوالى لتلك الجلسات البغيضة التى ترغمها عليها تقاليدهم المتعفنة .. ترى كيف ستتحمل أسبوعاً بأكمله على هذا المنوال  ؟
حانت منها التفاتة إلى ممدوح الذى ما زال يغط فى نوم عميق وكأنه لم يسمع شيئاً 
تنهدت بضيق تحدث نفسها :
 ـ لماذا لم يستيقظ حين طرقت والدته الباب ؟ 
مدت أصابعها فى تردد لتمس ذراعه بلطف هامسة :
- ممدوح ... ممدوح استيقظ 
لكنه لم يتحرك قيد أنملة ، شددت من ضغطها على ذراعه دون جدوى ، تحولت لمساتها إلى ما يشبه اللكمات فى محاولة لإيقاظه لكنه لم يستيقظ ، تحول ضجرها إلى ذعر وراحت تتحسس نبضاته لتتأكد من كونه ما زال على قيد الحياة قبل أن تتمتم فى تعب :
- يا إلهى نائم هذا أم قتيل ؟!
انتفضت حين ضحك ممدوح فجأة ، نظرت إليه فى غضب قائلة : 
ـ أنت مستيقظ إذاً ، لقد ظننتك فارقت الحياة 
تأملها قائلاً :
- لست من الحماقة لأترك امرأة مثلك بعد ليلة واحدة ، لكننى لم أعتد على الاستيقاظ هكذا 
ـ وكيف تستيقظ إذاً ؟ هل يضعون قنبلة تحت رأسك ؟
شهقت عندما جذبها إليه واستمر يقبلها فى نهم قائلاً :
- بل هكذا..
ابتلعت ريقها بصعوبة وأبعدت خصلاتها للخلف قائلة :
- ومن هذه التى اعتادت أن توقظك بهذه الطريقة ؟ 
عاد يضحك قائلاً :
-  والدتى 
صاحت فى مزيج من البلاهة والاستنكار :
- مَن ؟   والدتك !!.. كيف ؟
تأمل حيرتها فى تهكم قائلاً :
- هل أخبرتنى يا ليلى أى من أسلحتك استخدمته لاجتياز كل هذه الاختبارات حتى حصلت على الماجستير ؟ 
قالت فى عنف :
- ماذا تعنى ؟ 
ابتسم قائلاً :
- أعنى اننى أشك فى أن يكون عقلك الصغير هذا .. سبباً فى نجاحك المستمر 
صاحت غاضبة :
- أنت وقح 
همس قائلاً :
- وهل كان أساتذتك فى مثل وقاحتى ؟ 
رفعت يدها لتصفعه لكنه أمسك بها بقوة جعلت وجهها يحتقن بالدماء وترقرق الدمع فى عينيها وهى تهمس بصوت مختنق :
- يدى تؤلمنى ..  
قال محذراً وهو يتركها فى خشونة :
- إن أعدت هذه المحاولة مرة أخرى سوف أكسرها 

******

جلست ليلى وبين يديها كتاب تقرأه باهتمام بالغ حين دخل ممدوح إلى الحجرة وألقى عليها تحية أجابته بمثلها دون أن ترفع عينيها عن الكتاب الذى بين يديها .. فأردف قائلاً :
- هل تناولت الغداء ؟ 
أجابته بلا اكتراث قائلة :
- نعم 
ـ اعتدت تناول الطعام بمفردك 
تجاهلت إجابته واستمرت فى القراءة الصامتة مما أصابه بالجنون فانتزع الكتاب من بين يديها وألقى به أرضاً وهو يصرخ فيها قائلاً :
- عندما أتحدث إليك أتوقع أن أجد منك المزيد من الاهتمام ، لا أن يشغلك هذا الكتاب اللعـ....
توقف عن صراخه حين وقعت عيناه على عنوان الكتاب فغمغم ساخراً :
-  " الجريمة الكاملة "
ثم التفت إليها وابتسم قائلاً :
- هل تفكرين بقتلى ؟ 
صاحت فيه بغيظ قائلة :
- اعطنى سبباً واحداً يمنعنى من فعل هذا 
ابتسم وهو يتفحصها قائلاً :
- هل أنت على يقين من أنه لا يوجد سبب يمنعك من فعل هذا ؟ 
صاحت فى عصبية قائلة :
- لا تظن أن عضلاتك هذه ترهبنى ، أنا لا أخاف أحداً 
اقترب منها هامساً :
- ومن قال أنه الخوف ؟ 
ـ وماذا سيكون إذاً ؟ 
ـ الحب يا ليلى .
ضحكت فى استهزاء قائلة :
- الحب ... أنا أحبك أنت !!!
جلس واضعاً ساقاً فوق الأخرى قائلاً فى ثقة :
- نعم ... على أية حال لم يمض على زواجنا سوى أربعة أيام فقط ، ما زال أمامنا عشرة أيام كاملة قبل أن أسافر إلى الإسكندرية 
ـ ستكون أطول عشرة أيام فى حياتى ، صدقت أو لم تصدق أيها المتعجرف 
- ربما تحتاجين إلى المزيد من الدروس لتعلم الحب ، لكنك ستقرين بهذا قريباً 
ـ أنت تحلم بالمستحيل 
ـ لقد اعتدت أن أحصل على المستحيل ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء 
زفرت بضيق قائلة :
- لماذا تركك أصدقاؤك اليوم مبكراً ؟
ـ لقد سافروا  إلى الإسكندرية 
تنهدت بارتياح قائلة :
- حمداً لله ، وأنت متى ستشعر بالملل مثلهم وترحل ؟ 
ـ لم يرحلوا شعوراً بالملل أيتها السليطة 
ـ ولماذا رحلوا إذاً ؟  هل اكتفوا من كرم والدك ؟ 
ـ لقد سافروا للانتهاء من بعض الأعمال وسوف يعودون مرة أخرى 
ـ وهل لمثل هؤلاء أعمال ؟ 
ـ ليس بيننا عاطل واحد ، ربما لا نهتم بأعمالنا كما يجب ، لكن لا أحد منا ينكر قيمة العمل 
ثم تأملها وأردف فى مكر لم تفهم له سبباً :
- أحياناً يكون ملجأنا الوحيد 
ـ وما هى هذه الأعمال التى تنتظركم حتى تتعطفوا وتتكرموا وتذهبوا لأدائها ؟
 تنهد بصبر نافد قائلاً :
- أشرف لديه مكتباً للديكور ، يعتمد فيه على مجموعة مميزة من الخريجين ولا يتدخل بنفسه إلا عندما يستحق الأمر 
ـ ومتى يستحق الأمر ؟
ـ عندما يكون العميل ثرى جداً ، أو .....
توقف لحظات يتأملها قبل أن يردف فى ابتسامة ماكرة :
- أو امرأة جميلة 
هزت رأسها ولم تعلق بينما تابع حديثه قائلاً :
- عادل يعمل فى شركة والده للاستيراد والتصدير ، لا يريد والده أن يضغط عليه كثيراً ، حتى لا يهاجر إلى أمريكا كما فعل شقيقه الأكبر 
ـ هذه نقطة ضعف والده إذاً ، وأظن أن صديقك هذا يعرفها ويستغلها جيداً 
ابتسم ممدوح قائلاً :
- نعم ، لكن هذا لا يمنع من كونه يحقق لوالده الكثير من الصفقات الرابحة ، و التى لا ينجح فيها سواه 
تمتمت ساخرة :
- بالطبع عندما يتعلق الأمر بامرأة ، يبدو أن هذه الصفة مشتركة بينكم جميعاً 
ضحك ممدوح قائلاً :
- كيف تقولين أن لا تأثير لى عليك ، وهاهو عقلك قد بدأ ينضج سريعاً ؟ 
تجاهلت عبارته قائلة :
- ماذا عن باقى أصدقائك 
ـ لم يعد هناك سوى كمال 
ابتسم وهو يتذكر كمال قائلاً :
- كمال هذا هو أكثرنا جنوناً ، طيب جداً إلى حد البلاهة ، يهوى كتابة الشعر والروايات الرومانسية الحالمة ، يؤمن بالحب والوفاء وأشياء كثيرة أخرى من هذا القبيل ، لذا فقد أسس مجلة صغيرة وتولى الإشراف على الصفحة الأدبية فيها
ـ وما الذى ضم هذا الأبله إلى مجموعة الحكماء أمثالكم ؟ 
ابتسم ممدوح قائلاً :
- كثيراً ما نسأل أنفسنا هذا السؤال ، ولم نجد له إجابة حتى الآن ، رغم كل شئ فهو له نكهة خاصة نحتاج إليها أحياناً
غمغمت وكأنها اكتشفت شيئاً للمرة الأولى :
- يبدو أن جميعكم أثرياء 
أجابها وهو يتفرس فى ملامحها :
- كنت تظنين أننى من يتولى الإنفاق عليهم أليس كذلك ؟ 
تجاهلت سؤاله قائلة :
- وماذا عنك ؟
ساد الصمت بينهما قليلاً قبل أن يتابع حديثه قائلاً :
- رغم أعمالى القليلة فأنا بشهادة الجميع .. أعظم من يبدع تصميماً معمارياً ، وهذا ما يجعل الكثيرون يصرون على أن أتولى أعمالهم رغم عدم اهتمامى وتهربى الدائم منهم ،  ولا ينجح فى دفعى للعمل إلا أكثرهم إلحاحاً
ثم غمز بعينيه قائلاً :
- أو جمالاً 
تأملته شاردة فانتهرها قائلاً :
- أين ذهبت ؟ 
قالت تقلد لهجته التهكمية :
- إلى والدتك ؟ 
ضحك قائلاً :
- أنصحك بأن لا تفكرى فيها كثيراً لئلا تصابى بالجنون
قالت بسرعة :
- كم عرفت من النساء ؟ 
حدق فى وجهها قائلاً :
- إلى أى مدى تستطيعين العد ؟ 
تجاهلت تعليقه اللاذع قائلة :
- هل يعملن أيضاً ؟ 
نظر إليها فى تهكم قائلاً :
- يعملن !!  نعم يعملن لدينا 
ثم أردف فى وقاحة :
- نحن شديدو السخاء معهن ، وهن أيضاً يحرصن دائماً على استحقاق ما نقدمه لهن  
غمغمت ساخطة :
- أنتم فاسدون 
جذبها إليه قائلاً :
- أنتن من أفسدنا 
ضمها إليه فى رغبة وحاولت إبعاده عنها دون جدوى فصرخت فيه قائلة :
- ما تفعله بى يسمى اغتصاباً 
ابتسم ساخراً وقال :
- قاضينى إذاً أيتها المغامرة الجميلة ، وأنا أضمن لك أن قضيتك ستكون قضية الموسم 
أردف فى مزيد من التسلية وهى تحاول جاهدة أن تدفعه عنها :
- زوج يغتصب زوجته ، يا لها من قضية ..!  خاصة لكونها فى هذه القرية ولكونى أنا هذا الزوج.


تعليقات