قصة ساتزوج منحرفا البارت الثالث والثلاثون 33 البارت الرابع والثلاثون 34 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الثالث والثلاثون 33
البارت الرابع والثلاثون 34
بقلم امانى عطيه


النسيم العليل فى الخارج لفح وجوههم ، وحمل شعر النساء بعيداً فأسرعت سميرة إلى السيارة لتحتمى بها وتبعتها نجوى خوفاً على تسريحتها الأنيقة من أيدى النسيم الشرسة . رفع كمال رأسه إلى السماء قائلاً فى أسف : 
ـ ها قد بدأت الشمس فى الرحيل ، يا له من منظ...... 
قطع عبارته فجأة وغمغم مشدوهاً :
- يا إلهى .... ما هذا ؟
التفت إليه الجميع فى فضول فعاد يهمس مسحوراً :
- انظروا إلى هذه الحورية التى سقطت مع المطر
كانت ليلى تقف فى شرفة حجرتها ترتدى ثوباً أبيضاً فضفاضاً وقد رفعت عنقها العاجى إلى السماء تتأمل غروب الشمس وكأنها تتعبد فيها ، انعكس شعاع الشمس الراحل على وجهها وكأنه يقبلها قبلة الوداع قبل أن يعكسه وجهها المضئ من جديد فيعود للشمس سعيداً مرضياً .. شعرها المنسدل الذى حمله النسيم وراح يداعبه فى عنف .. بدا كشلال من ليل طويل أرسله ليمهد قدومه
غمغم عادل مبهوراً :
- المرة الأولى فى حياتى التى أرى فيها هذا الغزل العجيب بين الشمس والقمر
بادله كمال لهجته الحالمة قائلاً :
- لست أدرى أيهما أجمل شمس الغروب أم هذه الشمس التى أشرقت فى شرفتك يا ممدوح ؟!
التفت أشرف إلى ممدوح وكأنه تذكره قائلاً فى نبرة ما زالت الصدمة تشوبها :
ـ من هذه يا ممدوح ؟ لا تقل لى أنها.....
تنهد ممدوح قائلاً :
- نعم ، هيا بنا
حدق فيه أشرف لحظات قبل أن يقول وكأنه لم يسمعه :
- من لى بلوح وفرشاة ، فأنا لن أرحل من هنا قبل أن أسجل هذه المناجاة الصامتة بين القمر والشمس 
همس عادل الذى لم يرفع عينيه عنها :
- يبدو أنها تحملها رسالة إلى السماء التى سقطت منها 
وغمغم كمال كمن وجد كنزاً أضناه البحث عنه كثيراً :
- الآن فقط يمكننى أن أكتب القصيدة التى طالما حلمت بها ، بل يمكننى أن أكتب ديواناً بأكمله 
صرخ فيهم ممدوح ثائراً :
- ما هذا الهراء ؟ هل فقدتم عقولكم ؟ 
وكأن صراخه أيقظها من شرودها ، فحدقت فى وجوههم لحظة ما لبثت بعدها أن اختفت . زفر ممدوح فى ضيق شديد بينما خفضوا رؤوسهم فى بطء وعادوا للتحديق فى ممدوح دفعة واحدة فقال الأخير فى لهجة تجمع بين الغضب واللامبالاة :
- هل يمكننا الذهاب الآن ؟ 
أمسك أشرف بذراعه قائلاً :
- ليس قبل أن تخبرنا كيف تحررت من سحر هذه الأسطورة فى أسبوع واحد ؟
ابتسم ممدوح ساخراً :
- لا تنس أننى الزعيم 
ثم غمغم بصوت يقطر مرارة :
- لديها من العناد ما يحرر الأموات وليس المسحورين فقط 
وصل ممدوح إلى السيارة فى نفس اللحظة التى نزلت فيها نجوى منها وما أن رأته حتى هتفت مستنكرة : 
ـ ماذا حدث ، لماذا تأخرتم كل هذا الوقت ؟
أجابها كمال وهو يفتح باب السيارة استعداداَ للركوب معهم :
- أيتها المسكينة لقد فاتك نصف عمرك 
حدقت فيه فأكمل غير مبال بنظرات ممدوح المصوبة نحوه :
- آه ٍ ... لو رأيت الشمس المشرقة 
ابتسمت فى دهشة قائلة :
- الشمس المشرقة ، الآن !!!
دفعه ممدوح إلى السيارة الأخرى قائلاً :
- يمكنك الذهاب مع أشرف ، أريد أن أكون بمفردى مع نجوى 
شعرت نجوى بسعادة أعمتها عن السبب الذى دفعه للقيام بهذا التصرف ، بل تجاهلت معها شروده الدائم طيلة السهرة مكتفية بكلماته المعسولة التى يمن بها عليها من حين لآخر .
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة صباحاً ، حين وصل إلى مسامع ليلى صوت محرك سيارته ، فأسرعت تطفئ أنوار الغرفة ، وتتلصص النظر من خلف شيش النافذة ، أغمضت عينيها فى ألم حين ضم نجوى إلى صدره وطبع على شفتيها قبلة طويلة ، وبالرغم من يقينها بأن هذه القبلة ربما تكون أقل ما يحدث بينهما إلا أنها لم تستطع التحمل ، انهمرت دموعها وثارت انفعالاتها فى شكل بات معه من المستحيل أن تتصنع النوم فأسرعت تغادر الغرفة قبل أن يصل إليها ، لم تجد سوى المطبخ لتلجأ إليه ، راحت تنتحب فى صمت بينما أعماقها تصرخ فى ثورة من هول ما يحدث ، شهقت فى فزع عندما مس كتفيها قائلاً فى تهكم : 
ـ لن يمضى وقت طويل حتى تنعمين برائحة البصل 
أشاحت بوجهها فى عنف قائلة :
- ما الذى أتى بك إلى هنا ؟
جذب وجهها إليه هامساً :
- الشوق يا ليلى 
هتفت فى غضب :
- ابتعد عنى حتى لا أصرخ فيستيقظ كل من فى البيت 
جذبها من ذراعها واتجه بها إلى غرفتهما قائلاً :
- اصرخى كما شئت ، لكن ليس هنا ، فأنا لا أحب أن يستيقظ الجميع ليروننى فى المطبخ وكأننى طاهى القصر
ما إن أغلق الباب خلفه حتى صرخت فى عصبية :
- لن أمكث معك فى حجرة واحدة بعد الآن
قال وهو يلقى بسترته جانباً :
- تتحدثين دائماً وكأن الخيار لك ..! 
صاحت غاضبة :
- ماذا تريد منى ؟ لا ظنى أن تلك الساقطة تبخل عليك بشئ 
ضحك قائلاً :
- كنت أعلم أنك ترقبيننا 
أبعدت وجهها الذى تخضب احمراراً بينما أردف مبتسماً :
- ما زلت صغيرة جداً فى عالم أنا الزعيم فيه يا ليلى ، كان يجب أن تطفئ النور قبل ذلك بوقت كاف 
طغى استنكارها على خجلها قائلة :
- لم أقابل فى حياتى رجل مثلك 
جذبها إليه ونظر فى عينيها قائلاً :
- بل قولى أنكِ لم تقابلى رجالاً من قبل 
حاولت التخلص منه قائلة :
- إن كنت تقصد الآدميين ، فقد قابلت الكثيرين منهم ، أما إذا كنت تقصد الوحوش أمثالك فلم أفطن إلى وجدوهم إلا عندما قابلتك أيها المتوحش 
عاد يهمس :
- من لا يشعرك بأنوثتك الطاغية ، لا يستحق أن يكون رجلاً 
لكمته وهى تحاول أن تدفعه عنها قائلة : 
-أمثالك هم من لا يستحقوا أن يكونوا من البشر 
ارتعدت حين ضمها إليه بقوة وقبل شفتيها فى شوق بالغ لم تستطع حياله أن تفعل شيئاً ، وما إن لانت قبضته حولها قليلاً ، حتى غمغمت فى صوت متحشرج : 
ـ لست أدرى كيف تنقل شفتيك من امرأة لأخرى بهذه السهولة ؟ 
ـ لقبلاتك مذاق آخر 
ـ لا أظن أنك تستطيع التذوق أيها الغريزى
ـ لسانك أكثر قسوة من جمالك 
ـ تخلص منه إذاً وأبتعد عنى 
ـ ربما كان قطعه حل أيسر
ـ لا أدرى كيف تدعى الرجولة وأنت تجبرنى دائماً على فعل مالا أريد !!
ـ كفى عن ادعائك بأنك لا تريديننى 
ـ أنا لا أطيقك إن كنت تجهل ذلك 
ـ دائماً تقولين هذا ، وأجد لجسدك رأى آخر .. وأكتشف أن شوقك لى يفوق شوقى إليك أضعافاً
ـ حسناً ، ما دمت تتوهم هذا ، اتركنى أعانى مع شوقى إليك ، ابتعد عنى 
ـ سأمنحك نصراً آخر أيتها المغامرة الصغيرة ، وأعترف بأننى لا أستطيع 

وعادت فى الصباح لتختفى من جديد قبل أن يستيقظ من نومه ، وأدرك هذا فتمتم فى حنق : 
ـ حسناً يا ليلى ، سنرى إلى أين يحملك رأسك العنيد هذا 


تعليقات