قصة ساتزوج منحرفا البارت الثالث3 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الثالث3
بقلم امانى عطيه


بدا وكأن شرودها لن يتوقف ، غمغمت نادية وهى تنظر إليها فى قلق :
ـ هل أنت على ما يرام يا ليلى ؟
هزت رأسها صامتة ، ترى هل يعلمون شيئاً عن هذا الذى يسبب لها كل هذه الحيرة ؟ وهل سيخبرونها بما يعرفونه عنه أم سيتهربون بطريقة تزيدها جنوناً كما فعل أخيها وزوجته من قبل ؟ لابد أن تجد مدخلاً ذكياً يرغمهم على إجابة تساؤلاتها كاملة ودون مراوغة 
واتتها الفرصة عندما بدأ الحديث عن فارسها المنحرف كما وصفه دكتور عبد الرحمن قائلاً :
- يبدو أنك أمضيت الليل كله تفكرين فى فارسك المنحرف .. عيناك مرهقتان للغاية
ضحك دكتور أحمد قائلاً :
- عندى لك فارس سيعجبك بلا شك ، مسجل خطر قبض عليه بالأمس فقط ، ما رأيك فى الذهاب معى إلى مركز الشرطة ونطالب بالإفراج عنه حتى يتسنى لك إجراء تجربتك عليه ؟
ضحك ثلاثتهم وهم يتطلعون إليها فى مرح .. ولكنهم توقفوا فجأه عن الضحك عندما قالت ليلى فى صوت هادئ : 
ـ أشكرك يا دكتور أحمد .. لا ضرورة لهذا .. فقد وجدت المنحرف الذى كنت أبحث عنه 
تعلقت أنظارهم بها فى فضول أطربها كثيراً ، فتصنعت اللامبالاة وهى تخرج بعض الملفات من أحد أدراجها وتتظاهر بالنظر فى محتوياتها
سادت فترة من الصمت قطعها دكتور عبد الرحمن فى صوت جاهد ليبدو هادئاً :
ـ هل حقاً وجدت هذا المنحرف ؟
أجابته وهى تخفى ضحكة كادت أن تنطلق من بين شفتيها :
- نعم 
ـ هل هو محترف ، أقصد هل هو عتيد فى الإجرام ؟
ـ يبدو هذا 
ـ هل هو فى السجن الآن ؟ 
ـ كلا 
هتفت نادية ساخطة :
- كفى لعباً بأعصابنا يا ليلى وهاتى ما عندك دفعة واحدة 
ضحكت ليلى فى مرح قبل أن تضغط على كلماتها قائلة :
- هو أحد أبناء القرية   
نظر ثلاثتهم إلى بعضهم البعض قبل أن يعودوا للتحديق فيها من جديد وغمغم دكتور أحمد قائلاً : 
ـ إن كان حقاً من القرية ، فلابد أننا نعرفه ، ما اسمه ؟
جاهدت ليلى لتتذكر اسمه الأول ، لكنها لم تنجح ، فهزت رأسها قائلة : 
ـ والده رجل ثرى جداً .. يمتلك نصف القرية .. يدعى الحاج سالم وهو ......

توقفت عن الحديث وهى تنظر فى دهشة إلى زملائها الثلاثة الذين وقفوا فجأة  وهم يحدقون فيها بذهول تام ، بلغ حد الفزع ،  قبل أن يرددوا وكأنهم لسان واحد :
- ممدوح سالم ؟!!!
غمغمت ليلى فى ذهول لا يقل عن ذهولهم :
- يبدو أنه أشهر كثيراً مما كنت أظن 
غمغمت نادية كالتائهة :
- أين رأيته ؟
ـ أنا لم أره بعد ، من رأيت هم والديه 
صاح بها دكتور عبد الرحمن فى فزع لم ينكره :
- هل تنوين الزواج من هذا الشيطان ؟
أجابته بلا تردد :
- نعم
تخلى فجأة عن لياقته وهو يمسك بذراعها صارخاً فى حدة :
- كفى جنوناً وعودى لعقلك
انتزعت ذراعها من يده صارخة :
- الجنون هو ما تفعله أنت يا دكتور ، وهو ما يمكننى مقاضاتك عليه الآن 

وربما لولا تذكرها لفؤاد فى نفس المشهد تقريباً بالأمس ، لقامت بمقاضاته بالفعل ، تدخل دكتور أحمد فى محاولة لتخفيف حدة التوتر قائلاً :
- ماذا تعرفين عن هذا الرجل يا ليلى ؟
صمتت قليلاً ، إنها بالفعل لا تعرف عنه شيئاً ، لكن تصرفاتهم جميعاً ، بمن فيهم فؤاد ، تغريها للتعلق به .. وكيف لا تفعل وهو يسبب لهم كل هذا الفزع ..؟  إنه نموذج رائع لتجربتها بلا شك 
 عادت تهتف فى عناد : 
ـ ربما كل ما أعرفه عنه أنه منحرف وهذا ما أريده 
ـ أتقصدين أنك ستهبين له نفسك هكذا دون أن تعرفى عنه شيئاً ؟
ـ يكفينى أن أعرف نفسى جيداً ، أنا واثقة من قدرتى على تغييره 
عاد دكتور عبد الرحمن يصرخ فيها قائلاً : 
ـ غرورك وجهلك هما ما يصوران لك ذلك ، إن كنت تتخيلين بأنك ستجعلين هذا الشيطان يسقط فى محرابك فأنت مخطئة 
اتسعت عيناها وهى تحدق فيه غاضبة لكنه لم يبال بل تابع بنفس النبرة : 
ـ هذا المنحل محاط بعشرات الجميلات أينما ذهب ، ربما تصبحين إحداهن ، لكنك لن تكونى كلهن أبداً 
أردف دكتور أحمد وقد تخضب وجهه خجلاً :
- نسمع عنه أحاديث تشيب الوليد .. شأنه شأن رجال العصابات .. مجرم ويجاهر بإجرامه أينما وجد دون أدنى إحساس بالخجل .. حتى النساء لم تسلمن من همجيته ، فهو يقوم بتقبيلهن علانية غير مبال بعادات القرية وتقاليدها ، بل أحياناً يضربهن أيضاً بلا رحمة 
قالت ساخرة :
- أهذا ما يزعجكم منه .. كونه يقبل النساء ويضربهن في الشوارع ..!  وإذا فرضنا بصحة ما تقول ، فالخطأ لا يقع على عاتقه وحده ، بل على عاتق هؤلاء الحمقاوات أيضاً اللواتى سمحن له بهذا ، بل ربما يقع على أهل القرية جميعاً لأن أحداً لم يعترض 
ـ ومن قال أنهم لم يعترضوا ، لكنه متوحش .. عنيف إلى أقسى درجة ، كم من رجل كاد يلفظ أنفاسه بين يديه ولم يجرأ على تقديم شكوى ضده .. بما له من نفوذ كبير هو ووالده الذى يمتلك ما يقرب من نصف القرية كما تقولين .. بالإضافة إلى قوته البدنية التى توازى قوة الثيران .. الويل لمن يعترض على ما يفعله .. لن يكون له ثمن حتى ولو قتله 
غمغمت نادية بصوت مختنق :
- ابتعدى عن هذا الرجل يا ليلى 
وهمس دكتور عبد الرحمن فى نبرة أقرب إلى التوسل : 
ـ بالله لا تتزوجى هذا الشيطان يا ليلى .. سوف تخسرين كل شئ
وأردف دكتور أحمد محذراً :
- أنه لا يخاف الله يا ليلى ، ومن لا يخاف الله ينبغى الخوف منه
زفرت بضيق قائلة :
- كل ما تقولونه سيجعل لتجربتى صدى أكبر 
انتهرتها نادية قائلة :
- إذا نجحت ، وهذا احتمال ضعيف جداً 
التفتت إليها فى عتاب قائلة :
- حتى أنت يا نادية ..!  لم يكن هذا رأيك فى قدراتى من قبل
ـ أنت لم تريه بعد يا ليلى 
صاحت بهم فى ضيق :
- كفى ترديداً لهذه العبارة لقد سأمتها ، قلت لكم يكفينى أن أعرف نفسى 
أطلق دكتور عبد الرحمن تنهيدة طويلة يملؤها الأسى قبل أن يغمغم بصبر نافد66  
ـ كفى يا رفاق ، يبدو أن لا جدوى من حديثنا معها ، ولكن تذكرى دائماً يا ليلى ، أننا قد حذرناك جميعاً من هذه الزيجة 
غادر الغرفة فى غضب يتبعه دكتور أحمد بينما بقيت ليلى وحدها مع نادية التى جلست ساهمة على عكس عاداتها المرحة 
ابتسمت ليلى قائلة :
- أين ذهبت ؟
تنهدت نادية وهى تتطلع إليها قائلة :
- ما سوف تقومين به مغامرة كبيرة يا ليلى ، الله وحده يعلم ما ستؤول إليه 
همست فى عتاب :
- نادية ، أين تشجيعك لى ،  وحديثك عن مواهبى التى لا تنتهى ؟ هل فقدت ثقتك بى ؟
نظرت نادية فى عينيها قائلة :
- أخشى أن ثقتك أنت أيضاً سوف تتلاشى ما أن تريه وجهاً لوجه 
ضحكت ليلى فى عصبية قائلة :
- بالله كيف تتوقعون منى أن أتركه وأنتم تتحدثون عنه بهذه الطريقة ..؟  وكأنه الرجل الأوحد  !!!
هزت نادية رأسها وهى تبتسم فى مرارة بينما برقت عينا ليلى وهى تسألها : 
ـ يبدو أنك رأيته من قبل ، أليس كذلك ؟
شردت نادية قائلة :
ـ كان هذا منذ زمن بعيد ، ربما أكثر من ثمان سنوات مضت 
ـ أين رأيته ؟
ـ فى ناد القرية ، حيث كنا نذهب للترفيه قليلاً .. أو للحصول على بعض المراجع من المكتبة الملحقة به 
ـ صفيه لى إذاً ؟
تأملتها نادية طويلاً قبل أن تغمغم بصوت منخفض :
- أنه نصفك الآخر يا ليلى 
قطبت ليلى حاجبيها قبل أن تبتسم قائلة :
- هكذا ..!   وأنا لن أترك نصفى الآخر أبداً

                    البارت الرابع من هنا 

تعليقات