قصة ساتزوج منحرفا البارت الرابع4 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت الرابع4
بقلم امانى عطيه


فى أحد الملاهى الليلية بالإسكندرية ، جلست مجموعة من الشباب تضم أربعة رجال وامرأتين ، ظهر الغضب جلياً على وجه أحدهم الذى راح يدخن سيجارته فى شراهة وعصبية ، لم تنجح كل المحاولات الخليعة التى تقوم بها الراقصة لاسترضاءه ، كانت ترقص له وحده وكأنها لا ترى فى الملهى سواه ، اقتربت فى ميوعة لتسحب السيجارة من فمه و تلقى بها مع العشرات غيرها فى منفضة السجائر وهى تغمز له بعينيها غير مبالية بالمحيطين بها ولا بنظراتهم إليها ، ابتعدت عنه قليلاً دون أن تكف عن النظر إليه والابتسام له حتى انتهت الرقصة ، وما أن صفق الحاضرون واختفت الراقصة حتى أطلق الشاب تنهيدة طويلة وهو يتجرع الكأس التى أمامه دفعة واحدة 
 فالتفت إليه أشرف .. أحد رفاقه قائلاً : 
ـ بالله كفى أيها الزعيم ، أكثر من أسبوع مضى حتى الآن وأنت على هذه الحال .. أنا لا أرى ما يستحق كل هذا الضيق 
هتفت إحدى المرأتين وتدعى نجوى ساخطة :
- والده يريد أن يرغمه على الزواج من قروية بلهاء ، وأنت لا ترى ما يدعو للضيق ..!
ـ وما الجديد فى هذا ، وهل هى المرة الأولى ؟
وابتسم آخر يدعى عادل قائلاً :
- نحن نعرفه منذ سنوات طويلة ، منذ جاء إلى الإسكندرية ، ولم تمر زيارة لوالده من دون عروس تنتظره 
غمغم ممدوح بضيق قائلاً :
- هذه المرة تختلف ، هناك إصرار غير عادى من قبل والدى ، بل ووالدتى أيضاً 
قال أشرف مازحاً :
- ألم تقل من قبل أن والدك خطب لك كل بنات القرية ، من أين جاءت هذه العروس ؟
ضحك كمال قائلاً :
- ربما لم تكن قد أكملت الثانية عشر بعد 
غمغم عادل مستنكراً :
- الثانية عشر ، هل سيزوجك والدك من طفلة ..؟!
ضحك أشرف قائلاً :
- هذا أفضل ، ستكون زوجة وحفيدة فى آن واحد ، فالرجل يتوق جداً إلى حفيد 
بادله عادل الضحك قائلاً :
- والدك رجل حكيم ، يضرب عصفورين بحجر واحد 
 تأملهم ممدوح فى ضيق بالغ قبل أن ينهض ليغادر الطاولة ، أمسك به أشرف قائلاً : 
ـ مهلاً أيها الزعيم ، نحن نحاول الترفيه عنك ليس أكثر 
هتف مستنكراً :
- بهذه الطريقة !
قال كمال الذى أمسك به هو أيضاً :
- طريقتنا عادية ، ولكن غضبك هو ما فوق العادى 
أشعل له أشرف سيجارة قائلاً وهو يدسها فى فمه :
- اجلس ودعنا نناقش الأمر بطريقة أخرى ربما ترضيك
جلس ممدوح على مضض ، وسادت بينهم فترة من الصمت حتى عاد أشرف يقول : 
ـ لا عليك ، سيغضب والدك قليلاً كعادته فى كل مرة ، وتمتنع أنت عن زيارة القرية حتى تتصل والدتك وترجوك بدموع العين أن تعود لزيارتهما من جديد ، وكأن شيئاً لم يكن ، أليس هذا ما يحدث دائماً ؟ 
نفث ممدوح دخان سيجارته فى بطء قائلاً :
- أنا أعرف والدى جيداً ، هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة ، لم أره من قبل ثائراً لهذا الحد 
أطلق تنهيدة طويلة قبل أن يردف متهكماً :
- بغض النظر عن العبارات الكثيرة التى وبخنى بها وتهديده بحرمانى من الميراث كما حرمته من الحفيد الذى ينتظره بصبر نافد ، فقد هدد والدتى بالطلاق .. إذا حاولت الاتصال بى أو أرسلت لى جنيهاً واحداً بعد اليوم  
غمغم أشرف مستنكراً :
- يا إلهى ، الطلاق .. هل وصل الأمر إلى هذا الحد ؟!!
ربت عادل على كتفه قائلاً :
- إن كان المال هو ما يشغلك ، فاعتبر ما لنا لك ، وما فى جيوبنا فى جيبك
ابتسم ممدوح فى مرارة قائلاً :
- أشكركم ، ما معى الآن يكفينى لوقت ليس بالقليل ، ربما أضطر فيما بعد للاهتمام بعملى قليلاً ، لكننى لن أسمح لأحد ، وإن كان أبى ذاته ، بأن يرغمنى على فعل شئ لا أريده 
ـ ولكنك لم تذهب للمكتب منذ شهرين على الأقل 
ـ ربما حان الوقت لذهابى إليه قريباً 
مالت نجوى على كتفه قائلة :
- ممدوح ، إن كان لابد أن تتزوج ، فلماذا لا تتزوجنى ، نحن نعرف بعضنا البعض منذ خمسة أعوام 
حدق فيها ملياً قبل أن يبتسم فى تهكم قائلاً :
- ربما هذا ما يخشاه أبى 
ـ ماذا تعنى ؟
ـ أبى أيضاً يعلم أننا نعرف بعضنا البعض منذ خمسة أعوام 
ـ وماذا فى ذلك ؟
ـ نجوى ، لا تجبرينى لأكون أكثر قسوة 
سقطت دمعة من عينيها الجميلتين وهى تغمغم بصوت مختنق :
- لا ظنى أن هناك ما هو أكثر قسوة من هذا 
ابتسم كمال وهو يحاول أن يهدئ من روعها قائلاً : 
ـ مهلاً يا نجوى ، ربما ليس هذا بالوقت المناسب ، فهو يهرب من عروس وأنت تحدثينه عن أخرى 
تنهدت وقالت ساخرة :
- اخبرنى حين يأتى الوقت المناسب
قطع حديثهم اقتراب إحدى الفتيات منهم ، انحنت لتهمس فى أذن ممدوح غير مبالية بنظرات نجوى النارية التى تطلقها نحوها ، وما أن انصرفت الفتاة حتى التفت ممدوح إلى أشرف قائلاً : 
ـ أنا مضطر لترككم الآن 
ابتسم أشرف هامساً :
- يبدو أنك وجدت دواءً لأحزانك 
بادله ابتسامته قائلاً :
- شئ كهذا 
صاحت نجوى فى عصبية :
- هذه الفتاة اللعينة أرسلتها الراقصة ، أليس كذلك ؟
أجابها فى لامبالاة :
- بلى ، هو كذلك
نهضت نجوى فى عصبية لتغادر الطاولة ، تبعها عادل وأشرف بينما نظرت إليه سميرة فى غضب قائلة : 
ـ لست أدرى ما الذى يجبرها على تحمل وحش مثلك ؟
اقترب منها وهمس ساخراً :
- وحش أقوى اسمه الحب
جذبها كمال قائلاً :
- هيا يا سميرة ، كل ما نملك أن نفعله ، هو أن ندعو له بالسقوط فى قبضة هذا الوحش 
ضحك ممدوح فى لامبالاة وهو يتجه إلى غرفة الراقصة وكأن شيئاً لم يكن 


تعليقات