قصة ساتزوج منحرفا
البارت السادس6
بقلم امانى عطيه
كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً ، عندما استيقظ ممدوح غاضباً تتملكه رغبة عارمة فى تحطيم الهاتف الذى لم يكف عن الرنين المتواصل منذ ما يقرب الساعة محاولاً تجاهله من دون جدوى ، كانت سكرتيرة مكتبه ، سهام ، تدعوه للحضور لأمر عاجل
وضع السماعة وغمغم ساخطاً وهو يتثاءب فى كسل :
- يبدو أن الوقت قد حان لبعض العمل ، فما معى من مال كاد أن ينفد
ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيه عندما بلغ مسامعه ضحكة سهام المدوية فغمغم يحدث نفسه :
ـ كان الله فى عونك يا شوقى
شوقى هو أحد العملاء الذين يأتون إلى مكتبه ببعض المشروعات لوضع التصميمات الهندسية لها ، وكم أقسم قبلاً بأنه لن يأتى إلى مكتبه مرة أخرى ، خاصة فى المرة الأخيرة ، بعد أن انتظره ثلاث ساعات كاملة ضاعت بلا فائدة ، لكن ممدوح كان واثقاً بأن دلال سهام ومواهبها الخاصة ، والتى تمثل شروطاً رئيسية للعمل معه ، سترغم شوقى على العودة إلى مكتبه من جديد
دلف إلى مكتبه قائلاً :
- أهلاً شوقى ، كيف حالك ؟
ـ ها أنت أخيراً ، لولا إلحاح مدام سهام ما عدت إلى هنا أبداً
ضحك ممدوح وهو ينظر إلى سهام قائلاً :
- لولا ثقتى فى قدراتها ما سمحت لها بالعمل معى
جلس إلى مكتبه وأردف :
- حسناً أنها المرة الرابعة التى تأتى فيها إلى مكتبى لأمر هام ، هات ما عندك
جلس شوقى على المقعد المواجه له قائلاً :
- هناك رجل فرنسى على درجة كبيرة من الثراء ، يريد عمل تصميم مبتكر لفيلا فى الساحل الشمالى
تابع وهو يقدم له أحد الملفات قائلاً :
- ستجد فى هذا الملف كل ما تحتاجه من معلومات ، المهم هو أن هذا التصميم يجب أن يكون عندى بعد ثلاثة أيام على الأكثر
تطلع إليه ممدوح فى تهكم قائلاً :
- ثلاثة أيام !
ـ منذ أسبوعين وأنا أتى إلى هنا عبثاً ، أنت من لا يأتى إلى المكتب ، الخطأ ليس خطأى ، لماذا لا ......
أشار له ممدوح بيده كى يصمت قائلاً :
- كفى ، دع لى عقلى إن أردت تصميماً جيداً
نهض شوقى لينصرف قائلاً :
- حسناً أيها العبقرى ، أراك بعد ثلاثة أيام
ما أن ذهب شوقى حتى دلفت سهام إلى مكتبه وهى تبتسم قائلة :
ـ أخيراً أنت هنا ، كاد الشوق يقتلنى إليك
ضمها إليه قائلاً :
- سلامتك من القتل يا جميلتى ، اطمئنى ، ربما أضطر قريباً إلى نقل إقامتى لهذا المكتب
همست فى سعادة وهى تقبله :
- أحقاً ما تقول ؟
هز رأسه إيجاباً وهو يطبع فوق شفتيها قبلة طويلة ، تركها بعدها قائلاً
- والآن .. الىَ بفنجان من القهوة
اقتربت عقارب الساعة من الخامسة عصراً عندما رفع ممدوح رأسه عن أوراقه ملقياً بالقلم الذى بين يديه فوق مكتبه ، غمغمت سهام وهى تحمل إليه صينية فوقها بعض السندوتشات وكوباً من المياه الغازية :
ـ بقدر ما أعشق حماسك للعمل بقدر ما أبغضه أحياناً
تناول من يدها أحد السندوتشات وهو يبتسم قائلاً :
- كم الساعة الآن ؟
ـ تجاوزت الخامسة
ـ ألا تنصرفين فى الثالثة ؟
ـ لقد اتصلت بزوجى وأخبرته أن لدى عمل إضافى ، هل مللت وجودى ؟
ـ أخشى أن يتسبب وجودك معى فى شجار بينكما كالعادة
أحاطت عنقه بذراعيها قائلة :
- لا عليك ، الشجار ينعش الحياة الزوجية
عانقها فى عنف قائلاً :
- هكذا ..! امضى معى الليلة هنا إذاً ، ودعينى أساهم فى إنعاش حياتك الزوجية
ضحكت فى دلال قائلة :
- شرط أن تلقى بملف شوقى هذا جانباً ، ولا تدع العمل يأخذك منى
ابتسم قائلاً :
- اطمئنى ، لقد انتهيت منه
هتفت فى دهشة :
- انتهيت من التصميم بهذه السرعة ؟
ـ نعم ، وهو ممتاز أيضاً
ـ أنت عبقرى يا حبيبى
شعرت بالسخط عندما رن جرس الهاتف فابتعد عنها وتناول سماعته مبتسماً ، وما لبثت ملامحه أن تبدلت وهو يستمع إلى محدثه فى قلق بالغ ، سألته بلهفة وهو يضع السماعة :
- ماذا حدث ؟
أجابها ساخراً وهو يرتدى سترته :
ـ عفواً يا سهام ، يبدو أنه ليس مقدراً لحياتك الزوجية أن تنتعش اليوم ، والدى مريض جداً ، ويجب أن أسافر إلى المنصورة حالاً
استدار إليها قبل أن يغلق الباب خلفه قائلاً :
- اتصلى بـ شوقى وسلميه التصميم ، ثم اتصلى بـ أشرف واخبريه أن يلحق بى إلى هناك.