قصة ساتزوج منحرفا البارت السابع والاربعون 47 البارت الثامن والاربعون 48 بقلم امانى عطيه

                   

قصة ساتزوج منحرفا
البارت السابع والاربعون 47
البارت الثامن والاربعون 48
بقلم امانى عطيه


ضحك ممدوح مستمتعاً بهذه الحرب الباردة بينهما من أجله ، فنظرت إليه ليلى فى ضيق لم تستطع إخفاءه ، ضيق تحول إلى ثورة مكبوتة عندما أقبلت تلك الراقصة ، وراحت ترقص له وحده وكأنها لا ترى فى الملهى سواه كالعادة مع غيرها من الراقصات ، بينما هو ينفث دخان سيجارته ببطء وثقة وفى عينيه نظرات وقحة تخترق جسدها العارى وهى تتلوى كالحية أمامه وتقترب منه فى ميوعة ، ثم ما لبثت أن أحاطت عنقه بالإيشارب الذى ترقص به وجذبته معها إلى حلبة الرقص ليتشاركا معاً فى رقصة خليعة اقشعر لها بدن ليلى .. حانت منها التفاتة إلى نجوى فوجدت الأخيرة تبتسم فى سعادة ورضا .. ازداد جنونها .. هل يعقل أن تكون هذه الحمقاء تحبه بالفعل ، محال ؟!
أما نجوى فى هذه اللحظة بالذات ، فلم تكن فى حاجة إلى تصنع السعادة ، كانت سعيدة بالفعل وهى ترى الغيرة والغضب يفتكان بغريمتها .. التى اعتبرتها الوحيدة 
التفتت إلى سميرة قائلة : 
ـ انظرى إلى وجهها الذى كاد أن يحترق ، ماذا كانت تظن هذه البلهاء ؟
أجابتها سميرة ساخرة :
- ربما كانت تحلم بأن يسقط ممدوح أسيراً لجمالها ! 
اتسعت ابتسامة نجوى بينما أردفت سميرة :
ـ حان الوقت لتتجرع بعضاً من الكأس الذى لا أظن أنها ستتحمل مذاقه كثيراً 
تنهدت نجوى قائلة :
- لكم أتمنى أن يكون سماً ، يقضى عليها سريعاً 

عاد ممدوح إلى المائدة وعلى شفتيه ابتسامة ، استقبلته نجوى بمثلها بينما أشاحت ليلى بوجهها غاضبة ، أقبل الجرسون بعد قليل بالطعام ، راح ممدوح يتناول طبقه سريعاً كعادته ، وحانت منه التفاتة إلى ليلى فوجدها توقفت عن تناول الطعام وهى بالكاد قد مست طبقها 
ابتسم قائلاً فى تهكم : 
ـ لماذا توقفت عن تناول الطعام ؟ هل اكتشفت أن السمك ليس جيداً فى المساء ؟
زفرت بضيق قائلة :
- لقد فقدت شهيتى 
أشار فى مكر إلى نجوى قائلاً :
- كيف هذا والصحبة رائعة ؟
تنهدت ليلى فى ضيق بينما أطلقت نجوى ضحكة خليعة ، جذبت إليها الانتباه ، ثم مالت على ممدوح وهى تهمس فى دلال :
- ممدوح ، أريد أن أرقص 
جذبها فى مرح قائلاً :
- أمرك يا جميلتى 

شعرت ليلى برغبة عارمة فى تحطيم المائدة وما عليها ، ما هذا الكابوس البشع الذى تحياه ؟ محال أن تكون قد سقطت فى عشق رجل منحل مثله ، رجل يتنفس إثمًا ، لكنها يجب أن لا تستسلم أبدًا ، حان الوقت لتلقن هذا المنحل درسًا من دروسها الخفيفة ، نظرت حولها تبحث عن معجب بعينه ... 
عجبًا ... !! كل أعين الرجال تنصب عليها فى رغبة متوحشة ، كيف لم تلحظ هذا من قبل ؟ لم تكن ترى فى غمرة غيرتها على هذا الوقح ، سوى نساء يتهافتن عليه ، لقد نست نفسها تمامًا فى خضم غروره .. توقفت عيناها لحظات فوق أحد الوجوه المحدقة بها ، ثم ما لبثت أن ابتسمت فى عذوبة ، وكأنها دعوة خفية .. اقترب منها الرجل قائلاً :
- هل أتشرف بهذه الرقصة معك ؟
ابتسمت قائلة :
- بكل سرور 
أوقفها أشرف قائلاً :
- مهلاً يا ليلى ، الزعيم لن ..... أقصد ممدوح لن يعجبه هذا 
أجابته ساخطة :
- فليذهب زعيمكم إلى الجحيم 
ما أن انطلقت إلى حلبة الرقص حتى شمر أشرف عن أكمامه وكذلك فعل كمال ، أما عادل فقد كان منهمكًا فى الرقص مع سميرة .
كانت نجوى هائمة بين ذراعى ممدوح حين انتفض الأخير فجأة وتصلب جسده ، فرفعت رأسها لترى فيما يحدق ، وقعت عيناها على ليلى تراقص الرجل ، فزفرت فى ضيق قائلة :
- هذه البلهاء تهوى المشاكل !
قادها ممدوح إلى المائدة التى يجلسون عليها صامتًا ثم عاد لينفجر فى وجه هذا الذى يراقص ليلى قائلاً :
ـ هل تركتها لى ؟
نظر إليه الرجل فى ضيق قائلاً :
- الرقصة لم تنته بعد 
أزاحه ممدوح جانبًا فى شئ من العنف وهو يغمغم محذرًا :
- يكفيك ما نلته حتى الآن 
هم الرجل بالاعتراض ، لكنه ما أن تفحص بنية ممدوح القوية ، والشرر الذى يتطاير من عينيه ، حتى تركها له وانصرف وهو يغمغم ساخطًا 
ابتسمت ليلى مرغمة بينما عينا ممدوح تحدقان فيها بغضب لا حد له ، استمرت فى الرقص معه غير مبالية حتى قال أخيرًا :
- ما الذى تريدينه بالضبط يا ليلى ؟
ابتسمت قائلة :
- ما أردته قد حصلت عليه 
توقف عن الرقص وهو يحدق فيها قائلاً فى تهكم :
- أتقصدين أنك فعلت كل ذلك من أجل الرقص معى ؟
اتسعت ابتسامتها قائلة :
- بلى .. هو كذلك 
صاح ساخطًا :
- وما الذى منعك من طلب هذا منى ؟
رفعت رأسها إلى أعلى قائلة :
- كبريائى 
قال وقد ازداد سخطًا :
- كبرياؤك !! كبرياؤك هذا كان من الممكن أن يتسبب لى في عاهة مستديمة 
قالت فى نبرة هادئة :
- من قال هذا ؟ 
صاح غاضبًا :
- ألم تسمعى تحذيرات الطبيب ؟ أم أنك كنت غارقة فى جاذبية دكتور قيس ونظراته الهائمة فلم تنتبهى لما قاله لى ؟
قالت فى لا مبالاة :
- لم يحدث شئ .. فلماذا أنت غاضب ؟
ضغط على كفها بقسوة حتى تأوهت قائلاً :
- ماذا لو أصر هذا الأبله على الرقص معك ، هل كنت تتوقعين أن أتركك له ؟
ابتسمت فى شغف فأردف وهو يضغط على أسنانه غيظًا :
- إن كنت لم تفهمى بعد ، فأنا أفضل الموت رجلاً على الحياة فى الظل
برقت عيناها وهى تتأمله قائلة :
- اطمئن أيها المتهور ، كان سيسقط صريعًا بعد لكمة واحدة من يدك الطائشة 
تراقصت ابتسامة على شفتيها وهى تنظر فى عينيه قائلة :
- ألم تلحظ بعد أنه أكثر الموجودين نحافة ؟
استدار ممدوح يتطلع إلى الرجل الذى كان لا يزال يحدق فيه غاضبًا ، ثم عاد ينظر إلى ليلى وقد برقت عيناه قائلاً :
ـ ومعه رفيق واحد لايزداد عنه وزنًا 
ضحك طويلاً قبل أن ينظر فى عينيها قائلاً :
- وماذا لو تعاطف معه بعض الحضور ؟ 
ابتسمت قائلة :
- نحن لسنا بمفردنا 
عادت ترفع رأسها إلى أعلى قبل أن تضيف :
- وكنت سأتدخل بنفسى للدفاع عنك إذا لزم الأمر وأخبرهم أنك زوجى ولك كل الحق فيما تفعل 
برقت عيناه ببريق تعشقه وهو يبتسم قائلاً :
- يروق لى كبرياؤك يا ليلى 
همست :
- كبريائى فقط ؟
اتسعت ابتسامته قائلاً :
- وذكاؤك أيضًا 
عادت تهمس :
- فقط
ضحك قائلاً :
- كل ما فيك يروق لى أيتها الجشعة

ضمها إليه بقوة استسلمت لها وأعماقها تهتف :
- لن يمكننى مقاومتك ، لن يمكننى التصدى لغزو حبك العنيف لقلبى ، لا حيلة لى سوى الدفاع عن هذا الحب ، فالتصدى لكل نساء العالم أيسر كثيرًا من التصدى لحبك الذى أجدنى غارقة فيه وكأننى ولدت به ، لكننى لن أكتفى أبدًا بكونى أقربهن إلى قلبك ......

كل ما فيــــــــــــك إبداع ... إبداع 
لا لــوم لقلبى إن لبى . إن أطـــاع 
إن قال لماض لست به الــــــوداع 
ولأجلك أودعه سفناً ما فيها شراع 

بلغت العصبية مداها من نجوى ، وهى تراهما يرقصان وكأنهما يسبحان معاً فى عالم آخر ، غادرت المائدة وهى تهتف فى رفاقه غاضبة :
- ماذا حدث لزعيمكم ؟ انظروا كيف تحركه هذه القروية كطفل صغير ..!
ذهبت وتبعتها سميرة وهى تحاول التخفيف عنها بينما نظر رفاقه الثلاثة بعضهم لبعض فى دهشة بالغة وقال أشرف بعد فترة من الصمت :
- نجوى معها حق ، ماذا حدث للزعيم ؟ لم أره هائماً هكذا من قبل 
تهلل وجه كمال قائلاً :
- يبدو أن دعواتى له يوم عرسه قد تحققت 
تمتم عادل قائلاً :
- إذا حدث هذا سأؤمن بك يا شيخ كمال 
ابتسم أشرف قائلاً فى تهكم :
- رغم علمى بأن البلهاء هم أقربنا إلى الله ، لكن ما تفكرا فيه مستحيل 
ثم هز رأسه مستنكراً وأردف :
- لن أصدق أبداً أن ممدوح يقع فى الحب 
قال كمال فى عناد :
- ولمَ لا ؟ أليس بشراً مثلنا ؟
عاد أشرف ليغمغم وكأنه يحدث نفسه :
- أفكار ممدوح عن المرأة ، تمثل حاجزاً منيعاً بينه وبين الحب 
نظر عادل إلى ممدوح وليلى ثم ابتسم قائلاً :
- ربما وجد أخيراً من تحطم هذا الحاجز 

**** 

أغلق ممدوح باب الحجرة وأقبل إلى ليلى وعلى شفتيه ابتسامة واسعة ، استسلمت طويلاً لقبلاته الجائعة قبل أن تبتعد عنه قائلة :
- يكفى هذا الآن 
همس معاتباً :
- كفى عناداً يا ليلى ، أما زلت تنكرين حبك لى ؟
تنهدت بعمق قائلة :
- أحبك حباً أقوى من أن أنكره 
ابتسم قائلاً :
- ما المشكلة إذاً ؟ 
ـ لا أريد أن أكون مجرد رغبة عابرة ، أريدك أن تبقى معى حتى أخر العمر
ـ وأنا لن أفرط فيك أبداً
ـ لن أكون لك ، قبل أن تقر بحبك لى 
ـ حسناً ، أحبك إذا كانت هذه هى الكلمة السحرية التى ستسعدك 
ـ لا تسخر منى ، لقد بدلت حياتى ومعتقداتى وكل ما تعلمته طيلة عمرى من قيم لأجلك ، من العدل أن تتغير أنت أيضاً من أجلى
ـ ماذا تريدين الآن ؟
ـ يمكننا أن ننتظر حتى .....
قاطعها فى سخط قائلاً :
- كنت أعلم أن النساء حمقاوات ، أما حماقتك فلا يمكننى تحملها أكثر من هذا 
صاحت مستنكرة :
- حمقاء لأننى أريد أن أحتفظ بك للأبد ؟
صاح فى تهكم :
- تحتفظين بى !! ماذا تظنيننى ؟ قطعة حلى فى علبة مجوهراتك أم ثوب فى خزانتك ؟!!
ضغط على أسنانه وهو يردف فى عصبية :
- بل حتى هذه الأشياء ، لا يمكنك الاحتفاظ بها للأبد 
أبعدت وجهها فى عنف قائلة :
- أنا لن أقبل إلا أن أكون المرأة الوحيدة فى حياتك 
نظر إليها قائلاً :
- وأنا لن أكون أبداً لامرأة واحدة ، وقد أخبرتك بهذا مراراً ، ولكن يبدو أن عقلك الصغير لم يستوعبه ، أو ربما غرورك أبى أن يصدقه 
هتفت قائلة : 
ـ يا لك من قاس ، جاحد ، لكننى أستحق هذا ، لأننى سمحت لنفسى بعشق منحل مثلك 
ضحك فى تهكم قائلاً :
- سمحت لنفسك ، وماذا كنت تتوقعين غير هذا ، هل صدقت ذلك التحدى الأحمق ؟ 
احتضن وجهها بين كفيه رغماً عنها و نظر فى عينيها قائلاً : 
ـ يا دكتورة ، قلت لك مراراً ، أنت تلميذة صغيرة جدا.....ً فى عالم أنا العميد فيه 
أزاحته بعيداً عنها وهى تنتحب فى لوعة صارخة :
- اصمت وابتعد عنى ، كلما سمعت صوتك هذا ، ورأيت ما أرى فى عينيك ، كلما ازددت كرهاً لنفسى
صاح بصبر نافد :
- اسمعينى جيداً ، لقد مللت جنونك وكآبتك ، سأسافر غداً ولن أعود إلى هنا قبل أن تتعقلى 
ـ إن كنت ترى ما أنا فيه جنوناً ، لا تعود أبداً 
ضاقت عيناه وهو ينظر إليها قائلاً :
- حسناً يا ليلى ، وأنا لن أنتظر الغد لأرحل ، بل سأرحل الآن


تعليقات